رئيس «الرئاسي» الليبي يتابع «تثبيت وقف إطلاق النار» في طرابلس

دعم أميركي لمؤسسة النفط وجهود توحيد المؤسسة العسكرية

اجتماع المنفي مع اللجنة المشرفة على تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي مع اللجنة المشرفة على تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا (المجلس الرئاسي)
TT

رئيس «الرئاسي» الليبي يتابع «تثبيت وقف إطلاق النار» في طرابلس

اجتماع المنفي مع اللجنة المشرفة على تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي مع اللجنة المشرفة على تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا (المجلس الرئاسي)

بينما تابع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، «تثبيت وقف إطلاق النار» في العاصمة طرابلس، تسلّم رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، التقرير الأول للجنة تقييم «خريطة الطريق الأممية»، تزامناً مع تأكيد أميركي على دعم مؤسسة النفط وتوحيد المؤسسات العسكرية.

وقال المنفي إن لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق «تعزيز الاستقرار وتفعيل الإطار المؤسسي» أطلعته، الثلاثاء، في العاصمة طرابلس، على الخطوات الأولية المتخذة فيما يتعلق بالمهام المكلفة بها، مؤكدة على توجيهاته، باعتباره نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي، حول ضرورة ضبط الأمن واستتبابه في العاصمة، والعمل على استمرار تثبيت وقف إطلاق النار، وإخلاء المدينة من كل «المظاهر العسكرية»، وإلزام كل الأطراف بضرورة الانخراط والتقيد بعمل اللجان المكلفة بالخصوص. كما أكدت اللجنة التزامها بتقديم تقارير دورية أسبوعية عن أعمالها للمنفي، ورئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة.

اجتماع تكالة مع لجنة تقييم «خريطة الطريق» الأممية (المجلس الأعلى للدولة في ليبيا)

في غضون ذلك، قال تكالة إنه تلقى لدى اجتماعه، مساء الاثنين، في طرابلس مع لجنة تقييم ودراسة «خريطة الطريق الأممية»، تقريرها الأول بعد اجتماعاتها بخصوص الخريطة الأممية، مشيراً إلى اطلاعه على نتائج وتوصيات اللجنة، بانتظار عرض تقريرها على أعضاء المجلس في جلسته القادمة.

وكان تكالة قد أشاد بجهود النيابة العامة في بسط «سيادة القانون والعدالة، وضمان الحقوق والحريات» وإنهاء الإفلات من العقاب، مؤكداً دعم المجلس الكامل للسلطة القضائية. وأوضح أن النائب العام الصديق الصور، أطلعه في لقائهما، مساء الاثنين، على سير العمل في النيابات وآلية تطبيق القوانين في مختلف القضايا المحالة إليه، كما أكدا على أهمية النظام القضائي في محاربة «الفساد المالي والإداري» وضمان تطبيق العدالة، لافتاً إلى مناقشة القضايا المتعلقة بسير عمل النيابة العامة، والجهود المبذولة لبسط وتعزيز سيادة القانون، والعدالة وحماية الحقوق.

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

من جانبه، واصل القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي برنت، اجتماعاته في طرابلس، حيث بحث مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المكلّف، مسعود سليمان، سبل توسيع التعاون التجاري لمساعدة المؤسسة على المضي في خططها لتعزيز قطاع الطاقة الليبي وزيادة إنتاج النفط والغاز. واعتبر برنت أن وجود مؤسسة وطنية قوية للنفط «أمر أساسي لخلق مزيد من الازدهار والفرص الاقتصادية» للشعب الليبي، وشركائه الدوليين.

كما تعهّد برنت بمواصلة دعم الجهود الليبية «لتوحيد المؤسسات العسكرية» من أجل تعزيز الاستقرار، وتهيئة الظروف لتحقيق المزيد من الازدهار، مشيراً إلى أنه ناقش مع عبد السلام زوبي، وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة، سبل تعزيز «التعاون العسكري المشترك».

