«5 مفاهيم رئيسية» تكشف عن طريقة تفكير نتنياهو وأجهزته بعد هجوم قطر

أبرز عناصرها: تحقيق الردع... وتحميل ترمب الفشل... وملاحقة قادة «حماس» بأسلوب ميونيخ

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)
من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)
TT

«5 مفاهيم رئيسية» تكشف عن طريقة تفكير نتنياهو وأجهزته بعد هجوم قطر

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)
من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

كثير من الأمور المتعلقة بمحاولة اغتيال قادة «حماس» في قطر، ستكون أوضح، عندما تتكشف نتائجها الدقيقة.

لكن وعلى الرغم من بدء الاعتراف بالفشل وخيبة الأمل في تل أبيب، من نجاة قادة «حماس»، فإنهم يفتشون أيضاً عن «مكاسب لسياسة الردع»، ويشيرون إلى أنهم متمسكون بـ«نهج ميونيخ»، الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية في سنة 1972.

ويقصد بـ«نهج ميونيخ» ردة فعل إسرائيل على مقتل 11 رياضياً كانوا يشاركون في دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها المدينة الألمانية، وذلك في إطار ملابسات عملية اختطاف نفذتها جماعة «أيلول الأسود» الفلسطينية، وعندها راحت الأجهزة الإسرائيلية تتعقب غالبية من شاركوا في الهجوم واغتالتهم.

لكن وفي الأجواء الراهنة، ورغم مرور أكثر من نصف قرن، وأكثر من 63 ألف قتيل غزة، تعود إسرائيل لتهدد بضربات قادمة رداً على «7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

هل مجرد ثأر؟

فماذا وراء هذه العملية وكواليسها؟ هل هي فقط عملية ثأر من مدرسة جاهلية، أو هي سياسة رسمية محسوبة ومدروسة. وها هي عدة نقاط توضح أموراً غير قليلة في المفاهيم الإسرائيلية وكيف يفكر نتنياهو وقادة أجهزته الأمنية:

  • أولاً: نتنياهو ووزراؤه والجيش و«الشاباك» أظهروها عملية خارقة قبل وضوح نتائجها

عدّوها شبيهة باغتيال قادة «حزب الله» واغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني، وسموها «عملية نظيفة، أي بلا خسائر في صفوف الإسرائيليين، تتم على بعد 1800 كيلومتر وتشارك فيها 15 طائرة مقاتلة، إضافة إلى طائرات الحماية والتزويد بالوقود. تحدثوا عن إصابات دقيقة. وعن استخدام قنابل وعبوات تعرف كيف تضرب الهدف بتدمير قاتل مع أقل ما يمكن من الإصابات الجانبية».

المبنى الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية في العاصمة القطرية الدوحة (أ.ف.ب)

لكن، بعدما قالت «حماس» إن العملية فشلت، بدأوا يتحدثون في إسرائيل عن «ضرورة الانتظار يوماً أو يومين حتى تظهر نتائج فحص الحامض النووي، لمعرفة هوية القتلى»، ولاحقاً بدأت تُسمَع نغمة خيبة الأمل من الفشل.

بدورهم، رأى القادة العسكريون في هذا الفشل «خللاً تكتيكياً يحصل لكل الجيوش وأجهزة المخابرات»، وقالوا إن في هذه العملية أيضاً عدداً غير قليل من المكاسب الاستراتيجية.

واقتبس رون بن يشاي، المعلق الاستراتيجي في «يديعوت أحرونوت»، عن مسؤولين عسكريين: «في هذه الضربة ردع قوي لقادة (حماس)، الذين سيتحركون من الآن فصاعداً بشعور من الملاحقة وبقيود شديدة. ومن يدعمهم فسيضطر للتفكير ألف مرة قبل أي خطوة دعم لهم».

  • ثانياً: القرار باغتيال جميع قادة «حماس» صدر في 8 أكتوبر 2023.

نقل على لسان رونين بار، قائد «الشاباك» السابق، قوله: «هذه عملية ميونيخ في عصرنا»، وقصد أن ذلك مثلما قررت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير يومها القضاء على جميع القادة الفلسطينيين الضالعين في اغتيال الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية التي جرت في ميونيخ الألمانية في سنة 1972، وهو ما تحقق بصورة كبيرة فعلاً في عمليات اغتيال تمت في دول عربية وأوروبية.

وليس صدفة أن نتنياهو قال ليلة الهجوم إنه «تم استهداف قادة حماس في المكان نفسه الذي احتفلوا فيه بهجوم 7 أكتوبر». رغم أن ذلك خطأ معلوماتي؛ إذ إن من احتفلوا بسجدة الشكر الشهيرة من قادة «حماس» كانوا في تركيا وليس قطر.

قائمة متتابعة

وقد تم تكليف «الشاباك» بالمهمة وبدأ الإعداد لها. وبدأ ينفذها باغتيال صالح العاروري ثم إسماعيل هنية ثم يحيى السنوار ومحمد الضيف ومحمد السنوار وغيرهم.

