انقسام في «الفيدرالي» وسط ضغوط من ترمب وتوقعات بخفض الفائدة

اجتماع سابق للسوق الفيدرالية المفتوحة التي يرأسها باول (الاحتياطي الفيدرالي)
اجتماع سابق للسوق الفيدرالية المفتوحة التي يرأسها باول (الاحتياطي الفيدرالي)
TT

انقسام في «الفيدرالي» وسط ضغوط من ترمب وتوقعات بخفض الفائدة

اجتماع سابق للسوق الفيدرالية المفتوحة التي يرأسها باول (الاحتياطي الفيدرالي)
اجتماع سابق للسوق الفيدرالية المفتوحة التي يرأسها باول (الاحتياطي الفيدرالي)

يستعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يواجه انقساماً داخلياً وضغوطاً شديدة من الرئيس دونالد ترمب، لإجراء أول خفض له في أسعار الفائدة، هذا العام. يأتي هذا القرار في ظل خلاف حول ما إذا كان ضعف سوق العمل يوازن مخاطر التضخم التي تفرضها التعريفات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي.

يتوقع المستثمرون، على نطاق واسع، أن تقوم اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، بخفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة، في تصويتها يوم الأربعاء.

لكن رئيس المجلس، جيروم باول، قد يجد نفسه في موقف صعب، حيث يقع بين المحافظين، الذين يدفعون نحو خفض أكبر، وبين رؤساء فروع «الفيدرالي» الإقليمية الذين يفضّلون الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية.

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يهمّ بالمغادرة بعد انتهاء مؤتمره الصحافي (أرشيفية-أ.ف.ب)

وقال فنسنت راينهارت، وهو مسؤول سابق في «الفيدرالي» يشغل حالياً منصب كبير الاقتصاديين في «بي إن واي إنفستمنتس»: «من المرجح أن يشهد التصويت معارضة من الاتجاهين». وأضاف: «التوقعات هي أن السياسة النقدية جهد جماعي. ووجود عدد قليل من أعضاء اللجنة لا يتفقون مع الرئيس يشير إلى أن الحجة لاتخاذ الإجراء لم تُبنَ بشكل كافٍ»، وفق ما نقلت عنه صحيفة «فاينانشال تايمز».

ولم يسبق أن انقسمت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بهذه الطريقة إلى ثلاثة اتجاهات منذ عام 2019.

وقال كريشنا جوها، من شركة «إيفركور»، إن احتمالية الانقسام الثلاثي «علامة على نوع الضغط المميز الذي تتعرض له اللجنة حالياً». وأضاف: «هناك ضغوط سياسية ومؤسسية جديدة تتعارض مع النقاش الاقتصادي الصرف».

خلفية سياسية متوترة

يأتي الاجتماع، الذي يستمر يومين، ويبدأ يوم الثلاثاء، وسط تصعيد في هجوم الرئيس الأميركي على البنك المركزي. وقد دعا ترمب، في وقت سابق، رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» للاستقالة، ووصفه بـ«الأحمق» بسبب تردده في خفض أسعار الفائدة. وفي الشهر الماضي، حاول ترمب إقالة حاكمة المجلس ليزا كوك، وسط مزاعم بالاحتيال في قروض عقارية، وهو ما نفته كوك، التي رفعت دعوى قضائية ضد ترمب مدَّعية أنه لا يملك الحق في فصلها «لسبب».

ومن المقرر أن تحضر كوك الاجتماع، بعد أن منحتها محكمة فيدرالية في واشنطن، في وقت سابق من هذا الأسبوع، الحق في البقاء بمنصبها في الوقت الحالي، على الرغم من أن محامي ترمب استأنفوا القرار، يوم الخميس، مطالبين بإلغائه، بحلول يوم الاثنين.

وبعد أن خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، العام الماضي، أبقى عليها في نطاقٍ يتراوح بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

يأتي التوجه المتوقع نحو التيسير النقدي بعد أن قال باول، في جاكسون هول، الشهر الماضي، إن تراجع سوق العمل سيكون، على الأرجح، كافياً لمنع تعريفات ترمب الجمركية من أن تؤدي إلى ضغوط سعرية أوسع نطاقاً.

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

خلاف حول تأثير التعريفات الجمركية

وبينما يرى باول أن أي تأثير للتعريفات الجمركية على الأسعار سيكون صدمة لمرة واحدة يمكن للبنك المركزي أن يتجاهلها، فإن بعض رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية غير مقتنعين بذلك. ويشمل هؤلاء أوستان غولسبي من فرع شيكاغو، وجيف شميد من فرع كانساس سيتي، وألبرتو مسالم من فرع سانت لويس.

ويجادل هؤلاء بأن مؤشرات التضخم لا تزال في تصاعد ولم تعكس بعدُ التأثير الكامل للسياسات التجارية، في حين أن معدل البطالة، البالغ 4.3 في المائة، لا يزال منخفضاً.

ويرى البعض أن باول قد يكون قادراً على إقناع المتشددين في السياسة النقدية بدعمه. وقال ديريك تانغ، المحلل في LHMeyer، إن باول قد يعقد «صفقة كبرى» من خلال الإشارة إلى شروطٍ أكثر صرامة لأي تخفيضات مستقبلية بأسعار الفائدة، إذا صوّتوا معه في هذا الاجتماع.

من جانبه، قال جوها إنه من منظور سياسي، قد يستفيد باول من المعارضة المتشددة: «إنها توازن الضغط قليلاً من ترمب - ومن المعيَّنين من قِبل ترمب - لخفض أسعار الفائدة بشكل أكثر عدوانية».

احتمالية خفض أكبر

قد يرى حاكم «الاحتياطي الفيدرالي» كريستوفر والر، وهو مرشح بارز ليحل محل باول رئيساً في مايو (أيار) المقبل، أن بيانات الوظائف الأخيرة مُقلقة بما يكفي لتبرير خفض كبير بمقدار 50 نقطة أساس.

فقد ارتفعت مطالبات البطالة الأولية، هذا الأسبوع، إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2021، بينما كشف أحدث تقرير عن بيانات الرواتب في القطاعات غير الزراعية عن أول خسائر شهرية في الوظائف منذ جائحة فيروس كورونا.

وقد يدعم حليفٌ آخر للرئيس، ستيفن ميران، خفضاً بمقدار 50 نقطة أساس أو أكثر، إذا جرى تأكيد تعيينه في منصب حاكم للمجلس من قِبل مجلس الشيوخ في الوقت المناسب لتصويت سبتمبر (أيلول).

في المقابل، تُعد احتمالية دعم ميشيل بومان لخفضٍ أكثر حدة، أعلى، على الرغم من دعمها دعوة والر لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في تصويت يوليو (تموز). لكن إذا دعمت بومان، التي هي أيضاً على القائمة المختصرة للمرشحين المحتملين لخلافة باول، خفضاً أكبر، فسيكون ذلك المرة الأولى التي لا يصوّت فيها ثلاثة حكام مع الرئيس منذ عام 1988.

توقعات متضاربة

قد تؤدي الخلفية الاقتصادية غير المؤكَّدة والمناخ السياسي المتوتر إلى تباين في رسالة «الاحتياطي الفيدرالي» حول ما سيحدث لاحقاً.

وستُصدر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أحدث توقعاتها الفصلية - التي تحدد ما يعتقده أعضاؤها الـ19 المصوّتون وغير المصوّتين بشأن النمو، والتضخم، والبطالة، وأسعار الفائدة - بعد اختتام الاجتماع.

قال مايكل فيرولي، من «جيه بي مورغان»: «من المرجح أن يكون المعتدلون والمتشددون في اللجنة حذِرين بشأن الالتزام بمسار تيسيري؛ نظراً للوضع التضخمي».

وقال راينهارت: «ستكون التوقعات الاقتصادية منتشرة بقدر ما رأينا. مخططات النقاط (dot plots) هي بمثابة لوحة قماشية كبيرة فارغة يملأونها بنيّاتٍ مختلفة... نحن نصل هنا إلى مرحلة الرسم العشوائي».


مقالات ذات صلة

عام مخيّب للدولار… وتوقعات بضعف أطول في 2026

الاقتصاد امرأة تعد أوراق الدولار الأميركي في منزلها في بوينس آيرس بالأرجنتين (رويترز)

عام مخيّب للدولار… وتوقعات بضعف أطول في 2026

ينتهي العام مخيباً للآمال بالنسبة للدولار الأميركي، مع ظهور علامات على استقرار العملة، إلا أن العديد من المستثمرين يتوقعون أن يستمر انخفاضها في العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداول يراقب شاشات تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (إ.ب.أ)

العقود الآجلة الأميركية تصعد مع تجدد الحماس للذكاء الاصطناعي

افتتحت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية أسبوع التداول القصير بسبب عطلة عيد الميلاد على ارتفاع مدفوعة بصعود أسهم التكنولوجيا

