المعارضة الإسرائيلية تطوق مناورات نتنياهو ضد خطة ترمب لغزة

لابيد أخطر واشنطن أنه يضمن لرئيس الوزراء «كتلة أمان» برلمانية تمنع إسقاطه

TT

المعارضة الإسرائيلية تطوق مناورات نتنياهو ضد خطة ترمب لغزة

فلسطينيون خارج مبنى تضرر بغارة جوية إسرائيلية يوم الأحد (د.ب.أ)
فلسطينيون خارج مبنى تضرر بغارة جوية إسرائيلية يوم الأحد (د.ب.أ)

كشف زعيم المعارضة الإسرائيلية في الكنيست (البرلمان)، يائير لابيد، أنه توجه إلى الإدارة الأميركية، وأبلغها أن ما يتحدثون عنه في تل أبيب بشأن تهديدات المتطرفين لمصير الحكومة، إذا وافقت على وقف النار في غزة، تهديدات «فارغة وكاذبة».

وبدافع القلق من عملية خداع أخرى، تتيح لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إجهاض خطة أميركية محتملة، تسربت تفاصيلها، لوقف حرب غزة، أكّد لابيد لواشنطن أن نتنياهو يستخدم فزاعة المتطرفين لتبرير رفضه وقف الحرب.

فلسطينيون يتحركون خارج مبنى دمّره هجوم جوي إسرائيلي في غزة أمس (د.ب.أ)

وجاءت خطوة لابيد، بعد يومين من نشر وسائل إعلام عبرية تفاصيل ما أطلقت عليه «خطة الـ21 نقطة» التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لوقف حرب غزة المستمرة منذ نحو عامين.

وأكّد لابيد أنه أوضح للأميركيين أن تهديدات الوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، بإحداث أزمة ائتلافية للحكومة هي تهديدات جوفاء، وأنهما لن يُسقطا الحكومة لو وافق نتنياهو على الصفقة.

فقدان حكم اليمين

وفي تقدير لابيد، فإن سقوط هذه الحكومة يعني فقدان تيار اليمين للحكم سنين طويلة جداً، وهو ما يعرفه الوزيران جيداً. لهذا، فإن التهديدات ليست جدية. وكل ما هناك أن نتنياهو يستغل رفضهما لتبرير رفضه، فهو الذي يخشى من أن تؤدي الصفقة إلى وقف الحرب، وبالتالي تؤدي إلى سقوط حكومته بالاحتجاجات الشعبية.

متظاهرون إسرائيليون يحتجون في تل أبيب مساء الثلاثاء للإفراج الفوري عن الرهائن وإنهاء حرب غزة (أ.ب)

وقال لابيد، في منشور على حساباته في الشبكات الاجتماعية، مساء السبت: «أبلغت الإدارة الأميركية اليوم أن نتنياهو لديه شبكة أمان مني (كتلة المعارضة) من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى وإنهاء الحرب. وعليه، فإن لدى نتنياهو أغلبية مطلقة في الكنيست وفي صفوف الشعب، ولا داعي للتأثر بتهديدات بن غفير وسموتريتش الفارغة».

وقد جاء ذلك الموقف بعدما نُشرت أنباء في تل أبيب تُفيد بأن نتنياهو يُعدّ لطرح مطالب لتعديل خطة ترمب، بطريقة تتيح لحركة «حماس» أن تقع في المطب، وتعلن رفضها.

وقد حذّرت عائلات المحتجزين الإسرائيليين من أنها تتلقى إشارات قوية تدل على أن نتنياهو قرّر التضحية نهائياً بأولادهم في أسر «حماس».

