كيف ينظر الليبيون لـ«تمويلات» القذافي بعد إدانة ساركوزي؟

مدافعون عدّوها «خدمة لصالح البلاد»... وآخرون انتقدوا إنفاقها في أمور لا تخدم الوطن

ساركوزي مستقبلاً القذافي خلال زيارته لباريس في 10 ديسمبر عام 2007 (أ.ب)
ساركوزي مستقبلاً القذافي خلال زيارته لباريس في 10 ديسمبر عام 2007 (أ.ب)
TT

كيف ينظر الليبيون لـ«تمويلات» القذافي بعد إدانة ساركوزي؟

ساركوزي مستقبلاً القذافي خلال زيارته لباريس في 10 ديسمبر عام 2007 (أ.ب)
ساركوزي مستقبلاً القذافي خلال زيارته لباريس في 10 ديسمبر عام 2007 (أ.ب)

أعاد الحكم الصادر بإدانة الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، الحديث عن القرارات التي سبق أن اتخذها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بشأن «تمويل ودعم أطراف خارجية»، وسط تباين في الآراء بين مُدين لها ومبرر لها.

وقضت محكمة فرنسية على ساركوزي بالسجن خمس سنوات بتهمة «التآمر الجنائي» في قضية تمويل حملته الانتخابية بأموال ليبية عام 2007.

بين التأييد والرفض

يرى ليبيون عديدون أن التمويل الذي ذهب لدعم حملة ساركوزي «كان من الأجدى إنفاقه على تنمية ليبيا خلال العقود الأربعة، التي أمضاها القذافي في الحكم»، بينما دافع مناصرون للرئيس الراحل عن إجراءاته باعتبارها «محاولة لكسر عزلة ليبيا في تلك المرحلة».

عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن إنفاق القذافي خلال فترة حكمه، وقال إن «تمويل الحركات الانفصالية والثورية حول العالم كان أبرز المآخذ على حكمه». وذكّر معزب بالحديث عن «دعم القذافي للجيش الجمهوري الآيرلندي، ولجنوب السودان قبل انفصاله، وجبهة البوليساريو»، وقال: «هذا كلّف الخزينة الليبية، سواء كان الدعم بالمال أو التدريب؛ بينما لم يهتم بتحسين حياة الليبيين من خلال تأسيس بنية تحتية لشبكات المياه والكهرباء والطرق، وتطوير الخدمات الرئيسية من تعليم وصحة». معتقداً أن ما أنفق في ليبيا على بعض المشاريع مثل «النهر الصناعي» وغيره، لا يعادل ما جُمع من عوائد النفط طيلة أربعة عقود.

الرئيس الراحل معمر القذافي في صورة جماعية مع عدد من المسؤولين الأفارقة والأوروبيين بلشبونة في ديسمبر 2007 (رويترز)

من جهته انتقد المحلل السياسي، إسلام الحاجي، ما وصفه بـ«انخراط القذافي في مغامرات غير محسوبة» في سياساته الخارجية، «مدفوعاً برغبته في صناعة مجد شخصي، وتقديم نفسه بصفته قائد الزعماء الأفارقة والأمميين؛ حتى وإن تحقق ذلك على حساب خزينة ليبيا».

ورغم إقراره بأن «شراء ولاءات، أو محاولة استقطاب دول عبر تمويل حملات انتخابية يعد أمراً متعارفاً عليه في العلاقات الدولية، وهو أمر مجرّم»، فإنه يرى أن زيارة القذافي إلى باريس عام 2007 ربما كانت مكسباً تمثل في «تقاربه مع ساركوزي».

وقال الحاجي لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الزيارة كانت «تدشيناً لتطبيع العلاقات مع ليبيا، التي كانت تعيش عزلة رغم رفع العقوبات الدولية عنها عام 2003، ورغم رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب منتصف 2006». ونوه إلى قضايا عدة «التصقت بنظام القذافي، مثل قضية (لوكربي)، وما رافقها من تعويضات استنزفت مليارات كان الشعب أولى بها».

