«سلاح الضفة»... مصادر متنوعة ومعركة مُعقدة واتهامات لإسرائيل

مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: الاحتلال يغرقنا بالسلاح ثم يتخذه ذريعة لمهاجمة السلطة والضفة

TT

«سلاح الضفة»... مصادر متنوعة ومعركة مُعقدة واتهامات لإسرائيل

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لما قالت إنه صواريخ ومتفجرات وأدوات عثر عليها في رام الله
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لما قالت إنه صواريخ ومتفجرات وأدوات عثر عليها في رام الله

فيما تتجه الأنظار لرد مرتقب من حركة «حماس» على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإنهاء الحرب في قطاع غزة، التي تنص على نزع وتفكيك سلاح الحركة في القطاع، تواصل إسرائيل حرباً علنية وأخرى سرية على سلاح الحركة وأسلحة التنظيمات والمجموعات في الضفة الغربية، في معركة قديمة ومعقدة ومستمرة، لا تخلو من اتهامات لإسرائيل بالمسؤولية عن بعض جوانبها.

وعلى الرغم من الفارق الواسع بين قوة «حماس» في غزة مقارنة بالضفة، ومع اختلاف الواقع الأمني؛ إذ تسيطر إسرائيل على الضفة، فإن سلاح الحركة في الضفة والسلاح الفلسطيني بشكل عام يظل مصدر إزعاج وقلق للجيش الإسرائيلي، الذي لم يستطع رغم كل الحملات الكبيرة والصغيرة واليومية إنهاءه.

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس مارس 2024 (إ.ب.أ)

وقدم ترمب خطته، الاثنين الماضي، في مؤتمر صحافي مشترك بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أيّد الاقتراح ونص على إطلاق سراح الرهائن الـ48 المتبقين خلال 72 ساعة، مقابل أسرى فلسطينيين، واشترط انسحاباً إسرائيلياً من غزة على ثلاث مراحل، ونزع سلاح «حماس» وتفكيك منظومة تسليحها في غزة.

سلاح الضفة

وفيما بدا محاولة أخرى للفت الانتباه إلى السلاح في الضفة الغربية، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه عثر على صواريخ جديدة وعبوات ناسفة في رام الله.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» و«القناة الـ12» ووسائل إعلام أخرى، إن الجيش والشرطة عثرا على 15 صاروخاً و18 عبوة ناسفة، ومتفجرات، وأسلحة أخرى في رام الله، ضمن العملية التي عثر فيها على صواريخ مع نفس المجموعة الفلسطينية قبل أسبوعين، وقد أُحيلت بعض المواد المتفجرة والصواريخ التي عُثر عليها إلى التحقيق.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، منتصف الشهر الماضي، أنه اعتقل خلية قرب رام الله، «مسؤولة عن محاولة إطلاق صواريخ وإنتاج أخرى، إضافة إلى عبوات ناسفة ومواد متفجرة»، وعثرت في مكان اعتقالهم على مخرطة لإنتاج القذائف الصاروخية، وعشرات القذائف الصاروخية، والعبوات الناسفة والمواد المتفجرة.

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لما قالت إنه صواريخ ومتفجرات وأدوات عثر عليها في رام الله

وجاء الإعلان بعد أيام قليلة من رصد محاولة فاشلة لإطلاق صواريخ بدائية من قرية كفر نعمة في رام الله، حيث أطلق صاروخ، وتم العثور على آخر.

وقال الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إنه عُثر على مزيد من الصواريخ في خطوة قيّمتها «يديعوت أحرونوت» بأنها «تعزز مخاوف جدية لدى الأجهزة الأمنية».

وبحسب «القناة الـ12»، فقد قال قائد المجموعة خلال التحقيق معه، إنه «خطط لإطلاق الصواريخ على تل أبيب».

وهذه ليست أول محاولة تجري من الضفة الغربية، فقد سجلت محاولات من جنين شمال الضفة قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتم ضبط صاروخ في طولكرم قبل أسبوع، وجسم آخر أنبوبي في بيت لحم.

«نسخ نموذج غزة»

وعلى الرغم من أن الصواريخ التي أطلقت سابقاً وحتى آخر محاولة لم تشكل أي تهديد حقيقي، لكن نسخ نموذج قطاع غزة الذي بدأ بمثل هذه الصواريخ، أكثر ما يثير القلق في إسرائيل، خصوصاً أن المسافات بين مدن الضفة والمدن الإسرائيلية، والمستوطنات قريبة للغاية، ومتداخلة.