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد بيث هاماك تتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في مدينة نيويورك 24 أبريل 2025 (رويترز)

هاماك من «الفيدرالي»: لا حاجة إلى تغيير الفائدة لأشهر عدة مقبلة

قالت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، إنها لا ترى حاجة إلى تغيير أسعار الفائدة الأميركية لأشهر عدة مقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد كيفن هاسيت يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج البيت الأبيض في واشنطن - 16 ديسمبر 2025 (رويترز)

هاسيت... المرشح المحتمل لرئاسة «الفيدرالي»: ترمب مُحقّ بشأن التضخم

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد المرشحين المحتملين لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إن ترمب مُحقّ في قوله إن التضخم منخفض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

ارتفعت الأسهم الأميركية يوم الخميس بعد صدور تقرير مُشجع بشأن التضخم، ما قد يتيح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من المرونة في خفض أسعار الفائدة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«هاربور إنرجي» البريطانية تدخل خليج المكسيك عبر صفقة استحواذ قيمتها 3.2 مليار دولار

منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)
منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)
TT

«هاربور إنرجي» البريطانية تدخل خليج المكسيك عبر صفقة استحواذ قيمتها 3.2 مليار دولار

منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)
منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)

أعلنت شركة «هاربور إنرجي»، المتخصصة في أعمال التنقيب والإنتاج في بحر الشمال، يوم الاثنين، أنها ستستحوذ على شركة «إل. إل. أو. جي. إكسبلوريشن» المتخصصة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز في المياه العميقة، مقابل 3.2 مليار دولار، ما يمثل دخولها إلى خليج المكسيك الأميركي.

وأوضحت الشركة، في بيان لها، أن الصفقة ستتألف من 2.7 مليار دولار نقداً و500 مليون دولار في صورة أسهم عادية ذات حق التصويت من «هاربور».

ولا يزال خليج المكسيك هدفاً رئيسياً لشركات النفط الكبرى مثل «بي بي» و«شل» و«شيفرون»، نظراً لاحتياطياته الهائلة في المياه العميقة، وسهولة الوصول إلى البنية التحتية الأميركية، وإمكاناته الإنتاجية طويلة الأجل.

وقد تعززت جاذبيته بفضل تشجيع إدارة الرئيس دونالد ترمب لاستكشاف النفط والغاز على حساب الاستثمار في الطاقة المتجددة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، كانت شركة «LLOG» من بين الفائزين في أول عملية بيع لحقوق التنقيب عن النفط والغاز في خليج المكسيك من قبل الحكومة الأميركية منذ عام 2023.

وقالت الشركة إن هذه الصفقة ستساعد إنتاج شركة «هاربور» الإجمالي على الوصول إلى نحو 500 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً بحلول نهاية العقد، وستساهم في زيادة التدفق النقدي الحر بدءاً من عام 2027.

وبعد إتمام الصفقة، ستمتلك الشركة الأم لشركة «LLOG»، وهي «LLOG Holdings LLC»، نسبة 11 في المائة من أسهم «هاربور» العادية المدرجة ذات حق التصويت، بينما سيحتفظ المساهمون الحاليون بالنسبة المتبقية البالغة 89 في المائة.


دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
TT

دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)

دعت دراسة اقتصادية إلى ضرورة تعزيز الشراكات السعودية الاستراتيجية بما يتوافق مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، عبر تبنّي اتفاقيات نوعية، لا سيما مع الدول الصناعية المتقدمة، بما يدعم نجاح سياسة تنويع الاقتصاد بصورة متوازنة، ويعزّز قدرة السعودية على تجاوز التحديات العالمية سياسياً واقتصادياً.

وأكدت أهمية تقييم فرص تقاسم الموارد وخفض التكاليف بوصفها مدخلاً لتخفيف المخاطر، وضمان سلاسل الإمداد، وتعزيز التعاون الوثيق في توفير السلع الأساسية عبر شبكات توزيع داخل نطاق الشراكات وخارجها. كما دعت إلى تعظيم تبادل المزايا النسبية والتنافسية بين الشركاء، بما يعزز التقنية والابتكار والخبرة، ويدعم توطين المعرفة.

وأشارت الدراسة التي أعدّها الخبير التجاري السعودي الدولي الدكتور فواز العلمي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة خاصة منها، إلى أن الشراكات الاستراتيجية لا تقتصر على التجارة في السلع، بل تمتد إلى نمو قطاع الخدمات بين الدول الشريكة، نتيجة تبادل المنافع في مجالات الاستثمار والسياحة والصحة والصناعة والنقل والخدمات اللوجيستية، بما يفتح أمام الدول الأعضاء فرصاً لزيادة مواردها الاقتصادية بصورة «مضاعفة ومجزية»، وفق تعبير الدراسة.

خطوات إدارية

نوّهت الدراسة إلى أهمية اتخاذ خطوات إدارية منظمة تتضمّن إعداد دراسة مركزة عن مزايا الدول والأقاليم المقترح إبرام اتفاقيات الشراكات الاستراتيجية معها، مع تأكيد التعاون الوثيق والمشاركة الفعّالة بين هذه الجهة واتحاد الغرف السعودية؛ بما يُسهم في رفع مرئيات القطاع الخاص وتعزيز حضوره في المفاوضات.

ورأت الدراسة أن هذا المنهج يُسهم في تحقيق أهداف المملكة من الشراكات الاستراتيجية المقترحة، مشددة على أهمية تكوين فريق تفاوضي من مختصين أكفاء يجمعون بين الاستراتيجيات الاقتصادية، والبعد القانوني الدولي، والعمق الاجتماعي، ومسارات السياسة الخارجية.

التحديات العالمية

توقعت الدراسة استمرار الاستراتيجية السعودية في تجاوز التحديات التي تواجه العديد من دول العالم، في ظل تفاقم النزاعات الجيوسياسية وتأثيرها على الاستقرار الأمني، وزيادة وتيرة الحروب التجارية، وتضخم الديون السيادية، إلى جانب تدهور أوضاع التغير المناخي وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية.

وأبرزت الدراسة أن توسيع الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية يتيح فرصاً عملية لتعزيز المرونة الاقتصادية، ودعم خلق الوظائف، وتحفيز النمو، ورفع كفاءة سلاسل الإمداد للطاقة والغذاء رغم ارتفاع تكاليف الشحن، إلى جانب تعزيز التنسيق في السياسات لمواجهة التضخم وتقلبات الأسواق، بما يعزز قدرة السعودية على التعامل مع المتغيرات العالمية بصورة أكثر تكاملاً.

عناصر النجاح وتنويع الدخل

وأكدت الدراسة أن من عناصر نجاح الخطوات السعودية لمواجهة التحديات العالمية تعزيز الأهداف المرتبطة بالنظام العالمي الجديد لتحقيق «رؤية 2030»، عبر اتباع سياسة تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط بوصفه سلعة رئيسية، إلى جانب تطوير قدرات الطاقة المتجددة وحماية البيئة.

ولفتت إلى تبنّي المملكة نهج الانفتاح «على مسافة واحدة» من التكتلات الدولية، وبناء جسور التعاون مع الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أشارت إلى أثر عضوية السعودية في منظمة التجارة العالمية، في وقت تضم فيه المنظمة 164 دولة، تمثّل النسبة الأكبر من التجارة العالمية، وتخضع جميع الدول الأعضاء بالتساوي لقواعد وأحكام 28 اتفاقية ملزمة.

منجزات «الرؤية»

وذكرت الدراسة أنه بعد ثمانية أعوام من تنفيذ برامج «الرؤية»، خُفّض معدل البطالة من 12.8 في المائة إلى 7.1 في المائة، مع رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36.9 في المائة، وازدياد عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى أكثر من 626 ألف منشأة.

وأضافت الدراسة أن تدفق استثمار رأس المال الأجنبي ارتفع إلى أربعة أضعاف ما كان عليه في عام 2016، مع مضاعفة الإيرادات غير النفطية من 186 مليار ريال (49.6 مليار دولار) إلى 458 مليار ريال (122.1 مليار دولار).

كما أشارت إلى ارتفاع الناتج الزراعي بمعدل 7.8 في المائة، وتحقيق نمو في القطاع الصناعي بمتوسط 24 في المائة.

وحسب ما أوردته الدراسة، حققت السعودية المرتبة الأولى من بين 141 دولة في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي، والمرتبة الـ17 في التنافسية العالمية، والمرتبة الثالثة من بين 190 دولة في مؤشر حماية أقلية المستثمرين، كما سجلت نمواً اقتصادياً بلغ 8.7 في المائة العام الماضي، إلى جانب حلولها في المرتبة الـ18 في الكفاءة الحكومية، والمرتبة الـ25 في كفاءة الأعمال.

كذلك أشارت الدراسة إلى تقدم المملكة في الاحتياطات الأجنبية والحرية المالية، وضمن اقتصادات مجموعة العشرين من حيث الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب مؤشرات تتعلق بالتجارة العالمية قياساً بالناتج المحلي الإجمالي وتعليم المرأة.


بنوك «وول ستريت» تحافظ على هيمنتها في السوق الأوروبية رغم «الرسوم»

لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)
لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)
TT

بنوك «وول ستريت» تحافظ على هيمنتها في السوق الأوروبية رغم «الرسوم»

لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)
لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)

عززت بنوك «وول ستريت» ريادتها في سوق الخدمات المصرفية الاستثمارية الأوروبية خلال عام 2025، حيث حافظ العملاء على ولائهم رغم اضطرابات السوق العالمية والتعريفات التجارية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكان بعض رؤساء البنوك قد توقعوا أن تُهمّش حكوماتُ وشركاتُ «الاتحاد الأوروبي» البنوكَ الاستثمارية الأميركية لمصلحة بنوكها المحلية عندما أعلن ترمب في 2 أبريل (نيسان) الماضي عن تعريفاته الجمركية التي وصفها بـ«يوم التحرير». وقال جيمي ديكسون، الرئيس التنفيذي لشركة «جيه بي مورغان»، إن البنك فقد بعض العملاء الأجانب مباشرة بعد الإعلان، وفق «رويترز».

لكن، في حين ارتفعت أسعار أسهم البنوك الأوروبية في عام 2025 مدفوعةً بزيادة الدخل الناتج عن ارتفاع أسعار الفائدة، فشل المصرفيون الاستثماريون الأوروبيون في منافسة نظرائهم الأميركيين، وفقاً لتحليل بيانات الرسوم من «مجموعة بورصة لندن» ولمقابلات مع مسؤولين تنفيذيين. بل إنهم في بعض المنتجات، مثل عروض الأسهم، تراجعوا في حصتهم السوقية داخل أوروبا.

حصة السوق الأميركية تقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق

استحوذت البنوك الأميركية على 37 في المائة من حصة السوق في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا حتى الآن هذا العام.

وبقيت هذه الحصة ثابتة مقارنة بالعام الماضي، وهي قريبة من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 40 في المائة. وقد حافظت البنوك الأميركية على حصتها في جميع المنتجات، وحققت مكاسب في حصة السوق بعروض الأسهم وعمليات الاندماج.

التوسع منذ الأزمة المالية

استحوذت البنوك الأميركية تدريجاً على حصة سوقية من البنوك الأوروبية، بما في ذلك «دويتشه بنك» و«باركليز» و«سوسييتيه جنرال»، منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وبينما عانت البنوك الأوروبية سنواتٍ من إعادة الهيكلة والتقليص، فقد استعادت البنوك الأميركية بسرعة تماسكها وعززت نطاق عملياتها، لترتفع حصتها السوقية من 31 في المائة عام 2008 إلى 37 في المائة حالياً.

استغلال الميزة المحلية

تَصدّر «غولدمان ساكس» قائمة البنوك الاستثمارية الرائدة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بحصة بلغت 6.8 في المائة من إجمالي الرسوم المتاحة، يليه «جيه بي مورغان» و«بي إن بي باريبا» الفرنسي. وجاء «سيتي» و«مورغان ستانلي» في المركزين الرابع والخامس توالياً. وقد حقق كل من «بي إن بي باريبا» و«دويتشه بنك» مكاسب طفيفة بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بعام 2024، بينما شهدت أسهم «باركليز» و«إتش إس بي سي» تراجعاً.

وتستفيد البنوك الأميركية من حجم سوقها المحلية وربحيتها لتحقيق نجاح عالمي، حيث هيمنت على الصفقات الكبرى التي تزيد قيمتها على مليار دولار، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات، وفقاً لأمريت شاهاني، الشريك في شركة الأبحاث «بي سي جي إكسبند».

وتجلت مكاسب البنوك الأميركية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشكل أوضح في عمليات الاندماج والاستحواذ، فسجلت رسوماً بلغت 2.4 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث، مع ارتفاع حصتها السوقية بنسبة 2.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بينما انخفضت حصة البنوك الأوروبية بالنسبة نفسها.

أما المجال الوحيد الذي تفوقت فيه البنوك الأوروبية فهو أداء أسعار أسهمها، على الرغم من أن ذلك يعكس جزئياً الأداء الضعيف لأسهم البنوك الأوروبية منذ الأزمة المالية.