«الوحدة» الليبية تتسلم مطار معيتيقة بعد انسحاب «الردع»

الهدوء يسود طرابلس عقب الاتفاق بين الطرفين برعاية تركية

دورية أمنية تباشر مهامها في حفظ الاستقرار بالعاصمة طرابلس (وزارة الداخلية الليبية)
دورية أمنية تباشر مهامها في حفظ الاستقرار بالعاصمة طرابلس (وزارة الداخلية الليبية)
TT

«الوحدة» الليبية تتسلم مطار معيتيقة بعد انسحاب «الردع»

دورية أمنية تباشر مهامها في حفظ الاستقرار بالعاصمة طرابلس (وزارة الداخلية الليبية)
دورية أمنية تباشر مهامها في حفظ الاستقرار بالعاصمة طرابلس (وزارة الداخلية الليبية)

دخلت العاصمة الليبية طرابلس، مرحلة جديدة على صعيد وضعها الأمني والعسكري، بعدما تسلّمت وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، رسمياً، مطار معيتيقة الدولي على أثر انسحاب «جهاز الردع»، بموجب اتفاق رعاه المجلس الرئاسي وتركيا، وسط تأكيدات على أن الخطوة تمهّد لإخضاع السجون والمنافذ للسلطة المدنية.

ومن دون صدور أي إعلان رسمي، سرّبت وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة»، معلومات عن تسلمها المطار، الذي كانت تحتله ميليشيات «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة.

وأظهرت لقطات مصورة دخول قوة تابعة للمجلس الرئاسي بقيادة العقيد رمزي القمودي، إلى المطار لتأمينه، تنفيذاً للاتفاق المبرم، بينما نفى مصدر من المجلس الرئاسي «أي توقيع رسمي للاتفاق»، أو اعتزام الرئاسي والحكومة عقد مؤتمر صحافي بهذا الشأن.

وعقب انسحاب عناصر «جهاز الردع»، تمركزت «الكتيبة 107» التابعة لوزارة الدفاع بحكومة «الوحدة»، داخل المطار، وسط إطلاق أعيرة نارية واستخدام أسلحة متوسطة احتفالاً بالمناسبة، ما عدّته وسائل إعلام محلية بمثابة «خرق للأعراف واللوائح الأمنية».

ومع ذلك، أشاد المجلس الأعلى للدولة بنجاح جهود التهدئة التي أفضت إلى حل سلمي لأزمة مطار معيتيقة، مؤكداً في بيان صادر الأحد، أن استعادة الأجهزة المختصة مهامها في إدارة المطار والسجن تحت إشراف السلطة التنفيذية الشرعية، تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز سيادة الدولة.

وثمّن المجلس الأعلى «الروح الوطنية» التي تحلّت بها الأطراف كافة، مشدداً على أن الحوار هو السبيل المثلى لتجاوز الأزمات وتحقيق الاستقرار.

بدوره، قال «حراك أبناء سوق الجمعة»، إن ما وصفه بـ«الاتفاق النهائي»، الذي تم التوصل إليه برعاية الحكومة التركية، يُلزم جميع الأطراف بما ورد في مذكرته التي شُرعت بحضور الراعي الدولي، وتشمل الجميع، ولا تقتصر على «جهاز الردع» وحده.

وأوضح الحراك في بيان مساء السبت، أن «هذا الاتفاق ساري المفعول على كل القوات والجهات والأطراف المعنية، وعلى الجميع الالتزام بما جاء فيه دون استثناء أو تمييز»، لافتاً إلى عدم قبول أي محاولة للتفرد أو التهرب من المسؤوليات المترتبة على كل طرف.

وبعدما أكد الحراك «حسن النية» في التنفيذ، قال: «نبقي الباب مفتوحاً للمساءلة والمحاسبة أمام الجهات المختصة بحق من يخالف التزاماته».

وأوضح الحراك أنه دخل و«جهاز الردع» والمنطقة الغربية، هذه المفاوضات «حفاظاً على طرابلس من العبث والفوضى»، واعتبر أن ما طُرح من بنود» لن يمر إلا وفق قاعدة المعاملة بالمثل»، نافياً تقديم تنازلات، وتحدث في المقابل عن فرض شروط تمت الموافقة عليها.

وفي السياق نفسه، قال زياد دغيم، مستشار رئيس المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية، إن «دخول قوات تابعة للرئاسي والأركان لمطار معيتيقة هو الخطوة الأولى؛ وهناك خطوات أخرى مقبلة وفق الاتفاق، الذي ستخضع بموجبه كل السجون لوزارة العدل، وستكون المنافذ تحت إشراف السلطة المدنية».

وكشف دغيم النقاب لوسائل إعلام محلية، عن «وجود بدائل وُضعت في الاتفاق بشكل استباقي، للتعامل مع أي عرقلة قد تواجه تنفيذه»، مشيراً إلى أن طبيعة الاتفاق «تتطلب الإفصاح عن البنود خطوة بخطوة»، ولفت إلى أن الدبيبة «لم يكن طرفاً تفاوضياً في اتفاق طرابلس؛ بل تولى دور الراعي إلى جانب محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي».

الكوني مع قائد «قوة مكافحة الإرهاب» بغرب ليبيا (المجلس الرئاسي)

وأكد عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، لدى لقائه مع آمر «قوة مكافحة الإرهاب» محمد الزين، الأحد، أهمية القوة والاستمرار في دعمها بالعناصر البشرية المؤهلة، والإمكانات اللوجيستية التي تمكنها من أداء مهامها بكل مهنية، لافتاً إلى تلقيه إحاطة حول القوة والمهام الموكلة لها في المحافظة على استتباب الأمن، ومكافحة الإرهاب، وتجفيف منابعه بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية في كل المناطق.

اللافي عقب اجتماعه مع تيتيه في طرابلس السبت (المجلس الرئاسي)

وكان عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، قد أكد في اجتماعه مساء السبت، مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة هانا تيتيه، ضرورة اضطلاع البعثة الأممية بدور فاعل في دعم هذا المشروع الذي يقوده الليبيون أنفسهم، وتوفير الدعم الفني واللوجيستي اللازم لتعزيز خطوات التقدم فيه، وصولاً إلى مصالحة شاملة تهيئ المناخ لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.

وأوضح أن «الرئاسي» يضع تحقيق السلام والاستقرار على رأس أولوياته، ويدعو جميع الأطراف إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية لدفع العملية السياسية إلى الأمام، مجدداً التمسك باحترام السيادة الليبية وصون وحدة البلاد وسلامة أراضيها.

من جهتها، قالت تيتيه إنهما بحثا الوضع الأمني في عموم ليبيا، بما في ذلك الفرص المتاحة لتعزيز الاستقرار في العاصمة وخارجها، بالإضافة إلى جهود البعثة للدفع بخريطة الطريق السياسية من خلال الحوار المنظم المقترح، والذي سيتناول قضايا متعلقة بالمصالحة. ونقلت عن اللافي إعرابه عن تقديره لمساهمة البعثة في استقرار الأمن بطرابلس وجهودها المستمرة.

بدورها، قالت حكومة «الوحدة» إن محمود حمزة، رئيس الاستخبارات العسكرية التابع لها، بدأ بدعوة رسمية من قطر، زيارة رسمية إلى الدوحة الأحد، مشيرة إلى أنه بحث مع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، بينهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ سعود آل ثاني، سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري، إضافة إلى مجالات التدريب والتطوير المشترك.

وأضافت أنه جرى خلال اللقاءات بحث سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، ومناقشة آفاق التدريب والتطوير المشترك، كما شملت الزيارة تفقد مركز الصناعات العسكرية والاطلاع على برامج التصنيع والتطوير العسكري الجاري تنفيذها.


مقالات ذات صلة

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا شكّل التراجع النسبي لنفوذ «جهاز الردع» محطةً مفصليةً في هذا التحول عززت سيطرة «الوحدة» على العاصمة (الشرق الأوسط)

سقوط قادة ميليشيات يُعيد رسم خريطة النفوذ الأمني في العاصمة الليبية

يرى مراقبون ليبيون أن التحول الأبرز في المشهد المسلح بغرب ليبيا تمثل في مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز «دعم الاستقرار»، قبل سبعة أشهر، ثم التخلص من الدباشي.

جاكلين زاهر (القاهرة)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.