«على ترمب أن يُصرّ»

وخرجت صحيفة «هآرتس» بمقال افتتاحي، الأحد، حمّلت فيه المسؤولية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن خطر إجهاض نتنياهو للصفقة، وقالت: «غداً في واشنطن سيقف الواحد أمام الآخر؛ نتنياهو وترمب. الآن المسؤولية ملقاة على الرئيس الأميركي، عليه أن يصرّ، مثلما يعرف كيف يُصرّ، ويحقق أخيراً الصفقة التي تعيد المخطوفين وتوقف حمام الدماء».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسلّم الرئيس الأميركي دونالد ترمب ملفاً خلال اجتماع في البيت الأبيض بواشنطن في 7 يوليو 2025 (أ.ب)

وأضافت أسرة تحرير «هآرتس» في مقالها: «ليس صدفة أن عائلات المخطوفين تلقي على نتنياهو بالذنب في التخلي المتواصل، والآن عن التضحية بأولادها. هي تفهم أن نتنياهو عرقل صفقات وعمّق الحرب كي يواصل القتال فقط، وأن المخطوفين تحوّلوا من هدف إنقاذ من جانب إسرائيل إلى ذريعة تهكمية لمواصلة القتال. على هذه الخلفية، يجدر بنا أن نحيي الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مبادرته الجديدة (خطة الـ21 نقطة)».

ورأت الصحيفة أن ترمب «أجاد في الإيضاح لنتنياهو بأنه لن يكون هناك ضمّ للضفة الغربية. قول واجب سيساعد أيضاً في لجم الهذيان في معسكر اليمين الإسرائيلي، الذي لا يرى في 7 أكتوبر (تشرين الأول) كارثة، بل فرصة. لكن هذا لا يكفي. على ترمب أن يفهم أن نتنياهو لا يتطلع إلى إنهاء الحرب».

وكانت مصادر سياسية في تل أبيب تحدثت بتفاؤل حول انطلاق صفقة لإنهاء الحرب، وأن عناصر في قيادة حزب الليكود الحاكم توجّهت إلى نتنياهو طالبة أن يعود من واشنطن باتفاق.

«الضغط على (حماس)»

لكن مصادر أخرى مقربة من نتنياهو كشفت أنه سيحاول إقناع ترمب بإجراء تعديلات «طفيفة» على البنود التي أدخلها قادة وممثلو دول عربية، اجتمعوا مع الرئيس الأميركي يوم الثلاثاء الماضي.

وأكّدت مصادر إعلامية أن غرض نتنياهو الحقيقي هو جعل «حماس» تقول لا، وعندها يسقط المشروع من جهة، ويخرج هو من مأزقه الداخلي من دون إصابات، فالقضية الأساسية عند نتنياهو هي ألا تتوقف الحرب حتى يبقى في الحكم، ولا تسقط حكومته.

والخطة الأميركية، التي تتضمن وقف الحرب والتراجع عن خطط الترحيل لسكان غزة، وقبر خطط ضمّ أراضٍ من القطاع وبناء مستوطنات عليها أو تحويل القطاع إلى رفييرا أميركية إسرائيلية، وإسقاط خطط الضمّ في الضفة الغربية، وفتح آفاق سياسية جديدة للمنطقة، تعتمد تسوية القضية الفلسطينية برمتها، تضع نتنياهو في مأزق شديد.

وقالت حركة «حماس»، الأحد، إنها لم تتلقَّ أي مقترحات جديدة من الوسطاء بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أن المحادثات متوقفة منذ محاولة الاغتيال التي استهدفت قياداتها في العاصمة القطرية الدوحة في وقت سابق من الشهر الحالي.

وأضافت الحركة، في بيان، أنها «تؤكد استعدادها لدراسة أي مقترحات تصلها من الإخوة الوسطاء بكل إيجابية ومسؤولية، بما يحفظ حقوق شعبنا الوطنية».

ما تعديلات نتنياهو؟

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، إنه «من المرجح جدّاً أن تُنفِّذ إسرائيل «خطة الرئيس ترمب، المكونة من 21 نقطة، بالكامل، بما في ذلك صفقة تبادل الرهائن».

وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصادر سياسية رفيعة في القدس، إلى أن «معظم بنودها مناسبة لإسرائيل، لكن نتنياهو، يرغب في تعديل بعض النقاط قبل لقائه الرئيس ترمب، الاثنين المقبل، في البيت الأبيض».

وأوضحت المصادر أن من هذه النقاط، التي يريد نتنياهو ويُصرّ على تغييرها، عدم إغلاق الصندوق الأميركي للمساعدات الإنسانية لغزة، معتبراً أن هذه الخطوة ستكون خطأً كبيراً، ورفض إطلاق سراح بعض المعتقلين الرموز كجزء من الصفقة، إذ إنه يعارض إطلاق سراح مروان البرغوثي وأمثاله، ويريد توضيح تام لعملية نزع سلاح «حماس»، بحيث يتاح له أن يعود إلى استئناف الحرب في حال مخالفة البنود.

