«حزب الله» يخشى وصول أكثرية معارضة له إلى البرلمان اللبناني

يحاول منعها بعرقلة تعديل قانون الانتخاب

لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية والاختيارية بمدينة بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية والاختيارية بمدينة بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» يخشى وصول أكثرية معارضة له إلى البرلمان اللبناني

لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية والاختيارية بمدينة بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية والاختيارية بمدينة بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)

تخطى النقاش حول قانون الانتخابات النيابية اللبنانية، المزمع إجراؤها في مايو (أيار) المقبل، الجانب التقني ليتحول إلى مادة للتجاذب السياسي.

وتركت تداعيات هذا النقاش آثارها على العمل التشريعي في مجلس النواب، إذ انقسم نواب المجلس بين مطالب بإلغاء مادة في القانون النافذ تنصّ على استحداث 6 مقاعد في البرلمان يمثلون المغتربين ويصوّت المغتربون لاختيارهم، والسماح للمغتربين بالتصويت لـ128 نائباً، كل حسب دائرته الانتخابية.

وأظهرت انتخابات عام 2022، أن أصوات الخارج شكّلت عامل ترجيح في عدد من الدوائر، ما دفع الأطراف المستفيدة إلى التمسك بخيار إدماجهم في الاقتراع الداخلي، وفي مقدمتها حزب «القوات اللبنانية» و«قوى التغيير»، مقابل سعي قوى أخرى إلى تقييد تأثيرهم ضمن 6 مقاعد رمزية، ويتصدر تلك القوى ثنائي «حزب الله – حركة أمل» و«التيار الوطني الحر». ويقول خبراء إن معارضة «حزب الله» تعديل قانون الانتخابات، تعني أنه يحاول منع وصول أكثرية مناهضة له إلى البرلمان.

خلفيات الخلاف

ويستعرض الباحث في «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، لـ«الشرق الأوسط»، بالأرقام تجربة الانتخابات الماضية، قائلاً: «إذا عدنا إلى أرقام انتخابات 2022، فنجد أن عدد الذين تسجلوا للاقتراع في الخارج بلغ 225 ألف ناخب، فيما اقترع منهم فعلياً نحو 141 ألفاً. ومن حيث النتائج، تبيّن أن المجتمع المدني كان المستفيد الأكبر، إذ حصل على 35770 صوتاً، تلاه حزب (القوات اللبنانية) بـ27139 صوتاً، ثم (حزب الله) بـ10109 أصوات، و(التيار الوطني الحر) بـ9220، و(حركة أمل) بـ7193، والحزب (التقدمي الاشتراكي) بـ3783، و(جمعية المشاريع الإسلامية) بـ3506، وحزب (الكتائب اللبنانية) بـ3268 صوتاً».

لبنانية تدلي بصوتها في المرحلة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية بجنوب لبنان في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)

ويضيف: «من الواضح أن أكثر الأطراف التي استفادت من تصويت غير المقيمين في الانتخابات السابقة، كانت: المجتمع المدني، و(قوى التغيير) وحزب (القوات اللبنانية)، ما يفسر سبب إصرار هذه الأطراف على تعديل القانون؛ ليسمح للمغتربين بالاقتراع في الدوائر اللبنانية».

في المقابل، فإن القوى التي لم تستفد بشكل ملموس، مثل «حركة أمل وحزب الله» و«التيار الوطني الحر»، «تتمسك بالإبقاء على النص الحالي كما هو»، أي اقتراع المغتربين لستة مقاعد مستحدثة.

مقاعد خاسرة ومكاسب متوقعة

من جهته، يرى مدير عام «ستاتيستكس ليبانون»، ربيع الهبر، أن التجاذب حول آلية الاقتراع مرتبط مباشرة بالتوازنات التي أفرزتها صناديق الخارج. ويقول الهبر لـ«الشرق الأوسط»: «في انتخابات عام 2022، برز دور أصوات المغتربين بشكل مؤثر، إذ حصد (حزب الله) نحو 15 ألف صوت. لكن في المقابل، حصلت القوى المعارضة لثنائي (حزب الله وحركة أمل) على أرقام كبيرة جداً، ومن بينها (قوى التغيير)، وبالتالي فإن هذا الفريق يتوجس من اقتراع المغتربين؛ لأنه في حال لم تكن هناك كتلة نيابية مخصصة للتغييريين، فإن الأصوات الكبرى ستذهب لـ(القوات اللبنانية)».

