ترمب يجيز نشر «كل القوات المسلحة الضرورية» في بورتلاند لمواجهة «إرهابيين محليين»

يوجه البنتاغون بالاستعداد أيضاً لـ«استخدام الحد الأقصى من القوة عند الضرورة»

الغاز المسيل للدموع والدخان يتصاعدان مع انتشار عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأميركية في أثناء احتجاجات على سياسات الهجرة لإدارة الرئيس دونالد ترمب في بورتلاند - أوريغون (رويترز)
الغاز المسيل للدموع والدخان يتصاعدان مع انتشار عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأميركية في أثناء احتجاجات على سياسات الهجرة لإدارة الرئيس دونالد ترمب في بورتلاند - أوريغون (رويترز)
TT

ترمب يجيز نشر «كل القوات المسلحة الضرورية» في بورتلاند لمواجهة «إرهابيين محليين»

الغاز المسيل للدموع والدخان يتصاعدان مع انتشار عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأميركية في أثناء احتجاجات على سياسات الهجرة لإدارة الرئيس دونالد ترمب في بورتلاند - أوريغون (رويترز)
الغاز المسيل للدموع والدخان يتصاعدان مع انتشار عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأميركية في أثناء احتجاجات على سياسات الهجرة لإدارة الرئيس دونالد ترمب في بورتلاند - أوريغون (رويترز)

أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، السبت، بنشر الجيش في مدينة رابعة هي بورتلاند، وأجاز استخدام «القوة عند الضرورة» في إطار مكافحته الجريمة في المدن التي يهيمن عليها الديمقراطيون، وأعلن ترمب ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موضحاً أنه وجّه وزارة الدفاع إلى «توفير كل ما يلزم من قوات لحماية بورتلاند». وأضاف: «أجيز أيضاً استخدام القوة الكاملة إذا لزم الأمر».

وقال ترمب إن القرار ضروري لحماية منشآت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية، التي وصفها بأنها «تحت الحصار من هجمات أنتيفا وإرهابيين محليين آخرين».

عناصر من الجمارك وحماية الحدود الأميركية يحتجزون رجلاً خارج مبنى دائرة الهجرة في بورتلاند (أ.ب)

وفي وقت تشهد فيه بورتلاند منذ أشهر عدة مظاهرات مناهضة لشرطة الهجرة، هدد الرئيس الجمهوري بداية سبتمبر (أيلول) بإرسال الحرس الوطني إلى هذه المدينة الواقعة في شمال غربي الولايات المتحدة، علماً بأنها الأكبر في ولاية أوريغون الديمقراطية.

وقال ترمب على منصته «تروث سوشيال»: «بناء على طلب وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، أوجه وزير الحرب بيت هيغسيث لنشر كل القوات المسلحة اللازمة لحماية بورتلاند التي دمرتها الحرب ومرافق دائرة الهجرة والجمارك (آيس) التي تحاصرها أنتيفا وغيرها من الإرهابيين المحليين». وأضاف: «أجيز أيضاً استخدام الحد الأقصى من القوة عند الضرورة»، دون أن يوضح القصد من هذه العبارة.

ووقّع ترمب قبل أسبوعين أمراً تنفيذياً لنشر عناصر الحرس الوطني في ممفيس بولاية تينيسي، عازياً قراره إلى «تفشي» الجريمة في المدينة (جنوب). وممفيس ذات غالبية سوداء، يديرها رئيس بلدية ديمقراطي في ولاية حاكمها جمهوري.

مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه (أ.ب)

وبعد لوس أنجليس في يونيو (حزيران)، انتشر الحرس الوطني منتصف أغسطس (آب) في العاصمة الفيدرالية واشنطن. كذلك، هدد ترمب بإرسال عناصر في الشرطة الفيدرالية وعسكريين إلى مدن شيكاغو ونيويورك وبالتيمور. وفي السياق نفسه، كان قد وقع الرئيس الأميركي، الاثنين، أمراً تنفيذياً يصنف حركة «أنتيفا» (مصطلح عام يُطلق على جماعات يسارية ترفع لواء مناهضة الفاشية) «منظمة إرهابية».

ومنذ اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك، صعّد الرئيس الجمهوري جهوده لمواجهة ما يسميه «اليسار المتطرف»، الذي يحمله مسؤولية مشكلات البلاد المتعلقة بالعنف السياسي.

