مشروع الموازنة يعزز «معاناة» موظفي لبنان

خطة تحرك في الأيام المقبلة للمطالبة بتصحيح الأجور

تحرك سابق لرابطة موظفي الإدارة العامة (الوكالة الوطنية للإعلام)
تحرك سابق لرابطة موظفي الإدارة العامة (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

مشروع الموازنة يعزز «معاناة» موظفي لبنان

تحرك سابق لرابطة موظفي الإدارة العامة (الوكالة الوطنية للإعلام)
تحرك سابق لرابطة موظفي الإدارة العامة (الوكالة الوطنية للإعلام)

سقطت كل الآمال التي كان يعقدها موظفو القطاع العام في لبنان حول إمكانية تصحيح أجورهم في مشروع الموازنة الذي أقرته الحكومة الأسبوع الماضي، تمهيداً لإقراره في البرلمان، وما رافقه من إجراءات مالية تزيد الأعباء على مجتمع «مأزوم»؛ إذ ورغم أنّ نصف الموازنة المقدّرة بـ5.65 مليار دولار خُصص للرواتب والأجور، فإن النتيجة رواتب منهكة لا تقي من الفقر ومعاناة مستمرة منذ سنوات وقابلة للتفاقم.

وجوه من المعاناة

محمد، الموظف في الفئة الرابعة في إحدى الإدارات الحكومية، يوضح أنّ راتبه الأساسي لا يزال عند حدود مليونين ومائة ألف ليرة، أي نحو 22 دولاراً، فيما يرتفع المبلغ مع المساعدات ليصل إلى 500 أو 600 دولار شهرياً. يشرح أنّ بدل النقل الشهري لا يتجاوز 5 دولارات عن كل يوم، بينما تصل المساعدة الاجتماعية المشروطة بالدوام الكامل إلى نحو 170 دولاراً، ويُضاف إليها بدل يُعرف بـ«الصفائح» بقيمة 100 دولار. كل هذه البنود، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، لا تكفي لـ«تغطية أساسيات الحياة في ظل الغلاء المستمر».

ويشير محمد إلى أنّ «المتقاعدين يواجهون واقعاً أشد قسوة لأنهم لا يستفيدون من المساعدات المرتبطة بعدد أيام العمل، فلا يتعدى دخلهم 300 دولار شهرياً». وعن تجربته الشخصية يروي أنّه وزوجته، وهي أيضاً موظفة في القطاع العام، «اضطرا للعيش متفرّقين بين منزل أهله ومنزل أهلها مع ابنتهما، بعدما أصبح بدل إيجار الشقة السابقة بالدولار يساوي كامل راتب أحدهما تقريباً».

خلال تحرك سابق للعسكريين المتقاعدين للمطالبة بتصحيح رواتبهم (الوكالة الوطنية للإعلام)

عضو الهيئة الإدارية في رابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحال أكّد، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الحكومة «واصلت في الموازنة الأخيرة نهجها القائم على استثناء موظفي القطاع العام»، معتبراً أنّ هذا النهج «ممنهج ويهدف إلى ضرب الإدارة العامة والتأسيس للخصخصة على حساب التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية».

نهج المماطلة

وأضاف أنّ ما جرى «يُظهر سياسة إقصاء واضحة لكل مكونات القطاع العام من موظفين ومتعاقدين ومتقاعدين»، لافتاً إلى أنّ الوعود التي قُدّمت للعسكريين المتقاعدين خلال مهلة عشرة أيام ليست جديدة، بل تكرار لنهج المماطلة. ورأى أنّ «الموارد المالية متاحة إذا توفرت الإرادة، سواء عبر مكافحة التهرّب الضريبي أو تحصيل عائدات الأملاك البحرية والنهرية أو تحرير الأموال التقاعدية المجمّدة»، متهماً الحكومة بزيادة رواتب الوزراء والنواب والمستشارين بنسب ضخمة مقابل تجاهل تصحيح أجور الموظفين. وأوضح أنّ الرابطة «ستطرح خلال الأيام العشرة المقبلة خطة تحرك واضحة لفرض تصحيح عادل للرواتب والأجور واستعادة القدرة الشرائية».

