«الوحدة» الليبية تبحث لدى أميركا عن «تمكين سياسي» من «باب الاقتصاد»

إيطاليا تدعو لتعزيز «الحلول السلمية» لإنهاء الأزمة السياسية

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
TT

«الوحدة» الليبية تبحث لدى أميركا عن «تمكين سياسي» من «باب الاقتصاد»

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)

تطوي حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المسافات في علاقاتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ساعيةً، وفق ما يصفه مناوئوها، إلى الحصول على مزيد من «التمكين السياسي»، وذلك عبر زيارات متكررة إلى واشنطن تستهدف بناء شراكات اقتصادية.

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)

وكشفت الحكومة، الجمعة، عن «زيارة لوفد رفيع المستوى - بتوجيهات من الدبيبة - إلى العاصمة واشنطن، عقد خلالها اجتماعاً موسعاً مع مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، ومسؤولي إدارة الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية». وقالت في بيان صحافي إن «الاجتماع الأميركي - الليبي ناقش ملفات الشراكة الاقتصادية بين البلدين، مع التركيز على تعزيز الاستثمار المشترك في قطاعات النفط والغاز، والطاقة المتجددة والصحة، والتعدين، والاتصالات والكهرباء، والمواصلات والبنية التحتية».

وتُعد هذه الزيارة الثانية لوفد من حكومة «الوحدة» إلى الولايات المتحدة في غضون 4 أشهر، بعد زيارة سابقة في أبريل (نيسان) الماضي، مهدت لجولة قام بها بولس إلى ليبيا في نهاية يوليو (تموز) الماضي، وترأسها وزير النفط والغاز خليفة عبد الصادق، وعضو مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، ورئيس الفريق التنفيذي لمبادرات الرئيس والمشروعات الاستراتيجية مصطفى المانع.

بولس مرحباً بوزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» الليبية (حكومة «الوحدة»)

ويترجم سياسيون ليبيون لـ«الشرق الأوسط»، هذه الزيارات على أنها «محاولة من حكومة الدبيبة للبحث عن دعم وتمكين في مواجهة الاضطراب الأمني والسياسي، في ظل احتمال حدوث تغييرات مرتقبة في المعادلة الحاكمة لليبيا خلال الفترة المقبلة».

وأوضحت الحكومة أن مناقشات الزيارة الأولى فتحت الباب أمام عودة الشركات الأميركية للاستثمار في ليبيا والتعاون في قطاع الطاقة، وهو ما جرى تثبيته خلال الزيارة الثانية. كما أوضحت، الجمعة، أن الجانبين أكدا «أهمية زيادة الاستثمارات الأميركية في قطاع النفط والغاز، وتطوير الحقول ورفع الإنتاج، إلى جانب استكشاف فرص واعدة في قطاع التعدين، بما يسهم في بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد».

ولفت الوفد الليبي إلى «التزام الحكومة برؤية رئيسها الهادفة إلى تعزيز التنمية والاستقرار، وبناء علاقات اقتصادية متينة مع الولايات المتحدة». كما تطرق إلى «ملف تسهيل منح التأشيرات الأميركية للمواطنين الليبيين، باعتباره خطوة داعمة للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري».

وكانت زيارة بولس إلى ليبيا في 25 يوليو الماضي قد جمعت بين ملفات السياسة والاقتصاد، إذ تقدمت حكومة «الوحدة» آنذاك بعرض لشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة تقدّر بنحو 70 مليار دولار، تتضمن مشاريع في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء، والبنية التحتية والاتصالات، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً حينها.

في غضون ذلك، جددت إيطاليا حرصها على دعم «الحلول السلمية» في ليبيا، وتعزيز الشراكة مع المؤسسات المحلية، فيما شدد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، على ضرورة التكامل بين حكومته والمجلس الأعلى للدولة.

