«الوحدة» الليبية تبحث لدى أميركا عن «تمكين سياسي» من «باب الاقتصاد»

إيطاليا تدعو لتعزيز «الحلول السلمية» لإنهاء الأزمة السياسية

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
TT

«الوحدة» الليبية تبحث لدى أميركا عن «تمكين سياسي» من «باب الاقتصاد»

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)

تطوي حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المسافات في علاقاتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ساعيةً، وفق ما يصفه مناوئوها، إلى الحصول على مزيد من «التمكين السياسي»، وذلك عبر زيارات متكررة إلى واشنطن تستهدف بناء شراكات اقتصادية.

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)

وكشفت الحكومة، الجمعة، عن «زيارة لوفد رفيع المستوى - بتوجيهات من الدبيبة - إلى العاصمة واشنطن، عقد خلالها اجتماعاً موسعاً مع مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، ومسؤولي إدارة الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية». وقالت في بيان صحافي إن «الاجتماع الأميركي - الليبي ناقش ملفات الشراكة الاقتصادية بين البلدين، مع التركيز على تعزيز الاستثمار المشترك في قطاعات النفط والغاز، والطاقة المتجددة والصحة، والتعدين، والاتصالات والكهرباء، والمواصلات والبنية التحتية».

وتُعد هذه الزيارة الثانية لوفد من حكومة «الوحدة» إلى الولايات المتحدة في غضون 4 أشهر، بعد زيارة سابقة في أبريل (نيسان) الماضي، مهدت لجولة قام بها بولس إلى ليبيا في نهاية يوليو (تموز) الماضي، وترأسها وزير النفط والغاز خليفة عبد الصادق، وعضو مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، ورئيس الفريق التنفيذي لمبادرات الرئيس والمشروعات الاستراتيجية مصطفى المانع.

بولس مرحباً بوزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» الليبية (حكومة «الوحدة»)

ويترجم سياسيون ليبيون لـ«الشرق الأوسط»، هذه الزيارات على أنها «محاولة من حكومة الدبيبة للبحث عن دعم وتمكين في مواجهة الاضطراب الأمني والسياسي، في ظل احتمال حدوث تغييرات مرتقبة في المعادلة الحاكمة لليبيا خلال الفترة المقبلة».

وأوضحت الحكومة أن مناقشات الزيارة الأولى فتحت الباب أمام عودة الشركات الأميركية للاستثمار في ليبيا والتعاون في قطاع الطاقة، وهو ما جرى تثبيته خلال الزيارة الثانية. كما أوضحت، الجمعة، أن الجانبين أكدا «أهمية زيادة الاستثمارات الأميركية في قطاع النفط والغاز، وتطوير الحقول ورفع الإنتاج، إلى جانب استكشاف فرص واعدة في قطاع التعدين، بما يسهم في بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد».

ولفت الوفد الليبي إلى «التزام الحكومة برؤية رئيسها الهادفة إلى تعزيز التنمية والاستقرار، وبناء علاقات اقتصادية متينة مع الولايات المتحدة». كما تطرق إلى «ملف تسهيل منح التأشيرات الأميركية للمواطنين الليبيين، باعتباره خطوة داعمة للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري».

وكانت زيارة بولس إلى ليبيا في 25 يوليو الماضي قد جمعت بين ملفات السياسة والاقتصاد، إذ تقدمت حكومة «الوحدة» آنذاك بعرض لشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة تقدّر بنحو 70 مليار دولار، تتضمن مشاريع في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء، والبنية التحتية والاتصالات، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً حينها.

في غضون ذلك، جددت إيطاليا حرصها على دعم «الحلول السلمية» في ليبيا، وتعزيز الشراكة مع المؤسسات المحلية، فيما شدد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، على ضرورة التكامل بين حكومته والمجلس الأعلى للدولة.

