الذكاء الاصطناعي سيتحول إلى «مجتمع من العباقرة داخل مركز بيانات»

مخططات طموحة لبناء نظم مطوّرة

الذكاء الاصطناعي سيتحول إلى «مجتمع من العباقرة داخل مركز بيانات»
TT

الذكاء الاصطناعي سيتحول إلى «مجتمع من العباقرة داخل مركز بيانات»

الذكاء الاصطناعي سيتحول إلى «مجتمع من العباقرة داخل مركز بيانات»

لم يُبدِ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، أي تردد إزاء كشف مدى استعداد شركته للإنفاق في خضم مساعيها لبناء الذكاء الاصطناعي.

وقال ألتمان حديثاً: «يجب أن تتوقعوا أن تنفق (أوبن إيه آي) تريليونات الدولارات على أعمال مثل بناء مراكز البيانات في المستقبل القريب»، في إشارة إلى المرافق الحوسبية الضخمة، التي تشغّل تقنيات الذكاء الاصطناعي لدى الشركة.

فما هذا الشيء والعمل على وجه التحديد؟ هل أن الشركات بصدد بناء نظام ذكاء اصطناعي ذكي مثل البشر؟ أم «آلة أقرب إلى قدرات الآلهة» قد تغيّر العالم إن لم تُدمّر البشرية أولاً؟

"تشات جي بي تي"

هل تعمل على نسخ محسَّنة من البرامج التي كانت تبيعها لعقود؟ هل يجري إنفاق كل هذه الأموال على خطة جريئة لإنشاء أصدقاء وهميين على الإنترنت وإعلانات أكثر فاعلية؟ أم أنها فقط تخشى أن يفوتها ما يفعله الآخرون؟

رؤى بين الخيال والحقيقة

إليك نظرة على الرؤى المختلفة، التي تتنوع بين ما يمكن تحقيقه والخيالية، ولماذا يسعون خلفها:

* الوعد - محرك بحث أفضل: تشبه روبوتات الدردشة محركات البحث إلى حد كبير، إلا أنها تولد إجابات بلغة إنجليزية واضحة، بدلاً من إيراد قائمة روابط زرقاء.

ويمكن أن يكون هذا أسلوباً أسرع وأسهل وأكثر بديهية للإجابة عن الأسئلة، رغم أن روبوتات الدردشة كثيراً ما تخطئ أو حتى تفبرك المعلومات.

- لماذا يطورونه؟ يُعد محرك بحث «غوغل» العمل الأكثر ربحاً في صناعة التكنولوجيا. وإذا تمكنت الشركات من طرح طريقة أفضل للبحث عن المعلومات، فقد تهيمن على سوق تضم مليارات الأشخاص.

- ما مدى قرب ذلك من الواقع؟ يستخدم مئات الملايين من الأشخاص روبوتات الدردشة بالفعل لجمع المعلومات. وتشير الأرقام أن أكثر من 700 مليون شخص يستخدمون «تشات جي بي تي» كل شهر.

ومع ذلك، فإن جني أرباح من هذه التكنولوجيا لا يخلو من تحدّ؛ فتكلفة تشغيل روبوت دردشة أعلى بكثير من تشغيل موقع ويب عادي. كما أن التكنولوجيا لا تتماشى بسهولة مع أسلوب الربح المجرّب عبر محركات البحث، أي الإعلانات الرقمية.

من جهتها، تبيع «أوبن إيه آي» نسخة من «تشات جي بي تي»، مقابل 20 دولاراً شهرياً. وحسب الشركة، فإن هذا السعر يغطي تكلفة تشغيله على الأقل. ومع ذلك، فإن المشتركين فيه لا يمثلون سوى أقل من 6 في المائة من مجمل مستخدمي «تشات جي بي تي» الحاليين.

أما النسخة المجانية، فلا تزال تمنى بخسائر، خاصة أن «أوبن إيه آي» لم تبدأ بعد في تجربة الإعلانات. في المقابل، نجد أن «غوغل» تجني 54 مليار دولار من إيرادات الإعلانات كل ربع سنة من محرك بحثها، الذي يستخدمه نحو ملياري شخص يومياً.

أدوات انتاجية

* الوعد - أدوات تجعل موظفي المكاتب أكثر إنتاجية (وربما تحل محلهم): لا تقتصر تكنولوجيا «تشات جي بي تي» على الإجابة عن الأسئلة فقط، بل هي أداة يمكن أن تساعد الأشخاص على الاضطلاع بوظائفهم. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يكتب البرامج، ويلخّص الوثائق والاجتماعات، ويصوغ رسائل البريد الإلكتروني، بل ويستخدم تطبيقات برمجية أخرى، مثل الجداول والرزنامات الإلكترونية.

لماذا يطورونه؟ يعتقد المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يغيّر عالم الأعمال، مع دخوله إلى مكاتب المحاماة، والمستشفيات، وغرف الأخبار، وغيرها. وتجني شركات مثل «مايكروسوفت» و«أوبن إيه آي» بالفعل إيرادات ضخمة من بيع أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها توليد برامج حاسوبية.

من جهتها، تخطط «أمازون»، و«غوغل»، و«ميتا»، و«مايكروسوفت»، و«أوبن آي إيه» لإنفاق أكثر من 325 مليار دولار هذا العام على بناء مراكز بيانات ضخمة، أي ما يزيد بمقدار 100 مليار دولار عن الميزانية السنوية لبلجيكا.

وبمرور الوقت، من المتوقع أن يجري استخدام نحو 10 في المائة من هذه البنية التحتية لبناء تقنيات الذكاء الاصطناعي، بينما يُخصص 80 إلى 90 في المائة منها لتقديم هذه التقنيات إلى العملاء، حسب الرئيس التنفيذي لـ«أمازون»، آندي جاسي.

من جهتها، تعكف «أمازون» على تشييد مجمع ضخم لمراكز البيانات في ولاية إنديانا، لصالح عملها مع شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة «أنثروبيك».