فلسطينيون يحتجون ضد المستوطنات الإسرائيلية بالقرب من نابلس في الضفة الغربية المحتلة (رويترز - أرشيفية)

واكتشاف الصواريخ يعدّ صادماً لإسرائيل في الضفة التي تشن منذ عقود حرباً منتظمة ضد سوق السلاح في الضفة الغربية، واكتشفت وصادرت ودمرت آلاف القطع الخفيفة والعبوات الناسفة ومخارط التصنيع.

وقال قائد كبير في الجيش الإسرائيلي في الضفة: «سنواصل الجهد الاستخباراتي والعملياتي، وعلى صعيد التحقيقات مع (الشاباك)، ولن نسمح بوجود الأسلحة التي تخل بالتوازن في يهودا والسامرة» (الضفة الغربية).

سلاح الضفة... من أين يأتي؟

المسألة قديمة ومعقدة، حتى إن إسرائيل نفسها التي تحارب هذا السلاح «متورطة فيه بشكل أو بآخر»، وفق تقييم فلسطيني.

وبخلاف قطاع غزة، لا يوجد في الضفة الغربية جيش منظم مثل «كتائب القسام» التابع لـ«حماس»، أو «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي»، وإنما مجموعات صغيرة علنية أو سرية تتكون أحياناً من شخص واحد أو عدة أشخاص، ولا يتم كشف أمرهم سوى بعد معلومات استخباراتية أو تنفيذ عمليات، وبالتالي لا يمكن حصر حجم السلاح ونوعه، على غرار غزة.

وخلال الانتفاضات السابقة في الضفة، ظهرت في الضفة كل أنواع الأسلحة، خفيفة، ورشاشات ثقيلة، وهاونات وعبوات وقذائف، ولم يكن مفهوماً من أين جاءت مرة واحدة، والآن تظهر صواريخ أو محاولة إنتاج صواريخ.

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لما قالت إنه صواريخ عثر عليها في رام الله

وقال مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل هي التي أغرقت الضفة بالسلاح، بهدف إحداث الفوضى، وتتحمل مسؤولية ذلك».

وأضاف: «السلاح الوحيد المعلن والشرعي هو سلاح السلطة. والسلطة نفسها تمنع وتلاحق أي سلاح آخر هنا. لكن ملاحقة ذلك ليست سهلة؛ لأن إسرائيل تواصل إغراق السوق وهي مصدره بخلاف ما تتدعي».

نوعان من السلاح

ومنذ تأسيس السلطة قبل 32 عاماً، يوجد في الضفة نوعان من السلاح: رسمي بيد السلطة، وغير رسمي بيد الفصائل والتجار والعائلات وبعض المجموعات «الإجرامية».

وهي أسلحة ظلت تتكاثر مع السنوات حتى إن مسؤولاً إسرائيلياً وصف الأمر بأنه «يُشبه انتشار ظاهرة الأجهزة المحمولة (الجوالات) بيد الجميع».

واعترفت إسرائيل بأن الضفة أغرقت بالسلاح من العراق وسوريا عبر التهريب من خلال الأردن، ومن الداخل (إسرائيل) عبر التجار وعبر سرقة الجيش الإسرائيلي نفسه، ومن لبنان، إلى جانب التصنيع المحلي.

الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

ورصد تقرير سابق لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، كيف أن النظام الأمني في إسرائيل استيقظ متأخراً على هذه الظاهرة، وحاول سد الثغرة، لكنه واجه صعوبات، من بينها أنه «لا يوجد رقم أو تقدير لعدد هذه الأسلحة».

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى ثمة «5 مصادر للسلاح في الضفة هي: إسرائيل، والأردن، ولبنان، والتصنيع الذاتي، والسلطة الفلسطينية».

وكثف الجيش الإسرائيلي في الفترة الماضية و«الشاباك»، من عمليات مراقبة تهريب الأسلحة، وتم إنشاء وحدة عملياتية للحد من تهريب الأسلحة من الأردن، فيما راح «الشاباك» يلاحق كل عملية سرقة من قواعد جيش الاحتلال الإسرائيلي في إسرائيل أو المناطق النائية في الضفة.

جنود إسرائيليون متورطون

وفي إحدى العمليات، اتضح أن جنوداً إسرائيليين نظاميين ومُسرحين، وكذلك مدنيون، تورطوا في تجارة الذخيرة والأسلحة النارية المسروقة من قواعد الجيش، والتي وصلت في نهاية المطاف إلى الأراضي الفلسطينية.

أما أنواع الأسلحة التي تم تهريبها، فهي متنوعة، وبعضها جاء من قواعد عسكرية تم تفكيكها في العراق أو سوريا كذلك، وكلها تم تهريبها عبر الأردن.

وبين فترة وأخرى، يعلن الجيش الإسرائيلي إحباط تهريب عبر الحدود الأردنية، وكذلك عبر الحدود اللبنانية، وثمة تقديرات في إسرائيل، أنه مقابل كل إحباط ناجح من المحتمل أن يكون هناك تهريب ناجح.

جانب من الحدود بين إسرائيل والأردن (أرشيفية - رويترز)

أما المسار الآخر الذي تتابعه إسرائيل فهو التصنيع المحلي. وداهم الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الماضية العديد من المخارط بدعوى تصنيعها السلاح، ومصانع ومعامل صغيرة قال إنه يتم فيها تصنيع السلاح والعبوات الناسفة.

والتصنيع المحلي ازدهر كثيراً في السنوات الأخيرة، وأصبح مستهدفاً من قبل السلطات الإسرائيلية أكثر من سواه.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، نجح الفلسطينيون في تصنيع بنادق «كارلو»، (المحلية)، التي يعتمد في تصميمها على بندقية «كارل غوستاف» عديمة الارتداد.

أما المصدر الثالث فهو السلطة الفلسطينية، وهو مصدر رسمي مستقل. ويوجد في الضفة الغربية نحو 50 ألف عسكري جميعهم مسلحون بأسلحة مختلفة، لكن معظمها من نوع كلاشينكوف.

وليس سراً أن بعض أعضاء السلطة نفذوا هجمات مستقلة بأسلحتهم الشخصية ضد إسرائيل، إضافة إلى ذلك لا يمكن التقليل من حجم السلاح بيد العائلات والعشائر الفلسطينية.

أسلحة العشائر

وفي بعض الخلافات الدامية في مناطق عشائرية، ظهرت أسلحة ثقيلة لا تملكها حتى السلطة الفلسطينية. وتوجد عائلات في الخليل وبيت لحم مسلحة بشكل كبير، وتحتفظ بكميات متنوعة من الأسلحة.

والسلاح الكثير مع العائلات تموله العائلات نفسها، أما سلاح السلطة فتشتريه السلطة، والسلاح الآخر تموله دول مثل إيران ومنظمات مثل «حماس» و«الجهاد»، وشبان يأخذون على عاتقهم مهاجمة إسرائيل.

وعلق المصدر الأمني الفلسطيني: «من أين يأتي ذلك؟ من يسيطر على الحدود؟ من يسيطر على حواجز وبوابات الضفة؟ من يراقب الجدار الفاصل؟ إسرائيل تغرق الضفة بالسلاح ثم تتخذ منه ذريعة لمهاجمة السلطة والضفة. كما فعلوا مع غزة».


مقالات ذات صلة

ترمب: لا أتفق تماما مع نتنياهو بشأن الضفة الغربية

الولايات المتحدة​ من المؤتمر الصحفي الذي عُقد عقب اجتماع ترمب مع نتنياهو في منتجع مارالاغو بفلوريدا (أ.ف.ب)

ترمب: لا أتفق تماما مع نتنياهو بشأن الضفة الغربية

وردا على سؤال حول ماهية الخلاف بينهما، قال ترمب «لا أريد أن أخوض في هذا، سيتم ⁠الإعلان عن الأمر في الوقت المناسب». وأضاف ترمب أن نتنياهو «‌سيفعل الشيء الصحيح».

«الشرق الأوسط» (بالم بيتش)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ) play-circle

تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

كشفت تحقيقات في الشرطة العسكرية والشرطة القضائية الإسرائيلية أن الفلسطينيين في الضفة الغربية قدموا رشى للعشرات من جنود الاحتلال العاملين على الحواجز العسكرية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري الجيش الإسرائيلي يحذر من «فشل استراتيجي» في مواجهة الهجمات الفلسطينية

في حين تشدد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبضتها على الضفة الغربية وتمارس أبشع عمليات القمع ضد الفلسطينيين تعلو تحذيرات داخلية بأن هذه سياسة «فاشلة استراتيجياً».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز) play-circle