ودفعت ليبيا تعويضات تُقدّر بـ«2.7 مليار دولار» لعائلات ضحايا طائرة «بان أميركان 103» التي سقطت فوق لوكربي في اسكوتلندا عام 1988.

وإزاء الحديث عن «تبديد القذافي للمال العام»، رفض رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، أسعد زهيو، الحديث عن هذه التهمة، معتبراً أن الأمر «كان مسعى لاستقطاب دعم دول كبرى تملك مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي لخدمة مصالح بلده؛ حتى وإن افتقد للضمانات». وبرر زهيو «تدخلات القذافي في أفريقيا برغبته في تأمين حدود البلاد، وخوفه من تمدد النفوذ الإسرائيلي هناك، بما يضر القضية الفلسطينية»، لكنه لفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عهد القذافي «شهد تقصيراً في توظيف عوائد النفط لتنمية البلاد وتعميرها، بما يتناسب مع حجم هذه الثروة».

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي خلال جلسة محاكمته (إ.ب.أ)

بدوره، دافع الكاتب الليبي، مصطفى الفيتوري، عن عهد القذافي، وقال إن «سعيه لاستمالة سياسيين ودبلوماسيين غربيين لم يقتصر على خدمة ليبيا فقط؛ بل شمل تعزيز أوضاع أفريقيا والعرب».

وتحدث الفيتوري لـ«الشرق الأوسط» عن محاولات القذافي «تأسيس وحدة بين الدول الأفريقية، والاتفاق على عملة موحدة؛ ورغبته في أن يستعين بدعم فرنسي في ذلك».

ورغم تفهمه لما طرحه المنتقدون من آراء، وإجماعهم على أن الأموال كانت أحق بخدمة الليبيين، دعا الفيتوري إلى تذكر كيف «أسهم استقبال القذافي في باريس وما قاده ساركوزي من جهود لعودة البلاد للساحة الدولية، مما انعكس على حياة الليبيين».

تلميع صورة القذافي

اعتبر المحلل السياسي الليبي، محمد بويصير، أن قرارات القذافي «كانت تستهدف تلميع صورته وليس لخدمة مواطنيه». ورفض بويصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المقارنة بين «تدخلات واشنطن وعواصم أخرى في شؤون دول مختلفة وما كان يفعله القذافي»، معتقداً أن «هذه الدول تفعل ذلك عادة بشكل معلن يمنحها قدراً من الشرعية، لكن القذافي كان يصدر قرارات ويتصرف في الأموال الليبية كأنها ملكه». ورأى أن الاستثمارات الليبية في أفريقيا «لم تكن مبنية على أسس اقتصادية سليمة، بل هدفت إلى شراء ولاء حكامها».

وانتهى بويصير إلى أن القذافي «ورط ليبيا في قضايا عديدة كلفتها الكثير من الأموال»، وضرب مثلاً بـ«التعويضات التي دُفعت لذوي ضحايا طائرة الركاب الفرنسية التي انفجرت عام 1989 فوق صحراء النيجر؛ وكذلك دفع تعويضات بعد اتهام ليبيا بتفجير النادي الليلي في برلين عام 1986».


مقالات ذات صلة

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا تركيا أقامت مراسم عسكرية رسمية لوداع جثامين ضحايا طائرة الحداد ومرافقيه قبل نقلها إلى طرابلس السبت (الدفاع التركية - إكس)

تركيا تودّع ضحايا طائرة الحدّاد بمراسم عسكرية... وطرابلس تقيم تأبيناً رسمياً

تم نقل جثامين رئيس أركان الجيش الليبي محمد على الحداد ومرافقيه الذين كانوا على متن طائرة تحطمت ليل الثلاثاء الماضي عقب مباحثات رسمية في أنقرة

«الشرق الأوسط» (أنقرة - القاهرة)
شؤون إقليمية يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز) play-circle 00:32

وصول جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى طرابلس

أفادت وزارة الدفاع التركية بأنّ جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه الذين قضوا في حادث تحطم طائرة قرب أنقرة ستُعاد إلى البلاد اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شمال افريقيا الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تعزز علاقاتها الاقتصادية بجيبوتي بالتوازي مع تطور توافقهما السياسي

كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)
كامل الوزير بمحطة الطاقة الشمسية بقرية عمر كجع في منطقة عرتا بجيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

تُعزز مصر علاقتها الاقتصادية مع جيبوتي، وذلك بالتوازي مع توافق البلدين السياسي في ملفات مختلفة بينها «أمن البحر الأحمر»، وأخيراً الموقف الموحد تجاه إدانة إعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة.

