تواصل إثيوبيا احتفالاتها بتدشين مشروع «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وسط تحذيرات مصرية من تأثيرات السد على حصتها المائية، حيث شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على أن بلاده «لن تتهاون في حقوقها المائية، ولو بقطرة مياه واحدة».
وافتتحت إثيوبيا مشروع السد رسمياً، الثلاثاء الماضي، أعقبه خطاب مصري إلى مجلس الأمن الدولي، يؤكد أن القاهرة «لن تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل».
وتتمسك الحكومة المصرية بضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم، ينظم عملية ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما لا يضر بمصالحها المائية، وجرت عدة جولات بين دولتي المصب (مصر والسودان)، والجانب الإثيوبي للتوصل إلى تفاهم بشأن تشغيل السد وتخزين المياه، لكنها لم تنجح في التوصل إلى اتفاق.
والأحد، شارك الرئيس الإثيوبي أتسقي سيلاسي، في تجمع شعبي حاشد بالعاصمة أديس أبابا، بحضور مسؤولين إثيوبيين، وسط عروض عسكرية، ضمن احتفالات تدشين السد. وشدد سيلاسي، في كلمة له، على أن «اكتمال بناء السد، يمثل برهاناً عملياً على قدرة بلاده تجاوز التحديات، وأن الإثيوبيين قادرون على الإنجاز مهما كانت الصعاب».
وخلال افتتاحه المشروع، نفى رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أن يمثل السد «تهديداً لمصر والسودان»، عاداً المشروع بـ«الإنجاز العظيم».
في المقابل، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على أن «بلاده لن تفرط في حقوقها المائية، مهما كان الثمن، حتى ولو بقطرة واحدة».
وأشار عبد العاطي، في تصريحات متلفزة مساء السبت، إلى أن «قضية المياه، تمثل التحدي الأول والأكبر للأمن القومي لبلاده».
وفي خطابها لمجلس الأمن، أشارت القاهرة إلى أن «افتتاح السد لا يعني منحه غطاء شرعياً، بل يظل إجراء أحادياً مخالفاً للقانون والأعراف الدولية».
وتتخذ مصر مسارات قانونية للحفاظ على حقوقها من مياه النيل، وفق تقدير عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي أشار إلى أن «القاهرة تتخذ إجراءات لفض النزاع مع الجانب الإثيوبي بالطرق السلمية، وفق قواعد القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة».
ويرى حليمة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحذيرات المصرية المستمرة من المساس بحصتها المائية، خطوة ضرورية في ضوء المخاطر التي يشكلها السد، على دولتي المصب»، وقال إن «القاهرة تجاوبت مع مسار المفاوضات لعدة سنوات، وجمدت هذا المسار، نتيجة لغياب الإرادة الإثيوبية في الوصول إلى اتفاق».
وأعلنت مصر توقف مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن السد، بعد جولات مختلفة، على مدار 13 عاماً، نتيجة لـ«غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي»، حسب وزارة الري المصرية.
ورغم افتتاح الجانب الإثيوبي مشروع السد، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، ضرورة «استمرار الضغط السياسي من الحكومة المصرية على الجانب الإثيوبي، بهدف الوصول إلى اتفاق قانوني ينظم عملية تشغيل السد، بما لا يضر بمصالحها المائية».
وفي اعتقاد شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «فرص الوصول إلى اتفاق بشأن السد الإثيوبي ممكنة»، مشيراً إلى أن «كثيراً من نقاط الخلاف التي كانت مطروحة وقت المفاوضات انتهت، ومنها عدد سنوات ملء بحيرة السد»، وقال إن «الخلاف الحالي، متعلق برفض أديس أبابا، إلزامها بحصة مائية محددة لدولتي المصب، وهو ما ترفضه القاهرة والخرطوم».
وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، وتحصل على حصة مياه سنوية تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات «الري» المصرية.




