تساقطت الدموع من عيون طفلة صغيرة وهي تسأل والدها، محمد حليسي: «لماذا نحن أشرار با أبي؟»، بعد أن شاهدت تقارير إعلامية حول الزوجين المسلمين اللذين قتلا 14 شخصا في كاليفورنيا الأسبوع الماضي، ثم أرادت أن تعرف إن كان عليها أن تخفي كونها مسلمة عن الآخرين في المدرسة.
روى الأب، البالغ من العمر 61 عاما، ما دار في هذا الحوار بصوت مختنق وهو يحبس دموعه، وقال إنه شعر بالإحباط لأنه هو وأسرته أصبحوا يعتبرون مسؤولين عن أفعال شخصين، قال في وصفهما إنهما «اثنان من الإرهابيين المخبولين». وقال حليسي، مساء الجمعة الماضي لوكالة «رويترز»، في الجمعية الإسلامية لمسجد كورونا نوركو، حيث التقت قيادات الجالية، إن «الأمر يصل إلى حد أنك تضطر إلى أن تخفي من تكون». وأضاف أن «الأطفال في سن السابعة لا يمكنهم القول إنهم مسلمون بسبب الأجواء السلبية».
ويبعد المسجد 40 كيلومترا فقط عن سان برناردينو التي فتح فيها رضوان فاروق (28 عاما)، المولود في الولايات المتحدة، وزوجته الباكستانية، تشفين مالك (29 عاما)، النار على زملائه في العمل في هجوم يتعامل معه مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) كعمل إرهابي. وكانت الزوجة قد أعلنت ولاءها لتنظيم داعش على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي في وقت وقوع الهجوم تقريبا.
ويخشى أميركيون مسلمون في مختلف أنحاء البلاد من رد فعل سلبي، مثلما حدث في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. ويبدو أن بعض الحوادث التي وقعت في مساجد وموجة الخطاب السياسي المعادي للإسلام زادت من قلقهم من ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، أو معاداة الإسلام والمسلمين.
وتسبّب حريق، الجمعة الماضي، في احتراق مدخل مسجد في منطقة كوتشيلا بجنوب كاليفورنيا، التي تبعد بمسافة 120 كيلومترا من سان برناردينو. وقالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» إن الشرطة ألقت القبض على شاب عمره 23 عاما للاشتباه في إشعاله النار، بتهمة ارتكاب جريمة من جرائم الكراهية. كما ألقي رأس خنزير على مسجد في فيلادلفيا، مطلع الأسبوع الماضي، كما تلقى مسجد في جيرزي سيتي، بولاية نيوجيرسي، رسالة وصفت المسلمين بالأشرار وتطلب منهم «العودة إلى الصحراء».
إلى ذلك، شهد عدد من المساجد الأميركية هذا العام احتجاجات من طرف أشخاص معادين للإسلام، يلبسون أقنعة ويحملون أسلحة وأعلاما أميركية. وأظهرت صور وتقارير في وسائل إعلام محلية، أول من أمس، وقوف مجموعة يقل عدد أفرادها عن عشرة، بعضهم يرتدي ملابس مموهة ويحملون بنادق على أكتافهم خارج مسجد في ضاحية ريتشاردسون بمدينة دالاس ورفعوا لافتات وأعلاما أميركية.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد استبق موجة الكراهية ضد المسلمين، داعيا أياما قليلة بعد الهجوم الإرهابي إلى عدم الانقلاب على المسلمين بعد هجمات باريس وسان برناردينو، بل والعمل مع الجالية المسلمة في الولايات المتحدة لمكافحة التطرف.
ثم رفع المرشح الرئاسي الجمهوري، دونالد ترامب، حدة الخطاب الاثنين الماضي بالدعوة إلى فرض حظر على دخول المسلمين من مهاجرين وطلبة وغيرهم من المسافرين إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار عاصفة من الانتقادات الحادة من مختلف الاتجاهات السياسية ومن الخارج.
وبالقرب من سان برناردينو، في مركز ريفرسايد الإسلامي حيث كان فاروق يصلي بانتظام، قال بعض رواد المسجد إن نسبة الحضور إلى المسجد ظلت منخفضة لأن الناس لا يشعرون بالأمان. وقال مهاجر فلسطيني، عمره 50 عاما، كان يعرف فاروق لكنه امتنع عن الكشف عن اسمه: «نحن نشعر بالوطأة أكثر من غيرنا لأن ما حدث حدث بجوارنا، ولأن مسجدنا ورد ذكره».
وليس المسلمون وحدهم الذين يخشون جرائم الكراهية ضد أفراد جاليتهم، فعلى ناصية جمعية كوتشيلا فالي الإسلامية، حيث كان حريق يوم الجمعة الماضي، قال الجار إسرائيل أورانتس إنه يخشى على سلامته «لأن هذه هي المرة الثانية التي يستهدف فيها المسجد خلال عام تقريبا». وأضاف أورانتس: «نحن مكشوفون هنا»، مشيرا إلى أنه عاش 14 عاما في هذا الحي الهادئ، وأن حديث ترامب المثير للعداء بتعليقاته لا يفيد الوضع بتاتا.
جرائم الكراهية ترتفع ضد مسلمي أميركا
إضرام النار في المساجد.. ورؤوس الخنازير تزيد الاحتقان
جرائم الكراهية ترتفع ضد مسلمي أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة