إسرائيل تمارس «الضغط العسكري المتزامن» باستهداف جنوب لبنان وشرقه

نائب: تل أبيب تسعى لتفريغ المنطقة الحدودية من سكانها

عنصران من الجيش اللبناني في محيط سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية بجبل لبنان الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصران من الجيش اللبناني في محيط سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية بجبل لبنان الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تمارس «الضغط العسكري المتزامن» باستهداف جنوب لبنان وشرقه

عنصران من الجيش اللبناني في محيط سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية بجبل لبنان الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصران من الجيش اللبناني في محيط سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية بجبل لبنان الثلاثاء (إ.ب.أ)

تجدّد التصعيد الإسرائيلي على أكثر من جبهة، الخميس، مع تسجيل ضربات متزامنة في الجنوب والبقاع، وسط هواجس سياسية من أن إسرائيل «تسعى إلى تفريغ الجنوب من سكانه عبر الغارات اليومية والترهيب المستمر، لتحويله إلى منطقة خالية من البشر والحياة»، حسبما قال النائب أشرف بيضون لـ«الشرق الأوسط».

واستهدفت مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية بين بلدتي عين بعال والبازورية بقضاء صور جنوب لبنان؛ ما أدى إلى مقتل شاب، في حين استهدف الطيران الإسرائيلي بعد الظهر الوادي بين بلدتي الزرارية وأنصار الواقعتين على مسافة تناهز 35 كيلومتراً عن الحدود، بالتزامن مع تحليق استطلاعي كثيف فوق صور والقرى المحيطة وصولاً إلى مجرى نهر الليطاني.

سياسة «الضغط المتزامن»

وباتت إسرائيل تعتمد سياسة الضغط المتزامن على أكثر من جبهة؛ ما يعني أن الجنوب لم يعد وحده في دائرة الاستهداف، بل انضم إليه البقاع أيضاً، بعد استهدافه مرتين خلال أسبوع، فقد استهدفت غارات جوية مواقع في شرق لبنان، وتحديداً في منطقة جنتا ووادي فعرا في البقاع الأوسط.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، أن طائراته أغارت على «بنى تحتية داخل موقع لإنتاج وتخزين وسائل قتالية استراتيجية لـ(حزب الله) في منطقة البقاع في لبنان»، مضيفاً أن قواته هاجمت «بنى تحتية للحزب» في منطقة الزرارية بجنوب لبنان. وقال إن «وجود هذه البنى التحتية الإرهابية التي تم استهدافها يعتبر انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة

وفي موازاة ذلك، توسعت الاستهدافات إلى مؤسسة تعليمية في عيتا الشعب، مما أثار مخاوف لبنانية من أن الجيش الإسرائيلي أدخل المدنيين والبنية التحتية في صلب معادلة الضغط، وهو ما يرفع التكلفة الإنسانية والسياسية على الدولة اللبنانية؛ فقد فجّرت القوات الإسرائيلية مبنى تابعاً لمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة في حي «أبو طويل» عند أطراف عيتا الشعب الحدودية بجنوب لبنان، وهو تطور أثار غضباً محلياً واسعاً.

وكتبت وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيد، على منصة «إكس»: «تستكمل إسرائيل اعتداءاتها على لبنان وخرقها لاتفاق وقف إطلاق النار، عبر استهدافها بلدة عيتا الشعب وتدمير مدرسة لذوي الحاجات الخاصة. هذا العمل الإجرامي يضاف إلى سلسلة جرائم العدو التي لا تفرّق، وتستهدف حتى حقوق المعوقين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وكل المواثيق التي تحمي الفئات الضعيفة».

هواجس تفريغ الجنوب

وأثارت الغارات المتكررة مخاوف سياسية من نيات إسرائيلية لتفريغ الجنوب. وقال عضو «كتلة التنمية والتحرير»، النائب أشرف بيضون، إنّ «العدو الإسرائيلي لا يريد جنوب لبنان خالياً من السلاح فقط، بل يسعى أيضاً إلى تفريغه من سكانه عبر الغارات اليومية والترهيب المستمر، لتحويله إلى منطقة خالية من البشر والحياة».

ورأى بيضون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «مسؤولية الدولة اللبنانية هنا مضاعفة؛ إذ يتوجب عليها أن تؤمّن لأبناء الجنوب الطمأنينة والهدوء والاستقرار، وأن تطمئنهم بأنها إلى جانبهم في مواجهة الاعتداءات، لا أن تتركهم وحدهم في الميدان».

وعن تمدّد الخروق الإسرائيلية نحو العمق اللبناني، أشار بيضون الذي يمثل منطقة بنت جبيل بالبرلمان، إلى أنّ «التصعيد الميداني وفتح جبهة الجنوب مع البقاع في الوقت نفسه يضع لبنان أمام اختبار سيادي خطير، ويفرض على الحكومة اللبنانية واجباً رسمياً ودبلوماسياً لمواجهة هذه الاعتداءات ومنع التمادي في الخروقات اليومية».

دورية للقوات الفرنسية بـ«اليونيفيل» في وادي السلوقي بجنوب لبنان (أ.ب)

وأكد أنّ «اللبنانيين مطالبون اليوم بالاجتماع حول قضية واحدة، إذا كانوا يؤمنون حقاً بالسيادة الوطنية، وهي الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها، ووقف الاعتداءات المستمرة التي باتت تطال أكثر من منطقة».

وأضاف أنّ الجيش الإسرائيلي «لا يكتفي بالاحتلال المباشر، بل يوسّع عملياً حدوده بالنار والمدى، فيجعل من أجزاء واسعة من الجنوب مناطق ملتهبة ومهددة، ناهيك باستهداف العمق اللبناني، وهو ما يُعدّ شكلاً جديداً من الاحتلال المقنّع وانتهاك السيادة».

عناصر من الجيش اللبناني يواكبون عمال الإغاثة العاملين في موقع استهداف إسرائيلي في الجنوب الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

مسؤولية الدولة

وانتقل بيضون للحديث عن مسؤولية الدولة، قائلاً إنّ «المطلوب اليوم أن تستثمر الحكومة كل قوتها السياسية والدبلوماسية، وأن تتحرك عبر القنوات الدولية والإقليمية، ولا سيما مع الدول الضامنة، وفي طليعتها فرنسا والولايات المتحدة، لإلزام إسرائيل بتنفيذ ما تعهدت به». وأضاف أنّ «لبنان التزم بالكامل بالقرار (1701)، وبمندرجات الإعلان الأخير لوقف إطلاق النار، في حين الطرف الإسرائيلي هو من يخرق هذه الالتزامات بشكل يومي، لذلك يجب أن ينصب الضغط الدولي أولاً وأخيراً على إسرائيل وليس على لبنان».

وخلص إلى تأكيد أنّ «المسألة لم تعد مجرد خلاف حدودي أو خرق أمني، بل تحوّلت إلى قضية سيادة لبنانية وأممية في آنٍ واحد؛ لأن خرق القرارات الدولية يطعن بصدقية المجتمع الدولي وقدرته على فرض التزام بالقانون الدولي». واعتبر أنّ «القضية لا تتعلق فقط بالسيادة اللبنانية، بل أيضاً بقيمة مجلس الأمن وصدقية القرارات الصادرة عنه بالإجماع».


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)

عكستِ الاعتراضات على مشروع قانون استعادة الودائع المجمدة منذ عام 2019 في لبنان، انطلاقةً غير آمنةٍ له، إذ بدأتِ الحكومة بمناقشة المسودة، بالتزامن مع اعتراضات سياسية من قوى ممثلة بالحكومة وخارجها، وانتقادات عميقة من قبل «جمعية المصارف»، فضلاً عن تحركات شعبية نُظمت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أنّه لا يقف مع أي طرف ضدّ آخر، وأنّ النقاش يجب أن يتم تحت قبة البرلمان، فيما دافع رئيس الحكومة نواف سلام عن المسودة، وشدّد على أنَّ مشروع قانون الفجوة المالية واقعي وقابل للتنفيذ، مؤكداً أنَّ أي تأخير في إقراره قد يضر بثقة المواطنين والمجتمع الدولي.

وبرزتِ اعتراضات قانونية على إدراج مواد ذات «مفعول رجعي» لضرائب واقتطاعات وتعديلات في القيم الدفترية للمدخرات المحوّلة بعد عام 2019، والعوائد المحصّلة على الودائع في سنوات سابقة.


مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
TT

مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)

قتل شخصان وأصيب 6 مدنيين بينهم امرأة وطفل بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب شمال سوريا بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزامنت مع زيارة وفد تركي إلى دمشق، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس (آذار) بين «قسد» والسلطات على الانتهاء.

وفي حين تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبّب في اندلاع الاشتباكات، أفادت مصادر في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات لمنع تصعيد يستفيد منه «داعش»، وقوى إقليمية معادية.

واتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي بدمشق ‌بعد محادثات بين وفد تركي رفيع المستوى ‌والرئيس السوري ​أحمد الشرع ‌ووزير الخارجية أسعد الشيباني وآخرين، وقال الشيباني إن دمشق لم تلمس «أي مبادرة أو إرادة جادة» من «قسد» لتنفيذ الاتفاق، لكنها اقترحت في الآونة الأخيرة عليهم طريقة أخرى لدفع العملية قدماً.


ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يعتزم ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يترأسه محمد شياع السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، طرحَ «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أمس، أنَّ ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، مشيراً إلى أنَّ تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب.

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية» قصي محبوبة لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء»، دون ذكر تفاصيل.

من ناحية ثانية، رحب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى العراق، في تدوينة عبر منصة «إكس» بإعلان بعض الفصائل المسلحة استعدادها لبحث نزع سلاحها، لكنَّه شدّد على «أن يكون نزع السلاح شاملاً، وغير قابل للتراجع».