«الوحدة» الليبية تبحث لدى أميركا عن «تمكين سياسي» من «باب الاقتصاد»

إيطاليا تدعو لتعزيز «الحلول السلمية» لإنهاء الأزمة السياسية

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
TT

«الوحدة» الليبية تبحث لدى أميركا عن «تمكين سياسي» من «باب الاقتصاد»

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)
اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)

تطوي حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المسافات في علاقاتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ساعيةً، وفق ما يصفه مناوئوها، إلى الحصول على مزيد من «التمكين السياسي»، وذلك عبر زيارات متكررة إلى واشنطن تستهدف بناء شراكات اقتصادية.

اجتماع وفد حكومة الدبيبة مع مسؤولين أميركيين في واشنطن (الحكومة)

وكشفت الحكومة، الجمعة، عن «زيارة لوفد رفيع المستوى - بتوجيهات من الدبيبة - إلى العاصمة واشنطن، عقد خلالها اجتماعاً موسعاً مع مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، ومسؤولي إدارة الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية». وقالت في بيان صحافي إن «الاجتماع الأميركي - الليبي ناقش ملفات الشراكة الاقتصادية بين البلدين، مع التركيز على تعزيز الاستثمار المشترك في قطاعات النفط والغاز، والطاقة المتجددة والصحة، والتعدين، والاتصالات والكهرباء، والمواصلات والبنية التحتية».

وتُعد هذه الزيارة الثانية لوفد من حكومة «الوحدة» إلى الولايات المتحدة في غضون 4 أشهر، بعد زيارة سابقة في أبريل (نيسان) الماضي، مهدت لجولة قام بها بولس إلى ليبيا في نهاية يوليو (تموز) الماضي، وترأسها وزير النفط والغاز خليفة عبد الصادق، وعضو مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، ورئيس الفريق التنفيذي لمبادرات الرئيس والمشروعات الاستراتيجية مصطفى المانع.

بولس مرحباً بوزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة» الليبية (حكومة «الوحدة»)

ويترجم سياسيون ليبيون لـ«الشرق الأوسط»، هذه الزيارات على أنها «محاولة من حكومة الدبيبة للبحث عن دعم وتمكين في مواجهة الاضطراب الأمني والسياسي، في ظل احتمال حدوث تغييرات مرتقبة في المعادلة الحاكمة لليبيا خلال الفترة المقبلة».

وأوضحت الحكومة أن مناقشات الزيارة الأولى فتحت الباب أمام عودة الشركات الأميركية للاستثمار في ليبيا والتعاون في قطاع الطاقة، وهو ما جرى تثبيته خلال الزيارة الثانية. كما أوضحت، الجمعة، أن الجانبين أكدا «أهمية زيادة الاستثمارات الأميركية في قطاع النفط والغاز، وتطوير الحقول ورفع الإنتاج، إلى جانب استكشاف فرص واعدة في قطاع التعدين، بما يسهم في بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد».

ولفت الوفد الليبي إلى «التزام الحكومة برؤية رئيسها الهادفة إلى تعزيز التنمية والاستقرار، وبناء علاقات اقتصادية متينة مع الولايات المتحدة». كما تطرق إلى «ملف تسهيل منح التأشيرات الأميركية للمواطنين الليبيين، باعتباره خطوة داعمة للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري».

وكانت زيارة بولس إلى ليبيا في 25 يوليو الماضي قد جمعت بين ملفات السياسة والاقتصاد، إذ تقدمت حكومة «الوحدة» آنذاك بعرض لشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة تقدّر بنحو 70 مليار دولار، تتضمن مشاريع في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء، والبنية التحتية والاتصالات، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً حينها.

في غضون ذلك، جددت إيطاليا حرصها على دعم «الحلول السلمية» في ليبيا، وتعزيز الشراكة مع المؤسسات المحلية، فيما شدد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، على ضرورة التكامل بين حكومته والمجلس الأعلى للدولة.

تكالة مستقبلاً السفير الإيطالي لدى ليبيا (المجلس الأعلى للدولة)

واستقبل رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، مساء الخميس السفير الإيطالي لدى ليبيا، جيانلوكا ألبريني، في العاصمة طرابلس، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، و«بحث مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، والجهود المبذولة لدعم المسار الديمقراطي وتحقيق الاستقرار»، فيما أشاد تكالة «بعمق العلاقات التاريخية بين ليبيا وإيطاليا»، مؤكداً «أهمية استمرار التعاون والتنسيق في مختلف المجالات».