ويقوم نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير بزيارة إلى جيبوتي لـ«تعزيز التعاون في مجالي الصناعة والنقل»، وأكد، السبت، أن «زيارته تأتي في إطار عمق العلاقات بين البلدين».

وأكدت مصر وجيبوتي والصومال وتركيا، في بيان، مساء الجمعة، «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية»، وأشارت تلك الدول إلى أن «الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يُعد سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين».

مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، السفيرة منى عمر، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة نائب رئيس الوزراء المصري «تأتي في توقيت بالغ الأهمية ولديها مدلول قوي؛ إذ إن جيبوتي بموقعها الاستراتيجي من أهم الموانئ الموجودة عند مدخل البحر الأحمر، ومن ثم هناك ضرورة للتوافق بين الدولتين في المواقف لمواجهة خرق سيادة الصومال، وإنهاك القانون الدولي باعتراف إسرائيل بأحد الأقاليم الصومالية على أساس أنه دولة مستقلة».

نقطة انطلاق

وبحسب إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري»، السبت، أكد كامل الوزير «استعداد الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات بجيبوتي في الطرق والنقل البحري والسكك الحديدية والمناطق الصناعية، فضلاً عن التعاون الاقتصادي».

وافتتح الوزير المصري محطة الطاقة الشمسية بقرية «عمر كجع» في منطقة «عرتا» بجيبوتي في حضور وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، يونس علي جيدي، ووزير البنية التحتية والتجهيزات، حسن حمد إبراهيم، وعدد من المسؤولين.

وقال إن «افتتاح المحطة ترجمة عملية لمخرجات الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي في أبريل (نيسان) الماضي، والتي شكلت نقطة انطلاق جديدة لمسار التعاون بين البلدين، خصوصاً في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتنمية الصناعية»، مضيفاً أن «تلك الزيارة الرئاسية أكدت أن التعاون المصري - الجيبوتي يقوم على رؤية استراتيجية شاملة تستهدف دعم مسارات التنمية المستدامة في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن أمن واستقرار وتنمية هذه المنطقة تمثل مصلحة استراتيجية مشتركة».

وتُعد منطقة القرن الأفريقي جزءاً ممتداً غرب البحر الأحمر وخليج عدن، وتشمل 4 دول رئيسة هي «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا»، بينما تتسع المنطقة من زوايا سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.

السيسي خلال زيارته إلى جيبوتي ولقائه غيله في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)

علاقات تاريخية

السفيرة منى عمر قالت إن «العلاقات بين مصر وجيبوتي تاريخية، ومتطورة جداً على المستوى الاقتصادي والتدريب وبناء القدرات»، لافتة إلى أن اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يرفع «علامة الخطر بالنسبة للدول المشاطئة للبحر الأحمر ودول القرن الأفريقي التي لن تسكت إزاء هذا الانتهاك».

وشدد السيسي خلال زيارته إلى جيبوتي ولقاء نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيله، في أبريل الماضي، على «رفض أي ممارسات تؤثر في حرية الملاحة البحرية». وأكدت المحادثات بين السيسي وغيله حينها «رفض تهديد أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر»، بوصفه شرياناً تجارياً دولياً حيوياً.

ودعت القاهرة وجيبوتي حينها إلى «أهمية تفعيل (مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر) ليضطلع بمسؤولياته الأصلية، في تعزيز التنسيق بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وخليج عدن».

ويضم «مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر»، الذي تأسس عام 2020، 8 دول عربية وأفريقية، هي «المملكة العربية السعودية، ومصر، واليمن، والأردن، والسودان، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا»، ويستهدف «تعزيز الأمن والتنمية بين أعضائه».

