حضور نسائي كاسح في الهيئات الناخبة بدمشق... وغياب عن قوائم الفائزين

غياب تام عن الفائزين في محافظة إدلب ودوائر بريف دمشق

 امرأة تُدلي بصوتها في المكتبة الوطنية بدمشق (د.ب.أ)
امرأة تُدلي بصوتها في المكتبة الوطنية بدمشق (د.ب.أ)
TT

حضور نسائي كاسح في الهيئات الناخبة بدمشق... وغياب عن قوائم الفائزين

 امرأة تُدلي بصوتها في المكتبة الوطنية بدمشق (د.ب.أ)
امرأة تُدلي بصوتها في المكتبة الوطنية بدمشق (د.ب.أ)

شكّل الحضور النسائي الكاسح في مركز اقتراع العاصمة دمشق مفاجأة للمتابعين، إذ تجاوزت نسبة النساء في الهيئات الناخبة الـ50 في المائة. كما شكل مفاجأة أيضاً غيابها التام عن الفائزين بعضوية مجلس الشعب في محافظة إدلب ودوائر القلمون والغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق، وسط غلبة للحقوقيين سواء في الهيئات الناخبة أو المرشحين.

وفسر أعضاء في الهيئات الناخبة حضور الحقوقيين إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة سنّ قوانين، والذين تقدموا للمشاركة في العملية الانتخابية كانوا يضعون هذا الأمر نصب أعينهم.

وأعلن المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، عبر منصة «إكس»، انتهاء عمليات الاقتراع في كل المحافظات السورية. وقال إن عملية الاقتراع سارت بهدوء وسلاسة وسط انتشار أمني كثيف، في محيط مراكز الاقتراع وحضور كثيف لوسائل الإعلام المحلية والدولية، في متابعة لتشكيل أول مجلس بعد إطاحة حكم بشار الأسد، مع استبعاد تمثيل 3 محافظات؛ لأسباب «أمنية».

مطالب نسائية

وشكّل الحضور الطاغي للنساء في مركز الاقتراع بالعاصمة دمشق مفاجأة، حيث قدرت المحامية، غصون الزيبق، عضو هيئة ناخبة في حي الميدان، نسبة حضور النساء في الهيئات الناخبة بدمشق بأكثر من 50 في المائة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، التي كانت في المكتبة الوطنية حيث جرت عملية الاقتراع: «إن حضور المرأة في دمشق منذ بدء العملية الانتخابية فاق حضور الرجال، كما أن نسبتهن في الهيئات الناخبة كانت متساوية»، لافتة إلى أنه جرى اختيارهن من قبل المجتمع المحلي وبناء على الثقة، مؤكدة على أن الأولوية اليوم في سوريا هي «تفعيل القانون وتعديل القوانين الجائرة»، واعتبرت أنها تتقدم على قضية حقوق المرأة في هذه المرحلة.

الفائزون بمدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية بمحافظة حلب

من جهتها، لاحظت المحامية، مروة بريغلة، عضوة هيئة ناخبة، ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الحقوقيين المشاركين في الهيئات الناخبة والمرشحين، وقالت: «يتطلع السوريون إلى سنّ قوانين وتشريعات جديدة». وهو أيضاً ما أكدت عليه عضو الهيئة الناخبة، سمر بيرقدار، مديرة ثانوية عبد القادر المبارك، في حي المزة، بالقول: «نريد مجلساً يقولب ويقونن كل ما يصدر عن الرئاسة؛ مجلساً تشريعياً لا يعطي موافقات دون تدقيق». معتبرة الانتخابات غير المباشرة نوعاً من الديمقراطية التي تجري على مستوى النخب والتزكية، وهي ضرورة «علاجية» و«إسعافية» في المرحلة الراهنة الصعبة التي تعيشها البلاد، معبرة عن الأمل بأن يأتي مجلس تشريعي يعمل لمصلحة كل السوريين، وأن يستمر عمل اللجان الناخبة لاحقاً كقوة دعم ورقابة، مؤكدة أن سوريا تحتاج إلى حقوقيين لسنّ تشريعات واقتصاديين لوضع برامج للنهوض بالاقتصاد.

