«النواب المصري» لإعادة التصويت على قانون «الإجراءات الجنائية» بعد تعديله

«اللجنة الخاصة» أقرّت صياغات جديدة لمواد اعترض عليها السيسي

«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)
«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)
TT

«النواب المصري» لإعادة التصويت على قانون «الإجراءات الجنائية» بعد تعديله

«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)
«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)

يتجه مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) لإعادة التصويت على التعديلات المقترحة بمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» بعدما أنهت «اللجنة الخاصة» التي شكلها المجلس كافة التعديلات على صياغات الـ8 مواد التي اعترض عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كتابٍ لـ«النواب»، رافضاً اعتماد القانون بصيغته التي أُقر بها في أبريل (نيسان) الماضي.

ومع بداية دور الانعقاد في الفصل التشريعي السادس، نهاية الأسبوع الماضي، قرر «النواب» تشكيل لجنة خاصة برئاسة وكيل أول المجلس لمناقشة التعديلات المقترحة على النصوص القانونية التي أبدى السيسي اعتراضاً عليها، من أجل إعادة صياغتها مرة أخرى قبل طرحها للتصويت، في وقت رفض فيه «المجلس» دعوات البعض بإعادة النظر في عدد أكبر من المواد.

وشهد اجتماع «اللجنة الخاصة» الذي استمر 7 ساعات انسحاب 3 نواب من أصل 13 هم أعضاء اللجنة، بالإضافة إلى نقيب المحامين، على «خلفية التعديلات التي قدمتها الحكومة بشأن المادة 105 من مشروع القانون»، التي وضعت فيها الحكومة نصاً «يسمح للنيابة العامة في الحالات الاستثنائية ببدء التحقيق مع المتهم من دون وجود محام»، وهو ما عدّه الأعضاء المنسحبون «مخالفاً للنصوص الدستورية».

وأوصت «اللجنة»، حسب إفادة، مساء السبت، بأن تكون المبادئ والمحددات التي يلتزم بها المجلس في مناقشة اعتراض الرئيس على مشروع القانون متضمنة «الموافقة على اعتراض الرئيس على المواد التي أرسلها واقتصار المناقشات في الجلسة العامة واللجنة الخاصة على المواد محل الاعتراض فقط دون التطرق لغيرها، مع دراسة الأسباب والمبررات المحددة في كل مادة من المواد محل الاعتراض».

مجلس النواب سيقوم بالتصويت على التعديلات المقترحة للمواد التي اعترض عليها الرئيس (المجلس)

عضو مجلس النواب، الإعلامي مصطفى بكري، اعتبر في تدوينة على «إكس» أن وزيري العدل والشؤون النيابية قدما من الحجج التي حققت الهدف المراد من التعديل، مشيراً إلى أن موافقة اللجنة على التعديلات المقدمة من الحكومة استجابة لتوجيهات الرئيس بمثابة «انتصار للعدالة والحريات».

وأكد أن كافة الاعتراضات التي أبداها الرئيس على القانون جاءت بهدف «دعم الحريات ووضع المزيد من الضمانات للمتهم في ضوء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ولا تعني انتقاصاً من دور مجلس النواب؛ لكنها انحصرت في 8 مواد من 552 مادة يتضمنها القانون».

وتركّزت اعتراضات السيسي على بعض القضايا المرتبطة بضمانات «حرمة المسكن، وتنظيم الحبس الاحتياطي، والإعلانات القضائية»، إلى جانب اقتراح بأن يكون سريان القانون مع بداية العام القضائي الجديد، وليس بمجرد نشره، نظراً لما يستلزمه من إنشاء مراكز إعلانات هاتفية تتبع وزارة العدل، وتجهيزها على مستوى المحاكم الجزئية.

عضوة مجلس النواب أميرة أبو شقة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «صياغة المادة 105 التي شكلت محل سجال بالمناقشات في اللجنة العامة ستكون ضمن باقي الصياغات التي ستطرح على الجلسة العامة من أجل مناقشتها»، مشيرة إلى أن «جميع الصياغات التي جرى تعديلها بالقانون استجابة لكتاب الرئيس للمجلس، تمت بالتوافق بين الأعضاء».

وأضافت أن «نقطة الالتزام بوجود محامٍ برفقة المتهم عند بداية التحقيق معه جرى مناقشة أكثر من تصور بشأنها، منها النص على آلية ملزمة بين النيابة العامة ونقابة المحامين لعدم تعطيل العدالة الناجزة، لأن عدم بدء النيابة التحقيق مع المتهم يجعلها مضطرة لإخلاء سبيله، وفي حال عدم وجود محام برفقة المتهم سيتم ندب محام ليكون حاضراً للتحقيق مع المتهم».

