هوبال
★★★☆
• إخراج: عبد العزيز الشلاحي
• عروض تجارية.
يتناول هذا الفيلم الثاني لمخرجه (بعد «حد الطار»، 2020) حكاية ذات خط مستقيم واحد عن الجد (إبراهيم الحساوي) الذي يجبر العائلة بأسرها على مغادرة المدينة إلى نقطة معزولة من الصحراء للعيش فيها إلى الأبد. في عمق قراره أن «الديرة» فاسدة، وأن هذا الفساد هو إحدى علامات الساعة. الصحراء بشمسها وليلها ورمالها التي لا تنتهي هي البراءة والتجرد. يتبع هذا الخط سلسلة من الأحداث، حيث الأمور لا تسير تماماً حسبما توقّع الجدّ. الفساد، في مفهوم الفيلم، ليس حكراً على مكان دون آخر، بل على شخصيات دون سواها أينما اختارت أن تعيش.
إحدى ميزاته أن الأحداث إذ تقع في عام 1990 ترمي لتأكيد وتأييد التطوّر المدروس للحياة الاجتماعية للمملكة في عهدها الجديد.
تصاب حفيدته بمرض الحصباء الذي يُهدّد آخرين، لكن لا شيء سيغيّر رأي الجد ولا والدها الذي لا يريد التعامل معها أو الاستجابة إلى نداء الأم بضرورة نقل ابنتهما إلى الديرة للمعالجة. هذا عالم من الشخصيات المختلفة حتى ولو اجتمعت في ذلك المكان المنعزل مع وجود الصبي عسّاف (حمد فرحان)، الذي يرمز إلى مستقبل أفضل شرط أن تُترك له حرية ما يريد أو يحلم به.
السيناريو (لمفرج المجفل) مشغول بإلمام شديد بالزمان والمكان واللكنة الخاصّة به. إنه ليس نظرة سياحية للموضوع الذي يتحدّث عنه، لا من حيث تناول تفاصيل الأحداث تبعاً لواقعية بيئتها وحوارها فقط، بل من حيث التحامه طبيعياً مع الموضوع الماثل بدلاً من أن يكون نظرة خارجية له. هذا يشمل أيضاً معرفة كاملة بما يتحدّث الفيلم عنه من رسائل وأبعاد تتعلّق بدواخل الشخصيات، وبتحديد المرجعيات الدينية وعلاقة بعض شخصيات الفيلم بها.
صمم الشلاحي المشاهد بدقة وعناية. «ديكوباج» الفيلم تفصيلي واللقطات مختارة (مكاناً وزماناً وتوقيتاً) بالعناية نفسها. الكاميرا (بإدارة محمود يوسف) مواكبة للحدث. متنوعة اللقطات متحركة هنا وثابتة هناك، لكنها دوماً متّصلة بسياق السرد الروائي.
ما لا يعمل بالثقة نفسها الموسيقى (لسعاد بشتاق) ليس لأنها غير مناسبة، بل لقرار المخرج استخدامها في كل مشهد خالٍ من الحوار وفي كثير من المشاهد ذات الحوار كذلك. هذا يدفع بقدر ملحوظ من تكرار اللحن.
PALESTINE 36
★★★
• إخراج: آن ماري جاسر
• فلسطين | دراما تاريخية
• عروض 2025: تجارياً بدءاً من منتصف أكتوبر (تشرين الأول).
إذ يصل الفيلم إلى شاشات السينما العالمية، ويتقدّم بوصفه أحد الآملين في الانضمام إلى سباق أوسكار الأفلام الأجنبية، لا بد من التذكير بأن النظر إلى الفيلم يختلف بين مُشاهد عربي وآخر غربي.
«فلسطين 36»، فيلم عن التاريخ الذي صاحب المأساة الإنسانية منذ 1936. لا يتعدّى ذلك التاريخ قصصياً، لكنه حافل بالأبعاد التي تعرض ما وقع من أحداث عندما أسهم الاحتلال البريطاني في تعميق الهوّة بين العرب واليهود آنذاك. يتحدّث عمَّا آل إليه الوضع، نتيجة ذلك رابطاً، على نحو تلقائي، بين الماضي والحاضر.

بذا هو فيلم ملائم للفترة الحالية من النزاع وإن لم يصوّرها. لكن اختلاف النظرة إلى الفيلم بين المشاهدين يدعو إلى الاهتمام تبعاً لاختيارات الفيلم سرداً واهتمامات.
بالنسبة لمُشاهد أجنبي الفيلم هو نوع من اكتشاف جديد لتاريخ إما مجهول لديه كليّاً أو ملم به جزئياً. هو بمثابة استعراض لما حدث آنذاك وما أسسته من تبعات إلى اليوم. هذا المُشاهد ستستقبله دراما تاريخية ومعلوماتية وقد يخرج منه بقناعات جديدة وهذا جيد.
بالنسبة للمُشاهد العربي، هو أكثر دراية، ولو عامّة أحياناً، بما وقع والنتائج التي ترتّبت عليها منذ ذلك الزمن. على ذلك، سيرغب في مشاهدة الفيلم لاستعادة التاريخ، وللتأكد من أنه سيضيف إلى معرفته السابقة، التي هي، في الغالب، عامّة متناقلة من جيل إلى آخر.
كلتا الوجهتين ضروريّة والفيلم يأتي ملائماً لما يقع الآن كما لم يحدث إلا لقلة من الأفلام الفلسطينية الأخرى (بينها «صوت هند رجب» مثلاً). لكن «فلسطين 36» له منفذ آخر للحكم له أو عليه، وهذا بالمقارنة بينه وبين أفلام المخرجة ماري آن جاسر السابقة.
الفارق بين ما حققته منذ 2003 عندما أخرجت «كأننا عشرون مستحيلاً»، وما بعده مثل «ملح هذا البحر» (2008)، و«واجب» (2017) وبين هذا الفيلم كبير. تلك كانت أفلام ذاتية. سينما- مؤلّف تنبش بقضايا مهمّة ومحدودة. لكن «فلسطين 36» فيلم مصنوع على سكّة أفلام تاريخية معتادة. استعراضي شامل مُنفّذ باعتماد سرد شاسع لما يقع فيه وبحجم ملحمي. إذا ما بحث الناقد عن المخرجة بوصفها فنانة سيجدها في الكيفية السردية والتقنية التي عالجت موضوعها به. في تقسيم الشخصيات الأفقي بين مظلومين ومعتدين ومتواطئين. هناك فلسطينيون يدركون مغبّة ما يقع (احتلال اليهود للأرض بغطاء بريطاني، وآخرون يتجاهلونه. ضابط بريطاني يقف مع المحنة ضد آخرين من أبناء جلدته يريدون تنفيذ «الأجندة»).
كاستعراض درامي للتاريخ، تصيب المخرجة هدفها، لكن ذلك ينضوي على الاهتمام بالدراما والمضمون السياسي أولاً.
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز






