فرصة خليجية لتعزيز الاستقلالية وسط تحولات التجارة العالمية

حسب تقرير «الاستقلالية الاستراتيجية» من «كي بي إم جي»

فرصة خليجية لتعزيز الاستقلالية وسط تحولات التجارة العالمية
TT

فرصة خليجية لتعزيز الاستقلالية وسط تحولات التجارة العالمية

فرصة خليجية لتعزيز الاستقلالية وسط تحولات التجارة العالمية

كشف تقرير أصدرته شركة «كي بي إم جي - الشرق الأوسط» مؤخراً، بعنوان «الاستقلالية الاستراتيجية في التجارة»، عن أن الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة جديدة تشهد المزيد من التفكك، وسط تصاعد الحروب التجارية، وتبدل التحالفات، وتزايد اضطرابات سلاسل الإمداد.

وفي هذا السياق، أوضح التقرير أنَّ الفرصة مواتية لتمكين دول المنطقة من تعزيز مرونتها الاقتصادية، والحد من التعرض للأزمات الاقتصادية الخارجية، وإبراز دورها في صياغة المشهد العالمي للتجارة.

وأشارت «كي بي إم جي» في تقريرها إلى أنَّ نموذج التجارة المفتوحة الذي تبنته دول مجلس التعاون الخليجي منذ عقود، والذي يتميز بمتوسط تعرفة جمركية لا يتجاوز نسبة 5 في المائة، قد مكّنها من الاندماج في الأسواق العالمية، وأتاح لها الوصول إلى المدخلات التجارية والاقتصادية الدولية على نطاق واسع.

وقد أتاح هذا النهج للسعودية تأمين المواد الخام والآلات اللازمة لقطاعها الصناعي، في حين عزز مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً رائداً للخدمات اللوجيستية.

وقد أسهم هذا الانفتاح في تحقيق الازدهار الاقتصادي، ولكنه في المقابل أظهر تحديات هيكلية تتمثل في استمرار اعتماد الصناعات التحويلية المتقدمة والإلكترونية والمعدات الدقيقة على الواردات.

وفي عام 2024، بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية نحو 1.5 تريليون دولار، مع تباطؤ في النمو بنسبة 4 في المائة، وهو ما يعكس مدى ارتباط المنطقة بالأزمات الاقتصادية العالمية.

وتعمل الدول الأعضاء الست تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، إلا أنَّ هناك تبايناً ملحوظاً في استراتيجياتها التجارية والصناعية.

ففي إطار رؤية 2030، تركز السعودية على تعزيز توطين الصناعة وبناء سلاسل إمداد محلية في قطاعات تشمل الكيماويات والمعادن والأدوية ومكونات الطاقة المتجددة، وذلك من خلال مشاريع تتمركز في العاصمة الرياض.

على الجانب الآخر، تواصل دولة الإمارات تعزيز دورها مركزاً لإعادة التصدير من خلال تبسيط الإجراءات الجمركية، وتوقيع اتفاقيات تجارية ثنائية، والاستفادة من مناطقها الحرة في جذب الاستثمارات العالمية.

التقرير يؤكد أنَّ كلا النهجين يحمل مزايا استراتيجية كبيرة، لكنَّ غياب التنسيق المشترك بين دول المجلس قد يضعف قوة التفاوض الجماعية للمنطقة على المستوى العالمي.

وقال عمر الحلبي، الشريك ورئيس الاستشارات الاقتصادية والسياسات العامة في «كي بي إم جي - الشرق الأوسط»: «إنَّ الاستقلالية الاستراتيجية في عالم التجارة تعني تحويل انفتاح المنطقة إلى قوة مستدامة، ومن خلال تنسيق الاستثمارات في صناعات وقطاعات المستقبل، وتوحيد الحوافز، والتفاوض ككتلة اقتصادية واحدة، تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي تعزيز مرونة سلاسل إمداد وخلق فرص عمل نوعية، وترسيخ حضورها في التجارة العالمية؛ هذه الخطوات كفيلة بوضع المنطقة في موقع ريادي خلال المرحلة المقبلة من نمو التجارة الدولية».

كما يؤكد التقرير أن السياسات التي تتبناها دول المنطقة تنعكس بصورة ملموسة على المواطنين وقطاع الأعمال؛ إذ تسهم سلاسل الإمداد الأقوى في الحد من تقلبات الأسعار والحماية من النقص المحتمل في السلع، بينما يوفر توطين الصناعات فرص عمل نوعية تتطلب مهارات عالية.

وعلى نطاق أوسع، يمكن لتنسيق استراتيجيات التجارة والصناعة أن يعزز الاستقرار الاقتصادي لدول المنطقة، لتكون ذات تأثير عالٍ في منظومة التجارة العالمية.

ويخلص تقرير «كي بي إم جي - الشرق الأوسط» إلى أنَّ السنوات القليلة المقبلة ستكون حاسمة، إذا ما تبنّت الدول الأعضاء نهجاً موحّداً وطموحاً يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تنتقل من كونها مستهلكاً للتوجهات العالمية إلى مؤثّر فعّال في صياغتها، والتحول من متلقٍ للأسعار إلى صانع لها في النظام التجاري الدولي المتغيّر.


مقالات ذات صلة

العلاقات السعودية - الأميركية... عام تعزيز المصالح السياسية والتعاون الدفاعي

خاص من مراسم استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

العلاقات السعودية - الأميركية... عام تعزيز المصالح السياسية والتعاون الدفاعي

كرّست الشراكة السعودية الأميركية في 2025 موقع الرياض كوسيط دولي موثوق انعكس أيضاً في حزمة اتفاقيات شملت الدفاع الاستراتيجي والذكاء الاصطناعي والطاقة وغيرها.

غازي الحارثي (الرياض)
تحليل إخباري أعلام دول مجلس التعاون الخليجي معلقة في سوق المباركية بمدينة الكويت (رويترز)

تحليل إخباري كيف أصبح الخليج ملاذاً للاستثمارات الآسيوية وسط اضطرابات الأسواق الكبرى؟

شهدت سندات وقروض الخليج العربي تدفقاً كبيراً من المستثمرين الآسيويين هذا العام، ما يعكس تعميق العلاقات التجارية والمالية مع المنطقة سريعة النمو.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي - سنغافورة)
عالم الاعمال «فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

«فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

تعزّز شركة «فولكس واغن» الألمانية حضورها في أسواق الخليج، والسعودية بوصفها ركيزة رئيسية في استراتيجيتها العالمية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ متظاهرون يحملون العلم السوري أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (رويترز)

الكونغرس لإلغاء «قيصر» من دون شروط

بعد عملية شد حبال طويلة توصل الكونغرس إلى اتفاق من شأنه أن يلغي عقوبات قيصر على سوريا نهائياً.

رنا أبتر (واشنطن)
الخليج ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس) play-circle 00:39

أسبوع من النشاط الدبلوماسي في تعزيز العلاقات السعودية - القطرية

سجّلت العلاقات السعودية - القطرية نشاطاً لافتاً مؤخّراً، وتعزّز خلال أقل من الأسبوع عبر مجموعة مجريات تُوّجت عبر جلسة المباحثات الرسمية، واجتماع مجلس التنسيق.

غازي الحارثي (الرياض)

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»
TT

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

أعلن بنك الجزيرة عن إطلاق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»، في خطوة تعبّر عن امتداد لمسيرة نمو استمرت على مدى خمسين عاماً، شكّلت خلالها محطات التحوّل المتتالية ملامح البنك كما هو اليوم. وتأتي هذه الهوية تتويجاً لمرحلة استراتيجية عزّزت دور البنك ومكانته في القطاع المصرفي السعودي.

وفي إطار هذه المرحلة الجديدة، شمل إطلاق الهوية الجديدة أيضاً هوية شركة «الجزيرة كابيتال»، الذراع الاستثمارية لبنك الجزيرة، بما يعكس وحدة الرؤية والتوجّه الاستراتيجي للمجموعة. وتجسّد الهوية الجديدة لـ«الجزيرة كابيتال» تطورها كشركة استثمارية متخصصة في إدارة الثروات والحلول الاستثمارية، تركّز على تقديم خدمات مصمّمة بعناية تلبي تطلعات المستثمرين، وتعزّز دورها كشريك موثوق في بناء وتنمية المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل، انسجاماً مع التوجه العام للبنك.