طوابير الناخبين خارج المكتبة الوطنية في العاصمة دمشق حيث مراكز الاقتراع (د.ب.أ)

ميري داوود، عضو هيئة ناخبة في حي القصاع، أكدت أن العملية الانتخابية سارت بشكل جيد وبهدوء. رافضة الطروحات التي دعت إلى إلغائها، وأنها غير ديمقراطية! من جانبها، قالت الأستاذة الجامعية، صفاء سراقبي، عضو هيئة ناخبة في حي القنوات بدمشق: «إن المرشحين، ولا سيما السيدات، جميعهم من الثقاة، وقد عرضوا برامجهم، وكلها تعبر عن رغبة في خدمة المجتمع». وانتقدت تنظيم الاقتراع، وقالت: «كان يمكن أن يكون أفضل، خاصة أن الناخبين وقفوا في طوابير لساعات، وما عدا ذلك، كل شيء سار بشكل جيد».

الشيخ عبد الرحمن كوكي إمام جامع المرابط بحي المهاجرين (الشرق الأوسط)

الشيخ عبد الرحمن كوكي، إمام جامع المرابط وعضو اللجنة الناخبة في حي المهاجرين، قال: «إنها المرة الأولى الذي يتم فيها انتخاب أعضاء مجلس الشعب لا تقوم دعايتهم على (البرباغندا)، ولا المال السياسي وغير قادمين من مكاتب المخابرات». مضيفاً أن المرشحين ذوو سيرة حسنة، وخلال الأيام الخمسة الماضية قدّموا في قاعة المكتبة الوطنية مناظرات وبرامج انتخابية، وأغلبهم كفاءات وتكنوقراط.

مجلس تشريعي لا مجلس إسلامي

بعض البرامج كانت قوية، وبعضها لم تكن ناضجة، بمعنى أن هناك مَن ليست لديه فكرة عن أصول العمل البرلماني، أو إلمام بالفرق بين الإدارة والحوكمة والفرق بين الدستور والقانون، وكيف توضع القوانين أو مهام البرلماني. هناك من قدّم برامج انتخابية تتعلق بعمل السلطة التنفيذية، لا التشريعية.

ولفت الشيخ عبد الرحمن كوكي إلى أنه انتخب المرشحين الذين قدّموا أنفسهم كسوريين، وأقنعوه بذلك من خلال برامجهم الانتخابية، مؤكداً استبعاد أي اعتبار آخر كالقرابة والمنطقة، وقال: «نريد مجلساً تشريعياً لا مجلساً إسلامياً»، لافتاً إلى أن بعض التكتلات ذات الصبغة الدينية الدمشقية ضمّت مرشحين من أديان أخرى لضمان تمثيل الشرائح الدمشقية كافة.

انتخابات مجلس الشعب في مركز مدينة الدريكيش بمحافظة طرطوس (اللجنة العليا)

ومع أن قوائم المرشحين في كثير من المناطق ضمّت نساء، فإنها غابت عن قوائم الفائزين التي راحت تظهر تباعاً، يوم الأحد، وقبل انتهاء عملية الاقتراع في العاصمة. إذ غابت النساء عن قوائم الفائزين في ريف دمشق عن دوائر دوائر القلمون والغوطة الشرقية وفي محافظة إدلب.

وسيجري تشكيل البرلمان، وولايته 30 شهراً قابلة للتجديد، بناءً على آلية حدّدها الإعلان الدستوري، بانتخابات غير مباشرة، حيث قامت لجان فرعية مناطقية شكّلتها لجنة عليا أعضاء الهيئات الناخبة من الأعيان والتكنوقراط، ليقوموا بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، والثلث الباقي يعينه رئيس الجمهورية.


مقالات ذات صلة

قوات إسرائيلية تطلق قنابل دخانية على أطفال ونساء في جنوب سوريا

المشرق العربي توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قوات إسرائيلية تطلق قنابل دخانية على أطفال ونساء في جنوب سوريا

اعتدت قوة إسرائيلية على أطفال ونساء أثناء جمعهم للفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص كيف غيَّرت قرارات ترمب وجه سوريا؟

بعد سنوات من سياسات أميركية اتسمت بالتردد وتضارب الأجندات، تتجه واشنطن اليوم بخطى ثابتة نحو سياسة أكثر مباشرة و«براغماتية» عنوانها تحقيق النتائج على الأرض.

سلطان الكنج
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

الشيباني: العلاقات السورية الروسية تدخل عهداً جديداً

أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، أن العلاقات السورية- الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم العربي سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي

أعلنت سوريا واليابان، اليوم (الثلاثاء)، استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يؤكد رفض أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا

جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، المخطوف منذ أيام، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن المخابرات الإسرائيلية اختطفته على خلفية صلات مشبوهة باختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد في جنوب لبنان عام 1986.

ويقول شقيقه عبد السلام شكر، إن قصة أحمد بدأت بعدما تواصل معه المغترب اللبناني في كينشاسا (ع. م.)، طالباً منه استئجار شقته في منطقة الشويفات (جنوب بيروت)، وبالفعل اتفقا قبل أشهر، ودفع 500 دولار إيجار الشقة. تكررت زيارات المغترب إلى لبنان، والتقى في إحداها بشكر في منزله، ولاحقاً، اتصل بالنقيب المتقاعد أحمد شكر ليبلغه بأن هناك متمولاً كبيراً في أفريقيا يُدعى سليم كساب (تبين لاحقاً أنه اسم وهمي) يبحث عن قطعة أرض لشرائها في زحلة، طالباً مساعدتهما.

يضيف عبد السلام: «نزل المغترب وعاين قطعة الأرض، وبعد أسبوعين على مغادرته، اتصل ليبلغ بأن المتمول كساب وافق على شراء الأرض، وهو سيزور لبنان، وعليه أن يلاقيه فيها في الساعة 4 والنصف من بعد ظهر يوم اختفاء أحمد»، مشيراً إلى أن المغترب «أصرّ على أن يكون هذا الموعد؛ لأنه يناسب الشاري، رغم تأكيد أحمد أن هذا الوقت تكون العتمة قد حلّت في المنطقة، ولن تظهر طبيعة الأرض». وقال إن المغترب «اعتذر عن عدم الحضور، متذرعاً بأن قدمه قد كُسِرت، وأن المتمول سيزور المكان وحده، برفقة أحمد».

في تلك الساعة من اللقاء، اختفى شكر. يقول عبد السلام: «لا نعلم عنه أي شيء سوى من التسريبات الأمنية والقضائية»، مضيفاً: «ما علمناه أن الخاطفين كانوا استأجروا منزلاً في زحلة، وأزالوا كل بصماتهم منه بعد اختطاف أحمد»، وأن «كاميرات المراقبة رصدت تحرك السيارة باتجاه بلدية الصويرة في البقاع الغربي حيث اختفت الأدلة بعدها»، علماً بأن الصويرة كانت تُستخدم كخط تهريب من جنوب دمشق الغربي، باتجاه لبنان.

ولاء للدولة

ويضيف عبد السلام: «أخي قضى أربعين عاماً في السلك العسكري، لم يكن ولاؤه إلا للدولة والمؤسسات، ولم يرتبط طوال حياته بأي من الأحزاب... نحن عائلة لا تتعاطى السياسة».

وشكر، تعرّض قبل أسبوع لعملية استدراج محكمة انطلقت من مسقط رأسه في بلدة النبي شيت (البقاع الشمالي بشرق لبنان)، قبل أن يُفقد أثره في نقطة قريبة جداً من مدينة زحلة.

الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

في دارة مختار بلدة النبي شيت عباس شكر، يتوافد أبناء البلدة والأصدقاء الذين أعربوا عن احتجاجهم واستنكارهم لعملية الخطف والاختفاء.

تقول العائلة إن أحمد شكر تقاعد قبل 9 سنوات، بعد أربعين عاماً من الخدمة في الأمن العام، وتنقل خلالها بأكثر من موقع، بينها نقطة المصنع الحدودية مع سوريا، ونقطة القاع الحدودية مع سوريا أيضاً في شمال شرقي لبنان.

ويقول شقيقه عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «شقيقي دخل الخدمة العسكرية في 1979، ما يعني أنه كان (ابن دولة) حين اختفى آراد في عام 1986... ومن المعروف أن ابن الدولة، لا يتعاطى الأحزاب».

ويردّ على محاولات ربط العائلة بنسب إلى فؤاد شكر، القيادي في «حزب الله» الذي اغتالته إسرائيل في يوليو (تموز) 2024 في الضاحية الجنوبية، بالقول: «لم يكن أحد من أبناء البلدة يعرف فؤاد شكر أصلاً... منذ مطلع الثمانينات خرج من البلدة ولم يعد إليها، وكان بعيداً عن أقربائه»، مشدداً على أن شقيقه، ومنذ تقاعده من الخدمة العسكرية، «لم يخرج خارج البقاع. التزم بيته، ويلعب الورق مع أصدقائه ليلاً».

عبد السلام شكر شقيق المخطوف أحمد شكر يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من بلدة النبي شيت (الشرق الأوسط)

ويخيم الذهول على العائلة وزائري المنزل. هو مشهد متواصل منذ اختفائه في الأسبوع الماضي، ولم يتسارع الملف بمنحى رسمي، إلا حين اتصل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، بالرئيس اللبناني جوزيف عون، وبوزير الداخلية أحمد الحجار، حسبما يقول عبد السلام، مضيفاً أن عون «تعهّد بطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية التوسع في التحقيقات وكشف الملابسات». وقال إن المسؤولين في «حركة أمل» كانوا على اتصال دائم مع رئيس البرلمان نبيه بري، لمتابعة الملف.

لغز الاختفاء

وقال عبد السلام: «نطالب القضاء والأجهزة الأمنية بتأكيد أو نفي التسريب حول صلة مزعومة باختفاء رون آراد، هذا التسريب الذي حصل لا يعنينا، ما يعنينا هو ما تقوله الأجهزة الأمنية والأمن العام الذي ينتمي له شكر، وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تتولى التحقيق».

وأكد عبد السلام شكر أن «لغز الاختفاء موجود لدى (ع. م) ابن بلدة قانا الجنوبية الذي يقيم في كينشاسا ويتهرب من اتصالاتنا، وعلى الدولة اللبنانية أن تطلب عبر الإنتربول توقيفه وإحضاره إلى لبنان للتحقيق معه»، لافتاً إلى أن أرقام هواتفه «لم يعد يرد عليها»، وأن جميع المعلومات المتوفرة عنه، بما فيها مقاطع فيديو له، باتت بحوزة الأجهزة الأمنية.

ويعرب شكر عن اعتقاده بأن المغترب (ع. م.) «هو من رتب القصة مع الموساد، وأوصلهم إلى هذه المرحلة، ونفذوا العملية بطريقة دقيقة واحترافية»، لافتاً إلى أن ما فهمته العائلة من الأجهزة الأمنية اللبنانية، أن الخاطفين لم يتركوا أي بصمات، لا في شقة ضهور زحلة، ولا في الشويفات، ولم يتم العثور على أي دليل، كما أن سيارة الخاطفين ما زالت مجهولة».


عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
TT

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

شهد المشهد الرسمي اللبناني عشية الأعياد حركة سياسية ودبلوماسية لافتة، تمحورت حول ملف عودة الجنوبيين إلى قراهم وبلداتهم، واستمرار الدعم العربي لإعادة الإعمار، إلى جانب متابعة الملفات التشريعية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار، أكّد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن عودة الجنوبيين تمثل أولوية وطنية، فيما ثمّن رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقوف العراق إلى جانب لبنان واستعداده للمساهمة في إعادة إعمار ما خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية.

وأكّد عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

ورأى عون، خلال استقباله الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والوفد المرافق، أن المبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي خلال القمة العربية التي انعقدت في بغداد في مايو (أيار) الماضي، بتخصيص مبلغ 20 مليون دولار لإعادة الإعمار في لبنان، «شكّلت منطلقاً لمساعدات عربية ودولية لإعمار ما هدمته الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على لبنان».

وشدّد على متانة العلاقات اللبنانية - العراقية، معتبراً أن «قواسم مشتركة عدة تجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي»، شاكراً ما قدّمه العراق من دعم للبنان وللشعب اللبناني منذ سنوات، ولا يزال.

وكان الموفد الشخصي لرئيس الوزراء العراقي، السيد حسان العوادي، قد نقل إلى الرئيس عون تحيات رئيس الوزراء العراقي، مؤكداً «استمرار الدعم العراقي للبنان وتأمين ما يحتاج إليه من مساعدات».

وقال إن زيارة الوفد «تهدف إلى إطلاع المسؤولين اللبنانيين على أن الحكومة العراقية ماضية في تنفيذ التزاماتها تجاه لبنان، ولا سيما تلك التي أعلن عنها في قمة بغداد، ًوأنه تقرر فتح مكتب في السفارة العراقية في بيروت لمتابعة تنفيذ هذه المساعدة، وتنظيم العلاقة مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وتحديد الأولويات».

بري

من جهته، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفداً عراقياً برئاسة الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي، وتناول اللقاء تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية، حيث حمّل الرئيس بري الوفد العراقي «شكر وتقدير الشعب اللبناني للعراق حكومة وشعباً على وقوفهم ودعمهم للبنان في مختلف الظروف، ولا سيما استعداد العراق للمساهمة في إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي».


إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز في منطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني عن الانتهاء من المرحلة الأولى لتنفيذ «حصرية السلاح» في منطقة جنوب الليطاني، وسط تهديد إسرائيلي بمواصلة العمل لإلزام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح «حزب الله».

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي، الأربعاء، سلسلة غارات استهدفت وديان تقع بين قضائي الزهراني والنبطية في جنوب لبنان، كما استهدفت إحدى الغارات ساحل الزهراني في منطقة تبنا، حسبما أفادت مصادر محلية في الجنوب.

ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية اللبنانية، «نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي صباح الأربعاء عدواناً جوياً مستهدفاً وادي النميرية في منطقة النبطية بسلسلة غارات، ملقياً خلالها عدداً من صواريخ جو - أرض أحدث انفجارها دوياً تردد في أرجاء المنطقة».

وأشارت إلى أن «الطيران الحربي المعادي شن بعدها بدقائق غارة جوية مستهدفاً وادي حومين»، لافتة إلى أن «العدوان الجوي تزامن مع تحليق مكثف للطيران المسير في أجواء بلدات الدوير، الشرقية، النميرية، تول، النبطية، زبدين وجبشيت وعلى علو متوسط».

