أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، استهداف قارب آخر هو الثاني هذا الشهر، ادعى أنه ينقل مخدرات من فنزويلا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على متنه، ملمحاً إلى إمكان توسيع نطاق استهداف القوات الأميركية للعصابات الفنزويلية التي يتهمها بإدخال مخدر الفنتانيل القاتل إلى الولايات المتحدة.
ويماثل هذا الهجوم الذي حصل، الاثنين، هجوماً آخر على قارب في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي جنوب البحر الكاريبي، مما رفع حدة التوتر بين إدارة ترمب وحكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وأثار مخاوف من وقوع صدامات عسكرية بين البلدين.
وكتب ترمب في منشور على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي أنه «بناء على أوامري، نفذت القوات العسكرية الأميركية ضربة حركية ثانية ضد عصابات تهريب مخدرات وإرهابيين متورطين في أنشطة عنيفة للغاية تم تحديدها بشكل مؤكد في منطقة مسؤولية القيادة الجنوبية للجيش الأميركي». وأكد أن «الضربة وقعت بينما كان هؤلاء الإرهابيون المشتبه فيهم من فنزويلا في المياه الدولية ينقلون مخدرات غير مشروعة (سلاح فتاك يُسمم الأميركيين!) متجهين إلى الولايات المتحدة». وأضاف: «تشكل هذه العصابات شديدة العنف لتهريب المخدرات تهديداً للأمن القومي الأميركي والسياسة الخارجية والمصالح الأميركية الحيوية».
وكذلك نشر ترمب فيديو مدته 27 ثانية يجمع عدة مقاطع من المراقبة الجوية. ويظهر الشريط زورقاً سريعاً في المياه، قبل أن يلتهمه انفجار ضخم. ولم يتضح ما كان على متن القارب.
ولم تقدم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أي تفاصيل أخرى حول الضربة، مشيرة إلى منشور ترمب، رغم أن مسؤولاً في الوزارة أفاد بشكل منفصل بأنها ضربة من العمليات الخاصة.
وندّد خبراء قانونيون بالعمل العسكري الأميركي، واصفين إياه بأنه «غير قانوني». وقال المدعي العام الأعلى السابق للبحرية الأميركية الأميرال دونالد غوتر إن «ترمب يُطبّع ما عدّه ضربة غير قانونية».
وقُبيل الهجوم الثاني، الاثنين، ندّد مادورو بالهجوم الأميركي الأول، واصفاً إياه بأنه «جريمة شنيعة» و«هجوم عسكري على مدنيين لم يكونوا في حالة حرب، ولم يُشكّلوا تهديداً عسكرياً لأي دولة». وأضاف أنه إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن ركاب القارب تجار مخدرات، فكان ينبغي اعتقالهم. واتهم إدارة ترمب بمحاولة إشعال حرب.

قرار سرّي
ووقّع ترمب في يوليو (تموز) الماضي قراراً تنفيذياً لا يزال سريّاً يُوجه «البنتاغون» بالبدء في استخدام القوة العسكرية ضد بعض العصابات الإجرامية وعصابات المخدرات في أميركا اللاتينية. كما بدأت إدارته في تصعيد هجماتها الكلامية على مادورو. وفي أغسطس (آب) الماضي، أرسلت البحرية الأميركية قوة نارية كثيفة إلى جنوب الكاريبي، حيث تنتشر الآن ثماني سفن حربية، علماً بأن «البنتاغون» أمر أيضاً بإرسال مسيّرات مسلحة من طراز «إم كيو - ريبير» ومقاتلات من طراز «إف 35» وغير ذلك من الطائرات إلى بورتوريكو. وقام وزير الدفاع بيت هيغسيث ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال دان كين بزيارة غير معلنة إلى بورتوريكو الأسبوع الماضي.
وفيما بدا أنه تنفيذ لقرار ترمب، نفّذت القوات الأميركية هاتين الضربتين. ولم يُفصح الجيش الأميركي عن الأسلحة التي استخدمها لمهاجمة القاربين.
الديمقراطيون يعترضون

وهاجم الديمقراطيون في الكونغرس قرار ترمب. وقال العضو الديمقراطي البارز في لجنة القوات المسلحة السيناتور جاك ريد إن «تصرفات الرئيس ترمب انتهاك صارخ للقانون، واعتداء خطير على دستورنا»، مضيفاً أنه «لا يمكن لأي رئيس أن يشنّ حرباً سراً، أو يرتكب عمليات قتل غير مبررة - فهذا استبداد، وليس ديمقراطية».
غير أن البيت الأبيض عدّ أن الضربة الأولى كانت متوافقة مع قوانين النزاع المسلح. وصرّح هيغسيث ووزير الخارجية ماركو روبيو الذي يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي بأنه سيكون هناك المزيد.
في المقابل، رفض المتخصصون في قوانين استخدام القوة هذه الفكرة بشكل قاطع، مشيرين إلى أن جريمة تهريب المخدرات لم تعد قط مماثلة لهجوم مسلح وشيك يُمكن من استخدام القوة المميتة دفاعاً عن النفس، وأن الكونغرس لم يصرّح بأي نزاع مسلح مع عصابات المخدرات.
وأعلنت الحكومة الفنزويلية السبت الماضي أن البحرية الأميركية اعترضت قارب صيد، واحتجزت تسعة صيادين لمدة ثماني ساعات قبل أن تطلقهم. وأكد مسؤول في وزارة الدفاع لاحقاً تفاصيل تلك الحادثة، مضيفاً أن مسؤولي إنفاذ القانون في خفر السواحل صعدوا على متن القارب.
