كلوديا كاردينالي انطلقت من تونس وعادت إليها

رحيل فاتنة السبعينات ورحلتها

كلوديا كاردينالي والممثل مارسيلو ماستروياني في «قصر المهرجانات»... (أ.ب)
كلوديا كاردينالي والممثل مارسيلو ماستروياني في «قصر المهرجانات»... (أ.ب)
TT

كلوديا كاردينالي انطلقت من تونس وعادت إليها

كلوديا كاردينالي والممثل مارسيلو ماستروياني في «قصر المهرجانات»... (أ.ب)
كلوديا كاردينالي والممثل مارسيلو ماستروياني في «قصر المهرجانات»... (أ.ب)

رحلت الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي يوم الثلاثاء الماضي عن عمرٍ ناهز 87 عاماً، قضت معظمه في التألّق والتمثيل السينمائي.

كانت كلوديا كاردينالي من نجمات السينما الإيطالية اللاتي نلن شهرةً عالمية، وشاركن في أفلام أوروبية وأميركية. إلى جانب صوفيا لورين (91 سنة) وجينا لولوبريجيدا (التي رحلت عن 95 عاماً في أوائل 2023)، شكّلت كاردينالي حضوراً غنيّاً بين الممثلات الفاتنات في عصرٍ سينمائي حافظ على تصوير المرأة تجسيداً للأنوثة في الحقبة التي سبقت انتشار أدوار العنف والقتال كما نراها اليوم.

كلوديا كاردينالي والمخرج الإيطالي باسكوالي سكويتييري (أ.ف.ب)

حياتها المبكرة وبداياتها

وُلدت يوم 15 أبريل (نيسان) 1938 في تونس، لأبوين من صقلية استقرا هناك منذ منتصف الثلاثينات. حتى عام 1958، كانت تمارس كرة السلة مع فريق نسائي، لكن شغفها الحقيقي كان السينما منذ فازت بمسابقة «ملكة جمال الإيطاليات التونسيات» عام 1957، خوّلتها الجائزة الظهور في فيلم قصير بعنوان «خواتم الذهب (Anneaux d’or)»، عُرض بنجاح في «مهرجان برلين».

منذ ذلك الحين، أرادت أن تصبح ممثلة محترفة، وكانت فرصتها الأولى، والوحيدة وقتها، عرضاً من المخرج الفرنسي جاك باراتييه الذي كان بصدد تصوير فيلم «جحا» بمشاركة عمر الشريف في البطولة. كان عليه أن يختار بين كاردينالي، والبحث عن ممثلة تونسية، وبعد تردّد، وافقت كاردينالي على الدور؛ ربما لعدم وجود خيارات أخرى أمامها.

كلوديا كاردينالي والمخرج الإيطالي فديريكو فيلليني خلال حفل توزيع جوائز «الأكاديمية» في روما (أ.ب)

لم يكن دور «أمينة» في ذلك الفيلم إلا ظهوراً محدوداً في الواقع، لكن في العام نفسه أُتيح لها الاشتراك في فيلم إيطالي بعنوان: «المعتاد المجهول (I soliti ignoti)» أو «صفقة كبيرة في شارع مادونا (Big Deal on Madonna Street)»، وقد لاقى الفيلم في العام التالي ترشيحاً لـ«الأوسكار» بوصفه «أفضل فيلم أجنبي». أخرجه ماريو مونيتشيللي، الذي عاد ليعمل معها عام 1966 في فيلم بعنوان: «فاتا أرمينيا» (جزء من ثلاثية مشتركة).

ما بين هذين الفيلمين، نضجت موهبتها ولعبت أدواراً رئيسية في أفلام عدّة؛ إيطالية وفرنسية، من بينها «حقائق جريمة» لبييترو جيرمي (1959)، و«أنطونيو الجميل» لمورو بولونيني (1960)، و«روكو وإخوته» للوكينو ڤيسكونتي (1960)، و«الأسود طليقة» لهنري ڤرنوِيل (1961)، و«خرطوش» لفيليب دو بركا (1962).

مرحلة نجاح

كان ڤيسكونتي من كبار مخرجي السينما الإيطالية، ومع أن دورها في «روكو وإخوته» (الذي تصدّر بطولته ألان ديلون وآني جيراردو) لم يكن رئيسياً، إلا إنه ترك بصمة ساهم في استقبالها أدوار بطولة ومساندة أولى. نجاحها في هذا الفيلم كان سبباً في عودة ڤيسكونتي إليها ليمنحها دوراً أكبر شأناً وحجماً في فيلمه التالي «الفهد» (1963) الذي قاد بطولته الرجالية كل من الأميركي بيرت لانكاستر والفرنسي ألان ديلون.