كما شمل الإعلان إطلاق هوية جديدة لخدمة فوري، بما ينسجم مع هوية البنك المحدّثة ويعكس التزامه بتقديم خدمات تحويل مالية موثوقة وسلسة ضمن منظومة مالية متقدمة. وفي هذا السياق قال نايف العبدالكريم، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك الجزيرة: «الهوية الجديدة ليست مجرد تغيير بصري، بل هي انعكاس حقيقي لما أصبح عليه البنك اليوم. منذ تحديث استراتيجيتنا في 2023، عملنا على إعادة بناء طريقة عملنا، وتوحيد جهود قطاعات البنك حول هدف واحد، والنتائج التي نراها اليوم في جودة الخدمة وسرعة الإنجاز تؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح».

وتعكس الهوية الجديدة ما أصبح عليه البنك اليوم بعد تحديث استراتيجيته في عام 2023، والتي شكّلت نقطة تحوّل محورية في مسيرته، حيث اشتملت على تطوير منظومة مصرفية متكاملة والتركيز على إدارة الثروات للأفراد، من خلال بناء نموذج مصرفي أكثر مرونة وكفاءة، يقود خدماته رقمياً، ويوازن بين النمو المستدام، وتعزيز محفظة الشركات، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية ورأس المال البشري، ورفع كفاءة العمليات التشغيلية.

ومنذ تأسيسه، مرّ بنك الجزيرة بمراحل نمو وتحوّل متعاقبة، انتقل خلالها من بنك تقليدي إلى مؤسسة مالية أكثر ابتكاراً وتخصّصاً، وصولاً إلى موقعه الحالي كبنك يضع إدارة الثروات في صميم أعماله، ويقدّم تجربة مصرفية تقوم على علاقات طويلة الأمد وفهم عميق لتطلعات العملاء المالية.

وبالتوازي مع ذلك، يرسّخ البنك دوره كشريك موثوق لقطاع الأعمال بمختلف فئاته، من الشركات الكبرى إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، عبر حلول مصرفية تدعم النمو والاستدامة، وتسهم في تمكين هذا القطاع الحيوي بما يواكب مستهدفات التنمية الاقتصادية في المملكة.

ويرتكز توجه بنك الجزيرة في مرحلته الحالية على فكرة جوهرية واضحة يجسّدها الشعار الجديد «هنا تنمو الثروات»، والذي يعبّر عن دور البنك كشريك رئيسي في بناء الثروات وتحقيق قيمة مستدامة لعملائه من الأفراد والشركات.


«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة
TT

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

«روتانا ساينز» تعزز حضورها بسوق الإعلانات الخارجية في جدة

تواصل شركة «روتانا ساينز» تعزيز حضورها في مدينة جدة عبر تنفيذ عقد «جسور جدة الرقمية»، بالتعاون مع أمانة جدة، في خطوة تهدف إلى إعادة صياغة تجربة الإعلانات الخارجية من خلال شبكة حديثة من الجسور الرقمية.

ودخل المشروع مرحلته الأولى من الإنشاءات، حيث تم تركيب 20 لوحة رقمية جديدة على الجسور تقع ضمن أهم المحاور الحيوية في المدينة، من بينها: طريق الملك فهد، شارع صاري، شارع التحلية، طريق الأندلس، وطريق الملك عبد الله، فيما تستمر الأعمال لتنفيذ مواقع إضافية في مناطق استراتيجية أخرى. وتتميز الشاشات الرقمية الجديدة بارتفاع يضمن خط رؤية مباشر وواضح، ومدى بصري طويل دون عوائق تُذكر، ما يمنح العلامات التجارية حضوراً قوياً على أكثر الطرق ازدحاماً في جدة.

ويُنفّذ المشروع على مرحلتين؛ حيث اكتملت المرحلة الأولى بالفعل، فيما ستدخل المرحلة الثانية حيّز التشغيل في بداية عام 2026، بما يعكس التوسع المتسارع لشبكة الإعلانات الرقمية في المدينة ويتيح وصولاً مضاعفاً إلى العلامات التجارية نحو جمهور واسع ومتنوّع.

وبالتوازي مع مشروع الجسور الرقمية، تعمل «روتانا ساينز» على توسيع انتشارها في جدة من خلال شبكة من الواجهات الإعلانية (اليونيبولات) ضمن عقد «يونيبول جدة» بالشراكة مع أمانة جدة، إذ أنجزت الشركة المرحلة الأولى التي تضمنت تركيب 30 يونيبول و60 واجهة إعلانية في وسط وجنوب وشمال المدينة، لا سيما ضمن المناطق العمرانية والأحياء الحديثة التي تشهد نمواً سكانياً متسارعاً وتحتاج إلى حلول إعلانية متطورة.