نائب رئيس الوزراء المصري يؤكد تعزيز التعاون مع جيبوتي في مجالي الصناعة والنقل (مجلس الوزراء المصري)

تنسيق مكثف

ووفق وزير الصناعة والنقل المصري، السبت، فإن محطة الطاقة الشمسية الجديدة نقطة انطلاق حقيقية لمسار أوسع من التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، ويسهم في خلق فرص عمل مستدامة، ونقل الخبرات والتكنولوجيا، ورفع كفاءة الكوادر الوطنية، إلى جانب تعزيز التكامل الاقتصادي والتنموي».

ومحطة الطاقة الشمسية في قرية «عمر كجع» تهدف إلى «توفير كهرباء نظيفة ومستدامة، ضمن إطار تعزيز التعاون الثنائي في قطاع الطاقة»، وسبق أن تم الإعلان عن المشروع في يونيو (حزيران) الماضي.

وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، قال من جانبه إن «المحطة تُعد نموذجاً حياً وشهادة صادقة على متانة وعمق علاقات الصداقة والتعاون القائمة مع مصر، والمحطة ثمرة شراكة استراتيجية مستدامة، ستسهم بلا شك وبشكل ملموس في تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وجيبوتي نحو 122.4 مليون دولار خلال عام 2024 مقابل 161.9 مليـون دولار في 2023، بحسب «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أبريل الماضي. وأشار «المركزي» إلى أن قيمة الصـادرات المصرية لجيبوتي بلغت 108.6 مليــون دولار خـلال 2024 مقابل 152.3 مليون دولار في 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من جيبوتي 13.8 مليون دولار في 2024 مقابل 9.6 مليون دولار خلال 2023.

جانب من زيارة كامل الوزير إلى جيبوتي (مجلس الوزراء المصري)

وتوقعت مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق أن «يحدث مزيد من التكثيف في العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وجيبوتي خلال الفترة المقبلة؛ لأن جيبوتي من الدول الصديقة التي تحتاج لكثير من الاستثمار»، موضحة أن «مصر سوف تكثف التنسيق القائم بالفعل مع دول القرن الأفريقي كافة والدول المشاطئة للبحر الأحمر، من أجل مواجهة القرار الإسرائيلي»، لافتة إلى «ضرورة خلق رأي عام قاري ودولي لمواجهة هذا الخرق الإسرائيلي للقانون».


هل يقلل «رفض ترمب» جدوى قرار الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»؟

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
TT

هل يقلل «رفض ترمب» جدوى قرار الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»؟

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

طوفان ردود فعل اجتاح موقف الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، وبخلاف الرفض العربي، كان تفاعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«السخرية من ذلك الإقليم»، وعدم الانضمام لمسار الموافقين.

ذلك الرفض الأميركي، يراه خبراء «لم يكن حاسماً؛ حيث لم يُدِن موقف إسرائيل، وينتظر رؤية حجم الموقف العربي لإعطاء موقف واضح ومباشر؛ لكنه سيمنع أي تحرك دولي يدعم حكومة بنيامين نتنياهو في هذا الاعتراف»، ولفتوا إلى أن «الصومال عليه واجب أكبر في تعزيز الجهود العربية والسعي لنيل دعم دولي رافض لهذا الاعتراف».

وأعلن ترمب رفضه الاعتراف باستقلال «أرض الصومال»، وذلك عقب اعتراف إسرائيل رسمياً بالجمهورية المعلنة من طرف واحد والمنفصلة عن الصومال.

وأجاب ترمب بـ«لا» عندما سُئل في مقابلة مع صحيفة «نيويورك بوست»، نشرت الجمعة، إن كان سيحذو حذو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويعترف بها، متسائلاً: «هل يعرف أحد ما هي أرض الصومال، حقاً؟»، من دون أن يدين موقف إسرائيل. فيما قال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح (اتفاقيات إبراهيم) التي وقعت بمبادرة من الرئيس ترمب».