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي مهاجمة مواقع إطلاق تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان. وقال إن الغارات استهدفت مواقع لـ«حزب الله»، وأنه «تم تدمير مبانٍ عسكرية وبنى تحتية إرهابية إضافية عمل منها عناصره في الفترة الأخيرة»، لافتاً إلى أن «وجود مواقع الإطلاق التي تم استهدافها يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

شمال الليطاني

وتقع جميع المناطق التي تعرضت للغارات، شمال نهر الليطاني، وهي من المرات النادرة التي تكون الغارات محصورة في منطقة شمال النهر، بعدما تركزت الغارات في الأشهر الماضية في نطقة جنوب النهر أو على ضفافه والمناطق الممتدة له. وتركزت غارات الأربعاء على مجرى نهر الزهراني الواقع إلى العمق في جنوب لبنان، ويبعد عن الحدود مسافات تصل إلى 40 كيلومتراً.

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

وجاءت هذه الغارات والتهديدات قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني عن الانتهاء من مرحلة تنفيذ «حصرية السلاح» في جنوب الليطاني، وهي المرحلة الأولى من خمس مراحل تتضمنها خطة الجيش اللبناني، ووافقت عليها الحكومة اللبنانية في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس في تصريح، الأربعاء: «نواصل العمل لتنفيذ التزام حكومة لبنان بنزع سلاح (حزب الله) وإبعاده عن الحدود».

كما نقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن مصادر قولها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «سيطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب (خلال لقائهما المتوقع بعد أيام) ضوءاً أخضر لشن عملية واسعة النطاق ضد (حزب الله)».

تقرير قائد الجيش

ومن المتوقع أن يقدم قائد الجيش العماد اللبناني رودولف هيكل، التقرير الرابع والنهائي لمرحلة تنفيذ السلاح جنوب الليطاني، في أولى جلسات الحكومية اللبنانية في العام الجديد، ويطلع مجلس الوزراء على الإنجازات التي تحققت لجهة مصادرة الأسلحة، وتفكيك الأنفاق والبنية التحتية العسكرية لـ«حزب الله» في المنطقة، ويقدم أرقاماً على هذا الصعيد.

وكان رئيس الحكومة نواف سلام أبلغ «الشرق الأوسط» في الأسبوع الماضي، أن المرحلة الثانية من تنفيذ «حصرية السلاح»، ستكون في المنطقة الواقعة بين شمال نهر الليطاني وجنوب نهر الأولي.

انتقادات «حزب الله»

وتتعرض خطة الحكومة، لانتقادات من قِبل «حزب الله» الذي أعلنت كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة)، الأربعاء، أن لبنان «يستصرخ همم أبنائه ‏واهتمامات مسؤوليه ليسلكوا المسار الوطني الصحيح الذي يفضي ‏إلى وقف العدو لأعماله العدائيّة وانسحابه الكامل ‏وغير المشروط من بقية أرض وطننا المحتل، ‏وقطع الطريق أمام ألوان المطالب التي يستدرج عبرها السلطة لتقديم ‏التنازل تلو الآخر دون أي التزامٍ ‏منه لا بوقف إطلاق النار والاعتداء، ولا بالانسحاب وإنهاء احتلاله الغاشم».‏

وقالت، في بيان بعد اجتماعها الأسبوعي، إن «الأولويّة الوطنيّة اليوم هي إنهاء الاحتلال الصهيوني للمناطق والمساحات التي لم ينسحب ‏منها العدو ‏الصهيوني حتى الآن، رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أي منذ ما يزيد على عامٍ بأكمله».

أضافت: «ليعلم العدو وحُماته الدوليون أن حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال إذا ما استمرَّ لأرضهم هو ‏حقٌّ مشروع بكل المعايير ‏والاعتبارات والمواثيق الدوليّة ولا يحتاج إلى شرعنة من المتخاذلين ‏أو المتواطئين».‏

وقالت الكتلة: «على الحكومة، بدل أن تتبرع مسبقاً ‏للمسارعة إلى استئناف ما يرتاح له العدو من خطوات، أن تقوم ‏بإجراءٍ حازمٍ يدفعه لتنفيذ ما ‏عليه، دون مراوغةٍ أو ابتزاز».