في خطوة جديدة لإحياء الفنون التراثية والحرف التقليدية في مصر، احتفى صندوق التنمية الثقافية، التابع لوزارة الثقافة المصرية، بتخريج 38 من الفنانين ضمن برنامج «بيت جميل»، في حفل أقيم، الخميس، بمركز الحرف التقليدية في الفسطاط (وسط القاهرة).
وتهدف الدراسة في «بيت جميل»، التي تستمر عامين، إلى الحفاظ على الحرف التقليدية في مصر ودعمها؛ حيث يتخصص الدارسون في الأعمال الخشبية والأشغال المعدنية والخزف والجبس والزجاج المعشق، وفق بيان لصندوق التنمية الثقافية، الجمعة.
وتأسس البرنامج عام 2009 بالقاهرة، وهو شراكة تعاونية بين مؤسسة «الملك تشارلز» البريطانية، ومدرسة الفنون التقليدية ومجتمع جميل وقطاع صندوق التنمية الثقافية في مصر.

يأتي ذلك بالتزامن مع إبراز مجلس الوزراء في مصر جهود الدولة للحفاظ على الحرف التراثية واليدوية واستدامتها، ونشرت صفحة المجلس على «فيسبوك» بيانات عن «الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية 2025-2030» التي أُطلقت في يوليو (تموز) الماضي، وتشمل 32 خطة عمل تستهدف الوصول إلى الأسواق، وتنمية التكتلات الطبيعية الحرفية، وتطوير البيئة التمكينية لقطاع الحرف اليدوية، بما يُسهم في زيادة صادرات القطاع، وتوفير مزيد من فرص العمل.
وشهد حفل «بيت جميل» جولة حول أعمال الخريجين قام بها المعماري حمدي السطوحي، مساعد وزير الثقافة ورئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، وسوزان ودنميري، مسؤولة برامج الفنون والثقافة في مجتمع جميل، والدكتور ممدوح صقر، مدير البرنامج في القاهرة.
وأعرب الدكتور ممدوح صقر عن سعادته بما يُقدمه الطلاب من «أعمال في مجالات الخزف والأعمال المعدنية والجبس، في رحلة إبداعية وفنية نعتز بها جميعاً»، حسب بيان لصندوق التنمية الثقافية.
وأكَّد صقر أن البرنامج مستمر في التطوير، سواء تطوير التقنيات أو المناهج، موضحاً أنه «أُدرج هذا العام تخصص جديد، وهو فن تعشيق النجارة التقليدية، بالإضافة إلى تخصصات زخرفة الخشب، مثل التطعيم والحفر على الخشب وخراطة الخشب».
وعدّ المعماري حمدي السطوحي معروضات الخريجين تقوم بدور مهم في ترجمة الهوية المصرية الأصيلة من خلال «استثارة جذور الهوية داخل بواطن ذاكرة الشعوب»، وهذا ما يقوم به برنامج (بيت جميل) وفق قوله.

وينظم الصندوق معرضاً مفتوحاً لأعمال الخريجين من 27 إلى 29 سبتمبر (أيلول) الحالي، في مركز الفسطاط للحرف التقليدية.
ويسعى البرنامج إلى الحفاظ على أقدم الحرف التراثية في مصر ودعمها، ويستقبل نحو 20 طالباً سنوياً للدراسة لمدة عامين، ضمن برنامج تدريبي طُوِّر وفقاً للمبادئ والمعايير المتبعة في الدورات التدريبية نفسها التي تقدمها مؤسسة «الملك تشارلز» في مقرها بالعاصمة لندن.
ويتضمن البرنامج تدريس فنون الهندسة التقليدية والرسم القائم على الملاحظة وتناغم الألوان والزخارف النباتية، بالإضافة إلى توفير تدريب متخصص في أعمال الخزف والجبس والزجاج المعشق والأشغال المعدنية والخشبية.
ويقول المعماري حمدي السطوحي لـ«الشرق الأوسط»: «لو تعاملنا مع الحرف التراثية الخاصة بنا بوصفها منتجات ثقافية ظهرت في الماضي توارثناها بقيم فنية وجمالية على أنها مجرد تحفة، فنحن لم نقم بمسؤوليتنا تجاه ما ورثناه من أجدادنا، التعامل الصحيح مع التراث لإحيائه يكمن في ممارسته والإضافة إليه ليكون صالحاً لاستخدامنا وفقاً لاحتياجاتنا في هذا الزمن».
وعدّ السطوحي: «هذه هي الفكرة الأساسية في التعامل مع الحرف والفنون التراثية. لا ينبغي النظر إليها بوصفها مستنسخات من الماضي، بل تطويعها لتلبية احتياجات الحاضر. هذا ما نطبقه في جميع أنشطتنا المتعلقة بالتراث والحرف التراثية». وتابع: «خصوصاً في تجربة (بيت جميل) التي تُنفَّذ بالتشارك بين صندوق التنمية الثقافية، ممثَّلاً في مركز الحرف التقليدية، ومؤسسة (الملك تشارلز) في إنجلترا».

وأشار رئيس صندوق التنمية الثقافية إلى أن «خريجي البرنامج يدرسون جوانب متعددة مرتبطة بالحرفة، بدءاً من كونها منتجاً ثقافياً قيّماً في الماضي، وصولاً إلى كيفية تطويعها وإضافة أبعاد فنية وجمالية إليها لتواكب حاضرنا. وقد اكتسب الدارسون معارف ثقافية ورؤى متعمقة، ولم تتوقف دراستهم عند هذا الحد، بل يواصلون البحث والتعلم والإسهام العلمي في إحياء حرفنا التراثية، لما تمثله من تعبير صادق عن هويتنا، وتجسيد حيّ لأصالتنا التي توارثناها جيلاً بعد جيل».
وتسعى مصر إلى توفير 120 ألف فرصة عمل ضمن «الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية 2025-2030»، التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بهدف جعل مصر مركزاً عالمياً للحرف اليدوية، وزيادة صادرات القطاع لتصل إلى 600 مليون دولار بحلول عام 2030، وفق ما أعلنه مجلس الوزراء المصري.


