اقتصادان متوازيان: الذكاء الاصطناعي يزدهر... وترمب يعيد بناء الجدران الجمركية

الشركات تبني المستقبل الرقمي والرئيس يستخدم قانون التجارة لعام 1962

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

اقتصادان متوازيان: الذكاء الاصطناعي يزدهر... وترمب يعيد بناء الجدران الجمركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

من الصعب اليوم رسم خريطة دقيقة للاقتصاد الأميركي من دون التوقف عند مفارقةٍ غير مسبوقة: طفرة تكنولوجية تُعيد تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، وسياسات تجارية قومية تُعيد إلى الأذهان روح القرن الماضي. فبينما تضخ الشركات مئات المليارات في الذكاء الاصطناعي، تتوسع إدارة الرئيس دونالد ترمب في تعريف «الأمن القومي» ليشمل كل شيء من الصلب إلى خزائن المطبخ، في محاولةٍ لتبرير موجة جديدة من الرسوم الجمركية. قد يكون الأمران صحيحين في آنٍ واحد: أن الرهانات على الذكاء الاصطناعي ستُسبب كارثة مالية، وأن الذكاء الاصطناعي سيُغير العالم. وفي الوقت نفسه، تضع سياسات ترمب التجارية الاقتصاد الأميركي أمام مفترق طرقٍ غير مأمون العواقب.

طفرة الذكاء الاصطناعي: اقتصاد جديد يولد من قلب الفقاعة

يشهد الاقتصاد الأميركي طفرة استثمارية غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي. فقد قفز الإنفاق الرأسمالي في هذا القطاع من أقل من 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى ما يُتوقَّع أن يصل إلى 2 في المائة في عام 2025، أي ما يعادل استثمار نحو 1800 دولار لكل أميركي في هذا المجال خلال عام واحد فقط. هذه الطفرة وحدها تُضيف ما يقارب نقطة مئوية كاملة إلى نمو الاقتصاد الأميركي، وتفسّر كيف حافظت الأسواق على زخمها رغم السياسات المتقلبة للإدارة.

سام ألتمان يتحدث في مناسبة لشركة «أوبن إيه آي» في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

لكن هذا الازدهار يخفي داخله ملامح فقاعة متضخّمة. فمنذ إطلاق «تشات جي بي تي» في عام 2022، ارتفعت القيمة السوقية للأسهم الأميركية بنحو 21 تريليون دولار، وجاء 75 في المائة من عوائد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» من أسهم مرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، أضاف إعلان صفقة استثمار جديدة بقيمة 100 مليار دولار بين شركتَي «أوبن إيه آي» و«إنفيديا»، نحو 160 مليار دولار إلى القيمة السوقية للأخيرة في يوم واحد، لترتفع قيمتها الإجمالية بما يقارب 4 تريليونات دولار خلال ثلاث سنوات. هذه الأرقام تُثير إعجاب المؤمنين بقدرة الذكاء الاصطناعي على تحويل الاقتصاد، لكنها تُنذر أيضا بتكرار سيناريو فقاعة «الدوت كوم» في أواخر التسعينيات. فحينها ضخّ المستثمرون المليارات في شركات لم تحقق أرباحاً فعلية، وانهار مؤشر «ناسداك» بنسبة 75 في المائة من ذروته إلى قاعه.

متداول ببورصة نيويورك (رويترز)

يقول محللون إن التاريخ اليوم يُعيد نفسه بصيغ جديدة. فشركات مثل «مايكروسوفت» و«أمازون» و«ألفابت» تستثمر عشرات المليارات في شركات ناشئة مثل «أوبن إيه آي» و«آنثروبيك»، التي تُنفق معظم أموالها لشراء خدمات الحوسبة السحابية من تلك الشركات نفسها. وتنقل صحيفة «واشنطن بوست» عن مدير صندوق التحوط، دوغ كاس، قوله إن «صناعة الذكاء الاصطناعي تشتري إيراداتها الخاصة بطريقة دائرية»، مشبهاً الوضع بما كان يُعرف في فقاعة الإنترنت بـ«الرحلة ذهاباً وإياباً».

