لبنان: مطاردة بحرية تنتهي بإحباط محاولة هروب سفينة «النفط الروسي»

الجيش أوقفها... والتحقيقات مع القبطان تدور حول تزوير أوراق المنشأ

صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان: مطاردة بحرية تنتهي بإحباط محاولة هروب سفينة «النفط الروسي»

صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لـ«محطة الزهراني لإنتاج الكهرباء» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أحبط الجيش اللبناني في عملية بحرية السبت، محاولة هروب سفينة «فيول» كانت محجوزة بقرار من القضاء اللبناني، على خلفية تحقيقات في شبهات تحميل نفط روسي، وتزوير بلد المنشأ، وذلك بعد تفريغها حمولتها التي تبين أنها مطابقة للمواصفات الفنية.

وبدأت فصول القضية في شهر أغسطس (آب) الماضي، حين تلقى القضاء اللبناني إخبارات حول السفينة الراسية في مرفأ مرسين في تركيا، والمحملة بالوقود الخاص بتشغيل معامل الكهرباء في لبنان. وبعدما بدأ التداول بشبهات حول الشحنة، تقدمت وزارة الطاقة اللبنانية بإخبارات أمام القضاء اللبناني للتحقيق في البلاغات، حسبما قالت مصادر وزارة الطاقة لـ«الشرق الأوسط»، والتي طالت 3 شبهات: أولاها التثبت من أن الشحنة مطابقة للمواصفات، والثانية التحقق من بلد المنشأ، والثالثة التحقيق في فرضية تزوير أوراقها (ألمانيفيست).

وقالت المصادر: «خضعت عينات من (الفيول) لفحوصات في 3 مختبرات معتمدة عالمياً، وتبين أن الشحنة مطابقة للمواصفات، وعليه أعطى القضاء اللبناني إذناً بتفريغ الحمولة» التي تم تفريغها في معملَي الذوق (جبل لبنان الشمالي) والجية (جبل لبنان الجنوبي)، وقرر القضاء أن تبقى محجوزة لدى الجمارك اللبنانية استناداً إلى إشارة النائب العام التمييزي، وذلك للتحقيق في الملفين الآخرين.

صورة عامة لمعمل الجية الحراري (إ.ب.أ)

الجيش: عملية إنزال نوعية

لكن السفينة حاولت الهروب من الشاطئ اللبناني. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أنه «بعد ورود معلومات إلى غرفة العمليات البحرية المشتركة التابعة للقوات البحرية في الجيش، وبناء على إشارة القضاء المختص، باشرت دورية من القوات البحرية تنفيذ عملية مطاردة السفينة (Hawk lll) أثناء محاولتها مغادرة المياه الإقليمية اللبنانية بطريقة غير قانونية».

وقالت قيادة الجيش في بيان: «نتيجة عدم امتثال طاقم السفينة لأوامر الدورية، أطلق عناصر الجيش طلقات تحذيرية في الهواء، ونفّذت وحدة من فوج (مغاوير البحر) عملية إنزال نوعية على السفينة بالاشتراك مع القوات الجوية، وأوقفت 22 شخصاً كانوا على متنها، على مسافة نحو 30 ميلاً بحرياً من الشاطئ اللبناني، ثم أعادتها إلى مرفأ ضبية».

وأشار الجيش في بيانه إلى أنه «أثناء تنفيذ العملية، أصيب 3 عسكريين نتيجة محاولة ربان السفينة المناورة بها لمنع صعود عناصر الجيش على متنها»، كما «بوشر التحقيق مع الموقوفين، وسيُجرى اللازم بشأن السفينة بإشراف القضاء المختص».

وزير الطاقة

وحيا وزير الطاقة والمياه جو الصدي، الجيش اللبناني الذي أوقف الباخرة بعد محاولة فرارها، وقال في بيان: «تحية إلى الجيش اللبناني الذي طارد الباخرة (HAWK lll)، واستطاع توقيفها وأعادها إلى لبنان بعدما حاولت الفرار من المياه الإقليمية اللبنانية؛ كونها كانت محجوزة لدى الجمارك اللبنانية، استناداً إلى إشارة النائب العام التمييزي».

وقال إن وزارة الطاقة والمياه «ما زالت تنتظر أي إشارة من القضاء ليبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة إلى العلاقة التعاقدية مع الشركة المورّدة من ناحية الالتزام بالشروط».

تحقيقات قضائية

وقال مصدر قضائي مشرف على التحقيقات، إن التحقيق الأولي أفضى إلى أن الباخرة كانت محملة بشحنة نفط من روسيا، وأثناء مسارها إلى لبنان توقفت في مرسين في تركيا لفترة طويلة، في حين قامت الشركة بتغيير أوراقها حتى باتت تثبت أن الباخرة تم تحميلها من تركيا. وأشار المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الخبير البحري المحلف الذي كلفه القضاء اللبناني بوضع تقريره، قد «أثبت أن ألمانيفيست تغير، وأن الشحنة حُملت في روسيا وليس في مرسين، خلافاً لما ورد في أوراقها التي استلمتها وزارة الطاقة، وهو ما دفع القضاء لإصدار أمر بتوقيف الباخرة وطاقمها».

وقال المصدر إن القبطان «تم توقيفه بإشارة من مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار»، لافتاً إلى أن «الشق الأول من التحقيقات يطال التزوير بقيود منشأ الحمولة، في حين الملف الثاني يطال مسألة هروب الباخرة والقبطان».

قيود على النفط الروسي

ويُنظر إلى تغيير أوراق الباخرة على أنه تزوير ببلد المنشأ، كما يشير إلى التفاف على القيود المفروضة على روسيا لجهة صادرات النفط، علماً أن المشتقات النفطية الروسية خاضعة لقيود «سقف الأسعار» المفروضة من الغرب على موسكو على خلفية الحرب الأوكرانية. وعليه، فإذا ثبت أن منشأ النفط روسي، فذلك يعني أن هناك شبهات حول قيام الشركة المستوردة بتحقيق أرباح غير مشروعة.

وتقول مصادر وزارة الطاقة إن كل الإجراءات قانونية، ما عدا الشبهات في تزوير شهادة المنشأ التي يتحقق منها القضاء ضمن تحقيقاته، لافتة إلى إجراءات ستتخذها الوزارة وفق العقد مع الشركة، في إشارة إلى ضمانات مالية وضعتها الشركة. وأوضحت أن أي إخلال بدفتر الشروط والعقد، سيرتب على الشركة دفع غرامات، وذلك مدرج ضمن دفتر الشروط الذي أضيف إليه بند يفرض على الشركة الالتزام بالقرارات والإجراءات الدولية حيال استيراد النفط.

سجال سياسي

ولا تخلو هذه القضية من بُعد سياسي، بالنظر إلى أن ناشطين مقربين من «التيار الوطني الحر» يعملون على تسييس الملف، حسبما تقول مصادر مقربة من «القوات اللبنانية» (الخصم السياسي للتيار في الشارع المسيحي)، بالنظر إلى أن وزير الطاقة محسوب على «القوات».

وتشير مصادر وزارة الطاقة إلى أن هذه الشحنة هي من ضمن الشحنات التي يحصل عليها لبنان من النفط العراقي الخام، وتجري مبادلته بالنفط اللازم لتوليد محطات الوقود في لبنان، عبر شركة ثالثة. وقالت المصادر إن هذا الأمر «ورثناه من أيام وزير الطاقة السابق وليد فياض (مقرب من التيار)، ولم يتم التعاقد مع أي شركة جديدة»، مشيرة إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان في عام 2023 (عهد الوزير فياض)، تلقت 13 شحنة من أصل 15 روسية المنشأ، مضيفة: «أضفنا شرطاً على دفتر الشروط، يتمثل في ضرورة التأكد من دفتر الشروط العالمية عند تحميل أي شحنة».


مقالات ذات صلة

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

المشرق العربي اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد العراقي برئاسة إحسان العوادي، مدير مكتب ئيس الوزراء العراقي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)

سوريا تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم «داعش»

عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)
عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)
TT

سوريا تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم «داعش»

عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)
عناصر من قوات الشرطة السورية خلال عملية أمنية (وزارة الداخلية السورية)

أعلنت السلطات السورية، الخميس، أنها قتلت قيادياً بارزاً في تنظيم «داعش»، بالتنسيق مع «التحالف الدولي»، في عملية «أمنية دقيقة»، بعد ساعات من إعلانها إلقاء القبض على قيادي بارز آخر قرب العاصمة.

وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إنها نفذت «عبر التنسيق مع قوات التحالف الدولي، عملية أمنية دقيقة في بلدة البويضة» بريف دمشق، أسفرت عن مقتل «محمد شحادة المُكنّى (أبو عمر شداد)، أحد القيادات البارزة في تنظيم (داعش) في سوريا»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتأتي العملية، وفق وزارة الداخلية، «تأكيداً على فاعلية التنسيق المشترك بين الجهات الأمنية الوطنية والشركاء الدوليين».

وأعلنت سوريا، خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انضمامها رسمياً إلى «التحالف الدولي» الذي تأسّس عام 2014 بقيادة واشنطن لمكافحة التنظيم المتطرف، بعدما كان سيطر على مساحات شاسعة في العراق وسوريا قبل دحره تباعاً من البلدين بين 2017 و2019.

وجاء إعلان العملية، الخميس، بعد ساعات من إعلان الوزارة إلقاء القبض على «متزعم تنظيم (داعش) الإرهابي في دمشق» ببلدة المعضمية قرب العاصمة، «بالتعاون مع قوات التحالف الدولي». وقالت السلطات إن اسمه طه الزعبي ولقبه «أبو عمر طيبة».

وتعلن السلطات السورية بين حين وآخر تنفيذ عمليات أمنية ضد خلايا تابعة للتنظيم، أبرزها كان في 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمحيط مدينة تدمر (وسط)، غداة مقتل 3 أميركيين، هما جنديان ومترجم، بهجوم نسبته دمشق وواشنطن إلى التنظيم.

وفي 20 ديسمبر الحالي، أعلنت «القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)»، في بيان، «ضرب أكثر من 70 هدفاً في أنحاء وسط سوريا» بواسطة طائرات مقاتلة ومروحيات، بعد أسبوع من هجوم تدمر. وأدت تلك الضربات إلى مقتل 5 من عناصر تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان» حينذاك.


تقرير: مصدر حكومي ينفي نبأ الاتفاق الوشيك بين الحكومة السورية و«قسد»

أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
TT

تقرير: مصدر حكومي ينفي نبأ الاتفاق الوشيك بين الحكومة السورية و«قسد»

أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)

نقلت صحيفة «الوطن» السورية، اليوم (الخميس)، عن مصدر بالحكومة نفيه الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق عسكري بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وشدد المصدر على أن الاتصالات مع «قسد» متوقفة حالياً، وأن الحكومة تدرس رد «قوات سوريا الديمقراطية» على مقترح من وزارة الدفاع السورية.

وكان التلفزيون السوري قد نقل، في وقت سابق اليوم، عن مصدر قوله إن من المتوقع التوصل قريباً إلى اتفاق عسكري بين الحكومة و«قسد» برعاية أميركية لدمج عناصرها في قوات الجيش والداخلية بسوريا قبل نهاية العام الحالي.

وأوضح التلفزيون أن الاتفاق المرتقب يشمل دمج 90 ألف عنصر في وزارتي الدفاع والداخلية، وتخصيص ثلاث فرق عسكرية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ضمن قوات وزارة الدفاع في الرقة ودير الزور والحسكة.

وذكر المصدر أنه تجري حالياً مناقشة نقاط خلافية من أبرزها دخول القوات الحكومية إلى شمال شرقي سوريا وآلية اتخاذ القرارات العسكرية وتوزيع المهام والصلاحيات.


عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية عن عون قوله إنه ورئيس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها.

وشدد الرئيس اللبناني على أن الاتصالات الدبلوماسية لم تتوقف من أجل إبعاد شبح الحرب عن لبنان، مشيراً إلى أن «الأمور ستتجه نحو الإيجابية».

وكانت الوكالة قد نقلت عن بري تأكيده على إجراء الانتخابات في موعدها و«لا تأجيل ولا تمديد».

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو (أيار) من العام المقبل.