لبنان: فضيحة باخرة الفيول الروسي تتفاعل داخلياً وخارجياً

القضاء يكشف التلاعب بالمستندات وتزوير مصدر الشحنة

مقر مؤسسة كهرباء لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)
مقر مؤسسة كهرباء لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: فضيحة باخرة الفيول الروسي تتفاعل داخلياً وخارجياً

مقر مؤسسة كهرباء لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)
مقر مؤسسة كهرباء لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)

وسّع القضاء اللبناني تحقيقاته في ملفّ باخرة الفيول، التي فرّغت حمولتها في معمل الجية الحراري (جنوبي بيروت)، وتبين لاحقاً أنها كانت محمّلة بشحنة نفط مصدرها روسيا، وليس تركيا كما ورد في المستندات الرسمية المرفقة بالشحنة، ولم يعد التحقيق محصوراً بخرق القيود والتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على روسيا فحسب، بل تعدّاه إلى جرائم الاحتيال والتزوير والتلاعب بمستندات رسمية وسرقة أموال عامة.

الباخرة التي ترفع علم دولة بنما، وتعمل لصالح شركة نفط دولية مسجّلة في دبي، رست قبل أسابيع في مرفأ الجية محمّلة بشحنة من الفيول لصالح وزارة الطاقة اللبنانية المتعاقدة مع الشركة المذكورة، ومخصصة لتشغيل معمل الجيّة، أحد أهم المعامل الحرارية في لبنان، إلا أن التحقيقات التي فُتحت عقب الاشتباه بتناقضات في أوراق الشحنة، كشفت عن أن مصدر النفط روسيا، وليس تركيا كما ورد في الوثائق المقدمة التي قدّمها قبطان الباخرة لإدارة معمل الجيّة، وبدا أنه واثق من أن الوثائق والمستندات التي استحصل عليها من ميناء مرسين في تركيا لا يمكن دحضها بأدلة مضادة، على حدّ تعبير مصدر قضائي لبناني مشرف على التحقيقات.

وكشف المصدر القضائي لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «مفتاح الوصول إلى مصدر الفيول، هو تقرير خبير بحري كلفه النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، بالتدقيق بالمستندات التي قدمها طاقم الباخرة، وفحص مسار السفينة وشحنتها»، مشيراً إلى أن التقرير «أثبت بما لا يقبل الشكّ أن الباخرة أبحرت من ميناء روسي، ثم توقفت في ميناء مرسين التركي بضعة أيام، حيث جرى تعديل المستندات لإظهار أن مصدر النفط تركي، في محاولة واضحة للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على صادرات النفط الروسية»، مشدداً على أن هذه المعطيات «عززها اعتراف أحد أفراد طاقم الباخرة الذي أقرّ صراحة بأن الباخرة زوّدت بكامل حمولتها من روسيا وأبحرت إلى ميناء مرسين حيث توقفت لأيام»، مؤكداً أن الباخرة لم تفرغ حمولتها من النفط الروسي في تركيا وتعبئ مكانه نفطاً تركياً كما ورد في أقوال القبطان الذي لا يزال موقوفاً منذ 10 أيام، إنما ملأت خزاناً صغيراً بمادة المازوت فقط».

ومع اتخاذ التحقيق منحىً جزائياً، فإنه سيشمل طاقم السفينة بكامله الذي يحمل غالبية أفراده الجنسية الفلبينية. وأفاد المصدر القضائي بأن «قبطان السفينة الموقوف طلب من سفارة بلاده في بيروت تعيين محامٍ للدفاع عنه، ما يشير إلى أن وضعه القانوني معقّد».

ورغم مرور نحو الأسبوعين على فرار السفينة ومطاردتها من قبل الجيش اللبناني، وتوقيفها في عرض البحر مع طاقمها، لم يصدر أي تعلق رسمي من السلطات اللبنانية حتى الآن، فإن المصدر القضائي أشار إلى أن «التحقيقات ستتوسّع وتشمل جهات داخلية وخارجية بما فيها الجهة التي تسلمت الشحنة في لبنان، والشركات الوسيطة التي شاركت في العملية». وقال: «التحقيق سيتشعّب لمعرفة ما إذا كان لبنان استورد في السابق شحنات مماثلة ولم يكتشف أن مصدرها روسيا، وفي حال تبيّن أن الجهات الداخلية والخارجية على علمٍ مسبق بمصدر الفيول الروسي، فهذا يعني أنها شريكة في هذه العمليات والنتائج التي ترتّبت عليها».

خطورة هذه الشحنة لا تقف عند حدود لبنان، بل تكتسب بعداً دولياً، كونها تمسّ بشكل مباشر نظام العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، وتحديداً القيود المشددة على استيراد النفط الروسي، وحددت سقفاً لسعره، لتقليص الإيرادات الروسية وتقويض قدرتها على تمويل حربها على أوكرانيا.

ويتطلّع لبنان منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتأليف حكومة جديدة برئاسة القاضي نواف سلام، التي لاقت ترحيباً عربياً ودولياً، إلى إعادة بناء الثقة مع الدول العربية والأوروبية وأيضاً الولايات المتحدة على أسس سليمة، ويحاذر الانزلاق ولو عن غير قصد إلى خرق العقوبات والقيود المفروضة على المنتجات الروسية لا سيما النفط، تجنباً لأي تدابير قانونية دولية.