مقاتلان من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» (رويترز - أرشيفية)

وأكّدت الصحيفة أن نتنياهو يعتقد أن «حماس» لن تُفكك فعلياً منظومات أسلحتها، في ظل هذه الظروف، وأنها لن توافق على المشروع.

ونقلت الصحيفة أن نتنياهو يواجه خيارين؛ إما رفض الخطة بحجة عدم ملاءمتها، أو الموافقة عليها والقبول بإطلاق سراح الرهائن، ثم إذا لم تُنفَّذ المرحلة الثانية، وبقيت «حماس» في قطاع غزة، فذلك تبرير لاستمرار القتال. وسيسعى إلى كسب تأييد ترمب في هذا الطرح، ويتوقع أن يساعده رفض «حماس».


مقالات ذات صلة

كيف يعيد ترمب تشكيل ركائز الأمن القومي الأميركي؟

تحليل إخباري ترمب يؤدّي رقصته الشهيرة خلال حفل قرعة كأس العالم لكرة القدم بمركز كيندي يوم 5 ديسمبر (أ.ب)

كيف يعيد ترمب تشكيل ركائز الأمن القومي الأميركي؟

تركّز استراتيجيّة الرئيس ترمب للأمن القومي الأميركي على محيط الولايات المتّحدة المباشر، ضمن ترتيب جديد للأولويات الجيوسياسيّة.

المحلل العسكري
الولايات المتحدة​ الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو الأربعاء (سبوتنيك - أ.ف.ب) play-circle

واشنطن وكييف تواصلان محادثات «السلام الصعب» في فلوريدا لليوم الثالث

تجري أوكرانيا والولايات المتحدة محادثات في فلوريدا السبت لليوم الثالث على التوالي بشأن خطة واشنطن وروسيا تُسابق بتوازٍ الدبلوماسية على عدة جبهات

إيلي يوسف (واشنطن)
تحليل إخباري روبيو يتحدث إلى جانب ترمب في البيت الأبيض يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

تحليل إخباري حملة واشنطن على فنزويلا بين الحرب على المخدرات ومساعي إسقاط النظام

زادت تصريحات وزير الخارجية، ماركو روبيو، حول تحوّل فنزويلا إلى موطئ قدم لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله»، من حجم التساؤلات حول دوافع التصعيد.

رنا أبتر (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)

تحليل إخباري استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

ستثير الوثيقة التي صدرت الجمعة عن البيت الأبيض استياء الحلفاء التقليديين لواشنطن في أوروبا، لما تتضمّنه من انتقادات لاذعة لسياسات قادة «القارة العجوز».

أنطوان الحاج
يوميات الشرق المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء الجمعة بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي وقال إن لديه «صوت ملاك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مؤشرات على تقييد تحركات أحمدي نجاد

صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من حضوره في مسجد بمدينة رامسر شمال البلاد يوم 22 نوفمبر الماضي
صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من حضوره في مسجد بمدينة رامسر شمال البلاد يوم 22 نوفمبر الماضي
TT

مؤشرات على تقييد تحركات أحمدي نجاد

صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من حضوره في مسجد بمدينة رامسر شمال البلاد يوم 22 نوفمبر الماضي
صورة نشرها موقع أحمدي نجاد من حضوره في مسجد بمدينة رامسر شمال البلاد يوم 22 نوفمبر الماضي

أطلق تدخل أعضاء فريق حماية الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد لمنع صحافيين من توجيه سؤال إليه، تساؤلات حول ما إذا كانت تُفرض عليه قيود غير معلنة في ما يتعلق بنشاطه العام.

وبحسب لقطات مصورة نشرها موقع «إنصاف نيوز»، اعترض أحد حراس أحمدي نجاد طريق مراسلة، قائلاً بلهجة حاسمة: «لا تجروا مقابلة... من الأفضل كذلك».

وكان أحمدي نجاد قد سئل للمرة الثانية عن موقفه من الدعوات إلى الوحدة والتماسك الوطني عقب حرب الـ12 يوماً. وبعد ثوانٍ، أشار نحو المراسلة قائلاً: «سمعتم ما قالوا؟!».