كلوديا كاردينالي وألان ديلون في عرض خاص لفيلم «الفهد»... (أ.ف.ب)

1963 هو أيضاً العام الذي ظهرت فيه في أول فيلم أميركي لها، وهو «الفهد الوردي» أمام بيتر سلرز وإخراج إدوارد بلايك، وهو العام نفسه الذي وضعها المخرج الرائع (وأحد قمم السينمائيين الإيطاليين بدوره) فديريكو فيلليني في فيلمه البديع «1/2 8» أمام مارشيلو ماسترياني وأنوك إيميه.

لم تغِب كاردينالي عن الأفلام الكبيرة والبطولات اللافتة في السبعينات والثمانينات. واصلت العمل تحت إدارة ڤيسكونتي، فظهرت في «جزء محادثة (Conversation Piece)» عام 1982، وفي دور مشهود بفيلم «فتزجيرالدو» للألماني ڤرنر هرتزوغ. في هذا الفيلم الذي نفذته بسبب اسم مخرجه، كما صرّحت بعد سنوات، عانت مما عاناه باقي الممثلين من مشاق تصوير و«نرجسية أحد الممثلين»، وفق قولها. الغالب أنها كانت تقصد بطل الفيلم كلاوس كينسكي.

في حفل منحها جائزة «فيلق الشرف» بباريس عام 2008، نصحت الممثلات الشابات: «لا تقبلن دوراً لمجرّد الظهور فقط. ارفضن أي نوع من الابتزاز من بعض المخرجين. نعم، أنتن بحاجة إلى القتال للحفاظ على قراراتكن».

كلوديا كاردينالي قبل عرض فيلم «1/2 8» للمخرج الإيطالي فديريكو فيلليني (أ.ف.ب)

في لقاء خاص بيننا خلال «مهرجان صوفيا الدولي» عام 2011، سألتها عما إذا كان زواجها من المنتج فرنكو كريستالدي (في مطلع شهرتها) ساهم فعلياً في مهنتها: قالت: «كان العمل معه قاسياً... كنت أمثل 4 أفلام في العام الواحد، وكان ذلك منهكاً، وكنت مفلسة طوال الوقت. نعم تزوّجنا لاحقاً، لكنني لم أشعر بالحرية إلا من بعد طلاقنا».

* هل ساهم رغم ذلك في صنع كاردينالي نجمة؟

- طبعاً. هذا ليس قابلاً للنكران. كان يدير عملي بحكمة؛ لكن بسلطة. أقصد أنني كنت في كثير من الأوقات اعترض على تمثيل هذا الفيلم أو ذاك، لكن إذا لم يوافق كان عليّ أن أقبل بما يقرره لي. لم تكن عندي حاجة شخصية لأظهر في أفلام كثيرة كل سنة، لكنني كنت أفعل ذلك بسببه. كل ذلك صنع مني نجمة كما تقول. في الوقت نفسه من يستطيع القول إنني لن أكون نجمة لو مثلت أفلاماً أقل؟

* ماذا عن زواجك من المنتج باسكال سكويتييري؟ هل كانت تجربتك الفنية معه أفضل؟

- منحني الحرية التي كنت أريدها. صرت أختلي بنفسي؛ أقرأ السيناريوهات بتمهل وتمعّن. هذه الفترة شعرت خلالها بأنني مستقلة بالفعل، وبدأت مسيرتي بهذا النفَس الجديد».

كلوديا كاردينالي وجائزة «غولدن ويف أوورد» عن مجمل أعمالها (أ.ف.ب)

الجوائز والنهاية

بدأت كاردينالي مسيرتها في تونس، وانتهت هناك كذلك عندما مثّلت أحد الأدوار الرئيسية في فيلم «جزيرة الغفران» (2022) للمخرج رضا الباهي. وهو فيلم درامي عن عائلة إيطالية سكنت جزيرة جربة في بدايات القرن الماضي... نتعرّف عليها وعلى الأحداث التي عايشتها من وجهة نظر ابن العائلة. هو نوع من الذاكرة المزدوجة؛ ذاكرة الصبي الذي يعايش ما يدور، وذاكرة الباهي كما استوحاها من حكايات والده. تجد العائلة الإيطالية نفسها أمام تحديات مفاجئة؛ كون محاولة الدعاة دفع الأب وابنه لاعتناق الإسلام أثارت غضباً. بذلك؛ فكرة التعايش، كما يذكر الفيلم، تنهار أمام الرغبات المتطرّفة؛ مما يدفع العائلة في نهاية المطاف إلى شد رحالها والعودة إلى موطنها الأصلي.

الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي (يسار) والفرنسية بريجيت باردو (أ.ف.ب)

قبل ذلك بعام، ظهرت في فيلم بعنوان: «كلوديا» للمخرج فرنك سان كاس. وفي 2020، شاركت في فيلم أميركي بعنوان: «مدينة أشقياء (Rogue City)» لأوليڤر مارشال.

لكن أفضل ظهور لها في فيلم أميركي كان من صنع سيرجيو ليوني سنة 1968 تحت عنوان: «ذات مرّة في الغرب (Once Upon a Time in the West)». هناك تصدّرت بطولة الفيلم أمام هنري فوندا وتشارلز برونسن، مؤدية دور المرأة التي وصلت إلى بلدة صغيرة لتجد نفسها وسط دوّامة من الصراعات المختلفة.

قدّمت نحو 108 أفلام، وحقّقت نحو 20 ظهوراً تلفزيونيأً، ونالت عدداً بارزاً من الجوائز... على سبيل المثال، حظيت بجائزة «غولدن غلوبز» لـ«أفضل ممثلة» عن دورها في فيلم «كلاريتا» (1984)، وعنه أيضاً نالت جائزة خاصة من «مهرجان ڤينيسيا». كما نالت جائزة «ديڤيد دي دوناتيللو» الإيطالية السنوية 4 مرّات بين 1972 و1997.

كلوديا كاردينالي في حفل ختام «مهرجان ڤالنسيا» السينمائي (رويترز)

واحتُفي بها في دورة عام 2011 من «مهرجان لوكارنو» السويسري، وقبل ذلك نالت جائزة «مهرجان مونتريال» الخاصّة عن مجمل أعمالها عام 1992، وبعدها بعام احتفى بها «مهرجان ڤينيسيا» ومنحها جائزة تقدير عن مجمل أعمالها، وهي التي سبق أن نالت في المهرجان نفسه جائزة «أفضل ممثلة» عن دورها في «كلاريتا» (1984).


مقالات ذات صلة

عزل القاضية التي تسببت في بطلان المحاكمة بقضية وفاة مارادونا

رياضة عالمية أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو مارادونا (رويترز)

عزل القاضية التي تسببت في بطلان المحاكمة بقضية وفاة مارادونا

عُزِلت القاضية التي تسببت في بطلان المحاكمة في قضية وفاة أسطورة كرة القدم في الأرجنتين، والعالم، دييغو أرماندو مارادونا.

«الشرق الأوسط» (لابلاتا)
يوميات الشرق جعفر جاكسون بدور عمّه في فيلم «مايكل» الذي يُعرض في أبريل المقبل (الشركة المنتجة Lionsgate)

جعفر جاكسون يعيد عمّه مايكل إلى الحياة في فيلم مثير للجدل

الفيديو الترويجي لفيلم «مايكل» حطّم أرقام المشاهدات خلال 24 ساعة، في دليل على أن شخصية مايكل جاكسون وحياته ما زالت تثير الفضول والاهتمام.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الممثلة جنيفر أنيستون وحبيبها الجديد جيم كورتيس (إنستغرام)

جنيفر أنيستون في الـ56... الحب لا يأتي متأخراً

فاجأت الممثلة الأميركية، جنيفر أنيستون، الجمهور بإعلانها علاقة عاطفية جديدة تجمعها بجيم كورتيس. فما تفاصيل قصة الحب هذه الآتية على مشارف خريف العمر؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق عدد من مشاهير الموسيقى والتمثيل لا يعطون أولوية للنظافة الشخصية (رويترز – أ.ب)

إهمال النظافة الشخصية... ظاهرة عابرة للمشاهير

منهم مَن يوفّر مياه الاستحمام والمرحاض حفاظاً على البيئة، ومنهم من لا ينظّف أسنانه، بينما يقاطع آخرون مزيل التعرّق.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق يضم ألبوم تايلور سويفت الجديد 12 أغنية شخصية 5 منها عن علاقتها بخطيبها ترافيس كيلسي (إنستغرام سويفت)

داخل خزانة تايلور سويفت... فتاة الاستعراض الأولى

في ألبومها الجديد تكشف تايلور سويفت المستور كله. من تفاصيل قصتها مع خطيبها ترافيس كيلسي، إلى عداواتها الشخصية، مروراً بفصول مؤثرة من طفولتها وسنوات المدرسة.

كريستين حبيب (بيروت)

ممدوح سالم: «الهندول» يتعمق في تأثير الفقد على الأطفال

«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
TT

ممدوح سالم: «الهندول» يتعمق في تأثير الفقد على الأطفال

«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)
«الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

قال المخرج السعودي، ممدوح سالم، إن فيلمه «الهندول» ارتبط بمشهد عاشه في وداع جده، وإن الفكرة ظلت تلح عليه حتى كتبها بعد 10 سنوات، مؤكداً أن العمل السينمائي الذي قدمه ليس عن الموت فقط، بل عن الحياة أيضاً، وأن التحدي الأكبر الذي واجهه الفيلم هو تصويره في مقبرة حقيقية.

وأضاف سالم في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «كل الفرص متاحة لصناع الأفلام السعوديين لكي يرووا حكاياتهم»، لافتاً إلى نضاله ورفاقه من السينمائيين السعوديين لعرض الأفلام؛ مما أحدث حراكاً سينمائياً «كانت نتيجته هذا الازدهار الذي تحققه السينما السعودية خلال سنوات قليلة»، على حد تعبيره.

ويعرض ممدوح سالم في أحدث أفلامه الروائية القصيرة «الهندول» قصة تأثير الفقد على الأطفال، من خلال طفل صغير يموت والده فجأة ويجد صعوبة بالغة في تقبل فكرة الموت، وبينما تنشغل الأم باستقبال المعزين، يتسلل الصغير إلى مقبرة أبيه، ويرفض مغادرتها على الرغم من مطاردة الحارس له، ويقوده ذلك إلى لقاء عفوي مع العم «سالم» الذي يعمل نجاراً، وحين تضع الأم مولوداً جديداً، يساعده «سالم» لكي يتجاوز أحزانه، ليدرك الطفل مع الوقت أن الموت هو الوجه الآخر للحياة، وأن الحب والذكريات يُبقيان الأحبة قريبين إلى الأبد. الفيلم من بطولة يوسف شيخ، ووليد باعشن، وابتسام محمد، وعائشة الرفاعي، ومن إنتاج وإخراج ممدوح سالم، والسيناريو والحوار لفاروق الشعيبي.

شارك الفيلم في الدورة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» ضمن برنامج «أفلام السعودية الجديدة» الذي سلط الضوء على 21 فيلماً قصيراً وطويلاً تحمل رؤى وأفكاراً جديدة لصناع أفلام سعوديين، من بينهم المخرجة هيفاء المنصور وأحدث أفلامها «المجهولة».

المخرج السعودي ممدوح سالم (صفحته على فيسبوك)

بدأ ممدوح سالم نشاطه الفني ممثلاً ومخرجاً ومنتجاً للعروض المسرحية والسينمائية، وقدم 8 أفلام ما بين وثائقية وروائية، إلى جانب عروضه المسرحية وأعماله الدرامية بالتلفزيون.

وتعود قصة الفيلم إلى ما قبل 10 سنوات، حين ذهب المخرج لوداع جده، ولفت نظره طفل في جنازة أخرى بدا عليه التأثر الشديد... يقول سالم: «جذبني الطفل بحالة الحزن التي تسكن روحه، فهو لم يختبر معنى الفقد والغياب، كيف يستوعب عقله الصغير كل ذلك؟ وظلت الفكرة في رأسي، وبنيتُ عليها الفيلم، وكتبتُ معالجة، وكتب فاروق الشعيبي السيناريو والحوار»، ويلفت سالم إلى أن «الهندول» يرمز إلى الحياة، «فالكلمة نفسها تعني سرير الطفل الرضيع»، مشيراً إلى أن فيلمه يقدم مقاربات بين الحياة والموت.

ويسوق المخرج مقاربات رمزية تعكس ذلك ما بين: النعش والهندول، والسرير والقبر، والليل والنهار، فالنجار الذي يصنع السرير هو أيضاً من يصنع نعش الموت. ويتابع: «لم يكن على بالي أن أقدم فيلماً قصيراً؛ لأنني أعكف على تحضيرات فيلمي الروائي الطويل الأول، لكن الفكرة كانت تُلح عليّ، وكل من قرأ السيناريو من أصدقاء أثق بهم تحمس له».

