اقتصادان متوازيان: الذكاء الاصطناعي يزدهر... وترمب يعيد بناء الجدران الجمركية

الشركات تبني المستقبل الرقمي والرئيس يستخدم قانون التجارة لعام 1962

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

اقتصادان متوازيان: الذكاء الاصطناعي يزدهر... وترمب يعيد بناء الجدران الجمركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

من الصعب اليوم رسم خريطة دقيقة للاقتصاد الأميركي من دون التوقف عند مفارقةٍ غير مسبوقة: طفرة تكنولوجية تُعيد تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، وسياسات تجارية قومية تُعيد إلى الأذهان روح القرن الماضي. فبينما تضخ الشركات مئات المليارات في الذكاء الاصطناعي، تتوسع إدارة الرئيس دونالد ترمب في تعريف «الأمن القومي» ليشمل كل شيء من الصلب إلى خزائن المطبخ، في محاولةٍ لتبرير موجة جديدة من الرسوم الجمركية. قد يكون الأمران صحيحين في آنٍ واحد: أن الرهانات على الذكاء الاصطناعي ستُسبب كارثة مالية، وأن الذكاء الاصطناعي سيُغير العالم. وفي الوقت نفسه، تضع سياسات ترمب التجارية الاقتصاد الأميركي أمام مفترق طرقٍ غير مأمون العواقب.

طفرة الذكاء الاصطناعي: اقتصاد جديد يولد من قلب الفقاعة

يشهد الاقتصاد الأميركي طفرة استثمارية غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي. فقد قفز الإنفاق الرأسمالي في هذا القطاع من أقل من 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى ما يُتوقَّع أن يصل إلى 2 في المائة في عام 2025، أي ما يعادل استثمار نحو 1800 دولار لكل أميركي في هذا المجال خلال عام واحد فقط. هذه الطفرة وحدها تُضيف ما يقارب نقطة مئوية كاملة إلى نمو الاقتصاد الأميركي، وتفسّر كيف حافظت الأسواق على زخمها رغم السياسات المتقلبة للإدارة.

سام ألتمان يتحدث في مناسبة لشركة «أوبن إيه آي» في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

لكن هذا الازدهار يخفي داخله ملامح فقاعة متضخّمة. فمنذ إطلاق «تشات جي بي تي» في عام 2022، ارتفعت القيمة السوقية للأسهم الأميركية بنحو 21 تريليون دولار، وجاء 75 في المائة من عوائد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» من أسهم مرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، أضاف إعلان صفقة استثمار جديدة بقيمة 100 مليار دولار بين شركتَي «أوبن إيه آي» و«إنفيديا»، نحو 160 مليار دولار إلى القيمة السوقية للأخيرة في يوم واحد، لترتفع قيمتها الإجمالية بما يقارب 4 تريليونات دولار خلال ثلاث سنوات. هذه الأرقام تُثير إعجاب المؤمنين بقدرة الذكاء الاصطناعي على تحويل الاقتصاد، لكنها تُنذر أيضا بتكرار سيناريو فقاعة «الدوت كوم» في أواخر التسعينيات. فحينها ضخّ المستثمرون المليارات في شركات لم تحقق أرباحاً فعلية، وانهار مؤشر «ناسداك» بنسبة 75 في المائة من ذروته إلى قاعه.

متداول ببورصة نيويورك (رويترز)

يقول محللون إن التاريخ اليوم يُعيد نفسه بصيغ جديدة. فشركات مثل «مايكروسوفت» و«أمازون» و«ألفابت» تستثمر عشرات المليارات في شركات ناشئة مثل «أوبن إيه آي» و«آنثروبيك»، التي تُنفق معظم أموالها لشراء خدمات الحوسبة السحابية من تلك الشركات نفسها. وتنقل صحيفة «واشنطن بوست» عن مدير صندوق التحوط، دوغ كاس، قوله إن «صناعة الذكاء الاصطناعي تشتري إيراداتها الخاصة بطريقة دائرية»، مشبهاً الوضع بما كان يُعرف في فقاعة الإنترنت بـ«الرحلة ذهاباً وإياباً».

وتُشير تقديرات إلى أن تكلفة بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ستبلغ 3 تريليونات دولار بحلول عام 2028، نصفها سيموَّل من التدفقات النقدية الداخلية لشركات التكنولوجيا العملاقة. ومع ذلك، بدأ بعضها بالفعل في جمع الديون لتغطية الإنفاق المتسارع. وتنقل الصحيفة عن المستثمر هاريس كوبرمان قوله إن «الجميع يعلم أن الأرقام لا تُصدق، لكن لا أحد يعلم أن الجميع يعلم ذلك».

