سوريا تطلب اعتماد خريطة طريق حل أزمة السويداء «وثيقة رسمية» في مجلس الأمن

دبابة مُدمَّرة عقب اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية وقوات حكومية بمدينة السويداء في 25 يوليو (رويترز)
دبابة مُدمَّرة عقب اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية وقوات حكومية بمدينة السويداء في 25 يوليو (رويترز)
TT

سوريا تطلب اعتماد خريطة طريق حل أزمة السويداء «وثيقة رسمية» في مجلس الأمن

دبابة مُدمَّرة عقب اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية وقوات حكومية بمدينة السويداء في 25 يوليو (رويترز)
دبابة مُدمَّرة عقب اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية وقوات حكومية بمدينة السويداء في 25 يوليو (رويترز)

أفادت وكالة «سانا» السورية الرسمية، اليوم الخميس، بأن سوريا طلبت اعتماد خريطة طريق حل أزمة السويداء واستقرار الجنوب، بوصفها وثيقة رسمية بمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأوضحت الوكالة أن مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي، ومندوب الأردن وليد عبيدات، والقائمة بأعمال البعثة الدائمة للولايات المتحدة دوروثي شيا، أرسلوا رسالة مشتركة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن، تطلب اعتماد خريطة الطريق بوصفها وثيقة رسمية في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ورحَّب ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا غونزالو فارغاس يوسا، اليوم الخميس، بتبني خريطة طريق لحل الأزمة في محافظة السويداء بجنوب البلاد، التي اندلعت فيها اشتباكات قبل شهرين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.

وقال يوسا، في حسابه على منصة «إكس»، إن مفوضية اللاجئين تظلُّ ملتزمة بدعم النازحين والمتضررين من أعمال العنف، وستواصل دعم السلطات السورية في إيجاد حلول مستدامة لهم.

ورحب الاتحاد الأوروبي بخريطة الطريق ودعا في بيان إلى التنفيذ السريع، كما حث على مواصلة الحوار بين جميع الأطراف للتوصل إلى حل مستدام يحفظ أمن ووحدة سوريا.

وأضاف البيان: «يواصل الاتحاد الأوروبي دعوته إلى السلطات الانتقالية لضمان عملية انتقال سياسي شامل تلبي تطلعات جميع السوريين».

كان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قال، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة وضعت «خريطة طريق» للعمل على معالجة آثار أعمال العنف الدامية التي شهدتها محافظة السويداء في جنوب البلاد.

وأضاف الشيباني، في مؤتمر صحافي مشترك، مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك، أن خريطة الطريق تعتمد على خطوات عملية بدعم من الأردن والولايات المتحدة.

وأوضح الوزير أن الخريطة «تكفل الحقوق وتدعم العدالة وتعزز الصلح المجتمعي»، وتشمل أيضاً ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والطبية دون انقطاع، وتعويض المتضررين وترميم القرى والبلدات وتسهيل عودة النازحين، وإعادة الخدمات الأساسية وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية.

وجرى التوصُّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية دولية بالسويداء في يوليو (تموز)، بعد أن أدت اشتباكات دامية لأيام عدة، بين مجموعات مسلحة محلية وعشائر بدوية، إلى سقوط مئات القتلى والمصابين.


مقالات ذات صلة

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
تحليل إخباري الكمبيوتر العملاق «أندروميدا» من شركة «سيريبراس سيستمز» في مركز للبيانات في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

تحليل إخباري العولمة الجديدة وخطر السقوط في هاوية الاستبداد

خفت كثيراً وهج التعدد والتمايز، وصارت مجتمعات عديدة تتشابه إلى حد «الملل» مع ضمور العديد من العادات والتقاليد إلى حد تهديد الهويات.

أنطوان الحاج
آسيا أفراد من الشرطة الأفغانية في احتفال تخرّج بجلال آباد يوم 11 ديسمبر الحالي (إ.ب.أ)

2000 مقاتل بتنظيم «داعش - خراسان» ينشطون في أفغانستان

أورد تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم «داعش - خراسان» يحتفظ بنحو 2000 مقاتل في أفغانستان ويلقن الأطفال دون سن 14 عاماً أفكاره ويهدد الأمن الإقليمي بعمليات إرهابية.