وفي وقت سابق من سبتمبر، وصف ترمب العيش في بورتلاند بأنه «يشبه العيش في الجحيم»، وقال إنه يفكر في إرسال قوات اتحادية إلى هناك، كما هدد مؤخراً بفعل الشيء نفسه لمكافحة الجريمة في مدن أخرى، من بينها شيكاغو وبالتيمور. وكان قد نشر الحرس الوطني في لوس أنجليس خلال الصيف، وفي إطار توليه السيطرة الأمنية في العاصمة واشنطن.

أرشيفية لسكان مخيم للمشردين يجمعون أغراضهم قبل إخلاء المكان في بورتلاند (ماين) (أ.ب)

في سياق متصل، طلبت إدارة الرئيس من المحكمة العليا تأييد أمره المتعلق بحق المواطنة بالولادة، والذي ينص على أن الأطفال المولودين لوالدين موجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني أو مؤقت ليسوا مواطنين أميركيين.

يطلق هذا الاستئناف، الذي اطلعت عليه وكالة «أسوشييتد برس»، السبت، عملية في المحكمة العليا قد تؤدي إلى صدور حكم نهائي من القضاة بحلول أوائل الصيف بشأن دستورية قيود الجنسية. وحتى الآن منع قضاة المحكمة الأدنى درجة تطبيق هذه القيود في أي مكان. ولا تطلب الإدارة الجمهورية من المحكمة السماح بتطبيق هذه القيود قبل إصدار حكمها.

وتمت مشاركة التماس وزارة العدل مع محامي الأطراف التي تطعن في الأمر، لكنه لم يدرج بعد في جدول قضايا المحكمة العليا. وكتب المحامي العام د. جون ساور: «أبطلت قرارات المحكمة الأدنى سياسة ذات أهمية قصوى للرئيس وإدارته بطريقة تقوض أمن حدودنا. تلك القرارات منحت، دون مبرر قانوني، امتياز الجنسية الأميركية لمئات الآلاف من الأشخاص غير المؤهلين».

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يواجهون الشرطة في حرم جامعة ولاية بورتلاند (أ.ف.ب)

من جانبه، قال كودي ووفسي، محامي الاتحاد الأميركي للحريات المدنية والذي يمثل الأطفال الذين سيتأثرون بقيود ترمب، إن خطة الإدارة غير دستورية بوضوح.

وأضاف ووفسي في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «هذا الأمر التنفيذي غير قانوني، انتهى الحديث. ولن يغير أي قدر من التلاعب من قبل الإدارة هذه الحقيقة. سنواصل العمل لضمان ألا تسحب جنسية أي طفل بسبب هذا الأمر القاسي والعبثي».

ووقع ترمب أمراً تنفيذياً في اليوم الأول من ولايته الثانية في البيت الأبيض، من شأنه أن يقلب أكثر من 125 عاماً من الفهم القائم بأن التعديل الرابع عشر للدستور يمنح الجنسية لكل من يولد على الأراضي الأميركية، مع استثناءات ضيقة تشمل أبناء الدبلوماسيين الأجانب وأولئك الذين يولدون لقوة احتلال أجنبية.


مقالات ذات صلة

ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عرض تصوّري للسفينة «يو إس إس ديفاينت» المقترحة من «فئة ترمب» خلال إعلان الرئيس الأميركي مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية (أ.ف.ب)

«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الاثنين)، خططاً لإطلاق فئة جديدة من السفن الحربية تحت اسم «فئة ترمب»، وهو تقليد عادة ما يخصص للقادة الذين غادروا مناصبهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري الذي عين مبعوثاً خاصاً إلى غرينلاند (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: نحتاج غرينلاند للأمن القومي الأميركي

شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حاجة بلاده الى غرينلاند لضرورات «الأمن القومي»، بعد غضب دنماركي من إعلان واشنطن تعيين موفد خاص للجزيرة ذات الحكم الذاتي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أفراد من الجيش الأميركي يرافقون أعضاء مزعومين في عصابة ترين دي أراغوا الفنزويلية وعصابة إم إس-13 رحّلتهم الحكومة الأميركية إلى مركز احتجاز في السلفادور (رويترز) play-circle

قاضٍ أميركي يأمر بإعادة 137 فنزويلياً جرى ترحيلهم إلى السلفادور

أصدر قاضٍ أميركي حكماً بأنه يتعين على إدارة الرئيس دونالد ترمب ‌أن ترتب ‌على ‌ وجه ⁠السرعة ​عودة ‌نحو 137 رجلاً فنزويلياً جرى ترحيلهم إلى السلفادور.

