عقوبات أميركية جديدة على الحوثيين

واشنطن عدّتها «أكبر إجراء» تتخذه ضد الجماعة

حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» تولّت الحملة ضد الحوثيين من شمال البحر الأحمر في أبريل الماضي (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» تولّت الحملة ضد الحوثيين من شمال البحر الأحمر في أبريل الماضي (أ.ب)
TT

عقوبات أميركية جديدة على الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» تولّت الحملة ضد الحوثيين من شمال البحر الأحمر في أبريل الماضي (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» تولّت الحملة ضد الحوثيين من شمال البحر الأحمر في أبريل الماضي (أ.ب)

فرضت الولايات المتحدة، مساء الخميس، جولةً جديدةً من العقوبات على الحوثيين في اليمن، فيما وصفته إدارة الرئيس دونالد ترمب بأنه «أكبر إجراء» من نوعه تتخذه واشنطن ضد الحركة المتحالفة مع إيران، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز».

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، أنها فرضت عقوبات على 32 فرداً وكياناً، بالإضافة إلى 4 سفن، في محاولة لتعطيل عمليات جمع الأموال والتهريب والهجمات التي يقوم بها الحوثيون. ومن بين الأهداف كثير من الشركات الصينية التي قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها ساعدت على نقل مكونات عسكرية، بالإضافة إلى شركات أخرى تساعد على ترتيب شحن سلع ذات استخدام مزدوج إلى الحوثيين. وأضافت الوزارة أن العقوبات «تستهدف أيضاً مهربي النفط وشركات الشحن المرتبطة بالحوثيين».

وردَّت وزارة الخارجية الصينية، يوم الجمعة، بأنها تعارض «إساءة استخدام العقوبات أحادية الجانب، وتوسيع نطاق الولاية القضائية من جانب الولايات المتحدة»، وهو ما قالت إنه «ينتهك القانون الدولي والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية».

وعرقل الحوثيون التجارة العالمية منذ أواخر عام 2023 بشنِّ مئات الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على السفن في البحر الأحمر، قائلين إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين بعد حرب إسرائيل على غزة. وكان ترمب قد أعلن في مايو (أيار) اتفاقاً مفاجئاً لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين.


مقالات ذات صلة

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول.

محمد ناصر (تعز)
شمال افريقيا باخرة شحن تعبر قناة السويس (أرشيفية - أ.ب)

ما خطط شركات الشحن البحري للعودة إلى قناة السويس؟

تضع شركات الشحن الكبرى استراتيجيات للعودة المحتملة إلى قناة السويس بعد عامين من التعثر بسبب الأخطار الأمنية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

صعّدت الجماعة الحوثية من حملتها ضد الأمم المتحدة ووكالاتها، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين ليرتفع العدد في معتقلات الجماعة إلى 69 موظفاً

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

عكست سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة واحتواء خلافات الشرعية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«ممنوع استقبال الرجال»... الإيجارات في غزة مكبلةٌ بشروط معقدة وأسعار مرتفعة

لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

«ممنوع استقبال الرجال»... الإيجارات في غزة مكبلةٌ بشروط معقدة وأسعار مرتفعة

لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قضى نافذ الغوراني، من سكان حي الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة، والنازح حالياً في خان يونس بجنوب القطاع، ساعات طويلة وأياماً عسيرة بحثاً عن شقة سكنية يستأجرها، أملاً في مأوى يضمه وأسرته قبل أن يتمكن من العودة إلى مدينته، لكنه اصطدم بواقع مرير... فالدمار طال غالبية المساكن والمنازل.

لم تكن عملية البحث عن الشقة هي الصعوبة الوحيدة التي واجهت الغوراني، وتواجه مئات غيره يومياً، فما هو أصعب منها الشروط المعقدة التي يضعها أصحاب الشقق حين يحالف أحدهم الحظ ويجد واحدة.

يقول الغوراني، الذي يعيش حالياً في خيمة بخان يونس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه كلما وجد شقة تصلح للإيجار، يطلب أصحابها صورة من بطاقته الشخصية للتحري والسؤال عنه إما في منطقة سكنه الرئيسية قبل أن يفقد منزله، أو لدى جهات أخرى، قبل الموافقة على التأجير. ويضيف أن طلبه رُفض مرات عديدة لأسباب لم تكن له مفهومة.

عمال فلسطينيون يُصلحون طريقاً تضرر من الحرب بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

في إحدى المرات، وبعد أن اتفق مع صاحب شقة على الإيجار، فوجئ بشرط يمنعه من استقبال أي رجال في البيت، حتى وإن كانوا أشقاءه، خشية انتماء أحدهم لأي فصيل فلسطيني، مما قد يُعرّض المكان لهجوم إسرائيلي، ما أثار استغراب الغوراني الذي رفض هذا الشرط، فرفض صاحب الشقة التأجير.

يقول الغوراني إن العثور على شقة للإيجار، حتى ولو بسعر باهظ، بات مهمة شبه مستحيلة في ظل التعقيدات التي يفرضها أصحاب البيوت الذين يخشون على منازلهم وحياتهم. وعلى الرغم من أنه يعتبر ذلك حقاً من حقوقهم، فإنه يشير إلى «المبالغة» في الشروط وفي التعقيدات لأسباب غير مقنعة أحياناً، مثل تلك التي حالت دون تمكنه من استئجار شقة مع إنه لا ينتمي لأي فصيل، لا هو ولا أي من أبنائه الخمسة.

«المضطر»

في ظل المتبقي القليل من المنازل والشقق السكنية في قطاع غزة، بعد عملية التدمير الشاملة التي طالت مناطق شاسعة من القطاع، يتخوف السكان من أن يستهدفهم قصف إسرائيلي في ظل استمرار الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي تقرير نُشر في بداية العام الحالي، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 92 في المائة من الوحدات السكنية في غزة مدمرة أو متضررة. وقال المكتب إن 436 ألف وحدة سكنية تأثرت بالحرب، حيث تهدمت 160 ألف وحدة كلياً وتضررت 276 ألفاً جزئياً، بعضها على نحو خطير.

وجاء في التقرير أن أكثر من 1.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى مأوى طارئ ومستلزمات منزلية أساسية.

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 18 ديسمبر 2025 (رويترز)

ويقول فضل الشنطي، الذي يمتلك مبنى سكنياً من ستة طوابق في غرب مدينة غزة، إنه لا يستطيع التأجير لأي شخص قبل أن يسأل عنه، معتبراً ذلك حقاً أصيلاً للحفاظ على سلامة بنايته وحياة عائلته التي تقطن في إحدى شقق المبنى.

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتلال الإسرائيلي لا ينتظر إذناً من أحد حين ينوي قصف ناشط ما، وقد ارتكب عشرات المجازر بحق عوائل كاملة وبنايات كي يقتل شخصاً واحداً».

واستطرد: «حياة عائلتي ومن يعيش في البناية هي أمانة أحملها ضمن مسؤولياتي».

وتابع: «أنا كمالك لبناية سكنية، لست ضد ابن شعبي، سواء كان من فصيل فلسطيني أو غيره، لكن هناك ظروفاً قاهرة وأوضاعاً قاسية لا يمكن لأحد أن يتجاوزها، ولا أستطيع أن أضحي بحياة عدة عائلات من أجل شخص واحد يمكنه أن يجد مكاناً بديلاً».

ولا ينفي الشنطي أن بعض المالكين رفعوا أسعار الإيجارات بشدة، ومع هذا ظل إقبال «المضطرين» كبيراً. وعن نفسه، قال إنه رفع السعر عما كان عليه قبل الحرب، إلى نحو 800 دولار بدلاً من 500 سابقاً، في حين أن الغالبية تطلب ما بين 1000 و1500 دولار للشقة التي تتراوح مساحتها بين 130 و170 متراً.

وقبيل الحرب كانت أسعار الإيجارات من 200 إلى 500 دولار، فيما يصل إيجار المفروش منها إلى 700 دولار.

مواطن «بلا وطن»

لا تقف الشروط التي يضعها أصحاب الشقق السكنية عند هذا الحد، بل يمتد بعضها لمنع الإيجار عن أسرة يزيد عدد أفرادها عن ستة، أو وضع شروط تتعلق بالمياه، مثل مشاركة المستأجر في حصة المياه الخاصة به بسبب شحها الشديد.

كما لوحظ أن غالبية مُلاك الشقق يرفضون التأجير للعاملين في مجالات معينة مثل الصحافة، والطواقم الطبية، وأساتذة الجامعات، بسبب استهدافهم المتكرر من قبل إسرائيل خلال الحرب.

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية بمدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

يقول هيثم عمر، الذي كان يبحث عن شقة للإيجار، إنه فوجئ برفع الأسعار المبالغ فيه وبالشروط التعجيزية، ناهيك عن دفع مبالغ للسماسرة والوسطاء الذين يعملون على الترويج لتلك الشقق.

ويضيف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، أنه فوجئ بأن صاحب شقة مكونة من غرفتين ومطبخ وصالة طلب منه 1300 دولار شهرياً، وقال: «أنا مواطن بسيط أعمل في شركة قطاع خاص، وكل ما أتحصل عليه شهرياً 550 دولاراً».

حتى الوحدات المتضررة لم تسلم من علو الإيجارات، وأشار عمر إلى أن صاحب شقة متضررة طلب منه نحو 600 دولار، رغم أن بعضها مغطى بالشوادر، واصفاً ما يجري بأنه «ظلم».

وأضاف بحسرة طغت على نبرته: «صدق من قال إن المنزل هو الوطن، ونحن الآن بلا وطن».

حتى النساء ممنوعات من الزيارة

تقول إيمان العطار، وهي شابة تعمل في الوساطة عبر الإنترنت بين المؤجر والمستأجر، إن بعض الشروط يراها كثيرون «طبيعية»، مشيرةً إلى أن أصحاب الشقق يخشون أن يستضيف المستأجرون أقاربهم النازحين في الشقة نفسها، مما يؤثر على الخدمات داخل البناية.

نازحون يسيرون وسط الخيام في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

وروت واقعة فرض فيها المؤجر على المستأجر عدم استقبال أي ضيوف، رجالاً كانوا أو نساءً، بدعوى أن إسرائيل قصفت نساء لأن أزواجهن نشطاء في فصائل. وقالت إن المستأجر رفض هذا الشرط جملةً وتفصيلاً.

أما منع المستأجر من استقبال الرجال، فبات حالة متكررة، حسبما قالت، وأصبح يوضع ضمن شروط العقد.

ولا تنكر إيمان العطار أن غالبية أصحاب الشقق يستغلون الوضع القائم حالياً، حيث لا توجد رؤية واضحة بشأن إعادة الإعمار أو توقف الحرب نهائياً، لوضع شروطهم ورفع أسعار الإيجارات بشكل مبالغ فيه.


تحقيقات ترجّح اختطاف إسرائيل ضابطاً لبنانياً على صلة بملف آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
TT

تحقيقات ترجّح اختطاف إسرائيل ضابطاً لبنانياً على صلة بملف آراد

دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)
دبابات إسرائيلية تجري مناورات قرب الحدود مع لبنان استعداداً لتوغل بري العام الماضي (أ.ب)

كشف مصدر قضائي لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيقات في اختفاء ضابط متقاعد في الأمن العام قبل أسبوع، ترجح اختطافه من قبل إسرائيل، بعد «عملية استدراج ذات طابع استخباراتي»، على خلفية الاشتباه بعلاقته بملف اختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد في جنوب لبنان عام 1986.

وأشار المصدر إلى أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي «تكثّف تحرياتها منذ تسجيل فقدان النقيب المتقاعد في الأمن العام أحمد شكر قبل نحو أسبوع في منطقة البقاع». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن فرع التحقيق «عمل على تتبع حركة كاميرات المراقبة وتحليل بيانات الاتصالات، وتوصل إلى خيوط أولية تشير إلى أن شكر تعرّض لعملية استدراج محكمة انطلقت من مسقط رأسه في بلدة النبي شيت (البقاع الشمالي)، قبل أن يُفقد أثره في نقطة قريبة جداً من مدينة زحلة، حيث ينصب الجهد الأمني هناك لكشف مصيره».

استدراج استخباراتي

ومع تضارب الروايات حول أسباب وملابسات اختفاء شكر، بدأت تتقدّم فرضية وقوف إسرائيل خلف عملية اختطافه على سواها، مستندة إلى معطيات أولية كشفتها التحقيقات الجارية.

