اجتماع الجنرالات... بين «عقيدة المحارب» و«عدو الداخل»

بحث استراتيجية «السلام عبر القوة»

صورة للقادة العسكريين في اجتماع الجنرالات بكوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (رويترز)
صورة للقادة العسكريين في اجتماع الجنرالات بكوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

اجتماع الجنرالات... بين «عقيدة المحارب» و«عدو الداخل»

صورة للقادة العسكريين في اجتماع الجنرالات بكوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (رويترز)
صورة للقادة العسكريين في اجتماع الجنرالات بكوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (رويترز)

في لحظة مفصلية للمؤسسة العسكرية الأميركية، استدعى وزير الحرب بيت هيغسيث بشكل غير مسبوق المئات من الجنرالات من مختلف أنحاء العالم إلى اجتماع عاجل في واشنطن، من دون أجندة واضحة. ولم تتضح هذه الأجندة حتى بعد انعقاد الاجتماع الذي حضره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وأدلى بخطاب أمام القادة العسكريين خلط فيه التجاذبات الحزبية الداخلية بالأزمات الدولية، في مشهد غير مألوف داخل المؤسسة العسكرية.

فهؤلاء قادة معروفون بالحرص على الابتعاد عن الانقسامات الحزبية، لكنهم وجدوا أنفسهم في موقف لا يحسَدون عليه، بمواجهة خطوات مثيرة للجدل لوزير الحرب الأميركي، في سياق تغييرات جذرية؛ من طرد كبار القادة العسكريين، إلى إعادة هيكلة البنتاغون وتحويل اسمه رسمياً إلى وزارة الحرب، وصولاً إلى فرض قيود على الصحافيين.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، التغييرات التي فرضها هيغسيث على البنتاغون، وما إذا كانت تمهّد لإصلاحات تهدف إلى ضبط ميزان القوة داخل المؤسسة العسكرية، أم أنها مؤشر على أزمة عميقة تهزّ واحدة من أعرق مؤسسات الدولة الأميركية، بالإضافة إلى انعكاس هذه التحولات على مستقبل البنتاغون ودور أميركا.

«عقيدة المحارب»

القادة العسكريون في اجتماع الجنرالات بكوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

عُقد اجتماع الجنرالات، الذي شمل أكثر من 800 قائد عسكري في قاعدة كوانتيكو العسكرية في فيرجينيا تحت عنوان «عقيدة المحارب»، وتحدث خلاله هيغسيث عن السلام من خلال القوة، مشدداً على إلغاء برامج التنوع والمساواة ومنتقداً البدانة في الجيش.

ويقول جيم تاونساند، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لسياسة «ناتو» وكبير الباحثين في مركز الأمن الجديد، إنه لم ير تجمّعاً بهذا الشكل والمضمون طوال فترة عمله في البنتاغون لمدة 35 عاماً. «لا خلال عاصفة الصحراء أو الصراعات الكبيرة الأولى، حيث قد يتوقع عقد اجتماعات من هذا النوع». وأضاف: «يبدو أن هيغسيث شعر بأنه في حاجة إلى جمع الجنرالات للحديث عن الثقافة. هو أراد أن ينظر إليهم، ويقول لهم: هذا ما أتوقعه منكم من حيث مظهركم، وما تفعلونه، وما أتوقعه منكم من حيث روحكم القتالية».

لكن الجنرال مارك كيميت، مساعد وزير الخارجية السابق ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي سابقاً، لا يستغرب عقد هذا الاجتماع، منتقداً تركيز الديمقراطيين على تكلفته، خاصة وأن الجيش لطالما يحضر قادة من الشرق الأوسط إلى تامبا في فلوريدا لحضور مؤتمرات، حسب قوله. وأضاف كيميت أن «الحرب ليست نشاطاً يمكن إجراؤه عبر (زووم) أو عبر البريد الإلكتروني. إنها ديناميكية بشرية. وإذا كنت تريد أن تتأكد، بصفتك قائداً، من أن قادتك التابعين لك يفهمون ذلك، فعليك أن تفعل ذلك وجهاً لوجه. أعتقد أن هذا أمر صحي، في أي وقت ينظر القائد إلى رجاله ويقول: هذا ما أتوقعه منكم».