- ما مدى قرب ذلك من الواقع؟ شرع كثير من الشركات بالفعل في تجربة الذكاء الاصطناعي، لكن طرحه بشكل واسع على مستوى قطاعات الاقتصاد الأميركي لم يحدث بعد. وما لم تواصل شركات، مثل «أمازون» و«غوغل» و«أوبن آي إيه» تحسين هذه التقنيات، فقد يكون تبني الذكاء الاصطناعي أبطأ من المتوقَّع.

وتكشف الأرقام أن نحو 8 من كل 10 شركات شرعت في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن العدد ذاته تقريباً أفاد بأنه «لم يعاين تأثيراً ملحوظاً على النتائج النهائية»، حسب دراسة أجرتها شركة «مكنزي آند كمباني».

في هذا الصدد، أوضحت ساشا لوشيوني، باحثة في شركة «هغينغ فيس» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، أنه «سيبدأ هذا الوضع القائم في التداعي، فالمبالغ التي يجري إنفاقها لا تتناسب مع العائدات».

نظارات ميتا راي بان

مساعد متعدد الاستخدامات

* الوعد - مساعد متعدد الاستخدامات: علاوة على ما سبق، تدمج شركات التكنولوجيا تقنيات شبيهة ببرامج الدردشة الآلية في مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات الاستهلاكية، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي سيعمل كمساعد رقمي يظهر أينما دعت الحاجة.

من ناحيتها، تضيف شركة «ميتا» هذه التكنولوجيا إلى نظارتها الذكية؛ ما يسمح للناس بتحديد المعالم في أثناء سيرهم في الشارع، وترجمة لافتات الشوارع عند زيارتهم دولاً أجنبية. أما «أمازون»، فتنظر إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره وسيلة لتحسين كل شيء، بدءاً من مواقع التسوق الخاصة بها ووصولاً إلى مساعدها الصوتي «أليكسا».

-لماذا يطورونه؟ إذا بدأت باستخدام مساعد رقمي، فإن الشركة التي تقف وراء هذا الروبوت لديها طرق أكثر لجذب انتباهك، وفي النهاية، كي تبيعك منتجاتها.

لذا، تضيف هذه الشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى أكبر عدد ممكن من الأجهزة والخدمات عبر الإنترنت، على أمل التحكم في طريقة استخدامك للإنترنت. وقال روهيت براساد، نائب رئيس شركة «أمازون»: «سيتغير كل شيء مع الذكاء الاصطناعي».

-ما مدى قرب ذلك من الواقع؟ جدير بالذكر هنا أن «أمازون» أضافت الذكاء الاصطناعي إلى جهاز «أليكسا» المنزلي. كما أضافت: «ميتا» الذكاء الاصطناعي إلى نظارات «راي بان» الذكية. حتى الآن، لا تزال نظارات الذكاء الاصطناعي من «ميتا» منتجاً محدوداً يستخدمه بضعة ملايين من الناس. وتتميز «أليكسا»، من «أمازون»، بشعبية أكبر بكثير، لكن جمهورها لا يزال صغيراً مقارنة بجميع أجهزة الكومبيوتر والهواتف في العالم.

ومنذ إطلاقها للمرة الأولى قبل أكثر من عقد، عانت «أليكسا» من خسائر مالية، خصوصاً أنه جرى استخدامها بشكل أساسي لإثراء منتجات وخدمات أخرى.

اليكسا بالذكاء الاصطناعي

وعندما أعادت «أمازون» تشغيل «أليكسا» بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الجديدة، أتاحت الترقية مجاناً لأي شخص يدفع مقابل الاشتراك بالبرنامج المميز. وربما يزيد الذكاء الاصطناعي من شعبيته، لكن من غير المرجح أن تتحول إلى مصدر ربح في أي وقت قريب.

رفقة الذكاء الاصطناعي

* الوعد - أصدقاء الذكاء الاصطناعي: بدأت «ميتا» وشركات ناشئة مختلفة، بينها «كاراكتر إيه آي» و«إكس إيه آي»، التابعة لإيلون ماسك، في تقديم روبوتات ذكاء اصطناعي، تتيح نمطاً جديداً من الرفقة. ويمكن للناس التفاعل مع هذه الروبوتات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بنفس الطريقة التي يتفاعلون بها مع الأصدقاء. في هذا الصدد، قال زوكربيرغ في مقابلة «بودكاست» حديثة: «يرغب الشخص العادي في تواصل أكبر مما هو متاح لديه».

-لماذا يُطوّرون هذا؟ يتولى كل من زوكربيرغ وماسك الإشراف على شبكات تواصل اجتماعي، وقد يفرضان رسوماً مقابل الأصدقاء الافتراضيين الذين يتيحانهم. ويُقدّم ماسك برامجه الروبوتية من خلال خدمات اشتراك بتكلفة 300 دولار شهرياً.

وربما تتقاضى «ميتا» كذلك رسوم اشتراك مقابل الأصدقاء الافتراضيين، تماماً كما تفعل «أوبن إيه آي» مع «تشات جي بي تي»، رغم أن «ميتا» لطالما فضّلت زيادة إيرادات الإعلانات، من خلال إبقاء المستخدمين على مواقع مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتس آب» (تُطبّق الشركة الذكاء الاصطناعي في هذا المجال كذلك. وقد وجدت «ميتا» أخيراً أن احتمالية نقر المستخدمين على الإعلانات المُنشأة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة تزيد بنسبة 7 في المائة تقريباً).

-ما مدى قرب ذلك من الواقع؟ اللافت أن بعض الناس يعاملون برامج الدردشة الروبوتية باعتبارهم أصدقاء بالفعل. ومع ذلك، بدأت رفقة الذكاء الاصطناعي تُواجه انتقادات لاذعة؛ فهذه التقنيات قد تُبعد الناس عن العلاقات الإنسانية وتدفعهم نحو سلوكيات وهمية مُقلقة. ولا يزال أمامها سنوات قبل أن تصبح سوقاً واعدة، وهي مجرد سيناريو واحد من سيناريوهات عديدة تستكشفها الشركات.