القائم بأعمال السفارة الأميركية مع المكلف بمؤسسة النفط بغرب ليبيا (حساب السفارة على إكس)

وفي إطار عودة المؤسسات والشركات الدولية، استعرض مصطفى المانع، رئيس الفريق التنفيذي للمشروعات الاستراتيجية، رفقة هنريت كالتنبورن، الممثل المقيم للبنك الدولي وفريقه الأمني، بمقره في العاصمة طرابلس، التحضيرات الجارية للمشاركة في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي، والاتفاق على الخطوات التنفيذية لاستئناف عمل البنك الدولي من طرابلس، وتجهيز مقره وفق «المعايير الدولية المعتمدة» ليكون جاهزاً للافتتاح.

من جهة أخرى، أكدت ستيفاني خوري، نائبة رئيسة بعثة الأمم المتحدة، خلال ورشة عمل تستمر لمدة يومين لمجموعة من النساء الليبيات من مختلف مناطق ليبيا، التزام البعثة بتسهيل مشاركة المرأة الليبية في النهوض بـ«أجندة المرأة والسلام والأمن». وطالبت خوري بضرورة أن تسترشد قرارات السياسات بأصوات النساء الفاعلات في المجتمع المدني، والشابات العاملات على مستوى المجتمع المحلي.

ستيفاني خوري (أ.ف.ب)

كما أعلنت البعثة الأممية، الثلاثاء، إحراز فريق من الخبراء تقدماً في صياغة «قانون المفقودين» في ليبيا، بعد مشاورات استمرت لمدة عام، خلال اجتماع لمدة يومين مؤخراً في طرابلس، بتيسير من البعثة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتم خلال الاجتماع، الذي حضره 46 ممثلاً عن السلطات الليبية المختلفة، وممثلون عن المجتمع المدني والخبراء القانونيين واختصاصيي الطب الشرعي، التوافق على العناصر الرئيسية لمشروع القانون، بما يشمل إنشاء لجنة وطنية موحدة للمفقودين بصلاحيات واضحة «لتجنب الازدواجية»، وربط البحث عن المفقودين بـ«العدالة الانتقالية»، مع مواءمة القانون مع «المعايير الدولية» لحماية العائلات.

وكانت البعثة قد أعلنت أنها استضافت مؤخراً اجتماعاً شارك فيه شيوخ من قبيلة «التبو» والأهالي، إلى جانب وسطاء محليين وممثلين عن الحكومة، لبحث سبل المصالحة في مدينة مرزق، عقب نزاع 2019، الذي خلف عشرات القتلى وآلاف النازحين. وأكد المجتمعون على ضرورة تهيئة الظروف الأمنية، قبل البدء في استخراج الجثامين، والمتابعة مع النائب العام بشأن أوامر اعتقال صدرت بحق 219 شخصاً ولم تُنفذ بعد، كما شددوا على أهمية دعم جهود المساءلة وتحقيق العدالة لأسر المفقودين.

وشارك في اللقاء ممثلون عن المجلس الرئاسي ووزارتي الدفاع والخارجية بحكومة الوحدة، والهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، حيث جرى استعراض النتائج الأولية لتقرير أممي مشترك حول «الاختفاء القسري والانتهاكات» خلال أحداث 2019، إضافة إلى توصيات لتعزيز المصالحة وعودة النازحين بأمان.


مقالات ذات صلة

السياسة الأميركية في ليبيا… حراك كثير وحسم قليل

شمال افريقيا قائد «أفريكوم» مع حفتر في بنغازي (القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي)

السياسة الأميركية في ليبيا… حراك كثير وحسم قليل

ينظر مراقبون إلى أداء إدارة ترمب في الملف الليبي خلال العام الماضي على أنه انتهج مقاربة تقوم على «تسويات على نار هادئة»، تعتمد تفاهمات سياسية وعسكرية محدودة.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا عبد الحميد الدبيبة مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان الجيش

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محمد الحداد في مكتبه برئاسة أركان قوات الوحدة (أرشيفية - رئاسة الأركان)

مصرع الحداد... نهاية مفجعة لقائد عسكري تبنى «وحدة الجيش» الليبي

طوى تحطم طائرة في تركيا الثلاثاء الفصل الأخير من مسيرة رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية غرب ليبيا، منهياً على نحو صادم حياة قائد تبنى وحدة الجيش

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا  رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة» التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه للتعامل مع الأجسام السياسية خصوصاً مجلسي النواب

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

اعتمدت مفوضية الانتخابات الليبية، الثلاثاء، نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق المجالس البلدية، كما ألغت نتائج بعضها «بعد ثبوت خروقات ومخالفات».