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله )
المشرق العربي رجال شرطة يتفقدون المكان الذي قام فيه الفلسطيني بدهس وقتل إسرائيلية في عفولة الجمعة (أ.ب)

مقتل إسرائيليين طعناً ودهساً على يد فلسطيني

قُتل إسرائيليان، وأصيب آخران، الجمعة، إثر هجوم مزدوج نفّذه فلسطيني من سكان جنين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

البنتاغون: عقد لـ«بوينغ» بقيمة 8.6 مليار دولار لتسليم مقاتلات «إف-15» لإسرائيل

مقاتلة إسرائيلية طراز «إف-15» فوق حدود غزة الجمعة (أ.ف.ب)
مقاتلة إسرائيلية طراز «إف-15» فوق حدود غزة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

البنتاغون: عقد لـ«بوينغ» بقيمة 8.6 مليار دولار لتسليم مقاتلات «إف-15» لإسرائيل

مقاتلة إسرائيلية طراز «إف-15» فوق حدود غزة الجمعة (أ.ف.ب)
مقاتلة إسرائيلية طراز «إف-15» فوق حدود غزة الجمعة (أ.ف.ب)

قالت ​وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اليوم الاثنين إن شركة «بوينغ» حصلت على عقد ‌بقيمة ‌8.‌6 ⁠مليار ​دولار ‌لبرنامج مقاتلات «إف-15» الإسرائيلي، وذلك بعد أن التقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ⁠برئيس الوزراء الإسرائيلي ‌بنيامين نتنياهو ‍في ‍فلوريدا.

وذكر البنتاغون «ينص هذا العقد على تصميم ودمج ومعدات ​واختبار وإنتاج وتسليم 25 طائرة جديدة ⁠من طراز (إف-15 آي.إيه) لسلاح الجو الإسرائيلي مع خيار لشراء 25 طائرة (إف-15 آي.إيه) ‌إضافية».


ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)
TT

ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)

في لقاء غير رسمي أمام الصحافيين أثناء استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا، أدلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتصريحات عفوية ومباشرة، كشفت عن أولوياته في الشرق الأوسط وأوكرانيا. التصريحات، التي امتزجت بين المديح لنتنياهو، والتهديدات لإيران، والغضب من هجوم مزعوم على بوتين، تعكس أسلوب ترمب الشخصي في الدبلوماسية الذي يعتمد على مزيج من الدعم المطلق للحلفاء والضغط للصفقات السريعة.

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (أ.ف.ب)

إعادة إعمار غزة قريباً

رغم التحديات ركز ترمب بشكل أساسي على غزة، مؤكداً أنها من «الخمس قضايا الرئيسية» التي يناقشها مع نتنياهو، وقال: «في الأسابيع المقبلة، سنتعامل مع غزة... غزة مكان صعب، حي صعب حقاً، لقد كان فوضى لقرون، لكنه مخصص لذلك، لكننا سنصلحه»، وأضاف: «إعادة الإعمار ستبدأ قريباً جداً... نعم، نتنياهو يتطلع إليها، وأنا كذلك».

وأشار إلى أن إعادة الإعمار قد تبدأ حتى قبل نزع سلاح «حماس» الكامل، مشدداً على جهود فريقه في إطلاق سراح الرهائن: «كل رهينة تقريباً أُطلق سراحه بسببي... وفريقي المكون من ستيف ويتكوف، جاريد كوشنر، ماركو روبيو، بيت هيغسيث. هناك 254 رهينة من 255 خرجوا، ونحن نبذل كل جهد لإعادة الجثة الأخيرة».

وحذّر «حماس» من أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا لم تتخل سريعاً عن سلاحها في إطار صفقة غزة. وقال: «إذا لم يتخلوا عن سلاحهم، وهو ما وافقوا عليه، فسيتعين عليهم أن يدفعوا ثمناً باهظاً»، وأضاف: «عليهم أن يتخلوا عن سلاحهم خلال فترة وجيزة نسبياً»، وأضاف أنه توصل مع رئيس ⁠الوزراء الإسرائيلي «‍إلى عدد من الاستنتاجات».

وامتدح ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي مراراً خلال هذه التصريحات قائلاً إنه رئيس وزراء حربي وقام بأعمال مذهلة. وقاد إسرائيل خلال فترة صعبة للغاية.. لولا دوره لما كانت إسرائيل موجودة اليوم». وأبدى ترمب توقعاته بإصدار عفو عنه، وقال «كيف لا تعفو عنه؟ هو بطل حربي»، وأكد نتنياهو بدوره: «لم يكن لإسرائيل صديق مثل ترمب في البيت الأبيض، ليس حتى قريباً».