ولأول مرة تصوَّر مشاهد فيلمية داخل مقبرة حقيقية، وكان هذا تحدياً كبيراً، مثلما يقول سالم... «يُمنع في المملكة التصوير داخل مقبرة؛ لذا رفعنا طلباً إلى الجهات الرسمية وساعدتنا (هيئة الأفلام) في ذلك، وقد اعتمدت في التصوير على اللقطات الواسعة لُتظهر جانباً من معالم جدة التاريخية بأحيائها القديمة، وكذلك ظهرت ملامح المدينة في لقطات خروج الطفل من منزله».

الفيلم من إنتاج ممدوح سالم أيضاً وبدعم جزئي من «هيئة الأفلام» بنسبة 40 في المائة من تكلفته عبر برنامج «ضوء». وأخرج سالم 8 أفلام قصيرة ووثائقية، من بينها «ليلة البدر» عام 2007، وهو وثائقي شارك في «مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية»، وعُرض في 12 مهرجاناً، ويتناول الحياة الاجتماعية في الحجاز، كما حاز تكريماً من «استوديو كازان».

ممدوح سالم وفريق عمل الفيلم في «مهرجان البحر الأحمر» (صفحة سالم على فيسبوك)

وفي فيلم «جدة ملتقى الثقافات والحضارات» تناول سالم أحداث السيول التي شهدتها مدينته جدة قبل سنوات، وحصل به على جائزة «أفضل فيلم وثائقي» في «مهرجان مسقط السينمائي»، كما أخرج فيلماً وثائقياً هو «صقر الجزيرة» عن توحيد السعودية، وله أيضاً فيلم «رواشين» الذي تطرق إلى الطراز المعماري في جدة التاريخية.

ورغم بداياته ممثلاً مسرحياً، وتقديمه عروضاً ممثلاً ومخرجاً ومنتجاً، فإن سالم انشغل في أعمال بعيدة عن التمثيل، مؤكداً أنه أراد أن يركز أكثر في الإنتاج والإخراج والتوزيع السينمائي عبر شركته التي أسسها قبل سنوات.

وبدأ ممدوح سالم نشاطه الفني عقب تخرجه في الجامعة عام 2000، وحصل على دبلومة في إنتاج وإخراج الأفلام، وشارك في ورشات سينمائية عدة، وكان قد شارك ممثلاً في نحو 24 عملاً بين الدراما والكوميديا، من بينها مسلسل «بابا فرحان» الذي صدر في 18 جزءاً.

وظهر سالم في الفيلم السعودي الوثائقي «ضد السينما» للمخرج علي سعيد، بصفته أحد صناع الأفلام الذين نفذوا مبادرات مهمة أحدثت حراكاً سينمائياً مبكراً، ويتحدث عن مبادرته قائلاً: «أطلقت عام 2006 أول مهرجان سينمائي سعودي بعنوان (مهرجان جدة للعروض المرئية) ثم صدر قرار بوقفه في 2009، كما أقمت أول عروض سينمائية عام 2008 بعرض الفيلم السعودي (مناحي) من إنتاج (روتانا) في مدن جدة والطائف والرياض، وكنا نعرض الأفلام في قاعات مسرحية، وأحدثت حراكاً في مسار السينما السعودية».

وما بين الأمس واليوم، يبدو الفارق كبيراً مثلما يقول: «الوضع اختلف تماماً مع (رؤية المملكة 2030)، فقد أصبح هناك دعم كبير للثقافة؛ مما أحدث نهضة ثقافية كبيرة، سواء على مستوى السينما، ومستوى العروض المسرحية، وأتاح لكثير من المواهب أن تنطلق»، ويلفت سالم إلى أن «فرصاً هائلة متاحة للشباب أكثر من أيامنا، وهناك تجارب واعدة لصناع أفلام لديهم فكر ناضج ورؤى مختلفة، وهذا التنوع يصُب في مصلحة الثقافة السعودية»، وفق تعبيره.


في 2025... نجوم السينما لا تتلألأ كما بالأمس

دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)
دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)
TT

في 2025... نجوم السينما لا تتلألأ كما بالأمس

دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)
دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)

عندما تبين أن فيلم «الآلة المدمّرة» (The Smashing Machine) فشل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في استقطاب جمهور بطله دواين جونسون أو أي جمهور آخر، علق الممثل المعروف قائلاً: «النجاح ليس بالأرقام وحدها». هذا القول، بالنسبة لممثل يُقال إنه يتقاضى 50 مليون دولار عن كل فيلم، لا يقلل من أهميته المهنية؛ فهو درس مهم مفاده عدم الخروج عن القوالب التي تعوّد الجمهور على رؤيته فيها. لقد أحبّه الجمهور في نوع أو نوعين فقط، ومن الأفضل الحفاظ على هذه الصورة للبقاء على سدّة النجاح من دون ثقب أسود.

لكن، كيف نلوم ممثلاً وجد سيناريو مختلفاً عن المعتاد، وقام بأداء دور جديد قد يفتح له المجال ليصبح ممثلاً درامياً حقيقياً، يطمح لقراءة اسمه ضمن قوائم الترشيحات؟ دور يقدّمه بصفته ممثلاً، لا بصفته مجرد شكل بطولي يعتمد على القوة البدنية فقط؟

الفيلم الذي دمّر نفسه

محاولة جونسون فشلت... الفيلم عن حياة المصارع مارك كر لم يرقَ للتوقعات (A24)

محاولة جونسون باءت بالفشل لأن الفيلم، الذي يروي جزءاً من سيرة المصارع مارك كر، لم يكن على مستوى التوقعات. لم يكن الفيلم سيئاً إلى حدٍّ مرفوض، لكنه لم يكن جيداً بما يكفي. هذا أمر لا يمكن لوم جونسون عليه، بل هو نتيجة كتابة وإخراج بيني صفدي، وتبنته شركة الإنتاج (A24) على أساس أنه فيلم ناضج لجمهور يقدّر القيمة الفنية.

هذا يعني بكلمات، أن الجمهور المستهدف كان ممن تجاوزوا منتصف الثلاثينات، وقدروا أفلام الشخصيات الناضجة. لكن المرير أن هذه الفئة لم تتجه إلى الصالات إلا بنسبة 8 في المائة مقارنة بالجمهور الشاب الذي توقع فيلم مغامرات مليء بالإثارة الرياضية.

شركة الإنتاج راهنت على أن اسم دواين جونسون سيكون كافياً لتجاوز أي عثرات، فأطلقت الفيلم في نحو 3000 صالة في شمال أميركا (الولايات المتحدة، والمكسيك، وكندا) بدل اعتماد نظام عروض محدود لبناء الجمهور تدريجياً عبر تأثير الكلمة الشفهية «Word of Mouth» اختيار معاملة الفيلم كأي فيلم سابق من بطولة جونسون كان فشلاً جسيماً كلَّف الشركة 50 مليون دولار (بالإضافة لأجر الممثل). هذا إلى جانب أن الأسواق العالمية باتت، منذ سنوات، مصابة بآفات السوق المعهودة داخل الولايات المتحدة، فما ينجح فيها سينجح (غالباً) حول العالم، وما يفشل فيها سيفشل خارجها.

طغيان النوع

لكن جونسون ليس الوحيد بين الممثلين الذين ساروا على درب معيَّن ثم حاولوا تجربة الخروج منه صوب دور مختلف ليجدوا أن ترحاب المعجبين (ما بين 18 و36 سنة) لم تتماثل مع الأدوار التي اشتهروا بها.

هذا ليس وليد اليوم، ففي زمن سابق حاول رهط من الممثلين الذكور والإناث الخروج من القالب المعتاد صوب آخر ليكتشفوا أن ما كان في البال لم يتحقق. من بين هؤلاء سكارلت جوهانسن في «شبح في الصدفة» (Ghost in the Shell) سنة 2017، وروبرت داوني جونيور في «دوليتل» (2020)، وڤِن ديزل في «جدني مذنباً» (Find Me Guilty) في 2006، وسواهم.

جنيفر لورنس كما ظهرت في «مُت يا حبيبي» (إكسيلانت كاداڤر برودكشنز)

هؤلاء الممثلون قدموا أعمالاً جماهيرية ضخمة مثل «آيرون مان»، وسلسلة «ذا أفنجرز» (بالنسبة لجوهانسن وداوني)، و«سريع وغاضب» (Fast and Fury) بالنسبة لڤِن ديزل. ومع تدجين هوليوود للجمهور لمتابعة أفلام الأكشن ومسلسلات الكوميكس، أصبح النوعان طاغيين على مستقبل الممثل وقيمته الفنية، ما يُحدِّد نجاحه أو فشله. إذا حاول الممثل إظهار مهاراته التمثيلية الحقيقية، غالباً ما تواجهه نسبة فشل أعلى من النجاح.

نجوم حقيقيون

نتيجة ما سبق أصبح تأثير الممثل على شباك التذاكر أقل، مقابل صعود تأثير الفيلم نفسه. خذ مثلاً كريس هيمسوورث، أو روبرت داوني جونيور، أو سكارلت جوهانسن؛ أو أي نجم من نجوم سلسلة «The Avengers»، ستجد أن الإقبال لن يتأثر على أي جزءٍ جديد من السلسلة إلا بنسبة بسيطة قد لا تتجاوز 10 في المائة، ما دام الممثلون الباقون موجودين فيه.

بذلك بات الممثلون في هذه المسلسلات، مثل توم هولاند في «سبايدر مان»، ورايان رينولدز في «Deadpool»، ودواين جونسون في «جومانجي»، يعيشون في فخ أو حقل ألغام بلا خريطة.

هذا لم يكن الحال في سابق سنوات هوليوود، حين كان بإمكان الممثل اختيار أدواره بحرية دون عواقب كبيرة. نتحدّث عن همفري بوغارت، وريتا هايوورث، وهنري فوندا، ومارلون براندو وإليزابث تايلور، وصولاً إلى أنطوني هوبكنز، وكلينت إيستوود، وبيرت رينولدز، وعشرات آخرين انتقلوا من الكوميديا إلى الدراما ومن فيلم بوليسي إلى فيلم حربي، أو وسترن بالنجاح نفسه. هؤلاء كانوا نجوماً يتلألأون في كل مناسبة وإن فشل أحد أفلامهم فإن ذلك لا يشكل ضربة مؤثرة، بل مجرد حكّة بسيطة وعابرة.

سكارلت جوهانسن أخرجت وأنتجت «إليانور العظيمة» (سوني كلاسيكس)

هذا العام تعددت النماذج التي تشهد بأن النجومية لم تعد تتلألأ كما سبق لها أن فعلت قبل طغيان أفلام الكوميكس وباقي المسلسلات.

إلى جانب فشل جونسون في مهمّته التدميرية وجدنا جنيفر لورنس تواجه المعضلة نفسها عبر فيلمها الأخير «مت يا حبيبي» (Die My Love). زميلتها سكارلت جوهانسن أقدمت على إنتاج وإخراج فيلم عن الهولوكوست عنوانه «إليانور العظيمة» (Eleanor the Great) وحصدت فشلاً ذريعاً، كذلك الحال مع جوليا روبرتس في «بعد الصيد» (After the Hunt)، وجوني ديب في «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون» (Three Days on the Wing of Madness) من بين أمثلة قليلة أخرى.

هذا ما خلفه الاعتماد على أفلام لا معنى لها تُنتج بمئات ملايين الدولارات لأن الجمهور السائد يرغب في الترفيه عن نفسه في كل يوم من أيام السنة. الممثلون يلتقطون هذه الأدوار لأنها عمل مضمون بأجر كبير، لكن إذا ما كانت آمالهم معلّقة بأدوار مختلفة وعميقة وتمنح جوائز، فإن الخروج عن الموديل السائد سيعني، في غالب الأحوال، ذلك النوع من الفشل الذي يبقى في البال طويلاً ويجعل الممثل خائفاً من فشل آخر قد يهبط بأجره المادي.


«SRMG» و«Snapchat» لشراكة استراتيجية لتعزيز الابتكار الإعلامي ونمو صناع المحتوى

ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
TT

«SRMG» و«Snapchat» لشراكة استراتيجية لتعزيز الابتكار الإعلامي ونمو صناع المحتوى

ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)
ندى المبارك الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية وعبد الله الحمادي المدير العام لـ«Snapchat» بالسعودية في أثناء توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

أعلنت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) و«سناب شات» (Snapchat) شراكة استراتيجية تهدف إلى دفع عجلة الابتكار الإعلامي، وتطوير منظومة صُناع المحتوى، وتقديم حلول تجارية متكاملة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتجمع هذه الشراكة بين علامات «SRMG» الرائدة التجارية الإعلامية، وخبرتها العميقة في صناعة المحتوى، وقدراتها، وبين منصة «Snapchat»، التقنية ومنظومتها الواسعة من صناع المحتوى. وسيعمل الشريكان معاً على استكشاف نماذج جديدة للسرد القصصي، وتعزيز تفاعل الجمهور، وتطوير سبل التعاون الإعلاني، بما يعكس التطور المتسارع للمشهد الإعلامي الرقمي إقليمياً وعالمياً.

وترتكز الشراكة على خمس ركائز استراتيجية تشمل: الإعلام، والمحتوى، وصُناع المحتوى، والرياضة، والابتكار التجاري. كما تتضمّن تطوير صيغ تحريرية وقصصية جديدة مدعومة بأدوات منصة «Snapchat»، وإطلاق مبادرات تدريبية متخصصة بالتعاون مع أكاديمية «SRMG»، ووضع استراتيجيات محتوى مشتركة تهدف إلى دعم المواهب الصاعدة وبناء منظومات قابلة للتوسع لصُناع المحتوى.

كما تتمحور هذه الشراكة حول التزام مشترك ببناء نماذج إعلامية مستدامة تجارياً، ومتجذرة في المشهدَين الثقافي والرقمي للمنطقة. وتؤمن كل من «Snapchat» و«SRMG» بأن المحتوى والتجارب التي يصوغها الجمهور المحلي ليست أكثر جاذبية فحسب، بل هي أيضاً أعلى قيمة للعلامات التجارية. ومن خلال الدمج بين البيئات الإعلامية النوعية، وأساليب السرد القصصي التي تحتويها المنصة، والتخطيط التجاري المشترك، تهدف هذه الشراكة إلى فتح آفاق أوسع للفرص، وتقديم أعمال ذات كفاءة أعلى، وتوسيع النطاق، وتحقيق نتائج ملموسة للمعلنين في المملكة العربية السعودية والمنطقة ككل.

وقالت ندى المبارك، الرئيسة التنفيذية لـ«SRMG» للحلول الإعلامية: «تعكس هذه الشراكة استراتيجية (SRMG) طويلة المدى لبناء منظومة إعلامية مترابطة، تعتمد على البيانات، وتتمتع بمرونة اقتصادية عالية. وذلك من خلال المواءمة بين محتوانا ومواهبنا وقدراتنا التجارية مع الابتكار التقني لمنصة (Snapchat)، وابتكار مسارات أكثر فاعلية للمعلنين، مع دعم الجيل القادم من صُناع المحتوى في جميع أنحاء المنطقة».

من جانبه، قال عبد الله الحمادي، المدير العام لـ«Snapchat» في السعودية: «في ظل التسارع الذي يشهده قطاع الإعلام والتقنية في السعودية، فإن التزامنا يُعد طويل الأمد وعميق الارتباط بالمشهد المحلي. ومع وجود أكثر من 26 مليون شخص يستخدمون (Snapchat) شهرياً في المملكة، أصبحنا جزءاً من أسلوب الحياة اليومي لهذه السوق. ونظراً إلى ما تتمتع به (SRMG) من حجم وتأثير وريادة، فإنها تُعد الشريك الأنسب لتوسيع هذا الأثر المتنامي. معاً، نجمع قوتَين بارزتَين جنباً إلى جنب، تتمتع كل منهما بنقاط قوة مكملة للأخرى، لخلق أوجه تعاون جديدة تُمكّن صناع المحتوى، وترتقي بالعلامات التجارية، وتُسهم بشكل هادف في رؤية المملكة لهذا القطاع».

وتحظى «Snapchat» بمكانة قوية واستثنائية في السعودية، مدفوعةً بمعدلات تفاعل يومية عالية، ومنظومة متنامية من صُناع المحتوى المحليين، وارتباط ثقافي عميق مع مختلف فئات المجتمع في السعودية. وللمعلنين، تُعد «Snapchat» منصة أثبتت فاعليتها من حيث الأداء، حيث تحقق نتائج قوية عبر مراحل الإعلان المختلفة، وذلك من خلال صيغ مُصممة لتتوافق مع طرق التواصل والتفاعل الطبيعية للناس.

ومن المقرر أن تنطلق الشراكة عبر مراحل متعددة تبدأ في عام 2026، مع تفعيل المبادرات عبر العلامات التجارية الإعلامية التابعة لـ«SRMG»، وتقديم الحلول المشتركة بقيادة «SRMG» للحلول الإعلامية.