ويُشبّه بعض المراقبين ما يفعله المسؤولون التنفيذيون في قطاع التكنولوجيا بمحاولة خداع منافسيهم، ليسبقوهم في الوصول إلى التكنولوجيا الكبرى التالية. في هذا الصدد، قال ديفيد كاهن، الشريك في شركة «سيكويا» لرأس المال الاستثماري في «وادي السيليكون»: «تكمن هذه القوة الهائلة في أيدي عدد قليل للغاية من الأشخاص، وهم يلعبون لعبة شطرنج تخلف آثارها علينا جميعاً».

إنجازات علمية

* الوعد - الإنجازات العلمية: يعتقد داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة «أنثروبيك»، من أبرز منافسي «أوبن إيه آي»، أنه في غضون بضع سنوات (ربما العام المقبل) سيُصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة «مجتمع من العباقرة داخل مركز بيانات»، قادر على العمل معاً لحل أكبر المشكلات العلمية التي يجابهها مجتمعنا.

- لماذا يطورونه؟

يعتقد خبراء التكنولوجيا، مثل أمودي، أن هذا النوع من التكنولوجيا سيُغير الحياة كما نعرفها. وفي العام الماضي، في مقال مؤلف من 14000 كلمة، قال إن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُعالج السرطان، ويُنهي الفقر، بل ويرسي أسس السلام العالمي. وتوقع أنه في غضون عقد، سيُضاعف الذكاء الاصطناعي متوسط عمر الشخص العادي إلى 150 عاماً.

-والآن، ما مدى قرب هذا التوقع من الواقع؟ ليس من الواضح كيف سيجري بناء هذه التقنيات، أو حتى إن كانت ممكنة.

من جهته، صرح جيمس مانيكا، نائب رئيس شركة «غوغل» لشؤون الأبحاث والمختبرات والتكنولوجيا والمجتمع، بأنه في ظل سعي «غوغل» لتحقيق أهداف أسمى، ستُطوّر تقنيات يُمكن استخدامها فوراً. وعلى سبيل المثال، أشار إلى «ألفافولد» (نظام طورته «غوغل» يُمكن أن يُساعد في تسريع اكتشاف الأدوية بطرق بسيطة ومهمة، ونال حديثاً جائزة نوبل في الكيمياء).

في الوقت ذاته، يهدف مشروعٌ فرعي من «غوغل» يُسمى «إيسومورفيك لابس»، إلى جني الأموال من خلال مساعدة شركات الأدوية على استخدام هذا النوع من التقنيات.

مراكز بيانات "امازون"

نظم «ذكاء بشري»

* الوعد - ذكاء اصطناعي بذكاء بشري، أو أذكى: أوضح مسؤولون تنفيذيون مثل زوكربيرغ وديميس هاسابيس، رئيس مختبر أبحاث «ديب مايند»، التابع لـ«غوغل»، أن شركاتهم تسعى إلى تحقيق الذكاء الاصطناعي العام artificial general intelligence A.G.I، ويقصد به آلة يُمكن أن تُضاهي قدرات الدماغ البشري، أو تكنولوجيا أكثر قوة تُسمى الذكاء الفائق.

-لماذا يطورونه؟ يصرّ الكثير من خبراء التكنولوجيا على تحقيق أكبر هدف يمكن تخيله: الذكاء الفائق. وقد سعى هؤلاء الخبراء بالفعل وراء هذا الحلم منذ خمسينات القرن الماضي.

-ما مدى قرب ذلك من الواقع؟ بوجه عام، يصعب تحديد ماهية مصطلحات، مثل الذكاء الاصطناعي العام والذكاء الفائق. في الواقع، لا يتفق العلماء حتى على تعريف الذكاء البشري.

المؤكد أن بناء آلة تُضاهي قدرات الدماغ البشري لا يزال على بُعد سنواتٍ طويلة، ربما عقودٍ أو أكثر.

وحتى هذه اللحظة، لم يُحدد أحدٌ كيف ستجني الشركات المال من وراء هذا النوع من التكنولوجيا. وفي الوقت الذي تُنفق شركات التكنولوجيا مئات المليارات على مراكز بيانات جديدة، فإنها تُخاطر.

ويقف خلف هذه القفزة نفسُ المزيج الذي يُحرك في الغالب أقطاب «وادي السيليكون»، حسبما شرح أورين إتزيوني، الرئيس التنفيذي المؤسس لـ«معهد ألين للذكاء الاصطناعي»: الجشع والغرور والخوف من التعرض للإطاحة عبر اختراق غير متوقع. وأضاف إتزيوني: «لو طُلب مني أن أُجيب بكلمة واحدة، لكانت: (الخوف من إهدار الفرصة)».

في الواقع، فإن الخوف من إهدار الفرص ليس بالأمر الهيّن. وقال ألتمان إنه في الوقت الذي يسعى هو ومنافسوه لتحقيق هذه الأهداف النبيلة، قد يُفرط بعض المستثمرين في الإنفاق.

وقد يُطوّر الباحثون سبلاً لبناء الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة أقل بكثير. وقد لا يرغب الناس في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُطوّرها هذه الشركات. وربما تتباطأ وتيرة التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي على مدى السنوات القليلة الماضية، أو حتى يُواجه عقبات. وربما يحدث تحولاً في الاقتصاد بأكمله لأسباب غير ذات صلة.

وعن ذلك، قال ألتمان: «سينطفئ وهج بعض منافسينا، وسيُحقق البعض الآخر نجاحاً باهراً، وهكذا تعمل الرأسمالية. أظن أن أحدهم سيخسر أموالاً هائلة».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

الاقتصاد علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

يزيد المستثمرون العالميون من رهاناتهم على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، متوقعين نجاح نماذج عدة قادمة على غرار «ديب سيك».

«الشرق الأوسط» (نيويورك-هونغ كونغ)
تكنولوجيا ألعاب الأطفال المدعومة بالذكاء الاصطناعي... تخرج عن السيطرة

ألعاب الأطفال المدعومة بالذكاء الاصطناعي... تخرج عن السيطرة

خبراء يدعون إلى مقاطعة شرائها

كريس ستوكل - والكر (واشنطن)
الاقتصاد سفينة شحن في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)

بفضل «الذكاء الاصطناعي».. صادرات تايوان تسجل أسرع نمو في 5 سنوات

شهدت طلبات التصدير التايوانية في نوفمبر (تشرين الثاني) أسرع وتيرة نمو منذ نحو خمس سنوات، مدفوعة بالطلب المتزايد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد متداول يراقب شاشات تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (إ.ب.أ)

العقود الآجلة الأميركية تصعد مع تجدد الحماس للذكاء الاصطناعي

افتتحت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية أسبوع التداول القصير بسبب عطلة عيد الميلاد على ارتفاع مدفوعة بصعود أسهم التكنولوجيا

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وإيلون ماسك خلال اللقاء في أبوظبي بحضور الشيخ حمدان بن محمد بن راشد (وام)

ماسك يلتقي قادة الإمارات لبحث فرص الذكاء الاصطناعي

بحث الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركات تعمل في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مع قيادة دولة الإمارات آفاق التعاون في الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

دراسة جينية: الإنسان الحديث وصل إلى أستراليا قبل نحو 60 ألف عام

سكان أستراليا الأصليون ينحدرون من سلالة أفريقية مهاجرة
سكان أستراليا الأصليون ينحدرون من سلالة أفريقية مهاجرة
TT

دراسة جينية: الإنسان الحديث وصل إلى أستراليا قبل نحو 60 ألف عام

سكان أستراليا الأصليون ينحدرون من سلالة أفريقية مهاجرة
سكان أستراليا الأصليون ينحدرون من سلالة أفريقية مهاجرة

لطالما كان توقيت وصول الإنسان الحديث إلى أستراليا وكيفية حدوث ذلك واحداً من الأسئلة المثيرة في تاريخ البشرية. وتشير دراسة جينية جديدة إلى أن البشر وصلوا إلى القارة القديمة المعروفة باسم «ساهول» قبل نحو 60 ألف عام، وقد سلكوا في ذلك مسارَيْن مختلفَيْن عبر البحر، في واحدة من أقدم الأدلة المعروفة على الملاحة البحرية المتعمدة.

وقد نُشرت نتائج الدراسة في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 بمجلة «Science Advances»، إذ دعّمت ما يُعرف بفرضية «التسلسل الزمني الطويل» التي تفترض أن أولى موجات الاستيطان البشري في أستراليا حدثت قبل ما بين 60 و65 ألف سنة، وليس في فترة لاحقة، كما افترضت بعض النظريات السابقة.

قارة قديمة ونقاش طويل

كانت «ساهول» (Sahul) قارة واحدة تضم ما يُعرف اليوم بأستراليا وغينيا الجديدة وتسمانيا. ومع ارتفاع مستويات البحار بعد العصر الجليدي الأخير قبل نحو 9 آلاف عام انفصلت هذه اليابسة إلى القارات والجزر الحالية.

وعلى مدى عقود اختلف العلماء حول توقيت وصول البشر الأوائل إلى هذه المنطقة، ففي حين افترضت بعض الدراسات وصولاً متأخراً نسبياً قبل نحو 47 إلى 51 ألف عام، قدمت الدراسة الجديدة أدلة قوية على استيطان أقدم بكثير.

ويقول عالم الآثار كريستوفر كلاركسون، من جامعة غريفيث في أستراليا الذي لم يشارك في الدراسة، إن هذه أول دراسة شاملة تربط بين علم الآثار والوراثة والمناخ والملاحة البحرية، وتقدم حجة قوية للغاية حول توقيت وصول البشر الأوائل إلى أستراليا.

تتبع الأصول عبر خط الأم

وقد اعتمد الباحثون على نوع خاص من الحمض النووي (دي إن إيه) DNA يُعرف بالحمض النووي للميتوكوندريا، الذي يُورث غالباً من الأم فقط. وتُعد هذه المادة الوراثية أداة مهمة لتتبع السلالات البشرية عبر آلاف الأجيال.

وحلل الفريق الجينومات الميتوكوندرية لنحو ألف شخص معظمهم من السكان الأصليين لأستراليا وسكان غينيا الجديدة إلى جانب نحو 1500 جينوم منشور سابقاً. ومن خلال تتبع الطفرات الوراثية الصغيرة تمكّن الباحثون من إعادة بناء سلالات بشرية قديمة تعود إلى نحو 60 ألف عام.

مساران للهجرة نحو «ساهول»

ومن أبرز نتائج الدراسة أن البشر الأوائل لم يصلوا إلى «ساهول» عبر طريق واحد فقط بل عبر مسارَين مختلفين في الفترة الزمنية نفسها تقريباً.

كما يرجّح الباحثون أن إحدى المجموعتَين سلكت مساراً شمالياً عبر ما يُعرف اليوم بالفلبين وشرق إندونيسيا، في حين جاءت مجموعة أخرى عبر مسار جنوبي انطلقت فيه من جنوب شرق آسيا القارية مع عبور مساحات من البحر المفتوح.

وتشير النتائج إلى أن معظم السلالات الحية اليوم بين السكان الأصليين لأستراليا وغينيا الجديدة تعود إلى أسلاف اتبعوا المسار الشمالي.

ويقول عالم الآثار، آدم بروم، من جامعة غريفيث الأسترالية الذي لم يشارك أيضاً في الدراسة، إن هذه النتائج تقدم دعماً قوياً لفكرة أن المسار الشمالي كان المفتاح في الاستيطان الأول لأستراليا، مشيراً إلى اكتشافات حديثة لفنون كهوف قديمة جداً في إندونيسيا تدعم هذا الطرح.

أصل أفريقي واحد

وعلى الرغم من اختلاف المسارات تشير الدراسة إلى أن المجموعتَين تنحدران من سلالة بشرية واحدة خرجت من أفريقيا قبل نحو 70 إلى 80 ألف عام. ويُعتقد أن هذا الانقسام حدث في جنوب أو جنوب شرق آسيا قبل 10 إلى 20 ألف عام من الوصول إلى «ساهول».

ويؤكد الباحث المشارك في كلية العلوم التطبيقية بجامعة هدرسفيلد في المملكة المتحدة، مارتن ريتشاردز، أن السكان الأصليين لأستراليا وسكان غينيا الجديدة يمتلكون أقدم سلالة بشرية متصلة خارج أفريقيا دون انقطاع.

دليل مبكر على الملاحة البحرية

ولا تقتصر أهمية الدراسة على الجانب الجيني فحسب، بل تسلط الضوء أيضاً على القدرات التقنية للإنسان القديم، فالوصول إلى «ساهول» تطلّب عبور مسافات طويلة من البحر المفتوح حتى في فترات انخفاض مستوى سطح البحر.

وتقول الباحثة المشاركة هيلين فار، من مركز علم الآثار البحرية بقسم الآثار في جامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة، إن هذه الرحلات لم تكن نتيجة انجراف عشوائي بل دليل على استخدام القوارب والقيام برحلات بحرية محددة ومقصودة قبل نحو 60 ألف عام.

إعادة رسم تاريخ الهجرة البشرية

وتشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن الإنسان الحديث كان أكثر قدرة على التخطيط والتنقل والاستكشاف عما كان يُعتقد سابقاً، وأن استيطان أستراليا لم يكن حدثاً واحداً بسيطاً بل عملية معقدة شاركت فيها مجموعات متعددة ومسارات مختلفة.

ومع استمرار تطور تقنيات تحليل الحمض النووي واكتشاف مواقع أثرية جديدة يتوقع العلماء أن تتضح صورة أكثر دقة عن بدايات انتشار الإنسان الحديث حول العالم، لتؤكد أن أستراليا كانت من أوائل محطات هذه الرحلة البشرية الكبرى.


اكتشاف علمي لأحد «محركات» سرطان البروستاتا... يمهد لعلاجات أكثر دقة

طبيب يتناقش مع مريض حول صحة البروستاتا
طبيب يتناقش مع مريض حول صحة البروستاتا
TT

اكتشاف علمي لأحد «محركات» سرطان البروستاتا... يمهد لعلاجات أكثر دقة

طبيب يتناقش مع مريض حول صحة البروستاتا
طبيب يتناقش مع مريض حول صحة البروستاتا

في خطوة علمية قد تغيِّر أسلوب فهمنا لسرطان البروستاتا وتشخيصه وعلاجه، كشف باحثون من معهد «آرك» وجامعة «كاليفورنيا»، ومركز «فريد هاتشينسون للسرطان» في واشنطن بالولايات المتحدة، عن منظِّم غير متوقع لمسار مستقبل الأندروجين، وهو بروتين لم يحظَ سابقاً بكثير من الاهتمام، وكان يُعتقد أنه مجرد إنزيم بسيط ضمن مسار تصنيع البروستاغلاندين (prostaglandin).

وجاء هذا الكشف الذي نُشر في مجلة «Nature Genetics» في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، نتيجة فحص شامل للجينوم باستخدام «تقنية كريسبر»، وأعاد تعريف الدور البيولوجي لبروتين «PTGES3» كما فتح الباب أمام فئة جديدة محتملة من العلاجات لسرطان البروستاتا المقاوم للعلاج الهرموني.

نافذة على بيولوجيا الورم

يعتمد سرطان البروستاتا على نشاط مفرط لمستقبِل الأندروجين، وهو بروتين ينظِّم نمو الخلايا استجابة لهرمونات الذكورة.

ولفهم الجينات التي تُبقي هذا المستقبِل نشطاً، طوَّر الباحثون نموذجاً متقدماً لخلايا سرطانية يحمل وسماً فلورياً (fluorescent tag) (هو جزيء مرتبط كيميائياً للمساعدة في اكتشاف جزيء حيوي، مثل البروتين أو الأجسام المضادة أو الأحماض الأمينية) يضيء تبعاً لكمية مستقبِل الأندروجين داخل الخلية، ما سمح بتتبُّعه بدقة لحظة بلحظة.

وبالاستفادة من «تقنية كريسبر» عطَّل العلماء آلاف الجينات واحداً تلو الآخر لاكتشاف الجينات التي يعتمد عليها مستقبِل الأندروجين ليبقى مستقراً وموجوداً داخل الخلية.

ثم جاءت النتائج لتؤكد دور جينات معروفة، مثل HOXB13 وGATA2 لكنها كشفت أيضاً مفاجأة كبيرة في PTGES3 وهو بروتين لم يكن محسوباً ضمن قائمة اللاعبين الرئيسيين في هذا المسار.

* لماذا يُعد PTGES3 اكتشافاً مهماً؟ على خلاف البروتينات المماثلة له لم يكن تأثير PTGES3 مرتبطاً بوظيفته المفترضة كإنزيم. بل ظهر أنه يؤدي دوراً مزدوجاً في دعم مستقبل الأندروجين؛ إذ إنه يعمل كمرافق بروتيني Co-chaperone داخل السيتوبلازم ما يساعد على استقرار مستقبل الأندروجين ويمنع تدهوره. ويعمل أيضاً كعامل مساعد داخل النواة؛ حيث يعزز قدرة المستقبل على الارتباط بالحمض النووي وتشغيل الجينات التي تغذي نمو الورم.

وهذا الدور الثنائي يجعل هذا البروتين كأحد «محركات» سرطان البروستاتا التي تعتمد عليها الخلايا السرطانية لمواصلة النمو والانتشار.

آفاق جديدة لعلاج السرطان

• من المختبر إلى المرضى: عند تحليل بيانات مئات المرضى وجد الباحثون أن ارتفاع مستويات PTGES3 يرتبط بانخفاض فعالية العلاج الهرموني، وهو مؤشر مبكر على مقاومة الورم.

وعند اختبار تعطيل هذا البروتين في فئران مصابة بسرطان البروستاتا انخفضت مستويات مستقبل الأندروجين، وتباطأ نمو الورم بشكل كبير، وهو دليل إضافي على دوره الحاسم واستحقاقه أن يكون هدفاً دوائياً جديداً.

ويقول الباحث الرئيسي لوك غيلبرت (وهو باحث رئيسي في معهد «آرك» وأستاذ مشارك في جراحة المسالك البولية في كلية الطب بجامعة «كاليفورنيا») إن هذا العمل يبرهن على قوة الفحص الجيني غير المنحاز عبر «تقنية كريسبر» وقدرتنا على اكتشاف وظائف جديدة لبروتينات ظنَّ العلماء أنهم يعرفونها جيداً.

• تطوير أدوية علاجية: تستهدف العلاجات الحالية مستقبل الأندروجين مباشرة؛ سواء بتقليل الهرمونات الذكرية أو بحجب قدرة المستقبِل على الوصول إلى الحمض النووي.

لكن النتائج الجديدة تقدِّم استراتيجية مختلفة تكمن بالتدخل في استقرار مستقبل الأندروجين نفسه، عبر التأثير على البروتينات التي تحميه وترافقه ومن ضمنها PTGES3.

ويقول الباحث الأول هاولونغ لي من مركز «فريد هاتشينسون للسرطان» وقسم علاج الأورام بالإشعاع بجامعة «كاليفورنيا»: «نتوقع أن يساعد هذا النهج في فهم عوامل نسخ أخرى مهمة في سرطانات تعتمد على الهرمونات، وليس سرطان البروستاتا فقط».

ويعمل الفريق حالياً على فهم البنية الدقيقة لتفاعل PTGES3 مع مستقبل الأندروجين، تمهيداً لتطوير أدوية تستهدف هذا الارتباط، بما في ذلك تقنيات تفكيك البروتينات مثل PROTACs التي حققت نجاحاً في تجارب سريرية لأهداف دوائية أخرى.

ويمثل اكتشاف PTGES3 كمنظم رئيسي لمستقبل الأندروجين تحولاً مهماً في فهم سرطان البروستاتا؛ خصوصاً لدى المرضى الذين يعانون من مقاومة للعلاج الهرموني.

وإلى جانب كشف آليات جديدة وراء نمو الورم يقدِّم هذا الاكتشاف مساراً واعداً لعلاجات أكثر فعالية ودقة قد تغيِّر مستقبل الرعاية للمرضى المصابين بأحد أكثر السرطانات شيوعاً بين الرجال.

إنه مثال حي على كيف يمكن لتقنيات الجينوم الحديثة -كالفحص الشامل باستخدام «كريسبر»- أن تعيد كتابة قواعد علم الأورام وتفتح آفاقاً علاجية لم تكن متاحة من قبل.


نظرة إلى الذكاء الاصطناعي... وصحة الدماغ في 2025

الانسان ضائع في عصر الذكاء الاصطناعي وهلوساته
الانسان ضائع في عصر الذكاء الاصطناعي وهلوساته
TT

نظرة إلى الذكاء الاصطناعي... وصحة الدماغ في 2025

الانسان ضائع في عصر الذكاء الاصطناعي وهلوساته
الانسان ضائع في عصر الذكاء الاصطناعي وهلوساته

إليكم ما يقوله أربعة من الاختصاصيين في حول الجوانب العلمية التي أثارت اهتمامهم في عام 2025.

الذكاء الاصطناعي: محتوى منمق وغير منطقي

نحن نغرق في بحر من المحتوى المُنمّق وغير المنطقي الذي يُنتجه الذكاء الاصطناعي، كما تتحدث الكاتبة أنالي نيويتز، صاحبة عمود «هذا يُغيّر كل شيء»، عن كيفية انتشار المحتوى المُولّد بالذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في عام 2025.

لا شك أن 2025 سيُذكَر بوصفه عام المحتوى المُنمّق. وهذا المصطلح الشائع يُطلق على المحتوى غير الصحيح والغريب، بل والقبيح في كثير من الأحيان، الذي يُنتجه الذكاء الاصطناعي، وقد أفسد تقريباً كل منصة على الإنترنت... إنه يُفسد عقولنا أيضاً.

لقد تراكمت كميات هائلة من هذا المحتوى المُنمّق خلال السنوات القليلة الماضية، لدرجة أن العلماء باتوا قادرين على قياس آثاره على الناس بمرور الوقت.

• نشاط دماغي أقل لدى المستخدمين. وجد باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن الأشخاص الذين يستخدمون نماذج لغوية ضخمة (LLMs)، مثل تلك التي تقف وراء برنامج «تشات جي بي تي»، لكتابة المقالات، يُظهرون نشاطاً دماغياً أقل بكثير من أولئك الذين لا يستخدمونها.

• آثار سلبية على الصحة النفسية. ثم هناك الآثار السلبية المحتملة على صحتنا النفسية، حيث تشير التقارير إلى أن بعض برامج الدردشة الآلية تُشجع الناس على تصديق الأوهام أو نظريات المؤامرة، بالإضافة إلى حثّهم على إيذاء أنفسهم، وأنها قد تُسبب أو تُفاقم الذهان.

• تقنية التزييف العميق. أصبحت تقنية التزييف العميق شائعة؛ ما يجعل التحقق من الحقيقة على الإنترنت أمراً مستحيلاً. ووفقاً لدراسة أجرتها «مايكروسوفت»، لا يستطيع الناس التعرف على مقاطع الفيديو التي يُنشئها الذكاء الاصطناعي إلا في 62 في المائة من الحالات.

وأحدث تطبيقات شركة «اوبن ايه آي» هو «سورا» Sora، وهي منصة لمشاركة الفيديوهات تُنشأ بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي - باستثناء واحد. يقوم التطبيق بمسح وجهك وإدراجك أنت وأشخاص حقيقيين آخرين في المشاهد المزيفة التي يُنشئها. وقد سخر سام ألتمان، مؤسس الشركة، من تبعات ذلك بالسماح للناس بإنشاء فيديوهات يظهر فيها المستخدم وهو يسرق وحدات معالجة الرسومات ويغني في الحمام.

• تقليل الإنتاجية. لكن ماذا عن قدرة الذكاء الاصطناعي المزعومة على جعلنا نعمل بشكل أسرع وأكثر ذكاءً؟ وفقاً لإحدى الدراسات، عندما يُدخل الذكاء الاصطناعي إلى مكان العمل، فإنه يُقلل الإنتاجية، حيث أفادت 95 في المائة من المؤسسات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بأنها لا تحصل على أي عائد ملحوظ على استثماراتها.

مذنب "سوان" الى يمين تجمّع من النجوم

تدمير الأرواح والوظائف

إن الفساد يُدمر الأرواح والوظائف، ويُدمر تاريخنا أيضاً. أنا أكتب كتباً عن علم الآثار، ويقلقني أن ينظر المؤرخون إلى وسائل الإعلام من تلك الحقبة ويكتشفوا زيف محتوانا، المليء بالخداع والتضليل.

إن أحد أهم أسباب تدويننا الأمور أو توثيقها بالفيديو هو ترك سجل لما كنا نفعله في فترة زمنية محددة. وعندما أكتب، آمل أن أسهم في إنشاء سجلات للمستقبل؛ حتى يتمكن الناس اللاحقون من إلقاء نظرة على حقيقتنا، بكل ما فيها من فوضى.

إن برامج الدردشة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تُردد كلماتٍ بلا معنى؛ فهي تُنتج محتوًى لا ذكريات. ومن منظور تاريخي، يُعدّ هذا، من بعض النواحي، أسوأ من الدعاية. على الأقل، إن الدعاية من صنع البشر، ولها هدف محدد، وهي تكشف عن الكثير من سياساتنا ومشاكلنا. أما الزيف فيمحونا من سجلنا التاريخي؛ إذ يصعب استشفاف الغاية منه.

ماذا يخبئ لنا المستقبل؟ ماذا سيفعل الذكاء الاصطناعي بالفن؟ كيف سنتعامل مع عالمٍ تندر فيه الوظائف، ويتصاعد فيه العنف، ويتم فيه تجاهل علوم المناخ بشكل ممنهج؟

الحفاظ على صحة الدماغ

كيف تعلمتُ الحفاظ على صحة دماغي؟ تتحدث هيلين تومسون، كاتبة عمود في علم الأعصاب، عن تغييرات بسيطة أحدثت فرقاً كبيراً في صحتها هذا العام.

• غذاء صحي: لقد تعلمت أن أعيش بنمط حياة صحي. كل صباح، أضيف ملعقة من الكرياتين إلى الماء، وأشربه مع الفيتامينات المتعددة، ثم أتناول بعض الزبادي العادي الغني بالبكتيريا. ويتناول أطفالي حبوب الإفطار المنزلية، ويشربون الكفير، ويحاولون التحدث بالإسبانية باستخدام تطبيق «دولينغو». وبعد توصيلهم إلى المدرسة، أغطس في بركة ماء باردة، ثم أستريح في الساونا قبل العمل. لاحقاً، أضيف دائماً ملعقة من مخلل الملفوف إلى غدائي، ولا أفوّت فرصة للمشي قليلاً في الحديقة.

حياتي الجديدة المفعمة بالرضا هي نتيجة مباشرة لقضاء عام كامل في البحث عن طرق مثبتة علمياً للحفاظ على صحة الدماغ - من تعزيز الاحتياطي المعرفي إلى تنمية ميكروبيوم صحي. الآن، وأنا أُقيّم الوضع، أرى أن تغييرات بسيطة أحدثت فرقاً كبيراً.

• تجربة طبية. جاء أحد أبسط الدروس من جو آن مانسون في مستشفى بريغهام والنساء في ماساتشوستس، التي أرسلت إلي تفاصيل تجربة واسعة النطاق على كبار السن تُظهر أن تناول الفيتامينات المتعددة يومياً يُبطئ التدهور المعرفي بأكثر من 50 في المائة. وعندما سألت خبراء آخرين عن المكملات الغذائية، إن وُجدت، التي قد تُعزّز صحة الدماغ، برز الكرياتين في ذهني - فهو يُزود الدماغ بمصدر طاقة عندما يكون في أمس الحاجة إليه. لكن التغيير حدث في سلة مشترياتنا الأسبوعية؛ إذ أقنعتني محادثاتي مع علماء الأعصاب وخبراء التغذية بأهمية العناية المستمرة بميكروبيوم الأمعاء. لذا؛ بدأت عائلتي بتطبيق ذلك: تناول ثلاثة أنواع من الأطعمة المخمرة يومياً بناءً على نصيحة عالم الأوبئة تيم سبيكتور، والامتناع عن تناول الأطعمة فائقة المعالجة في وجبة الإفطار، والحرص على إدخال مزيج متنوع من الأطعمة الكاملة في نظامنا الغذائي.

• التواصل مع البيئة. كما أن التعرّض للبرد والحرارة يُمكن أن يُقلل من الالتهابات والتوتر، ويُعزز التواصل بين الشبكات الدماغية المسؤولة عن التحكم في العواطف واتخاذ القرارات والانتباه؛ ما قد يُفسر ارتباطها بتحسين الصحة النفسية. كما أصبح الخروج إلى الطبيعة أولويةً عائلية. فقد تعلمتُ أن البستنة تُعزز تنوع بكتيريا الأمعاء المفيدة، بينما قد يُفيد المشي في الغابات الذاكرة والإدراك، ويُساعد على الوقاية من الاكتئاب.

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو سرعة ظهور النتائج. فبينما تُعدّ بعض العادات استثماراً طويل الأمد في الصحة الإدراكية، إلا أنني مقتنعة بأن عادات أخرى كان لها تأثير فوري: أطفال أكثر هدوءاً، وتحسن في التركيز، وطاقة أكبر. ربما يكون تأثيراً وهمياً، لكن هناك ما يُجدي نفعاً.

مذنبات كونية متألقة

أما شاندا بريسكود - وينشتاين، كاتبة عمود في مجلة «سبيس - تايم»، فقد قدمت ملاحظات ميدانية حول كيفية تصدّر المذنبات عناوين الأخبار في عام 2025.