تكالة مستقبلاً السفير الإيطالي لدى ليبيا (المجلس الأعلى للدولة)

واستقبل رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، مساء الخميس السفير الإيطالي لدى ليبيا، جيانلوكا ألبريني، في العاصمة طرابلس، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، و«بحث مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، والجهود المبذولة لدعم المسار الديمقراطي وتحقيق الاستقرار»، فيما أشاد تكالة «بعمق العلاقات التاريخية بين ليبيا وإيطاليا»، مؤكداً «أهمية استمرار التعاون والتنسيق في مختلف المجالات».

وللمرة الأولى، يزور الدبيبة مقر المجلس الأعلى للدولة، منذ انتخاب تكالة رئيساً له، وذلك بعد إزاحة غريمها خالد المشري من رئاسة المجلس. وقال المجلس الأعلى إن تكالة التقى الدبيبة مساء الخميس، ورافقه في الزيارة كل من وزيري المواصلات محمد الشهوبي، والدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، ومستشار رئيس الوزراء عبد المجيد مليقطة. وتم خلال اللقاء «استعراض مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد، والجهود الرامية إلى دفع مسار التوافق الوطني في مواجهة التحديات الراهنة»، و«التأكيد على ضرورة الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وحشد الدعم المحلي من كل القوى الوطنية لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية وإنهاء كل المراحل الانتقالية في أجواء آمنة ومستقرة»، إضافة إلى «ضرورة التنسيق بين المجلس والحكومة في كل الملفات، بما يضمن اضطلاع المجلس بدوره الكامل المنوط به لتعزيز التكامل بين كل مؤسسات الدولة».

تكالة مستقبلاً الدبيبة في مكتبه بالمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبجانب التحركات الإيطالية في العاصمة، يأتي لقاء بلقاسم حفتر، «مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» برئيس جهاز المخابرات الإيطالي، جيوفاني كارافيلي، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى من السلطات الإيطالية، برفقة رئيس شركة.GKSD S.R.L.

وأوضح صندوق الإعمار مساء الخميس، أن بلقاسم بحث مع كارافيلي، آفاق التعاون الاستراتيجي بين ليبيا وإيطاليا في مجالات الصحة، والتدريب الطبي، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة، وإدارة النفايات وتحويلها إلى طاقة، بما يعزز الشراكات العملية الداعمة للتنمية المستدامة.

وسبق الاجتماع سلسلة من الزيارات الميدانية والاجتماعات الفنية التي أجراها الوفد الإيطالي، شملت تفقد المستشفيات والمشاريع الصحية في بنغازي والمرج، والاطلاع على سير العمل واحتياجاته الفعلية.

وعلى هامش اللقاء، تم توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الصحة، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة والبيئة، مؤكدين أن هذه الاتفاقيات «تمثل انطلاقة جديدة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وتفتح آفاقاً واسعة للشراكات التنموية المستدامة».

بلقاسم حفتر مستقبلاً في بنغازي رئيس جهاز المخابرات الإيطالي (صندوق الإعمار)

من جهة ثانية، وتزامناً مع الذكرى الثانية للإعصار الذي ضرب درنة، ومدن ومناطق بالجبل الأخضر، تذكر صدام حفتر نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني شجاعة أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والدفاع المدني، وما قدموه من تضحيات بكل ما لديهم، لضمان سلامة المواطنين وحمايتهم من المخاطر خلال تلك الأيام العصيبة».

وأشاد صدام بوقوف الدول الشقيقة إلى جانب ليبيا خلال هذه الفاجعة، وتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين في درنة ومدن الجبل الأخضر، وقال إن هذه الفاجعة «أكدت وحدة الشعب الليبي وتكاتفه، حيث سارع الجميع من كل ربوع الوطن إلى تقديم يد العون والمساعدة للمتضررين، إن هذه اللحظات الصعبة كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى تلاحمنا وتضامننا».


