أثار إعلان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «عدم وجود زيادات خلال الفترة الحالية في أسعار الكهرباء»، تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة المصرية سوف تواصل خطتها لرفع الدعم، التي تتضمن زيادات تدريجية، يجري تنفيذها في أسعار الكهرباء والمحروقات والخدمات، أم ستعدل الخطة التي جرى الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي؟
وخلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة، مساء الأربعاء، أكّد مدبولي «عدم وجود أي زيادات في أسعار الكهرباء خلال المرحلة الحالية»، مشيراً إلى أن ما تردد عن تطبيق زيادات في سبتمبر (أيلول) الحالي غير صحيح.
وكانت مواقع صحافية محلية قد نشرت أخباراً حول زيادة جديدة في أسعار الكهرباء اعتباراً من الشهر الحالي، وذلك بحسب برنامج الحكومة المتضمن الرفع التدريجي للدعم عن قطاع الكهرباء بشكل كامل.
وقال مدبولي إن الحكومة حريصة على عدم تحميل المواطنين أي أعباء إضافية في هذه الفترة، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ أي قرارات بزيادة أسعار الكهرباء.
وتضمن مشروع موازنة العام المالي الحالي تخصيص 75 مليار جنيه (الدولار يساوي 48 جنيهاً في البنوك المصرية) بزيادة قدّرت بنحو 2900 في المائة، مقارنة بالمخصص في موازنة العام المالي 2024 التي لم تزد عن 2.5 مليار جنيه، وفق البيانات التي قدّمتها الحكومة لمجلس النواب (البرلمان).
وشكّك أمين سر لجنة «الخطة والموازنة» بمجلس النواب، عبد المنعم إمام، في جدية تصريحات مدبولي والتزامه بها، خصوصاً أنه أعلن من قبل عن «عدم زيادة في العديد من الأسعار، وهو ما لم يتحقق. بل إن الحكومة اتخذت قرارات بالزيادة بعد وقت قصير من تصريحاته».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات مدبولي حملت تأكيداً على عدم وجود زيادة في الشهر الحالي، لكن لم يتحدث عن وضع الأسعار الشهر المقبل، مشيراً إلى أن الوقت كفيل باختبار جدية هذه التصريحات.
رأي يدعمه الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عمرو هاشم ربيع، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث عن زيادة أسعار الكهرباء مستمر منذ أسابيع، ولم يصدر أي تعقيب بالنفي من الحكومة، وفي ظل الإعلان بالالتزام الحكومي برفع الدعم، مستبعداً أن تكون هذه التصريحات بمثابة بداية لإعادة النظر في تبعات رفع الدعم التي أضرّت بشرائح ليست قليلة بالمجتمع.

فيما أكّد عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، محمد أنيس، لـ«الشرق الأوسط» أن «تصريحات مدبولي تحمل الكثير من الغموض وتربك الشركات والمستثمرين، لأنها من دون جدول زمني للإعلان عن موعد تطبيق الزيادات وحدودها، في الوقت الذي تعمل فيه الشركات وفق ميزانيات مالية يدخل فيها بند الكهرباء بشكل أساسي»، مشيراً إلى أن القرار يحمل كثيراً من الإيجابيات فيما يتعلق بطمأنة المواطنين والحفاظ على تحقيق المزيد بشأن مستهدفات التضخم خلال الفترة المقبلة.
ومن المفترض أن تنفّذ مصر المراجعتين الخامسة والسادسة لقرض صندوق النقد الدولي خلال الشهرين المقبلين، بعدما تقرر دمج المراجعتين معاً قبل الحصول على دفعات جديدة من قيمة القرض البالغة 8 مليارات دولار، صرفت منها الشريحة الرابعة في أبريل (نيسان) الماضي، بقيمة 1.2 مليار دولار، بالتزامن مع رفع أسعار المواد البترولية للمرة الثانية في غضون 6 أشهر بهدف تخفيض قيمة دعم المواد البترولية.
وينتظر أن تجتمع اللجنة المسؤولة عن تحديد آليات تسعير أسعار المحروقات الشهر المقبل لتحديد نسبة الزيادة في أسعار المحروقات المختلفة، وهي اللجنة التي يحدد القانون لها نسبة زيادة أو نقصان في التسعير بنحو 10 في المائة، وهي نسبة عادة ما خالفتها اللجنة في الاجتماعات الماضية.

وبحسب مصدر حكومي مطلع، فإن «قرار زيادة المحروقات من عدمه لم يتخذ حتى الآن وبانتظار حساب (اللجنة) التكلفة الفعلية التي يفترض أن تستهدف تخفيضها مع وجود تحسن في مؤشرات عدة تدعم التوجه نحو (زيادات محدودة)، من بينها تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى استقرار أسعار النفط عالميّاً»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود أي إبلاغ رسمي من مجلس الوزراء بشأن إرجاء اجتماع «اللجنة».
عودة إلى عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي» الذي أشار إلى «عدم قدرة الحكومة على تبعات عدم تنفيذ المراجعتين في مواعيدهما، أو قبل نهاية العام الحالي على أقصى تقدير، لكون أي بيانات سلبية من (صندوق النقد) ستؤثر سلباً على الأموال الساخنة التي دخلت بالفعل في الاقتصاد»، مشيراً إلى أن «الحكومة أمامها مفاوضات شاقة مع مسؤولي (الصندوق)». في حين أكّد أمين سرّ لجنة «الخطة والموازنة» استمرار الحكومة في مسار رفع الدعم خلال الفترة المقبلة، مع تنفيذ الخطة المتفق عليها مع صندوق النقد، دون أي تعديلات جوهرية في مضمونها.
