«بايسانوس»... جماهير الكرة في تشيلي تهتف لفلسطين عبر السينما

الفيلم الذي عُرض بـ«لوكارنو» يجسّر المسافة بين أرضين

ترفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات بتشيلي (مهرجان لوكارنو)
ترفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات بتشيلي (مهرجان لوكارنو)
TT

«بايسانوس»... جماهير الكرة في تشيلي تهتف لفلسطين عبر السينما

ترفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات بتشيلي (مهرجان لوكارنو)
ترفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات بتشيلي (مهرجان لوكارنو)

في مدرجات كرة القدم البعيدة في تشيلي، حيث يعلو الهتاف باسم فلسطين بين أعلام خضراء وحمراء وسوداء وبيضاء، ولدت حكاية فيلم «بايسانوس»، العمل الوثائقي الذي وقّعه المخرجان الشقيقان أندريس وفرانشيسكا خميس جياكومان، وعرض للمرة الأولى ضمن النسخة الماضية من مهرجان «لوكارنو» السينمائي بسويسرا.

وتدور أحداث الفيلم الوثائقي القصير في 13 دقيقة، ليس مجرد فيلم عن جماهير نادٍ رياضي، بل رحلة بحث في المعنى العميق للهوية والانتماء، ومحاولة لصياغة جسر بين أرضين متباعدتين جغرافياً متصلتين بالذاكرة والوجدان (فلسطين وتشيلي)، عبر تتبع مشجعي نادي «بالستينو»، النادي الذي أسسته الجالية الفلسطينية في تشيلي منذ عام 1920 ليصبح أحد أبرز رموز حضورها الثقافي والاجتماعي هناك.

وعبر أغنيات الجماهير وطقوسهم وشغفهم، يفتح «بايسانوس» نافذة على حوار أوسع بين وطن بعيد وأجيال الشتات التي لم تطأ قدماها الأرض المحتلة لكنها تحملها في قلبها، من خلال هذه المسافة، يصوغ المخرجان لغة بصرية عن العودة الممكنة والمتخيلة، وعن كيفية بناء وطن رمزي في المنفى.

ويقول أندريس خميس جياكومان لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفكرة بدأت قبل سنوات حين كان طالباً في معهد السينما، إذ تواصل مع شقيقته فرانشيسكا لبحث مشروع مشترك يلامس جذورهما العائلية».

ترفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات بتشيلي (مهرجان لوكارنو)

مضيفاً: «في البداية كنا نفكر في أن نصنع فيلماً عن الجالية الفلسطينية في تشيلي من خلال نادي (بالستينو)، فالملعب مليء بالرموز والطقوس التي تحكي الكثير عن حياة الفلسطينيين في المنفى، لكن حين بدأنا التصوير وجدنا شيئاً أكبر، اكتشفنا أن معظم المشجعين الذين نراهم في المدرجات لم يكونوا من أصول فلسطينية، بل كانوا تشيليين اختاروا أن يكونوا جزءاً من هذه الحكاية، وأن يحملوا فلسطين في هتافاتهم مثلنا تماماً».

أما فرانشيسكا، تؤكد أن «الفيلم جاء ليجمعهما في أول عمل كبير يتقاسمان إخراجه بالكامل، بعد محاولات متفرقة في مشروعات سابقة، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الفيلم بالنسبة إلينا كان أشبه بعودة إلى ذواتنا، بحث عن معنى أن ننتمي إلى وطن لا نستطيع العودة إليه جسدياً الآن. السينما منحتنا طريقة رمزية للعودة، ومن خلالها حاولنا أن نفهم تعقيدات الشتات الفلسطيني، وأن نسأل أنفسنا: ماذا يعني أن تكون فلسطينياً بعيداً عن فلسطين؟».

وعن تجربة التصوير، قال أندريس إن العمل لم يتبع خطة تقليدية مُحكمة، بل اعتمد على العفوية والاكتشاف موضحاً: «ذهبنا إلى تشيلي بلا خطة مفصلة، بدأنا نستكشف ونوثق ما يحدث أمامنا، وكانت المفاجأة في الاستقبال الحار الذي لقيناه من المشجعين. فتحوا لنا بيوتهم، وسرعان ما أصبحنا جزءاً من يومياتهم. ومن هنا بدأ الفيلم يتشكل ببطء، كأننا كنا نلتقط خيوطاً متناثرة ثم نحاول أن نعيد ترتيبها لاحقاً في النص النهائي».

المخرجة الفلسطينية (مهرجان لوكارنو)

وعدّت فرانشيسكا غياب الخطة عنصراً إيجابياً لكنه فرض تحديات أيضاً: «المرونة جعلتنا أكثر انفتاحاً على المفاجآت، لكن الوقت كان عدوّنا الأكبر، كرة القدم لعبة لا يمكن التنبؤ بها، كنا نذهب إلى المباريات آملين أن نشهد هدفاً أو لحظة استثنائية، وأحياناً لم نجد ما نبحث عنه، ومع ذلك، ما التقطناه في تلك الفترة القصيرة كان كافياً ليصنع الفيلم، وبعض المشاهد التي جاءت بالصدفة أصبحت فيما بعد من أقوى لحظات العمل».

ويشير أندريس إلى أن الفيلم ليس خطاباً مباشراً لكنه يحمل جوهر التجربة الفلسطينية الممتدة منذ النكبة، مضيفاً: «لا يمكن أن نصنع فيلماً عن فلسطين من دون أن يكون للسياسة حضور فيه، حتى لو لم نرفع شعارات، نحن نتحدث عن جالية تأسست منذ قرن بسبب الهجرة القسرية، نادي (بالستينو) نفسه شاهد على تاريخ بدأ قبل عام 1948، وأردنا توضيح أن القضية لم تبدأ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كما يصورها الإعلام الغربي، بل هي جرح ممتد منذ عقود».

المخرج الفلسطيني (مهرجان لوكارنو)

وأكدت فرانشيسكا أن عرض الفيلم في مهرجان «لوكارنو» كان لحظة مؤثرة، خصوصاً مع رد فعل الجمهور، قائلة: «حين انتهى الفيلم وسمعنا الجمهور يردد فلسطين موجودة شعرنا بأن هناك مَن يشاركنا هذا الإحساس حتى في أماكن بعيدة جداً عن وطننا، كان ذلك دليلاً على أن السينما يمكن أن تكون مساحة للتضامن، حتى داخل مهرجانات أوروبية قد لا تكون السياسة مرحباً بها فيها عادة».

الفيلم تضمن مشاهد متعددة من ملعب للكرة (الشركة المنتجة)

لكن وراء الفيلم الذي بدا متماسكاً على الشاشة، كانت هناك صعوبات كبيرة في التمويل. أوضح أندريس قائلاً: «لم يكن لدينا أي ميزانية. الأصدقاء هم مَن ساعدونا، مدير التصوير والمونتير ومهندس الصوت شاركوا لأنهم أحبوا المشروع، كل التكاليف الأخرى تحملناها بأنفسنا، لهذا يظهر الفيلم بروح بسيطة، مصنوعة بأدواتنا الخاصة، لاحقاً فقط انضمت إلينا شركة إنتاج من تشيلي لتساعدنا في مرحلة ما بعد الإنتاج، مثل تصحيح الألوان والمكساج، حتى حين أرسلنا الفيلم إلى (لوكارنو) لم يكن قد اكتمل تقنياً بعد».

ورغم كل تلك التحديات، اختار المخرجان إنهاء العمل بوصفه فيلماً قصيراً بدلاً من التوسع فيه، حسب فرانشيسكا التي قالت: «كنا نفكر أولاً أن نصنع مجرد إعلان ترويجي لفيلم أطول، لكننا قررنا أن ننهيه فيلماً قصيراً مكتملاً، ليبقى أكثر صدقاً مع اللحظات التي التقطناها، لا مع الأفكار التي تخيلناها قبل التصوير».


مقالات ذات صلة

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير

إيمان الخطاف (جدة)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
TT

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

على امتداد 7 سنوات، عَبَر السعودي بدر الشيباني قارات العالم الـ7 ليعتلي أعلى قممها، لكنّ الفيلم الذي وصل إلى مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لم يكن روايةً عن الارتفاع الجغرافي بقدر ما كان رحلةً داخليةً نحو أكثر مناطق الذات عزلةً وصدقاً. هكذا قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في «إيفرست»، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

بين رؤية المتسلّق، وصنعة المخرج أمير كريم، جاءت الحكاية بلغة سينمائية تمزج الثلج الذي يغطي العدسة بأنفاس ترتجف فوق ارتفاعات الموت، وبسكون البيوت السعودية التي عادت لتُفسّر دوافع المُغامِر حين يعود من القمم إلى العائلة.

قصة لا تُروى من القمة فقط

يقول بدر الشيباني لـ«الشرق الأوسط» إنّ اللحظة الفاصلة وقعت عند أحد المخيمات المرتفعة في «إيفرست». هناك، حين كان الأكسجين شحيحاً وصوت الريح أعلى من دقات القلب، اكتشف أنّ «ما يحدث داخلي أهم مما يحدث حولي». تلك اللحظة، كما يصف، «حوَّلت الرحلة من إنجاز رياضي إلى مشروع إنساني يستحق أن يُروى للعالم».

في الوثائق التي سجَّلها بنفسه، يظهر صوت متقطّع من البرد، وعدسة تُبللها الثلوج، ويد ترتجف وهي تثبّت الحبل قبل الخطوة التالية. لكن بدر يعترف: «كنت أظن أنّ الهدف هو الوصول إلى القمة، ثم اكتشفتُ أن القمة الحقيقية كانت داخلي». هذه اللقطات الخام التي لم تُصنع لأجل السينما بل لأجل النجاة، أصبحت أساس الفيلم، ومرآته الأصدق.

