قوات الأمن الصومالية تتصدى لهجوم «حركة الشباب» على سجن في مقديشو

الحركة تتبنى الهجوم

عناصر أمن في مقديشو بعد هجوم إرهابي (أ.ف.ب)
عناصر أمن في مقديشو بعد هجوم إرهابي (أ.ف.ب)
TT

قوات الأمن الصومالية تتصدى لهجوم «حركة الشباب» على سجن في مقديشو

عناصر أمن في مقديشو بعد هجوم إرهابي (أ.ف.ب)
عناصر أمن في مقديشو بعد هجوم إرهابي (أ.ف.ب)

قتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص في هجوم نفذه مسلحون من «حركة الشباب» الصومالية على سجن شديد الحراسة في العاصمة مقديشو، اليوم السبت، وفقاً لما أكدته مصادر أمنية.

تبنت «حركة الشباب»، في بيان، الهجوم وقالت، في بيان، إن «المقاتلين شنوا اليوم السبت عملية (...) على المركز المعروف باسم غودكا جيلاكاو في مقديشو».

وقال المسؤول الأمني البارز عبد الحميد دهنجاد، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن أربعة من المهاجمين قتلوا في اشتباك بالأسلحة النارية مع حراس السجن.

وأضاف أن أحد السجناء واثنين من أفراد الأمن لقوا حتفهم أيضاً، مشيراً إلى أنه لا يزال ثلاثة مسلحين طلقاء داخل سجن «جودكا جيلاكوو»، الذي يقع بالقرب من القصر الرئاسي في حي بونديريه بمقديشو.

سُمع دويّ انفجار هائل في مقديشو أعقبه إطلاق نار بجوار مركز تابع لأجهزة الاستخبارات الصومالية يجري فيه عادةً استجواب مقاتلين من «حركة الشباب»، وفق ما أفاد به شهود عيان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال أحد الشهود ويدعى جمال نور: «سمعنا صوت انفجار هائل، وصعدتُ إلى سقف المبنى الذي أُقيمُ فيه فشاهدت سحابة دخان كثيفة واندلع تبادل كثيف لإطلاق النار من جهة» مركز الاستخبارات الذي يجاور مقر الرئاسة الصومالية. وأضاف أن «تعزيزات لقوات الأمن وصلت إلى المكان».

وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية»، اليوم (السبت)، بأن قوات الأمن تتصدى لهجوم من «حركة الشباب» على أحد المجمعات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات في مقديشو، مشيرةً إلى أن الاشتباكات ما زالت مستمرة.

وأوضحت الوكالة أن الهجوم بدأ بتفجير سيارة مفخخة مموهة على أنها تابعة للمخابرات وكان يقودها انتحاري، وتلا ذلك إطلاق نار كثيف في محاولة لاختراق التحصينات الأمنية للمقر.

ونقلت الوكالة الصومالية عن قوات الأمن قولها إن عناصرها تنفذ حالياً عملية تمشيط واسعة في محيط المنطقة لـ«تعقّب فلول المهاجمين وضمان تأمين المرفق بشكل كامل».

وسيطر المتمردون الشباب على عشرات المدن والقرى منذ أن شنوا هجومهم في بداية العام، على حساب التقدم الذي أحرزته الحكومة الصومالية خلال حملتها العسكرية في عامي 2022 و2023.

وتحدثت مصادر أمنية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن «هجوم معقد»، اليوم السبت، نحو الساعة 16:45 (13:45 ت غ)، تجلى في انفجار ثم في هجوم لمقاتلين مسلحين على مركز الاحتجاز الذي تستخدمه الوكالة الوطنية للأمن والاستخبارات الصومالية. ويعتقل في هذا المركز خصوصاً المشتبه بانتمائهم إلى «حركة الشباب» قبل محاكمتهم.

وشعر مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بعصف الانفجار، فيما كان موجوداً على بعد نحو كيلومترين من مكان الهجوم. ومع وصوله إلى المكان بعد نصف ساعة، سمع انفجارات عدة وتبادلاً كثيفاً لإطلاق النار في مركز الاحتجاز. وأفاد بأن سكاناً في محيط المركز سارعوا إلى الفرار.

وقال أحمد علي، أحد سكان الحي في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه نحو الساعة 20:00 (17:00 ت غ) لا يزال يسمع إطلاق نار متقطع، مضيفاً: «المنطقة بكاملها مطوقة ووصلت تعزيزات للتو».

من جانبها، تحدثت الحكومة الصومالية عن «هجوم انتحاري على (مركز) غودكا جيليكاو».

وقالت، في بيان مقتضب، إن «المهاجمين استخدموا مركبة تحاكي المركبات التي يستخدمها جهاز الاستخبارات»، لافتة النظر إلى «القضاء على عدد من أفراد الميليشيات العدوة واستمرار العمليات النهائية لقتل آخر المهاجمين».

وتتصدى السلطات الصومالية لـ«حركة الشباب» منذ أواسط العقد الأول من الألفية الثالثة. لكن الوضع الأمني تدهور بشكل ملحوظ هذا العام.

وأعلنت «حركة الشباب» في 18 مارس (آذار) مسؤوليتها عن انفجار قنبلة كادت تصيب الموكب الرئاسي. ومع بداية أبريل (نيسان)، أطلقت قذائف سقطت قرب مطار مقديشو.

واستهدف هجوم انتحاري في يوليو (تموز) أكاديمية عسكرية تقع جنوب العاصمة الصومالية. ولم تدل الحكومة بأي حصيلة للهجوم.

وبداية أغسطس (آب)، شنت بعثة الدعم وإرساء الاستقرار التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال «هجوماً كبيراً» لاستعادة السيطرة على مدينة باريري في منطقة باس - شابيل التي تبعد مائة كلم غرب العاصمة الصومالية.

وكانت باريري تضم قاعدة عسكرية كبيرة. وسقطت في أيدي مقاتلي «حركة الشباب» من دون معارك في مارس بعد انسحاب الجيش منها، وينتشر أكثر من عشرة آلاف جندي من القوة الأفريقية في الصومال. لكن ذلك لم يحل دون مواصلة «الشباب» هجماتهم.

ورغم هذا الوضع العسكري المضطرب، يمارس الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ضغوطاً لإجراء أول انتخابات بالاقتراع العام المباشر العام المقبل.

وقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص في هجوم نفذه مسلحون من «حركة الشباب» الصومالية على سجن شديد الحراسة في العاصمة مقديشو، اليوم السبت، وفقاً لما أكدته مصادر أمنية.

وقال المسؤول الأمني البارز عبد الحميد دهنجاد، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن أربعة من المهاجمين قتلوا في اشتباك بالأسلحة النارية مع حراس السجن.

وأضاف أن أحد السجناء واثنين من أفراد الأمن لقوا حتفهم أيضاً، مشيراً إلى أنه لا يزال ثلاثة مسلحين طلقاء داخل سجن «جودكا جيلاكوو»، الذي يقع بالقرب من القصر الرئاسي في حي بونديريه بمقديشو.


مقالات ذات صلة

أميركا: السجن المؤبد لكيني في حركة «الشباب» خطط لهجوم إرهابي

الولايات المتحدة​ إحباط اعتداء على غرار هجمات سبتمبر 2001 (أرشيفية - متداولة)

أميركا: السجن المؤبد لكيني في حركة «الشباب» خطط لهجوم إرهابي

حكم القضاء الأميركي على عضو كيني في حركة «الشباب» الصومالية تلقى تدريباً على الطيران في الفلبين، بالسجن مدى الحياة بتهمة التآمر لشن هجوم مشابه لهجمات سبتمبر

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن - مقديشو )
أفريقيا جنود من الجيش النيجيري خلال تمشيط منطقة بولكا (إعلام محلي)

نيجيريا: مقتل 5 جنود في هجوم انتحاري على حدود الكاميرون

قُتل 5 جنود من الجيش النيجيري في هجوم انتحاري استهدف موقعاً عسكرياً شمال شرقي البلاد، على الحدود مع دولة الكاميرون، وفق ما أكدت مصادر أمنية ومحلية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا استنفار أمني صومالي في العاصمة مقديشو (متداولة)