خالد محمود (القاهرة)

الجزائر: تساؤلات تلف «ملف الذاكرة» مع فرنسا بعد اعتماد قانون تجريم الاستعمار

تصفيق في البرلمان الجزائري عقب التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)
تصفيق في البرلمان الجزائري عقب التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)
TT

الجزائر: تساؤلات تلف «ملف الذاكرة» مع فرنسا بعد اعتماد قانون تجريم الاستعمار

تصفيق في البرلمان الجزائري عقب التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)
تصفيق في البرلمان الجزائري عقب التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

بينما أعلن الطيف السياسي في الجزائر دعمه القويّ لتصديق البرلمان، الأربعاء، على «قانون تجريم الاستعمار»، صرّح مسؤول بارز في مجال ما يعرف بـ«الذاكرة»، بأن هذه الخطوة تشكّل رداً على تشريع فرنسي صدر قبل 20 سنة، كان يتضمن إشادة بالاحتلال وبالجزائريين، الذين تعاونوا معه خلال ثورة التحرير (1954 - 1962).

أمين عام التجمع الوطني في أثناء التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

وأظهر حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الموالي للسلطة، في بيان، الخميس، «ارتياحاً عميقاً لتصويت المجلس الشعبي الوطني بالإجماع على مشروع قانون تجريم الاستعمار»، مبرزاً أنه «خطوة تاريخية تعكس وفاء الشعب الجزائري لشهدائه وصون ذاكرته الوطنية».

ورأى الحزب أن القانون الجديد «ليس فعل عداء، بل انتصار للعدالة والشرعية الدولية، وتجسيد لإرادة شعبٍ لطالما طالب باعتراف صريح بالجرائم الاستعمارية وجبر الضرر»، مؤكداً أن «المستهدف ليس الشعب الفرنسي، بل الدولة الاستعمارية السابقة ومسؤولياتها التاريخية».

من جهته، ذكر حزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي المعارض، في بيان، أن «قانون تجريم الاستعمار الفرنسي خطوة لحماية السيادة الوطنية والذاكرة الجماعية، وإنصاف لضحايا الاستعمار».

مشيراً إلى أنه «موقف مبدئي قائم على العدالة والإنصاف التاريخي». ودعا الحزب إلى «استكمال المسار عبر المتابعة القانونية والدبلوماسية، وتعزيز التوثيق الأكاديمي والإعلامي للذاكرة الوطنية، مع الالتزام بحماية السيادة وصون ثوابت الأمة».

من جانبه، أشاد حزب «جبهة المستقبل» من الغالبية الرئاسية، بأن القانون يشكّل «محطة فارقة تعكس أن الجزائر، دولةً ومؤسسات، لا تنسى تاريخها، ولا تساوم على كرامة شعبها»، مؤكداً دعمه «لكل مبادرة تشريعية تحمي التاريخ، وتعزز السيادة، وتقوّي المؤسسة البرلمانية في معركة الوعي المرتبط بالذاكرة».

تشريع فرنسي أثار سخط الجزائر

في سياق ردود الأفعال على القانون، صرَح محمد الحسن زغيدي، رئيس «لجنة الذاكرة المشتركة» مع فرنسا، عن الجانب الجزائري، بعد انتهاء تصويت النواب: «نقول لمن مجدوا الاستعمار في برلمانهم عام 2005، جاء اليوم أبناء نوفمبر (شهر اندلاع الثورة في عام 1954) ليقولوا لهم: أنتم على هامش التاريخ... نحن رمز المقاومة».

رئيس لجنة الذاكرة (وسط) بعد التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

وعاد زغيدي بتصريحاته إلى 23 فبراير (شباط) 2005، حين أصدر البرلمان الفرنسي قانوناً تضمن إشادة بـ«أفضال الفرنسيين المرحَّلين من الجزائر على الأمة الفرنسية»، بعد الاستقلال عام 1962، وبـ«الحركى»، وهم الجزائريون الذين تعاونوا مع الاستعمار، حيث تضمنت مادته الرابعة إشارةً إلى «الدور الإيجابي للوجود الفرنسي في شمال أفريقيا»، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في فرنسا والجزائر، وعُدَّ «تمجيداً للاستعمار، ومحاولة لفرض قراءة سياسية للتاريخ».

