القضاء اللبناني ينفي وجود حصانات في معركة مكافحة الفساد

تصاعدت الشكوك بعد إطلاق موقوفين

قصر العدل في بيروت (أرشيفية)
قصر العدل في بيروت (أرشيفية)
TT

القضاء اللبناني ينفي وجود حصانات في معركة مكافحة الفساد

قصر العدل في بيروت (أرشيفية)
قصر العدل في بيروت (أرشيفية)

لم تمضِ ساعات على قرار الهيئة الاتهامية في بيروت بإطلاق سراح حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، حتى أفرجت الهيئة الاتهامية في جبل لبنان عن المدير العام لـ«كازينو لبنان» رولان خوري وعدد من الموظفين الموقوفين في ملف «هدر واختلاس أموال عامّة»؛ وهو ما أثار المخاوف من دخول القضاء في بازار التسويات على ملفات الفساد الكبرى.

غير أن مصادر قضائية أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإفراج عن أي موقوف لا يعني براءته ولا إقفال ملفّه، بل مجرّد إجراء في مسار قضائي طويل، لا يتوقّف إلا بمحاكمة المتهم وإصدار الحكم بحقّه». وشدد على أن «إطلاق سراح رياض سلامة ومن ثمّ رولان خوري جاء بعد استنفاد مدّة التوقيف الاحتياطي لكل منهما، ولقاء كفالات مالية مرتفعة جداً تضمن مثولهم أمام المحاكمة، مرفقة بقرار منعهم من السفر إلى الخارج»، مذكراً بأن كفالة رياض سلامة «غير مسبوقة وهي الأعلى بتاريخ القضاء (14 مليون دولار أميركي)، كما أن كفالة رولان خوري مرتفعة أيضاً (20 مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل 24 ألف دولار أميركي)، كلّ حسب تهمته».

محاربة الفساد مستمرة

ويعمل القضاء اللبناني على تبديد الشكوك حول الدخول في تسويات أو صفقات على الملفات الكبرى، إثر استمراره بتوقيف وزير الاقتصاد السابق، أمين سلام، والمضي بالملاحقة الغيابية لوزير الصناعة السابق، النائب جورج بوشكيان. وتشير المصادر القضائية إلى أن «الحصانات السياسية لن تكون عائقاً أمام مضي القضاء بملفات الفساد»، كاشفة أن النائب العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، أمر قبل يومين بتوقيف رئيس مجلس إدارة بنك (الاعتماد المصرفي) طارق خليفة، والادعاء عليه بجرم (الإفلاس الاحتيالي)»، علماً أن خليفة لا يزال موقوفاً مع عدد من الموظفين في المصرف بملفّ «اختلاس ملايين الدولارات من البنك المذكور، وهدر أموال المودعين وتبييض الأموال».

وزير الاقتصاد السابق أمين سلام (الوكالة الوطنية)

وشددت المصادر على أنّ القضاء «ماضٍ في فتح الملفات الصعبة، وأن هذه المعركة القضائية لا تخضع لمساومات أو ضغوط سياسية، وما دام أن القضاء دخل مرحلة الحرب على الفساد فإن ما بدأه لن يتوقف». ولفتت إلى وجود «مسار طويل يشمل الارتكابات التي تحصل في الوزارات والإدارات، وملفات المصارف والأدوية المزورة ومصلحة تسجيل السيارات والآليات والطوابع الأميرية وغيرها».

ملفات مالية

وتتعدد المسارات التي يعمل عليها القضاء، فبموازاة الملاحقات والتوقيفات، ثمّة ترقّب إلى نتائج القرار الذي اتخذه النائب العام المالي القاضي ماهر شعيتو مطلع شهر سبتمبر (أيلول)، الذي يلزم فيه أصحاب ومديري مصارف حوّلوا مئات ملايين الدولارات إلى الخارج، بأن يسارعوا إلى إيداع قيمة التحويلات نفسها بحساباتهم في لبنان، تحت طائلة الشروع في ملاحقتهم. وأفاد مصدر مواكب للورشة القائمة في النيابة العامة المالية، بأن القاضي شعيتو «سيتسلّم في الساعات المقبلة، قائمة بأسماء الأشخاص الذين أودعوا أموالاً في حساباتهم المصرفية مقيمة هذه المبالغ، وأسماء الأشخاص الذين امتثلوا للقرار ومن لم يمتثل».

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أنّ المدعي العام المالي «يعمل على مسارين متوازيين، الأول قضائي بحت يقوم على الملاحقات القضائية لكل من يرفض إعادة الأموال، والآخر إجرائي - مالي يتمثل في السعي إلى استعادة الأموال التي هُرّبت إلى الخارج خلال السنوات الماضية».

وكان القاضي شعيتو، أصدر قراراً مطلع شهر سبتمبر، كلّف بموجبه أصحاب الأموال المحولة إلى الخارج إيداع مبالغ في المصارف اللبنانية توازي قيمة الأموال المهربة، كخطوة أولى على طريق إعادة التوازن إلى القطاع المصرفي المنهار. وأوضح يومها شعيتو أن «هذه الإجراءات تسهم في ضخ سيولة تعيد بعض الحياة إلى النظام المالي، وتفتح نافذة أمل للمودعين الذين فقدوا ثقتهم بالقطاع». وأشار إلى أن الإجراء يشمل بالمرحلة الأولى أصحاب ومديري المصارف ومصرفيين، على أن يصدر قرار مماثل يلزم السياسيين والنافذين باتباع الخطوة نفسها، لكنّ قرار المدعي العام المالي، يستثني كلّ من حوّل أموالاً لتعليم أولاده في الخارج أو لداعي العلاجات الطبية أو لأسباب تجارية مبررة.


مقالات ذات صلة

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، مساء الأربعاء، إن الجيش استهدف عنصراً من جماعة «حزب الله» في منطقة «جناتا» بجنوب لبنان.

بدورها، ذكرت وسائل إعلام لبنانية أن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة «جناتا». ولم ترد أنباء فورية عن سقوط ضحايا.

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، سلسلة غارات استهدفت واديي النميرية وحومين في جنوب لبنان، وفق الوكالة اللبنانية الرسمية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم «مواقع إطلاق» تابعة لـ«حزب الله».

ولم تلتزم إسرائيل ببنود اتفاق وقف الأعمال العدائية بينها وبين لبنان، الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ولا تزال قواتها تقوم بعمليات تجريف وتفجير، وتشن غارات في جنوب لبنان. كما لا تزال قواتها موجودة في عدد من النقاط هناك.


سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق العميد أحمد الدالاتي وفق بيان نشرته وزارة الداخلية «نفذت وحداتنا المختصة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة وقوات التحالف الدولي، عملية أمنية محكمة»، أسفرت عن إلقاء القبض على على من يُسمى «والي دمشق» في التنظيم.

وشنت الولايات المتحدة هذا الأسبوع سلسلة غارات جوية في سوريا على مواقع يُعتقد أنها تابعة لتنظيم داعش، تنفيذاً لتعهُّد الرئيس دونالد ترمب بالثأر لمقتل جنديين من الجيش الأميركي في كمين الأسبوع الماضي.

وأعلنت سوريا الشهر الماضي الانضمام رسمياً إلى «التحالف الدولي ضد داعش»، وتعهد الرئيس أحمد الشرع بالتعاون مع الولايات المتحدة في جهود القضاء على بقايا التنظيم.

استهداف مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد»

في سياق متصل،كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».