مقالات ذات صلة

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
TT

الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)

أعاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون طرح ملف «الأموال المنهوبة» إلى الواجهة، مؤكداً أن «معركة استرجاع ممتلكات الشعب لا تزال مستمرة»، وتمر حسبه عبر مسارين: داخلي حقق نتائج ملموسة، وخارجي ينتظر «ساعة الحقيقة». ومنذ سقوط حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019، أطلقت السلطات حملة في الداخل والخارج، تستهدف وجهاء في النظام محل شبهة اختلاس أو تحويل أموال عامة.

وفي خطوة تهدف إلى جرد حسابات واحدة من أعقد القضايا الاقتصادية في تاريخ الجزائر، تناول الرئيس تبون في تصريحات حديثة «قضية المال المسروق»، لمناسبة حضوره «معرض الإنتاج الوطني» الذي تجري فعالياته بالعاصمة منذ الخميس الماضي، وذلك بحضور الوزير الأول سيفي غريب، وكثير من المسؤولين المدنيين والعسكريين.

رجال أعمال جزائريون في السجن بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأكد الرئيس تبون أنه «تم اختلاس مبالغ ضخمة من قبل أوليغارشيين»، في إشارة ضمناً، إلى رجال أعمال كانوا نافذين في اتخاذ القرار السياسي خلال فترة حكم بوتفليقة (1999 - 2019)، لافتاً إلى أنهم «أخفوا الأموال في الجزر العذراء»، في إشارة إلى البلدان التي يفترض أنها تحتضن شركات وهمية، منشأها أموال عامة جزائرية من عائدات «الفساد»، أو ما يسمى في الإعلام «الملاذات الضريبية».

وجهاء من النظام السابق

وحسب الرئيس تبون، فإن «البلاد عاشت كارثة حقيقية، حيث تعرضت الأموال للسرقة، فضلاً عن تفشي ظاهرة تضخيم الفواتير، واليوم يجب استرجاع أموال الدولة». ويقصد تبون بـ«الكارثة» فترة حكم الرئيس السابق، التي تميّزت، وفق تقدير الفريق المسيّر للبلاد حالياً، بممارسات فساد مالي وأخلاقي غير مسبوقة. ويُطلق على رجال تلك المرحلة وصف «العصابة»، علماً بأن تبون تولّى خلالها مسؤوليات وزارية بارزة، ويؤكد أنه كان شخصياً أحد «ضحايا العصابة»، بعد عزله من رئاسة الوزراء سنة 2017، عقب ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب، مُرجعاً ذلك إلى كونه «شكّل مصدر تهديد لمصالح الأوليغارشية». وقال تبون بهذا الخصوص، في «معرض الإنتاج الوطني»: «بالنسبة للأموال المخفية في الجزر العذراء أو في أي مكان آخر، سيأتي يومها... وفي كل الحالات، بالنسبة للأشياء الظاهرة، سيسمح ذلك للخزينة العامة باسترجاع جزء من آلاف المليارات من الدينارات». يقصد بـ«الأشياء الظاهرة»، الشركات والأموال التي تم حجزها ومصادرتها، بقرارات قضائية، والتي توجد في الجزائر وتعود في الأصل إلى رجال أعمال أدانتهم المحاكم بأحكام ثقيلة بالسجن بين عامي 2020 و2021. وتم ضم هذه الأملاك إلى «الشركات القابضة» المملوكة للدولة.

وأشاد تبون بـ«النفس الجديد الذي نشهده اليوم فيما يخص جهود استرجاع الأموال المنهوبة، بعد التراخي الذي لوحظ في هذا الجانب»، مشدداً على «ضرورة أن يُعطى لقيصر ما هو لقيصر».