ومن المقرر أن تنطلق المرحلة الثانية من المشروع مطلع عام 2026، لتضيف مجموعة جديدة من الواجهات الضخمة المزوّدة بأحدث تقنيات العرض، ما يعزّز تكاملها مع شبكة الجسور الرقمية والمنشآت الإعلانية الحديثة، مما يدفع «روتانا ساينز» للاقتراب من تغطية أكثر من 50 في المائة من حجم الإعلانات الخارجية في جدة.

وقال حسن زيني، نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات في «روتانا ساينز»: «يمثل مشروع جسور جدة الرقمية خطوة استراتيجية في توسيع شبكة الإعلانات الرقمية في المملكة، ويمنح العلامات التجارية ظهوراً مباشراً على مدار الساعة أمام جمهور واسع».

وأضاف: «نحن ملتزمون بتقديم حلول مبتكرة تواكب التحول الرقمي للمدن وتعزّز تجربة الإعلان الخارجي. كما تشكل شبكة شاشات اليونيبول عنصراً محورياً في هذا التوسع، إذ توفر حضوراً قوياً عبر واجهات تغطي محاور جديدة في جدة. وقد أصبحت (روتانا ساينز) أول جهة تتيح للعلامات التجارية الظهور في مواقع مميزة في شمال وشرق المدينة، بما يثري المنظومة الإعلانية ويوسّع خيارات العلامات التجارية ومساحات تأثيرها ضمن بيئة متنامية وحيوية».

ويجسّد هذا التوسع المتواصل التزام «روتانا ساينز» بتقديم صيغ إعلانية عالية التأثير في مواقع تصنع الفارق، حيث تلتقي العلامات التجارية بسكان جدة وزوارها وسياحها في لحظات أعلى انتباهاً، بما ينسجم مع رؤية الشركة لإعادة تعريف تجربة الإعلان الخارجي وتقديم حلول مبتكرة وفعّالة.


«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية
TT

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

«غروب آي بي»: الدفاع التعاوني صمام الحماية للتحول الرقمي في السعودية

أكّد ديمتري فولكوف، الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي» أن مشهد الأمن السيبراني في السعودية يتسارع مع تسارع التحول الرقمي، مشيراً إلى أنه مع اتساع الاعتماد والتحول إلى الخدمات الرقمية يضع أهمية كبرى لحماية ذلك التحول.

وشدد فولكوف على أن المعادلة لم تعد تقتصر على امتلاك أدوات دفاعية تقليدية، بل باتت تتطلب «نهجاً استباقياً» يعتمد على فهم الخصوم وتتبّع سلوكهم، إلى جانب تعاون حقيقي بين أطراف المنظومة لتقليص أثر الاحتيال والهجمات قبل وقوعها.

وأوضح فولكوف، خلال مشاركة الشركة هذا العام في مؤتمر «بلاك هات»، أن التركيز كان على استعراض كيفية استفادة المؤسسات من أحدث حلول «استشعار التهديدات» عبر ما وصفه بـ«نهج يركّز على الخصوم». يتيح هذا النهج تتبع الجهات الفاعلة في التهديدات من زوايا متعددة، وتزويد العملاء بالأدوات التي تساعدهم على توقع المخاطر المستقبلية والاستعداد لها، بدل الاكتفاء بإدارة الأزمات بعد وقوعها.

وحسب فولكوف، كان إطلاق منصة «استشعار الاحتيال السيبراني» (CFIP)، التي تقوم على مبدأ الدفاع الجماعي داخل السوق المالية. ووفقاً لحديثه، تتيح المنصة تبادل المعلومات في الوقت الفعلي بين البنوك وتجار التجزئة والهيئات التنظيمية، بما يُعزز قدرة الجهات المختلفة على رصد الأنشطة الاحتيالية ومواجهتها بصورة أكثر تنسيقاً، ويقوّي في المحصلة «النظام المالي الأوسع».

ويرى فولكوف أن المنصات التقليدية لمكافحة الاحتيال -سواء تلك القائمة على تحليل السلوك أو على متابعة المعاملات- أصبحت أقل كفاءة بمفردها أمام تطور أساليب المحتالين، مشيراً إلى أن الحل يبدأ عندما تتحول مكافحة الاحتيال من جزر معزولة إلى منظومة تتشارك الإشارات والتحذيرات بسرعة.

وعن أبرز التهديدات التي تواجه المؤسسات السعودية حالياً، يضع فولكوف حماية البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية في صدارة الأولويات، خصوصاً مع تنامي الاعتماد على الرقمنة في مختلف القطاعات.

كما لفت إلى استمرار خطورة «برامج الفدية» والجرائم السيبرانية ذات الدوافع المالية، نظراً لقدرتها على تعطيل العمليات والتأثير على استمرارية الأعمال.

وخصّ فولكوف قطاع الاتصالات باهتمام متزايد، واصفاً إياه بقطاع محوري لتمكين الاتصال الوطني والخدمات الرقمية، لكنه في الوقت ذاته يُدير بنى تحتية «ضخمة ومعقدة ومترابطة»، ما يجعله هدفاً مغرياً، ويجعل تعزيز أمنه السيبراني أولوية لا تقبل التأجيل.

وفي شرح لكيفية إحداث منصة «CFIP» نقلةً نوعية في كشف الاحتيال، أكد فولكوف أن جوهرها هو تمكين المؤسسات المالية من تبادل المعلومات لحظياً دون الكشف عن البيانات الحساسة، وهو ما يعالج معضلتين لطالما قيّدتا التعاون: السرية والتشارك.

وحسب رؤيته، تستطيع البنوك عبر المنصة تحديد البنى التحتية الاحتيالية وتعطيل حسابات المحتالين، وكذلك التنبؤ بكيفية استغلالهم للأدوات التي يعتمدون عليها، مع الحفاظ على خصوصية البيانات داخل كل مؤسسة.

ديمتري فولكوف الرئيس التنفيذي لدى «غروب آي بي».

وتحدّث فولكوف عن اتجاهات تتكرر مع توسع الرقمنة مثل تصاعد المخاطر المتطورة ضد المؤسسات الكبيرة والخدمات الأساسية، ما يرفع الحاجة إلى أمن متقدم ومراقبة مستمرة.

كما أشار إلى اتساع دائرة «الاحتيال السيبراني» التي تستهدف المستهلكين وعملاء البنوك، وأحياناً الشركات، إلى جانب استمرار تهديد الفدية بوصفه عاملاً قادراً على إحداث شلل فوري للعمليات.

وأخيراً، لفت إلى بروز نشاط سيبراني مدفوع بآيديولوجيات معينة عالمياً، يستخدم القنوات الرقمية للتضخيم أو محاولة إحداث اضطراب.

وفيما يتعلق بالتعاون مع الجهات الحكومية والتنظيمية السعودية، شدد فولكوف على التزام «غروب آي بي» بالعمل مع الحكومة والشركات والهيئات التنظيمية، مؤكداً أن الشركة تبنّت مسار «الاندماج في البيئة المحلية» عبر تشكيل فريق من الخبراء التقنيين داخل المملكة لتحليل التهديدات المحلية وتقديم رؤى عملية للمجتمع السيبراني، إلى جانب أولوية التثقيف وبناء القدرات.

وأضاف أن الشركة نشرت بنية تقنية تشغيلية داخل السعودية لضمان وجود قدرات محلية تستطيع التعامل مع التحديات الخاصة بالمملكة، وبما يدعم تعزيز التعاون واستمرار الاستثمار في تطوير منظومة الأمن السيبراني.

وقدّم فولكوف رسالة مباشرة للمسؤولين التنفيذيين السعوديين الحاضرين في «بلاك هات» أن الدفاع التعاوني والأمن الاستباقي لم يعودا خياراً ثانوياً، فالمشهد المتشابك للتهديدات -وفق قوله- يثبت أن المؤسسة لا تستطيع حماية نفسها بمعزل عن غيرها، وأن الانتقال من رد الفعل إلى التنبؤ هو ما يصنع الفارق.

كما لفت إلى أن الحدود بين «الهجمات السيبرانية» و«الاحتيال السيبراني» باتت أكثر تداخلاً، في حين تعمل القطاعات المعنية غالباً بشكل منفصل.

ويدعو فولكوف إلى دمج جهود الأمن السيبراني ومنع الاحتيال ضمن استراتيجية واحدة متماسكة، بوصفها الطريق الأسرع لبناء دفاع «أقوى وأكثر مرونة» يتناسب مع طموحات السعودية الرقمية.