خصصت الحكومة السورية صالة «سينما الكندي» لإجراء المرشحين لانتخابات مجلس الشعب السوري مناظرات بحضور أعضاء الهيئة الناخبة، بدءاً من يوم (الاثنين)، في سابقة تتجاوز تقاليد الدعاية الانتخابية السابقة التي كانت تقتصر على نصب خيام انتخابية في الشوارع والساحات واستقبال الناخبين، ونشر صور المرشحين في الشوارع والأماكن العامة مع لافتات تحمل شعارات ومقتطفات من برامجهم الانتخابية.
إلا أن الانتخابات المقبلة الخاصة بالفترة الانتقالية في سوريا، تجري بطريقة غير مباشرة، ووفق مصادر في اللجنة الانتخابية بدمشق، فإن «دعم المرشحين سيجري عبر فتح علاقات مع أعضاء اللجان الناخبة وإنشاء التكتلات».
وكانت حملة الدعاية لانتخابات مجلس الشعب السوري قد انطلقت، أمس الاثنين، لنحو 1578 مرشحاً منهم 14في المائة نساء، في جميع المناطق السورية عدا محافظة السويداء ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرق سوريا وشمالها، وتستمر حتى مساء الجمعة المقبل، يليه يوم صمت انتخابي، السبت، ليتم إجراء الانتخابات يوم الأحد في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول).
وبدأ المرشحون نشر صورهم وبرامجهم الانتخابية على معرّفاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، فور إعلان رئيس اللجنة العليا للانتخابات محمد طه الأحمد، مساء الأحد، إغلاق باب الترشح لعضوية مجلس الشعب على مستوى الدوائر الخمسين المنتشرة في عموم سوريا.
وفي أول انتخابات من نوعها منذ إسقاط نظام بشار الأسد (2000-2024) في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كان يؤمل أن تكون المشاركة أوسع للنساء السوريات.
وعدّ مصدر من اللجنة العليا للانتخابات نسبة 14في المائة للنساء من أصل 1578 مرشحاً، «فجوة» غير مقبولة، وقد تباينت نسبة الترشح بين محافظة وأخرى. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة النساء يجب أن تكون في الحد الأدنى 20 في المائة، وإذا لم تحقق نتائج الانتخابات هذه النسبة يمكن أن تحقق من خلال المقاعد السبعين الذين سيعينهم رئيس الجمهورية. وعزت اللجنة العليا تدني نسبة ترشح المرأة للانتخابات إلى أسباب اجتماعية بالدرجة الأولى وغياب الوعي الكافي بأهمية مشاركتها.
وتطمح اللجنة العليا للانتخابات إلى وصول نسبة مشاركة النساء إلى 30 في المائة رغم وجود «إحجام» لدى السوريات عن الترشح.

وقالت عضو لجنة فرعية في محافظة حماة، تحفظت على ذكر اسمها، إنها كانت تنوي الترشح إلا أن زوجها عارض الأمر. ولفتت إلى أنه وبعد أربعة عشر عاماً من الحرب تحملت خلالها النساء السوريات الجزء الأكبر من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، نفاجأ بأن العقلية الذكورية لا تزال تعوق مشاركة المرأة في الشأن السياسي والشأن العام. وشددت على أن المرأة لا تزال تخيّر بين عائلتها وانخراطها في العمل العام. ولفتت إلى أن معظم النساء اللواتي وصلن إلى اللجان الانتخابية، فعلن ذلك بجهد شخصي ولم يحصلن على تزكية من المجتمع المحلي كما هو الحال بالنسبة لزملائهن الرجال.
المرشحة للانتخابات عن دمشق، الناشطة ملك شنواني، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة العليا للانتخابات لم تتدخل ولم تفرض كوتة نسائية أو أي كوتة أخرى، على أن تغطى الفجوات في النتائج، سواء من حيث مشاركة المرأة أو مشاركة المكونات السورية، من حصة رئيس الجمهورية في التعيين. ولفتت ملك إلى وجود نساء دخلن إلى اللجان الانتخابية بهدف أن يكن أصواتاً انتخابية لدعم مرشح انتخابي معين، مديرهن بالعمل أو قريب، أو شيء من هذا القبيل وليس بهدف الترشح للانتخابات.

ووفق رئيس اللجنة العليا للانتخابات محمد طه الأحمد، بدأت الدعاية الانتخابية صباح الاثنين، على أن تنتهي مساء الجمعة القادم، ليكون يوم السبت يوم صمت انتخابي، والاقتراع في اليوم التالي، بدءاً من الساعة التاسعة صباحاً حتى يُغلق باب التصويت، وتبدأ عمليات فرز الأصوات ابتداء من الساعة الرابعة مساءً.
وحدد مرسوم النظام الانتخابي المؤقت للمرحلة الانتقالية، الصادر في أغسطس (آب) الماضي الشروط المتعلقة بالعملية الانتخابية، اللازم توفرها بأعضاء مجلس الشعب واللجان المرتبطة بها، وكيفية الانتخاب. حيث تجرى الانتخابات بشكل غير مباشر عبر «هيئات ناخبة»، يتم تشكيلها في كل دائرة انتخابية بقرار من اللجان القضائية المختصة.
وتضم هذه الهيئات أعداداً من الأعضاء، يُحسب حجمها نسبة إلى المقاعد المخصصة لكل دائرة. ويُشترط أن يكون المرشح لعضوية المجلس من بين أعضاء هذه الهيئات. ويبلغ عدد مقاعد المجلس 210، منها ثلث يعيّنه رئيس الجمهورية مباشرة، فيما يُنتخب الثلثان الآخران عبر هذه الآلية الخاصة بالمرحلة الانتقالية.

وستجرى انتخابات مجلس الشعب في جميع المناطق السورية عدا محافظات السويداء و الرقة والحسكة، التي أعلنت اللجنة العليا للانتخابات عن تأجيلها في تلك المناطق لأسباب أمنية وعدم توفر الظروف الملائمة، إلا أنها عادت وشكلت لجاناً فرعية في ثلاث مناطق تحت سيطرة حكومة دمشق في محافظتي الرقة والحسكة شرق وشمال سوريا، التي تسيطر على أغلب مناطقها قوات سوريا الديمقراطية «قسد».

وكانت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري قد أعلنت، السبت الماضي، عن بدء تقديم طلبات الترشح، كما أصدرت «مدونة سلوك المترشح» ضمن الهيئة الناخبة. كإطار أخلاقي وقانوني لضمان نزاهة الانتخابات، حيث يلتزم المرشح بالنظام الانتخابي المؤقت واللوائح الناظمة، وبالإعلان الدستوري المؤقت واللوائح المنظمة للانتخابات، بما في ذلك النظام الانتخابي المؤقت للجنة العليا للانتخابات. كذلك يمتنع عن أي فعل يعد مخالفاً للقانون، أو من شأنه التأثير على نزاهة العملية الانتخابية، إضافة إلى قبول القرارات النهائية الصادرة من اللجنة العليا للانتخابات.