الولايات المتحدة​ أفراد من الجيش الأميركي يرافقون أعضاءً مزعومين في عصابة ترين دي أراغوا الفنزويلية وعصابة إم إس-13 رحّلتهم الحكومة الأميركية إلى مركز احتجاز في السلفادور (رويترز)

«سي بي إس» تمنع بث تقرير عن عمليات ترحيل جماعي نفذتها إدارة ترمب

منعت رئيسة التحرير الجديدة لشبكة «سي بي إس» الأميركية بث تقرير نهاية هذا الأسبوع حول تبعات عمليات الترحيل الجماعي التي نفذتها إدارة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية إبستين

جيفري إبستين (رويترز)
جيفري إبستين (رويترز)
TT

نشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية إبستين

جيفري إبستين (رويترز)
جيفري إبستين (رويترز)

نشرت وزارة العدل الأميركية ما يقرب من 8000 وثيقة جديدة مرتبطة بفضيحة جيفري إبستين على موقعها الإلكتروني، بعدما اتُّهمت بحجب المعلومات، وانتُقدت من المعارضة الديمقراطية بسبب البطء الشديد في نشر تفاصيل الملف.

وتحتوي الملفات الجديدة، بحسب تحليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على مئات مقاطع الفيديو، والتسجيلات الصوتية، بما في ذلك لقطات من كاميرات مراقبة تعود إلى أغسطس (آب) 2019، عندما عُثر على إبستين المدان بالاعتداء الجنسي متوفياً داخل زنزانته.

ونشرت الوزارة نحو 11 ألف رابط لمستندات على الإنترنت، لكن بدا أن بعضها لا يؤدي إلى أي وثيقة.

وأقر الكونغرس بالإجماع تقريباً «قانون الشفافية في قضية إبستين» الذي فرض نشر كامل الملفات المرتبطة بالقضية بحلول يوم الجمعة الماضي.

وشكت مجموعة من الضحايا في وقت سابق من أن «جزءاً» فقط من الملفات تم نشره، وأنه تعرّض حتى إلى تنقيح «غير طبيعي، ومفرط من دون أي تفسير».

وهدد النائبان الديمقراطي رو خانا، والجمهوري توماس ماسي بتوجيه تهم الازدراء إلى وزيرة العدل بام بوندي، لفشلها في الامتثال إلى القانون.

واقترح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قراراً الاثنين يدعو إلى تحرّك قانوني ضد إدارة دونالد ترمب، لفشلها في نشر ملفات إبستين كاملة.

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون في اللجنة في واشنطن (رويترز)

وأرجع نائب وزيرة العدل تود بلانش التأخير إلى الحاجة لإخفاء هويات ضحايا إبستين البالغ عددهن أكثر من ألف، ونفى الأحد الاتهامات بحماية ترمب الذي كان صديقاً مقرّباً لإبستين.

حاول ترمب بداية منع الكشف عن الملفات. لكن الرئيس الذي قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيف الأخير، ولا يواجه أي اتهامات في هذه القضية، خضع أخيراً لضغوط الكونغرس، ووقّع القانون الذي يلزم الإدارة نشر الملفات.


ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
TT

ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

«لا للحروب الأبدية»، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا، وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً. قال إنه سيسحب القوات الأميركية من العراق، وسوريا، وأكد أنه أنهى ثماني حروب، وتفاخر بأنه الرئيس الأميركي الأول منذ أجيال لم يبدأ حرباً جديدة.

لكن القول أسهل بكثير من الفعل في عالم متعدد الأقطاب، ومتشعب التحديات؛ فها هو ترمب يقف على مشارف نهاية العام 2025 ويقترب من ذكرى عام على تسلمه لولايته الثانية، والحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، مع تغيرات بارزة في منطقة الشرق الأوسط أدت إلى إعادة تموضع القوات الأميركية في العراق، وسوريا، وتحول الأنظار إلى منطقة أميركا اللاتينية مع فتح جبهات جديدة تحت عنوان الحرب على المخدرات مع فنزويلا.

