المنفي لـ«دول العالم»: ليبيا ليست جغرافيا للصراعات

أكد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن دماء مواطنيه «خط أحمر»

المنفي خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

المنفي لـ«دول العالم»: ليبيا ليست جغرافيا للصراعات

المنفي خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي خلال إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)

طرح محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، رؤية سياسية لحلحلة الأزمة الليبية تقوم على أربع ركائز رئيسة، ووجّه حديثه لدول العالم، قائلاً إن بلاده «ليست جغرافيا للصراعات».

ووضع المنفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الخميس، أمام معضلات الوضع الراهن في ليبيا، مشدداً على أن «أي حل لا يعيد ملكية المسار السياسي إلى الشعب الليبي، ولا ينبع من إرادته الحرة، هو حل معرض للتكرار العقيم والتجارب الفاشلة»، مبرزاً أن «دماء الليبيين خط أحمر، ووحدة ليبيا وترابها وسيادتها، ونسيجها الاجتماعي، ليست محل مساومة»، ومشدداً على أن «الشعب الليبي، رغم الصراعات والانقسامات التي مرّت بها البلاد، لا يزال متمسكاً بخياره الديمقراطي، ومؤمناً بأن دولة القانون ليست حلماً، بل حق مشروع».

المنفي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أقف أمامكم ممثلاً لإرادة شعب لا يزال متمسكاً بالأمل» (المجلس الرئاسي الليبي)

وأضاف المنفي في حديثه أمام الجمعية العامة: «اليوم أقف أمامكم ممثلاً لإرادة شعب لا يزال متمسكاً بالأمل، مؤمناً بقدرته على صياغة مستقبل مستقر ومزدهر»، مؤكداً أن ليبيا «ليست جغرافيا للصراعات، وليست ساحة لتصفية الحسابات أو تصدير الأزمات؛ بل وطن يتمتع بثروات طبيعية وعمق اجتماعي متماسك، وطاقات شبابية هائلة تشكل العمود الفقري لبناء الدولة الحديثة».

وتتضمن الركائز الأربع التي أشار إليها المنفي «استعادة السيادة الوطنية الكاملة، ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي أياً كانت صيغته أو مبرراته»، إلى جانب «الوصول إلى توافق وطني جامع، عبر حوار شامل يُعقد داخل ليبيا وتحت مظلة وطنية مستقلة، بمشاركة كل الأطراف الفاعلة دون إقصاء».

أما الركيزة الثالثة فتتمحور حول «توحيد المؤسسات السيادية، وعلى رأسها مؤسسات الأمن والدفاع والمالية، وفق آليات مهنية لا تخضع للاستقطاب أو المحاصصة»، في حين تؤكد الركيزة الرابعة «إنهاء المرحلة الانتقالية عبر قاعدة دستورية واضحة، وإجراء انتخابات حرة وشفافة يختار فيها الليبيون من يحكمهم بإرادتهم، دون وصاية أو فرض خارجي».

كما أوضح المنفي أن التجارب التاريخية في ليبيا تثبت أن «قدرة شعبها على الصفح والتسامح والإنصاف مثبتة تاريخياً؛ ففرص تجاوز الماضي وطي صفحاته فرص واسعة، والمصالحة الوطنية قبل أن تكون ضرورة لبناء الدولة هي إرث وطني نعتز به».

ويأتي خطاب المنفي في وقت لا تزال العملية السياسية تراوح مكانها، خصوصاً بعد أن طرحت المبعوثة الأممية هانا تيتيه «خريطة طريق» سياسية، تهدف إلى تنظيم الانتخابات الوطنية وتوحيد المؤسسات خلال إطار زمني يتراوح بين 12 و18 شهراً.

بدوره، قال مسعد بولس، مبعوث الرئيس الأميركي، بشأن الاجتماع الدولي حول ليبيا، الذي عُقد في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الولايات المتحدة «فخورة» باستضافة هذا الاجتماع الرفيع المستوى بمشاركة دول أعضاء رئيسة وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وأضاف بولس في كلمة مصورة، بثها عبر صفحته على منصة «إكس»، أن الاجتماع «ناقش سبل التعاون لمساعدة الليبيين على تحقيق سلام دائم وازدهار متزايد».

في غضون ذلك، أعلنت البعثة الأممية (الجمعة) أن تيتيه التقت بعضوات من المجلس الأعلى للدولة لمناقشة «خريطة الطريق»، وضمان ملكية الليبيين وقيادتهم للعملية السياسية. وأوضحت البعثة أن اللقاء «استعرض عناصر (الخريطة) وإطارها الزمني، وأكد ضرورة التمثيل الشامل في الحوار المهيكل، ولا سيما من النساء والمكونات الثقافية والجنوب».

