القصف يتواصل على غزة... وإسرائيل و«حماس» تبحثان خطة ترمب لوقف الحرب

أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)
أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)
TT

القصف يتواصل على غزة... وإسرائيل و«حماس» تبحثان خطة ترمب لوقف الحرب

أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)
أقارب وأنصار الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة يحملون صورهم خلال احتجاج الثلاثاء يطالب بالإفراج الفوري عنهم ويدعو إلى وقف إطلاق النار (أ.ب)

قصفت دبابات وزوارق وطائرات إسرائيلية مناطق في قطاع غزة، الثلاثاء، لتستمر معاناة الفلسطينيين بلا هوادة في الذكرى السنوية الثانية للهجوم الذي شنته حركة «حماس» وأشعل فتيل الحرب؛ ما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه المحادثات بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الصراع.

وقال سكان إن إسرائيل واصلت هجومها بعد أن بدأت «حماس» وإسرائيل مفاوضات غير مباشرة، الاثنين، في منتجع شرم الشيخ بمصر بشأن نقاط صعبة مثل انسحاب إسرائيل من غزة ونزع سلاح الحركة.

وينظر إلى المحادثات التي تركز على خطة ترمب على نطاق واسع على أنها الأكثر بعثاً على التفاؤل حتى الآن لإنهاء الحرب التي تقول سلطات الصحة في غزة إنها أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين ودمرت القطاع، والتي اندلعت عقب هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص.

وفي جنوب إسرائيل، أفادت صحافية في «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّ عشرات من أقارب ضحايا مهرجان نوفا الموسيقي قرب الحدود مع قطاع غزة، شاركوا في إحياء الذكرى في الموقع الذي تحوّل منذ الهجوم نصباً تذكارياً، ووقفوا دقيقة صمت في تمام الساعة 06:29 (03:29 بتوقيت غرينتش)، لحظة بدء الهجوم قبل عامين.

أفراد عائلة أحد ضحايا هجمات 7 أكتوبر 2023 ينظّفون ويزيّنون نصبهم التذكاري بأرض مهرجان نوفا في رييم جنوب إسرائيل (أ.ف.ب)

وقتل عناصر «حماس» في موقع المهرجان أكثر من 370 شخصاً وخطفوا العشرات.

وقالت أوريت بارون (57 عاماً) التي قُتلت ابنتها يوفال في موقع المهرجان: «اليوم هو ذكرى السبت الأسود بالنسبة إلينا... أنا هنا لأكون معها؛ لأنها كانت على قيد الحياة للمرة الأخيرة هنا، مع خطيبها موشيه».

وستقام مراسم أخرى في ساحة الرهائن بتل أبيب؛ حيث تجري أسبوعياً مظاهرات تطالب بالإفراج عن بقية المحتجزين في القطاع الفلسطيني المُحاصر.

وصبيحة 7 أكتوبر 2023، في ختام عيد العرش اليهودي (سوكوت)، شنّت فصائل مسلّحة بقيادة «حماس» هجوماً مباغتاً على جنوب إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة، لتشهد بذلك الدولة العبرية اليوم الأكثر دموية على الإطلاق في تاريخها.

ويومها، اخترق المقاتلون الفلسطينيون الحدود، وهاجموا بالأسلحة النارية والقذائف والعبوات الناسفة البلدات والتجمّعات السكانية، فضلاً عن المهرجان.

وأسفر الهجوم عن مقتل 1219 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

كما خطف المهاجمون 251 شخصاً واقتادوهم إلى القطاع، حيث لا يزال 47 منهم محتجزين، من بينهم 25 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا مصرعهم.

وتحيي الدولة العبرية رسمياً ذكرى هذا الهجوم هذا العام في 16 أكتوبر، وفق التقويم اليهودي.

ومنذ هجوم «حماس»، تواصل إسرائيل حملتها العسكرية في قطاع غزة دون هوادة برّاً وجواً وبحراً؛ ما خلّف دماراً هائلاً في القطاع، فضلاً عن مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين، وأزمة إنسانية كارثية بلغت حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في بعض أنحاء القطاع.

وأسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقلّ عن 67 ألف فلسطيني في غزة، وفقاً لأحدث أرقام وزارة الصحة بالقطاع، التي تعدّها الأمم المتحدة موثوقاً بها.

أما على صعيد الخسائر المادية، فقد سوّيت بالأرض أحياء بأكملها، ودُمّرت غالبية المستشفيات ودور العبادة والمدارس والبُنى التحتية وأعداد هائلة من المنازل والمباني السكنية.

ومنذ اندلاع الحرب، يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين بلا مأوى، في مخيّمات مزدحمة وأراضٍ مفتوحة، حيث يعانون شحّاً في الطعام والمياه وانعدام إمدادات الصرف الصحّي.

وقالت حنان محمّد (49 عاماً) التي نزحت من منزلها في مخيّم جباليا: «لقد خسرنا في هذه الحرب كل شيء، بالمعنى الحرفي: بيوتنا، وأفراداً من العائلة، وأصدقاء وجيراناً. خسرنا حياتنا بروتينها وكل تفاصيلها، بل وأعصابنا أيضاً للأبد».

وأضافت: «لا أطيق الانتظار لإعلان هدنة وتوقف شلّال الدم والموت، لا يمكننا الاحتمال، لكن أعتقد أنّ حياتنا ستظلّ صعبة، فلا يوجد هنا إلا الدمار».

مهمة عسيرة

ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد مقذوف أُطلق من شمال القطاع.

وقال في بيان: «عقب صفارات الإنذار التي دوَّت قبل وقت قصير في نتيف هعسراه (في جنوب إسرائيل قرب الحدود مع القطاع)، رُصد مقذوف أُطلق من شمال قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، ويُرجّح أنه سقط في المنطقة». وأشار إلى أنه «حتى الآن، لم يُبلَّغ عن وقوع إصابات».

وعلى مدار العامين الماضيين، وسّعت إسرائيل نطاق هجماتها إلى خارج القطاع الفلسطيني، لتشمل أهدافاً في 5 عواصم إقليمية، منها طهران.

وصفَّت في عملياتها هذه مسؤولين وقياديّين، منهم معظم قادة الصفّ الأول في حركة «حماس»، وكذلك أيضاً في «حزب الله» اللبناني، لا سيّما أمينه العام السابق حسن نصر الله.

ومع دخول الحرب في غزة عامها الثالث، تواجه كلّ من إسرائيل و«حماس» ضغوطاً دولية مزدادة للتوصل إلى اتفاق.

والأسبوع الماضي، كشف ترمب عن خطة مؤلفة من 20 بنداً تنص خصوصاً على وقف إطلاق نار فوري، وإطلاق «حماس» جميع الرهائن ونزع سلاح الحركة وانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجياً من غزة.

وعشية الذكرى الثانية، بدأت في مدينة شرم الشيخ المصرية، الاثنين، مفاوضات غير مباشرة بين وفدي «حماس» وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة ترمب.

وقال مصدران مطلعان على سير المفاوضات إن المباحثات «إيجابية». وأوضح أحد المصدرين أن «المباحثات كانت إيجابية الليلة الماضية، واستمرت أول جولة لأربع ساعات»، مشيراً إلى أنها «ستستأنف ظهر الثلاثاء في شرم الشيخ».

وقالت قناة «القاهرة الإخبارية» إنّ النقاشات تركّز على «تهيئة الظروف الميدانية» لتبادل الرهائن والمعتقلين، وفق خطة الرئيس الأميركي.

من جهتها، قالت مصادر في حركة «حماس» إن الجلسة الأولى التي عُقدت بمشاركة وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا، أسفرت عن «وضع خريطة طريق لجولة المفاوضات الحالية وتحديد آلياتها الزمنية».

وأبلغ وفد «حماس» الوسطاء بأن استمرار القصف الإسرائيلي في قطاع غزة يشكل «تحدياً حقيقياً أمام الإفراج عن الأسرى»، مؤكداً ضرورة وقف العمليات الميدانية لتهيئة الأجواء.

وضم وفد «حماس»، حسب المصادر، كلاً من خليل الحية وزاهر جبارين، وهما من بين أعضاء الوفد الذي نجا من محاولة اغتيال في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن النقاشات ركزت على ترتيبات وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وتبادل الأسرى والمحتجزين إلى جانب قضايا إنسانية وإغاثية عاجلة.

وأشارت إلى أن الوسطاء يحاولون وضع إطار زمني واضح لعملية التبادل وتثبيت الهدنة على الأرض، متوقعة أن تستمر المفاوضات أياماً عدة بسبب تباين مواقف الجانبين.

وذكرت الإذاعة العبرية أن المحادثات لا تقتصر على القضايا الأمنية؛ بل تمتد إلى بحث مستقبل إدارة القطاع بعد وقف إطلاق النار، وسط حديث عن تشكيل قوة دولية مؤقتة لتثبيت الاستقرار والإشراف على إعادة الإعمار.

وقالت «القناة 13» العبرية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبلغ الوفد المفاوض بأنه «لن يبدي أي مرونة في بنود خطة ترمب بهذه المرحلة»، مشيرة إلى أن التقديرات الإسرائيلية ترجح أن تكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار التفاوض.

في المقابل، تتمسك حركة «حماس» وفق مصادر فلسطينية بضرورة وجود ضمانات ورقابة فعالة تضمن التزام إسرائيل ببنود أي اتفاق محتمل، خصوصاً ما يتعلق بوقف العمليات العسكرية وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

وقال مراقبون فلسطينيون إن الوساطة المصرية تسعى إلى تحقيق توازن بين متطلبات الأمن الإسرائيلي واحتياجات السكان الفلسطينيين الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية، فضلاً عن حرص القاهرة على ضمان التزام جميع الأطراف بالاتفاق في حال التوصل إليه؛ خشية انهياره كما حدث في جولات سابقة.

ومن المتوقع أن يكون التوصل إلى اتفاق حول تفاصيل المقترح، مهمة شائكة وعسيرة.

وردّاً على سؤال عن سير المفاوضات في مصر، لا سيّما عمّا إذا كانت لديه شروط مسبقة تشمل موافقة «حماس» على نزع سلاحها، قال ترمب لصحافيين في البيت الأبيض، الاثنين: «لديّ خطوط حمراء: إذا لم تتحقّق أمور معيّنة فلن نمضي في الأمر»، مضيفاً: «لكنّني أعتقد أنّ الأمور تسير على ما يرام، وأعتقد أنّ (حماس) وافقت على أمور مهمّة للغاية».

وتابع: «أعتقد أنّنا سنتوصّل إلى اتّفاق. من الصعب عليّ قول ذلك في حين أنهم منذ سنوات وسنوات يحاولون التوصّل إلى اتفاق»، مؤكداً في الوقت نفسه: «سنتوصّل إلى اتفاق في غزة، أنا شبه متأكّد من ذلك، نعم».

وشهدت الحرب سابقاً هُدنتَيْن مكّنتا من الإفراج عن عشرات الرهائن مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين.

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، حذّر من أنه إن فشلت المفاوضات فإنّ الجيش «سيعود للقتال» في غزة.


مقالات ذات صلة

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

المشرق العربي جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الناشطة السويدية غريتا تونبرغ بعد خروجها من مركز للشرطة في لندن (رويترز)

الشرطة تفرج عن غريتا تونبرغ بعد توقيفها في مظاهرة داعمة للفلسطينيين بلندن

أفادت شرطة مدينة لندن بأنها أطلقت سراح ​الناشطة السويدية غريتا تونبرغ بعد القبض عليها اليوم الثلاثاء خلال مظاهرة داعمة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

شنّ الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على المناطق الشرقية من خان يونس، أي تلك الواقعة شرق الخط الأصفر، حيث يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في خيام أو منازل تضررت.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خاص ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)

أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا اعتماد نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، التي شملت 9 بلديات، كما ألغت نتائج بعضها بعد ثبوت «خروقات ومخالفات».

وقالت المفوضية في بيانين منفصلين، الثلاثاء، إنها اعتمدت نتائج 9 بلديات يقع معظمها في شرق البلاد (طبرق، وقصر الجدي، وبنغازي، وتوكرة، وقمينس، وسلوق، والأبيار)، بينما تقع «سرت» في الوسط، و«سبها» في الجنوب الغربي، وهي مناطق تخضع فعلياً لسيطرة «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة أسامة حماد.

وأوضحت المفوضية أن هذا القرار جاء بعد استكمال مركز العد والإحصاء إدخال استمارات النتائج كافة، الواردة من مكاتب الإدارة الانتخابية، وفق أعلى معايير الشفافية والدقة، وبعد فصل المحاكم الجزئية في الأحكام المتعلقة بالطعون الانتخابية.

كما قررت المفوضية إلغاء النتائج في 4 مراكز اقتراع ببلدية سرت، ومركز اقتراع واحد ببلدية الأبيار، استناداً إلى المادة (34) من اللائحة التنفيذية، بعد ثبوت خروقات ومخالفات في تلك المحطات؛ مؤكدة أن هذا الإجراء يستهدف حماية إرادة الناخبين، وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص، مع بقاء نتائج المحطات الأخرى سارية.

في شأن مختلف، أعلنت وزارة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة أنها بصدد دراسة إغلاق ودمج بعض السجون، في إطار حرصها على متابعة ملف حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ سيادة القانون، ووفقاً لما نصَّ عليه القانون الخاص بمؤسسات الإصلاح والتأهيل.

وأكدت الوزارة في بيان مقتضب، مساء الاثنين، أن هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة أوضاع السجون، وتحسين آليات العمل، بها بما ينسجم مع التشريعات النافذة.

من حملة الانتخابات البلدية (المفوضية)

وعدَّت «المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان»، في بيان الثلاثاء، أن هذا البيان «لا يعدو كونه شكلياً». وقالت: «إن المؤسسات الحقوقية تُمنع من إجراء زيارات دورية تفقدية إلى السجون».

وتواجه أوضاع السجون في ليبيا تحديات كبيرة، مثل الاكتظاظ، والانتهاكات الموثقة دولياً، مع سيطرة لوزارة العدل على مرافق عدة تتجاوز 20 سجناً رسمياً وشبه رسمي، إضافة إلى مراكز احتجاز غير رسمية. وتعكس هذه الخطوة استجابة حكومة «الوحدة» للضغوط الدولية، وتتقاطع مع ما ورد في إحاطة المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي مؤخراً، التي شدَّدت فيها على أن إصلاح قطاع العدالة ومعالجة الاحتجاز التعسفي يمثلان ركيزتين أساسيَّتين لبناء الثقة والاستقرار.

في غضون ذلك، أعلنت «قوة حماية طرابلس»، أحد التشكيلات المسلحة البارزة في العاصمة، دعمها الكامل لـ«الحراك الشعبي»، الذي انطلق من مدينة مصراتة، ووصفته بـ«الانتفاضة ضد السنين العجاف من الفساد المستشري والمحسوبية والظلم». وحذَّرت «القوة» من أي محاولات لقمع الانتفاضة، مؤكدة أنها ستكون «السد المنيع» لحماية إرادة الشعب.

وتعدّ «قوة حماية طرابلس» تحالفاً مسلحاً تَشكَّل نهاية عام 2018، ورغم غيابها النسبي عن المشهد مؤخراً، فإنها تسعى عبر هذا البيان لإعادة التموضع، وتنشيط دورها في التوازنات الأمنية بالعاصمة.

صورة وزَّعها مجلس النواب لاجتماع لجنته التشريعية لبحث زيادة رواتب «الجيش الوطني» بشرق ليبيا

وفي شأن يتعلق بالمؤسسة العسكرية، ناقشت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، في اجتماع بمدينة بنغازي، مشروع قانون زيادة رواتب منتسبي «الجيش الوطني» لدعم المؤسسة العسكرية وتحسين أوضاع أفرادها.

وطبقاً لوسائل إعلام محلية، أحال رئيس المجلس، عقيلة صالح، مشروع قانون تعديل مرتبات وعلاوات منتسبي الجيش إلى اللجان المالية والتشريعية والتخطيط؛ لإدراجه بجدول الأعمال في أقرب جلسة نظراً لأهميته.


استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
TT

استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)

قالت مصادر نقابية تونسية إن نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ​الذي يحظى بنفوذ كبير في البلاد، قدَّم استقالته، اليوم (الثلاثاء)، وذلك قبل شهر من الإضراب المرتقب على مستوى البلاد؛ بسبب حملة الرئيس قيس سعيد المتصاعدة ضد المعارضة، بحسب ما أورده تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وقال الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري، في تصريح صحافي، إنّ الطبوبي أودع صباح اليوم (الثلاثاء) استقالته بمكتب الضبط، وقد تسلّمها الأمين العام المساعد المكلّف النظام الداخلي، دون أن يقدِّم تفاصيل بشأن دوافع هذه الخطوة.

وبيَّن الطاهري أنّ الاستقالة لا تُفعَّل بشكل فوري، لأن القانون الداخلي للاتحاد ينصُّ على دعوة المعني بالأمر خلال 15 يوماً للاستفسار عن أسباب استقالته، ومحاولة ثنيه عنها، ثم تصبح نافذةً في حال تمسّكه بها.

وأشار إلى أنّ لقاءات عدة ستعقد خلال الأيام القليلة المقبلة داخل الهياكل النقابية لتدارس الخطوات، التي سيتم اتخاذها تباعاً، في ظلّ التطورات الأخيرة.

وكان الصحافي المختص في الشؤون النقابية، سفيان الأسود، قد أكّد أنّ «استقالة الطبوبي أصبحت رسمية باعتبار أنّه قدّمها لمكتب الضبط المركزي، وهي في انتظار أن تأخذ المجرى القانوني، وتفعيلها بالقبول أو بالرفض»، وفق تعبيره.

وأوضح الأسود، في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، أن استقالة الطبوبي تطور لافت في مسار الأزمة التي يعيشها الاتحاد منذ انعقاد المجلس الوطني الأخير بالمنستير. وختم الأسود تدوينته بالتنبيه إلى أن هذه الخطوة مرشحة لتعقيد الوضع أكثر داخل المنظمة، وقد تسهم في تعميق الخلافات والانقسامات داخل هياكلها القيادية.

يشار إلى أنّ الطبوبي كان قد هدَّد بتقديم استقالته منذ مدّة، وأيضاً بعد الاجتماع الأخير للهيئة الإدارية الوطنية. وقد يؤدي رحيل الطبوبي إلى إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي ‌يُنظر إليه ‌على نطاق واسع ‌على ⁠أنه ​آخر معقل ‌قوي للمجتمع المدني الديمقراطي في تونس. ولم يصدر «الاتحاد» أي تعليق فوري بعد على ما تردد عن رحيل الطبوبي.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يضم مليون عضو ولعب دوراً رئيسياً ⁠في الانتقال الديمقراطي في تونس بعد عام ‌2011، ينتقد ما يعدّه تحولاً متسارعاً للرئيس قيس سعيد نحو الحكم المتفرد. وقد دعا قبل أيام إلى إضراب في أنحاء البلاد في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على حملة الرئيس المتصاعدة ضد منتقديه، والمطالبة بالتفاوض على الأجور. ويقول منتقدو ⁠الرئيس سعيد إن الاعتقالات، التي طالت قادة المعارضة وجماعات المجتمع المدني والصحافيين تؤكد التحول الذي اتخذه الرئيس منذ توليه سلطات استثنائية في 2021 ليحكم بمرسوم. في حين يقول الرئيس سعيد إنه تولى صلاحيات أوسع للقضاء على الفساد المستشري وسوء الإدارة. لكن المعارضة تصف قراراته بأنها «انقلاب». وأدى التضخم المرتفع، ونقص بعض السلع الأساسية، وسوء الخدمات العامة إلى تأجيج الاستياء، ‌واندلاع موجة من الاحتجاجات في الشوارع.


الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
TT

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

تزامناً مع إعلان البرلمان الجزائري تنظيم جلسة تصويت، الأربعاء، على نصّين يثيران جدلاً واسعاً، يتعلقان بـ«تجريم الاستعمار» و«سحب الجنسية من المعارضين»، هوَّن مسؤول حكومي رفيع من المخاوف المرتبطة بالنص الثاني، مؤكداً أنه «لا يستهدف أصحاب الرأي المخالف»، بل أولئك الذين «تثبت بحقهم تهمة الخيانة العظمى».

وإذا كان الجدل الدائر بشأن مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 - 1962) يثير حفيظة قطاع من الطيف السياسي الفرنسي، لا سيما اليمين التقليدي، فإن هناك إجماعاً واسعاً في الجزائر على تسريع وتيرة إصداره، ونشره في الجريدة الرسمية، في خطوة مرتبطة بالتوترات القائمة مع باريس، التي كانت اندلعت صيف عام 2024 على خلفية اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. وقد شهدت هذه التوترات مع مرور الوقت تصعيداً خطيراً، ظل ملف الاستعمار وما تُعرف بـ«آلام الذاكرة» في صلبه.

البرلمان الجزائري (البرلمان)

وعشية اجتماع مكتب «المجلس الشعبي الوطني» لضبط أجندة التصويت على المقترحَين، سعى وزير العدل، لطفي بوجمعة، في تصريحات أمام النواب، إلى التخفيف من المخاوف المرتبطة بنص تعديل قانون الجنسية الذي تقدم به هشام صيفر، النائب عن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» المؤيد لسياسات السلطة التنفيذية، حيث شدد على أن «المعارضين أصحاب الرأي المخالف للحكومة الذين يوجدون في الخارج، غير معنيين بإجراءات التجريد من الجنسية» المتضمنة في النص الذي يحظى بتأييد غالبية الكتل البرلمانية.

وقال الوزير إن النص، الذي أثار كثيراً من الانتقادات، «يتضمن ضمانات صارمة تهدف إلى تأطير إجراءات إسقاط الجنسية، من خلال تحديد الحالات التي يمكن فيها تطبيق هذا الإجراء بشكل واضح ودقيق». مؤكداً أن التعديلات المقترحة «تنص على تعزيز الإطار القانوني، إذ تشترط توفر أدلة ملموسة ومعطيات ثابتة تثبت ارتكاب أفعال خطيرة».

كما تتناول، وفق قوله، استحداث «لجنة مختصة»، تتولى دراسة ملفات سحب الجنسية «بطريقة موضوعية ومحايدة»، من دون أن يذكر هوية الأشخاص الذين ستُسند إليهم عضوية هذه «اللجنة». وأوضح الوزير أيضاً أن مقترح تعديل القانون يتضمن تدابير «تتيح للشخص الذي أُسقطت عنه جنسيته إمكانية استرجاعها في ظل شروط معينة، بما يمنحه فرصة ثانية قبل أن يصبح القرار نهائياً».

«نظام إنذار» يسبق إسقاط الجنسية

من جانبه، صرَح النائب هشام صيفر بأن المقترح الذي تقدم به «يحترم بدقة (المادة 36) من الدستور، ولا يتعارض مع القانون الدولي». وتفيد المادة الدستورية بأن «شروط اكتساب الجنسية الجزائرية، والاحتفاظ بها، وفقدانها أو سحبها، تُحدَّد بمقتضى القانون».

ووفق صيفر فإنه لا تطبق إجراءات التجريد من الجنسية «إلا على المواطنين الجزائريين الذين تتوفر بحقهم أدلة قوية ومتماسكة تثبت ارتكابهم خارج التراب الوطني أفعالاً خطيرة محددة قانوناً، واستمرارهم في ارتكابها رغم توجيه إنذار رسمي من قبل الحكومة». وأشار إلى أن النص يشمل «نظام إنذار، وهو آلية تتيح للشخص المعني التراجع عن أفعاله، قبل اتخاذ قرار إسقاط الجنسية؛ مما يشكل ضمانة إضافية لتحقيق العدالة»، وفق تصريحات البرلماني، الذي لفت إلى إدراج شرط في النص يقضي بعدم جواز إسقاط الجنسية الأصلية عن أي شخص لا يحمل جنسية أخرى؛ تفادياً لحالات انعدام الجنسية، مع استثناءات محددة تتعلق بالجرائم الخطيرة، مثل الخيانة والتجسس لمصلحة دولة أجنبية، أو حمل السلاح ضد الجزائر.

رئيس «ماك» فرحات مهني مستهدَف بخطوة سحب الجنسية الجزائرية (ناشطون)

ويتضمن المقترح كذلك إنشاء لجنة خاصة تتكفل الدراسة والبت في ملفات إسقاط الجنسية، على أن يحدَّد تنظيمها، وتشكيلها، وكيفيات عملها، بموجب نص تنظيمي.

وبشأن الآثار المترتبة على الأقارب، فإن إجراء إسقاط الجنسية لا يشمل الزوج ولا الزوجة ولا الأطفال القُصّر. كما يمكن للأطفال المولودين بعد صدور قرار إسقاط الجنسية اكتساب الجنسية الجزائرية تلقائياً عن طريق الأم.

وطُرحت فكرة إسقاط الجنسية أول مرة في مارس (آذار) 2025، بمناسبة هجوم حاد من الرئيس عبد المجيد تبون ضد الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال، بسبب تصريحات صحافية، زعم فيها أن «أجزاء واسعة من الغرب الجزائري اجتزأها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجره هذا الكلام إلى المتابعة القضائية، حيث أدانه القضاء بالسجن 7 سنوات مع التنفيذ، لكن أُفرج عنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بموجب إجراءات عفو رئاسي بناء على التماس من الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير.

الكاتب بوعلام صنصال (حسابات ناشطين متعاطفين معه)

وظلت الفكرة مجرّد اقتراح ذي طابع سياسي تقدّم به النائب صيفر، لكنها عادت بقوة خلال الأيام الأخيرة على خلفية إعلان انفصاليي القبائل الجزائرية من باريس قيام «دولة مستقلة». ويُعتقد أن النص الجديد قد يُطبق ضد عدد كبير منهم، على رأسهم زعيم «حركة تقرير مصير القبائل (ماك)» فرحات مهني.

«أداة للتكميم»

أكدت منظمة «شعاع لحقوق الإنسان»، المهتمة بالأوضاع الحقوقية في الجزائر التي يوجد مقرها في لندن، في بيان، أن التعديل المقترح لقانون الجنسية، «يفتح الباب أمام المساس بحق الجزائريين في جنسيتهم الأصلية، استناداً إلى مفاهيم فضفاضة، من قبيل المسّ بمصالح الدولة أو بالوحدة الوطنية؛ مما يشكل تهديداً مباشراً لحقوق المواطنة، ويكرّس في الوقت ذاته مساراً تشريعياً خطيراً، من شأنه تحويل التجريد من الجنسية إلى أداة لتكميم الأفواه ومعاقبة الرأي المخالف، بدل أن يظل إجراء استثنائياً محكوماً بضوابط صارمة تحمي الحقوق والحريات».

ووفق البيان، «يحوّل المسعى الجنسية من حق أصيل وملازم للشخص، إلى وسيلة ضغط وابتزاز سياسي مشروطة بالولاء للسلطة لا بالانتماء للوطن»، لافتاً إلى أن «تركيز النص على الأفعال المرتكبة خارج التراب الوطني يكشف عن استهداف خاص للجزائريين المقيمين في الخارج، الذين يشكّلون اليوم الفئة الأكثر ممارسة لحقها في انتقاد السلطة، بحكم وجودهم خارج سطوة الاعتقال والسجن، رغم ما يواجهه العديد منهم من متابعات قضائية، وأحكام غيابية قاسية».