ترمب يتحدث مع الصحافيين... 5 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

ترمب يعيد تعريف الأمن القومي... بالخشب والأثاث

في الجهة الأخرى من المشهد، يُواصل الرئيس ترمب دفع الاقتصاد الأميركي في اتجاهٍ مختلف تماماً. فبينما تندفع الشركات إلى بناء المستقبل الرقمي، يُعيد البيت الأبيض رسم حدود «الأمن القومي» لتشمل منتجاتٍ مثل الأخشاب وخزائن المطابخ وأحذية التزلج! وبالفعل، يستخدم ترمب قانون التجارة لعام 1962 - المعروف بالبند 232 - لفرض تعريفات جمركية تحت شعار حماية الأمن القومي، وهي آلية قانونية أقل عرضة للطعن القضائي من الرسوم «التبادلية» بين الدول.

في الأشهر الأخيرة، أعلن الرئيس عن ضرائب جديدة على منتجات الأخشاب والمعادن الصناعية، وفتح تحقيقات تستهدف الأجهزة الطبية والروبوتات الصناعية والطائرات من دون طيار. ووفقاً لوزارة التجارة، يجري 9 تحقيقات جديدة قد تفضي إلى رسوم إضافية خلال العام المقبل.

داعمو سياسات ترمب، من أمثال نيك إياكوفيلا من تحالف «أميركا المزدهرة»، يقولون: «إنها ليست مجرد حماية تجارية، بل محاولة لإعادة توطين الصناعات الاستراتيجية داخل الولايات المتحدة». لكن معارضي ترمب يرون أن هذا التوسّع في مفهوم الأمن القومي يقترب من السخرية، إذ يصعب تبرير إدراج الأثاث أو خزائن المطبخ كمنتجات تمس الدفاع الوطني.

بحسب تقارير، فقد استخدم ترمب حتى الآن «البند 232» في 19 مرة، أي أكثر من جميع الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه منذ 1962 مجتمعين تقريباً. وتراهن إدارته على أن المحكمة العليا ستُقرّ دستورية هذه الإجراءات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للبت في الدعاوى المرفوعة ضدها في هذا الشأن.

غير أن هذه السياسة تأتي في وقتٍ تُظهر فيه البيانات أن الرسوم الجمركية خفّضت الناتج المحلي الأميركي بنحو 0.4 في المائة، مقارنة بما كان سيكون عليه من دونها، وأدت إلى تباطؤ التوظيف وارتفاع معدل البطالة بين الشباب إلى 10.5 في المائة، وهي نسبة لم تُسجَّل منذ عقد، بحسب أرقام رسمية.

قوتان متناقضتان... واقتصاد على حافة التحوّل

تبدو الولايات المتحدة اليوم وكأنها تعيش في اقتصادين متوازيين: اقتصادٌ رقمي ينفجر بالنمو، وآخر واقعي يئنّ تحت وطأة الرسوم والقيود. في الأول، تُحرّك شركات مثل «إنفيديا» و«مايكروسوفت» الأسواق العالمية، وتبني مراكز بيانات تفوق في تكلفتها بعض ميزانيات الدول. وفي الثاني، تتقلص الصناعات التقليدية التي تُعوِّل عليها إدارة ترمب لتحقيق ما تصفه بـ«الاستقلال الاقتصادي الوطني».

بحسب الصحيفة نفسها، تُظهر بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس أن استثمارات الذكاء الاصطناعي لا تُولّد وظائف كافية لتعويض التراجع في القطاعات الأخرى. فبناء مراكز البيانات الضخمة يتطلب رأسمالاً هائلاً، لكنه يوظّف أعداداً محدودة نسبياً. هذا ما يجعل طفرة الذكاء الاصطناعي تُفاقم التفاوت الاقتصادي بدلاً من تخفيفه.

في المقابل، تُفاقم سياسات ترمب التجارية الكلفة المعيشية وتُضعف ثقة المستثمرين العالميين في استقرار بيئة الأعمال الأميركية. ومع ذلك، تُخفي الطفرة التكنولوجية مفعول هذه السياسات مؤقتاً. فأسواق المال - المخدَّرة بنشوة الأرباح الهائلة - تتجاهل إشارات الإنذار. لكن التاريخ المالي، كما يقول كوبرمان، «يميل إلى التناغم»، فكما حدث في فقاعة السكك الحديدية البريطانية في القرن التاسع عشر أو فقاعة الإنترنت، ينتهي الحفل دائماً بانفجار. وفي حين تُظهر تقديرات «جي بي مورغان» أن شركات الذكاء الاصطناعي تُشكّل 90 في المائة من نمو الإنفاق الرأسمالي الأميركي في السنوات الأخيرة، يُحذّر خبراء من أن هذا التركّز يجعل الاقتصاد هشاً أمام أي تصحيح حاد في السوق. ويُقدّر بعض المحللين أن الصناعة تحتاج إلى إيرادات تفوق 480 مليار دولار سنوياً لتبرير استثمارات عام 2025 وحده، وهو رقم يبدو بعيد المنال في الأجل القصير.

