الشارع السوداني يرحب بإدانة «الجنائية الدولية» أحد قادة «الجنجويد» في جرائم دارفور

في تجريم كوشيب قرائن تدين البشير ومساعديه

مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)
مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)
TT

الشارع السوداني يرحب بإدانة «الجنائية الدولية» أحد قادة «الجنجويد» في جرائم دارفور

مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)
مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)

استقبلت الأوساط السودانية بارتياح شديد إدانة المحكمة الجنائية الدولية، علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم «علي كوشيب»، أحد أبرز قادة ميليشيا «الجنجويد» إبان حرب دارفور 2003 - 2004.

وتوالت ردود الفعل من القوى السياسية والهيئات الحقوقية المدنية، التي رأت في تلك الإدانة «انتصاراً للعدالة وإنصافاً للضحايا، ومصيراً ينتظر بقية المطلوبين لدى «الجنائية» بالتهم ذاتها، أبرزهم الرئيس المعزول عمر البشير، واثنان من كبار مساعديه، هما عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد محمد هارون، وآخرين».

علي كوشيب في المحكمة (إ.ب.أ)

وأدين كوشيب، الاثنين الماضي، بـ27 تهمة من بينها: «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والاغتصاب والقتل الجماعي والتعذيب والترحيل القسري للسكان الأصليين».

وقال القانوني المحامي معزّ حضرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «إدانة كوشيب تستند إلى المسؤولية الجنائية الشخصية ضده، وفقاً للبيانات التي توفرت للمحكمة، وهذه البيانات جزء من القرائن التي يمكن أن تشكل إدانة غير مباشرة للرئيس البشير وبقية المتهمين».

وأوضح أن «حكم الإدانة على الجهة المنفذة ينسحب على المسؤولية القيادية التي أصدرت الأوامر، وبالتالي يمهد لإدانة المتهمين المشاركين في هذه الجريمة، (البشير ومن معه)».

وأثبتت المحكمة في حيثيات الحكم، ضلوع عبد الرحيم حسين، وأحمد هارون «في تخطيط وتمويل وتوجيه تلك الجرائم، بتزويد كوشيب بالأسلحة والمال، وإعطائه الأوامر المباشرة لقيادة الهجمات ضد المدنيين في مناطق دارفور».

القاضية جوانا كورنر خلال جلسة المحكمة (رويترز)

ورأى حضرة أن إدانة علي كوشيب تمثل دافعاً أكبر للمحكمة «لمطالبة مجلس الأمن الدولي بالإسراع في القبض على المتهمين المطلوبين، وتقديمهم إلى المحاكمة في لاهاي».

وقال إن مجلس الأمن يمكن أن يصدر قرارات بالقبض على المتهمين، «كما أن لديه صلاحيات واسعة، وآليات ضغط لاتخاذ إجراءات أخرى، من بينها فرض عقوبات ضد الحكومة السودانية حال رفضت الالتزام بقراراته».

وأضاف أن «المسؤولين في بورتسودان، ظلوا على الدوام يماطلون، ويرفضون التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تسليم المتهمين المطلوبين».

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير أثناء إلقائه خطاباً بولاية جنوب دارفور سبتمبر 2017 (أ.ف.ب)

ويواجه أحمد هارون، وزير الدولة بوزارة الداخلية في عهد البشير، 42 تهمة تتعلق بالقتل والترحيل القسري والاغتصاب والتعذيب، فيما يواجه عبد الرحيم حسين، وزير الدفاع الأسبق، 13 تهمة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وعَدّ «محامو الطوارئ» (هيئة حقوقية طوعية)، قرار إدانة المتهم، أول حكم يصدر عن «الجنائية الدولية» في الجرائم المرتكبة في دارفور منذ إحالة ملف السودان إليها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1593 في عام 2009، كما أنه يشكل ضغطاً «غير مسبوق على السلطات السودانية، لتسليم البشير وهارون وحسين إلى لاهاي».

وسلم كوشيب نفسه طوعاً للمحكمة في دولة أفريقيا الوسطى في يونيو (حزيران) 2020؛ خوفاً من اعتقاله وتصفيته من جهات تخشى من مثوله أمام المحكمة.

عمر البشير في أثناء محاكمته بالخرطوم (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وقُتل على يد المدان كوشيب، مئات الرجال من «قبيلة الفور» الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب في منطقتي مكجر ودليج بوسط دارفور، بأوامر مباشرة من حكومة السودان التي كانت تقوم بتسليح ميليشيا «الجنجويد» لقمع تمرد الحركات المسلحة في الإقليم الواقع غرب السودان.

بدوره، قال: «المنسق العام لمخيمات اللاجئين والنازحين في إقليم دارفور»، يعقوب محمد عبد الله، إن «إدانة علي كوشيب بعد أكثر من عقدين من الزمان على ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، هي انتصار لحقوق الضحايا».

ووصف، في بيان الثلاثاء، هذه الإدانة «بأنها تمثل خطوة أولى لتحقيق العدالة الكاملة، وتفتح الباب واسعاً أمام تسريع مسار تسليم بقية المطلوبين للمحكمة».

وتحدث البيان عن «مسؤولية علي كوشيب المباشرة عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من السكان الأصليين»، وفقاً لروايات الشهود الذين أدلوا بها في المحكمة.

المحكمة الجنائية الدولية تتولى مهمة ملاحقة مرتكبي الجرائم الأشد خطورة في العالم (رويترز)

ومن بين المتهمين المطلوبين للمثول أمام «الجنائية الدولية» أيضاً عبد الله باندا، القيادي في حركة «العدل والمساواة»؛ لمشاركته في الهجوم على بلدة «حسكنيتة» بجنوب دارفور 2007، وظهر أخيراً ضمن القوة المشتركة التي تحارب إلى جانب الجيش السوداني ضد «قوات الدعم السريع».

من جانبه، دعا «تحالف السودان التأسيسي» (تأسيس) الموالي لـ«الدعم السريع»، المجتمع الدولي إلى «ضمان تسليم بقية المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، الذين يتمتعون بالحماية من الحكومة التي يقودها الجيش في مدينة بورتسودان».

ودرجت «المحكمة الجنائية» في تقريرها السنوي أمام مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، على تكرار مطالبتها للحكومة السودانية، بتسليم المتهمين، دون أي تجاوب يذكر.

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

وسبق أن وافقت الحكومة الانتقالية المقالة، بقيادة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، على تسليم المسؤولين في الحكومة المعزولة إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، إلا أن الانقلاب الذي قاده الجيش في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 قطع الطريق أمام هذه الخطوة.

وخلّف النزاع في دارفور 2003 - 2010 أكثر من 300 ألف قتيل، إضافة إلى ملايين النازحين واللاجئين، ووُثّقت انتهاكات واسعة النطاق شملت القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري، وحرق القرى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

تتقدم «قوات الدعم السريع» حثيثاً باتجاه بلدة «الطينة»، عند الحدود التشادية - السودانية، بعد أن أعلنت إكمال سيطرتها على بلدة «كرنوي»، صباح الخميس.

أحمد يونس (كمبالا)
أوروبا  وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ) play-circle

ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

دعت وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان إلى تكثيف الجهود الدولية لإنهاء الصراع في السودان، واصفة إياه بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون من دارفور يجلسون على الأرض أثناء عاصفة رملية في مخيم طولوم على مشارف بلدة إيريبا شرق تشاد - ٣٠ نوفمبر (رويترز)

«قوات الدعم السريع» تعلن سيطرتها على مناطق قرب الحدود التشادية

أعلنت «قوات الدعم السريع» الأربعاء إكمال سيطرتها على مناطق على الحدود مع تشاد في ولاية شمال دارفور.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا نهر النيل عند قناطر إسنا جنوب مصر (الشرق الأوسط)

«سد النهضة»: مصر تجدد رفضها التفريط في «أي قطرة» من مياه النيل

جددت مصر رفضها «التفريط في (أي قطرة) من مياه نهر النيل». وأكدت أنها «لن تتهاون في صون حقوقها المائية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.


مصر تُعوّل على تغليظ عقوبات «المخالفات المرورية» للحد من حوادث السيارات

الحكومة المصرية تقر تعديلات على «قانون المرور» لتغليظ العقوبات على المخالفين (وزارة النقل المصرية)
الحكومة المصرية تقر تعديلات على «قانون المرور» لتغليظ العقوبات على المخالفين (وزارة النقل المصرية)
TT

مصر تُعوّل على تغليظ عقوبات «المخالفات المرورية» للحد من حوادث السيارات

الحكومة المصرية تقر تعديلات على «قانون المرور» لتغليظ العقوبات على المخالفين (وزارة النقل المصرية)
الحكومة المصرية تقر تعديلات على «قانون المرور» لتغليظ العقوبات على المخالفين (وزارة النقل المصرية)

تسعى مصر إلى الحد من حوادث السيارات عبر زيادة الغرامات وتغليظ العقوبات على المخالفات المرورية، وذلك من خلال تعديلات على بعض مواد «قانون المرور» أقرتها الحكومة تمهيداً لإحالتها إلى مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان).

ووافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، على تعديلات لبعض أحكام «قانون المرور»، مؤكداً أنها تهدف «إلى تعزيز إجراءات الردع العام، والحد من حوادث الطرق والمواصلات العامة بوجه عام»، وذلك وفق بيان حكومي استعرض تفاصيل المواد التي جرى اقتراح تعديلها.

وبلغ عدد وفيات حوادث الطرق في مصر 5260 حالة خلال العام الماضي، مقابل 5861 حالة في عام 2023، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 10.3 في المائة. في حين ارتفع عدد المصابين إلى نحو 76362 مصاباً، مقارنة بـ71016 مصاباً خلال العام الذي سبقه، بنسبة زيادة بلغت 7.5 في المائة، وذلك وفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة في مايو (أيار) الماضي.

ومن بين أبرز التعديلات التي أقرتها الحكومة تشديد العقوبات الخاصة بتسيير المركبات دون ترخيص أو بعد انتهاء الترخيص؛ حيث نصّت «على الضبط الإداري للمركبة، واستحقاق الضريبة السنوية كاملة عن فترة المخالفة، إلى جانب ضريبة إضافية تعادل ثلث الضريبة الأصلية، وذلك بحد أقصى 5 سنوات».

كما تم رفع قيمة الغرامات المفروضة على مخالفة مسارات السير، أو تجاوز السرعات المقررة، لتتراوح بين 2000 و10 آلاف جنيه (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك).

تطوير شبكة الطرق ليس كافياً للحد من حوادث السيارات في مصر (وزارة النقل المصرية)

ووصفت عضو لجنة «النقل والمواصلات» بمجلس النواب فريدة الشوباشي «التعديلات المقترحة بالإيجابية، في ظل الحاجة لترسيخ ثقافة الانضباط المروري التي تسمح بالحد من الحوادث».

وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الغرامات المالية الضئيلة في بعض المخالفات المرورية شجّعت كثيرين على التمادي في المخالفات، لافتة إلى أن بعض المخالفات التي يجري تحصيلها عن الحمولات الزائدة لسيارات النقل الثقيل، على سبيل المثال، أقل بكثير من الأضرار التي تسببها على الطرق، بالإضافة إلى خطورة الأمر من ناحية السلامة.

وشملت التعديلات التي أقرتها الحكومة «تغليظ العقوبات المتعلقة بتلويث الطرق أو قيادة مركبات تصدر أصواتاً مزعجة أو أدخنة كثيفة أو تحمل حمولات غير مؤمنة، لتبدأ العقوبة بغرامة مالية، وتتضاعف في حال تكرار المخالفة، مع سحب رخصة القيادة لمدة عام عند تكرارها للمرة الثالثة خلال المدد المحددة قانوناً».

كما نصت مواد أخرى على «الحبس أو الغرامة، أو الجمع بينهما، في حالات محددة مثل القيادة دون الحصول على رخصة تسيير أو رخصة قيادة، أو التلاعب باللوحات المعدنية، أو تعمد تعطيل حركة المرور، أو الاعتداء على أحد أفراد المرور أثناء تأدية عمله، مع مضاعفة العقوبة في حال تكرار المخالفة»، وفق بيان صادر عن مجلس الوزراء المصري الأربعاء.

وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الشرطة المتخصصة، مدحت قريطم، لـ«الشرق الأوسط»، أن التعديلات جاءت استجابة لدراسات أجرتها وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أنها ستُسهم حتماً، عند بدء تطبيقها، في الحد من الحوادث، لكنها لن تكون كافية ما لم تُستكمل بمنظومة متابعة شاملة لكل الجوانب المرتبطة بالمركبات، بما في ذلك رخص القيادة، ومدد عمل السيارات على الطرق، والفحص الدوري للتأكد من صلاحيتها للسير.

وتوقع قريطم أن يُجري البرلمان، خلال مناقشة القانون، تعديلات إضافية، في إطار التوجه نحو تغليظ العقوبات، عادّاً أن هذه التعديلات تُمثل «حلاً مؤقتاً» إلى حين إقرار قانون المرور الجديد، الذي جرى إعداده بالفعل، إلا أن إصداره تأخر لأسباب تتعلق بالبنية التكنولوجية الواجب توافرها التي شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية.

ونفّذت مصر خلال العقد الماضي «المشروع القومي للطرق» لتحسين جودتها، إلى جانب تدشين طرق جديدة. ووفق بيان سابق لوزارة النقل، فإن المشروع أدّى إلى وجود مصر في المركز الـ18 عالمياً العام الماضي بمؤشر جودة الطرق الصادر عن «المنتدى الاقتصادي العالمي»، بعدما كانت تحتل المركز الـ118 عام 2015.