أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» لمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، لبحث الاعتراضات على عدد من مواد القانون. وطالب «النواب» بإعادة النظر في بعض المواد المعترض عليها وتتعلق بالحوكمة والوضوح والواقعية.
ووفق إفادة للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن الرئيس السيسي وجه بـ«ضرورة إعادة دراسة هذه المواد لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع».
كما وجه السيسي بإتاحة الوقت المناسب أمام الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ الآليات والنماذج المستحدثة في مشروع القانون والإلمام بأحكامه، ليتم تطبيقها بكل دقة ويسر، وصولاً إلى العدالة الناجزة في إطار من الدستور والقانون.
ورغم موافقة مجلس النواب في 29 أبريل (نيسان) الماضي على القانون، فإن بيان الرئاسة المصرية أكد «ورود مشروع القانون يوم 26 أغسطس (آب) الماضي»، وهو ما فسره عضو برلماني، رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، بـ«استمرار العمل على الصياغات والتعديلات التي جرت الموافقة عليها بمجلس النواب خلال هذه الفترة، الأمر الذي تسبب في تأجيل إرساله للرئاسة».

وشهد مجلس النواب سجالات عديدة واعتراضات من حقوقيين وقانونيين، بجانب اعتراضات من نادي القضاة ونقابة الصحافيين على مشروع القانون خلال المناقشات، باعتباره «مقيداً للحريات». كما طالبت «مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» في مايو (أيار) الماضي، الرئيس السيسي، بـ«النظر بعناية في التعديلات، مع الإعراب عن القلق من بعض المواد بشكل قد يكون مؤثراً وسلبياً على الحريات».
عضو «اللجنة التشريعية» بمجلس النواب، إيهاب رمزي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجلس سيعود للانعقاد مطلع الشهر المقبل، وستكون أمامه 3 أشهر من أجل إنجاز القانون والتعديلات المقترحة عليه»، متوقعاً «الانتهاء منه قبل نهاية مدة البرلمان في يناير (كانون الثاني) المقبل».
وأضاف أن «المجلس فور الانعقاد ستتم إعادة تشكيل اللجان البرلمانية بالانتخاب، وستعمل (اللجنة التشريعية) على القانون بشكل سريع من أجل الاستجابة للتوجيهات الرئاسية».

لكن مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، «شكك في إمكانية لحاق مجلس النواب بإجراء التعديلات وتمرير القانون خلال الفترة المتبقية قبل إعادة انتخاب مجلس جديد نهاية العام الحالي»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمر «ممكن فقط حال وجود بديل جاهز لدى الحكومة أو الرئاسة سيتم طرحه».
رأي يدعمه الصحافي المتخصص في الشأن القضائي، محمد بصل، الذي وصف قرار السيسي بأنه «خطوة إيجابية»، لكونه حمل استجابة لمطالب عديد من الحقوقيين والصحافيين، على خلفية وجود كثير من المواد التي تتطلب إعادة النظر فيها من الناحية الواقعية ولحسن تطبيق العدالة، مشيراً إلى أن إقرار القانون وبدء العمل به من بداية السنة القضائية مطلع الشهر المقبل، كانا سيؤديان لمأزق كبير في التطبيق العملي.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض مواد القانون جاء تعديلها دون المستوى المأمول، ونحن نتحدث عن وضع قانون جديد بوصفه بديلاً لقانون أقر قبل أكثر من 7 عقود»، لافتاً إلى أن «بدائل الحبس الاحتياطي على سبيل المثال قدمت بها نقابة الصحافيين مذكرة للبرلمان؛ لكن للأسف لم يتم الأخذ بمحتواها».
وهنا يشير الشوبكي إلى أهمية مناقشة بدائل الحبس الاحتياطي باعتبارها مطروحة منذ سنوات بالفعل في النقاشات الحقوقية، وطرحت أيضاً في «الحوار الوطني» المصري، عادّاً «التوجيه الرئاسي بتعديل القانون صدر متأخر؛ لكنه سيسهم في إصدار قانون يحظى بتوافق عند إقراره».