وتحدث عن سيفي قائلاً: «منذ أن كان وزيراً للصناعة، هو من استرجع غالبية الشركات»، في إشارة إلى ضم 37 مؤسسة للصناعات الغذائية إلى مجمع عمومي مختص في هذا النشاط، وهي حالياً تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، حسب تصريحات سابقة للوزير الأول. وكانت هذه المؤسسات ملكاً لرجال أعمال متهمين بالفساد. وأوضح المسؤولون للرئيس، في «معرض الإنتاج الوطني»، أن جميع الوظائف في هذه المؤسسات تم الحفاظ عليها، كما تم إجراء توظيفات جديدة، وكذلك تطوير وتحديث هذه المؤسسات. والهدف من ذلك هو تنويع منتجات المجمع الحكومي للصناعة الغذائية، ودعم السوق المحلية بالمنتجات والسلع، والتوجه نحو التصدير. ويعمل في هذا المجمَع حالياً 2234 شخصاً، حسب المسؤولين أنفسهم.

أرقام مجهولة

ولا تُعرف حتى الساعة قيمة «المال المسروق» الموجود في الخارج. أما في الداخل فقد صرّح تبون عام 2023 بأن قيمة الأملاك والأموال التي صادرها القضاء، بعد محاكمات في إطار «الفساد»، تصل إلى 22 مليار دولار. وكتبت الصحافة يومها أن جهاز الأمن اكتشف أموالاً طائلة مخزنة في شقة بالعاصمة، ملك لمسؤول عسكري كبير هارب من القضاء يعيش حالياً في الخارج.

الجنرال غالي بلقصير قائد الدرك سابقاً صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأطلق القضاء الجزائري منذ عام 2021 مذكرات اعتقال دولية بحق عدة مسؤولين مدنيين وعسكريين، بعد إدانتهم غيابياً بتهم فساد، أبرزهم وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، ووزير الطاقة شكيب خليل، وقائد سلاح الدرك الجنرال غالي بلقصير، وكلهم يقيمون في بلدان مصنفة «ملاذات ضريبية».

رئيس مجموعة «سوناطراك» سابقاً عبد المؤمن ولد قدور (إعلام حكومي)

تعاون دولي متباين

وتتعاون الدول بشكل مختلف مع مذكرات الاعتقال الجزائرية. ففي أغسطس (آب) 2021 تسلمت الجزائر من دولة الإمارات، رئيس شركة «سوناطراك» للمحروقات سابقاً عبد المؤمن ولد قدور، إثر الحكم عليه قضائياً بتهمة «تضخيم فواتير» في صفقة شراء مصفاة نفطية من إيطاليا.

وسبق للرئيس الجزائري أن صرّح، لوسائل إعلام أجنبية، بأن فرنسا «لا تتعاون بالقدر المطلوب» مع الجزائر فيما يخص طلبات التحفظ على أرصدة مالية وممتلكات عقارية تعود لمسؤولين ونافذين، كانوا جزءاً من منظومة الحكم في فترات سابقة.

وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)

ويُعدّ الوزير عبد السلام بوشوارب (2015 - 2017) أبرز هذه الحالات، إذ رفض القضاء الفرنسي، في مارس (آذار) الماضي، طلب تسليمه إلى الجزائر، عاداً أن حكومتها «لم تقدم ضمانات حول تنظيم محاكمة عادلة له». وبخلاف باريس، أظهرت سويسرا استعداداً للتعاون مع الجزائر في هذا المجال. فبعد تسليمها عام 2023 وديعة بقيمة 1.7 مليون يورو تعود لبوشوارب، تعهد وزير العدل والشرطة السويسري خلال زيارته الجزائر في يوليو (تموز) الماضي، بأن برن «ستقدّم كل الدعم للجزائر في مساعيها الرامية إلى استرجاع الأموال التي تعود ملكيتها إلى الشعب الجزائري».


10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
TT

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)

قُتِل 10 أشخاص في نهاية الأسبوع جرّاء ضربة بواسطة طائرة مسيّرة على سوق مزدحمة في ولاية شمال دارفور السودانية، على ما أفاد به مسعفون لم يذكروا الجهة التي نفذت الهجوم.

