أثارت قضية مهاجر أفغاني حصل على حق اللجوء في بريطانيا، ثم عاد لقضاء إجازة طويلة في أفغانستان، موجة غضب عارمة وانتقادات حادة لسياسات الهجرة البريطانية.
فتحت وزارة الداخلية البريطانية تحقيقاً عاجلاً في الوضع القانوني لمواطن أفغاني وصل إلى البلاد على متن قارب مطاطي بعد أن سلطت الصحف الضوء على تناقض صارخ بين ادعاءات الخوف من الاضطهاد وبين عودته الطوعية الآمنة إلى بلاده.

على متن قارب مكتظ عام 2022
كان الرجل الذي يستخدم اسم «دي جي. أسامة» قد قطع مسافة 5 آلاف ميل إلى كابل، وصوّر لحظة وصوله عام 2022، ثم نشر لاحقاً مقاطع من رحلة عودته إلى بريطانيا عبر دبي، وكتب مرفقاً الفيديو: «العودة إلى المملكة المتحدة».
وقال وزير العدل في حكومة الظل، روبرت جنريك، إن القضية أظهرت أن الحكومة كانت «ساذجة».
ودخل أسامة بريطانيا لأول مرة على متن قارب مكتظ في أبريل (نيسان) 2022، وكان واحداً من بين 2143 مهاجراً عبروا القناة ذلك الشهر. ونشر مقطعاً مدته 16 ثانية، ظهر فيه مرتدياً غطاء رأس وسترة نجاة حمراء من مهرّب البشر، في حين وجّه الكاميرا نحو آخرين ملوّحين بأيديهم أثناء العبور من كاليه، وكتب في التعليق: «الحمد لله، الآن أنا في المملكة المتحدة».
كما نشر مقطعاً آخر بموسيقى «تكنو» يُظهر إنقاذ قاربه من قبل سفينة إنقاذ تابعة للمؤسسة الملكية الوطنية لقوارب النجاة. وخلال عام 2023، نشر الرجل مقاطع من معالم بريطانية مثل جسر البرج، وكناري وورف، وشاطئ برايتون، ومنحدرات دوفر البيضاء.
ومن غير الواضح متى حصل على اللجوء بالضبط، لكن ذلك كان بين أبريل 2022 وصيف 2024 عندما ظهر في إجازة. فقد أخبر المسؤولين البريطانيين أن وطنه الخاضع لسيطرة «طالبان» خطير جداً ولا يمكنه العودة إليه.
وفي سبتمبر (أيلول) 2024، نشر اللاجئ الأفغاني أسامة فيديو مجمّعاً لأفضل لقطات رحلته في يوليو (تموز) – أغسطس (آب). سلسلة من ستة مقاطع أظهرت قافلة من سيارات «لكزس» و«تويوتا» في رحلة على طرقات ولاية تخار شمال غربي أفغانستان. كما نشر مقطعاً آخر من بحيرة بند أمير، المتنزه الطبيعي المعروف باسم «القلب الأزرق» للبلاد، وهو موقع مرشح لـ«اليونيسكو» يضم ست بحيرات زرقاء عميقة تتشكل خلف سدود طبيعية.
وظهر أسامة على متن قارب مطاطي برتقالي بمحرك خارجي، يمكن استئجاره مقابل نحو 1.50 جنيه إسترليني في الساعة. كما تتوفر قوارب بدالات على شكل بجعة. وظهر في أحد المقاطع وهو يلمس المياه بيده، وأرفق الفيديو بقلوب حب.
وفي مقطع آخر، وثّق عودته من الإجازة وكتب: «العودة إلى المملكة المتحدة». وأظهر صورة من نافذة الطائرة عند الهبوط في دبي، ثم لقطات من داخل المطار. كما ظهر مرتدياً سماعات تحمل علامة «طيران الإمارات» في طريقه إلى لندن. وبعد أسبوع، نشر من منطقة روذرهِيث جنوب شرقي لندن، مؤكداً عودته بالفعل إلى بريطانيا.
وأظهرت منشورات أخرى له أنه بقي في لندن بعد الإجازة. وكان قد نشر أيضاً مقاطع من مدن فرنسية مثل باريس وكاليه وآنسي، إضافة إلى سويسرا وبلغاريا، حيث شارك في مسيرات مؤيدة لأفغانستان وقت سيطرة «طالبان» على كابل عام 2021؛ ما يثبت أنه مرّ عبر ثلاث دول آمنة على الأقل قبل أن يقرر مواصلة طريقه إلى بريطانيا.

وأمس، ذكرت مصادر أن وضعه في بريطانيا قيد المراجعة، وإذا ثبتت صحة إجازته فقد يُستدعى لتفسير رحلته. وتنص القوانين على أن طالبي اللجوء أو الحاصلين على حماية لا يجوز لهم العودة إلى بلدانهم الأصلية. وتنص لوائح وزارة الداخلية على أن حاملي وثائق سفر اللاجئين يمكنهم عادة السفر إلى أي بلد باستثناء بلدهم الأصلي أو البلد الذي طلبوا اللجوء منه. ويقول المسؤولون إن القواعد تهدف لمنع إساءة استخدام النظام. ومع ذلك، زعم مُبلّغون في الشهر الماضي أن أفغاناً آخرين جُلبوا إلى بريطانيا بعد الإجلاء من كابل عادوا أيضاً إلى هناك.
وقال جنريك: «مهاجرون غير شرعيين كهؤلاء لا بد أنهم يسخرون من سذاجة الحكومة. ما كان ينبغي السماح له بالعودة إلى المملكة المتحدة بعد أن قضى على ما يبدو إجازة في أفغانستان. إذا كانت ألمانيا ترحّل بانتظام المهاجرين غير الشرعيين إلى أفغانستان، فلماذا لا نفعل نحن ذلك؟».
وفي الشهر الماضي، كشف تقرير عن مهاجر أفغاني آخر يدعى بارويز حنيفيار قدّم دليلاً تفصيلياً عن كيفية قتل الزوجة.
وحتى الآن عبر 32190 طالب لجوء القناة عام 2025، وهو رقم قياسي لهذه الفترة من السنة. وتوصي وزارة الخارجية البريطانية مواطنيها بعدم السفر إلى أفغانستان بسبب الوضع الأمني المتقلب.
وقالت متحدثة باسم وزارة الداخلية البريطانية: «رغم أننا لا نعلق على الحالات الفردية، فإن وجود أدلة على عودة شخص يحمل وضع الحماية إلى بلده الأصلي سيؤدي إلى مراجعة وضعه»، أما بالنسبة لـ«دي جي. أسامة»، فقد رفض التعليق.