«الشرق الأوسط» (كابل)

نزع سلاح «الخط الأصفر»... ورقة ضغط تهدد المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»

عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)
عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

نزع سلاح «الخط الأصفر»... ورقة ضغط تهدد المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»

عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)
عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)

تشير مخرجات لقاء عقده رباعي الوساطة في «اتفاق غزة» بمدينة ميامي الأميركية إلى مشاورات قد تمتد لأسابيع، وسط تسريبات إسرائيلية تحمل تلميحات عن نزع سلاح منطقة السيطرة بالقطاع، التي تتجاوز 50 في المائة من مساحة غزة، ولا توجد فيها «حماس».

وتتحدث التسريبات عن تمهيد منطقة «الخط الأصفر» لإعمار جزئي منفرد بعيداً عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «ورقة ضغط على الوسطاء وحركة (حماس) للمضي في نزع سلاحها بالمنطقة التي تسيطر عليها الحركة».

ويقول الخبراء إن مثل هذا التحرك المنفرد يهدد بتعطيل المرحلة الثانية من الاتفاق لصالح أفكار إسرائيلية بتقسيم القطاع وعدم الانسحاب منه، وفق ما تشير إليه بنود خطة السلام التي بدأ تنفيذ المرحلة الأولى منها في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن مصدر أمني قوله إن الجيش «أوشك على الانتهاء من نزع السلاح من منطقة الخط الأصفر بقطاع غزة، الواقعة تحت سيطرته، وتمتد على طول شرق القطاع، وإنهاء عملية تطهير المنطقة بأكملها». وتشكل منطقة الخط الأصفر نحو 52 في المائة من مساحة القطاع.

ومنذ «اتفاق غزة» في أكتوبر الماضي، عملت 6 ألوية داخل «الخط الأصفر»، ودمرت عشرات الكيلومترات من البنية التحتية فوق الأرض وتحتها، وفق المصدر نفسه الذي تحدث عن أهمية نزع سلاح «حماس» بالمنطقة التي تسيطر عليها الحركة من القطاع.

ونشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» في الجانب الإسرائيلي من «الخط الأصفر» بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة، وفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

تلك التحركات تأتي بعد نحو أسبوع من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة، وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة، وأنها «ستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

بالمقابل، دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أدلى بها، السبت، إلى ضرورة البدء العاجل في جهود إعادة الإعمار بغزة، مشدداً على رفض أي محاولات لفرض حلول أحادية أو تغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية أو تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» والأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أحمد فؤاد أنور، أن الحديث عن نزع سلاح «الخط الأصفر» تصريحات إسرائيلية مطاطية وبمثابة ورقة ضغط لا أكثر، لأنه «لا دليل مبدئياً على نزع السلاح، ثم إن (حماس) لا توجد في منطقة الخط الأصفر وهي المستهدفة بالنزع بالأساس»، مشيراً إلى أن هذه تحركات تستهدف المرحلة الثانية ومحاولة إفسادها.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال أن هذه التسريبات «ضغط مباشر» على الوسطاء و«حماس» لتعجيل نزع سلاح الحركة وعرقلة الذهاب للمرحلة الثانية، على أساس أن نزع سلاح الحركة الفلسطينية «سيأخذ وقتاً وصعوبات في التنفيذ، فضلاً عن ترويج انتصارات زائفة للداخل الإسرائيلي».

وتزامن ذلك الطرح مع مخرجات اجتماع ميامي، وقال ممثلو الوسطاء، مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة، في بيان نقله المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، مساء السبت، عبر حسابه بمنصة «إكس»: «في مناقشاتنا المتعلقة بالمرحلة الثانية، شددنا على تمكين هيئة حاكمة في غزة تحت سلطة غزة الموحدة لحماية المدنيين والحفاظ على النظام العام، وأعربنا عن دعمنا لإنشاء وتفعيل مجلس السلام على المدى القريب في إدارة انتقالية للمسارات المدنية والأمنية وإعادة الإعمار».

أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثث فلسطينيين بين أنقاض مبنى دُمر عام 2023 في حي الرمال (أ.ف.ب)

ودعا الوسطاء جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وضبط النفس، والتعاون مع آليات المراقبة، كاشفين عن استمرار المشاورات في الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية.

وحسب أنور، فإن «العد التنازلي للمرحلة الثانية بدأ، وسيكون هناك مسار إجباري على إسرائيل لدخول تلك المرحلة. وقد نرى ذلك في يناير (كانون الثاني) المقبل، رغم العراقيل الإسرائيلية المتكررة التي ستجابَه بضغوط أميركية متوقعة».

فيما يرى نزال أن اجتماع ميامي وضع الخطوط العريضة للمرحلة الثانية، «وجار تنفيذ إعلان مجلس السلام ولجنة إدارة غزة وقوات الاستقرار، وعليه ستكون إسرائيل مرغمة للدخول للمرحلة الثانية تحت الضغوط الأميركية رغم العراقيل الإسرائيلية، مثل إعادة التشويش بملف نزع السلاح واستمرار الهجمات».


سيناتور أميركي يتهم «حزب الله» بإعادة تسليح نفسه

عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
TT

سيناتور أميركي يتهم «حزب الله» بإعادة تسليح نفسه

عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه، غداة إعلان رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح باتت على بُعد أيام من الانتهاء، وذلك على وقع ملاحقات إسرائيلية لعناصر من «حزب الله» في جنوب الليطاني، وتأكيد الحزب أنه يتعاون مع الجيش اللبناني.

وقال غراهام، خلال زيارته لإسرائيل، الأحد: «أرى أن (حزب الله) يحاول صنع مزيد من الأسلحة... وهذا أمر غير مقبول».

من جانبه، علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلاً: «أنت على حق في الحالتين»، في إشارة إلى اتهامه الحزب وحركة «حماس» بإعادة التسلح، مشيداً بغراهام الذي وصفه بأنه «صديق عظيم لإسرائيل».

وكان سلام أكّد، السبت، أن «المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح المتعلقة بجنوب نهر الليطاني باتت على بُعد أيام من الانتهاء، وأن الدولة جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية، أي إلى شمال نهر الليطاني، استناداً إلى الخطة التي أعدّها الجيش اللبناني بناءً على تكليف من الحكومة»، كما شدّد على «ضرورة توفير كل الدعم اللازم للجيش اللبناني، لتمكينه من الاضطلاع الكامل بمسؤولياته الوطنية».

ملاحقات إسرائيلية

وتمضي الخطة اللبنانية، على إيقاع ملاحقات إسرائيلية لم تتوقف لعناصر من الحزب. وأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، استهداف عنصرين من «حزب الله» في جنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في بيان موجز عبر «إكس»، إن الجيش الإسرائيلي «هاجم عنصراً إرهابياً من (حزب الله) في منطقة ياطر، بجنوب لبنان»، قبل أن يعلن استهداف عنصر آخر بذات المنطقة.

في المقابل، يقول «حزب الله» إنه يتعاون مع الجيش اللبناني بتنفيذ «حصرية السلاح» في منطقة جنوب الليطاني. وأشار النائب أمين شري، عضو كتلة الحزب البرلمانية، إلى تعاون «حزب الله» مع الجيش في خطة انتشاره جنوب الليطاني بشكل تام، لكنه شكّك في جدية «النيّة الدولية لدعم الجيش، خصوصاً مع ترحيل مؤتمر باريس إلى فبراير (شباط)».

وجدّد شري التأكيد على أن «موقف (حزب الله) ثابت بأن أي تفاوض مع الإسرائيلي هو تقديم مزيد من التنازلات، فيما لن يستطيع لبنان انتزاع أي تنازل من إسرائيل، بدليل أن أي موفد أميركي لم يقدّم إلى لبنان أي تنازل إسرائيلي، وبالتالي فإن المطلوب اليوم هو حوار لبناني داخلي للتوصل إلى موقف موحّد يكون قائماً على أولوية حماية السيادة الوطنية عبر تحرير الأرض والأسرى ووقف الاعتداءات الإسرائيلية».

وأشار إلى أن الحزب «سبق أن دعا إلى حوار وطني، يوصل إلى استراتيجية دفاعية، ولم يتم التجاوب معه، وهو لا يزال منفتحاً على أي تفاهم مع الأطراف والمكونات اللبنانية»، مؤكداً أن «تنفيذ إجراءات 1701 من مسؤولية الدولة، وأن (حزب الله) متمسك بأن تكون الدولة متحملة لمسؤولياتها كاملة بالحماية والرعاية».


انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)
TT

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

رغم أنها بنايات متضررة أو منهارة جزئياً، لم يجد كثير من الغزيين بُداً من العيش فيها، غير مكترثين لجدرانها الآيلة للسقوط، ولا جوانبها المهدمة، فهي في عيونهم أفضل من خيام مكدسة تتقاذفها الرياح، وتغرقها الأمطار، وتفتقر لأبسط مقومات الحياة الآمنة.

ومع شدة الريح وغزارة المطر الذي انهمر على القطاع أياماً، سقطت مبانٍ ومنازل على رؤوس قاطنيها؛ إذ انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل في غضون 10 أيام؛ ما تَسَبَّبَ في وفاة أكثر من 15 فلسطينياً؛ وحذر المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني بغزة في حديث لـ«الشرق الأوسط» من تداعيات «المماطلة» في ملف إعادة الإعمار.

وفجر الأحد، انهارت بناية سكنية جديدة في حي الشيخ رضوان بشمال مدينة غزة؛ ما أدى لوفاة 5 فلسطينيين، هم رجل وزوجته وابنتاه وحفيدته التي كانت قد فقدت أباها وإخوتها في قصف إسرائيلي خلال الحرب. وتمكنت طواقم الدفاع المدني من إنقاذ 3 من أفراد العائلة من تحت أنقاض المبنى المتضرر جزئياً والذي كان مكوناً من عدة طوابق.

خلال الأيام العشرة الماضية، انهار في حي الشيخ رضوان وحده ما لا يقل عن 6 بنايات؛ بينما انهارت بنايات ومنازل أخرى جميعها في مدينة غزة، وغالبيتها في مناطقها الغربية والشمالية، مثل حي النصر، ومخيم الشاطئ، وكذلك حي تل الهوا.

عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة (إ.ب.أ)

ويرجح مختصون أن تكون عمليات النسف، التي تنفذها القوات الإسرائيلية باستخدام عربات متفجرة في مناطق متفرقة من القطاع، أحد أسباب ازدياد وتيرة التصدعات والانهيارات، حيث تُوضع أطنان من المتفجرات داخل العربات قبل تفجيرها عن بُعد؛ ما يُحدث هزات قوية يمتد أثرها كيلومترات عديدة، وصلت في مرات إلى وسط إسرائيل.

وتستمر هذه العمليات على جانبي الخط الأصفر، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

مراكز الإيواء «خطرة»

يقول المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني بغزة، محمود بصل، إن أكثر من 90 بناية سكنية تواجه خطر الانهيار بفعل تضررها الجزئي، مشيراً إلى أن تلك البنايات يقطنها آلاف من أهالي القطاع لا يجدون مأوى للعيش فيه.

وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن طواقم مختصة من الجهاز وجهات أخرى أجرت جولات تفقدية واسعة، وطالبت سكان تلك البنايات بإخلائها، وحذرت قاطني مبانٍ أخرى من أنها قد تنهار في أي لحظة.

ولفت إلى أن الجهاز يعاني نقصاً حاداً في الإمكانات يعرقل قدرته على مساعدة السكان عند انهيار تلك المباني، خصوصاً مع اعتماده على أدوات بدائية في محاولات إنقاذ السكان وانتشالهم من تحت الأنقاض.