ويأتي الهجوم في وقت اشتدت المعارك في مناطق سودانية أخرى؛ ما دفع إلى إجلاء العاملين في مجال الإغاثة، الأحد، من مدينة كادوقلي الجنوبية المحاصرة والتي تعاني المجاعة.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو عن مقتل عشرات الآلاف، وتسببت بنزوح نحو 12 مليوناً، وأدت إلى «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وأوضح مجلس غرف طوارئ شمال دارفور، وهو إحدى مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في السودان، أن ضربة بطائرة مسيّرة «استهدفت، السبت، سوق الحارة بمحلية المالحة».

ولم يشر المجلس إلى الجهة التي نفّذت الهجوم، موضحاً أنه أدى إلى «وقوع حريق جزئي في المحال التجارية وخسائر مادية كبيرة». ولم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني أو من «قوات الدعم السريع».

وتتركز الحرب راهناً في جنوب كردفان، وتصاعدت حدة الاشتباكات في كادوقلي، عاصمة الولاية؛ حيث أسفر هجوم بطائرة مسيّرة، الأسبوع الفائت، عن مقتل 8 أشخاص في أثناء محاولتهم الفرار من المدينة الخاضعة لسيطرة الجيش.

وقال مصدر في منظمة إنسانية تعمل في كادوقلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن المنظمات الإنسانية «أجلت جميع عامليها» من المدينة بسبب الأوضاع الأمنية.

وجاء الإجلاء عقب قرار الأمم المتحدة نقل مركزها اللوجيستي من كادوقلي، بحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لكنه لم يشر إلى الوجهة التي نُقل إليها العاملون. وتحاصر «الدعم السريع» وحلفاؤها كادوقلي ومدينة الدلنج المجاورة منذ اندلاع الحرب.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الأسبوع المنصرم، سيطرتها على منطقة برنو، وهي خط دفاعي رئيسي على الطريق الذي يربط كادوقلي بالدلنج.

وبعد سيطرتها في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، ركّزت «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الغني بالموارد، وهو خط استراتيجي يربط مناطق الشمال والشرق الخاضعة للجيش بدارفور التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في الغرب.

وأدت الحرب في السودان إلى تقسيمه فعلياً إلى شطرين، أولهما في قبضة الجيش الذي يسيطر على الشمال والشرق والوسط، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على عواصم الولايات الخمس في دارفور، وعلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.


حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
TT

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

دافع أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، عن الجهود التي تجريها سلطات شرق البلاد، وقال إن «ما تحقق من أمن واستقرار وتنمية يُجسّد المشروع الوطني الحقيقي لجمع الكلمة ولمّ الشمل، وبناء ليبيا على أسس الدولة والمؤسسات وسيادة القانون».

خالد حفتر يتوسط بلقاسم (يمين) وحماد (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

واستغل حمّاد افتتاحه عدداً من المشروعات التنموية في جنوب ليبيا، مساء السبت، وشدّد على أن «الحلول في بلادنا لن تأتي من الخارج، بل يصنعها الشعب الليبي بإرادته»، داعياً «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب البناء والتنمية، بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية تعيق مسار بناء الدولة».

وكان حمّاد وعدد من الشخصيات النيابية والعسكرية، من بينهم نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني» الفريق صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة الفريق خالد حفتر، شاركوا في مراسم الافتتاح التي شهدتها مدينة سبها، وذلك عقب استكمال أعمال الصيانة والتطوير التي نفّذها «صندوق التنمية وإعادة الإعمار».

ويقول الصندوق الذي يترأسه بلقاسم حفتر إنه «يعمل ضمن خطة للنهوض بالبنية التحتية والخدمية في المنطقة الجنوبية»، وهي الجهود التي ينظر إليها متابعون بأنها «تخصم من رصيد سلطات العاصمة طرابلس في إطار معادلة تمدد النفوذ بين عسكر شرق ليبيا وغربها».

