أوبئة تنهك السودان وسط انهيار النظام الصحي

مخلفات الحرب ومياه الأمطار أصبحت «مرتعاً» للميكروبات

عبد الرشيد طه يغالب الحمى في أحد المراكز الصحية بالخرطوم (الشرق الأوسط)
عبد الرشيد طه يغالب الحمى في أحد المراكز الصحية بالخرطوم (الشرق الأوسط)
TT

أوبئة تنهك السودان وسط انهيار النظام الصحي

عبد الرشيد طه يغالب الحمى في أحد المراكز الصحية بالخرطوم (الشرق الأوسط)
عبد الرشيد طه يغالب الحمى في أحد المراكز الصحية بالخرطوم (الشرق الأوسط)

على سريرٍ حديدي في مركز صحي مكتظ في العاصمة السودانية الخرطوم، يتقلب عبد الرشيد طه محاولاً تخفيف حرارة جسده المرتجف بالحمى، ويقول بصوتٍ متقطع: «أُصبت قبل أسبوع، وعندما وصلت للمركز وجدت العشرات يفترشون الأرض بانتظار الفحص. لم أجد سريراً، وتنقلت بين المراكز بلا جدوى. اكتفيت بالمحاليل وأقراص البندول، لكن حالتي لم تتحسن».

تختصر قصة عبد الرشيد مأساة آلاف السودانيين الذين عادوا إلى منازلهم بعد شهور من النزوح واللجوء، ليجدوا أنفسهم في مواجهة وباء متسارع الانتشار، تقوده حمى الضنك والكوليرا والتهاب الكبد الفيروسي والملاريا، ويزيده ضعف المناعة وانتشار أمراض أخرى.

أرقام صادمة

مركز لعلاج الكوليرا في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيف منظمة الصحة العالمية)

كشف التقرير الأسبوعي لمركز عمليات الطوارئ بوزارة الصحة الصادر الثلاثاء الماضي، أرقاماً رسمية صادمة ومأساوية عن الوضع الصحي في البلاد؛ إذ ذكر أن خمس ولايات من ولايات السودان البالغة 18 ولاية، سجلت 1378 إصابة جديدة بحمى الضنك، وأن ولاية الخرطوم هي الأعلى في حالات الإصابة.

كما أعلن عن 1501 حالة كوليرا مؤكدة في 13 ولاية من ولايات البلاد، و102 إصابة بالتهاب الكبد الفيروسي في ولاية الجزيرة وحدها، أما ولاية كسلا في شرق البلاد فقد سجلت وحدها 5 وفيات من بين 258 إصابة مؤكدة بالكوليرا.

وقال الصحافي محمد سلمان على صفحته في منصة «فيسبوك» إن مواطني مدينته القضارف يعيشون معاناة بالغة في مواجهة حمى الضنك، التي أصابت الآلاف. وأضاف: «يقضي معظم مواطني القضارف يومهم بين رحلة البحث عن العلاج ومقابلة الأطباء».

ووجّه سلمان انتقادات قاسية لإدارة الصحة المحلية، واصفاً إياها بالمتقاعسة عن مكافحة الناقل، وتابع: «المرض يكلف حسب بروتوكوله العلاجي ما بين 50 و150 ألف جنيه سوداني، ولا يملك المواطنون قدرة على تحمل نفقاته».

هذه الأرقام لا تشمل المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في ولايات دارفور الخمس، وبعض أجزاء ولايات غرب وجنوب كردفان التي تشهد معارك متواصلة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، حيث يتعذر الوصول، في حين تواجه الخدمات الصحية فيها صعوبات كبيرة مثل انعدام الدواء وقلة الكادر الطبي ودمار المنشآت الصحية.

مطالبات بإعلان الطوارئ

مياه الأمطار الغزيرة تغمر الشوارع وتخلف بركاً راكدة (أ.ف.ب)

طالبت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء - وهي نقابة منتخبة - بإعلان الطوارئ الصحية في كسلا، مشددة على ضرورة توفير مراكز العزل، وضمان الإمداد الدوائي، وتعزيز حملات التوعية وإصحاح البيئة. ودعت النقابة إلى تكاتف الجهود لحماية الأرواح، محذّرة الولايات المجاورة، ومطالبةً إياها باتخاذ الحيطة والتنسيق عبر المنافذ الحدودية ومداخل الولايات.

سمية قاسم، ربة منزل من أم درمان، ترقد في أحد مستوصفات الخرطوم، روت بمرارة: «أُصبت أنا وثلاثة من أبنائي بحمى الضنك، وكاد المرض الوبيل يقتل طفلي الصغير محمد». وتابعت: «عدنا من النزوح إلى بيتنا، لكن الحمى تحاصرنا الآن. حتى عندما نذهب للفحص نقضي ساعات في الطابور ولا نحصل على علاج كافٍ».

وفي الخرطوم، قالت حياة إبراهيم (اسم مستعار)، صحافية مقيمة هناك: «في كل بيت تقريباً هناك حالتان من الحمى، بين ملاريا وضنك». وتابعت: «البيئة صارت طاردة للحياة؛ الذباب يملأ الأسواق والمنازل، وأسراب البعوض لا تنقطع ليلاً».

وأضافت إبراهيم أن أحد المراكز الصحية في منطقتها أغلق أبوابه أمام المرضى الجدد نتيجة لضغط الأعداد الكبيرة وقلة الكادر الطبي، في وقتٍ ما تزال فيه برك المياه ومخلفات الحرب مرتعاً لنواقل الأوبئة.

إصابات حمى الضنك

مرضى يتلقون العلاج في مستشفى بمدينة القضارف بشرق السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)

في إفادة شخصية لافتة، كشف عبد المنعم أبو إدريس، نقيب الصحافيين السودانيين، لـ«الشرق الأوسط» عن إصابته بحمى الضنك، قائلاً: «للوهلة الأولى كنت أظنها الملاريا التي اعتاد عليها أهل السودان». وتابع: «قبل ثلاثة أشهر ذهبت من بورتسودان إلى مدينة كسلا، وهناك أحسست بحمى وصداع، وهي أعراض الملاريا، لكن عندما وصلت إلى عيادة الطبيب طلب فحص الدم، وجاءت النتيجة: الصفائح انخفضت إلى 245 من 450 المعدل الطبيعي».

وأضاف: «بعد 24 ساعة في مدينة مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، فقدت الصفائح 150 وصارت تتناقص حتى وصلت إلى 60 فقط، وهو الحد الذي يجعلك تنزف، وبالفعل بدأ النزيف، لكنه لم يستمر طويلاً».

ووصف النقيب، بحسب خبرته مع المرض، حمى الضنك بأنها «لا علاج لها سوى مسكن بندول لخفض الحرارة، والمحافظة على تناول السوائل». وقال: «قضيت 40 يوماً أعاني من أعراضها التي تشتد ليلاً، وكنت أمسك الورقة مراراً لأكتب وصيتي ثم أتراجع. وبعد أن شُفيت، قال لي أهلي: كنا نظن أنك لن تخرج منها».

«حمى مجهولة»

قال طبيب اختصاصي أمراض باطنية لـ«الشرق الأوسط» إن انتشار البعوض والذباب، إلى جانب انقطاع الكهرباء ونقص مياه الشرب، ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمة. وأوضح أن ضعف المناعة الناتج عن الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة رفع من معدلات الإصابة وخفض نسب الشفاء، مع انتشار أمراض أخرى مثل التيفويد وحمى الشيكونغونيا والملاريا وغيرها في كل ولايات البلاد.

وندد الطبيب بالصعوبات التي تواجه وصول المساعدات الإنسانية من أغذية ومعدات صحية وغيرها للمواطنين، مبيناً أن بعضها يُتداول في الأسواق، فضلاً عن صعوبة وصولها إلى مناطق القتال.

ونقلت تقارير صحافية محلية ظهور ما أُطلق عليه طبياً «حمى مجهولة» في بعض مناطق ولاية الجزيرة بوسط البلاد، أعراضها حمى شديدة تودي بالمصاب خلال يوم أو يومين، ولا تتطابق مع أعراض حمى الضنك أو الملاريا. وأشارت إلى تسجيل وفيات يومية تتراوح بين 5 و6 حالات في مدينة الحصاحيصا والمناطق المحيطة بها، وفق ما رصدت صحيفة «التغيير الإلكترونية» المستقلة.

جهود المكافحة

رئيس الوزراء كامل إدريس يشارك في حملة نظافة بالخرطوم (الشرق الأوسط)

أعلنت وزارة الصحة عن حملات للرش الضبابي ضد البعوض والذباب عن طريق الطائرات في الخرطوم، إضافة إلى توزيع الناموسيات وتنظيم مبادرات شبابية لتنظيف الأحياء وردم البرك الراكدة، لكنها تبقى جهوداً محدودة ومجزأة.

وأدى ضعف الإمداد الدوائي وانهيار شبكات المياه والصرف الصحي وانقطاع الكهرباء إلى تقليل فاعلية الاستجابة. ويقول مواطنون إن عربات الرش لا تصل إلى المناطق الطرفية التي هي أكثر تضرراً، في حين يواجه الكادر الطبي نقصاً في المحاليل والمضادات الحيوية؛ ما يجعل المعركة مع الضنك والكوليرا والملاريا أشبه بسباق غير متكافئ مع المرض.

وسخر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي من الحملات، وقال بعضهم: «يبدو أن المبيدات تغذي البعوض والذباب بدل القضاء عليه!»، في حين علق آخرون على توزيع الناموسيات في ولاية الجزيرة: «يتم صرف ناموسية واحدة لكل أسرة، هل تنام الأسرة كلها تحتها؟!».

بين أرقام رسمية صادمة، وإفادات مرضى يروون تجارب قاسية، وتحذيرات نقابية وطبية متزايدة، تبدو الأوبئة في السودان قد تحولت إلى أزمة وطنية شاملة. حمى الضنك والكوليرا والملاريا، ومعها أمراض جديدة مجهولة السبب، تضرب المدن والقرى، في حين تنهك الحرب جهاز المناعة وتقوّض النظام الصحي.

ومع دعوات الأطباء لإعلان الطوارئ وتكاتف الجهود، يبقى المواطن السوداني في قلب الحرب، يصارع المرض بأدوات بسيطة، منتظراً استجابة قد تحدد الفارق بين الحياة والموت.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

شمال افريقيا سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

«الشرق الأوسط» (دارفور)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» في 26 أكتوبر (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

قال شهود لـ«رويترز» إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها، تحتجز ناجين من الحصار، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
TT

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة»، في خطوة تستهدف ضمان تأمين منظومة الامتحانات مع استحداث نظام «البكالوريا» الذي يتم تطبيقه للمرة الأولى على المرحلة الثانوية هذا العام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن السيسي «شدَّد على ضرورة التعامل بحزم مع حالات الغش في (الثانوية)»، وذلك خلال اجتماع عقده، السبت، مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف.

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة؛ نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق؛ بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات، بعد أن تم عمل محاضر غش لهم خلال أدائهم الامتحانات.

وخلال السنوات الماضية تمكَّنت «جروبات للغش» عبر تطبيقات عدة، من بينها «تلغرام»، من نشر أوراق الامتحانات خلال خوضها أو قبلها، وتعلن «التربية والتعليم» إحالة عدد من الطلاب للتحقيق، في بيانات رسمية تصدرها عقب الانتهاء من كل امتحان.

وفرض قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات» عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية) ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

ويُعاقَب على الشروع في ارتكاب الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهي عقوبات يتم تطبيقها على المشاركين في أعمال الامتحانات وليس الطلاب.

في حين يعاقب القانون الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة وفقاً للنظام المصري دورَين متتاليَين.

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، أكدت أن «تغليظ العقوبات على الطلاب والتأكد من تطبيق القانون يعدّ أمراً مهماً للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، والمشكلة تبدو على نحو أكبر تجاه اللوائح التنفيذية لقوانين مكافحة الغش، التي يترتب عليها قصور في إحالة أي طالب تورط في الغش للتحقيقات وعمل محضر فوري له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التوجيهات الرئاسية تستهدف الحدَّ من السلوكيات السلبية داخل لجان الامتحانات، والتأكيد على ضرورة تفعيل العقوبات مع بدء تطبيق منظومة «البكالوريا» لأول مرة هذا العام.

وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق منظومة «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية هذا العام، وهي نظام تعليمي يمتد لـ3 سنوات يركز على تنويع المسارات التعليمية والتقييم المستمر مع فرص امتحانية متعددة (بما فيها فرص تحسين المجموع).

واستعرض وزير التربية والتعليم خلال لقائه الرئيس السيسي، مزايا منظومة «البكالوريا» مشيراً إلى «أن هذا النظام ينهي امتحان الفرصة الواحدة في نظام الثانوية العامة»، موضحاً «ازدياد إقبال الطلبة على نظام (البكالوريا)، حيث تجاوزت نسبة الالتحاق به في العام الدراسي الحالي 90 في المائة من إجمالي عدد طلاب المرحلة الأولى من الثانوية».

ووجَّه السيسي بـ«فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، مع اتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات».