وشكلت الواقعة مدخلاً لموجة جديدة من الأسئلة حول ما إذا كان أحمدي نجاد الذي كان رئيساً للبلاد بين عامَي 2005 و2013، يخضع فعلياً لإجراءات غير رسمية تحد من ظهوره، في ظل التراجع الواضح في نشاطه السياسي والعام خلال الأشهر التي تلت الحرب الأخيرة.

وأثار ما جرى تساؤلات حول موقع أحمدي نجاد الراهن، بعد الشائعات التي أحاطت به خلال الحرب الأخيرة قبل نفيها رسمياً. ورغم غياب أي قرار معلن بتقييد تحركاته، بدا من رد فعل فريق حمايته أن ظهوره يخضع لحسابات دقيقة في ظل احتدام النقاش حول مرحلة الخلافة واحتمالات صعود شخصيات جديدة.

ويتنامى النقاش حول الحادث في ظل مناخ سياسي يتسم بتوتر متزايد مع دخول ملف خلافة المرشد علي خامنئي مرحلة أكثر حساسية، وهو ملف أعاد خلال الأشهر الماضية بروز أسماء شخصيات سابقة في الدولة، بينها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، في وقت تُطرح فيه احتمالات حول محاولات بعض الأقطاب السياسية إعادة تموضعها استعداداً لأي تغيير محتمل في هرم السلطة.

وارتفعت التساؤلات بشأن وضع أحمدي نجاد العام بعد أن اعتبرت أوساط سياسية أن عدداً من المسؤولين السابقين يسعون لطرح أنفسهم كـ«نسخة معدلة» للنظام، الأمر الذي جعل أي مؤشر إلى تقييد ظهورهم أو تحركاتهم يقرأ ضمن سياق حساس يرتبط بمستقبل القيادة في البلاد. وقد أعاد سلوك فريق حمايته تجاه المراسلة، وما تلاه من تفاعل واسع، طرح أسئلة حول مدى حرية تحركاته في مرحلة تشهد تنافساً مكتوماً بين شخصيات من داخل المؤسسة الحاكمة.

وفي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نقل موقع إخباري إيراني عن مصادر مطلعة أن مركزاً معتمداً في مجال استطلاعات الرأي، أجرى استطلاعاً سرياً لقياس تقييم المواطنين لأداء الحكومات المتعاقبة، وأظهر تصدر حكومة أحمدي نجاد مستويات الرضا الشعبي على المستوى الوطني. وذكر موقع «رويداد 24» أن نتائج الاستطلاع لم تُنشر رسمياً، لكن المعطيات المسرَّبة تشير إلى حلول حكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني في المرتبة الأخيرة من حيث رضا المواطنين.

وتفيد المعلومات بأن نتائج طهران جاءت متفاوتة مقارنةً بسائر المحافظات؛ إذ سجل أحمدي نجاد شعبية أقل في العاصمة رغم تصدّره الترتيب العام على مستوى البلاد. كما جاء ترتيب الحكومات اللاحقة في الاستطلاع وفق التسلسل التالي: إبراهيم رئيسي، محمد خاتمي، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ومير حسين موسوي، ثم حسن روحاني، في حين حل مستوى الرضا عن السنة الأولى من حكومة مسعود بزشكيان في ذيل القائمة.

وقبل ذلك، أفاد تقرير تحليلي لمؤسسة «غمان» لقياس الرأي العام، التي تتخذ من هولندا مقراً لها، نُشرت نتائجه في 20 أغسطس (آب) 2025 استناداً إلى استطلاع واسع أُجري داخل إيران في يونيو (حزيران)، بأن أحمدي نجاد ما زال يحتفظ بكتلة دعم ملحوظة بين الشخصيات المحسوبة على المعسكر الحاكم؛ إذ حصل، إلى جانب المرشد علي خامنئي، على تأييد نحو 9 في المائة من المشاركين، متقدماً على وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف الذي لم تتجاوز شعبيته 6 في المائة، في سياق عام تُظهر فيه نتائج التقرير تراجع الثقة بنظام الحكم وصعود التأييد لشخصيات معارضة.