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)

وفي إجابته عن سؤال حول فكرة نشر قوات تركية في غزة، أثنى ترمب على إردوغان: «لدي علاقة رائعة مع الرئيس إردوغان... تركيا كانت رائعة». هذه التصريحات تعكس تفاؤلاً براغماتياً، مع الاعتراف بصعوبة الوضع، وتشير إلى ضغط أميركي للتقدم في المرحلة الثانية من خطة السلام، رغم رفض إسرائيل الانسحاب الكامل أو فتح معبر رفح دون شروط.

 

إيران: تهديدات بضربات جديدة

تفاخر ترمب بانتصار مشترك على إيران، وقال: «لو لم نهزم إيران، لما كان سلام في الشرق الأوسط... استخدمنا قاذفات (بي-2) الجميلة وصواريخ (توماهوك) من غواصة». وحذر الرئيس الأميركي الجمهورية الإيرانية من محاولة إعادة بناء برنامجها النووي، وقال رداً على سؤال حول موقف إدارته من دعم هجوم إسرائيلي ضد إيران، وقال: «إذا فعلوا، سنسقطهم... سنسقط الجحيم عليهم»، وشدد على أنه إذا لم تتوصل إيران إلى اتفاق وإذا استمرت في تطوير صواريخها البالستية وأسلحتها النووية، فإن أحد الخيارات سيكون ذلك بالتأكيد»، وفي الوقت نفسه دعا لصفقة وقال: «إيران تريد صفقة، لكنها تمنت لو فعلتها سابقاً».

ورفض ترمب الحديث عن إسقاط النظام الإيراني، مشيراً إلى «معدلات تضخم هائل واقتصاد منهار وسخط شعبي» مكبوت بالعنف.

 

غضب من الهجوم الأوكراني

وانتقل ترمب في إجابته عن أسئلة الصحافيين إلى مكالمته مع بوتين، صباح الاثنين، التي وصفها بـ«الإيجابية والمنتجة» رغم وجود الكثير من القضايا الشائكة. وأعرب ترمب عن غضبه من هجوم مسيرات أوكراني مزعوم على مقر بوتين، وقال: «سمعت عنه هذا الصباح... بوتين أخبرني مبكراً، قال إنه تعرض لهجوم... هذا الأمر ليس جيداً، أنا غاضب جداً من ذلك»، وأضاف: «لقد أوقفت صواريخ (توماهوك) سابقاً لأننا في فترة حساسة، هذا ليس وقتاً لمهاجمة منزله»، وأشار إلى خسائر أوكرانيا: «أوكرانيا تخسر 26 ألف جندي شهرياً... 26 ألف جندي شاب جميل».

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (أ.ف.ب)

وعكست هذه التصريحات حذراً أميركياً من التصعيد، مع محاولة ترمب التوفيق بين موسكو وكييف، لكن الغضب الشخصي لدى الرئيس ترمب قد يعزز موقف روسيا في المفاوضات، خصوصاً بعد إعلان الكرملين «مراجعة» موقفه.


نتنياهو يجتمع مع وزيري الحرب والخارجية الأميركيين قبل لقاء ترمب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

نتنياهو يجتمع مع وزيري الحرب والخارجية الأميركيين قبل لقاء ترمب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز)

اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الاثنين، مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ووزير الحرب بيت هيغسيث في منتجع مارالاغو بولاية فلوريدا الأميركية.

وقال نتنياهو على منصة «إكس» إنه عقد اجتماعاً «رائعاً» مع روبيو، لكن لم تصدر بعد أي تعليقات على لقائه مع هيغسيث.

ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقت لاحق اليوم بالمنتجع نفسه.

كان موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي قد نقل عن مصدر عسكري قوله يوم الخميس إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز)

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.

ووصف المصدر التهديد الذي تمثله الصواريخ الإيرانية بأنه خطير للغاية، مؤكداً أن إطلاق عدد كبير منها على إسرائيل سيلحق أضراراً تعادل «قنبلة نووية صغيرة».

كما نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إنهم يخشون من أن نتنياهو يعمل على إبطاء عملية السلام، ويريد استئناف الحرب مع «حماس» في قطاع غزة.