من ناحيته، يشير أنتوني شايفر، المسؤول الاستخباراتي السابق في الجيش الأميركي ومدير مركز لندن للأبحاث، إلى أن آخر مرة تم فيها القيام بشيء مماثل كانت في عام 1940 عندما دعا رئيس أركان الجيش حينها، الجنرال جورج مارشال، جميع القادة إلى مؤتمر مشابه. وبينما قرأ البعض الحدث على أنه دلالة محتملة للتصعيد العسكري، يؤكد شايفر أن هذا ليس هدف الاجتماع، مضيفاً: «نحن لن نخوض حرباً؛ فالهدف من اللقاء هو دعوة القادة إلى لقاء وجهاً لوجه فحسب، وتحديد توقعات وأهداف عملياتية يمكن لهم تنفيذها».

هيغسيث يتحدث أمام الجنرالات في كوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

لكن شايفر يتحدّث عن استياء بعض القادة من هيغسيث؛ إذ يرون أنه «شاب صغير يلقي محاضرة عليهم»، مشيراً إلى نقطة مهمة برأيه في خطابه عندما دعا القادة الذين لم يوافقوا على توجهات وزارة الحرب الجديدة إلى الاستقالة. وعن هذا، يقول تاونسند إن الاستقالة بسبب الاختلافات لطالما كانت جزءاً من ثقافة الجيش الأميركي، حيث إذا شعر بعض العناصر بأنهم على الجانب المعاكس لما تريد الإدارة القيام به يسعون للاستقالة بهدوء ومن دون ضجيج. لكنه يحذّر من أسلوب هيغسيث في إيصال رسائل من هذا النوع، ويفسر: «أعتقد أن المشكلة تظهر عندما يقوم شخص ما بذلك على أساس سياسي، ويقرع الطبول بصوت عالٍ ولديه بعض المشاكل الشخصية مع العناصر. هذه ليست صورة جيدة له».

حروب «ثقافية»؟

شدد هيغسيث على أهمية إلغاء برامج التنوع والمساواة والاندماج، عادَّاً أنها تُشتّت انتباه العناصر عن شن حروب أو مواجهة الأعداء.

وعن هذه النقطة، يتحدث كيميت عن وجود تصور بين الجنود الأميركيين مؤخراً «بأن الحروب الثقافية أصبحت أكثر أهمية من الحروب المسلحة». ويضيف: «تحدثت إلى الكثير من الجنود، وكنت جالساً مع مجموعة من الضباط الأسبوع الماضي في بغداد، قالوا إنهم جاءوا للعراق لخوض حروب الأمة والقتال والدفاع عن البلاد ضد الأعداء الأجانب. ولكن عندما يضطرون إلى حضور دروس تتناول قضايا ثقافية بدلاً من التركيز على مهنتهم المتمثلة في القتال والدفاع، فهم يرون أن الأمر قد تجاوز الحدود. وبالفعل، أنا شخصياً أعتقد أن الأمر قد تجاوز الحدود بالتأكيد».

ويذكر كيميت، الذي خدم لفترة طويلة في الجيش الأميركي، أن الجيش لطالما كان «مُحرّكاً للتغيير الاجتماعي في تاريخ أميركا، فكان أول منظمة يدمج السود والنساء والمثليين في قواته، ويتبنى التغييرات الثقافية والاجتماعية، لكن هذا لا يجب أن يحصل على حساب قدرات الجنود القتالية». ويوافق شايفر على هذه المقاربة، مؤكداً أن وزارة الدفاع لا يجب أن تكون مكاناً للتجارب الاجتماعية، أو «مختبراً للأفكار الجيدة والسيئة لمختلف المنظمات السياسية». وأشار إلى أن طبيعة الحدث الذي تم عقده هي إعادة ترسيخ العقيدة السابقة للجيش، بالإضافة إلى الحرص على استعراض القوة لردع الأعداء عبر وجود الجنرالات في غرفة واحدة، إضافة إلى التأكيد على استراتيجية الرئيس الأميركي بالسلام عبر القوة.