وما دام أن مسار التحقيق سيأخذ وقتاً طويلاً، كشف المصدر القضائي المشرف على التحقيق، عن أن مالكي الباخرة المحجوزة «بدأوا اتصالاتهم مع القضاء لرفع قرار حجزها». وأشار إلى أن أصحاب الباخرة «عبروا عن استعدادهم لإجراء مصالحة جمركية، لا سيما وأن كل يوم إضافي في حجزها يكلّف مبالغ مالية إضافية ويفاقم خسائرها الناتجة عن توقفها عن العمل». ولفت المصدر إلى أن «التعامل مع شحنة النفط الروسي بهذه الطريقة، هو دليل على أن القضاء اللبناني بدأ التعامل بحزم مع كلّ ملفات الفساد، وإثبات جديته في محاسبة من يخالف القانون».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

خاص كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» للتأكد من استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الراعي متوسطاً عدداً من النواب ورجال الدين في مدينة طرابلس (الوكالة الوطنية للإعلام)

الراعي من مدينة طرابلس: السلام هو الخيار الدائم والأفضل

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «السلام هو الخيار الدائم والأفضل»، مضيفاً أن «العيد لا يكتمل إلا بحضور المسلمين والمسيحيين معاً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

خاص سلام لـ«الشرق الأوسط»: «حصر السلاح» سيبدأ بين نهري الليطاني والأولي قريباً

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح باتت على بُعد أيام من الانتهاء، وان الدولة جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

خاص نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
حصاد الأسبوع جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني يوم 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

لبنان: تدابير سياسية ــ عسكرية لتجنب جولة جديدة من الحرب

نجح لبنان الرسمي، إلى حد كبير، نتيجة التدابير السياسية والعسكرية التي اتخذها في الفترة الماضية، في وقف، أو «فرملة»، التصعيد الإسرائيلي الذي كان مرتقباً قبل نهاية العام، رداً على ما تقول تل أبيب إنها محاولات من قبل «حزب الله» لإعادة ترميم قدراته العسكرية. وتلعب واشنطن، راهناً، دوراً أساسياً في الضغط على إسرائيل لإعطاء فرصة للمسار السياسي - الدبلوماسي الذي انطلق مؤخراً مع موافقة الدولة اللبنانية على تطعيم الوفد الذي يفاوض في إطار لجنة وقف النار (الميكانيزم) بشخصية مدنية.

بولا أسطيح (بيروت)

مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه قتل فلسطينيين اثنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، قائلاً إن أحدهما ألقى حجراً والآخر «مادة متفجرة» باتجاه الجنود.

وفي بلدة قباطية، جنوب جنين، توفي الفتى ريان أبو معلا البالغ 16 عاماً «متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي»، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، نقلاً عن وزارة الصحة.

في وقت سابق، أفادت الوكالة بأن القوات الإسرائيلية دهمت البلدة وانتشرت في أرجائها.

من جانبه، أفاد الجيش الإسرائيلي في بيان عن عملية في قباطية، حيث «ألقى إرهابي حجراً باتجاه الجنود، الذين ردّوا بإطلاق النار والقضاء على الإرهابي».

وتابع الجيش أنه «بشكل متزامن»، وفي عملية أخرى في منطقة السيلة الحارثية غرب جنين، «ألقى إرهابي مادة متفجرة باتجاه الجنود الذين ردوا بإطلاق النار والقضاء على الإرهابي».

جنود إسرائيليون يتمركزون خلال مداهمة عسكرية في مخيم الأمعري قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

وأفادت وكالة «وفا» بأن الشاب أحمد سائد زيود البالغ 22 عاماً «استُشهد إثر إصابته برصاص الاحتلال في صدره».

وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي أنه «لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات بين الجنود في كلتا الحادثتين».

تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967. وتصاعد العنف في المنطقة منذ بداية حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل.

ولم يتراجع منسوب العنف رغم الهدنة الهشة السارية في قطاع غزة منذ العاشر من أكتوبر الماضي.

منذ بدء حرب غزة، قُتل أكثر من ألف فلسطيني، بعضهم من المقاتلين، في الضفة الغربية على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين، وفقا ًلإحصاءات «وكالة الصحافة الفرنسية» المستندة إلى بيانات من السلطة الفلسطينية.

وفي الفترة نفسها، قُتل ما لا يقل عن 44 إسرائيلياً، بينهم مدنيون وجنود، في هجمات فلسطينية أو خلال غارات عسكرية إسرائيلية، وفقاً للبيانات الإسرائيلية الرسمية.


الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» الفلسطينية في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، يأتي نشر هذه اللقطات بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي استبدال لواء «كفير» باللواء المدرع 188 في المنطقة.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن قواته قامت خلال الأشهر القليلة الماضية بـ«هدم» مئات من «البنى التحتية الإرهابية» في خان يونس، بما في ذلك نفق بطول كيلومترين ونفق آخر يمتد مئات الأمتار.

وباتت أنفاق «حماس» في غزة تتصدر مشهد صورة اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع، في ظل إصرار إسرائيل على تدميرها بالكامل.


الجيش الإسرائيلي يعلن القبض على مشتبه بانتمائه لـ«داعش» في سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن القبض على مشتبه بانتمائه لـ«داعش» في سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه ألقى القبض على مشتبه بانتمائه لتنظيم «داعش» في جنوب سوريا.

وأوضح الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه خلال عملية ليلية للكتيبة 52 التابعة للواء 474 في منطقة الرفيد في الجنوب السوري، ألقت قواته القبض على «شخص يشتبه بتورطه بالعمل الإرهابي، ويتم تحريكه من قبل (داعش)».

وأضاف البيان أنه تمت إحالة المشبوه به للتحقيق. مشيراً إلى أنه خلال العملية عثرت القوات الإسرائيلية على أسلحة ووسائل قتالية.