يتجه مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) لإعادة التصويت على التعديلات المقترحة بمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» بعدما أنهت «اللجنة الخاصة» التي شكلها المجلس كافة التعديلات على صياغات الـ8 مواد التي اعترض عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كتابٍ لـ«النواب»، رافضاً اعتماد القانون بصيغته التي أُقر بها في أبريل (نيسان) الماضي.
ومع بداية دور الانعقاد في الفصل التشريعي السادس، نهاية الأسبوع الماضي، قرر «النواب» تشكيل لجنة خاصة برئاسة وكيل أول المجلس لمناقشة التعديلات المقترحة على النصوص القانونية التي أبدى السيسي اعتراضاً عليها، من أجل إعادة صياغتها مرة أخرى قبل طرحها للتصويت، في وقت رفض فيه «المجلس» دعوات البعض بإعادة النظر في عدد أكبر من المواد.
وشهد اجتماع «اللجنة الخاصة» الذي استمر 7 ساعات انسحاب 3 نواب من أصل 13 هم أعضاء اللجنة، بالإضافة إلى نقيب المحامين، على «خلفية التعديلات التي قدمتها الحكومة بشأن المادة 105 من مشروع القانون»، التي وضعت فيها الحكومة نصاً «يسمح للنيابة العامة في الحالات الاستثنائية ببدء التحقيق مع المتهم من دون وجود محام»، وهو ما عدّه الأعضاء المنسحبون «مخالفاً للنصوص الدستورية».
وأوصت «اللجنة»، حسب إفادة، مساء السبت، بأن تكون المبادئ والمحددات التي يلتزم بها المجلس في مناقشة اعتراض الرئيس على مشروع القانون متضمنة «الموافقة على اعتراض الرئيس على المواد التي أرسلها واقتصار المناقشات في الجلسة العامة واللجنة الخاصة على المواد محل الاعتراض فقط دون التطرق لغيرها، مع دراسة الأسباب والمبررات المحددة في كل مادة من المواد محل الاعتراض».

عضو مجلس النواب، الإعلامي مصطفى بكري، اعتبر في تدوينة على «إكس» أن وزيري العدل والشؤون النيابية قدما من الحجج التي حققت الهدف المراد من التعديل، مشيراً إلى أن موافقة اللجنة على التعديلات المقدمة من الحكومة استجابة لتوجيهات الرئيس بمثابة «انتصار للعدالة والحريات».
وأكد أن كافة الاعتراضات التي أبداها الرئيس على القانون جاءت بهدف «دعم الحريات ووضع المزيد من الضمانات للمتهم في ضوء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ولا تعني انتقاصاً من دور مجلس النواب؛ لكنها انحصرت في 8 مواد من 552 مادة يتضمنها القانون».
وافقت اللجنة الخاصه التي شكلها مجلس النواب علي كافة التعديلات الخاصه علي مواد قانون الإجراءات الجنائيه والتي كانت محل اعتراض رئيس الجمهوريه، وأقرت اللجنه الصياغات المقدمه من وزيري العدل والشؤون النيابيه، والتي تحقق التوازن بين ضمانات المحاكمة العادله ومتطلبات العداله الناجزه،...
— مصطفى بكري (@BakryMP) October 5, 2025
وتركّزت اعتراضات السيسي على بعض القضايا المرتبطة بضمانات «حرمة المسكن، وتنظيم الحبس الاحتياطي، والإعلانات القضائية»، إلى جانب اقتراح بأن يكون سريان القانون مع بداية العام القضائي الجديد، وليس بمجرد نشره، نظراً لما يستلزمه من إنشاء مراكز إعلانات هاتفية تتبع وزارة العدل، وتجهيزها على مستوى المحاكم الجزئية.
عضوة مجلس النواب أميرة أبو شقة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «صياغة المادة 105 التي شكلت محل سجال بالمناقشات في اللجنة العامة ستكون ضمن باقي الصياغات التي ستطرح على الجلسة العامة من أجل مناقشتها»، مشيرة إلى أن «جميع الصياغات التي جرى تعديلها بالقانون استجابة لكتاب الرئيس للمجلس، تمت بالتوافق بين الأعضاء».
وأضافت أن «نقطة الالتزام بوجود محامٍ برفقة المتهم عند بداية التحقيق معه جرى مناقشة أكثر من تصور بشأنها، منها النص على آلية ملزمة بين النيابة العامة ونقابة المحامين لعدم تعطيل العدالة الناجزة، لأن عدم بدء النيابة التحقيق مع المتهم يجعلها مضطرة لإخلاء سبيله، وفي حال عدم وجود محام برفقة المتهم سيتم ندب محام ليكون حاضراً للتحقيق مع المتهم».
عضو «اللجنة الخاصة بالتعديلات»، أيمن أبو العلا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الصيغة التوافقية التي جرى التوصل إليها في ختام مناقشات (اللجنة) تلبي كافة الضمانات التي تحقق للمتهم ضمانات العدالة وتلتزم بالنصوص الدستورية»، متوقعاً أن «يوافق مجلس النواب على الصياغات المعدلة التي تتسق مع ما جرى تكليفهم به».

لكن العضو المنسحب من «اللجنة»، ضياء الدين داود، الذي كان مؤيداً ومدافعاً عن القانون في السابق، اعتبر أن «النص بوجود استثناء في بدء تحقيق من دون محام يعد انتهاكاً واضحاً للدستور لا يمكن أن يشارك فيه»، مشيراً إلى أن «الرئيس عندما أعاد القانون للمجلس، كان بهدف زيادة الضمانات بشأن توفير المحاكمة العادلة، وليس الانتقاص منها كما جاء في النص المقترح بعد تعديله».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه وفقاً للإجراءات المتبعة سوف ترسل «اللجنة» التعديلات التي أقرتها في اجتماع السبت لهيئة المكتب، من أجل تحديد موعد الجلسة العامة التي سيتم فيها النظر بالتعديلات، مؤكداً أنه «سيرفض التعديلات التي جرت عند التصويت عليها بصياغتها الحالية».
فيما أكدت أميرة أبو شقة أن صياغة اللجنة للتعديلات «لا تعد نهائيةً»، لأن مجلس النواب يحق له في الجلسة العامة وبعد الاستماع إلى تعليقات النواب والكتل البرلمانية «إجراء تعديلات أخرى على النصوص الموجودة»، مشيرة إلى أن «القانون يكتسب أهمية كبيرة من كونه بمثابة الدستور الإجرائي للبلاد».
ووفق إفادة لوزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، السبت، فإن رئيس «اللجنة الخاصة بالتعديلات» سيقدم التقرير إلى رئيس مجلس النواب للنظر في إدراجه بجدول الأعمال، متوقعاً أن «يحدد جلسة ويخطر به النواب وفق اللائحة الداخلية حتى يتسنى للمجلس نظر تقرير اللجنة الخاصة والفصل في نصوص مواد الاعتراض بصفة نهائية، وبعد انتهاء مجلس النواب من نظر الاعتراض، يخطر رئيس المجلس، رئيس الجمهورية، بتقرير عما اتخذه المجلس من قرارات وما اتبع من إجراءات في شأن الاعتراض، وذلك وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 178 من اللائحة الداخلية».