عقيدة مونرو بنفحة ترمبية

ترمب مع مجموعة من الجنرالات في البيت الأبيض في 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

تحركات أربكت الكثيرين في الداخل، والخارج، خاصة أنها تتناقض بشكل كبير مع سياسة «أميركا أولاً» التي يتغنى بها ترمب، لتأتي استراتيجيته للأمن القومي الجديدة، وتوفر بعض الأجوبة للمتسائلين. فهذه الاستراتيجية التي غيرت بشكل جذري من الأولويات الأميركية، مستعيدة بعضاً من عقيدة مونرو بنفحة ترمبية، أظهرت بشكل واضح أن التصدي للهجرة غير الشرعية، وحماية الحدود يشكلان أساس الاستراتيجية الأمنية، وهذان من أحد الأسباب التي دفعت ترمب إلى فتح جبهة فنزويلا، على حد قوله، إضافة إلى حرب على المخدرات التي تهرب إلى الولايات المتحدة، وتؤذي الأميركيين، لتصب المواجهة أيضاً في خانة «أميركا أولاً»، وتهدف إلى حماية الولايات المتحدة.

معركة فنزويلا و«الفناء الخلفي»

مظاهرات في نيويورك معارضة للحرب على فنزويلا في 6 ديسمبر 2025 (رويترز)

لكن ما هو بارز في الاستراتيجية التركيز على أميركا اللاتينية، أو «فناء أميركا الخلفي» على حد تعبير البيت الأبيض، إذ وضعت خطاً أحمر يمنع أي نفوذ غير أميركي من التوسع هناك، ليس هذا فحسب، بل أشارت بعض التقارير إلى أن الأهداف الأميركية هناك تتخطى التصدي للمخدرات، والهجرة غير الشرعية هناك، وتصل إلى حد تغيير الأنظمة، بدءاً من نظام مادورو في فنزويلا، ووصولاً إلى نظام كاسترو في كوبا، لتتناقض تحركاته مع الاستراتيجية الأمنية التي انتقدت مساعي الإدارات السابقة لتغيير الأنظمة. لكنها سياسة تتناغم مع حلم لوزير خارجية ترمب ماركو روبيو الكوبي الأصل، والذي بنى تاريخه السياسي متوعداً بالتصدي للأنظمة الشيوعية اليسارية في أميركا اللاتينية. وهذا ما تحدث عنه هيوغو لورانس السفير الأميركي السابق إلى هندوراس، ومستشار الرئيس الأميركي سابقاً لشؤون فنزويلا قائلاً: «روبيو هو من أصول كوبية، وهو متشدد ضد اليسار في أميركا اللاتينية. بالنسبة له فنزويلا عدو وهو من بين أعضاء الإدارة الذين يودون تغيير النظام في فنزويلا. بالمقابل هناك أعضاء من حركة ماغا مثلاً الذين يحذرون من الدخول في هذه المعركة، لهذا يحاول ترمب التركيز على قضية المخدرات الشعبوية، والسعي دبلوماسياً للضغط على مادورو لمغادرة البلاد من دون الدخول في عملية عسكرية مع فنزويلا».

وزارة الحرب

ختم وزارة الحرب الجديد بعد تغيير اسمها (أ.ب)

رئيس السلام لم يكتفِ بفتح جبهة أميركا اللاتينية، بل عمد إلى تغيير آخر في إدارته أربك هو الآخر الأوساط السياسية في واشنطن، هذه المرة من وزارة الدفاع الأميركية التي أصبحت في عهده الثاني رسمياً وزارة الحرب، ما أرسل رسائل متناقضة حيال وعوده بإنهاء الحروب. وهو أمر يحذر جيم تاونسند نائب مساعد وزير الدفاع السابق لسياسة الناتو وكبير الباحثين في مركز الأمن الجديد تاونسند من أنه يشتت الانتباه عن الأمور المهمة التي يتعين على الولايات المتحدة القيام بها، ومنها تفاصيل تطبيق استراتيجية الأمن القومي بشكل واضح وتموضع القوات الأميركية «في هذا العالم الخطير للغاية الذي نعيش فيه الآن» على حد تعبيره.

