أثارت تعديلات مقترحة على نصوص مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» في مصر انقساماً برلمانياً، ما دفع نواباً للانسحاب من أول اجتماعات اللجنة الخاصة التي شكلها مجلس النواب لمناقشة التعديلات المقترحة على 8 مواد أبدى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي الاعتراض عليها في مشروع القانون السابق.
واعتُمد مشروع قانون الإجراءات الجنائية بدور الانعقاد الماضي، لكن الرئيس السيسي رفض التصديق عليه وأعاده للمجلس من أجل إعادة النظر فيه.
وانسحب 3 نواب بالإضافة إلى نقيب المحامين من اللجنة بعد تمسك الحكومة، ممثلة في وزارة العدل، بتعديل نص المادة 105 من مشروع القانون بما يسمح للنيابة العامة بأحقية التحقيق مع المتهم من دون محاميه، وهو نص اعتبره النواب المنسحبون بالإضافة إلى نقيب المحامين يتعارض مع الدستور.
وشهدت اللجنة التي تضم 13 عضواً موافقة 6 أعضاء على التعديل في مقابل اعتراض 6 آخرين، فيما حسم رئيس اللجنة وكيل أول البرلمان المستشار أحمد سعد الدين الموقف بالموافقة باعتباره الصوت المرجح بين النواب.
وقال عضو اللجنة أحمد الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار الانسحاب جاء لرفضهم المشاركة في تمرير المادة بهذه الصياغة والتفسير الخاطئ من جانب الحكومة لاعتراضات الرئيس على القانون وتأكيده بالرغبة في وجود مزيد من الضمانات التي تكفل محاكمة عادلة للمتهمين، مشيراً إلى أن التحقيق مع المتهم أمام النيابة من دون محاميه يخالف الدستور.
وأضاف أن تمرير التعديل الحكومي على المادة بالأغلبية الضئيلة جعلهم يفضلون عدم استكمال المناقشات، مشيراً إلى أن الحكومة تقدم اقتراحات وتعديلات من دون دراسة حقيقية لمدى توافقها مع الدستور.

وتركّزت اعتراضات الرئيس السيسي على مواد القانون في بعض القضايا المرتبطة بضمانات حرمة المسكن، وتنظيم الحبس الاحتياطي، والإعلانات القضائية، بالإضافة إلى ما يرتبط بتنظيم استجواب المتهمين في حالات الضرورة، حيث لم تُمنح النيابة العامة الصلاحيات الكافية بما يوازي ما هو مقرر لمأموري الضبط القضائي، فضلاً عن النص الذي أجاز إيداع المتهم في بعض الجرائم من دون تحديد مدة قصوى، ودون اشتراط أمر قضائي مسبب، وهو ما عدّته الرئاسة «انتقاصاً من ضمانات الحرية الفردية».
وتؤكد عضوة اللجنة مها عبد الناصر، لـ«الشرق الأوسط»، أن آلية النقاشات داخل اللجنة عكست وجود توجه لتمرير جميع التعديلات خلال جلسة واحدة دون وجود مناقشات حقيقية، لافتة إلى أن وزير العدل قدم تعديلات تتعارض مع ما أرسله الرئيس للمجلس بشأن مزيد من الضمانات للمحاكمات العادلة.
وأضافت أن تشكيل اللجنة من 12 نائباً فقط بالإضافة إلى رئيسها أمر يجعل هناك ضرورة لتمرير التعديلات بأغلبية كبيرة، لافتة إلى أن النقاشات في اللجنة والرغبة بسرعة تمرير التعديلات ترجّح أن يتم إرسال مشروع القانون للعرض على الجلسة العامة في أقرب وقت ممكن.
ويشير الصحافي المتخصص في الشأن القضائي محمد بصل، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الوضع الحالي ليس مناسباً للانتهاء من مشروع القانون بشكل متعجل في ظل وجود حساسيات وخلافات بين النواب بناءً على مواقفهم السابقة من القانون، بالإضافة إلى أن المواقف الحكومية تشهد تغيرات عدة، لافتاً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت من أجل مناقشة الاعتراضات والتعامل معها بهدوء.
وأضاف أن المجلس «بذل مجهوداً في صياغة مشروع القانون، لكن لا توجد ضرورة لعدم التعامل مع الاعتراضات الحالية بشكل أوسع في ظل ما يكتسبه (مشروع قانون) الإجراءات الجنائية من أهمية كبيرة»، لافتاً إلى أن المشهد الحالي يؤكد أن الوقت ليس مناسباً للانتهاء من القانون وإقراره.