ما يعزز العامل الأمني - الاستخباراتي، وجود شبهات عن أشخاص غير لبنانيين مرتبطين بالحادثة. ويوضح المصدر القضائي أن المعلومات المستقاة من التحقيقات الأولية وعمليات الرصد والاستقصاء تفيد بأن «عملية الاستدراج نُفّذت من قبل شخصين سويديين، أحدهما من أصل لبناني، وصلا إلى لبنان قبل يومين فقط من وقوع الحادثة عبر مطار رفيق الحريري الدولي. وغادر الأول عبر المطار في اليوم نفسه الذي اختفى فيه شكر، ما يثير علامات استفهام كبيرة حول دوره المحتمل في العملية».

أما الشخص الثاني الذي تعود أصوله إلى لبنان، فيُرجّح المصدر أنه «شارك في عملية الاستدراج، ولا يزال موجوداً داخل لبنان، إذ أثبتت كشوفات الأمن العام في المطار وعبر المعابر البرية والبحرية أنه لم يغادر البلاد، إلّا إذا كان غادر بطريقة غير شرعية». ولا يسقط المصدر نفسه إمكانية «مشاركة أشخاص آخرين في لبنان في عملية مراقبة أحمد شكر، وتهيئة الأجواء لاستدراجه وخطفه».

تصفية أم اختطاف؟

تتعدد السيناريوهات المطروحة حول مصير الضابط المتقاعد، بين احتمال تصفيته، على غرار ما نُسب إلى جهاز «الموساد» في قضية اغتيال الصراف أحمد سرور المرتبط بـ«حزب الله» العام الماضي، وبين فرضية أكثر خطورة لكنها الأكثر واقعية، وهي نقله إلى خارج لبنان، أي إلى إسرائيل.

عناصر من «حزب الله» خلال محاكاة لاختطاف جندي إسرائيلي في جنوب لبنان عام 2023 (د.ب.أ)

وفي هذا السياق، يشير المصدر القضائي المشرف على التحقيق الأولي إلى أن شعبة المعلومات «لم تعثر حتى الساعة على أي أثر مادي أو تقني يدل على وجود شكر داخل الأراضي اللبنانية، ما يعزز فرضية تخديره وخطفه إلى إسرائيل، إما جواً في عملية معقّدة، أو بحراً بواسطة زورق انطلق من السواحل اللبنانية، كما حصل في عملية اختطاف القبطان البحري عماد أمهز من على شاطئ مدينة البترون (شمال لبنان) في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي».

صلات بملف رون آراد

لا تقف القضية عند حدود حادثة اختفاء فردية، بل تتقاطع مع ملف أمني تاريخي بالغ الحساسية بين لبنان وإسرائيل. إذ كشفت مصادر مقرّبة من عائلة شكر لـ«الشرق الأوسط» أن الضابط المفقود هو شقيق حسن شكر الذي قُتل مع ثمانية آخرين في معركة ميدون (البقاع الغربي) التي وقعت بين مقاتلي «المقاومة الإسلامية» ومجموعات مسلحة أخرى، وقوات الاحتلال الإسرائيلي في 22 أيار (مايو) 1988.

وترجّح المعلومات أن حسن شكر «كان مقاتلاً ضمن المجموعة التي كان يقودها مصطفى الديراني (كان يتبع لحركة «أمل» يومذاك قبل أن ينتقل إلى صفوف «حزب الله» لاحقاً)، والتي شاركت في أسر الطيار الإسرائيلي رون آراد إثر إسقاط طائرته في جنوب لبنان في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1986، وأن المجموعة المسلحة التي أسرته نقلته إلى منزل أحد أنسباء شكر في بلدة النبي شيت البقاعية، قبل نقله إلى مكان مجهول واختفاء أثره كلياً».

الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي فُقد عام 1986 في جنوب لبنان (سلاح الجو الإسرائيلي)

وشكر هو من عائلة الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر الذي سبق ان اغتالته في 30 يوليو (تموز) 2024 في غارة جوية على مبنى في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.

ويعيد هذا العمل الأمني الخطير فتح سجل طويل من العمليات الإسرائيلية التي استهدفت أشخاصاً على صلة مباشرة أو غير مباشرة بملف رون آراد، سواء عبر الاغتيال أو الاختطاف أو محاولات التجنيد. وفي ضوء ذلك، يبدي المصدر القضائي تخوفه من أن يكون اختفاء أحمد شكر «حلقة جديدة في هذا المسار من العبث الإسرائيلي بالساحة اللبنانية».