بين الثورة والفقاعة

ويقول داريو أمودي، مؤسس شركة «آنثروبيك»، إن الذكاء الاصطناعي قد «يعالج السرطان ويُنهي الفقر ويُحقق السلام العالمي». لكن الباحثة ساشا لوتشيوني تُحذّر من أن «بيت الورق سيبدأ بالانهيار» لأن حجم الأموال المنفقة لا يتناسب مع العوائد المتوقعة. وفي مكانٍ ما بين التفاؤل الكوني والتشاؤم المالي، تقف إدارة ترمب بسياستها الحمائية لتزيد الصورة تعقيداً. فبينما تُراهن شركات التكنولوجيا على عولمة الذكاء الاصطناعي، يُعيد البيت الأبيض بناء جدران جمركية تحت شعار «الأمن القومي». وفي المحصلة، قد تكون الولايات المتحدة على أعتاب واحد من أعظم التحولات الاقتصادية في تاريخها. لكن إن كان من درسٍ من فقاعة الإنترنت أو من انهيار السكك الحديدية في القرن التاسع عشر، فهو أن الثورات التكنولوجية تُغيّر العالم فعلاً لكنها نادراً ما تُغيّره من دون فوضى. الذكاء الاصطناعي سيصنع المستقبل، نعم. لكنه قد يُفجّر الحاضر أيضاً.


مقالات ذات صلة

مصر: العام الجديد سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد الكلي

الاقتصاد وزيرة التخطيط المصرية خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية)

مصر: العام الجديد سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد الكلي

قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في مصر، رانيا المشاط، إن عام 2026 سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولجر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أصبح «اقتصاد الظل الرقمي» أمراً واقعاً من جمع البيانات ووسطاء بيعها إلى تدريب النماذج... إلى التزييف العميق والابتزاز والاحتيال (رويترز)

من السنتات إلى التريليونات... هل سلبتنا «سوق الظل» بياناتنا؟

تسعى «الشرق الأوسط» من خلال هذا التحقيق لتتبع خيوط ما يمكن تسميته «اقتصاد الظل الرقمي»؛ من جمع البيانات ووسطاء بيعها، إلى تدريب النماذج، إلى التزييف العميق

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد يرفرف العلم الوطني الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يقلص تدخلاته في سوق الصرف إلى النصف مع بداية 2026

أعلن البنك المركزي الروسي، الجمعة، أنه سيخفض تدخلاته في سوق الصرف الأجنبية إلى النصف ابتداءً من العام الجديد، في خطوة متوقعة من شأنها الحد من دعم الروبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد رواد أحد المراكز التجارية الكبرى في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

الصين تخفّض الناتج المحلي الإجمالي النهائي لعام 2024

أعلن مكتب الإحصاء الصيني يوم الجمعة أنه تم تعديل حجم الاقتصاد الصيني لعام 2024 بالخفض إلى ما يعادل 19.23 تريليون دولار

«الشرق الأوسط» (بكين)

مصر: العام الجديد سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد الكلي

وزيرة التخطيط المصرية خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية)
وزيرة التخطيط المصرية خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية)
TT

مصر: العام الجديد سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد الكلي

وزيرة التخطيط المصرية خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية)
وزيرة التخطيط المصرية خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية)

قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في مصر، رانيا المشاط، إن عام 2026 سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد المصري، وسط مستهدفات للوصول إلى معدل نمو اقتصادي 7 في المائة.

وقالت رانيا المشاط خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج، السبت: «نتوقع تجاوز النمو 5 في المائة العام المالي الحالي... ونعمل على الوصول إلى مستويات 7 في المائة لزيادة معدلات التشغيل وتحقيق تنمية تنعكس على المواطن»، منوهة إلى أن تقارير المؤسسات الدولية تؤكد نجاح الإجراءات الحكومية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتجاوز العديد من التحديات.