إحباط محاولة تفجير قرب أكاديمية عسكرية صومالية في مقديشو

أحبطت قوات الجيش الوطني الصومالي محاولة تفجير انتحارية كانت تستهدف مقر أكاديمية الجنرال طغبدن العسكرية في العاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
الولايات المتحدة​ عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)

وزير الخزانة الأميركية تحقق في تحويل أموال إلى «الشباب» الصومالية عبر شبكات احتيال

قال وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت إن الوزارة تحقق في مزاعم عن تحويل أموال إلى حركة الشباب الصومالية عبر شبكات احتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا  ضباط شرطة صوماليون يسيرون على طول حاجز وسط الطريق أثناء دوريتهم في شارع مزدحم بمقديشو 10 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ضبط 11 عنصراً  بتهمة التخطيط لعمليات إرهابية  في الصومال

أعلن جهاز المخابرات والأمن الوطني بالصومال ضبط 11 عنصراً إرهابياً متورطين في التخطيط لعمليات إرهابية وتجسسية تستهدف العاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو )

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
TT

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، على رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة في بلاده، أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، مؤكداً أن حماية المركز القانوني للدولة، ووحدة القرار السياسي تمثلان أولوية وطنية لا تقبل المساومة.

وفي إشارة إلى تصعيد مجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، حذّر العليمي من أن أي مساس بوحدة الدولة سيقود إلى فراغات أمنية خطيرة، ويقوض جهود الاستقرار، ليس في اليمن فحسب، بل على أحد أهم خطوط الملاحة الدولية.

جاءت تصريحات العليمي خلال استقباله في الرياض، الأربعاء، سفيرة فرنسا لدى اليمن كاترين قرم كمون، حيث جرى بحث مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات في المحافظات الشرقية، والدور المعول على المجتمع الدولي في دعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأشاد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - بالدور الفرنسي الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وبموقف باريس الثابت إلى جانب وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، على النحو الوارد في بيان مجلس الأمن الدولي الصادر، الثلاثاء. كما جدّد تقديره للعلاقات التاريخية بين البلدين، معرباً عن ثقته باستمرار الدعم الفرنسي المتسق مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وتطرق اللقاء - وفق ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية - إلى التحديات المتشابكة التي تواجهها القوى الوطنية في مسار استعادة الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، في ظل الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج الأطر الدستورية ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

تحذير من المخاطر

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الدولة ستقوم بواجباتها كاملة في حماية مركزها القانوني، مشدداً على أن هذا المسار يتطلب موقفاً دولياً أكثر وضوحاً لدعم الإجراءات الدستورية والقانونية التي تتخذها مؤسسات الشرعية. وأشاد في هذا السياق بالتوصيف المُقدَّم للأزمة اليمنية الوارد في إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وحذّر العليمي من أن أي تفكك داخلي سيعزز نفوذ الجماعات المتطرفة، ويخلق بيئات رخوة للجريمة المنظمة، مؤكداً أن أمن البحر الأحمر وخليج عدن يبدأ من استقرار الدولة اليمنية، وليس من شرعنة كيانات موازية أو مكافأة أطراف منقلبة على التوافق الوطني.

حشد في عدن من مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

وأوضح أن ضبط النفس الذي مارسته القيادة خلال السنوات الماضية لم يكن تعبيراً عن ضعف، بل كان التزاماً وطنياً ومسؤولية سياسية لتجنُّب مزيد من العنف، وعدم مضاعفة معاناة الشعب اليمني، واحتراماً لجهود الأشقاء والأصدقاء الرامية إلى خفض التصعيد.

وجدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس بحل عادل للقضية الجنوبية، يستند إلى الإرادة الشعبية، والانفتاح على الشراكات السياسية، وخيارات السلام، مع التأكيد على الرفض القاطع لتفكيك الدولة أو فرض الأمر الواقع بالقوة.