«عدو الداخل»

ترمب يتحدث أمام الجنرالات في كوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

ترمب، الذي شارك في الاجتماع، تحدث أمام مجموعة الجنرالات عن أمور خارجة عن المألوف في تجمع من هذا النوع، كالغش في الانتخابات، والهجرة غير الشرعية، محذّراً من «العدو الداخلي»، ومشيراً إلى استعمال المدن الأميركية ساحةَ تدريبٍ للحرس الوطني.

وأثار هذا الخطاب موجة من الانتقادات والاتهامات بتسييس الجيش. ويقول تاونسند إنه في حين أن النقاط التي تطرق إليها هيغسيث في خطابه كانت موجهة إلى الجيش، فإن جمهور ترمب في خطابه كان مختلفاً؛ إذ كان يتحدث مع الأميركيين وقاعدته الشعبية. وأشار إلى أنه لم يتطرق كثيراً إلى الجانب العسكري، بل كان معظم حديثه عن الجانب المدني وكيفية تفاعل الجيش مع المدنيين.

وانتقد تاونسند تلويح ترمب باستخدام القوات الفيدرالية محلياً، مشيراً إلى الحساسية البالغة لموضوع من هذا النحو. لكن شايفر لا يرى في الأمر أي جديد، بل يذكر بأن المدن تستخدم بالفعل أماكنَ للتدريب. وأعطى مثالاً على ذلك منطقة بورتسموث في ولاية فيرجينا، قائلاً: «إنها واحدة من أكثر المدن عنفاً في أميركا. البحرية لديها مركز طبي بحري هناك، كما يقومون بدورات تدريب. البحرية تستفيد من هذه البيئة، وقد تعاملت مثلاً الأسبوع الماضي مع ثلاث حالات مختلفة لأشخاص أصيبوا بطلقات كأحداث حية مناسبة وضرورية لتدريب قواتها على التعامل مع إصابات القتال». ورغم ذلك، يرى شايفر أن ما هو مختلف هذه المرة هو توسيع نطاق هذه الممارسات لتشمل المزيد من المواقع.

وزارة الحرب

لافتة تظهر تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب 8 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

من التغييرات البارزة التي فرضها ترمب وهيغسيث على البنتاغون هو تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب؛ ما سيكلف دافع الضرائب الأميركي قرابة المليار دولار حسب التقديرات الأولية، من مصاريف تغيير الأختام والشعارات الرسمية والأنظمة الرقمية والهويات البصرية، وغيرها.

لكن شايفر يرى أن التغيير كان ضرورياً لإظهار الهوية الجديدة، والتشديد على وجود «أسلوب جديد في النظر مع الأمور والتعاطي معها». كما يدعم مقاربة إعادة المعايير القديمة للمظهر في الجيش، كالحفاظ على اللياقة البدنية، وحلق اللحى وغيرها من أمور، لكنه يوجّه انتقاداً مبطناً لهيغسيث الذي أثار الجدل خلال تعيينه بسبب وجود وشم على جسمه، فيذكر بأن أحد المعايير هي عدم وجود أوشام ظاهرة لدى ارتداء زي عسكري، للظهور بمظهر احترافي.

ترمب وهيغسيث في اجتماع الجنرالات بكوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

ويتهم كيميت هنا هيغسيث بالنفاق في اختيار المعايير. ويفسر: «لقد قال إنه يريد إعادة جميع المعايير. أنا انضممت إلى الجيش في عام 1972 ولم يكن هناك حينها أي وشوم مسموح بها. إن كان هيغسيث يريد العودة إلى الوضع الذي كان عليه، عليه أن يذهب إلى مركز إزالة الوشم، حتى يتخلص من وشمه أيضاً، وإلا فسيكون ما قاله مجرد نفاق».

أما عن تسمية وزارة الحرب، فيذكر كيميت أن وزارة الدفاع كانت تسمى وزارة الحرب من عام 1776 إلى عام 1947، مضيفاً: «إن ما فعلوه هو العودة إلى الاسم الأصلي بدلاً من ابتكار اسم جديد، فقد أرسلنا الكثير من الجنود إلى الحرب على مدار 175 عاماً. ولا مانع لدي في تغيير الاسم». من ناحيته، يحذّر تاونسند من أن أموراً من هذا النوع تشتت الانتباه عن القضايا المهمة التي يتعين على الولايات المتحدة القيام بها، كاستراتيجية واضحة للأمن القومي، وتفاصيل تطبيقها، ونشر القوات الأميركية. وأضاف: «هذه أمور مهمة، ويجب أن تكون جوهر الموضوع. تسمية الوزارة وزارة حرب، واختبارات اللياقة البدنية وما إلى ذلك، جيدة من حيث المظهر. ولكن دعونا ندخل في تفاصيل ما تريد الإدارة أن تفعله في هذا العالم الخطير للغاية الذي نعيش فيه الآن».


مقالات ذات صلة

ترمب يشيد بإنفانتينو «محطم الأرقام القياسية»

رياضة عالمية رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بإنفانتينو «محطم الأرقام القياسية»

سلط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضوء على رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو قبل قرعة كأس العالم 2026 التي تقام الجمعة في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمة أمام لجنة الحريات الدينية التابعة للبيت الأبيض في متحف الكتاب المقدس بالعاصمة واشنطن يوم 8 سبتمبر 2025 (رويترز)

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

يُتوقع أن يُسلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة الفيفا للسلام» عند إجراء قرعة كأس العالم، يوم الجمعة.

ومع رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع، لمقترح ترمب للسلام في أوكرانيا، ذكر أوكرانيون بارزون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «تلغراف» البريطانية أن تقديم الجائزة قد يكون قراراً غير حكيم، في حين يواجه إنفانتينو مزاعم بـ«التودُّد» لترمب، فهذا ما يحدث.

ما جائزة «فيفا للسلام»؟

بعد أسابيع من رفض لجنة نوبل منح ترمب جائزة السلام الشهيرة، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن إطلاقه جائزة «الفيفا للسلام - كرة القدم توحِّد العالم».

في بيان نشره إنفانتينو بحسابه على «إنستغرام»، قال: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الضروري الاعتراف بالمساهمة المتميزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات، وجمع الناس في روح السلام».

وأعلن «الفيفا» أن الجائزة ستُمنح سنوياً، وسيتم تقديم الجائزة الافتتاحية في قرعة كأس العالم بواشنطن، وستُمنح للأفراد الذين «ساهموا في توحيد شعوب العالم في سلام، وبالتالي يستحقون تقديراً خاصاً وفريداً».

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

لماذا سيحصل ترمب على الجائزة؟

سيكون هذا بمثابة إهانة كبيرة، إذا لم يكن «ضيف شرف (الفيفا)» يوم الجمعة، هو الفائز.

وشارك ترمب في مقترحات سلام لروسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن الجائزة تُشير، على الأرجح، إلى نجاحه في المساعدة على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وأُطلقت الجائزة بعد ثلاثة أسابيع فقط من استنكار البيت الأبيض لتجاهل ترمب لـ«جائزة نوبل»، متهماً اللجنة النرويجية بـ«تفضيل السياسة المكانية على السلام».

وأُشيد بترمب لدفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على شروط كان قد رفضها سابقاً.

وتتطلب المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة سد الثغرات، في إطار العمل الذي ينص على أن قطاع غزة سيكون منزوع السلاح، ومؤمّناً، وتديره لجنة تضم فلسطينيين.

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

لماذا تُثير الجائزة جدلاً؟

أعرب منتقدو ترمب وجماعات حقوق الإنسان عن غضبهم، وأُثيرت مخاوف بشأن توقيتها نظراً لعدم تبلور خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا بعد.

وقال إيفان ويتفيلد، لاعب الدوري الأميركي السابق رئيس تحالف حقوق الإنسان لكرة القدم ومقره الولايات المتحدة: «كثيرٌ منا، نحن الأميركيين، لا نرى رئيسنا جديراً بجائزة السلام. لا ينبغي لـ(فيفا) أو أي منظمة أخرى أن تُكافئ الرئيس ترمب بأي نوع من جوائز السلام. (فيفا) تُمثل كرة القدم العالمية، وعليها أن تؤدي هذا الدور بصدقٍ وصدقٍ من أجلنا جميعاً، وليس فقط من هم في مناصب نافذة».