ضريبة مقنعة

وإضافة إلى عدم إقرار الزيادة على الرواتب، تضمنت الموازنة بند ضريبة الـ3 في المائة على الاستيراد؛ ما أثار مزيداً من الجدل إلى المشهد. الحكومة قدّمتها كخطوة لمكافحة التهرب الضريبي وملاحقة المؤسسات الوهمية، لكن موظفين وخبراء يرون أنّ الغموض يحيط بطريقة تطبيقها ويخشون انعكاسها سلباً على أصحاب الدخل المحدود.

الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ الموازنة «جاءت لتظهر أرقاماً متوازنة شكلاً عبر مساواة النفقات بالإيرادات، بهدف إرضاء المجتمع الدولي وصندوق النقد الذي يركّز على استدامة الدين»، لكنه شدّد على أنّها «لا تحمل رؤية اقتصادية ولا خطة إصلاحية أو استثمارية».

وأوضح أنّ ضريبة الـ3 في المائة «ستتحول عملياً إلى ضريبة مقنّعة على المواطن؛ لأن الشركات المستوردة ستحمّلها للمستهلكين، حتى لو استردت جزءاً منها لاحقاً»، مشيراً إلى أنّ الحكومة «تعلن غياب الضرائب الجديدة على المواطن، بينما هذه الضريبة ستنعكس مباشرة على الأسعار وتعمّق التآكل في القدرة الشرائية». كما لفت إلى أنّ الموازنة «تجاهلت تماماً تصحيح الأجور رغم الانهيار الكبير في القدرة الشرائية»، معتبراً أنّ الحل يكمن في «إعادة هيكلة فعلية للقطاع العام تضمن إنصاف الموظف المنتج».

موقف نيابي حاد

من جهتها، شدّدت النائبة غادة أيوب، عضوة لجنة المال والموازنة النيابية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على رفضها ضريبة الـ3 في المائة، ووصفتها بأنها بدعة خطيرة تفرض أعباء إضافية على الملتزمين بدلاً من ملاحقة المتهربين. وأكدت أنّ «الغموض ما زال يلف كيفية إدارة هذه الأموال وآلية استردادها»، لافتة إلى أنّ المجلس النيابي لم يتسلّم بعد النسخة النهائية من مشروع الموازنة بعد التعديلات.

ورأت غادة أيوب أنّ «الحلول المطروحة لرواتب موظفي القطاع العام تبقى ترقيعية ومؤقتة، بينما المطلوب معالجة شاملة تعيد الاعتبار إلى الموظف وتضمن بقاءه في الإدارة»، محذرة من أنّ «تأجيل الحلول سنة بعد أخرى ينعكس سلباً على الأداء العام ويدفع الكفاءات إلى مغادرة القطاع».

وختمت بالقول إنّ «الحديث عن عجز صفري يتناقض مع فتح اعتمادات إضافية سنوياً خارج أرقام الموازنة، سواء لصناديق المتقاعدين أو الجامعة اللبنانية، ما يثير تساؤلات حول الشفافية والقدرة الفعلية على ضبط العجز».


مقالات ذات صلة

كيف ترهب إسرائيل العائدين إلى القرى الحدودية اللبنانية؟

خاص لقطة عامة تظهر الدمار اللاحق بكنيسة سان جورج في بلدة يارون الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

كيف ترهب إسرائيل العائدين إلى القرى الحدودية اللبنانية؟

يقول أبناء المنطقة الحدودية اللبنانية إن القصف العشوائي الإسرائيلي يُدار بمنطق تكريس بيئة خوف تهدف إلى تعطيل الحياة اليومية ومنع تثبيت أي عودة طبيعية للسكان

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

خاص الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

الترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون أن شبح الحرب ابتعد، مشيراً إلى أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

جدد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، التأكيد على أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مجمع تدريب ومستودعات أسلحة لـ«حزب الله» في لبنان

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مجمع تدريب ومستودعات أسلحة لـ«حزب الله» في لبنان

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان - 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة)، إنه قصف ما وصفها بأنها بنى تحتية تابعة لجماعة «حزب الله» في عدة مناطق بلبنان، بما في ذلك مجمع تدريب لوحدة «قوة الرضوان» ومستودعات أسلحة.

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان، أن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضاً «عدة مبانٍ عسكرية استخدمها (حزب الله) في شمال لبنان».

وأشار أدرعي في البيان، إلى أن «حزب الله» يجري تدريبات عسكرية استعداداً لشن عمليات ضد إسرائيل، معتبراً أن ذلك يمثل «انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت ضواحي قرية الكتراني جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي شن غارات استهدفت جرود الهرمل في شمال شرقي البلاد، لافتة إلى تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء البقاع تزامناً مع تلك الغارات.

وأضافت وسائل الإعلام اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية طالت أيضاً إقليم التفاح وبلدة بصليا في جنوب البلاد، كما استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية منطقة شميس في منطقة شبعا.

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية بعد قصف متبادل لأكثر من عام، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم اتفاق الهدنة، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


قوات الجيش الإسرائيلي تجدد اعتداءها على الأراضي السورية

مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)
مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)
TT

قوات الجيش الإسرائيلي تجدد اعتداءها على الأراضي السورية

مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)
مركبات مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً يؤدي إلى بلدة القنيطرة بسوريا في 5 يناير 2025 (أ.ب)

جددت قوات الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، اعتداءها على الأراضي السورية، حيث أقدمت على إطلاق النار باتجاه مناطق في ريف القنيطرة.

وأطلقت قوات تابعة للجيش الإسرائيلي نيران رشاشاتها المتوسطة من نقطة التل الأحمر الغربي باتجاه التل الأحمر الشرقي في ريف القنيطرة الجنوبي، وفقاَ لما أفادت به قناة «الإخبارية» السورية.

وتوغلت قوات الجيش الإسرائيلي، أمس الخميس، في عدة قرى بريف القنيطرة الجنوبي.

وأفادت «الإخبارية» السورية بأن دورية تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في قرية عين زيوان بريف القنيطرة الجنوبي وسط تحركات عسكرية في محيط المنطقة.

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

وتوغلت قوة للجيش الإسرائيلي مؤلفة من سيارتين هامر في عدد من قرى ريف القنيطرة الجنوبي، انطلاقاً من التل الأحمر الغربي، وسلكت الطريق المؤدي إلى قرية كودنة وصولاً إلى قرية عين زيوان، ومنها إلى قرية سويسة وانتشرت داخل القرية، وفتشت المارة وعرقلت الحركة.

وبحسب «الإخبارية» السورية، تأتي هذه الاعتداءات في ظل عمليات للاحتلال الإسرائيلي يتخللها أحياناً عمليات اعتقالات في ريف القنيطرة، حيث اعتقلت قوة تابعة للاحتلال في 23 من الشهر الجاري، شابين من قرية بريقة القديمة، قبل أن تطلق سراحهما في وقت لاحق.

وينفذ الجيش الإسرائيلي في مناطق الجنوب انتهاكات، في خرق واضح لاتفاقية فصل القوات لعام 1974 وقرارات مجلس الأمن.


الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب)

كشف الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أنه قتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن «إرهابيين اثنين» عبرا ما يسمى الخط الأصفر في جنوب غزة، واقتربا من القوات الإسرائيلية.

وتابع البيان أن الرجلين شكلا «تهديداً فورياً» وتم «القضاء عليهما» بعد التعرف عليهما.

وتراجعت القوات الإسرائيلية خلف الخط الأصفر في قطاع غزة عقب وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» الفلسطينية، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويمثل الخط، المحدد بكتل خرسانية وعلامات صفراء، تقسيماً جديداً للأراضي في قطاع غزة، ويمتد ما بين 1.5 و6.5 كيلومتر داخل القطاع الساحلي. وبذلك تسيطر إسرائيل على أكثر من نصف مساحة غزة بقليل.

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، قد أعلن مؤخراً أن الخط الأصفر هو الحدود الجديدة مع قطاع غزة.

وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، استمرت حوادث متفرقة في التسبب في وقوع قتلى بغزة، مع استمرار الجيش الإسرائيلي في استهداف قادة ومواقع «حماس».