كما أشار إلى أن مراكز الإيواء تتعرض هي الأخرى للغرق نتيجة الأمطار الغزيرة، الأمر الذي يثير مخاوف النازحين فيها من احتمال انهيار أي أجزاء منها، لا سيما أن غالبيتها متضررة بالفعل.

ودعا إلى ضرورة العمل على إغاثة سكان القطاع، وتوفير الاحتياجات الطارئة وإدخال الكرافانات «تمهيداً لبدء عملية إعادة إعمار حقيقية»، محذراً من المماطلة في هذا الملف الذي قد يطول ويتسبب في سقوط مزيد من الضحايا.

كانت المديرية العامة للدفاع المدني قد ناشدت أهالي غزة إخلاء المباني والمنازل التي استهدفتها القوات الإسرائيلية سابقاً وصُنفت بأنها خطرة «غير صالحة للسكن». وأشارت في بيان إلى أن 22 منزلاً وبناية تعرضت لانهيارات جزئية أو كلية منذ بدء المنخفض الجوي بالقطاع في العاشر من الشهر الحالي؛ ما أسفر عن وفاة 18 شخصاً بينهم 4 لا يزالون مفقودين تحت الأنقاض، بينما ذكرت وزارة الداخلية أن عدد البنايات والمنازل بلغ 46.

خروقات متواصلة ومنظومة صحية متهاوية

يتزامن ذلك مع استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار؛ إذ قتلت طائرة مسيرة 3 فلسطينيين في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الأحد، بعد استهدافهم بقنبلة، بينما أصيب آخران بالرصاص، أحدهما بالحي نفسه، والآخر في جباليا البلد بشمال القطاع.

ويوم السبت، شيع فلسطينيون 7 قتلى من عائلة واحدة بعد أن أطلقت المدفعية الإسرائيلية قذيفتين تجاه مركز إيواء بحي التفاح شرق مدينة غزة، في أثناء احتفالهم بزفاف أحد أبناء العائلة.

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على حفل زفاف في مركز إيواء للنازحين في غزة السبت (أ.ب)

وقُتل ما يزيد على 400 فلسطيني منذ العاشر من أكتوبر الماضي، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، نتيجة الخروقات الإسرائيلية المستمرة.

وفي سياق الوضع الإنساني، قالت وزارة الصحة في غزة إن المنظومة الصحية تشهد «استنزافاً خطيراً وغير مسبوق بعد عامين من الحرب والحصار المطبق» أدى إلى انخفاض حاد في قدرتها على تقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية وانخفاض في أرصدة الأدوية والمستهلكات الطبية والمواد المخبرية.

وبينت أن عدد الأصناف الصفرية من قائمة الأدوية الأساسية بلغ 321 صنفاً دوائياً وبنسبة عجز 52 في المائة، في حين بلغ عدد الأصناف الصفرية من قائمة المستهلكات الطبية 710 أصناف وبنسبة عجز 71 في المائة، بينما بلغت نسبة العجز في قوائم الفحوصات المخبرية وبنوك الدم 59 في المائة.

شاب يحتضن جثمان شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل مع آخرين من عائلته في قصف إسرائيلي استهدف مركز إيواء بمدينة غزة قبل تشييعه السبت (أ.ف.ب)

وقال علاء حلس مدير دائرة الصيدلة بوزارة الصحة بغزة في مؤتمر صحافي، الأحد، إن نسبة العجز من خدمة الطوارئ والعناية المركزة بلغت 38 في المائة «وقد يؤدي ذلك إلى حرمان 200 ألف مريض من خدمة الطوارئ، و100 ألف مريض من خدمة العمليات، و700 مريض في خدمة العناية المركزة».

وأضاف: «70 في المائة من أدوية خدمات الأورام غير متوفرة، وما يقدَّم من بروتوكولات علاجية لمرضى الأورام لا يمكن استكماله؛ ما يسبب انتكاسة في الحالات»، مؤكداً وفاة عدد من المرضى جراء نقص الأدوية.

ووجَّه حلس نداءً عاجلاً إلى جميع الجهات المعنية «لممارسة دورها الكامل» بما يضمن وصول الإمدادات الطبية ومقومات تقديم الرعاية الصحية.