لكن الجنرال مارك كيميت مساعد وزير الخارجية السابق ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي فيذكّر بأن وزارة الدفاع كانت تسمى وزارة الحرب من عام 1776 إلى عام 1947، مضيفاً: «إن ما فعلوه هو العودة إلى الاسم الأصلي بدلاً من ابتكار اسم جديد، فقد أرسلنا الكثير من الجنود إلى الحرب من وزارة الحرب على مدار 175 عاماً. ولا مانع لدي في تغيير الاسم». وهذا ما يؤكد عليه أنتوني شافر المسؤول الاستخباراتي السابق في الجيش الأميركي، ومدير مركز لندن للأبحاث الذي يعتبر أن التغيير كان ضرورياً لإظهار الهوية الجديدة لأميركا، والتشديد على وجود «أسلوب جديد في النظر للأمور، والتعاطي معها». وهي فعلياً تحركات تجسد الهوية التي يسعى إليها ترمب ويكررها، تحت عنوان «السلام من خلال القوة».

ترمب والحروب الثماني

ترمب مع رئيسي الكونغو ورواندا في واشنطن إثر توقيع اتفاق السلام بين البلدين في 4 ديسمبر 2025 (رويترز)

رغم إعادة تسمية وزارة الدفاع وفتح جبهة أميركا اللاتينية الجديدة، وحرب ترمب على المخدرات، فإن الرئيس الأميركي يقول إنه تمكن من إنهاء ثماني حروب في عهده الثاني، ويستاء أشد الاستياء بأنه لم يحظَ بجائزة نوبل للسلام تتويجاً لجهوده، فما هذه الحروب التي أنهاها؟

هو يذكر الحروب التالية: الكونغو ورواندا، إسرائيل وإيران، الهند وباكستان، أرمينيا وأذربيجان، كمبوديا وتايلاند، صربيا وكوسوفو، إثيوبيا ومصر، «حماس» وإسرائيل. لكن تأكيداته بإنهاء هذه النزاعات فضفاضة، خاصة أن معظم هذه «الحروب» هي نزاعات وخلافات تاريخية تمتد جذورها، وتتشعب، ولا يمكن مقارنتها بحروب «أبدية» تدخلت فيها أميركا، منها الحرب على الإرهاب التي تجسدت بشكل أساسي في حربي العراق وأفغانستان، وامتدت إلى سوريا، ومكافحة تنظيم «داعش»، ومنع عودته، وهي مهمة مستمرة حتى يومنا هذا. فهل تمكن ترمب من إنهاء هذه النزاعات؟

الكونغو-رواندا

فيما احتفلت إدارة ترمب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا في يونيو 2025 لإنهاء عقود من النزاع، إلا أن أعمال العنف لا تزال مستمرة بين الجيش في كونغو وحركة إم 23 المسلحة.

إسرائيل-إيران

أما الحرب بين إسرائيل وإيران فقد تمكن ترمب من خلال الضربات الجوية على المفاعلات النووية في إيران من كبح جماح طهران، لكن التوترات بين الطرفين مستمرة في غياب اتفاق سلام ملموس.

الهند-باكستان

وفيما يتعلق بـ«الحرب» بين الهند وباكستان، فقد تمكن ترمب من وقف التصعيد بين الطرفين الذي قد يؤدي إلى حرب عبر التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في مايو (أيار) 2025، لكن التوترات التاريخية مستمرة بين القوتين النوويتين.

أرمينيا-أذربيجان

في 8 أغسطس (آب) 2025 شهد البيت الأبيض توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان أنهى صراعاً تاريخياً وحرباً مستمرة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، وحلت النزاع على إقليم ناغورني قرة باغ.

تايلاند-كمبوديا

في صيف 2025، بعد اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبوديا على الحدود، تدخل ترمب مستخدماً سلاحه المفضل، الرسوم الجمركية، ليدفع الدولتين للموافقة على هدنة مؤقتة. وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أثناء قمة آسيان في كوالالمبور، تم التوقيع على اتفاق تهدئة موسّع بين قادة البلدين.

صربيا وكوسوفو

«صربيا وكوسوفو كانتا على وشك الاشتباك، وكانت ستندلع حرب كبيرة. قلت لهما: إذا اشتبكتما، فلن تكون هناك تجارة مع الولايات المتحدة. فقالا: حسناً، ربما لن نفعل ذلك». هذا ما كتبه ترمب في 27 يونيو على منصته «تروث سوشيال»، لكن ورغم وجود نزاع قديم بين البلدين، فإنهما لم يكونا في حالة حرب فعلية، لكن البيت الأبيض يذكر بالجهود الدبلوماسية التي بذلها ترمب في ولايته الأولى حين وقع البلدان اتفاقات لتطبيع العلاقات الاقتصادية في المكتب البيضاوي عام 2020، لكنهما لم يكونا في حالة حرب في ذلك الوقت.