وحمّاد - الذي تحظى حكومته بدعم من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر - دائماً يوجه انتقادات لغريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. وأمام جمع من سلطات شرق ليبيا المشاركين في عملية الافتتاح، أكد «الوقوف بحزم أمام كل محاولات الفتنة أو المساس بالأمن والاستقرار، وعدم السماح بإعادة البلاد إلى مربع الفوضى أو العبث بمصالح المواطنين».

وذهب حمّاد، حسب بيان حكومته، إلى أن «ما تشهده ليبيا اليوم من أمن واستقرار وإعمار يُمثل نقلة حقيقية وغير مسبوقة شملت مختلف المدن والمناطق شرقاً وغرباً وجنوباً»، مشيراً إلى أن «هذا التحول لم يكن ليتحقق لولا ترسيخ الأمن والاستقرار، وما قدّمه رجال القوات المسلحة من تضحيات جسام في سبيل حماية الوطن واستعادة هيبة الدولة».

ونوّه حماد بأن المشروعات التي افتُتحت اليوم شملت قطاعات حيوية، من بينها الإسكان والتعليم والصحة، إضافة إلى شبكات المياه والكهرباء، مع استمرار العمل في عددٍ من المشروعات الأخرى، إلى جانب إطلاق مشروعات جديدة في عدة مدن، بما يضمن وصول الإعمار إلى جميع مدن ومناطق الجنوب دون استثناء.

وتطرّق حمّاد إلى عملية المصالحة في ليبيا، بين القبائل والمدن، وأعلن «بلوغ المراحل النهائية لوضع ميثاق المصالحة الوطنية الشاملة موضع التنفيذ»، وبشّر مواطنين الجنوب بـ«إصدار القرارات اللازمة لتخصيص الأموال، تمهيداً للبدء في صرف تعويضات جبر الضرر للمتضررين، بما يُسهم في طيّ صفحة مؤلمة، وفتح صفحة جديدة قوامها العدل والمصالحة والتسامح».

عدد من قيادات شرق ليبيا خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

وحكومة حمّاد ليست على توافق مع البعثة الأممية، إذ سبق واتهمتها بـ«تجاوز القوانين والتشريعات الليبية والمواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي»، وذلك على خلفية إعلانها تلقيها «ترشيحات لـ(الحوار المهيكل) المتعلق بـ(خريطة الطريق) السياسية».

وبدا أن سلطات بنغازي آخذة في تمديد نفوذها، إذ سبق ووضع صدام حفتر، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حجر الأساس لمشروع يتضمن «مباني خدمية وعسكرية متكاملة» في مدينة سبها. كما تحدّث عن «العمل على ربط مدن الجنوب بشبكات طرق حديثة، وتطوير بنية تحتية، ودعم المشروعات الزراعية التي تمثل ركيزة للأمن الغذائي حتى تكون مركزاً للإنماء والإنتاج، لا معبراً للمعاناة أو التهميش».

وتنقل وسائل إعلام محلية «فرحة سكان جنوب ليبيا مما تحقق في مناطقهم المهمشة من تنمية». وظل الجنوب يشتكي إلى بعثة الأمم المتحدة مما يعانيه من «الإقصاء والتمييز ونقص الخدمات الحكومية».

وكان وفد يتقدمه حمّاد ومدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، زار مدينة غات في أقصى الجنوب الغربي لليبيا على الحدود الجزائرية، وذلك للوقوف على أوضاع المدينة، ومتابعة سير العمل بالمشروعات الخدمية والتنموية.

ووضعت الحكومة زيارة غات في إطار «حرصها على الاطلاع الميداني على احتياجات المواطنين، وتقييم مستوى الخدمات العامة، ومتابعة أداء الجهات التنفيذية، وبحث آليات تعزيز الاستقرار ودعم جهود التنمية، بما يسهم في تحسين مستوى الخدمات وتلبية تطلعات أهالي المدينة».