وأكد خبير التعليم والاستشاري في «استراتيجية التعليم والتحول الرقمي»، تامر عبد الحافظ، أن العقوبات التي تقرها وزارة التربية والتعليم بشأن «الغش» تكفي لضبط منظومة الامتحانات، وأن التركيز يمكن أن ينصب بشكل أكبر على إجراءات عقد الامتحانات وتدريب المراقبين والملاحظين على مواجهة أساليب الغش الحديثة، وتدشين حملات توعية وطنية لأولياء الأمور والطلاب بخطورة هذه الممارسات على المجتمع بوجه عام.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود أنظمة إحصائية لمراجعة درجات الطلاب، والتيقن ما إذا كانت نتيجة لمحاولات غش أم بمجهودهم الفردي، يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية والتعليم، وفي حال ثبوت «الغش» فإنه يمكن إلغاء الامتحان بوجه عام أو إلغاؤه في بعض اللجان ومعاقبة المتورطين في تلك المخالفات.

وفي كل عام تحدد وزارة التربية والتعليم المصرية قائمة من المحظورات خلال فترة أداء امتحانات الثانوية العامة، ومنها عدم اصطحاب أجهزة التابلت والهواتف المحمولة إلى لجان الامتحانات، وإن كانت مغلقة، وعدم ارتداء ساعات ذكية أو سماعات لاسلكية (بلوتوث).


ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

تشهد عدة مناطق في ليبيا أحوالاً جوية صعبة نتيجة الأمطار الغزيرة، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ضربت مدن الشرق والغرب، فيما أجلت الجهات العسكرية والأمنية والإغاثية عائلات متضررة، وسط دعوات رسمية للمواطنين بتوخي الحذر، والابتعاد عن مجاري السيول.

وأجلت الوحدة البحرية للضفادع البشرية، التابعة للقوات الخاصة بالجيش الوطني، مساء الجمعة، عائلات عالقة في بعض أحياء مدينة بنغازي التي غمرتها مياه الأمطار، بالإضافة إلى فرق مديرية أمن بنغازي وفرق الهلال الأحمر الليبي، التي أجلت أيضاً عدداً من العائلات من منازلها في منطقة الكيش القديم، بعد تسرب مياه الأمطار التي ارتفع منسوبها.

عناصر عسكرية مشاركة فى إجلاء العالقين بسبب أمطار بنغازي (إعلام محلي)

وقال المسئول بجهاز الإسعاف والطوارئ بالمنطقة الشرقية، أنور صالح، إن الجهات الأمنية والإغاثية نقلت الأسر المتضررة إلى أماكن أكثر أماناً، لافتاً إلى إجلاء 6 عائلات من منزل واحد نتيجة ارتفاع منسوب المياه. فيما أعلنت مديرية أمن بنغازي الكبرى إخراج عدد من العائلات من منازلهم إلى مواقع أكثر أماناً، تحسّباً لأي طارئ قد يُهدد سلامتهم، بالتنسيق مع الجهات المختصة وفرق الطوارئ.

وأظهرت مقاطع مصورة متداولة معاناة عدد من العائلات في المنطقة من دخول مياه الأمطار إلى منازلهم؛ حيث شهدت عدة شوارع بمدينة بنغازي ارتفاعاً ملحوظاً في منسوب مياه الأمطار جرّاء التقلبات الجوية. كما استجابت دوريات جهاز الحرس البلدي لبلاغات سكان حي الشعبية بمنطقة توكرة شرق المدينة.

وطبقاً لمسؤول الإعلام بجهاز الحرس البلدي، العقيد صلاح الساحلي، فقد باشرت دوريات الجهاز بالتعاون مع هيئة السلامة الوطنية وشركة المياه والصرف الصحي، التعامل مع مياه الأمطار التي غمرت بعض البيوت والشوارع بالمنطقة، مشيراً إلى إجراء عمليات الشفط للمياه لضمان وصول الخدمات، وتقديم الدعم للعائلات المتضررة.

غرق مناطق في بنغازي (وسائل إعلام محلية)

وبسبب غرق عدد من مناطق مدينة بنغازي، وإغلاق الطرق السريعة، بالإضافة إلى تضرّر مداخل عدد من المدارس وامتلائها بالمياه، بما يعوق دخول الطلبة، أعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الاستقرار» تعليق الدراسة، حفاظاً على سلامة الطلبة، وحرصاً على حمايتهم من أي مخاطر صحية أو بيئية.

بدورها، أعلنت وزارة الكهرباء بالحكومة، إعادة التيار الكهربائي إلى 3 مناطق في مدينة بنغازي، بعد انقطاع بسبب العواصف المطرية، التي تسببت في أضرار وأعطال واسعة في الشبكة.