وتحت ضغط المعارضة الفرنسية واحتجاج الجزائر في أثناء حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ألغى الرئيس جاك شيراك في 2006 هذه الفقرة المثيرة للجدل، لكنّ أثر القانون على العلاقات الجزائرية-الفرنسية، واستمرار الجدل حول ملفات الذاكرة التاريخية، بقي قائماً. وفي سياق هذا التشريع، تم إطلاق فكرة سن قانون جزائري يجرَم الاستعمار الفرنسي.

أعضاء لجنة الذاكرة خلال اجتماع لهم مع الرئيس تبون نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ويشغل زغيدي منصب مستشار غير رسمي للرئيس عبد المجيد تبون في قضايا التاريخ، بما يشمل ما يُعرف بـ«الذاكرة والاستعمار». كما يرأس الفريق الجزائري، المكوَّن من ستة أعضاء في اللجنة الثنائية الجزائرية-الفرنسية، التي يقود الفريق الفرنسي فيها المؤرخ الشهير بنجامان ستورا، وهو مستشار الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن ما تُعرف بـ«تسوية القضايا العالقة المتصلة بالذاكرة مع الجزائر».

ونقل الموقع الإخباري «كل شيء عن الجزائر»، الخميس، عن ستورا موقفه من القانون، حيث أكد معارضته ما سماه «إخضاع التاريخ للمسار القضائي»، عاداً المطالب الجزائرية المتعلقة بـ«الاعتراف بالإرث الاستعمار» مطالب «مشروعة».

المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا (من حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

كما أوضح المؤرخ، الذي وُلد في قسنطينة بشرق الجزائر، أنه «من الصعب في الوقت الراهن أن أبدي رأياً رغم أنني كنت دائماً متحفظاً إزاء الزج بالتاريخ في مسار قضائي، بما في ذلك القوانين الفرنسية المتعلقة بالذاكرة، لكنّ مطالب الاعتراف بالإرث الاستعماري مشروعة، كما كتبتُ في تقريري قبل خمس سنوات». في إشارة إلى تقرير رفعه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2020، قدم فيه تحليلاً وتوصيات حول «مصالحة الذاكرتين» المرتبطتين بالاستعمار وحرب الجزائر (1954 - 1962)، تضمّن نحو ثلاثين توصية لمعالجة الخلافات التاريخية بين البلدين.

غموض حول مصير «لجنة الذاكرة»

بخصوص تأثير اعتماد هذا القانون على «ملف الاشتغال على الذاكرة» بين البلدين، أظهر ستورا حذراً، بقوله: «بصراحة تامة، لا أعرف ما الذي سيحدث لاحقاً. لقد انتقلنا من العمل على مخلفات الاستعمار إلى تطبيق إجراءات تشريعية، وهذا ليس من اختصاصي». وفهم مراقبون كلام المؤرخ على أن التشريع الذي صدر الأربعاء، قد يقوض جهود «مصالحة الذاكرتين»، الذي خطا فيه الرئيس الفرنسي خطوات مهمة، حسب باحثين في التاريخ، فيما يخص إدانة الاستعمار، وذلك منذ زيارته الأولى إلى الجزائر عام 2017 مرشحاً لانتخابات الرئاسة.

وتم إطلاق «اللجنة المشتركة للذاكرة» إثر زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، وعهد إليها رئيسا البلدين بمعالجة ملفات الحقبة الاستعمارية الشائكة، وفي مقدمتها المجازر الشعبية، وحركة المقاومة ضد الاستعمار خلال القرن الـ19، وملف المفقودين خلال فترة حرب التحرير، بالإضافة إلى قضايا استرجاع أرشيف الثورة، ومعالجة آثار التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر التي أُجريت في الستينات.

الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك (صحافة فرنسية)

ويصف قانون تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 - 1962)، الاحتلال بأنه «جريمة دولة»، ويطالب فرنسا بتقديم اعتذار رسمي. ويحمِّل القانون الدولة الفرنسية المسؤولية القانونية عن المآسي التي سبّبها الاستعمار، ويعدّد الجرائم غير القابلة للتقادم، مثل الإعدام خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاغتصاب، والتجارب النووية، ونهب ثروات الجزائر، مؤكّداً أن التعويض الشامل عن الأضرار المادية والمعنوية «حق ثابت للدولة والشعب الجزائري».

كما ينص على إلزام الجزائر بالسعي للاعتراف والاعتذار الرسمي من فرنسا، وتنظيف مواقع التجارب النووية، وتسليم خرائط التجارب والألغام المزروعة، بعد أن أجرت فرنسا أكثر من 15 تجربة نووية بين 1960 و1966 في الصحراء الجزائرية. كما يطالب أيضاً بإعادة الأموال والأرشيف المنهوب، ويقرّ عقوبات بالسجن والحرمان من الحقوق لكل من يروج للاستعمار، أو ينفي كونه جريمة، ويعد الجزائريين، الذين تعاونوا مع الاستعمار الفرنسي، مرتكبين لـ«جريمة الخيانة العظمى».

Your Premium trial has ended


تركيا تكثف التحقيقات في أسباب تحطم طائرة رئيس أركان الجيش الليبي

فرق الإسعاف والإنقاذ التركية في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان التركي عقب سقوطها مساء الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
فرق الإسعاف والإنقاذ التركية في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان التركي عقب سقوطها مساء الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تكثف التحقيقات في أسباب تحطم طائرة رئيس أركان الجيش الليبي

فرق الإسعاف والإنقاذ التركية في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان التركي عقب سقوطها مساء الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
فرق الإسعاف والإنقاذ التركية في موقع تحطم طائرة رئيس الأركان التركي عقب سقوطها مساء الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

تكثف النيابة العامة في أنقرة تحقيقاتها في حادث تحطم طائرة كانت تقل رئيس أركان الجيش الليبي، محمد الحداد، وأربعة من مرافقيه، لدى مغادرتهم إلى طرابلس، عقب مباحثات مع مسؤولين عسكريين أتراك.

وفرضت النيابة العامة، في إطار التحقيق الذي يُجرى بإشراف نائب المدعي العام في أنقرة، وبمشاركة أربعة من مدعي العموم إلى جانب وفد ليبي، طوقاً أمنياً حول موقع تحطم الطائرة، ووضعه تحت الحماية.

جندي تركي يقف بالقرب من إحدى الآليات التي تعمل بموقع تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي (إ.ب.أ)

وطلبت النيابة تقارير من خبراء فنيين لتحديد ما إذا كانت الطائرة، وهي طائرة رجال أعمال من طراز «داسو فالكون 50» مستأجرة من إحدى الشركات في مالطا وتحطمت نتيجة عطل كهربائي، بحسب ما أفادت الرئاسة التركية، صالحة للطيران أم لا.

تحقيقات دقيقة

خلال التحقيقات، جرى فحص مسؤولية الطاقم الذي تولى أعمال الصيانة الأخيرة للطائرة، أو أي تقصير محتمل من جانبه، والتدقيق أيضاً في أنشطة الطيارين قبل الحادث، حيث يتم فحص كل التفاصيل بدقة، بدءاً من أنماط نومهم ونظامهم الغذائي، وصولاً إلى تعاطيهم الكحول أو المخدرات وحالتهم النفسية.

وفي الوقت ذاته، تجرى عمليات تشريح الجثث وفحوصات السموم لتحديد الأسباب الدقيقة لوفاة أفراد الطاقم، الذين لقوا حتفهم في الحادث، كما تجرى فحوصات للجثث الأخرى في رئاسة مجموعة الطب الشرعي في أنقرة.

وقالت مصادر النيابة العامة في أنقرة، الخميس، إنه تم التحفظ على تسجيلات كاميرات المراقبة في مطار أسنبوغا، وأدرجت جميع الاتصالات اللاسلكية بين برج المراقبة والطائرة ضمن ملف التحقيق.