حلب: اجتماع عسكري موسع لقيادة الشمال لبحث الأوضاع والجاهزية

استمرار النزوح من حيي الشيخ مقصود والأشرفية الثلاثاء رغم اتفاق قوات الحكومة السورية و«قسد» على خفض التصعيد مساء الاثنين في مدينة حلب (رويترز)
استمرار النزوح من حيي الشيخ مقصود والأشرفية الثلاثاء رغم اتفاق قوات الحكومة السورية و«قسد» على خفض التصعيد مساء الاثنين في مدينة حلب (رويترز)
TT

حلب: اجتماع عسكري موسع لقيادة الشمال لبحث الأوضاع والجاهزية

استمرار النزوح من حيي الشيخ مقصود والأشرفية الثلاثاء رغم اتفاق قوات الحكومة السورية و«قسد» على خفض التصعيد مساء الاثنين في مدينة حلب (رويترز)
استمرار النزوح من حيي الشيخ مقصود والأشرفية الثلاثاء رغم اتفاق قوات الحكومة السورية و«قسد» على خفض التصعيد مساء الاثنين في مدينة حلب (رويترز)

مع عودة الهدوء الحذر إلى أحياء مدينة حلب بعد ليلة عنيفة، تخللها تعطيل للمدارس والدوائر العامة وسط المدينة، عقدت وزارة الدفاع اجتماعاً عسكرياً موسعاً في منطقة «نبع السلام» شمال سوريا، لبحث الجاهزية العسكرية على ضوء التطورات الجارية، فيما قالت وسائل إعلام سورية رسمية إن المناطق المجاورة لحيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، تشهد حالات نزوح، رغم اتفاق وقف تبادل النيران وخفض التصعيد.

وارتفعت حصيلة استهداف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) لأحياء سكنية في مدينة حلب، إلى 4 ضحايا، و9 جرحى. وحسب تلفزيون سوريا نقلاً عن مديرية صحة حلب، فإنّ الضحايا الـ4 من المدنيين، هم: فاتن هندي، ومحمد شريفة، وعفاف إبراهيم، ومحمد الدرويش.

من اجتماع القيادة العسكرية في الشمال السوري (سانا)

وشهدت منطقة «نبع السلام» شمال سوريا، اجتماعاً عسكرياً موسعاً، عقده معاون وزير الدفاع للمنطقة الشمالية العميد فهيم عيسى وحضره قائد الفرقة 72 في الجيش العربي السوري، العميد عقيل عامر، وعدد من الضباط القادة.

وقالت وزارة الدفاع إن الاجتماع بحث آخر التطورات الميدانية، وجاهزية وانتشار التشكيلات العسكرية في المنطقة، حسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا). وذكرت وزارة الدفاع في منشور عبر قناتها على «تلغرام»، أنه جرى بحث آخر التطورات الميدانية، وجاهزية وانتشار التشكيلات العسكرية في المنطقة.

وفي الـ22 من أغسطس (آب) الماضي، أجرى العميد فهيم عيسى، زيارة تفقدية إلى قيادة الفرقة 60 للاطلاع على واقع عملها والجاهزية العسكرية والإدارية فيها، كما أجرى في الـ13 من مايو (أيار) الماضي جولة تفقدية للقوات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في مناطق شرق الفرات.

وتندرج هذه الاجتماعات والزيارات ضمن جولات ميدانية تهدف إلى متابعة مستوى الاستعداد القتالي والإداري في تشكيلات الجيش العربي السوري.

يقوم مسعفون بوضع جريح على نقالة داخل مستشفى في مدينة حلب شمال سوريا (رويترز)

وأعلنت وزارة الصحة السورية، الثلاثاء، ارتفاع حصيلة اشتباكات حلب إلى 4 قتلى و9 جرحى. بينهم طفلان وعاملان في الدفاع المدني، وذلك جراء القصف على أحياء سكنية في المدينة.

