لم يعلق مسؤولون حكوميون أردنيون على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حول تداعيات حادثة إطلاق النار على جنود إسرائيليين عند معبر اللنبي من الجانب الإسرائيلي؛ ما أسفر عن مقتل عسكريين اثنين.
وأعلنت «الخارجية» الأردنية في وقت متأخر من يوم الخميس هوية مطلق النار على الجنود الإسرائيليين، وهو عبد المطلب القيسي، من مواليد عام 1968، وهو مدني بدأ منذ 3 أشهر العمل سائقاً لإيصال المساعدات إلى غزة.
واكتفى رسميون أردنيون بصيغة بيان وزارة الخارجية، الذي أدانت الحكومة من خلاله «الحادثة ورفضتها»، معتبرة أنها «خرق للقانون وتعريض لمصالح المملكة وقدرتها على إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة للأذى». وأشار البيان إلى أن «الأجهزة الرسمية الأردنية فتحت تحقيقاً في حادثة إطلاق النار التي وقعت بعد ظهر الخميس على الطرف الآخر من جسر الملك الحسين (معبر الكرامة)، والتي يدينها الأردن».

وفي الثامن من سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، أطلق الأردني ماهر ذياب الجازي، النار على 3 إسرائيليين؛ ما أدى إلى مقتلهم على الفور، في عملية مسلحة شكلت سابقة من نوعها، على جسر الملك حسين الذي يشكل شريان الحركة بين الأردن والضفة الغربية.
وشدد بيان «الخارجية» على «موقف الأردن الثابت في إدانة كل أعمال العنف، ورفض كل الأعمال غير القانونية التي تعرض مصالح الأردن ودوره، وعمليات إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، للأذى».
كما أكّدت الوزارة أنها تتابع، بالتنسيق مع كل الأجهزة المعنية، أوضاع السائقين الذين عبروا الجسر الخميس لإيصال المساعدات إلى غزة لضمان عودتهم الفورية إلى الأردن، من دون أن تُعلن عن أعداد السائقين الأردنيين على الجانب الإسرائيلي من الجسر.
وقالت «الخارجية» إن 22 شاحنة مساعدات أردنية عبرت الجسر باتجاه غزة الخميس في إطار الإجراءات المتفق عليها، والتي أتاحت تسيير 8664 شاحنة مساعدات ضمن 201 قافلة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، ومكنت الأردن من أن يوفر خط إمداد رئيسياً للمساعدات لقطاع غزة الذي يعاني كارثة إنسانية سببها ويفاقمها العدوان.
ونشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن منفذ الهجوم عبد المطلب القيسي (58 عاماً) يسكن في منطقة مرج الحمام (10 كم) جنوب العاصمة، وهو عسكري متقاعد من القوات المسلحة الأردنية، ولم يسبق له المشاركة في أي نشاطات سياسية أو التعليق عليها. وهو أب لثلاثة من الذكور وثلاث من الإناث.
ونفت عائلة القيسي، الذي ما تزال السلطات الإسرائيلية تحتفظ بجثته، «الوصية» التي نُشرت على نطاق واسع ونُسبت إلى منفذ العملية، وقالوا في بيان إنه «تم استغلال اسمه في هذه الوصية المزعومة لغايات ومآرب شخصية وسياسية»، مؤكدين أنه «لم يتم العثور على أي وصية» لابنهم، وأن «الخط المكتوبة به ليس خطه».
في حين جاء في نص الوصية المزعومة نية القيسي تنفيذ عمليته ضد الجنود الإسرائيليين، التزاماً بوصية ماهر الجاري، الذي كان قد نفذ عملية على المعبر نفسه في سبتمبر من العام الماضي، وقُتل حينها ثلاثة عسكريين إسرائيليين. كما أنه «يسجل موقفاً أمام الله والتاريخ»، احتجاجاً على الجرائم التي يرتكبها «الاحتلال الصهيوني».

وتحدثت روايات لم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» التحقق منها، عن أن القيسي نفذ العملية بمسدس يملكه كان يخفيه في غرفة السائق في مقدمة الشاحنة، وقد استغل اقتراب شاحنته من نقطة التفتيش، فترجّل من شاحنته واقترب من جنود إسرائيليين وفتح عليهم النار من مسافة قريبة، لكن المسدس توقف بعد إصابة مباشرة لعسكريين اثنين، فأخرج سكيناً كانت بحوزته ليستكمل هجومه، قبل أن يطلق الجانب الإسرائيلي النار على القيسي الذي لقي حتفه على الفور.
أزمة سياسية أمنية
لا ينكر رسميون أردنيون وجود غضب شعبي متزايد، في ظل استمرار حرب الإبادة التي يشنها العدوان الإسرائيلي على غزة، ويستهدف من خلالها الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين العُزل، ويُحذر هؤلاء من أن الحادثة الأخيرة قد تكون منطلقاً لاستهدافات تمس أمن إسرائيل، معتبرين أن ردود الفعل المتوقعة ستجبر إسرائيل على العزلة والانكفاء.
وبينما يؤكد الأردن أن العمليات التي تستهدف جنوداً إسرائيليين هي عمليات «منفردة»، ولا صحة لأي معلومات تتحدث عن أي ارتباطات تنظيمية، فإن عمّان تخشى من «توظيف» إسرائيل عمليات فردية على الحدود على أنها «استهداف أمني» مباشر، وتستخدم ذلك ذريعة للتوسع في عملياتها العسكرية بالضفة الغربية، وهو ما حذرت منه عمّان في الآونة الأخيرة، وتعتبره تهديداً لمصالحها في حال تمسك حكومة اليمين الإسرائيلي بسياسة التهجير سواء في غزة أو الضفة.