وتُشير تقديرات إلى أن تكلفة بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ستبلغ 3 تريليونات دولار بحلول عام 2028، نصفها سيموَّل من التدفقات النقدية الداخلية لشركات التكنولوجيا العملاقة. ومع ذلك، بدأ بعضها بالفعل في جمع الديون لتغطية الإنفاق المتسارع. وتنقل الصحيفة عن المستثمر هاريس كوبرمان قوله إن «الجميع يعلم أن الأرقام لا تُصدق، لكن لا أحد يعلم أن الجميع يعلم ذلك».

ترمب يتحدث مع الصحافيين... 5 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

ترمب يعيد تعريف الأمن القومي... بالخشب والأثاث

في الجهة الأخرى من المشهد، يُواصل الرئيس ترمب دفع الاقتصاد الأميركي في اتجاهٍ مختلف تماماً. فبينما تندفع الشركات إلى بناء المستقبل الرقمي، يُعيد البيت الأبيض رسم حدود «الأمن القومي» لتشمل منتجاتٍ مثل الأخشاب وخزائن المطابخ وأحذية التزلج! وبالفعل، يستخدم ترمب قانون التجارة لعام 1962 - المعروف بالبند 232 - لفرض تعريفات جمركية تحت شعار حماية الأمن القومي، وهي آلية قانونية أقل عرضة للطعن القضائي من الرسوم «التبادلية» بين الدول.

في الأشهر الأخيرة، أعلن الرئيس عن ضرائب جديدة على منتجات الأخشاب والمعادن الصناعية، وفتح تحقيقات تستهدف الأجهزة الطبية والروبوتات الصناعية والطائرات من دون طيار. ووفقاً لوزارة التجارة، يجري 9 تحقيقات جديدة قد تفضي إلى رسوم إضافية خلال العام المقبل.

داعمو سياسات ترمب، من أمثال نيك إياكوفيلا من تحالف «أميركا المزدهرة»، يقولون: «إنها ليست مجرد حماية تجارية، بل محاولة لإعادة توطين الصناعات الاستراتيجية داخل الولايات المتحدة». لكن معارضي ترمب يرون أن هذا التوسّع في مفهوم الأمن القومي يقترب من السخرية، إذ يصعب تبرير إدراج الأثاث أو خزائن المطبخ كمنتجات تمس الدفاع الوطني.

بحسب تقارير، فقد استخدم ترمب حتى الآن «البند 232» في 19 مرة، أي أكثر من جميع الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه منذ 1962 مجتمعين تقريباً. وتراهن إدارته على أن المحكمة العليا ستُقرّ دستورية هذه الإجراءات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للبت في الدعاوى المرفوعة ضدها في هذا الشأن.

غير أن هذه السياسة تأتي في وقتٍ تُظهر فيه البيانات أن الرسوم الجمركية خفّضت الناتج المحلي الأميركي بنحو 0.4 في المائة، مقارنة بما كان سيكون عليه من دونها، وأدت إلى تباطؤ التوظيف وارتفاع معدل البطالة بين الشباب إلى 10.5 في المائة، وهي نسبة لم تُسجَّل منذ عقد، بحسب أرقام رسمية.

قوتان متناقضتان... واقتصاد على حافة التحوّل

تبدو الولايات المتحدة اليوم وكأنها تعيش في اقتصادين متوازيين: اقتصادٌ رقمي ينفجر بالنمو، وآخر واقعي يئنّ تحت وطأة الرسوم والقيود. في الأول، تُحرّك شركات مثل «إنفيديا» و«مايكروسوفت» الأسواق العالمية، وتبني مراكز بيانات تفوق في تكلفتها بعض ميزانيات الدول. وفي الثاني، تتقلص الصناعات التقليدية التي تُعوِّل عليها إدارة ترمب لتحقيق ما تصفه بـ«الاستقلال الاقتصادي الوطني».

بحسب الصحيفة نفسها، تُظهر بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس أن استثمارات الذكاء الاصطناعي لا تُولّد وظائف كافية لتعويض التراجع في القطاعات الأخرى. فبناء مراكز البيانات الضخمة يتطلب رأسمالاً هائلاً، لكنه يوظّف أعداداً محدودة نسبياً. هذا ما يجعل طفرة الذكاء الاصطناعي تُفاقم التفاوت الاقتصادي بدلاً من تخفيفه.

في المقابل، تُفاقم سياسات ترمب التجارية الكلفة المعيشية وتُضعف ثقة المستثمرين العالميين في استقرار بيئة الأعمال الأميركية. ومع ذلك، تُخفي الطفرة التكنولوجية مفعول هذه السياسات مؤقتاً. فأسواق المال - المخدَّرة بنشوة الأرباح الهائلة - تتجاهل إشارات الإنذار. لكن التاريخ المالي، كما يقول كوبرمان، «يميل إلى التناغم»، فكما حدث في فقاعة السكك الحديدية البريطانية في القرن التاسع عشر أو فقاعة الإنترنت، ينتهي الحفل دائماً بانفجار. وفي حين تُظهر تقديرات «جي بي مورغان» أن شركات الذكاء الاصطناعي تُشكّل 90 في المائة من نمو الإنفاق الرأسمالي الأميركي في السنوات الأخيرة، يُحذّر خبراء من أن هذا التركّز يجعل الاقتصاد هشاً أمام أي تصحيح حاد في السوق. ويُقدّر بعض المحللين أن الصناعة تحتاج إلى إيرادات تفوق 480 مليار دولار سنوياً لتبرير استثمارات عام 2025 وحده، وهو رقم يبدو بعيد المنال في الأجل القصير.

بين الثورة والفقاعة

ويقول داريو أمودي، مؤسس شركة «آنثروبيك»، إن الذكاء الاصطناعي قد «يعالج السرطان ويُنهي الفقر ويُحقق السلام العالمي». لكن الباحثة ساشا لوتشيوني تُحذّر من أن «بيت الورق سيبدأ بالانهيار» لأن حجم الأموال المنفقة لا يتناسب مع العوائد المتوقعة. وفي مكانٍ ما بين التفاؤل الكوني والتشاؤم المالي، تقف إدارة ترمب بسياستها الحمائية لتزيد الصورة تعقيداً. فبينما تُراهن شركات التكنولوجيا على عولمة الذكاء الاصطناعي، يُعيد البيت الأبيض بناء جدران جمركية تحت شعار «الأمن القومي». وفي المحصلة، قد تكون الولايات المتحدة على أعتاب واحد من أعظم التحولات الاقتصادية في تاريخها. لكن إن كان من درسٍ من فقاعة الإنترنت أو من انهيار السكك الحديدية في القرن التاسع عشر، فهو أن الثورات التكنولوجية تُغيّر العالم فعلاً لكنها نادراً ما تُغيّره من دون فوضى. الذكاء الاصطناعي سيصنع المستقبل، نعم. لكنه قد يُفجّر الحاضر أيضاً.


مقالات ذات صلة

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

الاقتصاد منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولجر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أصبح «اقتصاد الظل الرقمي» أمراً واقعاً من جمع البيانات ووسطاء بيعها إلى تدريب النماذج... إلى التزييف العميق والابتزاز والاحتيال (رويترز)

من السنتات إلى التريليونات... هل سلبتنا «سوق الظل» بياناتنا؟

تسعى «الشرق الأوسط» من خلال هذا التحقيق لتتبع خيوط ما يمكن تسميته «اقتصاد الظل الرقمي»؛ من جمع البيانات ووسطاء بيعها، إلى تدريب النماذج، إلى التزييف العميق

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد يرفرف العلم الوطني الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يقلص تدخلاته في سوق الصرف إلى النصف مع بداية 2026

أعلن البنك المركزي الروسي، الجمعة، أنه سيخفض تدخلاته في سوق الصرف الأجنبية إلى النصف ابتداءً من العام الجديد، في خطوة متوقعة من شأنها الحد من دعم الروبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد رواد أحد المراكز التجارية الكبرى في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

الصين تخفّض الناتج المحلي الإجمالي النهائي لعام 2024

أعلن مكتب الإحصاء الصيني يوم الجمعة أنه تم تعديل حجم الاقتصاد الصيني لعام 2024 بالخفض إلى ما يعادل 19.23 تريليون دولار

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي لدى وصولها إلى مقر الحكومة يوم الجمعة لبحث الموازنة الجديدة (رويترز)

اليابان تقترح إنفاقاً قياسياً في الموازنة مع كبح إصدار الديون الجديدة

اقترحت الحكومة اليابانية يوم الجمعة إنفاقاً قياسياً للسنة المالية المقبلة مع كبح إصدار الديون، مما يسلط الضوء على التحدي الذي يواجه رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
TT

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولجر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية.