تركيا تتوقع اتفاقاً قريباً بين دمشق و«قسد» لإتمام الاندماج

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)
TT

تركيا تتوقع اتفاقاً قريباً بين دمشق و«قسد» لإتمام الاندماج

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)

قالت تركيا إنها تتوقع أن تتوصل الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تشكل «وحدات حماية الشعب» (الكردية) عمادها الأساسي، إلى اتفاق بشأن حل «قسد» واندماجها في الجيش السوري.

في الوقت ذاته، دعت الرئيسة المشاركة لدائرة الشؤون الخارجية في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، تركيا إلى الحوار من أجل السلام.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة الـ23، السبت، إن سوريا دولة مهمة جداً بالنسبة لتركيا، عادّاً أن سياسات إسرائيل «المزعزعة للاستقرار في سوريا» تشكل العقبة الرئيسية أمام جهود إعادة الوحدة في البلاد.

فيدان خلال المشاركة في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة الـ23 يوم 6 ديسمبر (الخارجية التركية)

وأضاف أن بلاده اعتمدت سياسة «الباب المفتوح» منذ بداية الأزمة في سوريا، ونتيجةً لذلك، فر ملايين السوريين من الحرب و«وصلوا إلى حدودنا»، مشيراً إلى أن هذه السياسة خدمت أغراضاً إنسانية رغم تكلفتها العالية محلياً.

وشدد فيدان على ضرورة التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار في سوريا، مضيفاً: «لقد تعلمنا دروساً بالغة الأهمية في هذه العملية، ومن خلال التوسط في حل مشاكل منطقتنا، خففنا بالفعل من معاناة الناس، لا سيما بالنسبة لأزمة اللاجئين».

الاتفاق بين دمشق و«قسد»

وقال: «علينا إعطاء الأولوية للقضايا الأمنية الرئيسية للحكومة السورية، ويجب مراعاة وجهة نظر تركيا بشأن هذه القضايا، لقد عبّرنا بوضوح عن مطالبنا، كما عبّرت حكومة دمشق بوضوح عن توقعاتها».

وأضاف فيدان أنه يمكن أن تتوصل الحكومة السورية و«قسد» إلى اتفاقات فيما بينهما، على الرغم من محاولات الأخيرة الالتفاف على اتفاق الاندماج في الجيش السوري الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي.

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري بدمشق في 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأشار إلى أن تركيا ليست لديها مشكلة مع أكراد سوريا، وتؤيد أن تشعر جميع المكونات السورية بالأمان والحرية، وتؤكد على ذلك في اتصالاتها المستمرة مع الحكومة السورية.

واستدرك فيدان: «ومع ذلك، فيما يتعلق بـ(حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب / قسد)، نعلم أن بعض العناصر تلعب دوراً في الصراع، لذلك نطالب بالخروج الفوري للعناصر الأجنبية من سوريا، وستكون هذه بداية جيدة، يجب إزالة جميع العناصر التي تُعارض مصالح تركيا وأمنها».

وتابع: «ستجرى المزيد من المناقشات التقنية في دمشق. عملية دمج الوحدات المتبقية في الجيش السوري جارية. يجب أن تتم هذه العملية بحسن نية. نتوقع دمجاً فعلياً وليس مجرد دمج شكلي غير واقعي».

وعن العملية الجارية لحل حزب العمال الكردستاني ونزع أسلحته، التي تؤكد تركيا أنها تشمل جميع امتداداته، بما فيها «وحدات حماية الشعب / قسد»، قال فيدان: «خلال فترة عملي في جهاز المخابرات التركي أجرينا محادثات مع حزب العمال الكردستاني، لكنه انسحب منها، نحن لا نعلم ما إذا كان أوجلان (زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا عبد الله أوجلان) سيلعب دوراً، بخاصة فيما يتعلق بسوريا، أو ما إذا كان سينظر إلى هذا الدور كوسيلة ضغط».

الإدارة الذاتية والحوار مع تركيا

في السياق ذاته، دعت الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، تركيا، إلى الحوار من أجل السلام وعدم التوقف عند مسألة نزع السلاح فقط.