الجبال ليست قمماً بل مسرح للتحوّل الإنساني

حين تسلم المخرج أمير كريم المواد الأولى للقمم التي صوَّرها الشيباني، وجد نفسه أمام صعوبة من نوع مختلف. فاللقطات ليست مأخوذة بكاميرات سينمائية ولا بإضاءة مدروسة؛ إنها لحظات حقيقية لم تعد بالإمكان إعادة تمثيلها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتعامل مع الفيلم على أنه مغامرة جغرافية، بل رحلة نفسية يسأل فيها بدر نفسه: مَن أنا؟ ولماذا أواصل؟ الجبال بالنسبة إليّ ليست قمماً، بل مسرح يتحوَّل فيه الإنسان».

ويضيف أن أصعب تحدٍّ لم يكن في البيئات الخطرة كما يُعتقد، بل في بناء جسر بصري بين عالمين: عزلة الجبال القاسية، ودفء البيت السعودي مع العائلة.

فرؤية المخرج اعتمدت على مفارقة مقصودة: الجبال خشنة، غير مصقولة، تترك المُشاهِد يشعر بالبرد والعزلة، والمَشاهِد المحلية دافئة، حميمة، تكشف عن الدوافع والإنسان خارج المغامرة.

يقول أمير: «تركت للجبال خشونتها، وللبيت دفئه. وهذه المفارقة هي روح الفيلم وخلاصته الدرامية».

متسلّق الجبال السعودي بدر الشيباني وعودة الروح إلى نقطة البدء (الشرق الأوسط)

لحظة مواجهة الذات في «المنطقة المميتة»

يتّفق كلّ من الشيباني والمخرج على أنّ المشهد المفصلي في الفيلم هو لحظة الصمت على ارتفاع يفوق 8 آلاف متر فوق سطح البحر، في «المنطقة المميتة» لـ«إيفرست»، خلال رحلة استغرقت 38 يوماً من الصعود.

هناك، كما يروي أمير، «تختفي ملامح المدير والقائد، ويظل الإنسان وحده أمام قراره: التراجع أو المضي قدماً». هذا المشهد لا يروي صراعاً مع الطبيعة فقط، بل يكشف الصراع البشري الداخلي: حين يصبح الانتصار الحقيقي هو رفض الاستسلام.

القصة السعودية خلف القمة

يُقدِّم الشيباني عبر الفيلم صورة أوسع من تجربة فردية؛ إنها كما يقول رمز للتجربة السعودية الجديدة. فالقيم التي حملته بين القارات الـ7، من الانضباط إلى الصبر وإدارة الخوف، ليست حكايته وحده، بل انعكاس لرحلة مجتمع كامل يُعيد تعريف طموحه.

يُعلّق كريم: «قصة بدر ليست عن الجبال فقط، بل عن الإنسان السعودي الذي يتخطَّى الحدود التقليدية ليصنع مستقبله».

أما الجوانب الخفية التي عمل المخرج على إبرازها، فهي لحظات الشكّ والتعب والخوف، تلك التي كان يُخفيها المُغامِر خلف الشخصية القوية. وقد ظهر بدر أمام الكاميرا شخصاً يبحث عن ذاته بقدر بحثه عن القمة.

قيمة فكرية تتجاوز التوثيق

يرى الشيباني أنّ الفيلم يتجاوز التوثيق البصري نحو «رحلة تحوّل ذهني وروحي». العزلة في الجبال حرّرته من ضجيج الحياة، ودفعته إلى التأمُّل وإعادة ترتيب حياته.

الفيلم، كما يشرح، يدعو المُشاهدين إلى اختبار حدودهم العقلية والجسدية، ويضعهم أمام سؤال: ما الذي يمكن أن يحدث عندما نخرج من منطقة الراحة؟ ويؤكد أن عرضه في مهرجان «البحر الأحمر» ليس مجرد مشاركة سينمائية، بل رسالة بأن السعودية الجديدة تحتفي بقصص أبنائها وتضع الإنسان في قلب تحوّلها الثقافي.

بين الدبلوماسية الثقافية وصناعة الفرص

يرى الشيباني، بخبرة رائد أعمال، أن الفيلم الوثائقي ليس مجرّد فنّ، بل أصل استثماري يُعزّز رواية المملكة دولياً. ويعتقد أنّ قوة الوثائقيات تتجاوز الحملات التقليدية لأنها تعتمد على السرد الواقعي العميق.

كما يشير إلى أنّ محتوى مثل «سبع قمم» يمكن أن يتحوَّل إلى نماذج أعمال في سياحة المغامرات والتدريب القيادي، وأيضاً المحتوى التعليمي والصناعات الإبداعية. وهو ما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» في تحويل القصص المحلّية إلى قيمة اقتصادية عالمية. «سبع قمم» ليس فيلماً عن الارتفاعات الشاهقة، بل عن الأعماق الإنسانية. وليس عن الوصول إلى القمة، بل عن القوة الذهنية التي تمنع السقوط. إنه عمل يعكس اللحظة السعودية الراهنة: وطن يواجه قممه الخاصة، ويصعد درجاتها بثقة، بحثاً عن نسخة أوضح وأقوى من ذاته.


في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.


مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.