تيتيه تلتقي بعضوات المجلس الأعلى للدولة (البعثة الأممية)

ونقلت البعثة عن عضوات المجلس التشديد على «أهمية تعزيز إجراءات بناء الثقة بين الفاعلين الليبيين، والاستفادة من دروس الماضي لضمان الدعم المحلي والإقليمي والدولي الذي يفضي إلى النجاح». وسلط النقاش الضوء على «الدور المحوري لمجلسَي النواب و(الأعلى للدولة) في استكمال الخطوات التأسيسية الأساسية، بما في ذلك الانتهاء من الإطار الانتخابي لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، واستكمال مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات».

وانتهى اللقاء إلى اتفاق تيتيه والعضوات على عقد «مشاورات منتظمة لضمان إيصال صوت المرأة وتمثيلها العادل في مجمل العملية السياسية».

وتتركز «الخريطة» على ثلاثة محاور: توفير إطار انتخابي سليم فنياً وقابل للتطبيق سياسياً، يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وتوحيد المؤسسات عبر حكومة جديدة موحدة، إضافة إلى تنظيم حوار بمشاركة واسعة من جميع الليبيين لمعالجة القضايا الحيوية التي يتعين التعامل معها لتوفير بيئة مواتية للانتخابات.

تكالة مستقبِلاً السفير الروسي لدى ليبيا (المجلس الأعلى للدولة)

في السياق ذاته، بحث محمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للدولة، مع السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين، في مقر المجلس بطرابلس، الأوضاع السياسية، والجهود المبذولة للدفع بالعملية السياسية، إضافة إلى «خريطة الطريق»، كما جرى استعراض العلاقات بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون، وآلية تفعيل لجنة الصداقة الليبية - الروسية.

وتنفذ «الخريطة»، بحسب البعثة، على خطوات متتالية ضمن حزمة واحدة، بحيث يسهّل إتمام كل خطوة تنفيذ الخطوة التالية، وصولاً إلى تنظيم الانتخابات الوطنية وتوحيد المؤسسات في المدة المحددة.

في الإطار ذاته، التقى الطاهر الباعور، المكلف وزارة الخارجية في حكومة «الوحدة» المؤقتة، وزير خارجية صربيا ماركو دوريك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث استعرضا تطورات المشهد السياسي والأمني في ليبيا، وبحثا سبل دعم علاقات التعاون الثنائي وتعزيزها في جميع المجالات.

وأكدت وزارة الخارجية أن اللقاء تناول الجهود التي تبذلها حكومة «الوحدة الوطنية» لتعزيز جوانب الأمن والاستقرار والتنمية، والخطوات المتخذة لتوحيد المؤسسات الوطنية، تمهيداً لتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب الآجال. وانتهى اللقاء بالاتفاق على مواصلة التشاور تعزيزاً للعلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات.


مقالات ذات صلة

خبراء بالأمم المتحدة: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القانون الدولي

الولايات المتحدة​ طائرة تابعة لسلاح مشاة البحرية الأميركية تحلق بعد إقلاعها من قاعدة روزفلت رودز البحرية السابقة في بورتوريكو (رويترز) play-circle

خبراء بالأمم المتحدة: الحصار البحري الأميركي على فنزويلا ينتهك القانون الدولي

ندد خبراء مكلّفون من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الأربعاء بالحصار البحري الذي تفرضه الولايات المتحدة على فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (جنيف - واشنطن)
شمال افريقيا  رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة» التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه للتعامل مع الأجسام السياسية خصوصاً مجلسي النواب

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:39

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

تقدمت الحكومة السودانية بمبادرة سلام شاملة لإنهاء الحرب المتواصلة في البلاد منذ نحو ألف يوم، وسط إصرار أميركي على هدنة إنسانية دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)

يشهد الصومال حالة من الزخم والترتيبات الواسعة استعداداً لأول انتخابات مباشرة منذ نحو ستة عقود، مع الاقتراع على أعضاء المجالس المحلية لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، الخميس.

تلك الترتيبات والمساعي المكثفة حكومياً يُنظر لها، بحسب خبير في الشؤون الصومالية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على أنها توجُّه من الحكومة لدعم أكبر مشاركة تُحقق صحة موقفها من الانتخابات المباشرة، خاصة أن الاقتراع يُعد اختباراً جديداً لإمكانية عقد الانتخابات الرئاسية الصومالية عام 2026، في ظل تحفظات المعارضة.

وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

وقد تأجلت الانتخابات التي ستُجرى، الخميس، بنظام «شخص واحد صوت واحد» ثلاث مرات هذا العام. ومن المتوقع تنظيم انتخابات رئاسية العام المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ولفتت وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، الأربعاء، إلى أن انتخابات الخميس ستُجرى في المديريات الست عشرة بمحافظة بنادر، حيث يتوجه المواطنون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية لأول مرة منذ 1969.

«محطة مفصلية»

وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل مليون ناخب و20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

وأوضح متحدث اللجنة عبد الفتاح فيصل حسين، الأربعاء، أن التصويت سيجري في 16 دائرة انتخابية موزعة على 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت.

وأعلنت هيئة الطيران المدني، الأربعاء، أن جميع الرحلات الجوية من مقديشو وإليها ستُعلّق الخميس خلال فترة الانتخابات، تزامناً مع تنفيذ خطة واسعة أعلنتها الأجهزة الأمنية الصومالية، تقضي بنشر نحو عشرة آلاف من عناصر الشرطة لتأمين الاقتراع، وفق ما أعلنه وزير الأمن الداخلي عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد.

تجمع جماهيري يقوده رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري في مديرية كاران بمحافظة بنادر دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عبد الكريم حسن، الثلاثاء، أن اللجنة ستنشر نحو خمسة آلاف موظف في مراكز التصويت بالعاصمة للإشراف على الانتخابات التي وصفها بأنها «محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي في الصومال».

وقاد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري تجمعاً جماهيرياً، الاثنين، في مديرية كاران بمحافظة بنادر، دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة، مشدداً على أهمية المشاركة الشعبية في تقرير المصير السياسي.

وكان قد تقرر تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو عن الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتوفير «وقت إضافي لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت لضمان مشاركة أكبر، وفق ما أعلنه وقتها عبد الكريم حسن.

موقف المعارضة

ويرى الخبير في الشؤون الصومالية، عبد الولي جامع بري، أن ترتيبات الحكومة بشأن الانتخابات لها تأثيرات مهمة على الحشد الشعبي والمشاركة بعد عقود من الغياب الديمقراطي، خاصة أنها تأتي وسط تحفظات المعارضة التي قررت عدم المشاركة فيها.

وأعلن «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو الأسبوع الماضي رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس الرئيس حسن شيخ محمود مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

موظفون حكوميون بالصومال خلال توزيع بطاقات الاقتراع (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقَّب الرئيس الصومالي، الثلاثاء، في فعالية انتخابية لحزب «العدالة والتضامن» الحاكم في مقديشو، قائلاً: «لقد استخلصنا نقطة واحدة من نتائج مؤتمر كيسمايو، وهي فتح باب الحوار والحوار مفتوح، وقد استجابت الحكومة رسمياً لهذا الطلب»، محذراً من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة.

«اختبار حقيقي»

يتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

ويرى خبير الشأن الصومالي جامع بري أن الانتخابات الحالية قد تفتح الطريق لتفاهمات حول الرئيس في المستقبل، لكن الواقع لا يزال معقداً، خاصة والمعارضة لديها تحفظات حقيقية.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة ترى في المسار الحالي انتخابات غير متوازنة، وربما غير دستورية أو غير شاملة كلياً، مما قد يحدّ من مشاركة شرائح واسعة من المواطنين إذا شعرت بأن العملية ليست عادلة أو أنها تمثيلية».

وهو يعتقد أن النظام يراهن على تحول سياسي حقيقي نحو الديمقراطية عبر الانتخابات المباشرة التي تعد اختباراً حقيقياً لرئاسيات 2026، لكن المعارضة ستبقى لديها تحفظات عميقة على طريقة تنظيم الانتخابات ومسارها، وتبقى نتائج الحوار المنتظر هي الفيصل في تحديد المستقبل.


انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
TT

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي، في حين يترقب مرشحون نتائج الطعون الجديدة.

وتحسم «المحكمة الإدارية العليا» مصير 48 طعناً على نتائج 30 دائرة أُلغيت قضائياً ضمن المرحلة الأولى، الأربعاء، وسط توقعات بأن يتقدم بعض المرشحين بطعون أخرى في أعقاب الإعلان عن نتيجة جولة إعادة المرحلة الأولى، وكذلك بعد الإعلان عن نتائج إعادة المرحلة الثانية والمقررة الخميس، حسب «هيئة الانتخابات».

وخلال الأسابيع الماضية قبلت «الإدارية العليا» عدداً من الطعون التي أسفرت عن إلغاء نتائج 30 دائرة بالمرحلة الأولى، كما رفضت أخرى تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع».