إثيوبيا ومصر

لا حرب فعلية بين البلدين لإنهائها، بل اختلافات على سد النهضة لم تشهد أي حلحلة بعد.

«حماس»-إسرائيل

أما حرب غزة، والنزاع مع إسرائيل، فهو موضوع معقد وشائك، صحيح أن ترمب تمكن بعد جهد جهيد من التوصل إلى وقف إطلاق نار في الحرب المستعرة منذ هجمات أكتوبر، إلا أن اتفاق السلام الشامل الذي طرحه يشهد عراقيل وتحديات جمة، ويغيب عن أي ذكر لحل الدولتين الذي تطالب به دول المنطقة.

حرب السودان

هي شوكة في خاصرة ترمب وفريقه، فبعد وعود الرئيس الأميركي بالتدخل شخصياً لحل الأزمة، لا تزال جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مستمرة من دون حلحلة تذكر في حرب مستعرة منذ أكثر من عامين.

ترمب وبوتين في آلاسكا في 15 أبريل 2025 (أ.ب)

رئيس السلام

من الواضح أن ترمب يسعى جاهداً إلى تصوير نفسه في عهده الثاني بوصفه رئيس السلام، المصر على إنهاء الحروب. لكن خلف هذا الالتزام العلني، يبرز تموضع عسكري برغماتي يُبقي الولايات المتحدة منخرطة بعمق في الخارج. فبدلاً من إنهاء الحروب التي لا تنتهي، أعاد ترمب رسم مكان وكيفية خوض الولايات المتحدة لحروبها معدلاً أهدافها من نشر الديمقراطية إلى المصالح الاقتصادية.


نائب الرئيس الأميركي يشارك في تدريبات للقوات الخاصة البحرية (صور)

فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)
فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)
TT

نائب الرئيس الأميركي يشارك في تدريبات للقوات الخاصة البحرية (صور)

فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)
فانس يحمل جذع شجرة في أثناء التدريب (مكتب نائب الرئيس)

أظهرت صور جديدة حصلت عليها شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، وهو يتدرب مع «قوات البحرية الأميركية الخاصة (SEALs)» في كاليفورنيا، بتمرين استمر 90 دقيقة، وصفه نائب الرئيس لاحقاً بأنه جعله يشعر كأنه «صُدم بواسطة قطار شحن».

وتُظهر الصور فانس وهو يحمل جذوع أشجار، ويجدف في المحيط، ويركض على الشاطئ، ويتسلق مساراً مليئاً بالعقبات مع مجموعة من قوات البحرية الخاصة، وقد أُخفيت وجوه كثير من أفراد القوات الخاصة لحماية هوياتهم.

فانس يتسلق مساراً للحبال خلال التدريب (مكتب نائب الرئيس)

وكتب فانس في منشور على منصة «إكس» يوم الاثنين: «انتهيتُ للتو من تدريب بدني مع (قوات البحرية الخاصة) لمدة 90 دقيقة. لقد خففوا عنّي التدريب، ومع ذلك ما زلت أشعر كأنني صُدمت بواسطة قطار شحن».

واستغلّ فانس هذه المناسبة للإشادة بقوات العمليات الخاصة التابعة للجيش، وكتب قائلاً: «أنا ممتنٌ للغاية لجميع جنودنا الذين يحافظون على أمننا ويلتزمون أعلى المعايير في أي مكان بالعالم».

فانس مع مدربي «قوات البحرية الأميركية» أمام العلم الأميركي (مكتب نائب الرئيس)

وفانس جندي سابق في سلاح مشاة البحرية الأميركية، وخدم في حرب العراق. وقد انضم إلى الخدمة عام 2003، وأُرسل إلى العراق عام 2005 مع الجناح الجوي الثاني لمشاة البحرية، حيث عمل في قسم الشؤون العامة.

وصرّح سابقاً نائب الرئيس بأن خدمته العسكرية قد أثرت في آرائه بشأن الأمن القومي، وتكاليف الحرب، ومسؤولية القادة عند إرسال القوات إلى مناطق الخطر.

فانس يركض على الشاطئ خلال التدريب (مكتب نائب الرئيس)

وتعدّ «قوات البحرية الخاصة» من بين أعلى وحدات العمليات الخاصة الأميركية تميزاً، وتشتهر بمعاييرها البدنية الصارمة ومهامها المتنوعة؛ من مكافحة الإرهاب إلى العمليات البحرية.