وأعلن محافظ حلب تعليق الدراسة مؤقتاً في جميع المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، الثلاثاء، وإغلاق المكاتب الحكومية في وسط المدينة، بعد اتفاق «قسد» ووزارة الدفاع السورية على التهدئة وخفض التصعيد، حيث أعلنت وزارة الدفاع السورية «إصدار القيادة العامة للجيش أمراً بوقف استهداف مصادر نيران قوات «قسد» بعد تحييد عدد منها.

ألسنة اللهب تتصاعد من مبنى سقطت عليه قذيفة من «قسد» بعد اندلاع اشتباكات في حلب الاثنين (رويترز)

وبدورها قالت قوات «قسد»، في بيان لاحق، إنها أصدرت تعليمات بوقف تبادل الهجمات مع القوات الحكومية عقب اتصالات خفض التصعيد. وفي بيان آخر الثلاثاء، اتهمت «قسد» الحكومة في دمشق، بالتعمد إلى «فبركة وترويج خبر كاذب ومختلق عن قصف مزعوم لمشفى الرازي في مدينة حلب، في محاولة مكشوفة للتضليل وقلب الحقائق». ونفى بيان «قسد» الذي نشرته على معرفاتها الرسمية بشكل قاطع «أن مستشفى الرازي لم يكن مستهدفاً بأي استهداف، وأن ما حدث هو تحريض صارخ ومنهجي يهدف إلى التستر على الجرائم الحقيقية».

ألسنة اللهب تتصاعد من مبنى سقطت عليه قذيفة من «قسد» بعد اندلاع اشتباكات في حلب الاثنين (رويترز)

وكانت وسائل إعلام محلية في حلب أفادت بسقوط قذائف في محيط مشفى الرازي في حلب حيث تم إسعاف المصابين وضحايا الاشتباكات، وقالت قناة «الإخبارية السورية» الرسمية إن حالة هدوء تسود منطقة مشفى الرازي في حلب الذي تعرض للاستهداف، وحالة ترقب للساعات المقبلة.

كما أفادت القناة الرسمية بفرض قوى الأمن الداخلي طوقاً أمنياً في المنطقة المجاورة لحيي الأشرفية والشيخ مقصود لحماية المدنيين من الاستهدافات وتأمين مغادرتهم. وقالت إن المناطق المجاورة لحيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب تشهد حالات نزوح، وذلك رغم وقف تبادل النيران.

سكان بعض أحياء مدينة حلب يتفقدون سيارات متضررة الثلاثاء عقب موجة هجمات في اليوم السابق (رويترز)

من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، مساء الاثنين، أن «القيادة السورية حريصة على إنجاح اتفاق آذار»، مشيراً إلى أن «الحكومة السورية تغلب أي اتفاق يجنب المدنيين الفوضى».

وأشار البابا، في تصريحات إعلامية، إلى أن «قسد» حاولت «إفشال اتفاق العاشر من آذار»، مضيفاً أنها «تحاول تعطيل اتفاق آذار الذي ينتهي برأس السنة»، ونفى أن تنجر الحكومة لاستفزازات قد تعطل الاتفاق المعلن عنه مع «قوات سوريا الديمقراطية». وأوضح المتحدث أن موقف الحكومة يقوم على «تغليب» خيار الاتفاق الذي يحفظ المدنيين من الفوضى، لكن بعد الرد على أي استفزازات.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي مشترك في دمشق (إ.ب.أ)

وجاء التصعيد العسكري المفاجئ في حلب متزامناً مع زيارة وفد تركي كبير إلى دمشق وبحث ملف تنفيذ اتفاق 10 آذار (مارس) مع اقتراب انتهاء مهلة تنفيذه.

وصرح وزير الخارجية التركي بأن «قوات سوريا الديمقراطية» لا تعتزم فيما يبدو الوفاء بالتزامها بالاندماج في القوات المسلحة للدولة بحلول الموعد النهائي المتفق عليه بنهاية العام، مع التأكيد مع الجانب السوري على ضرورة تنفيذ الاتفاق، حيث تأمل دمشق أن ينهي دمج «قسد» أكبر انقسام في سوريا بين مناطق سيطرة الإدارة الذاتية (الكردية) شمال شرقي سوريا ومناطق سيطرة الحكومة السورية، وهو يمثل عاملاً رئيسياً في منع تثبيت الاستقرار وتحقيق الأمان.