الوفد الليبي المشارك في تحقيقات تحطم طائرة رئيس الأركان خلال تفقده لموقع الحادث (أ.ف.ب)

كما تم أخذ عينات من ناقلة الوقود ومن حطام الطائرة، تحسباً لاحتمال تلوث الوقود أو استخدام وقود عديم الجودة، وطلبت النيابة أيضاً تقارير الأحوال الجوية المحلية وقت وقوع الحادث.

وأضافت المصادر أنه سيتم توسيع نطاق المسؤولية في حال خلص التحقيق إلى أن الحادث ناجم عن خلل هيكلي أو تصميمي.

وسقطت الطائرة، مساء الثلاثاء، على بعد كيلومترين من قرية «كسيك كاواك»، بعد إقلاعها من مطار «أسنبوغا» في منطقة هايمانا خارج العاصمة أنقرة نحو العاصمة الليبية طرابلس. وتمكنت قوات الدرك وفرق البحث والإنقاذ التركية من التوصل إلى حطام الطائرة، والعثور على الصندوق الأسود وجهاز تسجيل الصوت.

وأكد وزير النقل التركي، عبد القادر أورال أوغلو، الأربعاء، أنه «سيجري تحليل مسجل الصوت، ومسجل بيانات الرحلة (الصندوقين الأسودين للطائرة)؛ لتحديد سبب تحطمها، في دولة محايدة، وستعلن النتائج بشفافية.

رئيس أركان الجيش التركي سبجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة يستمعون إلى شرح حول الحادث في منطقة تحطم الطائرة (الجيش التركي - إكس)

من جهته، جدد وزير الداخلية التركي، على يرلي كايا، تأكيد أن الطائرة أبلغت بتعرضها لـ«عطل كهربائي» بعد نحو ربع ساعة من الإقلاع، قبل أن يُفقد الاتصال في منطقة هايمانا بعد عشرين دقيقة.

وقالت مصادر في وزارة الدفاع التركية، الخميس، إن المؤسسات الرسمية المختصة تجري تحقيقاً شاملاً ودقيقاً، بالتعاون مع السلطات الليبية لتحديد سبب تحطم الطائرة.

تفاصيل عن الحادث

ظهرت تفاصيل جديدة بشأن تحطم الطائرة الخاصة التي كانت تقلّ رئيس الأركان العامة الليبية، اللواء محمد علي الحداد، ووفده المرافق، الذين كانوا في أنقرة، بدعوة من رئيس الأركان العامة التركية، اللواء سلجوق بيرقدار أوغلو.

وظهرت معلومات عن آخر الاتصالات اللاسلكية بين قائد الطائرة المنكوبة، وبرج مراقبة مطار إسنبوغا في الدقيقتين الحاسمتين قبل تحطم الطائرة، تبين أنها بدأت إصدار إشارة عطل، بعد نحو 14 دقيقة من إقلاعها في الساعة 20:17، مساء الثلاثاء، (تغ+3)، وأن الطيار الذي أبلغ عن حالة الطوارئ للمرة الأولى الساعة 20:31، كافح بهدوء لمدة دقيقتين لإنقاذ الطائرة، التي اختفت من على شاشات الرادار الساعة 20:38.

إحدى فرق البحث والإنقاذ التركية في موقع تحطم الطائرة (إ.ب.أ)

وبحسب ما نشرت صحيفة «حرييت»، القريبة من الحكومة التركية، الخميس، تبين أنه نتيجةً لعطل كهربائي، انطفأت شاشات قمرة القيادة تماماً، فقام الطيار بالاتصال بوحدة مراقبة الاقتراب الجوي في مطار إسنبوغا لطلب المساعدة، وأوضح أنه لا يستطيع رؤية الشاشات، وسأل: «هل ترونني؟»، فأجابه برج المراقبة: «أراك، أنت على ارتفاع 32 ألف قدم، لقد أخليت مدارج مطار إسنبوغا، اهبط».

وفي هذا الوقت، كان قد تم إيقاف جميع الرحلات الجوية في مطار إسنبوغا تمهيداً للهبوط الاضطراري، وتم تحويل مسار الطائرات الأخرى، التي كانت تنتظر الهبوط إلى مطاري قيصري وكونيا في وسط تركيا. إلا أن الطائرة، التي كانت تحاول الاقتراب من إسنبوغا عبر هايمانا، فقدت ارتفاعها وتحطمت في أثناء هبوطها من ارتفاع 15 ألف قدم، بعد أن انحرفت مقدمتها إلى اليسار.

