استهدفت مُسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، صباح الخميس، مناطق عسكرية في مدينة الأُبيّض، أكبر مدن إقليم كردفان، بما في ذلك مقر «الفرقة الخامسة مشاة»، المعروفة بـ«الهجانة». في المقابل، استهدفت مُسيّرات تابعة للجيش مواقع «قوات الدعم السريع» في مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور المجاور لكردفان في غرب البلاد.
وقال شهود إن أحد الصواريخ أصاب «مخزن ذخائر وأسلحة» وسط مدينة الأُبيّض، وأدى إلى سلسلة انفجارات استمرت لوقت طويل، بينما ارتفعت ألسنة اللهب إلى السماء، وشُوهدت وسُمعت الذخائر المتفجرة وهي تتطاير في كل الاتجاهات، مخلِّفة صوتاً يشبه صوت المعارك المباشرة، ما أثار الهلع في نفوس المواطنين.
ونقلت مواقع غير رسمية، مؤيدة لـ«قوات الدعم السريع»، أن الغارات التي شنتها طائرات مُسيّرة حديثة، استهدفت «مخزن ذخيرة وصواريخ حرارية داخل مقر (الفرقة الخامسة مشاة)، ومواقع مدفعية، ومخزوناً من المُسيّرات الانتحارية، وثكنات مستنفرين (متطوعين) تحت التدريب».
وقال شاهد إن مخزن الذخائر الذي استُهدف وأثار تفجيره الرعب بين المواطنين، يقع في حي القبة الشهير، وهو منطقة مأهولة بالسكان، وأن المحتوى يتبع «كتيبة البراء بن مالك» الإسلامية التي تحارب في صفوف الجيش.
ولم يعلن الجيش رسمياً عمليته في مدينة الفاشر، لكن منصاتٍ مُوالية له ذكرت أن الطيران المُسيّر التابع له استهدف، يوم الخميس، مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع» حول المدينة، وأن إحدى عملياته استهدفت شحنة ذخائر ودبابة كانت في طريقها إلى المدينة.
من جهة أخرى، أعلن الهادي إدريس، حاكم إقليم دارفور المُعيَّن من قِبل تحالف «تأسيس»، المُوالي لـ«الدعم السريع»، في خطابٍ ألقاه بمدينة نيالا، تشكيل حكومته الموازية في الإقليم، لكي تُنهي عقوداً من التهميش والصراعات، فيما سمّاه «بداية مرحلة جديدة» في حكم الإقليم.
وأكد إدريس أن حكومته «لن تُدار من الخرطوم أو بورتسودان، وأن رسالتها تتمثل في إعادة النازحين إلى ديارهم وتحقيق التنمية، وضمان التوزيع العادل للثروة».

وقال إن حكومة دارفور التي أعلن عنها «ليست حدثاً إدارياً أو سياسياً فحسب، بل إعلان ميلاد عهد جديد يقوم على مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة». وأضاف أن «شعب دارفور لن يُحكم بعد اليوم من الخرطوم أو بورتسودان، ولن تُفرض عليه سلطة العسكر أو الإسلاميين مجدداً».
وأشار إلى أن حرب أبريل (نيسان) كشفت أن السودان القديم لا يعرف سوى لغة الدم والنار، قائلاً: «مِن رحم المأساة وُلد مشروع حكومة السلام في نيروبي. فالحرب في الفاشر بلا داعٍ، والحل التفاوضي ممكن، وكان بمقدور أبناء دارفور تجنبها».
ووقّعت قوى مسلّحة وسياسية في نيروبي، في فبراير (شباط) الماضي، ما عُرِف بـ«ميثاق السودان التأسيسي»، ثم وقّعت ما أطلقت عليه «الدستور الانتقالي لسنة 2025»، بوصفه عقداً اجتماعياً يؤسس لدولة علمانية وجيش وطني يحمي الشعب. وتتكون تلك القوى من «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وقوى مدنية وسياسية أبرزها حزب الأمة القومي، بقيادة فضل الله برمة ناصر، وتيارات حزبية أخرى.
وشدد إدريس، في خطابه، على أن «دارفور لن تكون بعد اليوم ساحة دماء، بل ستكون أرض أمل وحياة»، وعلى أن السلام الذي ينشدونه مشروع حياة يعيد توحيد البلاد ويُنهي القبلية والجهوية، مضيفاً: «استقرار دارفور ليس مصلحة لأهلها وحدهم، بل هو مفتاح لاستقرار الإقليم كله: تشاد، وجنوب السودان، وليبيا، ومصر، وأفريقيا الوسطى».
يأتي إعلان حكومة دارفور، المُوالية لـ«قوات الدعم السريع»، والموازية لتلك المدعومة من الجيش، تأكيداً لحالة الانقسام الذي تعيشه البلاد بسبب الحرب. وعملياً، يوجد حاكمان يزعمان حكم دارفور هما مني أركو مناوي الذي يتبع الحكومة المدعومة من الجيش، والهادي إدريس، المُوالي لحكومة «تأسيس» المدعومة من «قوات الدعم السريع».




