ترمب يهاجم الأمم المتحدة من تحت قبتها ويحض على الاقتداء بأميركا

رفض الاعترافات بفلسطين ودعا إلى وقف حرب غزة «فوراً» وإطلاق الرهائن «الآن»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

ترمب يهاجم الأمم المتحدة من تحت قبتها ويحض على الاقتداء بأميركا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)

استخدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطابه الأول في ولايته الثانية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين، لمهاجمة ما تنادي به من قيم عالمية، داعياً الزعماء الأوروبيين إلى مكافحة الهجرة التي ستؤدي إلى «موت أوروبا» وإلى مواجهة «خدعة» تغيّر المناخ. وحمل على إخفاقاتها المتكررة في منع النزاعات، مطالباً بوقف الحرب في غزة «فوراً» مع إعطاء أولوية لإطلاق الرهائن الإسرائيليين، ومنتقداً الاعترافات التاريخية بدولة فلسطين، ومكرراً أنه لن يسمح لإيران بصنع سلاح نووي.

وجاء ذلك بعد يوم واحد من الاعترافات التاريخية بدولة فلسطين من دول عديدة، منها فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)

وكان ترمب في مقدم العشرات من رؤساء الدول والحكومات والمئات من المسؤولين الكبار، الذين جاؤوا إلى نيويورك للمشاركة في اليوم الأول من الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الثمانين للجمعية العامة. وعندما صعد إلى المنصة الرخامية الخضراء الشهيرة لإلقاء خطابه، تبيّن له أن شاشات جهاز التلقين لم تعمل، فقال مازحاً إن «من يُشغّل جهاز التلقين هذا في ورطة كبيرة». ثم بدأ بقراءة خطابه المكتوب على الورق، فقال: «ست سنوات مضت منذ آخر مرة وقفتُ فيها في هذه القاعة الكبرى وخاطبتُ عالماً كان مزدهراً وينعم بالسلام في ولايتي الأولى»، عادّاً أن الولايات المتحدة عانت «أربع سنوات من الضعف والفوضى والتطرف في ظل الإدارة السابقة» للرئيس السابق جو بايدن. ولكن «بعد ثمانية أشهر فقط من إدارتي، صرنا أكثر دول العالم حرارة»، لأن «أميركا تتمتع بأقوى اقتصاد، وأقوى حدود، وأقوى جيش، وأقوى صداقات، وأقوى روح بين كل دول العالم»، مدعياً أن «هذا هو العصر الذهبي لأميركا». وتطرق إلى «إنجازات عديدة» محلية أميركية لإدارته في غضون وقت قياسي، ومنها ضبط الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، حيث «نجحنا في صد غزو هائل» من الأجانب غير الشرعيين.

وأشار إلى أنه سافر في مايو (أيار) الماضي إلى الشرق الأوسط «لزيارة أصدقائي وإعادة بناء شراكاتنا في الخليج، وأعتقد أن تلك العلاقات القيمة مع المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى أصبحت الآن أقرب من أي وقت مضى». وأضاف: «تفاوضت إدارتي على صفقة تجارية تاريخية تلو الأخرى، بما في ذلك مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وإندونيسيا والفلبين وماليزيا والعديد والعديد من الدول الأخرى». وادعى أيضاً أنه «في فترة سبعة أشهر فقط، أنهيت سبع حروب لا نهاية لها».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على هامش الجلسة الثمانين للجمعية العامة بنيويورك الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقطع ترمب كلمته ليقول إن جهاز التلقين عاد ليعمل. وقال إن «الأمرين اللذين حصلتُ عليهما من الأمم المتحدة، هما سلم متحرك سيئ وجهاز تلقين سيئ». وأضاف: «أدركتُ أن الأمم المتحدة لم تكن موجودة من أجلنا» رغم أنها «تمتلك إمكانات هائلة (...) لكنها لا ترقى إلى مستوى إمكاناتها في معظم الأحيان»، بل إن «كل ما يفعلونه هو كتابة رسالة شديدة اللهجة ثم لا يُتابعونها. إنها كلمات جوفاء، والكلمات الفارغة لا تحل الحروب».

وتطرق إلى اتفاقات إبراهيم للسلام والتطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مضيفاً أن «الجميع يقولون إنني يجب أن أحصل على جائزة نوبل للسلام»، مؤكداً أن «ما يهمني ليس الفوز بالجوائز، بل إنقاذ الأرواح». وذكّر بأنه «قبل سنوات عديدة، قدّم مطور عقاري ناجح للغاية في نيويورك، يُعرف باسم دونالد ترمب، عرضاً لتجديد وإعادة بناء هذا المجمع التابع للأمم المتحدة (...) مقابل 500 مليون دولار». لكن قادة الأمم المتحدة «أنفقوا ما بين مليارين وأربعة مليارات دولار على المبنى». وقال: «لسوء الحظ، تحدث أشياء كثيرة في الأمم المتحدة تماماً مثل ذلك، ولكن على نطاق أكبر بكثير، أكبر بكثير، من المحزن للغاية أن نرى ما إذا كانت الأمم المتحدة تستطيع أن تلعب دوراً مثمراً».

وقال ترمب إنه «يجب أن نرفض الأساليب الفاشلة في الماضي وأن نعمل معاً لمواجهة بعض أعظم التهديدات في التاريخ». ولذلك «جعلت احتواء هذه التهديدات أولوية قصوى، بدءاً من إيران»، مشدداً على أنه «لا يُمكن السماح للراعي الأول للإرهاب في العالم بامتلاك أخطر سلاح». وأشار إلى عملية «مطرقة منتصف الليل»، التي أسقطت فيها سبع قاذفات أميركية من طراز «بي 2» 14 قنبلة، كل منها يزن 30 ألف رطل، على المنشآت النووية الرئيسية في إيران، مما أدى إلى تدمير كل شيء تماماً. وقال: «لدينا أعظم الأسلحة على وجه الأرض». وتطرق إلى حرب غزة، فقال إن «حماس رفضت مراراً عروضاً معقولة لصنع السلام»، مضيفاً: «أن يسعى بعض هذا الجسم إلى الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية (...) هو بمثابة مكافآت كبيرة للغاية بالنسبة لإرهابيي حماس على فظائعهم» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ورأى أنه «بدلاً من الإذعان لمطالب حماس بالفدية، على من يريدون السلام أن يتحدوا على رسالة واحدة: أطلقوا الرهائن الآن. فقط أطلقوهم الآن». وقال: «علينا أن نوقف الحرب في غزة فوراً».

السيدة الأميركية ميلانيا ترمب تستمع لكلمة الرئيس ترمب في الأمم المتحدة بنيويورك الاثنين (إ.ب.أ)

وقال ترمب: «عملت أيضاً بلا كلل على وقف القتل في أوكرانيا»، مستفيداً من علاقته الجيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين». وكرر أنه «لم تكن هذه الحرب لتبدأ قط لو كنت رئيساً». وانتقد دول الناتو التي «لم تقطع الكثير من الطاقة الروسية ومنتجات الطاقة الروسية، وهو الأمر الذي، كما تعلمون، اكتشفته منذ نحو أسبوعين، ولم أكن سعيداً»، مضيفاً أنه «في حال لم تكن روسيا مستعدة لعقد صفقة لإنهاء الحرب، فإن الولايات المتحدة مستعدة تماماً لفرض جولة قوية من الرسوم الجمركية، التي أعتقد أنها ستوقف إراقة الدماء بسرعة. لكن لكي تكون هذه الرسوم فعالة، يجب على الدول الأوروبية، وأنتم جميعاً مجتمعون هنا الآن، الانضمام إلينا في تبني الإجراءات نفسها تماماً».

الأسلحة النووية والبيولوجية

وتكلم ترمب عن الحد من الأسلحة الخطيرة، داعياً كل الدول إلى «الانضمام إلينا في وضع حد نهائي» لتطوير الأسلحة البيولوجية والأسلحة النووية، مذكراً بأنه «قبل بضع سنوات فقط، أدت التجارب المتهورة في الخارج إلى جائحة عالمية مدمرة» في إشارة إلى فيروس «كورونا» ومرض «كوفيد 19»، مضيفاً أنه «رغم تلك الكارثة العالمية، تواصل العديد من الدول أبحاثاً بالغة الخطورة في مجال الأسلحة البيولوجية ومسببات الأمراض من صنع الإنسان». وأعلن أن إدارته «ستقود جهداً دولياً لتطبيق اتفاقية الأسلحة البيولوجية، بمشاركة كبار قادة العالم من خلال تطوير نظام تحقق قائم على الذكاء الاصطناعي يمكن للجميع الوثوق به»، آملاً في أن «تضطلع الأمم المتحدة بدور بناء» فيه وفي «أحد أوائل المشاريع في مجال الذكاء الاصطناعي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى نزوله من على المنصة بعد الانتهاء من كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (أ.ف.ب)

وحمل على الأمم المتحدة التي «في الواقع تخلق مشاكل جديدة علينا حلها»، عادّاً أن «خير مثال على ذلك هو القضية السياسية الأهم في عصرنا، أزمة الهجرة غير المنضبطة». ورفض «فكرة السماح لأعداد كبيرة من الناس من دول أجنبية بالسفر إلى نصف الكرة الأرضية»، مضيفاً أن «الهجرة وأفكارهم الانتحارية ستؤدي إلى موت أوروبا الغربية». وحذر زعماء بلدان مثل ألمانيا والنمسا واليونان وسويسرا من أنها باتت «على وشك الانهيار» بسبب المهاجرين، داعياً إياهم إلى الاقتداء بما تفعله إدارته حيال المهاجرين المدفوعين من «عصابات المخدرات المتوحشة» مثل «ترين دي أراغوا» في فنزويلا بقيادة الرئيس نيكولاس مادورو الذي يدعم «كل بلطجي إرهابي يهرب المخدرات السامة إلى الولايات المتحدة».

وتطرق إلى أن الولايات المتحدة ستحتفل العام المقبل بالذكرى الـ250 لاستقلالها، داعياً العالم إلى «الاحتفال بمعجزات التاريخ التي بدأت في 4 يوليو (تموز) 1776» مع استقلال الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بعد الانتهاء من كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك الثلاثاء (أ.ف.ب)

وبعد خطابه، عقد الرئيس ترمب سلسلة لقاءات، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. واجتمع لاحقاً مع زعماء وممثلي كل من المملكة العربية السعودية وقطر ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن وإندونيسيا وتركيا وباكستان.

عصر الاضطرابات

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ألقى الكلمة الأولى مع بدء الاجتماعات الرفيعة المستوى، قائلاً إن الأمم المتحدة «بوصلة أخلاقية وقوة للسلام وحفظه وحامية للقانون الدولي ومحفز للتنمية المستدامة وشريان حياة للناس في الأزمات ومنارة لحقوق الإنسان». وإذ أشار إلى تحديات العصر، قال: «دخلنا عصراً من الاضطرابات المتهورة والمعاناة الإنسانية المتواصلة»، مضيفاً أن «ركائز السلام والتقدم تنهار تحت وطأة الإفلات من العقاب، وعدم المساواة، واللامبالاة».

وتحدث عن المدنيين الذين «يُقتلون ويُجوعون وتُسكت أصواتهم في السودان»، وكذلك عن حرب غزة وما فيها من «أهوال - التي تشرف على عام وحشي آخر - ناجمة عن قرارات تتحدى أبسط قواعد البشرية»، مطالباً بتطبيق التدابير الموقتة الملزمة قانوناً، التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في قضية «تطبيق اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة». وشدد على ضرورة مواصلة الجهود على مسار حل الدولتين الذي يعد الحل الوحيد القابل للتطبيق لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وتبعته رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بايربوك التي افتتحت رسمياً أعمال المناقشة العامة السنوية التي تستمر حتى 29 سبتمبر (أيلول) الحالي. ولاحظت أنه «على مدى نحو ثمانين عاماً، لم تختر هذه المنظمة امرأة لهذا المنصب قط». وتساءلت: «كيف لم يتسن العثور على امرأة واحدة من بين أربعة مليارات مرشحة محتملة؟ بالطبع، الخيار يقع على عاتق الدول الأعضاء».

ووفقاً للعرف المتبع منذ عقود، كان الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أول المتحدثين، فقال إن سلطة الأمم المتحدة آخذة في التضاؤل. وأضاف: «نحن نشهد ترسيخ نظام دولي جرت عرقلته من خلال تنازلات متكررة للعب القوة».

ودعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دول العالم اليوم إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، وذلك في أعقاب الخطوات التي اتخذتها قوى غربية، وحث على وقف إطلاق النار في غزة بأسرع وقت ممكن. وقال إن «الإبادة الجماعية مستمرة في غزة، حتى في الوقت الذي نجتمع فيه هنا».


مقالات ذات صلة

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
تحليل إخباري الكمبيوتر العملاق «أندروميدا» من شركة «سيريبراس سيستمز» في مركز للبيانات في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

تحليل إخباري العولمة الجديدة وخطر السقوط في هاوية الاستبداد

خفت كثيراً وهج التعدد والتمايز، وصارت مجتمعات عديدة تتشابه إلى حد «الملل» مع ضمور العديد من العادات والتقاليد إلى حد تهديد الهويات.

أنطوان الحاج
آسيا أفراد من الشرطة الأفغانية في احتفال تخرّج بجلال آباد يوم 11 ديسمبر الحالي (إ.ب.أ)

2000 مقاتل بتنظيم «داعش - خراسان» ينشطون في أفغانستان

أورد تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم «داعش - خراسان» يحتفظ بنحو 2000 مقاتل في أفغانستان ويلقن الأطفال دون سن 14 عاماً أفكاره ويهدد الأمن الإقليمي بعمليات إرهابية.

«الشرق الأوسط» (كابل)

مادورو يطالب ترمب بالاهتمام بأميركا بدل التركيز على فنزويلا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)
TT

مادورو يطالب ترمب بالاهتمام بأميركا بدل التركيز على فنزويلا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا (أ.ب)

وجّه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تحذيراً جديداً للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مطالباً إياه بالتنحي، في تصريحات أثارت مزيداً من التوتر بين البلدين، في وقت ضرب فيه الجيش الأميركي قارباً آخر، شرق المحيط الهادئ، يشتبه في تهريبه المخدرات إلى الولايات المتحدة، ما أدى إلى مقتل شخص واحد.

وكان ترمب محاطاً بكبار مساعديه في مجلس الأمن القومي، وأبرزهم وزيرا الخارجية ماركو روبيو والدفاع بيت هيغسيث، حين أعلن في فلوريدا خططاً لبناء سفينة حربية كبيرة جديدة. ولمح إلى أنه مستعد لتصعيد حملة الضغط التي بدأها منذ 4 أشهر ضد حكومة مادورو، التي بدأت بهدف مُعلن، هو وقف تدفق المخدرات غير المشروعة من فنزويلا، لكن أهدافها الحقيقية لا تزال غامضة.

ورداً على سؤال عما إذا ‌كان الهدف هو ‌إجبار مادورو على التنحي، أجاب ترمب: «حسناً، أعتقد أن ذلك على الأرجح... الأمر متروك له في ما يريد أن يفعله. أعتقد أنه سيكون من الحكمة منه أن يفعل ذلك. ولكن مرة أخرى، سنكتشف ذلك». وأضاف أنه «إذا أراد أن يفعل شيئاً، أو أن يبدي شجاعة في المواجهة، فستكون هذه هي المرة الأخيرة التي يستطيع فيها القيام بذلك».

طائرة حربية أميركية تقلع من قاعدة في بورتوريكو (رويترز)

واستهدف ترمب في تصريحاته أيضاً الرئيس الكولومبي غوستافو ‌بيترو، معتبراً أنه «ليس صديقاً للولايات المتحدة. إنه سيئ جداً. رجل سيئ للغاية. عليه أن يحذر لأنه يصنع الكوكايين ويرسلونه إلى الولايات المتحدة».

وتزامن هذا التهديد مع مواصلة خفر السواحل الأميركي مطاردة ناقلة نفط خاضعة للعقوبات، وتصفها إدارة ترمب بأنها جزء من «أسطول ظل» تستخدمه فنزويلا للالتفاف على العقوبات الأميركية. وحتى الثلاثاء، لم تسيطر القوات الأميركية على الناقلة التي «ترفع علماً مزيفاً». بيد أن ترمب قال: «سنحصل عليها في النهاية».

وهذه الناقلة هي الثالثة التي يطاردها خفر السواحل الأميركي، علماً أنه صادر سفينة باسم «سنتشاريز»، السبت الماضي، وقبلها الناقلة «سكيبر» في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وبعد عملية الاستيلاء الأولى، أعلن ترمب فرض «حصار» على فنزويلا، مؤكداً أن أيام مادورو في السلطة «معدودة».

وعندما سئل عما سيحدث للنفط المصادر، قال ترمب: «ربما سنبيعه، وربما سنحتفظ به»، مضيفاً أنه قد يستخدم أيضاً لسدّ النقص في الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة.

«قرصان الكاريبي»

مؤيدون لحكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في كراكاس (أ.ب)

ومن دون أن يشير مباشرة إلى هذه التصريحات من ترمب، رأى مادورو أن على كل زعيم أن يهتم بالشؤون الداخلية لبلده. وقال: «إذا تحدثت معه مرة أخرى، سأقول له إن على كل بلد أن يهتم بشؤونه الداخلية»، في ‌إشارة إلى مكالمة هاتفية بينهما في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ورأى أنه «من غير المعقول أن يخصص (ترمب) 70 في المائة من خطاباته ومن تصريحاته ومن وقته، لفنزويلا. ماذا عن الولايات المتحدة؟ الولايات المتحدة المسكينة التي تحتاج إلى مساكن ووظائف يجب توفيرها! فليهتم كل ببلده».

والاثنين، تنكر عشرات راكبي الدراجات النارية في زي قراصنة، وجابوا شوارع كراكاس احتجاجاً على مطاردة الولايات المتحدة السفن التي تحمل النفط الفنزويلي. وقال أحدهم: «خرجنا للتنديد بأكبر قرصان في منطقة الكاريبي».

وقالت وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، التي تشرف وكالتها على خفر السواحل، عبر شبكة «فوكس نيوز» الأميركية للتلفزيون، إن استهداف ناقلات النفط يهدف إلى توجيه «رسالة إلى العالم، مفادها أن النشاط غير القانوني الذي يمارسه مادورو لا يمكن السكوت عنه»، مضيفة أنه «يجب أن يرحل، وأننا سندافع عن شعبنا».

وفي غضون ذلك، كشف مسؤول استخباري أوروبي، طلب عدم نشر اسمه، أن وزارة الخارجية الروسية بدأت بإجلاء عائلات الدبلوماسيين من كراكاس، موضحاً أن عمليات الإجلاء، التي بدأت الجمعة الماضي، تشمل النساء والأطفال. وأضاف أن مسؤولي وزارة الخارجية الروسية يُقيّمون الوضع في فنزويلا بنبرة «قاتمة للغاية».

استهداف جديد

صورة بالأقمار الاصطناعية للناقلة «سكيبر» التي صادرتها القوات الأميركية (رويترز)

في غضون ذلك أيضاً، واصلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بأوامر من الرئيس ترمب، حملتها لشنّ هجمات على قوارب صغيرة في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ.

وأعلنت القيادة الجنوبية الأميركية توجيه ضربة جديدة لقارب في المحيط الهادئ. ونشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن «المعلومات الاستخبارية أكدت أن القارب، الذي كان يسير في منطقة هادئة، كان يعبر طرق تهريب مخدرات معروفة في شرق المحيط الهادئ، وكان يُشارك في عمليات تهريب مخدرات». وأكدت مقتل شخص كان على متن القارب.

ويُظهر مقطع فيديو، نشرته القيادة الجنوبية، تناثر الماء قرب أحد جوانب القارب. وبعد وابل ثانٍ من الصواريخ، اشتعلت النيران فيه. ثم اجتاح مزيد من الصواريخ القارب، وازدادت النيران اشتعالاً. وفي الثانية الأخيرة من الفيديو، يُمكن رؤية القارب ينجرف في الماء، وبجانبه كتلة كبيرة من اللهب.

وحتى الآن، قُتل ما لا يقل عن 105 أشخاص في 29 غارة معروفة منذ 2 سبتمبر (أيلول) الماضي. وواجهت هذه الضربات تدقيقاً من المشرعين الأميركيين ونشطاء حقوق الإنسان، الذين يؤكدون أن الإدارة لم تقدم سوى أدلة ضئيلة على أن أهدافها هم بالفعل مهربو مخدرات، وأن الضربات المميتة ترقى إلى عمليات قتل خارج نطاق القضاء.


«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)
ترمب مغادراً بعد الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (أ.ف.ب)

في خطوة تجمع بين الطموح العسكري والعلامة التجارية الشخصية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الاثنين، عن خطط لإنشاء فئة جديدة من السفن الحربية تحمل اسمه، «فئة ترمب»، كجزء من مبادرة أوسع يطلق عليها «الأسطول الذهبي» بهدف الحفاظ على التفوق العسكري الأميركي وبث الخوف في أعداء أميركا في جميع أنحاء العالم.

وقال ترمب إن السفن الجديدة ستكون «أكبر وأسرع وأقوى بمائة مرة» من أي سفن حربية سابقة، مع حمولة تتجاوز 30 ألف طن – أكبر من المدمرات الحالية مثل فئة أرلي بورك التي لا تتجاوز حمولتها 9 آلاف طن. ستشمل التجهيزات أحدث التقنيات، مثل الذكاء الاصطناعي للتحكم، وأسلحة ليزر ذات طاقة موجهة، وصواريخ فرط صوتية، وصواريخ كروز برؤوس نووية.

ترمب يتحدث خلال الإعلان عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية الاثنين (رويترز)

ويبدأ البرنامج ببناء سفينتين، مع خطط لتوسعة إلى 20-25 سفينة، وستحمل الأولى اسم «يو إس إس ديفاينت» (USS Defiant) وستكون أطول وأكبر من السفن من فئة آيوا التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية.

وأعلن ترمب أيضاً مشاركته الشخصية في تصميم هذه السفن، مشدداً على أن السفن ستكون «أجمل» لأنه شخص يمتلك ذوقاً رفيعاً، وانتقد مظهر السفن الحالية الذي وصفه بأنه «قديم ومتعب وعفى عليه الزمن».

وتمتلك البحرية الأميركية 290 سفينة معظمها مدمرات وفرقاطات وحاملات طائرات وسفن برمائية وغواصات. وتعزز السفن الجديدة أسطول البحرية الحالي الذي يضم أكثر من خمسين مدمرة من طراز أرلي بيرك التي وصفها ترمب بأنها غير قادرة على منافسة سفن الأساطيل الأجنبية.

الإعلان، الذي جاء خلال مؤتمر صحافي في مقر إقامته في مارالاغو بفلوريدا، يمثل محاولة لإعادة تشكيل البحرية الأميركية في مواجهة التحديات الإقليمية، خاصة مع الصين التي تفوق الولايات المتحدة في عدد السفن الحربية. ومع ذلك، يثير الإعلان تساؤلات حول جدواه العسكرية، وتكاليفه الاقتصادية، ودلالاته السياسية، وسط تقارير استخباراتية وتحليلات عسكرية تبرز المخاطر والفرص.

سفن عملاقة بتقنيات مستقبلية

ويأتي إعلان ترمب في سياق تقارير عسكرية أميركية تشير إلى تراجع الولايات المتحدة خلف الصين في عدد السفن (290 مقابل 340، مع توقعات تصل إلى 400 بحلول 2030). ففي تقرير قدم إلى الكونغرس في وقت سابق هذا العام، عبر المسؤولون العسكريون عن قلقهم من وتيرة بناء السفن الصينية، مما يجعل «الأسطول الذهبي» جزءاً من استراتيجية لاستعادة الهيمنة البحرية. كما تشمل الخطة زيادة في سفن أخرى مثل فرقاطات أصغر، واستثمارات في ناقلات وأساطيل دعم لوجيستي.

من الناحية العسكرية، يُنظر إلى الإعلان كخطوة نحو تعزيز «الجودة على الكمية». السفن الجديدة، المصممة لتكون متعددة المهام، يمكن أن تواجه تهديدات حديثة مثل أسراب الطائرات المسيّرة (بفضل الليزر الرخيص التكلفة) والصواريخ فرط الصوتية. وتقول تقارير وزارة الدفاع الأميركية إن هذه التقنيات – مثل المدافع الكهرومغناطيسية (railguns) التي تطلق قذائف بسرعة ماخ 7 بتكلفة 25 ألف دولار فقط – يمكن أن تغير قواعد الاشتباك البحري، خاصة في مواجهة الصين في المحيط الهادئ.

عرض تصوّري للسفينة «يو إس إس ديفاينت» المقترحة من «فئة ترمب» خلال إعلان الرئيس الأميركي مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية (رويترز)

مع ذلك، يحذر محللون عسكريون من مخاطر «تركيز القوة» في سفن كبيرة، مما يجعلها أهدافاً مغرية للهجمات المشبعة أو الهجمات الإلكترونية. تقرير أمني أميركي (مستمد من تحليلات لأحداث مثل هجمات الحوثيين في البحر الأحمر) يشير إلى أن السفن الكبيرة قد تكون عرضة للإعاقة دون إغراقها، مما يعرض الاستراتيجية للخطر في عصر الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية. بالإضافة إلى ذلك، لم تُبنَ سفن حربية كبيرة منذ 1994، والبحرية الأميركية تركز تقليدياً على حاملات الطائرات، مما يثير تساؤلات حول جاهزية الصناعة لإنتاج سريع. من الناحية الاقتصادية أشار الأدميرال المتقاعد مارك مونتغمري المدير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى أن كل سفينة حربية جديدة ستتكلف ما لا يقل عن 5 مليارات دولار، في وقت يركز فيه الرئيس على ضبط التكاليف وخفض الدين العام الأميركي.

ترمب يعلن عن مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية وإلى يساره وزيرا الدفاع بيت هيغسيث ووزير البحرية جون فيلان الاثنين (أ.ف.ب)

ويقول المحللون إن الإعلان يعكس نمط ترمب في وضع بصمته على المؤسسات الفيدرالية، مثلما قام بإعادة تسمية مؤسسات مثل مركز كيندي للفنون، ليضع اسمه، وعلى المعهد الأميركي للسلام ليصبح معهد ترمب للسلام، ويضع أيضاً اسمه على هذا الأسطول في تكريم ذاتي غير مسبوق ومخالف للتقاليد البحرية الراسخة، حيث يتم تسمية الفئات العسكرية للرؤساء السابقين. ومع ذلك، يدعمه وزراؤه مثل بيت هيغسيث وزير الحرب وماركو روبيو وزير الخارجية، اللذين حضرا الإعلان، وشددا على أهمية الأسطول الجديد في مواجهة التهديدات العالمية.


وزارة العدل الأميركية: الوثائق الجديدة في قضية إبستين تتضمن مزاعم «غير حقيقية» بحق ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

وزارة العدل الأميركية: الوثائق الجديدة في قضية إبستين تتضمن مزاعم «غير حقيقية» بحق ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

نشرت وزارة العدل الأميركية، اليوم الثلاثاء، آلاف الوثائق الجديدة المرتبطة بفضيحة جيفري إبستين المدان بالاعتداء الجنسي، بعد اتهامها بحجب معلومات والتباطؤ في كشف تفاصيل الملف.

وأدرج على الموقع الإلكتروني للوزارة قرابة ثمانية آلاف ملف جديد يحتوي، بحسب تحليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على مئات مقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، بما في ذلك لقطات من كاميرات مراقبة تعود إلى أغسطس (آب) 2019، عندما عُثر على إبستين ميتاً داخل زنزانته، حيث كان يقبع في انتظار محاكمته بتهم الاتجار الجنسي.

جيفري إبستين (رويترز)

ونشرت الوزارة نحو 11 ألف رابط لمستندات على الإنترنت، لكن بدا أن بعضها لا يؤدي إلى أي وثيقة.

وأكدت الوزارة أن بعض الوثائق الأخيرة التي نُشرت تتضمن «مزاعم غير حقيقية ومبالغاً فيها ضد الرئيس (دونالد) ترمب تم رفعها إلى (مكتب التحقيقات الفيدرالي) مباشرة قبل انتخابات 2020»، من دون أن تحدد الاتهامات التي تعتبرها كاذبة. وأضافت: «لو أن فيها ولو ذرة من المصداقية، لكانت استُخدمت ضد الرئيس ترمب بالفعل».

وكان الكونغرس أقر بالإجماع تقريباً «قانون الشفافية في قضية إبستين» الذي وقّعه ترمب. وهو يفرض نشر كل الملفات المرتبطة بالقضية بحلول يوم الجمعة الماضي.

وأرجع نائب وزيرة العدل تود بلانش التأخير إلى الحاجة لإخفاء هويات ضحايا إبستين البالغ عددهن أكثر من ألف، ونفى الاتهامات بحماية ترمب الذي كان صديقاً مقرّباً للثري الراحل.

وشكت مجموعة من الضحايا في وقت سابق من أن «جزءاً» فقط من الملفات نُشر، وأن هذا الجزء حتى خضع لتنقيح «غير طبيعي ومفرط من دون أي تفسير».

وهدد النائبان الديمقراطي رو خانا والجمهوري توماس ماسي بتوجيه تهم الازدراء إلى وزيرة العدل بام بوندي لفشلها في الامتثال للقانون.

وزيرة العدل الأميركية بام بوندي (أ.ب)

واقترح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قراراً الاثنين يدعو إلى تحرّك قانوني ضد إدارة دونالد ترمب لفشلها في نشر ملفات إبستين كاملة.

وقال في بيان: «بدلاً من الشفافية، نشرت إدارة ترمب كمية يسيرة من الملفات وحجبت أجزاء ضخمة من القليل الذي وفّرته»، مضيفاً: «هذا تستر فاضح. بام بوندي وتود بلانش يحميان دونالد ترمب من المحاسبة، وعلى مجلس الشيوخ واجب التحرك».

وكان بلانش، وهو محامٍ شخصي سابق لترمب، أكد في تصريحات تلفزيونية الأحد أن وزارة العدل لن تحجب «أي معلومات تخص الرئيس» في هذه القضية.

وأشار إلى أن إحدى الصور التي يظهر فيها ترمب سحبت لفترة وجيزة من الملفات لمخاوف تتعلق بهويات الضحايا. وأعادت وزارة العدل نشر الصورة بعدما تبين أنها لا تكشف هوية أي منهن.

«كشف انتقائي»

حاول ترمب بداية منع كشف الملفات. لكن الرئيس الذي قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيف الأخير ولا يواجه أي اتهامات في هذه القضية، خضع لضغوط الكونغرس ووقّع القانون الذي يلزم الإدارة نشر الملفات.

الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والمغني البريطاني ميك جاغر من فرقة «رولينغ ستونز» وبينهما امرأة وجهها محجوب... في صورة نشرتها وزارة العدل الأميركية ضمن ملف إبستين (أ.ب)

وبعد أشهر من التأخير، بدأت وزارة العدل الجمعة نشر آلاف الصور ومقاطع الفيديو والوثائق المتعلقة بالرجل المتهم باستغلال أكثر من ألف شابة جنسياً، من بينهن قاصرات، والمعروف بعلاقاته مع شخصيات بارزة، من بينهم الرئيس الحالي، والأسبق بيل كلينتون، إضافة إلى أثرياء وفنانين وشخصيات نافذة من الولايات المتحدة وخارجها.

وأثار الحجب باللون الأسود لأجزاء واسعة من الملفات المنشورة، إضافة إلى تحكم مسؤولين في إدارة ترمب بالإفراج عن المستندات، شكوكاً في ما إذا كان كشف الوثائق كفيلاً بطيّ صفحة نظريات المؤامرة المرتبطة بالقضية.

ورغم أنّ وفاة إبستين اعتُبرت انتحاراً، فإنها لا تزال تغذي عدداً كبيراً من نظريات المؤامرة التي تقول إنه قتل لمنعه من توريط النخب.

ودعا كلينتون في بيان أصدره المتحدث باسمه آنجيل أورينا، وزارة العدل إلى نشر أي وثيقة مرتبطة به، مؤكداً أنه ليس لديه ما يخفيه في هذه القضية.

وتحدث الرئيس الديمقراطي السابق عن «حماية أحد ما أو أمر ما. لا نعرف من وماذا ولماذا، لكن ما نعرفه هو أننا لا نحتاج إلى حماية كهذه». وأضاف أن «خطوات وزارة العدل حتى الآن لا علاقة لها بالشفافية، بل بالتلميح، وذلك عبر اللجوء إلى كشف انتقائي للإيحاء بارتكاب مخالفات من جانب أفراد سبق أن برّأتهم الوزارة نفسها».

وتمضي شريكة إبستين السابقة غيلاين ماكسويل حالياً عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً بعد إدانتها بتهمة الاتجار الجنسي بقاصرات وجرائم أخرى مرتبطة بهذه القضية.