وتبين أن الطيار لم يستخدم عبارة «نحن نسقط» في اتصالاته اللاسلكية إلا في اللحظة الأخيرة، وأن الطائرة اختفت من على شاشات الرادار نتيجة عطل فني وفقدانها للارتفاع في غضون ثوانٍ.

وقال سكان قرية إيكيزديره، الواقعة بالقرب من موقع تحطم الطائرة، إنهم شعروا بهزة أرضية مدوية، وشاهدوا كرة نارية ضخمة تتصاعد في السماء.


«بالة الملابس» تكسب زبائن جدداً في مصر وتزعج المصنّعين

أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)
أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)
TT

«بالة الملابس» تكسب زبائن جدداً في مصر وتزعج المصنّعين

أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)
أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)

داخل محل جديد في منطقة وكالة البلح بوسط القاهرة، حيث مركز بيع الملابس المستعملة (البالة)، وقفت الثلاثينية نورا محمود، ومعها طفلتها ذات الأعوام الستة، تتسوق بين قِطع ملابس عدة مُعلقة بشكلٍ مُهندم سهل، تقول، لـ«الشرق الأوسط»، إنها فوجئت من تفاوت الأسعار بين هذا المحل وغيره من محالّ الملابس.

وتكتسب سوق «البالة» في مصر جماهير جديدة مع ارتفاع الأسعار، ولم تعد مرتبطة بمركزية مكانية، كوكالة البلح في القاهرة، أو سوق البالة في بورسعيد، مثل العقود الماضية، مع توسُّع هذه السوق وانتشار مراكزها ومحالّها في مناطق متفرقة من القاهرة والجيزة، سواء لبيع ملابس مستعملة أم «ستوكات»؛ أي ملابس بواقي تصدير، وقد تبدأ الأسعار فيها من 25 جنيهاً (نصف دولار تقريباً).

في المقابل، يثير نمو هذه السوق استياء صانعي الملابس ممن يطالبون بتشديد الرقابة على المنافذ الجمركية لـ«وقف تهريب هذه الملابس التي تُغرق السوق»، وفق نائب رئيس «شعبة الملابس الجاهزة» بغرفة القاهرة التجارية، خالد سعفان، الذي قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعضها جديد ويأتي تهريباً وسط قِطع أثاث أو بحِيل أخرى، ويباع في المحالّ بثمنٍ أقل من الذي تبيع به محالّ تستورد بضائعها بطرق شرعية»، مؤكداً أن توسع هذه السوق دون رقابة يضر صناعة الملابس وسوقها بمصر.

وبالنسبة لنورا، فإن معرفتها بهذه السوق من الملابس ستوفر في ميزانية أسرتها التي تعتمد على عمل زوجها فقط، ولا يتعدى دخله الـ15 ألف جنيه (الدولار نحو 47.5 جنيه)، وهو مبلغ قد يذهب ربعه إذا احتاجوا إلى شراء سترة شتوية ثقيلة لأي منهم، بينما يبلغ متوسط سعر السترة في هذا المحل 800 جنيه.

الباحث الاقتصادي، المتخصص في أسواق المال، محمود جمال سعيد، أكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأسواق الاستهلاكية في مصر تمر بمرحلة تحول هيكلي في أنماط الإنفاق، نتيجة مباشرة لموجات التضخم التي طالت قطاع التجزئة، وبشكلٍ أكثر حدة في سوق الملابس الجاهزة بمنتصف العام الحالي، ما فرَض واقعاً اقتصادياً جديداً دفع بشريحة عريضة من المستهلكين نحو أسواق الملابس المستعملة (البالة) والمنافذ التي تتبع نظام البيع بالوزن، كخيار استراتيجي لمواجهة تضخم التكاليف في العلامات التجارية التقليدية».

اتساع سوق الملابس المستعملة يهدد سوق الملابس الجديدة (الشرق الأوسط)

وبلغت نسبة التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نحو 12.3 في المائة، مقارنة بـ12.5 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول).