وأشارت الوزيرة إلى ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري بشكل منتظم منذ يوليو (تموز) 2024، موضحة أن «المصدر الرئيسي لهذا النمو يأتي من قطاعات الصناعة، ثم السياحة، ثم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهي قطاعات إنتاجية يقودها القطاع الخاص، فقطاع السياحة 98 في المائة منه قطاع خاص، وكذلك قطاع الصناعة؛ فهناك صناعة المركبات والكيماويات والملابس والمنسوجات والأدوات المنزلية والتصنيع التي تقوم بالأساس على القطاع الخاص»، مؤكدة أن الاقتصاد المصري تقوده قطاعات إنتاجية بتنفيذ من القطاع الخاص.

وأوضحت أن نمو الإنتاج الصناعي يرتفع بشكل جيد، وهذا تتم ترجمته في ارتفاع الصادرات المصرية بشكل كبير، لافتة إلى أن «قطاع السياحة سنحقق فيه العام الحالي رقماً يصل إلى نحو 19 مليون سائح، والليالي السياحية في الربع الأخير من العام المالي كانت الأعلى على الإطلاق». كما أن معدلات أداء نشاط قناة السويس كانت موجبة في نتائج ربع العام المالي المنتهي في سبتمبر، وتتعافى على خلفية جهود السلام برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي دونالد ترمب.

العام الجديد

أكدت رانيا المشاط أن عام 2026 يمثّل نقطة تحول للاقتصاد المصري بعد الإصلاحات المالية والنقدية واستمرار الإصلاحات الهيكلية، وجهود فتح مجالات جديدة للاقتصاد وخلق نموذج اقتصادي مختلف يبني على البنية التحتية والإنفاق في المواني والمناطق اللوجيستية، ثم التركيز على القطاعات الأكثر إنتاجية، لافتة إلى أن النموذج الذي تطبقه مصر من خلال سياساتها هو الدفع بالقطاعات الأكثر إنتاجية مثل الصناعة والسياحة والتكنولوجيا والتشييد، مشددة على أنه لا يمكن تنفيذ هذه الإصلاحات دون استقرار الاقتصاد الكلي.

وأشارت إلى دور القطاعات الإنتاجية في خلق فرص العمل، وأهمية الإصلاحات في دفع القطاعات الإنتاجية والقطاع الخاص لتوفير فرص العمل، وتُعدّ أكثر القطاعات التي تستوعب عمالة هي الصناعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لافتة إلى أن إتمام المراجعتَين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي واستمرار سياسات الإصلاح سوف يعززان التوجهات الإيجابية للاقتصاد في 2026.

وسلّطت رانيا المشاط الضوء على السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، حيث يتم من خلالها التحول إلى النموذج الاقتصادي الذي يقوم على القطاعات الأعلى إنتاجية، موضحة أن هناك جزءاً خاصاً بالتنمية البشرية في الإصدار الثاني للسردية، مؤكدة أن استقرار الاقتصاد الكلي هو ركيزة لتحقيق التنمية من خلال سياسة مالية ونقدية قابلة للتنبؤ وحوكمة الاستثمارات العامة والضبط المالي وحشد الموارد المحلية، وتعزز الإصلاحات الهيكلية مسار استقرار الاقتصاد الكلي، لدعم التحول الأخضر وفتح شرايين التنمية الاقتصادية.

وأضافت أن الوزارة تعمل على تعزيز الشراكة مع المؤسسات الدولية والمنظمات الأممية والقطاع الخاص واستغلال الموارد ودفع حلول التمويل من أجل التنمية، موضحةً أن العلاقات الوثيقة مع المجتمع الدولي والعلاقات التاريخية والقدرة على تنفيذ المشروعات وصياغتها بشكل فعّال تُعزز قدرة الدولة على توفير التمويلات الميسرة التي تُعدّ أقل تكلفة من الاقتراض من السوق الدولية، لتنفيذ مشروعات التنمية دون إضافة أعباء على الدين، وإطالة آجاله.


وزير المالية السوري: السياسات الاقتصادية للدولة ستعزز استقرار العملة الجديدة

مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
TT

وزير المالية السوري: السياسات الاقتصادية للدولة ستعزز استقرار العملة الجديدة

مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)

أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية، السبت، دعم وزارته الكامل والمساندة لمصرف سوريا المركزي في إجراءاته وجهوده قبل وأثناء وبعد عملية استبدال العملة الوطنية. مؤكداً أن «السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تنتهجها السلطات السورية، ستعزز بعون الله من استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً مهماً من أركان دعم التنمية والنمو الاقتصادي في سوريا».

وقال برنية في منشور على حسابه في «لينكد إن»، إن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز السيادة الوطنية واستقرار الاقتصاد، مشيراً إلى أن «العملة الوطنية رمز مهم من رموز السيادة الوطنية التي نعتز بها، وهي عملة الدولة السورية وعملة كل مواطن سوري».