وتأثرت انتخابات البرلمان المصري سلباً بطول جدول الاقتراع مع إلغاء دوائر انتخابية وإعادتها، وانعكس ذلك على مؤشرات المشاركة المتراجعة عند جولة الإعادة.

ودعا مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، قبل بدء التصويت في الخارج الذي يستمر ليومين، المواطنين «لاستكمال طريق العمل الجماعي من أجل تعزيز الديمقراطية عبر المشاركة في هذه المحطة الانتخابية».

المستقلون والحزبيون

تجري الإعادة في 19 دائرة انتخابية بين 70 مرشحاً يتنافسون على 35 مقعداً موزعة على سبع من محافظات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، هي الجيزة وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة والفيوم، على أن تبدأ انتخابات الداخل السبت والأحد المقبلين، وفق «الهيئة الوطنية للانتخابات».

ويتفوق أعداد المستقلين المتنافسين في تلك الجولة على المرشحين الحزبيين، إذ يواجه 42 مستقلاً 28 مرشحاً حزبياً ينتمون إلى 9 أحزاب. ويعوّل المستقلون على تحقيق نتائج إيجابية أسوة بما أظهرته نتائج الحصر العددي للمرحلة الثانية بعد أن حصدوا 46 مقعداً من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة.

ناخبون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم بجولة إعادة 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى من «النواب» بالسفارة المصرية في الرياض (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وقال المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، إن حزبه نظم جولات دعم للمرشحين في المحافظات المختلفة قبل بدء جولة إعادة المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن المنافسة مع المستقلين والأحزاب «صعبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتخابات شهدت تصويباً في مسارها... وهناك حرص على الالتزام بالمعايير الانتخابية».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حذَّر من الرشاوى الانتخابية، وما قد تؤدي إليه من تمكين «الجاهل أو الأحمق»، وذلك ضمن لقاء تفاعلي بأكاديمية الشرطة الشهر الماضي.

طول أمد الجدول الانتخابي

كان بنداري قد أعاد التأكيد خلال مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، على «حرص هيئة الانتخابات على تلقي شكاوى وبلاغات جميع أطراف العملية الانتخابية إزاء أي مشكلة أو خروقات انتخابية قد تحدث، حتى يمكن التحقيق فيها والتعامل معها بصورة فورية وفق صحيح حكم القانون وإزالة أسبابها».

ونوَّه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، بأن الخريطة الزمنية التي عدلتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» تقضي بالإعلان النهائي عن النتائج في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم فمن المتوقع أن تفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون قبل هذا الموعد.

وأضاف أنه في حال إرجائها، فمن الممكن إحالة بعض الطعون إلى محكمة النقض التي تفصل فيها مع بدء انعقاد البرلمان خلال مدة 60 يوماً.

واستطرد قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات مجلس النواب الحالية «قد تكون الأقل من حيث مشاركة الناخبين مع تأثرها ببطلان ما يقرب من 70 في المائة من دوائر المرحلة الأولى وطول أمد الجدول الانتخابي».

وعقب انتهاء إعادة الدوائر التسع عشرة، من المقرر أن تجري جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين بالخارج يومي 31 ديسمبر (كانون الأول) و1 يناير، بينما تُعقد داخل مصر يومي 3 و4 يناير، على أن تُعلن النتائج النهائية في العاشر من الشهر.


مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
TT

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان قوات الجيش في غرب البلاد، عقب مصرع الفريق أول محمد الحداد في حادث تحطم طائرة مساء الثلاثاء، خلال رحلة عودته من تركيا، وفق ما أفاد به مصدر حكومي مطلع في العاصمة طرابلس.

وكان المنفي قد أصدر قراراً بتكليف الفريق صلاح النمروش، معاون رئيس الأركان العامة، بتولي مهام رئاسة الأركان بصفة مؤقتة، إلى حين تسمية خلف دائم للحداد. وقال مصدر حكومي في غرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن حادث تحطم طائرة الفريق الحداد «سيفتح الباب أمام تغيير مرتقب في هيكل قيادة المؤسسة العسكرية في الغرب»، مشيراً إلى أن «مشاورات مكثفة تجري حالياً بين المنفي والدبيبة للتوافق على اسم الرئيس الجديد للأركان».

آخر اجتماع رسمي حضره الحداد في طرابلس (الوحدة)

وأوضح المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن دائرة الترشيحات المحتملة لخلافة الحداد تضم كلاً من الفريق صلاح النمروش، وقائد المنطقة العسكرية بالجبل الغربي التابعة للمجلس الرئاسي اللواء أسامة الجويلي، إلى جانب اللواء محمد موسى، آمر المنطقة العسكرية الوسطى.