وبشأن عرض «أرض الصومال» استضافة قاعدة بحرية أميركية قرب مدخل البحر الأحمر، قلّل ترمب من أهمية المقترح، قائلاً: «أمر غير مهم... كل شيء قيد الدراسة، سوف ندرس الأمر... أنا أدرس الكثير من الأشياء وأتخذ دائماً قرارات عظيمة وتتبين صحتها لاحقاً».

ورغم امتناع الولايات المتحدة عن إعلان موقف رسمي داعم للاعتراف الإسرائيلي، فإن ذلك لا يعني غيابها عن المشهد، بل يعكس سياسة ترقب وحساب دقيق لردود الفعل الدولية، وخاصة في العالمين العربي والإسلامي، وفق تقديرات الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني. وقال لـ«الشرق الأوسط» يُلاحظ أن غياب موقف أميركي حاسم قد يُضعف زخم الاعتراف، لكنه في الوقت ذاته لا يوقف بالضرورة المسار الذي رسمته الدول الداعمة لهذا التوجه.

ويعتقد المحلل السياسي في الشؤون الأميركية، الدكتور سعيد صادق، أن حديث ترمب، ليس صريحاً ويحمل اعترافاً ضمنياً، خاصة أنه جاء ضمن اتفاقات التطبيع التي تسعى لها واشنطن سراً وعلناً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن ترمب لم يتجه لتأييد صريح لعدم التصادم مع الموقفين العربي والإسلامي.

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)

وهذا الموقف الأميركي السريع جاء بعد ساعات من توالي المواقف العربية والإسلامية الرافضة لتلك الخطوة. ورفضت السعودية وقطر ومصر والأردن وجيبوتي وتركيا ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، تلك الخطوة الإسرائيلية، معتبرين إياها تجاوزاً خطيراً لمبادئ القانون الدولي وسيادة ووحدة الصومال، وفق بيانات منفصلة صادرة عن وزارات الخارجية، الجمعة.

وعادت مصر، السبت، للتأكيد على دعمها الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، مشددة على رفضها للاعتراف بأي كيانات موازية أو انفصال بطرق غير شرعية وغير قانونية.

ويرى كلني أن الاعتراف بـ«أرض الصومال» أثار حراكاً واسعاً على المستويين العربي والدولي، باعتباره تطوراً خطيراً يمس وحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، ويكشف عن تحولات أعمق في توازنات القوى داخل منطقة القرن الأفريقي، وفي ظل تنافس دولي محموم على النفوذ في القرن الأفريقي، وسعي قوى إقليمية ودولية لإعادة رسم خرائط التأثير في الممرات البحرية والمواقع الاستراتيجية.

ولا يعتقد صادق أن الرفض الدولي المتوقع بعد نظيره العربي، ليس ارتباطاً بموقف ترمب، لكن رفضاً لمخالفة القانون الدولي الذي يرفض الانفصال، مثلما يرفض الغرب أي مواقف للانفصال بالنسبة لأوكرانيا.

وداخلياً، تعهّدت حركة «الشباب» الصومالية المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، في بيان السبت، مواجهة أي محاولة من جانب إسرائيل «للمطالبة بأجزاء من أرض الصومال أو استخدامها»، مضيفة: «لن نقبل بذلك، وسنحاربه».

وهذا الحراك الصومالي، وفق كلني، «يأتي في ظل إدراك أن هذا الاعتراف تهديد مباشر لوحدة الصومال وسيادته، كما يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أوسع في الشأن الداخلي الصومالي»، لافتاً إلى أن «الموقع الاستراتيجي للصومال، المطل على أهم الممرات البحرية العالمية، يعد عاملاً رئيسياً في استهدافه ضمن صراعات النفوذ الإقليمي والدولي».

وقال: «ستظل قدرة الصومال على مواجهة هذه التحديات مرهونة بمدى تماسك جبهته الداخلية، ووحدة موقفه الوطني، وقدرته على تعبئة دعم إقليمي ودولي فعّال»، وأكد أنه بينما تتراجع فاعلية التضامن في العالم الإسلامي، تبقى مسؤولية الدفاع عن السيادة الوطنية الصومالية مسؤولية مشتركة بين الداخل الصومالي وحلفائه الحقيقيين على الساحة الدولية، فيما أشار صادق إلى أن نجاح الموقف الصومالي سيبقىل مرتبطاً بتطورات الاعتراف وتداعياته.


تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
TT

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)
شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

شهدت مدن غرب ليبيا، مساء الجمعة، موجة احتجاجات شعبية واسعة، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية والأمنية، وللمطالبة برحيل حكومة الدبيبة، والإسراع بإجراء الانتخابات المؤجلة.

وشهدت العاصمة طرابلس تحركات احتجاجية في مناطق متفرقة، حيث أغلق المتظاهرون بعض الطرق، وأشعلوا الإطارات في بلدية سوق الجمعة شرق المدينة، ومنطقتَي الظهرة ووسط المدينة، إضافة إلى احتجاجات عند إشارة فشلوم المرورية. كما رفع المحتجون لافتات تنتقد فشل الحكومة في تحسين الأوضاع المعيشية والأمنية، محمّلين إياها مسؤولية الانفلات الأمني واستمرار الأزمات الخدمية.

ورصدت وسائل إعلام محلية، عبر لقطات مصورة، إشعال الإطارات وإغلاق الطريق بجزيرة القادسية في طرابلس، كما عبّر متظاهرون في ميدان الجزائر وسط العاصمة عن رفضهم «حكم العائلة» و«حكم العسكر»، مطالبين بالاستفتاء على الدستور وإنهاء المرحلة الانتقالية.

كما شهدت مدينة مصراتة مظاهرة شعبية للتنديد بتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتراجع الخدمات، تزامناً مع احتجاجات مماثلة عند بوابة الصمود، المدخل الشرقي لمدينة الزاوية، حيث ركّز المشاركون على تدهور الأوضاع الأمنية إلى جانب الضغوط المعيشية، مؤكدين أن المواطن بات يدفع ثمن الصراعات السياسية واستمرار الحكومات المؤقتة.

في سياق متصل، أصدر أهالي ومكونات بلدية صبراتة بياناً أعربوا فيه عن رفضهم قرار حكومة الدبيبة، القاضي بتخصيص مقر إذاعة اليتيم لصالح جهة مسلحة، معتبرين القرار مساساً بالمؤسسات المدنية والإعلامية، ومؤشراً على تغوّل التشكيلات المسلحة على حساب الدولة.

والأسبوع الماضي، دعا حراك ما يُعرف بـ«انتفاضة شعب» كل الليبيين إلى المشاركة في اعتصام شعبي مفتوح بـ«ميدان الشهداء»، وسط العاصمة طرابلس، وذلك للمطالبة بإسقاط حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.

وسبق أن خرجت مظاهرات في مناطق عدة بالعاصمة تطالب بإسقاط حكومة الدبيبة ومحاسبتها، الأمر الذي دفع حينها عدداً من وزرائها إلى تقديم استقالاتهم انحيازاً لمطالب المحتجّين.

وجدَّد حراك «انتفاضة شعب»، الذي ينطلق من مدينة مصراتة، والذي يقوده عدد من النشطاء، في بيانه، دعوته «جميع الليبيين شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً» إلى تنظيم اعتصام سلميّ لحين تنفيذ مطالب الشعب، المتمثلة في رحيل الحكومة.

وحضّ الحراك جميع أطياف الليبيين على «المشاركة في «الاعتصام ورفع سقف المطالب في مظاهرات يحميها الشعب والقانون، بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية». وقال إن المشاركة في هذا الاعتصام «واجب وطني»، مؤكداً أن «السلمية قوة الأحرار، ووحدة الصف سلاح إسقاط الفساد».

ورأى الحراك أن «الوطن يقف اليوم على حافة الضياع، وما يُدار باسمه في الغرف المغلقة ليس حلاً، بل مؤامرة مكرّرة لإطالة عمر الفشل، وتمديد الأجسام البالية المنتهية الصلاحية». وذهب إلى أن «تغيير العناوين، وتسويق مسرحيات سياسية جديدة، لن يغيّرا الحقيقة؛ فالشعب يريد قراره، لا وصاية عليه، ولا تسويفاً بعد اليوم».