عضو «اللجنة الخاصة بالتعديلات»، أيمن أبو العلا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الصيغة التوافقية التي جرى التوصل إليها في ختام مناقشات (اللجنة) تلبي كافة الضمانات التي تحقق للمتهم ضمانات العدالة وتلتزم بالنصوص الدستورية»، متوقعاً أن «يوافق مجلس النواب على الصياغات المعدلة التي تتسق مع ما جرى تكليفهم به».

استمرت اجتماعات «اللجنة الخاصة بتعديلات قانون الإجراءات الجنائية» لنحو 7 ساعات (وزارة الشؤون القانونية)

لكن العضو المنسحب من «اللجنة»، ضياء الدين داود، الذي كان مؤيداً ومدافعاً عن القانون في السابق، اعتبر أن «النص بوجود استثناء في بدء تحقيق من دون محام يعد انتهاكاً واضحاً للدستور لا يمكن أن يشارك فيه»، مشيراً إلى أن «الرئيس عندما أعاد القانون للمجلس، كان بهدف زيادة الضمانات بشأن توفير المحاكمة العادلة، وليس الانتقاص منها كما جاء في النص المقترح بعد تعديله».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه وفقاً للإجراءات المتبعة سوف ترسل «اللجنة» التعديلات التي أقرتها في اجتماع السبت لهيئة المكتب، من أجل تحديد موعد الجلسة العامة التي سيتم فيها النظر بالتعديلات، مؤكداً أنه «سيرفض التعديلات التي جرت عند التصويت عليها بصياغتها الحالية».

فيما أكدت أميرة أبو شقة أن صياغة اللجنة للتعديلات «لا تعد نهائيةً»، لأن مجلس النواب يحق له في الجلسة العامة وبعد الاستماع إلى تعليقات النواب والكتل البرلمانية «إجراء تعديلات أخرى على النصوص الموجودة»، مشيرة إلى أن «القانون يكتسب أهمية كبيرة من كونه بمثابة الدستور الإجرائي للبلاد».

ووفق إفادة لوزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، السبت، فإن رئيس «اللجنة الخاصة بالتعديلات» سيقدم التقرير إلى رئيس مجلس النواب للنظر في إدراجه بجدول الأعمال، متوقعاً أن «يحدد جلسة ويخطر به النواب وفق اللائحة الداخلية حتى يتسنى للمجلس نظر تقرير اللجنة الخاصة والفصل في نصوص مواد الاعتراض بصفة نهائية، وبعد انتهاء مجلس النواب من نظر الاعتراض، يخطر رئيس المجلس، رئيس الجمهورية، بتقرير عما اتخذه المجلس من قرارات وما اتبع من إجراءات في شأن الاعتراض، وذلك وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 178 من اللائحة الداخلية».


مقالات ذات صلة

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

شمال افريقيا أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري الأربعاء ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها 

أحمد جمال (القاهرة )
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا نهر النيل عند قناطر إسنا جنوب مصر (الشرق الأوسط)

«سد النهضة»: مصر تجدد رفضها التفريط في «أي قطرة» من مياه النيل

جددت مصر رفضها «التفريط في (أي قطرة) من مياه نهر النيل». وأكدت أنها «لن تتهاون في صون حقوقها المائية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تنسق مع اليونان لاستعادة جثامين ضحايا «مركب كريت»

أكدت مصر تطلعها لمواصلة تقديم الدعم اللازم من جانب السلطات اليونانية لعودة جثامين ضحايا «مركب كريت» الذي تعرض للغرق أمام سواحل اليونان الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية (شركة العاصمة الإدارية)

مصر تُشجع السفارات الأجنبية على الانتقال إلى العاصمة الجديدة

تشجع الحكومة المصرية السفارات والبعثات الدبلوماسية للانتقال من مقراتها في القاهرة إلى «الحي الدبلوماسي» بالعاصمة الجديدة (شرق القاهرة).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)

يشهد الصومال حالة من الزخم والترتيبات الواسعة استعداداً لأول انتخابات مباشرة منذ نحو ستة عقود، مع الاقتراع على أعضاء المجالس المحلية لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، الخميس.

تلك الترتيبات والمساعي المكثفة حكومياً يُنظر لها، بحسب خبير في الشؤون الصومالية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على أنها توجُّه من الحكومة لدعم أكبر مشاركة تُحقق صحة موقفها من الانتخابات المباشرة، خاصة أن الاقتراع يُعد اختباراً جديداً لإمكانية عقد الانتخابات الرئاسية الصومالية عام 2026، في ظل تحفظات المعارضة.

وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

وقد تأجلت الانتخابات التي ستُجرى، الخميس، بنظام «شخص واحد صوت واحد» ثلاث مرات هذا العام. ومن المتوقع تنظيم انتخابات رئاسية العام المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ولفتت وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، الأربعاء، إلى أن انتخابات الخميس ستُجرى في المديريات الست عشرة بمحافظة بنادر، حيث يتوجه المواطنون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية لأول مرة منذ 1969.

«محطة مفصلية»

وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل مليون ناخب و20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

وأوضح متحدث اللجنة عبد الفتاح فيصل حسين، الأربعاء، أن التصويت سيجري في 16 دائرة انتخابية موزعة على 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت.

وأعلنت هيئة الطيران المدني، الأربعاء، أن جميع الرحلات الجوية من مقديشو وإليها ستُعلّق الخميس خلال فترة الانتخابات، تزامناً مع تنفيذ خطة واسعة أعلنتها الأجهزة الأمنية الصومالية، تقضي بنشر نحو عشرة آلاف من عناصر الشرطة لتأمين الاقتراع، وفق ما أعلنه وزير الأمن الداخلي عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد.

تجمع جماهيري يقوده رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري في مديرية كاران بمحافظة بنادر دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عبد الكريم حسن، الثلاثاء، أن اللجنة ستنشر نحو خمسة آلاف موظف في مراكز التصويت بالعاصمة للإشراف على الانتخابات التي وصفها بأنها «محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي في الصومال».

وقاد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري تجمعاً جماهيرياً، الاثنين، في مديرية كاران بمحافظة بنادر، دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة، مشدداً على أهمية المشاركة الشعبية في تقرير المصير السياسي.

وكان قد تقرر تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو عن الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتوفير «وقت إضافي لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت لضمان مشاركة أكبر، وفق ما أعلنه وقتها عبد الكريم حسن.

موقف المعارضة

ويرى الخبير في الشؤون الصومالية، عبد الولي جامع بري، أن ترتيبات الحكومة بشأن الانتخابات لها تأثيرات مهمة على الحشد الشعبي والمشاركة بعد عقود من الغياب الديمقراطي، خاصة أنها تأتي وسط تحفظات المعارضة التي قررت عدم المشاركة فيها.

وأعلن «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو الأسبوع الماضي رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس الرئيس حسن شيخ محمود مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

موظفون حكوميون بالصومال خلال توزيع بطاقات الاقتراع (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقَّب الرئيس الصومالي، الثلاثاء، في فعالية انتخابية لحزب «العدالة والتضامن» الحاكم في مقديشو، قائلاً: «لقد استخلصنا نقطة واحدة من نتائج مؤتمر كيسمايو، وهي فتح باب الحوار والحوار مفتوح، وقد استجابت الحكومة رسمياً لهذا الطلب»، محذراً من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة.

«اختبار حقيقي»

يتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

ويرى خبير الشأن الصومالي جامع بري أن الانتخابات الحالية قد تفتح الطريق لتفاهمات حول الرئيس في المستقبل، لكن الواقع لا يزال معقداً، خاصة والمعارضة لديها تحفظات حقيقية.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة ترى في المسار الحالي انتخابات غير متوازنة، وربما غير دستورية أو غير شاملة كلياً، مما قد يحدّ من مشاركة شرائح واسعة من المواطنين إذا شعرت بأن العملية ليست عادلة أو أنها تمثيلية».

وهو يعتقد أن النظام يراهن على تحول سياسي حقيقي نحو الديمقراطية عبر الانتخابات المباشرة التي تعد اختباراً حقيقياً لرئاسيات 2026، لكن المعارضة ستبقى لديها تحفظات عميقة على طريقة تنظيم الانتخابات ومسارها، وتبقى نتائج الحوار المنتظر هي الفيصل في تحديد المستقبل.


انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
TT

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي، في حين يترقب مرشحون نتائج الطعون الجديدة.

وتحسم «المحكمة الإدارية العليا» مصير 48 طعناً على نتائج 30 دائرة أُلغيت قضائياً ضمن المرحلة الأولى، الأربعاء، وسط توقعات بأن يتقدم بعض المرشحين بطعون أخرى في أعقاب الإعلان عن نتيجة جولة إعادة المرحلة الأولى، وكذلك بعد الإعلان عن نتائج إعادة المرحلة الثانية والمقررة الخميس، حسب «هيئة الانتخابات».

وخلال الأسابيع الماضية قبلت «الإدارية العليا» عدداً من الطعون التي أسفرت عن إلغاء نتائج 30 دائرة بالمرحلة الأولى، كما رفضت أخرى تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع».

وتأثرت انتخابات البرلمان المصري سلباً بطول جدول الاقتراع مع إلغاء دوائر انتخابية وإعادتها، وانعكس ذلك على مؤشرات المشاركة المتراجعة عند جولة الإعادة.

ودعا مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، قبل بدء التصويت في الخارج الذي يستمر ليومين، المواطنين «لاستكمال طريق العمل الجماعي من أجل تعزيز الديمقراطية عبر المشاركة في هذه المحطة الانتخابية».

المستقلون والحزبيون

تجري الإعادة في 19 دائرة انتخابية بين 70 مرشحاً يتنافسون على 35 مقعداً موزعة على سبع من محافظات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، هي الجيزة وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة والفيوم، على أن تبدأ انتخابات الداخل السبت والأحد المقبلين، وفق «الهيئة الوطنية للانتخابات».

ويتفوق أعداد المستقلين المتنافسين في تلك الجولة على المرشحين الحزبيين، إذ يواجه 42 مستقلاً 28 مرشحاً حزبياً ينتمون إلى 9 أحزاب. ويعوّل المستقلون على تحقيق نتائج إيجابية أسوة بما أظهرته نتائج الحصر العددي للمرحلة الثانية بعد أن حصدوا 46 مقعداً من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة.

ناخبون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم بجولة إعادة 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى من «النواب» بالسفارة المصرية في الرياض (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وقال المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، إن حزبه نظم جولات دعم للمرشحين في المحافظات المختلفة قبل بدء جولة إعادة المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن المنافسة مع المستقلين والأحزاب «صعبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتخابات شهدت تصويباً في مسارها... وهناك حرص على الالتزام بالمعايير الانتخابية».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حذَّر من الرشاوى الانتخابية، وما قد تؤدي إليه من تمكين «الجاهل أو الأحمق»، وذلك ضمن لقاء تفاعلي بأكاديمية الشرطة الشهر الماضي.

طول أمد الجدول الانتخابي

كان بنداري قد أعاد التأكيد خلال مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، على «حرص هيئة الانتخابات على تلقي شكاوى وبلاغات جميع أطراف العملية الانتخابية إزاء أي مشكلة أو خروقات انتخابية قد تحدث، حتى يمكن التحقيق فيها والتعامل معها بصورة فورية وفق صحيح حكم القانون وإزالة أسبابها».

ونوَّه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، بأن الخريطة الزمنية التي عدلتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» تقضي بالإعلان النهائي عن النتائج في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم فمن المتوقع أن تفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون قبل هذا الموعد.

وأضاف أنه في حال إرجائها، فمن الممكن إحالة بعض الطعون إلى محكمة النقض التي تفصل فيها مع بدء انعقاد البرلمان خلال مدة 60 يوماً.

واستطرد قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات مجلس النواب الحالية «قد تكون الأقل من حيث مشاركة الناخبين مع تأثرها ببطلان ما يقرب من 70 في المائة من دوائر المرحلة الأولى وطول أمد الجدول الانتخابي».

وعقب انتهاء إعادة الدوائر التسع عشرة، من المقرر أن تجري جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين بالخارج يومي 31 ديسمبر (كانون الأول) و1 يناير، بينما تُعقد داخل مصر يومي 3 و4 يناير، على أن تُعلن النتائج النهائية في العاشر من الشهر.


مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
TT

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان قوات الجيش في غرب البلاد، عقب مصرع الفريق أول محمد الحداد في حادث تحطم طائرة مساء الثلاثاء، خلال رحلة عودته من تركيا، وفق ما أفاد به مصدر حكومي مطلع في العاصمة طرابلس.

وكان المنفي قد أصدر قراراً بتكليف الفريق صلاح النمروش، معاون رئيس الأركان العامة، بتولي مهام رئاسة الأركان بصفة مؤقتة، إلى حين تسمية خلف دائم للحداد. وقال مصدر حكومي في غرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن حادث تحطم طائرة الفريق الحداد «سيفتح الباب أمام تغيير مرتقب في هيكل قيادة المؤسسة العسكرية في الغرب»، مشيراً إلى أن «مشاورات مكثفة تجري حالياً بين المنفي والدبيبة للتوافق على اسم الرئيس الجديد للأركان».