تكالة مستقبلاً السفير الإيطالي لدى ليبيا (المجلس الأعلى للدولة)

واستقبل رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، مساء الخميس السفير الإيطالي لدى ليبيا، جيانلوكا ألبريني، في العاصمة طرابلس، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، و«بحث مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، والجهود المبذولة لدعم المسار الديمقراطي وتحقيق الاستقرار»، فيما أشاد تكالة «بعمق العلاقات التاريخية بين ليبيا وإيطاليا»، مؤكداً «أهمية استمرار التعاون والتنسيق في مختلف المجالات».

وللمرة الأولى، يزور الدبيبة مقر المجلس الأعلى للدولة، منذ انتخاب تكالة رئيساً له، وذلك بعد إزاحة غريمها خالد المشري من رئاسة المجلس. وقال المجلس الأعلى إن تكالة التقى الدبيبة مساء الخميس، ورافقه في الزيارة كل من وزيري المواصلات محمد الشهوبي، والدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، ومستشار رئيس الوزراء عبد المجيد مليقطة. وتم خلال اللقاء «استعراض مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد، والجهود الرامية إلى دفع مسار التوافق الوطني في مواجهة التحديات الراهنة»، و«التأكيد على ضرورة الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وحشد الدعم المحلي من كل القوى الوطنية لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية وإنهاء كل المراحل الانتقالية في أجواء آمنة ومستقرة»، إضافة إلى «ضرورة التنسيق بين المجلس والحكومة في كل الملفات، بما يضمن اضطلاع المجلس بدوره الكامل المنوط به لتعزيز التكامل بين كل مؤسسات الدولة».

تكالة مستقبلاً الدبيبة في مكتبه بالمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبجانب التحركات الإيطالية في العاصمة، يأتي لقاء بلقاسم حفتر، «مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» برئيس جهاز المخابرات الإيطالي، جيوفاني كارافيلي، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى من السلطات الإيطالية، برفقة رئيس شركة.GKSD S.R.L.

وأوضح صندوق الإعمار مساء الخميس، أن بلقاسم بحث مع كارافيلي، آفاق التعاون الاستراتيجي بين ليبيا وإيطاليا في مجالات الصحة، والتدريب الطبي، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة، وإدارة النفايات وتحويلها إلى طاقة، بما يعزز الشراكات العملية الداعمة للتنمية المستدامة.

وسبق الاجتماع سلسلة من الزيارات الميدانية والاجتماعات الفنية التي أجراها الوفد الإيطالي، شملت تفقد المستشفيات والمشاريع الصحية في بنغازي والمرج، والاطلاع على سير العمل واحتياجاته الفعلية.

وعلى هامش اللقاء، تم توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الصحة، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة والبيئة، مؤكدين أن هذه الاتفاقيات «تمثل انطلاقة جديدة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وتفتح آفاقاً واسعة للشراكات التنموية المستدامة».

بلقاسم حفتر مستقبلاً في بنغازي رئيس جهاز المخابرات الإيطالي (صندوق الإعمار)

من جهة ثانية، وتزامناً مع الذكرى الثانية للإعصار الذي ضرب درنة، ومدن ومناطق بالجبل الأخضر، تذكر صدام حفتر نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني شجاعة أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والدفاع المدني، وما قدموه من تضحيات بكل ما لديهم، لضمان سلامة المواطنين وحمايتهم من المخاطر خلال تلك الأيام العصيبة».

وأشاد صدام بوقوف الدول الشقيقة إلى جانب ليبيا خلال هذه الفاجعة، وتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين في درنة ومدن الجبل الأخضر، وقال إن هذه الفاجعة «أكدت وحدة الشعب الليبي وتكاتفه، حيث سارع الجميع من كل ربوع الوطن إلى تقديم يد العون والمساعدة للمتضررين، إن هذه اللحظات الصعبة كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى تلاحمنا وتضامننا».


مقالات ذات صلة

«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

خاص القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)

«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

يرى محلل عسكري ليبي أن مطار الكفرة «منشأة مهمة تُستخدم لدعم القوات الليبية المنتشرة في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي وهو نقطة وصل بين شرق ليبيا وجنوبها»

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا في ليبيا بات كل مواطن يحتفل بـ«ثورته» في مواعيدها (أ.ف.ب)

الليبيون يحتفلون بالذكرى الـ74 للاستقلال على وقع انقسام حاد

بشكل منفصل أعلن كل من رئيسي حكومتي ليبيا الدبيبة وحماد يومي الأربعاء والخميس عطلة رسمية لمناسبة «عيد الاستقلال» في بلد يعاني من تداعيات انقسام سياسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين بدءاً من 2 يناير المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

قال المجلس الرئاسي الليبي إن رئيسه محمد المنفي اطلع على إحاطة «شاملة ومفصلة» حول الأوضاع الأمنية الراهنة، وسير تنفيذ المهام الموكلة للوحدات العسكرية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)

جدل في ليبيا يستبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في «حكومة الوحدة»

تباينت الآراء عقب إعلان رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة عزمه إجراء تعديلات وزارية في حكومته، وسط تساؤلات عن مصير الوزراء الحاليين.

جاكلين زاهر (القاهرة)

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
TT

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

تزامناً مع إعلان البرلمان الجزائري تنظيم جلسة تصويت، الأربعاء، على نصّين يثيران جدلاً واسعاً، يتعلقان بـ«تجريم الاستعمار» و«سحب الجنسية من المعارضين»، هوَّن مسؤول حكومي رفيع من المخاوف المرتبطة بالنص الثاني، مؤكداً أنه «لا يستهدف أصحاب الرأي المخالف»، بل أولئك الذين «تثبت بحقهم تهمة الخيانة العظمى».

وإذا كان الجدل الدائر بشأن مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 - 1962) يثير حفيظة قطاع من الطيف السياسي الفرنسي، لا سيما اليمين التقليدي، فإن هناك إجماعاً واسعاً في الجزائر على تسريع وتيرة إصداره، ونشره في الجريدة الرسمية، في خطوة مرتبطة بالتوترات القائمة مع باريس، التي كانت اندلعت صيف عام 2024 على خلفية اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. وقد شهدت هذه التوترات مع مرور الوقت تصعيداً خطيراً، ظل ملف الاستعمار وما تُعرف بـ«آلام الذاكرة» في صلبه.

البرلمان الجزائري (البرلمان)

وعشية اجتماع مكتب «المجلس الشعبي الوطني» لضبط أجندة التصويت على المقترحَين، سعى وزير العدل، لطفي بوجمعة، في تصريحات أمام النواب، إلى التخفيف من المخاوف المرتبطة بنص تعديل قانون الجنسية الذي تقدم به هشام صيفر، النائب عن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» المؤيد لسياسات السلطة التنفيذية، حيث شدد على أن «المعارضين أصحاب الرأي المخالف للحكومة الذين يوجدون في الخارج، غير معنيين بإجراءات التجريد من الجنسية» المتضمنة في النص الذي يحظى بتأييد غالبية الكتل البرلمانية.

وقال الوزير إن النص، الذي أثار كثيراً من الانتقادات، «يتضمن ضمانات صارمة تهدف إلى تأطير إجراءات إسقاط الجنسية، من خلال تحديد الحالات التي يمكن فيها تطبيق هذا الإجراء بشكل واضح ودقيق». مؤكداً أن التعديلات المقترحة «تنص على تعزيز الإطار القانوني، إذ تشترط توفر أدلة ملموسة ومعطيات ثابتة تثبت ارتكاب أفعال خطيرة».

كما تتناول، وفق قوله، استحداث «لجنة مختصة»، تتولى دراسة ملفات سحب الجنسية «بطريقة موضوعية ومحايدة»، من دون أن يذكر هوية الأشخاص الذين ستُسند إليهم عضوية هذه «اللجنة». وأوضح الوزير أيضاً أن مقترح تعديل القانون يتضمن تدابير «تتيح للشخص الذي أُسقطت عنه جنسيته إمكانية استرجاعها في ظل شروط معينة، بما يمنحه فرصة ثانية قبل أن يصبح القرار نهائياً».

«نظام إنذار» يسبق إسقاط الجنسية

من جانبه، صرَح النائب هشام صيفر بأن المقترح الذي تقدم به «يحترم بدقة (المادة 36) من الدستور، ولا يتعارض مع القانون الدولي». وتفيد المادة الدستورية بأن «شروط اكتساب الجنسية الجزائرية، والاحتفاظ بها، وفقدانها أو سحبها، تُحدَّد بمقتضى القانون».

ووفق صيفر فإنه لا تطبق إجراءات التجريد من الجنسية «إلا على المواطنين الجزائريين الذين تتوفر بحقهم أدلة قوية ومتماسكة تثبت ارتكابهم خارج التراب الوطني أفعالاً خطيرة محددة قانوناً، واستمرارهم في ارتكابها رغم توجيه إنذار رسمي من قبل الحكومة». وأشار إلى أن النص يشمل «نظام إنذار، وهو آلية تتيح للشخص المعني التراجع عن أفعاله، قبل اتخاذ قرار إسقاط الجنسية؛ مما يشكل ضمانة إضافية لتحقيق العدالة»، وفق تصريحات البرلماني، الذي لفت إلى إدراج شرط في النص يقضي بعدم جواز إسقاط الجنسية الأصلية عن أي شخص لا يحمل جنسية أخرى؛ تفادياً لحالات انعدام الجنسية، مع استثناءات محددة تتعلق بالجرائم الخطيرة، مثل الخيانة والتجسس لمصلحة دولة أجنبية، أو حمل السلاح ضد الجزائر.

رئيس «ماك» فرحات مهني مستهدَف بخطوة سحب الجنسية الجزائرية (ناشطون)

ويتضمن المقترح كذلك إنشاء لجنة خاصة تتكفل الدراسة والبت في ملفات إسقاط الجنسية، على أن يحدَّد تنظيمها، وتشكيلها، وكيفيات عملها، بموجب نص تنظيمي.

وبشأن الآثار المترتبة على الأقارب، فإن إجراء إسقاط الجنسية لا يشمل الزوج ولا الزوجة ولا الأطفال القُصّر. كما يمكن للأطفال المولودين بعد صدور قرار إسقاط الجنسية اكتساب الجنسية الجزائرية تلقائياً عن طريق الأم.

وطُرحت فكرة إسقاط الجنسية أول مرة في مارس (آذار) 2025، بمناسبة هجوم حاد من الرئيس عبد المجيد تبون ضد الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال، بسبب تصريحات صحافية، زعم فيها أن «أجزاء واسعة من الغرب الجزائري اجتزأها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجره هذا الكلام إلى المتابعة القضائية، حيث أدانه القضاء بالسجن 7 سنوات مع التنفيذ، لكن أُفرج عنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بموجب إجراءات عفو رئاسي بناء على التماس من الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير.

الكاتب بوعلام صنصال (حسابات ناشطين متعاطفين معه)

وظلت الفكرة مجرّد اقتراح ذي طابع سياسي تقدّم به النائب صيفر، لكنها عادت بقوة خلال الأيام الأخيرة على خلفية إعلان انفصاليي القبائل الجزائرية من باريس قيام «دولة مستقلة». ويُعتقد أن النص الجديد قد يُطبق ضد عدد كبير منهم، على رأسهم زعيم «حركة تقرير مصير القبائل (ماك)» فرحات مهني.

«أداة للتكميم»

أكدت منظمة «شعاع لحقوق الإنسان»، المهتمة بالأوضاع الحقوقية في الجزائر التي يوجد مقرها في لندن، في بيان، أن التعديل المقترح لقانون الجنسية، «يفتح الباب أمام المساس بحق الجزائريين في جنسيتهم الأصلية، استناداً إلى مفاهيم فضفاضة، من قبيل المسّ بمصالح الدولة أو بالوحدة الوطنية؛ مما يشكل تهديداً مباشراً لحقوق المواطنة، ويكرّس في الوقت ذاته مساراً تشريعياً خطيراً، من شأنه تحويل التجريد من الجنسية إلى أداة لتكميم الأفواه ومعاقبة الرأي المخالف، بدل أن يظل إجراء استثنائياً محكوماً بضوابط صارمة تحمي الحقوق والحريات».

ووفق البيان، «يحوّل المسعى الجنسية من حق أصيل وملازم للشخص، إلى وسيلة ضغط وابتزاز سياسي مشروطة بالولاء للسلطة لا بالانتماء للوطن»، لافتاً إلى أن «تركيز النص على الأفعال المرتكبة خارج التراب الوطني يكشف عن استهداف خاص للجزائريين المقيمين في الخارج، الذين يشكّلون اليوم الفئة الأكثر ممارسة لحقها في انتقاد السلطة، بحكم وجودهم خارج سطوة الاعتقال والسجن، رغم ما يواجهه العديد منهم من متابعات قضائية، وأحكام غيابية قاسية».


«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)
القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)
TT

«الوطني الليبي» يتجاهل مجدداً اتهامات بـ«التعاون» مع «الدعم السريع»

القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)
القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر (إعلام القيادة العامة)

تجاهل «الجيش الوطني الليبي»، برئاسة المشير خليفة حفتر، مجدداً الاتهامات، التي تربطه بتقديم دعم لقوات «الدعم السريع» في السودان، وذلك بعد تقارير تحدثت عن استخدام مهبط للطائرات في مطار الكفرة (جنوب شرقي ليبيا) منصة لوجيستية لتعزيز السيطرة على مدينة الفاشر، في سياق الحرب الأهلية السودانية.

وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع ثلاثة قادة عسكريين بارزين في شرق ليبيا للحصول على تعليق رسمي، إلا أنه لم يتسنَّ الحصول على رد، فيما قال أحدهم إنه «ليس مخولاً بالتحدث سواء بالنفي أو التأكيد».

قوات تابعة للجيش الوطني بقيادة المشير حفتر (الجيش الوطني)

وأشار تقرير لوكالة «رويترز»، الذي قالت إنه يستند إلى «أكثر من اثني عشر مسؤولاً عسكرياً واستخباراتياً ودبلوماسياً»، إلى أن «خط الإمداد عبر الكفرة كان محورياً في تعزيز سيطرة (الدعم السريع) على مدينة الفاشر؛ ما أتاح لها ترسيخ وجودها في دارفور».

وعدّ المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني، المقرب من قيادة «الجيش الوطني»، أن تقرير وكالة «رويترز» «لا يعكس الحقائق على الأرض»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مطار الكفرة «منشأة ليبية مهمة، تُستخدم لدعم القوات الليبية المنتشرة في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي، وهو نقطة وصل بين شرق ليبيا وجنوبها».

مضيفاً أن «القوات الليبية في الجنوب تعمل بحياد كامل، بعيداً عن أي نزاعات داخلية في دول الجوار، وتركز على تأمين العمق والحدود الليبية فقط، دون الانخراط في أي تجاذبات سياسية، أو عسكرية لدعم طرف ضد آخر».

عناصر من قوات «الدعم السريع» (أ.ف.ب)

وأبرز الترهوني أن «الجنوب الليبي ومطار الكفرة كانا عبارة عن مناطق مهملة سابقاً، استُخدمت كأنها ممرات لتنظيمات مسلحة، وتمويل الهجرة غير النظامية، لكنها أُمنت اليوم بشكل كامل لتصبح منطقة مستقرة ومحمية»، وهو ما عده «تجسيداً لنجاح جهود الجيش الوطني في حماية أراضي ليبيا وسيادتها».

ومنذ بداية الحرب الأهلية في السودان في أبريل (نيسان) 2023، تعرض «الجيش الوطني» الليبي لاتهامات متكررة بتقديم الدعم لقوات «الدعم السريع»، إلا أن القيادة العامة سارعت إلى نفي ذلك حينذاك، مؤكدة «استعدادها للوساطة» بين الأطراف السودانية لوقف القتال، وفقاً للناطق باسمها اللواء أحمد المسماري.

وحسب الرواية ذاتها، فقد سجلت بيانات وتتبع رحلات الجوية لما لا يقل عن 105 عمليات هبوط لطائرات شحن بين أبريل ونوفمبر (تشرين الثاني) 2025، نقلت أسلحة ومرتزقة لدعم سيطرتها في دارفور.

ونسبت الوكالة إلى مسؤول أممي، طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن استخدام هذه القناة «غيّر قواعد اللعبة بالكامل في السودان»، وذلك من خلال توفير إمكانات الإمداد والمقاتلين، وهو ما أسهم في تعزيز الحصار الذي استمر 18 شهراً على المدينة.

سودانيون يشاركون في مظاهرة للتنديد بانتهاكات «الدعم السريع» (إ.ب.أ)

وتجدد الجدل حول هذا الملف في يونيو (تموز) الماضي، بعد اتهامات الجيش السوداني لقوات «الجيش الوطني» بـ«تقديم إسناد لقوات (الدعم السريع) في اشتباكات حدودية»، وهو ما نفته وزارة الدفاع التابعة للحكومة المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا حينذاك، مؤكدة أن عقيدة القوات المسلحة «ترتكز على السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

وتوقع المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أن تستمر «التسريبات» حول الموضوع، وأنها «مرشحة للزيادة» رغم النفي المستمر. ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الأطراف الدولية تحاول تسريب الأخبار لوكالات الأنباء لتحقيق مكاسب سياسية، أو الضغط عبر ورقة الإعلام، وهو أسلوب تقليدي متجدد».

وتعيش ليبيا منذ 2014 حالة من الانقسامين السياسي والعسكري، وتشهد حالياً وجود حكومتين متنازعتين؛ إحداهما في طرابلس (غرباً) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد ومقرها مدينة بنغازي، وتتمتع بدعم «الجيش الوطني» الليبي، الذي يسيطر على معظم مناطق الشرق والجنوب، بما يشمل حقول النفط الاستراتيجية، ومطارات حيوية مثل مطار الكفرة.


الليبيون يحتفلون بالذكرى الـ74 للاستقلال على وقع انقسام حاد

في ليبيا بات كل مواطن يحتفل بـ«ثورته» في مواعيدها (أ.ف.ب)
في ليبيا بات كل مواطن يحتفل بـ«ثورته» في مواعيدها (أ.ف.ب)
TT

الليبيون يحتفلون بالذكرى الـ74 للاستقلال على وقع انقسام حاد

في ليبيا بات كل مواطن يحتفل بـ«ثورته» في مواعيدها (أ.ف.ب)
في ليبيا بات كل مواطن يحتفل بـ«ثورته» في مواعيدها (أ.ف.ب)

تحتفل ليبيا هذا الأسبوع بالذكرى الـ74 لاستقلالها عن الاحتلال الإيطالي، بينما لا تزال تعاني من انقسام سياسي حاد، وسط تعارض «الأجندات الخاصة» في ظل سعي كل فصيل سياسي إلى استدعاء ماضيه، وتطبيقه على حاضره.

وقبل 74 عاماً من الآن، أعلن الملك الليبي الراحل إدريس السنوسي استقلال بلاده، بعد عقود من الاحتلال الإيطالي، الذي بدأ عام 1911، وتمت مقاومته بمعارك دامت لأكثر من عقدين، خاضها «شيخ المجاهدين» عمر المختار مع رفاقه.

ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي (حسابات ليبية موثوقة)

وبشكل منفصل، أعلن كل من رئيسي حكومتي ليبيا عبد الحميد الدبيبة، وأسامة حماد يومي الأربعاء والخميس عطلة رسمية لمناسبة «عيد الاستقلال»، في بلد يعاني من تداعيات انقسام سياسي، وتعثر المسار الانتخابي منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.

ومن شرفة قصر «المنار» ببنغازي، زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال، قائلاً: «نتيجة جهاد أمتنا، وتنفيذاً لقرار الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 1949، تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة».

وقال أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر الوطني لتفعيل دستور الاستقلال»، لمناسبة حلول هذه الذكرى: «نستحضر لحظة فارقة في تاريخ البلاد، حين توحّد الليبيون على بناء دولتهم بإرادتهم الحرة، وعلى أساس سيادة القانون والشرعية الدستورية».

ورأى بودوارة أن «الاستقلال لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل يعد تعبيراً عن وعي وطني عميق بأهمية الدولة والمؤسسات ووحدة الوطن»، متمنياً أن «تتجاوز ليبيا محنها، وتستعيد استقرارها، وتجمع كلمتها، وتسير بثقة نحو مستقبل يليق بتضحيات أبنائها».

المناضل عمر المختار (صفحات ليبية على مواقع التواصل)

ولم تُنسِ الأحداث الجسام والصراعات الدموية، التي شهدتها ليبيا، مواطنيها الاحتفال بـ«ثوراتهم»، كل واحد حسب انتمائه وآيديولوجيته، ما يجعل المشهد السياسي يبدو «فسيفسائياً»، ومغلفاً بالانقسامات.

وفي ليبيا لم يطو الزمن المناسبات السياسية، ولا ذكرى الأحداث الأليمة بعد، ففي هذا البلد الأفريقي يحتفل كل مواطن بـ«ثورته» في مواعيدها. أنصار «الملكية» يحيون «يوم الاستقلال»، ومؤيدو «الفاتح من سبتمبر» يتمسكون بذكراها، بينما تعمّ الاحتفالات في ذكرى «ثورة 17 فبراير»، التي أسقطت نظام القذافي. فيما يسعى كل فصيل لاستدعاء ماضيه بغرض العودة إلى حكم ليبيا.

ويرى سياسيون ليبيون موالون لنظام القذافي أن ليبيا وإن كانت تحررت من الاحتلال الإيطالي قبل 74 عاماً، إلا أنها «لم تتخلص من آثاره، المتمثلة في وجود القواعد العسكرية والقوات الأجنبية في غرب البلاد وشرقها».

وفي مثل هذا التوقيت من كل عام، يدعو أنصار «الملكية» إلى «إعادة استحقاق ولاية العهد للأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، وتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة».

والأمير محمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي كان ولي عهد الملك إدريس السنوسي، آخر ملوك ليبيا، وعمل مؤخراً على تكثيف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة؛ بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) 1969 أطاحت مجموعة من «الضباط الوحدويين»، التي قادها القذافي، بالنظام الملكي وحكمت ليبيا قرابة 42 عاماً.

السنوسي يتوسط أكاديميين وقيادات من غرب ليبيا في لقاء سابق (حساب السنوسي على منصة إكس)

وتتوالى برقيات التهنئة على رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، لمناسبة عيد الاستقلال؛ حيث أعلن عبر حسابه على «فيسبوك» تلقيه، الاثنين، برقية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.

كما أعلن مكتب المنفي، الثلاثاء، تلقيه برقية تهنئة من محمد إدريس ديبي، رئيس تشاد لمناسبة يوم الاستقلال، ونقل عن الأخير «التزامه الدؤوب بالعمل معاً من أجل توطيد وتعميق علاقاتنا الثنائية، بهدف جعلها تعاوناً ناجحاً بين بلدينا الأفريقيين الشقيقين».

وفي كل احتفال سنوي بالاستقلال، يحرص الأمير محمد الحسن على بث رسائل المحبة، والدعوة للتوافق بين عموم الليبيين، ويذكر بأن «مخزون ليبيا التاريخي كفيل بإعادة الوحدة والتوافق المفقودين، في ظل الصراعات والتجاذبات».