• المذنب «ليمون» لقد كان عام 2025 حافلاً بالمذنبات. فقد اكتُشف المذنب ليمون Lemmon في يناير (كانون الثاني) الماضي، وظلّ حديث الساعة لمدة تسعة أشهر. كانت صور ذيل ليمون الطويل والجميل، الناتج من تسخين الشمس للمذنب، تخطف أنفاسي في كل مرة.

• المذنب «سوان». ثم كان هناك اكتشاف المذنب C/2025 R2 (سوان) في سبتمبر (أيلول)، وهو مذنب شديد السطوع لدرجة أنه حتى عندما كان قريباً من القمر في عيد «الهالوين»، كان لا يزال مرئياً بوضوح للمراقبين. وكان هناك أيضاً المذنب 3I/أطلس، الذي اشتهر بعد أن أعلن عالم فلك في جامعة هارفارد، متخصص في علم الكونيات، أنه مسبار فضائي.

إن رحلتنا مع المذنبات هذا العام ليست سوى أحدث حلقة في سلسلة طويلة من ردود فعل البشر تجاه الأجرام السماوية الغامضة التي تظهر في السماء. وبينما نستذكر العام الماضي، شهدنا أحداثاً كثيرة مخيفة ومُحبطة؛ ما قد يدفعنا للاعتقاد بأن هذه المذنبات ربما نذرت بنهاية العالم كما نعرفه.

«إنسان دينيسوفان»

«إنسان دينيسوفان» قلب مفاهيمنا عن الإنسان القديم رأساً على عقب. وهنا يستعرض مايكل مارشال، كاتب عمود «قصة الإنسان»، أهم اكتشافات «إنسان دينيسوفان» لهذا العام.

يصادف هذا العام مرور 15 عاماً على اكتشافنا «إنسان دينيسوفان»، وهي إنسان من مجموعة من البشر القدماء الذين عاشوا في ما يُعرف اليوم بشرق آسيا قبل عشرات آلاف السنين. وقد أثار هذا الإنسان فضولي منذ ذلك الحين؛ لذا سررتُ هذا العام برؤية سلسلة من الاكتشافات المثيرة التي وسّعت فهمنا لمكان عيشهم وهويتهم.

• أدلة من جزيئات إصبع. كان «إنسان دينيسوفان» أول أشباه البشر الذين تم اكتشافهم بشكل أساسي من خلال الأدلة الجزيئية. وكانت أول أحفورة معروفة عبارة عن عظمة إصبع من كهف دينيسوفا في سيبيريا، التي كانت صغيرة جداً بحيث لا يمكن التعرف عليها من خلال شكلها، ولكنها أسفرت عن تحليل الحمض النووي في عام 2010. وأشارت النتائج الجينية إلى أن «إنسان دينيسوفان» كان مجموعة شقيقة لـ«إنسان نياندرتال»، الذي عاش في أوروبا وآسيا. كما أظهرت النتائج أيضاً أنهم تزاوجوا مع الإنسان الحديث.

واليوم، يمتلك سكان بعض مناطق جنوب شرقي آسيا، مثل بابوا غينيا الجديدة والفلبين، أعلى نسب الحمض النووي لـ«إنسان دينيسوفان» في جينوماتهم.

ومنذ ذلك الحين، سعى الباحثون جاهدين للعثور على المزيد من الأمثلة على «إنسان دينيسوفان»، لكنّ هذه الجهود كانت بطيئة. ولم يظهر مثال ثانٍ إلا في عام 2019: عظم فك من كهف بايشيا كارست في شياخه على هضبة التبت.

• اكتشافات جديدة. ثم جاء عام 2025 وتدفقت الاكتشافات الجديدة. ففي أبريل (نيسان) الماضي، تأكد وجود «إنسان دينيسوفان» في تايوان. وأكد الباحثون هذا الاكتشاف الآن باستخدام البروتينات المحفوظة داخل الأحفورة. ثم في يونيو (حزيران) الماضي عُثر على أول وجه لإنسان، حيث وُصفت جمجمة من مدينة هاربين شمال الصين عام 2021، وسُميت نوعاً جديداً.

حتى الآن، تبدو هذه النتائج منطقية للغاية. كما أنها رسمت صورة متكاملة لـ«إنسان دينيسوفان» كإنسان ضخم البنية.

وكان الاكتشافان الآخران في عام 2025 مفاجأتين كبيرتين. ففي سبتمبر، أُعيد بناء جمجمة مهشمة من يونشيان في الصين. ويبدو أن جمجمة يونشيان 2 تعود إلى «إنسان دينيسوفان» مبكر، وهو اكتشاف مثير للاهتمام؛ نظراً لقدمها التي تبلغ نحو مليون عام. ويشير هذا إلى أن «إنسان دينيسوفان» كان موجوداً مجموعةً منفصلة منذ مليون عام على الأقل، أي قبل مئات آلاف السنين مما كان يُعتقد سابقاً. كما يدل هذا على أن السلف المشترك بيننا وبين «إنسان نياندرتال»، والمعروف باسم السلف العاشر، قد عاش قبل أكثر من مليون عام.

• استخلاص جينوم من سن وحيدة. بعد شهر واحد فقط، أعلن علماء الوراثة عن ثاني جينوم عالي الجودة لـ«إنسان دينيسوفان»، والذي استُخرج من سنّ عمرها 200 ألف عام في كهف دينيسوفا. الأهم من ذلك، أن هذا الجينوم كان مختلفاً تماماً عن الجينوم الأول المُبلغ عنه، والذي كان أحدث عهداً، كما أنه كان مختلفاً عن الحمض النووي للـ«دينيسوفان» لدى البشر المعاصرين.

ويُشير هذا إلى وجود ثلاث مجموعات على الأقل من الـ«دينيسوفان»: مجموعة مبكرة، ومجموعة لاحقة، ومجموعة تزاوجت مع جنسنا البشري. هذه المجموعة الثالثة، من الناحية الأثرية، تظل لغزاً محيراً.

* مجلة «نيو ساينتست» - خدمات «تريبيون ميديا»