وقال ألكسندر رودنيانسكي، المخرج الأوكراني المرشح لجائزة الأوسكار المعارض البارز للكرملين: «سيكون من الرائع لو مُنحت جوائز للإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأضاف: «إذا فاز ترمب بهذه الجائزة بالفعل، فسيُنظر إليها على أنها إهانة لمئات الأوكرانيين الذين ما زالوا يموتون يومياً - سواء على خطوط المواجهة أو تحت قصف الصواريخ الروسية في منازلهم. بينما لا تزال الحرب مستعرة، يناقش مبعوث ترمب صفقات مربحة محتملة مع موسكو. من ناحية أخرى، ترمب اليوم هو الشخص الوحيد في العالم الذي يحاول بأي طريقة جادة وقف الحرب في أوكرانيا. لقد حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام مُسبقاً، ونحن نعيش عواقب رئاسته، ومنها هذه الحرب... يستحق ترمب الثناء على غزة، لكن الأمور مع أوكرانيا لم تنتهِ بعد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

وأضاف ابنه ألكسندر، أستاذ الاقتصاد المشارك في كمبردج المستشار الرئاسي لأوكرانيا حتى 2024: «ليس من شأني الحكم على ما إذا كان الوقت قد حان لفوز ترمب بجائزة السلام أم لا. ربما يكون ذلك أكثر ملاءمة، بعد أن نتوصل فعلياً إلى اتفاق في أوكرانيا يُعتبر ناجحاً وترتيباً قابلاً للاستقرار».

كما لاقت الجائزة ردود فعل متباينة داخل «فيفا» نفسها، وهناك اقتراحات تشير إلى عدم استشارة بعض أعضاء اللجنة بشأن خطط إطلاق الجائزة قبل صدور البيان، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ذلك، ردّت شخصيات بارزة على المنتقدين، حيث قالت برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في «فيفا»: «لا يمكن انتقاد (فيفا) إلا لتقديرها لمن يريدون السلام العالمي. ومن الواضح أن أعضاء (فيفا) راضون عن أداء إنفانتينو لوظيفته؛ فقد أُعيد انتخابه دون معارضة في عام 2023».

ما العلاقة بين إنفانتينو وترمب؟

يصف إنفانتينو صداقته مع ترمب بأنها «وثيقة». وقال في أكتوبر (تشرين الأول): «أنا محظوظ حقاً»، بعد استضافته في البيت الأبيض في مناسبات قليلة هذا العام وحده.

في منتدى الأعمال الأميركي في ميامي مؤخراً، أشاد إنفانتينو بمزايا سياسات ترمب. وقال: «عندما تكون في ديمقراطية عظيمة كالولايات المتحدة الأميركية، يجب عليك أولاً احترام نتائج الانتخابات، أليس كذلك؟ لقد انتُخب بناءً على برنامج... وهو ينفّذ فقط ما وعد به. أعتقد أنه يجب علينا جميعاً دعم ما يفعله لأنني أعتقد أنه يُبلي بلاءً حسناً».

وكان ترمب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة، استضاف إنفانتينو في البيت الأبيض في 2018، لكن المراقبين يقولون إن علاقتهما توطدت في 2020 في حفل عشاء أُقيم ضمن فعاليات القمة الاقتصادية العالمية بدافوس، بالقرب من مقر «فيفا» في زيوريخ، وصف إنفانتينو ترمب في البداية بأنه «صديقي العزيز».


استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمة أمام لجنة الحريات الدينية التابعة للبيت الأبيض في متحف الكتاب المقدس بالعاصمة واشنطن يوم 8 سبتمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمة أمام لجنة الحريات الدينية التابعة للبيت الأبيض في متحف الكتاب المقدس بالعاصمة واشنطن يوم 8 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمة أمام لجنة الحريات الدينية التابعة للبيت الأبيض في متحف الكتاب المقدس بالعاصمة واشنطن يوم 8 سبتمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمة أمام لجنة الحريات الدينية التابعة للبيت الأبيض في متحف الكتاب المقدس بالعاصمة واشنطن يوم 8 سبتمبر 2025 (رويترز)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في استراتيجية جديدة منتظرة منذ مدة طويلة، أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

وتعهّدت الاستراتيجية الجديدة التي نُشرت صباح الجمعة، «تعديل حضورنا العسكري العالمي للتعامل مع التهديدات العاجلة لجزئنا من الكرة الأرضية، والابتعاد عن الميادين التي تراجعت أهميتها النسبية للأمن القومي الأميركي خلال السنوات أو العقود الأخيرة».

وتسعى الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب لوضع حد للهجرة الجماعية حول العالم، وجعل السيطرة على الحدود «العنصر الأساسي للأمن الأميركي»، حسب ما جاء في الوثيقة. وجاء في الوثيقة التي حملت اسم «استراتيجية الأمن القومي»: «يجب أن ينتهي عصر الهجرة الجماعية. أمن الحدود هو أهم عنصر من عناصر الأمن القومي». وأضافت: «يجب أن نحمي بلادنا من الغزو، ليس من الهجرة غير المنضبطة فحسب، بل كذلك من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والمخدرات والتجسس والاتجار بالبشر».

وحذّرت الوثيقة كذلك من خطر «محو» الحضارة الأوروبية، مشيرة إلى أنه «إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون عشرين عاماً أو أقل». وتدعو الوثيقة الواقعة في 33 صفحة، التي اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى «استعادة التفوق الأميركي» في أميركا اللاتينية.

إلى ذلك، دعت إدارة ترمب في وثيقة «استراتيجية الأمن القومي» كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية، الجمعة، إلى بذل مزيد من الجهود لدعم تايوان في سعيها للدفاع عن نفسها أمام الصين.

وجاء في الوثيقة: «علينا حضّ هذين البلدين على زيادة الإنفاق الدفاعي مع التركيز على الإمكانات... اللازمة لردع الأعداء وحماية سلسلة الجزر الأولى»، في إشارة إلى حاجز طبيعي من الجزر يشمل تايوان شرق الصين.


اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
TT

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

قالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن سلطات الهجرة ألقت القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس قبل يوم من عيد الغفران اليهودي.

وألقت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية القبض على كارلوس برتغال جوفيا، وهو برازيلي، يوم الأربعاء، بعد أن ألغت وزارة الخارجية الأميركية تأشيرته المؤقتة المخصصة لغير المهاجرين بعد ما وصفته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «واقعة إطلاق نار بدافع معاداة السامية» - وهو ما يتعارض مع وصف السلطات المحلية للقضية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت وزارة الأمن الداخلي إن جوفيا، وهو أستاذ مشارك في كلية الحقوق بجامعة ساو باولو والذي كان يدرس في جامعة هارفارد خلال فصل الخريف، وافق على مغادرة البلاد. ولم يتسنَّ الوصول إليه بعد للتعليق، ورفضت جامعة هارفارد ومقرها كامبريدج بولاية ماساتشوستس التعليق.

وجاء اعتقال جوفيا في الوقت الذي ضغطت فيه إدارة ترمب على هارفارد للتوصل إلى اتفاق لحل سلسلة من المشكلات، من بينها اتهام هارفارد بأنها لم تفعل ما يكفي لمكافحة معاداة السامية ولحماية الطلاب اليهود في الحرم الجامعي.

وألقت الشرطة في بروكلين بولاية ماساتشوستس القبض على جوفيا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أن تلقت بلاغاً عن شخص يحمل بندقية بالقرب من الكنيس في الليلة السابقة لعيد الغفران، وذكر تقرير الشرطة أن جوفيا قال إنه كان يستخدم بندقية خرطوش لاصطياد الفئران في مكان قريب.

ووافق الشهر الماضي على الاعتراف بتهمة استخدام بندقية الخرطوش بشكل غير قانوني وقضاء ستة أشهر تحت المراقبة لحين المحاكمة. وتم إسقاط التهم الأخرى التي واجهها، مثل تعكير الصفو العام والسلوك المخل بالنظام وتخريب الممتلكات كجزء من صفقة الإقرار بالذنب.

وقال الكنيس في وقت سابق، إن الشرطة أبلغته بأن جوفيا «لم يكن على علم بأنه يعيش بجوار معبد يهودي وبأنه يطلق بندقية الخرطوش بجواره أو أن هناك عطلة دينية».