أعلام لبنان و«حزب الله» مرفوعة في سوق النبطية عشية الانتخابات البلدية في المحافظة (أرشيفية - رويترز)

ويخالف الهبر التقديرات التي تتحدث عن تغيير دراماتيكي في حال اعتماد المقاعد الستة المستحدثة للمغتربين، ويقول: «في حال جرت الانتخابات وفق القانون الذي جرت على أساسه انتخابات 2022، أي من دون تفعيل مقاعد النواب الستة المخصصة لغير المقيمين، فقد لا تختلف النتائج كثيراً عن الدورة الماضية، حيث يمكن أن يبقى (حزب الله) مستفيداً».

ويوضح: «يمكن أن يستعيد مقاعد لحلفائه خسرها في الانتخابات الماضية، مثل مقعد إيلي الفرزلي في البقاع الغربي، ومقعد النائب فراس حمدان في الجنوب، وغيرها من المقاعد». ويشرح أنه «إذا أُقرّ العمل بالمقاعد الستة، فإنها لن تذهب إلى الحزب بطبيعة الحال، بل ستتوزع نسبياً بين القوى، حسب التحالفات وحجم الكتل، ما يعزز فرص قوى المعارضة التقليدية (مثل القوات والكتائب) أكثر من غيرها»، في إشارة إلى ثقل التأييد لها في الخارج مما يرجح حصد جزء كبير من المقاعد الستة.

غموض وعقبات

ويكشف النقاش الدائر حول مقاعد غير المقيمين الستة، عن إشكاليات جوهرية في القانون الانتخابي اللبناني، حسبما يقول أمين عام «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات»، عمار عبود، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «النص الحالي يوزّع هذه المقاعد على القارات الست، لكن من دون تحديد واضح لهوية هذه المقاعد طائفياً أو مذهبياً».

ويسأل: «هل يُعتبر المقعد في أميركا مارونياً أم سنياً؟ وماذا عن أفريقيا أو أستراليا؟ هذا الغموض يجعل المشروع شبه غير قابل للتطبيق».

ويضيف: «إضافة إلى ذلك، ثمة شروط مبهمة في القانون، فهل يُشترط على المرشح أن يكون مقيماً في الخارج، أو يحق لأي لبناني في الداخل أن يترشح على هذه المقاعد. هذا الغموض يضعف فرص تنفيذ النص عملياً، لذلك لجأت الحكومة في السابق إلى تعليق العمل بالمادة الخاصة بمقاعد غير المقيمين».

ويؤكد عبود أن «بعض القوى السياسية، وفي طليعتها (التغييريين) وحزب (الكتائب) وحزب (القوات اللبنانية)، تتمسك بخيار أن يقترع اللبنانيون المغتربون لمرشحي المجلس الـ128 نائباً ضمن دوائرهم الأم، بدلاً من حصرهم بستة نواب فقط. هذا الخيار بدا أكثر واقعية، خصوصاً أن التجربة أظهرت أن أصوات الخارج في انتخابات 2022 أفادت القوى المعارضة للسلطة التقليدية أكثر من غيرها».

تأييد المغتربين لقوى التغيير

ويشرح: «المنتشرون، ولا سيما المغتربون الجدد الذين غادروا لبنان في أعقاب الأزمات والانهيار، ليسوا جزءاً من منظومة الزبائنية المحلية، وبالتالي يميلون للتصويت لقوى التغيير أو المعارضة التقليدية. في المقابل، فإن أحزاب مثل ثنائي (أمل وحزب الله) تخشى من أن يشكّل اقتراع غير المقيمين على نطاق واسع خسارة إضافية لها، كما حصل في الدورات الماضية».

ويؤكد عبود أن «المشكلة الأعمق تكمن في النظام الانتخابي نفسه، الذي لا يحقّق المساواة بين الناخبين. فاليوم هناك دوائر انتخابية يتطلب المقعد فيها ضعف عدد الأصوات مقارنة بدوائر أخرى، وهذا خلل فادح في مبدأ عدالة التمثيل».

ويضيف: «نحن في الجمعية نرى أن الحل لا يكون إلا عبر العودة إلى قاعدة واحدة بسيطة: أن يُمنح الناخب اللبناني، سواء في الداخل أو الخارج، الحق بالاقتراع لعدد النواب نفسه (128 نائباً)، وفق دائرته الأصلية، مع تطوير آليات مثل التسجيل المسبق و(الميغاسنتر) لتسهيل المشاركة وضمان نزاهة العملية الانتخابية. أما الإبقاء على صيغة المقاعد الستة فهو تكريس لنظام غير عادل، يفتح الباب أمام تناقضات دستورية وسياسية لا تنتهي».


مقالات ذات صلة

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

المشرق العربي أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تُطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.