وللمرة الأولى، يزور الدبيبة مقر المجلس الأعلى للدولة، منذ انتخاب تكالة رئيساً له، وذلك بعد إزاحة غريمها خالد المشري من رئاسة المجلس. وقال المجلس الأعلى إن تكالة التقى الدبيبة مساء الخميس، ورافقه في الزيارة كل من وزيري المواصلات محمد الشهوبي، والدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، ومستشار رئيس الوزراء عبد المجيد مليقطة. وتم خلال اللقاء «استعراض مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد، والجهود الرامية إلى دفع مسار التوافق الوطني في مواجهة التحديات الراهنة»، و«التأكيد على ضرورة الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، وحشد الدعم المحلي من كل القوى الوطنية لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية وإنهاء كل المراحل الانتقالية في أجواء آمنة ومستقرة»، إضافة إلى «ضرورة التنسيق بين المجلس والحكومة في كل الملفات، بما يضمن اضطلاع المجلس بدوره الكامل المنوط به لتعزيز التكامل بين كل مؤسسات الدولة».

تكالة مستقبلاً الدبيبة في مكتبه بالمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبجانب التحركات الإيطالية في العاصمة، يأتي لقاء بلقاسم حفتر، «مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» برئيس جهاز المخابرات الإيطالي، جيوفاني كارافيلي، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى من السلطات الإيطالية، برفقة رئيس شركة.GKSD S.R.L.

وأوضح صندوق الإعمار مساء الخميس، أن بلقاسم بحث مع كارافيلي، آفاق التعاون الاستراتيجي بين ليبيا وإيطاليا في مجالات الصحة، والتدريب الطبي، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة، وإدارة النفايات وتحويلها إلى طاقة، بما يعزز الشراكات العملية الداعمة للتنمية المستدامة.

وسبق الاجتماع سلسلة من الزيارات الميدانية والاجتماعات الفنية التي أجراها الوفد الإيطالي، شملت تفقد المستشفيات والمشاريع الصحية في بنغازي والمرج، والاطلاع على سير العمل واحتياجاته الفعلية.

وعلى هامش اللقاء، تم توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الصحة، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة والبيئة، مؤكدين أن هذه الاتفاقيات «تمثل انطلاقة جديدة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وتفتح آفاقاً واسعة للشراكات التنموية المستدامة».

بلقاسم حفتر مستقبلاً في بنغازي رئيس جهاز المخابرات الإيطالي (صندوق الإعمار)

من جهة ثانية، وتزامناً مع الذكرى الثانية للإعصار الذي ضرب درنة، ومدن ومناطق بالجبل الأخضر، تذكر صدام حفتر نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني شجاعة أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والدفاع المدني، وما قدموه من تضحيات بكل ما لديهم، لضمان سلامة المواطنين وحمايتهم من المخاطر خلال تلك الأيام العصيبة».

وأشاد صدام بوقوف الدول الشقيقة إلى جانب ليبيا خلال هذه الفاجعة، وتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين في درنة ومدن الجبل الأخضر، وقال إن هذه الفاجعة «أكدت وحدة الشعب الليبي وتكاتفه، حيث سارع الجميع من كل ربوع الوطن إلى تقديم يد العون والمساعدة للمتضررين، إن هذه اللحظات الصعبة كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى تلاحمنا وتضامننا».


مقالات ذات صلة

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

شمال افريقيا عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

أدى التصادم المسلح بين تشكيلين في مدينة الزواية غرب ليبيا إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبية خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

مثول ليبي أمام «الجنائية الدولية» يقلب الطاولة على رئيس «الوحدة»

عدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع» في العاصمة الليبية، القبض على الهيشري، «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية وتصفية للقضاء الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

النيابة العامة تحقق في قضية تزوير «أوراق وطنية»

قال مكتب النائب العام الليبي إن التحقيقات انتهت من فحص تسعة قيود عائلية وتبين للمحقق تآمر موظف بمكتب السجل المدني مع تسعة أشخاص غير ليبيين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية في مكتبه بطرابلس الأربعاء (مكتب الدبيبة)

محادثات أممية - كندية حول سبل تنفيذ «خريطة الطريق» الليبية

ناقشت المبعوثة الأممية إلى ليبيا مع الدبيبة آليات تطبيق «خريطة الطريق»، بما في ذلك إطلاق «الحوار المهيكل» وقضايا أخرى تتعلق بتطورات العملية السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.