وفي سياق متصل، جدّد الاتحاد الأوروبي التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعمه لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية. وأعلن الاتحاد، في بيان، الأربعاء، تأييده للبيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن، مؤكداً دعمه لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، والعمل من أجل سلام مستدام وازدهار دائم للشعب اليمني.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى خفض التصعيد، وتعزيز الجهود الدبلوماسية، مرحباً بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مسقط بشأن مرحلة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين.

كما أدان الاتحاد الأوروبي بشدة استمرار احتجاز الحوثيين لموظفين أمميين وعاملين في منظمات إنسانية ودبلوماسية، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.


«اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
TT

«اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الجماعة الحوثية لتبادل نحو 2900 أسير ومحتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً، بعد سنوات من التعثر والفشل.

فعلى الرغم من الترحيب الواسع بالاتفاق محلياً ودولياً، فإنه لا تزال الشكوك تحيط بآليات التنفيذ، في ظل غياب القوائم النهائية، واستمرار الغموض حول مصير القيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان، المختطف منذ قرابة عشرة أعوام.

وحسب مصادر قريبة من المحادثات، فإن الاتفاق الذي رعاه مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، وبمساندة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لا يتجاوز في هذه المرحلة كونه اتفاقاً مبدئياً، يفترض تنفيذه خلال فترة لا تتجاوز شهراً.

العبء الأكبر يقع على الوسطاء لإنجاح الصفقة اليمنية لتبادل الأسرى (إعلام حكومي)

وأوضحت جهات مطلعة على مسار التفاوض لـ«الشرق الأوسط» أن البند الأول من الاتفاق يقتصر على إطلاق سراح أسرى تابعين لتحالف دعم الشرعية، إضافة إلى القيادي محمد قحطان، فيما لا تزال بقية تفاصيل الصفقة، وأسماء المشمولين بها، خاضعة لمقايضات ومفاوضات لاحقة بين الأطراف والوسطاء.

وأشارت المعطيات ذاتها إلى أن ما تم التوصل إليه حتى الآن لا يعني حسم الملف، إذ لطالما ارتبطت جولات التفاوض السابقة بمطالب حوثية معقدة، شملت إدراج أسماء مقاتلين مفقودين في الجبهات، تزعم الجماعة أنهم أسرى لدى الحكومة، من دون تقديم أدلة على ذلك، فضلاً عن رفضها المتكرر إدراج أسماء مختطفين مدنيين بحجة أنهم «قيد القضاء».

تغيّر المفاوضين

رأت الأوساط القريبة من المفاوضات أن ترؤس ممثل الحوثيين في اللجنة العسكرية، يحيى الرزامي، لفريق المفاوضين عن الجماعة، بدلاً من عبد القادر المرتضى، أسهم في تهيئة الأجواء للتوصل إلى هذا الاتفاق المبدئي.

وذكرت أن المرتضى، المتهم بالتورط في تعذيب بعض المعتقلين، كان سبباً رئيسياً في إفشال عدة جولات تفاوض سابقة، بسبب تشدده وإصراره على شروط وصفت بغير الواقعية.

مخاوف حكومية يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

وأضافت تلك الأوساط أن وجود الرزامي على رأس فريق الحوثيين سهّل النقاشات، ومهّد للاتفاق على مبدأ تبادل شامل للأسرى والمعتقلين من الطرفين، وإن كان ذلك لا يزال مشروطاً بمدى التزام الحوثيين بتعهداتهم، وصدق نواياهم في تقديم معلومات دقيقة وموثوقة حول المحتجزين.

في المقابل، أبدت الحكومة اليمنية، وفق التقديرات نفسها، مخاوف جدية من سعي الحوثيين إلى إفراغ الاتفاق من مضمونه الإنساني، عبر المماطلة، أو إعادة طرح الشروط ذاتها التي أفشلت محاولات سابقة.

وتؤكد هذه المعطيات أن نجاح الصفقة مرهون بجدية الحوثيين في الوفاء بالتزاماتهم، والكشف الكامل عن مصير جميع المختطفين، وفي مقدمتهم محمد قحطان.

قحطان وعقدة الثقة

يظل مصير القيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان من أبرز العوائق أمام المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق. فعلى الرغم من إدراج اسمه ضمن المرحلة الأولى من الصفقة، فإن مصيره لا يزال مجهولاً منذ اعتقاله في عام 2015 من إحدى النقاط الأمنية عند مدخل مدينة إب. وحتى اليوم، لم يفصح الحوثيون عما إذا كان الرجل لا يزال على قيد الحياة أم لا.

وحسب المصادر، فإن هذا الغموض قوض تفاهمات سابقة، وأدى إلى إفشال جولات تفاوض سابقة، بعد أن اشترط الحوثيون الحصول على ثلاثين أسيراً في حال كان قحطان حياً، أو ثلاثين جثة إذا ثبت مقتله.

وترى الجهات المعنية بالملف أن هذا السلوك يثير شكوكاً كبيرة حول مصير الرجل، بعد أكثر من عشر سنوات وثمانية أشهر على إخفائه قسراً، ويضعف فرص بناء الثقة اللازمة لإنجاح بقية مراحل اتفاق التبادل.

وتؤكد المصادر أن نجاح أي صفقة تبادل لا يمكن أن يتحقق دون معالجة ملف قحطان بوضوح وشفافية، بوصفه قضية إنسانية وسياسية في آن واحد، واختباراً حقيقياً لمدى التزام الحوثيين بالقانون الدولي الإنساني.

مراحل التنفيذ

وفقاً للتفاهمات المعلنة، فقد جرى الاتفاق على تنفيذ الصفقة عبر ثلاث مراحل رئيسية. المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح أسرى تحالف دعم الشرعية، إضافة إلى القيادي محمد قحطان. وفي المرحلة الثانية، التي تبدأ بعد نحو أسبوع، سيتم تشكيل لجنة مشتركة للقيام بزيارات ميدانية إلى أماكن الاحتجاز، وتوثيق أسماء جميع المحتجزين على ذمة الصراع.

وبعد ذلك، ترفع اللجنة القوائم التي تم التحقق منها إلى مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليجري اعتمادها رسمياً والشروع في تنفيذ عملية التبادل. أما المرحلة الثالثة، فستُخصص لملف «الجثامين»، وتشمل تبادل جثامين القتلى، والبحث عن رفات المفقودين في مناطق المواجهات، وصولاً إلى إغلاق هذا الملف المؤلم.

وتشير المصادر إلى أنه تم الاتفاق على عدد المشمولين بالصفقة من الطرفين، على أن يتم التوافق على أسمائهم خلال شهر، إضافة إلى انتشال جميع الجثامين من مختلف الجبهات وتسليمها عبر الصليب الأحمر. كما اتُفق على تشكيل لجان لزيارة السجون بعد تنفيذ الصفقة، وحصر من تبقى من الأسرى، تمهيداً لإطلاقهم.

وسيكون العبء الأكبر، حسب المصادر، على الوسطاء الدوليين، وفي مقدمتهم مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لضمان تنفيذ الاتفاق، ومنع أي طرف من الالتفاف عليه، ووضع آلية زمنية واضحة تبدأ بتجميع الأسرى والمختطفين في نقاط محددة، ومطابقة القوائم، وتحديد يوم البدء بعملية التبادل.


ترحيب عربي وإسلامي واسع بالاتفاق اليمني لتبادل المحتجزين

أسرى يمنيون أفرج عنهم على متن طائرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (أرشيفية - رويترز)
أسرى يمنيون أفرج عنهم على متن طائرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (أرشيفية - رويترز)
TT

ترحيب عربي وإسلامي واسع بالاتفاق اليمني لتبادل المحتجزين

أسرى يمنيون أفرج عنهم على متن طائرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (أرشيفية - رويترز)
أسرى يمنيون أفرج عنهم على متن طائرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (أرشيفية - رويترز)

توالت بيانات الترحيب العربية والإسلامية غداة الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في العاصمة العُمانية مسقط، بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين، في صفقة تعد هي الكبرى منذ اندلاع الحرب التي أشعلها الحوثيون، وسط آمال بأن تشكل هذه الخطوة الإنسانية مدخلاً لكسر الجمود السياسي وتهيئة الأجواء أمام مسار سلام أوسع في اليمن.