وأوضح أن الهدف من هذه العملية، ومن السياسات النقدية والمالية المصاحبة، هو تعزيز استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً أساسياً لدعم التنمية والنمو الاقتصادي في سوريا.

وأضاف أن «ما نحتاجه أيضاً هو مشاركة قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جميعاً للتمسك والاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار»، داعياً إلى التعامل معها بالاعتزاز ذاته الذي يتعامل به مع العلم الوطني.

وحث برنية المواطنين والقطاعات الاقتصادية كافة على التقيد بالتعليمات والإجراءات التي سيعلن عنها المصرف المركزي لضمان سير عملية الاستبدال بسلاسة، وعدم الانجرار وراء الشائعات، مؤكداً أن المصرف المركزي قد وضع كل السياسات اللازمة لمواجهة التحديات وضمان نجاح العملية.

وأكد أن هذه الإجراءات تأتي ضمن رؤية شاملة لتعزيز الاقتصاد الوطني واستقراره، داعياً المواطنين إلى الافتخار والاعتزاز «بليرتنا الجديدة» والتفاؤل بمستقبل سوريا واقتصادها.

كان حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أعلن أن إطلاق العملة الوطنية الجديدة ليس مجرد طرح لنقود ورقية، بل هو احتفاء بسيادة البلاد وهويتها الوطنية، معتبراً أن الليرة تمثل رمزاً لنجاح الثورة وانتماء الشعب وثقته بقدرته على النهوض.

وأشار برنية إلى أن الجهود الكبيرة التي بذلها مصرف سوريا المركزي، «تستحق الشكر والتقدير»، في الشهور الماضية للتحضير لاستبدال الليرة السورية.

لكنه أضاف: «ما نحتاجه أيضاً هو مشاركة قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جمعياً للتمسك والاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار. كما نعتز بعلمنا، سنعتز بعملتنا الوطنية. ولنحرص جميعاً على التقيد بالتعليمات التي سيصدرها المصرف المركزي بشأن إجراءات الاستبدال وعدم الالتفاف للشائعات».

وأكد أن هناك «تحديات كبيرة رافقت التحضير وتحديات سترافق الاستبدال، مصرف سوريا المركزي وضع السياسات والإجراءات اللازمة لنجاح عملية الاستبدال، لنكن على مستوى الوعي المطلوب...».


ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
TT

ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)

حذر مسؤولون وخبراء من فشل سياسات تحول الطاقة في ألمانيا، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في أكبر اقتصاد بأوروبا.

وفي هذا الصدد، حذر رئيس حكومة ولاية براندنبورغ الألمانية، ديتمار فويدكه، من أن التحول إلى اقتصاد محايد مناخياً في ألمانيا مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء بشكل ملموس.

وقال السياسي، الذي ينتمي للحزب «الاشتراكي الديمقراطي»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «إذا لم ننجح في خفض أسعار الكهرباء، فإن التحول في ألمانيا سيفشل».

وأوضح فويدكه أن التحدي الأكبر أمام الحكومة الاتحادية هو ضمان أسعار كهرباء تنافسية، مؤكداً أن ذلك يمنح الأمان للاستثمارات، خاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل صناعة الصلب، والكيمياء، والدواء.

وأضاف: «اتخذت الحكومة قرارات صحيحة، مثل تحديد سعر الكهرباء الصناعي، وخفض رسوم الشبكة، لكن هذه الخطوات غير كافية. نحتاج إلى مزيد من الإجراءات».

ودعا فويدكه إلى استخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي، قائلاً إن سكان براندنبورغ يستحقون الاستفادة من التوسع في الطاقة الخضراء عبر أسعار كهرباء منخفضة، مشيراً إلى أن ذلك سيكون أيضاً ميزة لولايات شمالية أخرى مثل ميكلنبورج-فوربومرن، وشليزفيج-هولشتاين، وسكسونيا السفلى، لكنه أشار إلى وجود عقبات قانونية تحول دون ذلك حالياً.

ورحب فويدكه بقرار المفوضية الأوروبية السماح بمزيد من الدعم الحكومي للصناعات كثيفة الطاقة، لكنه شدد على أن الهدف يجب أن يكون تحقيق أسعار تنافسية من دون دعم دائم.

وفي الوقت نفسه، دافع فويدكه عن أداء الحكومة الاتحادية في وجه الانتقادات الموجهة إليها، قائلاً: «تعمل الحكومة أفضل بكثير مما توحي به سمعتها»، مؤكداً أن المهمة الأساسية لحزبه هي إعادة النمو الاقتصادي، وضمان الحفاظ على الوظائف في القطاع الصناعي.