إلهام أحمد خلال مداخلة عبر «زووم» في مؤتمر «السلام والمجتمع الديمقراطي» في إسطنبول في 6 ديسمبر (حزب الديمقراطية المساواة للشعوب - إكس)

وقالت إلهام أحمد، في مشاركة عبر تقنية «زووم» السبت في المؤتمر الدولي حول «السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي ينظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» (المؤيد للأكراد) في إسطنبول على مدى يومين لمناقشة عملية السلام مع الأكراد في تركيا، إنهم (في الإدارة الذاتية) يأملون رؤية المسؤولين الأتراك في شمال وشرق سوريا، وأن تتاح لهم أيضاً الفرصة ليكونوا في تركيا، من أجل بحث السلام.

وأشارت إلى أنها منعت من الوجود في مؤتمر إسطنبول بسبب «ذهنية عدم التقبل»، في إشارة إلى إعلان الحكومة التركية رفضها استقبالها أو قائد «قسد» مظلوم عبدي، قبل التخلي عن السلاح والاندماج في مؤسسات الدولة السورية، عادّة أن «الأهم من مناقشة ترك السلاح في هذا الوقت هو مناقشة السلام».

ولفتت إلى أن الاستقرار في سوريا هو استقرار لتركيا أيضاً، وأن بناء دولة ديمقراطية ذات دستور يحمي حقوق جميع المكونات سيعزز الأمن في البلدين، وأن عملية السلام في تركيا انعكست بشكل مباشر على شمال وشرق سوريا، حيث توقفت الهجمات وبرزت إمكانية فتح قنوات الحوار مع الدولة التركية لحل القضايا عبر التفاهم.

وأضافت أن تركيا قادرة، بما لها من دور محوري في سوريا وعلاقات مع الحكومة في دمشق وقنوات تواصل مع الإدارة الذاتية، على تقليل الأصوات الداعية للحرب والصراع في سوريا.

تصور «أوجلان» للسلام

ووجه أوجلان رسالة إلى المؤتمر، قرأها ويسي أكطاش الذي أمضى 10 سنوات معه في سجن إيمرالي في غرب تركيا، أكد فيها أن «الوقت قد حان للسير نحو التحرر الديمقراطي على أساس اشتراكية المجتمع الديمقراطي».

الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد خلال كلمته الافتتاحية لمؤتمر «السلام والمجتمع الديمقراطي» في إسطنبول في 6 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)

وبدوره، قال الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إن هناك عملية جارية وإن تحرير الأكراد وإرساء الديمقراطية في تركيا أمران مهمان، وهذه العملية ستجلب السلام إلى تركيا والشرق الأوسط على حد سواء.

وقالت الرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغولاري، إن دعوة أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي هي دعوة بالغة الأهمية، لا سيما في ظل تصاعد الاستغلال والحرب، وتُعد خطوة مهمة للمنطقة بأسرها، ويجب أن نناضل من أجل ضمان تحقيق سلام دائم في تركيا والمنطقة.

وأضافت أوغولاري أن الحل الذي طرحه أوجلان يقوم على 3 ركائز لـ«عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، هي: مجتمع ديمقراطي، وسلام، وتكامل ديمقراطي».


مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وتناولت المحادثات «التعاون الثنائي بين مصر و(الوكالة) في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية دعماً لجهود التنمية الوطنية، لا سيما مشروع المحطة (النووية) بالضبعة، الذي يعد نموذجاً للتعاون والتنسيق بين مصر و(الوكالة)».

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة.

ومحطة «الضبعة» النووية، هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون المشترك لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، حسب وزارة الكهرباء المصرية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أعرب عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غروسي، الذي جرى مساء الجمعة، عن «دعم مصر الكامل للدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام التحقق بموجب معاهدة منع الانتشار النووي ونظامها الأساسي»، مؤكداً أن «مصر تولي أهمية كبيرة للحفاظ على مبدأ عالمية المعاهدة، ومنع الانتشار النووي، ومصداقية المعاهدة بوصفها ركيزة أساسية لنظام منع الانتشار النووي»، معرباً عن «التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وتناول الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف «النووي الإيراني»، حيث أكد الوزير عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لاستمرار التعاون القائم، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نهاية نوفمبر الماضي، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.

وكان عراقجي وغروسي قد وقَّعا، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، في القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية.