القصف يتواصل على غزة... وإسرائيل و«حماس» تبحثان خطة ترمب لوقف الحرب

أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)
أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)
TT

القصف يتواصل على غزة... وإسرائيل و«حماس» تبحثان خطة ترمب لوقف الحرب

أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)
أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)

قصفت دبابات وزوارق وطائرات إسرائيلية مناطق في قطاع غزة، الثلاثاء، لتستمر معاناة الفلسطينيين بلا هوادة في الذكرى السنوية الثانية للهجوم الذي شنته حركة «حماس» وأشعل فتيل الحرب؛ ما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه المحادثات بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الصراع.

وقال سكان إن إسرائيل واصلت هجومها بعد أن بدأت «حماس» وإسرائيل مفاوضات غير مباشرة، الاثنين، في منتجع شرم الشيخ بمصر بشأن نقاط صعبة مثل انسحاب إسرائيل من غزة ونزع سلاح الحركة.

وينظر إلى المحادثات التي تركز على خطة ترمب على نطاق واسع على أنها الأكثر بعثاً على التفاؤل حتى الآن لإنهاء الحرب التي تقول سلطات الصحة في غزة إنها أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين ودمرت القطاع، والتي اندلعت عقب هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص.

وفي جنوب إسرائيل، أفادت صحافية في «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّ عشرات من أقارب ضحايا مهرجان نوفا الموسيقي قرب الحدود مع قطاع غزة، شاركوا في إحياء الذكرى في الموقع الذي تحوّل منذ الهجوم نصباً تذكارياً، ووقفوا دقيقة صمت في تمام الساعة 06:29 (03:29 بتوقيت غرينتش)، لحظة بدء الهجوم قبل عامين.

أفراد عائلة أحد ضحايا هجمات 7 أكتوبر 2023 ينظّفون ويزيّنون نصبهم التذكاري بأرض مهرجان نوفا في رييم جنوب إسرائيل (أ.ف.ب)

وقتل عناصر «حماس» في موقع المهرجان أكثر من 370 شخصاً وخطفوا العشرات.

وقالت أوريت بارون (57 عاماً) التي قُتلت ابنتها يوفال في موقع المهرجان: «اليوم هو ذكرى السبت الأسود بالنسبة إلينا... أنا هنا لأكون معها؛ لأنها كانت على قيد الحياة للمرة الأخيرة هنا، مع خطيبها موشيه».

وستقام مراسم أخرى في ساحة الرهائن بتل أبيب؛ حيث تجري أسبوعياً مظاهرات تطالب بالإفراج عن بقية المحتجزين في القطاع الفلسطيني المُحاصر.

وصبيحة 7 أكتوبر 2023، في ختام عيد العرش اليهودي (سوكوت)، شنّت فصائل مسلّحة بقيادة «حماس» هجوماً مباغتاً على جنوب إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة، لتشهد بذلك الدولة العبرية اليوم الأكثر دموية على الإطلاق في تاريخها.

ويومها، اخترق المقاتلون الفلسطينيون الحدود، وهاجموا بالأسلحة النارية والقذائف والعبوات الناسفة البلدات والتجمّعات السكانية، فضلاً عن المهرجان.

وأسفر الهجوم عن مقتل 1219 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

كما خطف المهاجمون 251 شخصاً واقتادوهم إلى القطاع، حيث لا يزال 47 منهم محتجزين، من بينهم 25 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا مصرعهم.

وتحيي الدولة العبرية رسمياً ذكرى هذا الهجوم هذا العام في 16 أكتوبر، وفق التقويم اليهودي.

ومنذ هجوم «حماس»، تواصل إسرائيل حملتها العسكرية في قطاع غزة دون هوادة برّاً وجواً وبحراً؛ ما خلّف دماراً هائلاً في القطاع، فضلاً عن مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين، وأزمة إنسانية كارثية بلغت حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في بعض أنحاء القطاع.

وأسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقلّ عن 67 ألف فلسطيني في غزة، وفقاً لأحدث أرقام وزارة الصحة بالقطاع، التي تعدّها الأمم المتحدة موثوقاً بها.

أما على صعيد الخسائر المادية، فقد سوّيت بالأرض أحياء بأكملها، ودُمّرت غالبية المستشفيات ودور العبادة والمدارس والبُنى التحتية وأعداد هائلة من المنازل والمباني السكنية.

ومنذ اندلاع الحرب، يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين بلا مأوى، في مخيّمات مزدحمة وأراضٍ مفتوحة، حيث يعانون شحّاً في الطعام والمياه وانعدام إمدادات الصرف الصحّي.

وقالت حنان محمّد (49 عاماً) التي نزحت من منزلها في مخيّم جباليا: «لقد خسرنا في هذه الحرب كل شيء، بالمعنى الحرفي: بيوتنا، وأفراداً من العائلة، وأصدقاء وجيراناً. خسرنا حياتنا بروتينها وكل تفاصيلها، بل وأعصابنا أيضاً للأبد».

وأضافت: «لا أطيق الانتظار لإعلان هدنة وتوقف شلّال الدم والموت، لا يمكننا الاحتمال، لكن أعتقد أنّ حياتنا ستظلّ صعبة، فلا يوجد هنا إلا الدمار».

مهمة عسيرة

ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد مقذوف أُطلق من شمال القطاع.

وقال في بيان: «عقب صفارات الإنذار التي دوَّت قبل وقت قصير في نتيف هعسراه (في جنوب إسرائيل قرب الحدود مع القطاع)، رُصد مقذوف أُطلق من شمال قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، ويُرجّح أنه سقط في المنطقة». وأشار إلى أنه «حتى الآن، لم يُبلَّغ عن وقوع إصابات».

وعلى مدار العامين الماضيين، وسّعت إسرائيل نطاق هجماتها إلى خارج القطاع الفلسطيني، لتشمل أهدافاً في 5 عواصم إقليمية، منها طهران.

وصفَّت في عملياتها هذه مسؤولين وقياديّين، منهم معظم قادة الصفّ الأول في حركة «حماس»، وكذلك أيضاً في «حزب الله» اللبناني، لا سيّما أمينه العام السابق حسن نصر الله.

ومع دخول الحرب في غزة عامها الثالث، تواجه كلّ من إسرائيل و«حماس» ضغوطاً دولية مزدادة للتوصل إلى اتفاق.

والأسبوع الماضي، كشف ترمب عن خطة مؤلفة من 20 بنداً تنص خصوصاً على وقف إطلاق نار فوري، وإطلاق «حماس» جميع الرهائن ونزع سلاح الحركة وانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجياً من غزة.

وعشية الذكرى الثانية، بدأت في مدينة شرم الشيخ المصرية، الاثنين، مفاوضات غير مباشرة بين وفدي «حماس» وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة ترمب.

وقال مصدران مطلعان على سير المفاوضات إن المباحثات «إيجابية». وأوضح أحد المصدرين أن «المباحثات كانت إيجابية الليلة الماضية، واستمرت أول جولة لأربع ساعات»، مشيراً إلى أنها «ستستأنف ظهر الثلاثاء في شرم الشيخ».

وقالت قناة «القاهرة الإخبارية» إنّ النقاشات تركّز على «تهيئة الظروف الميدانية» لتبادل الرهائن والمعتقلين، وفق خطة الرئيس الأميركي.

من جهتها، قالت مصادر في حركة «حماس» إن الجلسة الأولى التي عُقدت بمشاركة وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا، أسفرت عن «وضع خريطة طريق لجولة المفاوضات الحالية وتحديد آلياتها الزمنية».

وأبلغ وفد «حماس» الوسطاء بأن استمرار القصف الإسرائيلي في قطاع غزة يشكل «تحدياً حقيقياً أمام الإفراج عن الأسرى»، مؤكداً ضرورة وقف العمليات الميدانية لتهيئة الأجواء.

وضم وفد «حماس»، حسب المصادر، كلاً من خليل الحية وزاهر جبارين، وهما من بين أعضاء الوفد الذي نجا من محاولة اغتيال في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن النقاشات ركزت على ترتيبات وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وتبادل الأسرى والمحتجزين إلى جانب قضايا إنسانية وإغاثية عاجلة.

وأشارت إلى أن الوسطاء يحاولون وضع إطار زمني واضح لعملية التبادل وتثبيت الهدنة على الأرض، متوقعة أن تستمر المفاوضات أياماً عدة بسبب تباين مواقف الجانبين.

وذكرت الإذاعة العبرية أن المحادثات لا تقتصر على القضايا الأمنية؛ بل تمتد إلى بحث مستقبل إدارة القطاع بعد وقف إطلاق النار، وسط حديث عن تشكيل قوة دولية مؤقتة لتثبيت الاستقرار والإشراف على إعادة الإعمار.

وقالت «القناة 13» العبرية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبلغ الوفد المفاوض بأنه «لن يبدي أي مرونة في بنود خطة ترمب بهذه المرحلة»، مشيرة إلى أن التقديرات الإسرائيلية ترجح أن تكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار التفاوض.

في المقابل، تتمسك حركة «حماس» وفق مصادر فلسطينية بضرورة وجود ضمانات ورقابة فعالة تضمن التزام إسرائيل ببنود أي اتفاق محتمل، خصوصاً ما يتعلق بوقف العمليات العسكرية وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

وقال مراقبون فلسطينيون إن الوساطة المصرية تسعى إلى تحقيق توازن بين متطلبات الأمن الإسرائيلي واحتياجات السكان الفلسطينيين الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية، فضلاً عن حرص القاهرة على ضمان التزام جميع الأطراف بالاتفاق في حال التوصل إليه؛ خشية انهياره كما حدث في جولات سابقة.

ومن المتوقع أن يكون التوصل إلى اتفاق حول تفاصيل المقترح، مهمة شائكة وعسيرة.

وردّاً على سؤال عن سير المفاوضات في مصر، لا سيّما عمّا إذا كانت لديه شروط مسبقة تشمل موافقة «حماس» على نزع سلاحها، قال ترمب لصحافيين في البيت الأبيض، الاثنين: «لديّ خطوط حمراء: إذا لم تتحقّق أمور معيّنة فلن نمضي في الأمر»، مضيفاً: «لكنّني أعتقد أنّ الأمور تسير على ما يرام، وأعتقد أنّ (حماس) وافقت على أمور مهمّة للغاية».

وتابع: «أعتقد أنّنا سنتوصّل إلى اتّفاق. من الصعب عليّ قول ذلك في حين أنهم منذ سنوات وسنوات يحاولون التوصّل إلى اتفاق»، مؤكداً في الوقت نفسه: «سنتوصّل إلى اتفاق في غزة، أنا شبه متأكّد من ذلك، نعم».

وشهدت الحرب سابقاً هُدنتَيْن مكّنتا من الإفراج عن عشرات الرهائن مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين.

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، حذّر من أنه إن فشلت المفاوضات فإنّ الجيش «سيعود للقتال» في غزة.


مقالات ذات صلة

مستشفى العودة في غزة يعلّق معظم خدماته بسبب نقص الوقود

المشرق العربي مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

مستشفى العودة في غزة يعلّق معظم خدماته بسبب نقص الوقود

أعلن مستشفى العودة في النصيرات وسط قطاع غزة تعليق معظم خدماته «مؤقتاً» بسبب نقص الوقود، مع الإبقاء على الخدمات الأساسية فقط، مثل قسم الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

كشف الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أنه قتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (برلين)

رئيس الوزراء السوداني: لن نقبل قوات أممية دون موافقة الحكومة

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)
TT

رئيس الوزراء السوداني: لن نقبل قوات أممية دون موافقة الحكومة

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إن المبادرة التي طرحتها حكومته لوقف الحرب، والتي عرض تفاصيلها أمام مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي، بعثت برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن السودان «دولة تسعى إلى السلام لا الحرب»، وإنها نقلت البلاد «من موقع المتلقي للمبادرات إلى موقع صانعها». وأكد إدريس في الوقت نفسه أن السودان، بوصفه دولة ذات سيادة، لن يقبل بنشر أي قوات أممية أو فرض أي آليات رقابة دولية دون اتفاق صريح مع الحكومة.

وتنص المبادرة الحكومية على وقف شامل لإطلاق النار تحت رقابة إقليمية ودولية، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، إلى جانب انسحاب «قوات الدعم السريع» من جميع المناطق التي تسيطر عليها، وتجميع عناصرها في معسكرات محددة.

وفي مؤتمر صحافي عقده بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة، عقب عودته من الولايات المتحدة، شدد إدريس على أن مخاطبته لمجلس الأمن تمثل «اعترافاً دولياً كاملاً بشرعية الحكومة المدنية في السودان»، مضيفاً: «عرضنا رؤيتنا الشاملة لحل الأزمة وأكدنا للعالم أننا دعاة سلام ولسنا دعاة حرب».

نزع السلاح أولوية

وأوضح رئيس الوزراء أن أي هدنة لا تترافق مع نزع سلاح «قوات الدعم السريع» وتجميع قواتها، ستؤدي إلى تعقيد النزاع وإطالة أمد الحرب، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات يجب أن تتم بتوافق وضمن رقابة دولية متفق عليها. وفي رده على التساؤلات بشأن آليات الرقابة الدولية، أكد إدريس أن السودان «لن يقبل بأي قوات أممية مفروضة»، قائلاً: «اكتوينا بجمرة القوات الدولية، ولن نكرر تجارب سابقة ذقنا فيها الأمرّين»، مشدداً على أن أي رقابة دولية مشروطة بموافقة الحكومة السودانية.

نازحة سودانية من منطقة هجليج داخل مخيم في مدينة القضارف شرق السودان 26 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأشار إدريس إلى أن من أولويات المبادرة ضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في جميع أنحاء البلاد، لافتاً إلى أن مرجعيتها تستند إلى خريطة الطريق التي قدمتها الحكومة السودانية للأمم المتحدة، والجهود السعودية – الأميركية، وما تم التوصل إليه في إعلان مبادئ اتفاق جدة. كما كشف عن لقاءات وصفها بالإيجابية والداعمة لجهود وقف الحرب، جمعته مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن الدولي، وأعضاء المجموعة الأفريقية بالمجلس، التي تضم الجزائر وسيراليون والصومال.

وأشار رئيس الوزراء إلى رفض عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية لأي محاولة لتشكيل حكومة موازية في السودان، في إشارة إلى حكومة «تحالف تأسيس» التي تقودها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في مدينة نيالا بجنوب دارفور.

وأكد إدريس أن الحكومة تعتزم الشروع في خطوات عملية لتنفيذ المبادرة، عبر الدعوة إلى حوار سوداني – سوداني شامل لا يستثني أحدًا، تسبقه إجراءات لتهيئة المناخ العام، تتيح مشاركة السودانيين في الخارج، من خلال رفع القيود وشطب البلاغات غير المؤثرة، وصولًا إلى انتخابات حرة ونزيهة. وختم إدريس بالإشارة إلى أن الحكومة السودانية ستكثف تحركاتها الدبلوماسية مع دول الجوار لدعم مبادرة السلام، والعمل على تحسين علاقاتها مع الدول التي ما زالت تقدم دعمًا لـ«قوات الدعم السريع».

لاتفاوض ولاهدنة

من جهة ثانية، أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، أنه «لا تفاوض ولا هدنة» مع «قوات الدعم السريع»، مشددًا على أن «السلام العادل سيتحقق عبر رؤية وخريطة طريق يضعها الشعب السوداني وحكومته». وأوضح عقار أن الحرب الدائرة في البلاد تمثل صراعًا على الموارد، وتهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي في السودان.

ميدانيًا، اتهمت «قوات الدعم السريع» الجيش السوداني بشن غارة جوية باستخدام طائرة مسيّرة استهدفت احتفالًا لمواطنين بأعياد الميلاد في منطقة «بيام جلد» بجنوب كردفان، ما أسفر، بحسب قولها، عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 19 آخرين، بينهم أطفال ونساء.

وفي سياق متصل، أعلنت «القوة المشتركة» المتحالفة مع الجيش السوداني أنها تمكنت من إحباط هجمات متزامنة شنتها «قوات الدعم السريع» على عدد من المناطق في ولاية شمال دارفور، مؤكدة تكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وأضافت «القوة المشتركة» في بيان أن «قوات الدعم السريع» أقدمت على إحراق قرى بأكملها، في محاولة لتفريغ المناطق من سكانها، ووصفت ذلك بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وكانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتي أبو قمرة التابعة لمحلية كرنوي، وأمبرو، عقب معارك محدودة مع «القوة المشتركة».


مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)

تعوّل مصر على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، بما يحافظ على وحدة وسلامة أراضيه، إلى جانب تحقيق «تسوية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والتنمية».

وأكدت وزارة الخارجية المصرية «موقف القاهرة الثابت الداعم للشرعية في اليمن»، وشددت في إفادة، الجمعة، على «حرصها الكامل على وحدة اليمن، وضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، بما يمهد لاستعادة الاستقرار في اليمن والمنطقة، ويضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر».

وعاد التصعيد أخيراً للساحة اليمنية، بعد تحركات عسكرية نفذها «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في محافظتي حضرموت والمهرة، شرق اليمن.

سفينة هولندية تعرّضت لهجوم حوثي في خليج عدن أواخر سبتمبر الماضي (أ.ب)

وأعربت القاهرة، الجمعة، عن «تقديرها للجهود المبذولة للعمل على خفض التصعيد في اليمن، للحيلولة دون تفاقم الوضع الراهن».

وناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره اليمني، شائع الزنداني، «الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية والإمارات من أجل خفض التصعيد وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن»، وأكد، وفقاً لبيان «الخارجية المصرية»، الجمعة، «ترحيب بلاده بالاتفاق المتعلق بتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، باعتباره خطوة تدعم الجهود الجارية لتهيئة مناخ مُواتٍ لاستئناف مسار التسوية».

وكانت السعودية قد أشارت إلى إرسال فريق عسكري سعودي - إماراتي مشترك إلى عدن، لوضع ترتيبات تضمن عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

وأكد بيان لـ«الخارجية السعودية»، الخميس، أن «القضية الجنوبية عادلة، ولن تُحل إلا عبر الحوار، ضمن الحل السياسي الشامل، بعيداً عن فرض الأمر الواقع بالقوة».

في سياق ذلك، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إلى تجنب التصعيد وتغليب المصلحة العليا للشعب اليمني، والتمسك بوحدة البلاد، وقال في إفادة، الخميس، إن «التطورات الأخيرة، تزيد من تعقيد الأزمة اليمنية، وتضر بمبدأ وحدة التراب اليمني».

وأعاد أبو الغيط التأكيد على الموقف العربي الموحد بشأن الالتزام بوحدة اليمن وسيادته وأمنه وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، مؤكداً «دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي».

سفير مصر السابق لدى اليمن، يوسف الشرقاوي، أكد أن «تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية بهذا الشكل المتسارع يهدد الوضع الأمني في اليمن كاملاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجهود العربية والإقليمية يجب أن تركز على حماية وحدة اليمن وسلامة أراضيه، والتصدي لأي محاولات تشجع لاتجاهات انفصالية تضر بوحدة الأراضي اليمنية».

وباعتقاد الشرقاوي، فإن «الدور العربي محوري لخفض التصعيد في الأراضي اليمنية»، وقال إن «التسوية يجب أن تقوم على حوار وطني يمني داخلي، ويتم تنفيذ مخرجاته»، إلى جانب «البناء على (اتفاق مسقط) الخاص بتبادل الأسرى، بما يهيئ المناخ لتسوية سياسية للأزمة».

و«تخشى القاهرة من انعكاسات التوتر والتصعيد في اليمن على الأوضاع الإقليمية»، وفق الشرقاوي، الذي قال إن «مصر تهتم بالتهدئة في اليمن، بما ينعكس إيجابياً على الوضع الأمني في جنوب البحر الأحمر، وحركة الملاحة في باب المندب، لارتباطها المباشر بحركة الملاحة في قناة السويس».


«ضعف المشاركة» في الاقتراع يهدد إعادة الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

مصريون في طابور أمام القنصلية المصرية بالرياض قبل الإدلاء بأصواتهم الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
مصريون في طابور أمام القنصلية المصرية بالرياض قبل الإدلاء بأصواتهم الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

«ضعف المشاركة» في الاقتراع يهدد إعادة الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

مصريون في طابور أمام القنصلية المصرية بالرياض قبل الإدلاء بأصواتهم الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
مصريون في طابور أمام القنصلية المصرية بالرياض قبل الإدلاء بأصواتهم الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

تُلاحق مخاوف «ضعف المشاركة» مجدداً الانتخابات البرلمانية المصرية، مع انطلاق جولة إعادة التصويت في الدوائر الـ19 التي أُلغيت نتائجها في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، والمقرر إجراؤها يومَي السبت والأحد، وهو ما بدا واضحاً في تقديرات حقوقيين وسياسيين وإعلاميين راهناً.

وتُعد نسب المشاركة أحد أبرز التحديات التي تواجه انتخابات «النواب»، التي وُصفت بأنها «الأطول والأكثر إثارة للجدل»، بعد أن جرى التصويت خلالها عبر ثماني جولات متتالية، تخللتها إعادة الانتخابات في عشرات الدوائر التي أُلغيت نتائجها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات والمحكمة الإدارية العليا.

ورغم أن «الوطنية للانتخابات» المخولة بالإشراف على العملية الانتخابية، لا تعلن رسمياً نسب المشاركة، فإن «تراجع الإقبال بدا واضحاً»، بحسب متابعات منظمات حقوقية، من بينها المركز الإعلامي لحقوق الإنسان (إحدى الجهات المعتمدة لمراقبة الانتخابات)، وظهر ذلك جلياً في أحد مراكز الاقتراع بحي الهرم في محافظة الجيزة، ضمن الدوائر الثلاثين التي أُعيد التصويت فيها يومَي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وعلى الرغم من أن دوائر الريف عادة ما تشهد إقبالاً نسبياً أكبر، بفعل الاعتبارات العائلية والقبلية، فإن النتائج جاءت دون التوقعات خلال جولة الإعادة في المرحلة الثانية، التي أُجريت يومَي 14 و15 ديسمبر. ففي دائرة مركز ومدينة طنطا، على سبيل المثال، «لم تتجاوز نسبة المشاركة 9.3 في المائة».

مركز اقتراع بجولة الإعادة في المرحلة الثانية لانتخابات «النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب)

وعلى وقع هذه الأرقام التي تحدثت عنها نتائج الفرز، تصاعد الحديث في وسائل إعلام حكومية وشبه حكومية عن ضعف المشاركة. وخصّص الكاتب الصحافي المصري، محمود مسلم، في مقال له بصحيفة «الأهرام» شبه الرسمية، الجمعة، الضوء على ما وصفه بـ«المقارنات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي بين انتخابات مجلس النواب وانتخابات الأندية»، معتبراً أن هذه المقارنات «ليست في مصلحة العملية السياسية ولا القائمين عليها».

وفي السياق نفسه، أشار الإعلامي المصري، أسامة كمال، عبر برنامجه على قناة «دي إم سي» مساء الأربعاء الماضي، إلى أن «انتخابات مجلس النواب تكشف عن ضعف في نسب المشاركة في عدد من الدوائر»، متناولاً المسألة بإيجاز ضمن نقاش أوسع حول المشهد السياسي.

وتكرر الهيئة الوطنية للانتخابات، في مؤتمراتها الصحافية المتعاقبة خلال جولات الإعادة، دعوة المواطنين إلى «المشاركة بكثافة في الاقتراع». وكان رئيس غرفة العمليات المركزية بالهيئة، القاضي أحمد بنداري، قد دعا المواطنين، أخيراً، إلى «المشاركة والتصويت بشكل أكبر في الانتخابات».

غير أن رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، مدحت الزاهد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ضعف المشاركة لا يقتصر على المرحلة الحالية، بل يمثل امتداداً لسنوات سابقة».

ناخبون مصريون أمام أحد مراكز الاقتراع في محافظة كفر الشيخ خلال جولة إعادة المرحلة الثانية (تنسيقية شباب الأحزاب)

وعزا الزاهد ضعف المشاركة الانتخابية إلى «سياق عام يتيح لأصحاب الأموال الفوز، مروراً بتقسيم الدوائر، وصولاً إلى نظام القوائم المطلقة، الذي يحرم كثيراً من الكفاءات من التمثيل البرلماني». ويرى أن «تعزيز المشاركة السياسية وحماية حقوق المرشحين والمواطنين يمثلان خطوة أساسية لتقوية الديمقراطية وإنتاج برلمان قادر على مواجهة التحديات الوطنية».

وفي مقابل الجدل المتزايد حول ضعف الإقبال، نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية بمصر، الجمعة، استعدادات أمنية مكثفة لتأمين جولة الإعادة في الدوائر الـ19. وأفادت بأن وزير الداخلية المصري، اللواء محمود توفيق، كلف مديري الأمن والقيادات الأمنية والمستويات الإشرافية بالمحافظات المعنية، بالمرور على القوات المشاركة في خطة التأمين، للتأكد من جاهزيتها الكاملة لتنفيذ المهام الموكلة إليها بدقة وانضباط.

في حين يعتقد أستاذ علم الاجتماع، الدكتور سعيد صادق، أن ضعف الإقبال على انتخابات الإعادة في الدوائر الملغاة «ليس مفاجئاً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التراجع يعكس انخفاض حماس الناخبين مقارنة بالجولات السابقة».