وقال دولجر، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية: «ألمانيا بحاجة إلى خطوة كبيرة، وإلا فإننا مهددون بأزمة دائمة. نحن نعيش أطول أزمة منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية».

وبعد عامين متتاليين من الركود، يُتوقع لعام 2025 نمو طفيف للغاية في الناتج المحلي الإجمالي، في حين لا يتوقع خبراء الاقتصاد انتعاشاً ملموساً في العام المقبل.

وأضاف دولجر: «العالم يتغير بسرعة، وعلينا أن نتحرك إذا أردنا ألا نتخلف عن الركب»، مشيراً إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس تحدث في مؤتمر أرباب العمل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن «تحول تاريخي»، مذكّراً بالحرب الروسية - الأوكرانية، والأنظمة السلطوية في العالم، والصين التي تتصرف بشكل أكثر عدوانية، إضافة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يحاول فرض سياسة «أميركا أولاً» عبر الرسوم الجمركية.

وقال دولجر: «هذا التحول يجب أن يدفعنا إلى أن نصبح أقل بيروقراطية وأكثر سرعة، وأن نعيد هيكلة دولتنا الاجتماعية. الأزمات الخارجية تجعل الإصلاحات الداخلية أكثر ضرورة من أي وقت مضى. أذكّر المستشار دائماً بأن السياسة الخارجية والأمنية الجيدة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الاقتصاد ينمو»، مؤكداً أن عام 2026 يجب أن يكون عام الإصلاحات الجذرية.

وطالب دولجر بشكل محدد بتقليص كبير في البيروقراطية، ما يمنح الشركات والمواطنين حرية أكبر للتطور، إضافة إلى زيادة صافي الدخل من الأجور.

كما دعا إلى إصلاحات في نظام دولة الرفاه الاجتماعي بما يهدف إلى خفض التكاليف، قائلاً: «يجب أن يصبح نظامنا الاجتماعي أكثر استهدافاً للمستحقين وأكثر عدالة، وأن يكون العمل أكثر جاذبية من عدم العمل. كل ذلك سيجعل ألمانيا أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب. الاستثمارات في عشرينيات هذا القرن ستقود إلى نمو في ثلاثينياته».

وكان ميرتس أعلن مراراً عن خطط لإصلاحات جذرية، من بينها تشكيل لجنة معنية بالتقاعد، على أن تقدم مقترحاتها بحلول منتصف 2026، ومن المتوقع أن تشمل أيضاً مسألة رفع سن التقاعد.


الصين تُقر تعديلات على قانون التجارة الخارجية لتعزيز قدرات الحرب التجارية

آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تُقر تعديلات على قانون التجارة الخارجية لتعزيز قدرات الحرب التجارية

آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)

أقرت الصين، السبت، تعديلات على قانون رئيس، بهدف تعزيز قدرة بكين ​على شن حرب تجارية، والحد من الشحنات الصادرة، أبرزها المعادن ذات الأهمية الاستراتيجية، وكذلك زيادة انفتاح الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 19 تريليون دولار.

وذكرت وكالة الأنباء الصين الجديدة (شينخوا) السبت أن المراجعة ‌الأحدث لقانون ‌التجارة الخارجية، والتي ‌وافقت ⁠عليها ​أعلى هيئة ‌تشريعية في الصين، ستدخل حيز التنفيذ في الأول من مارس (آذار) 2026.

ويجري ثاني أكبر اقتصاد في العالم إصلاحات للأُطر القانونية المتعلقة بالتجارة، وذلك جزئياً لإقناع أعضاء تكتل تجاري رئيس عبر المحيط الهادئ -⁠تم تأسيسه لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد- بأن القوة ‌الصناعية تستحق مقعداً على الطاولة، حيث ‍تسعى بكين إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.

ووفقاً لـ«شينخوا»، تضيف المراجعة أيضاً بنداً ينص على أن التجارة الخارجية يجب أن «تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية»، وتساعد في ​بناء الصين لتصبح «دولة تجارية قوية».

وأضافت الوكالة أن المراجعة «توسّع وتحسّن» ⁠مجموعة الأدوات القانونية لمواجهة التحديات الخارجية.

وتركز المراجعة على قطاعات مثل التجارة الرقمية، والتجارة الخضراء، إلى جانب أحكام الملكية الفكرية، والتحسينات الرئيسة التي تحتاج الصين إلى إدخالها للوفاء بمعايير الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، بدلاً من أدوات الدفاع التجاري التي تم التركيز عليها في مراجعة عام 2020 بعد حرب ‌الرسوم الجمركية التي استمرت لأربع سنوات خلال ولاية ترمب الأولى.


هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة، في وقت يراهن فيه المستثمرون على مزيد من خفض أسعار الفائدة، إلى جانب قوة أرباح الشركات، لدفع الأسواق نحو تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال العام المقبل.

وكان مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» الصناعي قد أنهيا جلسة الأربعاء عند مستويات قياسية، مختتمَيْن موجة صعود واسعة خلال جلسة تداول مختصرة بفعل العطلة، وفق «رويترز».

وبحلول الساعة 6:13 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، تراجعت العقود الآجلة المصغرة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنقطتَين، أي بنسبة 0.03 في المائة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك 100» بمقدار 6 نقاط، أو 0.02 في المائة. في المقابل، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «داو جونز» بنحو 55 نقطة، أي ما يعادل 0.11 في المائة.

وجاء هذا الأداء بعد مكاسب حققتها الأسهم في الأيام الأخيرة، أعقبت أشهراً من عمليات بيع متقطعة، كانت قد طالت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي على خلفية مخاوف تتعلّق بارتفاع التقييمات وزيادة النفقات الرأسمالية بما قد يضغط على الأرباح.

غير أن بيانات اقتصادية أظهرت متانة الاقتصاد الأميركي، إلى جانب توقعات بتحول السياسة النقدية نحو مزيد من التيسير مع تولي رئيس جديد مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» العام المقبل، فضلاً عن عودة الزخم إلى أسهم الذكاء الاصطناعي؛ أسهمت جميعها في دعم انتعاش الأسواق. ووضعت هذه العوامل مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«ناسداك» على المسار لتحقيق مكاسب للعام الثالث على التوالي.

وحتى الآن من عام 2025، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 17 في المائة، مدفوعاً في الغالب بأسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، إلا أن موجة الصعود اتسعت نطاقها مؤخراً مع توجه المستثمرين نحو القطاعات الدورية، مثل القطاع المالي وقطاع المواد الأساسية.

ويراقب المتداولون من كثب ما إذا كان ما يُعرف بـ«ارتفاع سانتا كلوز» سيتكرر هذا العام، وهي ظاهرة موسمية يشهد خلالها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب في آخر 5 أيام تداول من العام وأول يومَين من يناير (كانون الثاني)، وفقاً لتقويم متداولي الأسهم. وقد بدأت هذه الفترة يوم الأربعاء وتستمر حتى الخامس من يناير.

وعلى صعيد الأسهم الفردية، ارتفعت أسهم شركة «إنفيديا» بنسبة 0.7 في المائة في تداولات ما قبل افتتاح السوق، بعد موافقة شركة تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي على ترخيص تقنية من شركة «غروك» الناشئة، إلى جانب تعيين رئيسها التنفيذي.

كما صعدت أسهم شركة «مايكرون تكنولوجي» بنسبة 2 في المائة، لتضيف إلى مكاسبها التي قاربت 22 في المائة منذ بداية الشهر، مدعومة بتوقعات قوية للأرباح.

في المقابل، تراجعت أسهم شركة «بيوهافن» بنسبة 13.4 في المائة، بعدما أخفق دواؤها التجريبي لعلاج الاكتئاب في تحقيق الهدف الرئيسي خلال المرحلة المتوسطة من التجارب السريرية، في انتكاسة جديدة تُضاف إلى سلسلة خيبات الشركة هذا العام.

وعلى الجانب الإيجابي، ارتفعت أسهم شركة «كوبانغ» بنسبة 6.2 في المائة، بعد أن أعلنت شركة التجارة الإلكترونية أن جميع بيانات العملاء التي سُرّبت من فرعها في كوريا الجنوبية قد جرى حذفها من قبل المشتبه به.

كما سجلت أسهم شركات تعدين المعادن النفيسة المدرجة في الولايات المتحدة، مثل «فيرست ماجستيك» و«كوير ماينينغ» و«إنديفور سيلفر»، مكاسب تراوحت بين 2.8 في المائة و4.4 في المائة، تزامناً مع تسجيل أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية جديدة.