أكدت مصر التزامها بأعلى معايير الأمان في برنامجها النووي، وتطبيق خطة متكاملة وطموحة في الأمن النووي، بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وشدَّدت القاهرة، على لسان وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، محمود عصمت، خلال إلقاء البيان المُصوَّر الخاص ببلاده أمام «المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية» في دورته الـ69، المنعقد خلال الفترة بين 15 و19 سبتمبر (أيلول) الحالي بالعاصمة النمساوية فيينا، على التزامها في ممارسة أنشطتها النووية السلمية كافة، بالشفافية الكاملة في إطار التزاماتها القانونية بموجب معاهدة «عدم انتشار الأسلحة النووية» واتفاق الضمانات الشاملة.
وأكد الوزير المصري أن بلاده أصبحت مركزاً إقليمياً لدعم الأمن النووي، وتقوم بدور ملموس وفعّال في أنشطة التوعية والتدريب على مستوى منطقتَي الشرق الأوسط والقارة الأفريقية. وأوضح أن الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حقٌ أصيل لجميع الدول بموجب «معاهدة عدم الانتشار»، وأن مصر تواصل أنشطة البحث والتطوير في مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة والتطبيقات النووية، بما يتوافق مع «رؤية مصر 2030».

وشدَّد عصمت على موقف مصر المبدئي بحظر وإدانة أي هجوم على المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة، والمُخصصة لأغراض سلمية بموجب قرارات المؤتمر العام للوكالة ذات الصلة، مؤكداً أن الهجوم على تلك المنشآت يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ولميثاق الأمم المتحدة، ونظام الوكالة بموجب مسؤوليات الدول الأعضاء، وتقويضاً لمصداقية منظومة «منع الانتشار النووي» كلها.
وأكد تمسّك مصر بأهمية العمل على تحقيق عالمية المعاهدة، وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط بوصفها السبيل الجوهري لمعالجة المخاطر الإقليمية والتهديدات الأمنية دون تمييز أو ازدواجية في المعايير
واستعرض الوزير آخر التطورات التي يشهدها المشروع النووي المصري السلمي لتوليد الكهرباء من خلال محطة الضبعة، حيث يعدّ خطوة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة وتوطين التكنولوجيا الحديثة.
وتعمل الحكومة المصرية على تسريع العمل في محطة «الضبعة» النووية، في منطقة الضبعة (شمال البلاد)، التي يجري تنفيذها بالتعاون مع روسيا، على أمل بدء تشغيلها قبل الموعد المحدد عام 2029؛ بهدف توفير مصادر طاقة جديدة في البلاد.
وأشار الوزير المصري إلى التقدم الملموس في تنفيذ المشروع، حيث تم تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدتين الثالثة والرابعة، التي تعدّ من أهم مكونات أنظمة الأمان النووي الحديثة، وتسهم في تعزيز السلامة التشغيلية في الحالات الطارئة، وفقاً لأعلى المعايير الدولية.
وأوضح أنه تم خلال العام الحالي الحصول على إذن إنشاء منشأة تخزين الوقود النووي المستهلك لمحطة الضبعة النووية، وكذا استمرار أعمال الإنشاءات والتركيبات بالوحدات الأربع، ومنها الانتهاء من تركيب المستوى الثالث من وعاء الاحتواء الداخلي لمبنى المفاعل بالوحدة النووية الثانية، وجارٍ تصنيع المعدات للوحدات النووية الأربع، ومنها مولدات البخار، ومثبت الضغط، وأجزاء الدائرة الرئيسية، ومولدات الكهرباء، والتربينة البخارية، وكذا وعاء ضغط التفاعل، المخطط تركيبه للوحدة الأولى خلال العام الحالي.
وتضم المحطة، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2029، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً، حسب وزارة الكهرباء المصرية.
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، خلال استقباله نائب رئيس وزراء روسيا الاتحادية، أليكسي أوفيرتشوك، الذي يزور القاهرة، حرص مصر على تفعيل العمل بالمشروعات المشتركة بين الجانبين، وفي مقدمتها مشروع إقامة محطة الضبعة للطاقة النووية.

خبيرة الطاقة في مصر، الدكتورة وفاء علي، عدّت التصريحات المصرية أمام المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية «تعكس رؤيتها الاستراتيجية لإدماج الطاقة النووية السلمية بوصفها جزءاً أساسياً من خطتها لتحقيق التنمية المستدامة والأمن القومي».
وأشارت خبيرة الطاقة، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا التوجه هو جزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مضيفة: «مآلات المشهد تُشير بوضوح إلى أن الدولة المصرية تدرك تماماً أهمية الطاقة النووية السلمية في تحقيق التنمية الاقتصادية».
وشدَّدت الخبيرة على أن برنامج مصر النووي يلتزم بأعلى معايير الأمن والأمان، وهو ما حظي بإشادة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسها. وأوضحت أن الوكالة قامت في عام 2019 بمهمة متكاملة لمراجعة البنية التحتية النووية في مصر، تُسمى «مهمة مراجعة البنية التحتية المتكاملة للطاقة النووية (INIR)»، مما يؤكد التزام القاهرة بجميع المعايير الدولية.
وأضافت أن عاملي الأمان والموثوقية من أهم العوامل المحورية في بناء المحطة النووية، خصوصاً أنها تنتمي إلى الجيل الثالث من المفاعلات النووية، الذي يتمتع بمواصفات أمان متقدمة.