وكررت وزارة الموارد المائية تحذيراتها لمستخدمي الطرق من المخاطر الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدد من المناطق، وما خلّفته من تجمعات كبيرة للمياه وسط الطرق وعلى أطرافها، ولا سيما في الطرق السريعة خارج المدن، وكذلك داخل مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنها لاحظت أوضاعاً قد تُشكّل خطورة مباشرة على مستخدمي الطرق.

وطالبت المواطنين بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتعليمات، والابتعاد عن مواقع تجمع المياه حفاظًا على سلامتهم. كما دعت الوزارة إلى تجنب الأودية وتقليل السرعة على الطرقات، مشيرة إلى أنه من المتوقع سقوط أمطار متوسطة إلى غزيرة على الساحل من سرت حتى مساعد، حتى يوم الثلاثاء المقبل.

وكانت الوزارة قد حذرت مستخدمي الطرق الممتدة من أجدابيا حتى المخيلي من التقلبات الجوية الشديدة التي قد تترافق مع هطول أمطار غزيرة، وجريان السيول، وانخفاض مستوى الرؤية. لكنها طمأنت المواطنين بأن السدود في المناطق التي تشهد تقلبات جوية آمنة تماماً، ولا تُشكل أي خطر، مؤكدة أن كميات المياه الواردة إليها من الأمطار تحت السيطرة.

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» عن مدير إدارة السدود أن الجريان المسجل في الوديان يقع على الطرق الرئيسية، ولا علاقة له بالسدود.

شفط مياه الأمطار في عدد من أحياء طرابلس (شركة المياه)

بدوره، أعلن «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة»، التابع لحكومة «الاستقرار»، رفع درجة حالة الطوارئ القصوى في جميع الوحدات والأجهزة الأمنية والخدمية، مشيراً إلى تسيير الدوريات وتقديم المساندة والدعم اللوجيستي والتنسيقي لجميع الأجهزة الأمنية والخدمية لضمان حماية المواطنين، وتوفير كل ما يلزم خلال هذه الظروف.

كما رفعت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية درجة الطوارئ إلى المستويات القصوى في كل فروعها بمختلف المدن، وأكدت أن فرقها الميدانية وفرق الاستجابة السريعة باشرت تنفيذ خطط الطوارئ المعتمدة للتعامل مع أي أضرار محتملة، مع رفع الجاهزية لتقديم الدعم والإغاثة للأسر المتضررة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

ودعت الهيئة المواطنين إلى توخي الحيطة، ومتابعة تعليمات السلامة الصادرة عن الجهات المختصة، مؤكدة استمرارها في متابعة الأوضاع أولاً بأول حتى انتهاء الظروف الجوية الحالية

في المقابل، أصدرت وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة المؤقتة»، تحذيراً مماثلاً من تقلبات جوية تشهدها البلاد، استناداً إلى توقعات المركز الوطني للأرصاد الجوية. وأوضحت الوزارة أن التوقعات تُشير إلى أجواء باردة على مختلف مناطق البلاد، مع استمرار فرصة هطول أمطار من حين لآخر على مناطق الشمال الغربي، ما قد يؤدي إلى تجمع المياه في الأماكن المنخفضة.

ودعت المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية، والمناطق المعرضة لتجمع المياه، واتباع الإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.

وبدأت فرق الشركة العامة للمياه والصرف الصحي إزالة مياه الأمطار المتراكمة في عدد من المناطق بالعاصمة طرابلس، لتحسين الظروف البيئية، والتخفيف من الأضرار الناتجة عن الأمطار الغزيرة.

وأوضحت الشركة أن قسم خدماتها في غرب طرابلس تعامل مع تجمعات المياه في عدة مناطق، بما في ذلك تشغيل مضخة ثابتة لنزح المياه المتراكمة في منطقة السراج، بهدف تسهيل حركة المركبات، وفتح المسارات أمام حركة المرور.

وأظهرت لقطات مصوّرة لوسائل إعلام محلية محاولات قوة العمليات المشتركة إنقاذ الأسر العالقة في سياراتها جرّاء الأمطار الغزيرة، التي أغرقت شوارع مدينة مصراتة بغرب البلاد.


الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة: نقدم مساعدات للفارين من الفاشر بالسودان رغم التحديات

سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)
سيدة سودانية أصيبت في معارك الفاشر بالسودان تجلس في خيمتها مخيم طويلة (أ.ب)

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، السبت، إنه يقدم مساعدات للفارين من العنف في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان «رغم التحديات الهائلة».

ودعا المكتب الأممي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى توفير إمكانية الوصول الآمن والمستدام لتقديم المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء السودان من دون عوائق.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور عقب حصارها مدة 18 شهراً، بينما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.