آخر اجتماع رسمي حضره الحداد في طرابلس (الوحدة)

وأوضح المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن دائرة الترشيحات المحتملة لخلافة الحداد تضم كلاً من الفريق صلاح النمروش، وقائد المنطقة العسكرية بالجبل الغربي التابعة للمجلس الرئاسي اللواء أسامة الجويلي، إلى جانب اللواء محمد موسى، آمر المنطقة العسكرية الوسطى.

وكان المنفي قد قال في تصريحات بثتها قناة «ليبيا الأحرار» الثلاثاء، إن «النمروش سيتولى مهام رئاسة الأركان بشكل مؤقت، إلى حين تسمية رئيس جديد خلفاً للفريق أول محمد الحداد».

في السياق ذاته، نعى المجلس الرئاسي الليبي الفريق أول محمد الحداد، الذي لقي حتفه إثر تحطم طائرته قرب أنقرة، معلناً الحداد الرسمي في البلاد لمدة ثلاثة أيام، تُنكس خلالها الأعلام في جميع مؤسسات الدولة، وتُعلق المظاهر الاحتفالية والرسمية.

وعمّت مشاعر الصدمة الأوساط الليبية، رغم الانقسامين السياسي والعسكري بين شرق البلاد وغربها، إذ أعلن كل من حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب البلاد، والحكومة المكلفة من مجلس النواب (شرق البلاد) الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام في عموم البلاد. كما أعرب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن خالص تعازيه وصادق مواساته في وفاة الحداد والفيتوري ومرافقيهما، مؤكداً أن الحادث يمثل «خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية».

وجاء ذلك عقب نعي القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، للفريق أول محمد الحداد، واصفاً إياه بأنه «أحد رجالات المؤسسة العسكرية، الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية، وتحملوا الأمانة في مراحل دقيقة من تاريخ الوطن، وأعلوا المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى».

عقيلة صالح أكد أن مقتل الحداد يمثل «خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية» (النواب)

في سياق ذلك، أعلنت وسائل إعلام محلية ليبية وصول وفد من حكومة «الوحدة الوطنية» إلى موقع تحطم الطائرة في منطقة هايمانا جنوب أنقرة، فيما أكدت السفارة الليبية في تركيا الاتفاق مع السلطات التركية على تحديد نقطة اتصال مباشرة لتنسيق العمل، ومباشرة التحقيقات فوراً من موقع الحادث.

من جانبه، أفاد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا بوصول وفد ليبي يضم 22 شخصاً، من بينهم خمسة من ذوي ركاب الطائرة إلى أنقرة لمتابعة تطورات الحادث، بالتزامن مع إجراء التحاليل اللازمة للتثبت من هوية الضحايا، بعد العثور على الصندوق الأسود للطائرة.

وأوضح السفير الليبي لدى تركيا، مصطفى القليب، من موقع الحادث أن الطائرة سقطت في منطقة وعرة التضاريس وبعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن «حزنها العميق إزاء حادث تحطم الطائرة المأسوي، الذي أودى بحياة الفريق أول محمد الحداد وزملائه أثناء عودتهم من مهمة رسمية إلى أنقرة». كما نعت البعثة الفريق الفيتوري غريبيل، رئيس أركان القوات البرية وعضو اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)، مشيرة إلى دوره المحوري في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار عام 2020، إلى جانب مرافقيه.

وأشادت البعثة الأممية بما وصفته «الخدمات المخلصة التي قدمها الحداد خلال فترة عمله»، مؤكدة أنه كان «مدافعاً قوياً عن توحيد المؤسسات العسكرية والمدنية، وعن السلام والاستقرار، واضعاً المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات»، واصفة إياه بأنه «ضابط مهني ووطني غيور على بلاده».

المشير خليفة حفتر وصف الراحل محمد الحداد بأنه أحد رجالات المؤسسة العسكرية الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية (الجيش الوطني)

بدوره، أعرب سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن تضامنه مع عائلات الضحايا، مشيداً «بالخدمة الوطنية المخلصة التي قدمها الحداد ورفاقه»، فيما قال السفير البريطاني مارتن رينولدز إن «الحداد خدم بلاده بتفانٍ ورؤية ثاقبة»، مقدماً تعازيه للشعب الليبي باسم المملكة المتحدة.

ويُعد محمد الحداد من أبرز القادة العسكريين في مرحلة ما بعد الحرب على طرابلس (2019 - 2020)، حيث لعب دوراً محورياً في جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من خلال اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5).

وكان المجلس الرئاسي قد عيّن الحداد رئيساً لهيئة أركان الجيش الليبي، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية»، بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول ركن، حيث تسلم مهامه رسمياً في 17 سبتمبر (أيلول) 2020، خلفاً للفريق ركن محمد الشريف.