وكان المنفي قد قال في تصريحات بثتها قناة «ليبيا الأحرار» الثلاثاء، إن «النمروش سيتولى مهام رئاسة الأركان بشكل مؤقت، إلى حين تسمية رئيس جديد خلفاً للفريق أول محمد الحداد».

في السياق ذاته، نعى المجلس الرئاسي الليبي الفريق أول محمد الحداد، الذي لقي حتفه إثر تحطم طائرته قرب أنقرة، معلناً الحداد الرسمي في البلاد لمدة ثلاثة أيام، تُنكس خلالها الأعلام في جميع مؤسسات الدولة، وتُعلق المظاهر الاحتفالية والرسمية.

وعمّت مشاعر الصدمة الأوساط الليبية، رغم الانقسامين السياسي والعسكري بين شرق البلاد وغربها، إذ أعلن كل من حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب البلاد، والحكومة المكلفة من مجلس النواب (شرق البلاد) الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام في عموم البلاد. كما أعرب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن خالص تعازيه وصادق مواساته في وفاة الحداد والفيتوري ومرافقيهما، مؤكداً أن الحادث يمثل «خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية».

وجاء ذلك عقب نعي القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، للفريق أول محمد الحداد، واصفاً إياه بأنه «أحد رجالات المؤسسة العسكرية، الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية، وتحملوا الأمانة في مراحل دقيقة من تاريخ الوطن، وأعلوا المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى».

عقيلة صالح أكد أن مقتل الحداد يمثل «خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية» (النواب)

في سياق ذلك، أعلنت وسائل إعلام محلية ليبية وصول وفد من حكومة «الوحدة الوطنية» إلى موقع تحطم الطائرة في منطقة هايمانا جنوب أنقرة، فيما أكدت السفارة الليبية في تركيا الاتفاق مع السلطات التركية على تحديد نقطة اتصال مباشرة لتنسيق العمل، ومباشرة التحقيقات فوراً من موقع الحادث.

من جانبه، أفاد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا بوصول وفد ليبي يضم 22 شخصاً، من بينهم خمسة من ذوي ركاب الطائرة إلى أنقرة لمتابعة تطورات الحادث، بالتزامن مع إجراء التحاليل اللازمة للتثبت من هوية الضحايا، بعد العثور على الصندوق الأسود للطائرة.

وأوضح السفير الليبي لدى تركيا، مصطفى القليب، من موقع الحادث أن الطائرة سقطت في منطقة وعرة التضاريس وبعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن «حزنها العميق إزاء حادث تحطم الطائرة المأسوي، الذي أودى بحياة الفريق أول محمد الحداد وزملائه أثناء عودتهم من مهمة رسمية إلى أنقرة». كما نعت البعثة الفريق الفيتوري غريبيل، رئيس أركان القوات البرية وعضو اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)، مشيرة إلى دوره المحوري في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار عام 2020، إلى جانب مرافقيه.

وأشادت البعثة الأممية بما وصفته «الخدمات المخلصة التي قدمها الحداد خلال فترة عمله»، مؤكدة أنه كان «مدافعاً قوياً عن توحيد المؤسسات العسكرية والمدنية، وعن السلام والاستقرار، واضعاً المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات»، واصفة إياه بأنه «ضابط مهني ووطني غيور على بلاده».

المشير خليفة حفتر وصف الراحل محمد الحداد بأنه أحد رجالات المؤسسة العسكرية الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية (الجيش الوطني)

بدوره، أعرب سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن تضامنه مع عائلات الضحايا، مشيداً «بالخدمة الوطنية المخلصة التي قدمها الحداد ورفاقه»، فيما قال السفير البريطاني مارتن رينولدز إن «الحداد خدم بلاده بتفانٍ ورؤية ثاقبة»، مقدماً تعازيه للشعب الليبي باسم المملكة المتحدة.

ويُعد محمد الحداد من أبرز القادة العسكريين في مرحلة ما بعد الحرب على طرابلس (2019 - 2020)، حيث لعب دوراً محورياً في جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من خلال اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5).

وكان المجلس الرئاسي قد عيّن الحداد رئيساً لهيئة أركان الجيش الليبي، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية»، بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول ركن، حيث تسلم مهامه رسمياً في 17 سبتمبر (أيلول) 2020، خلفاً للفريق ركن محمد الشريف.