وفي هذا السياق، رحبت دولة الكويت بالاتفاق، ووصفت التوقيع عليه بأنه خطوة مهمة وإيجابية نحو بناء الثقة وتعزيز مسار السلام والاستقرار في اليمن.

وأكدت وزارة الخارجية الكويتية تقديرها للجهود والمساعي الحميدة التي بذلتها عُمان والسعودية، إلى جانب الدور الذي قام به مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

كما أعلنت البحرين ترحيبها بتوقيع الاتفاق، عادّةً إياه خطوة إيجابية ومهمة في مسار معالجة الأوضاع الإنسانية، ودعم جهود التسوية السلمية الشاملة.

جانب من اجتماعات سابقة بين وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين بشأن المحتجزين (إكس)

وجددت المنامة موقفها الداعم لكل الجهود الدولية والإقليمية الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم في اليمن، وفقاً للمرجعيات المعتمدة، وبما يحفظ وحدة اليمن وسيادته ويلبي تطلعات شعبه في الأمن والاستقرار.

من جهتها، رحبت مصر بالاتفاق، عادّةً إياه خطوة إنسانية مهمة تسهم في تخفيف معاناة الشعب اليمني، الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن القاهرة ترى في هذا الاتفاق «بارقة أمل نحو توحيد الصف اليمني، وصياغة رؤية وطنية جامعة تُمكّن من إطلاق عملية سياسية جادة تنهي معاناة الشعب اليمني، وتلبي تطلعاته المشروعة في الأمن والاستقرار والتنمية».

وثمنت مصر الجهود الصادقة التي بذلتها سلطنة عُمان في استضافة وتيسير المباحثات، إلى جانب الدور الذي اضطلع به مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف التي شاركت في إنجاح هذه المفاوضات، مؤكدة دعمها الكامل لكل المساعي الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية بالوسائل السلمية.

خطوة إنسانية

رحبت الأمانة العامة لمنظمة «التعاون الإسلامي» بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين، وعدّته خطوة إنسانية مهمة تسهم في تخفيف المعاناة وتعزيز فرص بناء الثقة بين الأطراف اليمنية.

وجددت المنظمة في بيان لها، موقفها الثابت والداعم لكل الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في اليمن، بما يلبي تطلعات شعبه، مشيدة بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، إلى جانب مساعي مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وأعربت المنظمة عن أملها في أن يسهم هذا الاتفاق في تعزيز مسار السلام والاستقرار، وفتح آفاق جديدة أمام تسوية سياسية شاملة تُنهي سنوات من الصراع.

بدوره، رحب البرلمان العربي بالاتفاق الموقع في مسقط، مشيداً بالجهود التي بذلتها سلطنة عُمان في رعاية المباحثات، وبالدعم الذي قدمته الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، للوصول إلى هذا الاتفاق. كما ثمّن البرلمان العربي الدور الذي اضطلعت به السعودية في دعم ومساندة الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة اليمنية.

وجدد البرلمان العربي دعمه الكامل لكل المبادرات التي تهدف إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في اليمن، وبما يلبي تطلعات الشعب اليمني في العيش الكريم بعد سنوات من الحرب والمعاناة.

وجاء اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين الذي توصلت إليه الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في العاصمة العُمانية مسقط، في إطار الجولة العاشرة من المشاورات الإنسانية برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليشكّل أكبر اختراق في هذا الملف منذ سنوات.

وينص الاتفاق على الإفراج عن نحو 2700 محتجز من الطرفين، في خطوة تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية لآلاف الأسر اليمنية، بعد تعثر جولات سابقة بسبب الخلافات حول مبدأ «الكل مقابل الكل» وآليات التنفيذ.