جماهير جديدة

كما لعب «الإنفلونسرز» دوراً في اكتساب سوق «البالة» جماهير جديدة، مع كثرة المقاطع الترويجية لهم عن «البرندات» التي يشترونها بأسعار زهيدة؛ ما كسر الصورة الذهنية المرتبطة بفقر الطبقات التي تلجأ للبالة، مقابل صورة أخرى عن اقتناص الفرص وإتاحة الأناقة.

ويلاحظ الأربعيني أحمد إسماعيل، وهو عامل في جراج للسيارات عند مدخل وكالة البلح، ازدياد إقبال طبقات اجتماعية ميسّرة تمتلك «سيارات غالية» على الوكالة بشكل أكبر، قاصدين تجاراً يبيعون قطعاً بألف جنيه أو ألفين، بدلاً من شرائها من الخارج بـ10 آلاف جنيه، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يؤثر ذلك على وجود الباعة الآخرين الذين يقصدهم البسطاء».

ويشهد كريم أحمد (20 عاماً)، وهو بائع في الوكالة، على اتساع سوق البالة عما كانت عليه قبل 5 أعوام، حين بدأ العمل فيها مع والده. ويقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الباعة والمحلات أصبحت كثيرة، ليس في الوكالة فقط، بل في كل منطقة؛ كنتُ أعمل في الهرم من قبل». ويلفت إلى تنوُّع المقبلين على الوكالة، واكتسابها زبائن جدداً.

الصناعة المحلية تتأثر

سوق «وكالة البلح» المركز الرئيسي للملابس المستعملة في القاهرة (الشرق الأوسط)

وقال الباحث الاقتصادي إن الإقبال المتزايد على «البالة»، الذي لم يعد مقتصراً على الفئات محدودة الدخل، بل امتد ليشمل فئات من الطبقة المتوسطة التي تبحث عن الجودة والقيمة مقابل السعر، خلق نوعاً من المنافسة غير المتكافئة مع المحلات التجارية التقليدية، مما أثار مطالبات مشروعة بضرورة تكثيف الحملات الرقابية؛ لضمان جودة المعروض والالتزام بالاشتراطات الصحية والضريبية، بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص في السوق.

كانت «شعبة الملابس الجاهزة» في غرفة القاهرة التجارية قد قدمت مذكرة إلى وزارة الصناعة، قبل شهور، تشكو فيها من اتساع سوق البالة وتأثيراتها على المُصنعين، أعقبها تعميم جمركي، في أبريل (نيسان) الماضي، بخفض الكمية المسموح بدخولها للشخص الواحد، خلال العام، إلى 150 كيلوغراماً، بدلاً من 500 كيلوغرام، وفق تصريحات مُتَلفزة لرئيس غرفة الملابس الجاهزة، محمد عبد السلام، الذي أكد، قبل أيام، «تأثير سوق البالة على الصناعة المحلية»، مطالباً بـ«ضبطها».

الطبقة الوسطى تلجأ إلى «وكالة البلح» للتكيف مع ارتفاع الأسعار (الشرق الأوسط)

الأمر نفسه أكده نائب رئيس الغرفة، مطالباً بـ«تشديد إجراءات التفتيش عبر المنافذ الجمركية الكثيرة، مع الرقابة على السوق نفسها، بخروج حملات تفتيش على المحال التي تبيع الملابس بالكيلوغرامات، أو الملابس الجديدة التي تدخل دون جمارك، أو بجمارك مخفضة على أنها (بالة)، وكذلك على الجمعيات التي تتلقى هذه الملابس على صورة تبرعات، وبعضها يتسرب للسوق».

وتشهد سوق الملابس الجاهزة نمواً في مصر، إذ ارتفعت صادراتها، خلال الشهور السبعة الأولى، بنسبة 26 في المائة، لتصل إلى 1.939 مليار دولار، مقابل 1.539 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق المجلس التصديري للملابس الجاهزة.

وفي المجمل، يصف الباحث الاقتصادي المشهد الاستهلاكي في مصر بـ«المرن»؛ إذ ابتكر المجتمع حلولاً ذاتية لمواجهة ضغوط الأسعار، لكنها تضع صُنَّاع القرار أمام تحدي تنظيم هذه الأسواق البديلة، بما يحقق مصلحة التاجر والمستهلك معاً.