وفي الأسبوع الماضي هدد رئيس الأركان زامير بالوصول إلى قادة «حماس» في الخارج. ويتبين أن تصريحه هذا جاء في وقت أبلغه به «الشاباك» وبأن الخطة جاهزة ويجب فقط تحديد موعد التنفيذ وانتظار الفرصة الأمنية المناسبة.

في هذه الأثناء، أبلغ «الشاباك» الحكومة أن قادة «حماس» سيجتمعون في مكان ما في الدوحة يوم الاثنين. وطلب نتنياهو تنفيذ العملية فوراً. إلا أن جميع قادة الأجهزة الأمنية أبدوا تحفظاً على موضوع التوقيت.

المبنى الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية في العاصمة القطرية الدوحة (رويترز)

وكان أقوى المعارضين للعملية اللواء في الاحتياط، نتسان ألون، ممثل الجيش في فريق المفاوضات، الذي قال إن عملية كهذه ستقضي على الرهائن. وقد قبلوا رأيه وامتنعوا عن التنفيذ.

اقتربوا من الموافقة... فقرروا قصفهم

في صبيحة الثلاثاء، عاد القائم بأعمال رئيس «الشاباك» (محظور نشر اسمه)، وأخبر نتنياهو أن لديه معلومة موثوقة عن اجتماع ثان سيعقده قادة «حماس» للتداول في الرد على المشروع الأميركي.

ويفيد الإعلام العبري بأن ما نُقل لنتنياهو من «الشاباك» أن الاتجاه لدى «حماس» هو قبول المشروع مع تحفظات معينة مرتبطة بمسألة إطلاق سراح الرهائن، حتى إنها تقول إنها «تحتاج لعدة أيام حتى تصل إلى جميع الرهائن وجميع الجثث، التي جاء دفنها تحت الردم بسبب القصف الأخير». فقرر نتنياهو دعوة قادة أجهزة الأمن ووزير الأمن كاتس، وهنا أبلغهم نتنياهو أنه مصر على تنفيذ العملية.

ورغم أن قادة الجيش والموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية ومجلس الأمن القومي تحفظوا، أصر نتنياهو وكاتس على تنفيذها.

توجه نتنياهو إلى المحكمة في تل أبيب، وطلب أن يتم إعفاؤه من حضور الجلسة؛ لأن هناك حدثاً أمنياً طارئاً. وتوجه إلى مقر «الشاباك»، وانطلقت طائراته للتنفيذ.

  • ثالثاً: ضربة قطر تستهدف عدة عصافير بحجر واحد

من بين أهدف إسرائيل من هجوم قطر، تثبيت مكانتها كقوة باطشة في الشرق الأوسط؛ فهي التي قضت على قيادة «حزب الله» وقيادات في الحرس الإيراني، ودمرت نصف بطاريات إطلاق الصواريخ هناك، واغتالت حكومة الحوثي، وتطلب اعترافاً بمكانتها إقليمياً ودولياً، وتريد ثمناً، ستجبيه في المستقبل.

  • رابعاً: الإسرائيليون روجوا أن الولايات المتحدة أيدت وباركت... ثم تراجعوا واتهموا

اضطر نتنياهو إلى إصدار بيان يدعي فيه أن القصف في الدوحة كان عملية إسرائيلية خالصة، وتبين أن البيت الأبيض هو الذي طلب هذا النص، وهم يصرون على أن ترمب علم بالضربة وأيدها، وفقط عندما نفذت وأثارت لغطاً كبيراً في العالم العربي تقرر في واشنطن تخفيض الأضواء الأميركية عليها.

لكن نتنياهو، الذي لا يمكن أن يعترف بأي فشل ولا يتحمل أي مسؤولية عن أي فضل، راح يفتش عن جهة أخرى يحملها عبء الفشل. فوجده في الصديق والحليف الأكبر الرئيس دونالد ترمب. ووفق تسريبات من «مسؤولين سياسيين كبار» في تل أبيب، أبلغ ترمب قطر بالضربة الإسرائيلية قبل موعدها، فقامت هذه بإخبار قادة «حماس»، فغادروا مكان الاجتماع قبل لحظات من تنفيذ الضربة، وعدّوا ذلك نوعاً من اللعب على الحبلين.

  • خامساً: هناك فاتورة مستحقة

يخشى الآن نتنياهو من أن يقدم ترمب الآن فاتورة حساب قاسية، لكي يثبت للعرب بأنه لا يؤيد المساس بعاصمة عربية، خصوصاً إذا كانت صديقة وحليفة لأميركا مثل قطر. فإذا شعر ترمب بأنه يخسر نقاطاً كبيرة وكثيرة من جراء هذه العملية فسيحاول تصحيح المسار بالعودة إلى طاولة المفاوضات والاستجابة للمطلب العربي في وقف الحرب وفتح آفاق سياسية للمنطقة.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

شؤون إقليمية لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

نشر المكتب الصحافي لنتنياهو، الأربعاء، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء وترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle

نتنياهو يسعى لتحميل «حماس» انفجار رفح قبل زيارته لأميركا

سعى ​رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط من «لواء غولاني» بالجيش ⁠الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
خاص الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض يوم 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

خاص نتنياهو لا يزال يدرس «ترمب الجديد»

الخبراء بتل أبيب يلفتون الانتباه إلى «أزمة خطيرة بمكانة إسرائيل لدى واشنطن لدرجة الحديث عن تشكيل تهديد استراتيجي»، وترمب يثق بأنه يعرف مصلحة إسرائيل أكثر منها.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

صرّح مساعد سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه عقب هجوم «حماس» في أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل حرب غزة، كلّفه بإيجاد طريقة للتهرب من مسؤولية هذا الخرق الأمني

«الشرق الأوسط» (القدس)

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
TT

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

نشر المكتب الصحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية غير محددة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الفيديو الذي تم نشره على تطبيق «إنستغرام» يبدو أنه يأتي في مناسبة مرور 6 أشهر على الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

ويظهر في الفيديو، الذي تبلغ مدته بضع ثوانٍ، نتنياهو وترمب وهما يرتديان نظارات شمسية ويتبادلان نظرة خاطفة. وجاء في التعليق: «في جولة احتفالية بالنصر»، مع وسم «ستة أشهر».

واستمرت المواجهة العسكرية الخاطفة بين إسرائيل وإيران 12 يوماً فقط، وبدأت في ساعات الفجر الأولى من يوم 13 يونيو (حزيران) 2025، حين شنّت إسرائيل هجوماً مباغتاً على عشرات الأهداف الإيرانية.

وقالت إسرائيل إن هجومها على كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وعلماء نوويين، ومواقع تخصيب اليورانيوم، وبرنامج الصواريخ الباليستية، «كان ضرورياً لمنع طهران من تنفيذ خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية»، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتنفي إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، فقد زادت من مستويات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات «يمكن استخدامها في أغراض غير سلمية»، وعرقلت وصول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، ووسّعت قدراتها الصاروخية الباليستية.

وقالت إسرائيل إن إيران اتخذت مؤخراً خطوات نحو إعادة بناء قدراتها الصاروخية، ولا تزال تسعى إلى امتلاك سلاح نووي.

وردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي، ونحو 1100 طائرة مسيرة على إسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة أكثر من 3000 آخرين في إسرائيل، وفقاً لمسؤولين صحيين ومستشفيات.

ومع اقتراب نهاية الحرب، انضمّت الولايات المتحدة إلى الضربات على المنشآت النووية الإيرانية.


تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
TT

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

مدّدت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمر عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً اللجنة المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إنه تم خلال فترة عمل اللجنة، الذي استمر منذ تشكيلها في 5 أغسطس (آب) الماضي، تجاوز مراحل حرجة بحساسية بالغة.

وعقدت اللجنة، الأربعاء، اجتماعها الـ20 لعرض وتحليل نتائج الاجتماعات السابقة، تمهيداً لإعداد «تقرير مشترك» استناداً إلى التقارير التي أعدّتها الأحزاب المشاركة وقدمتها إلى البرلمان.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش متحدثاً خلال اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان في «إكس»)

وجرى تصويت خلال الاجتماع، تمّ خلاله الموافقة بالإجماع على تمديد عملها لمدة شهرين بدءاً من 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال كورتولموش إنهم كانوا يهدفون إلى إتمام العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم تستطع إنجاز عملها بالكامل حتى هذا التاريخ.

قضايا عالقة وغموض

وأكد كورتولموش أن اللجنة البرلمانية ليست هي مَن سيحل القضية برمتها، لافتاً إلى أن هناك شقاً يتعلق بإلقاء «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي ذراع لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، أسلحتها، استجابة لنداء زعيم الحزب السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي، وطالب فيه بحل الحزب ومختلف المجموعات المرتبطة به. وتساءل كورتولموش: «كيف ستضمن اللجنة إلقاء (قوات سوريا الديمقراطية) أسلحتها؟».

وعرضت أكاديميتان تركيتان، خلال الجلسة، ملخصاً تنفيذياً لتحليل محاضر جلسات اللجنة التي بلغت 58 جلسة خلال 19 اجتماعاً، تم خلالها الاستماع إلى 135 شخصاً يمثلون الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك عائلات ضحايا عملية حزب «العمال الكردستاني» وجمعيات المحاربين القدامى.

لا تزال عودة مسلحي «العمال الكردستاني» واندماجهم بالمجتمع تشكّل نقطة غامضة في عملية السلام بتركيا (رويترز)

وعكس التحليل تبايناً واضحاً في مقاربات الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين مفهومي الأمن والحرية، في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإهارب»، ويسميها الجانب التركي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وأشار التحليل إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الهدف النهائي للعملية، وهو «إنهاء الإرهاب»، ويتم التعبير عن أهداف مختلفة مثل «المصالحة» و«النموذج التركي» لحلّ المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) و«الأخوة» و«التطبيع» و«الديمقراطية» و«الاندماج السياسي». ولا يوجد إجماع واضح على كيفية دمج هذه الأهداف معاً، وما الخطوات الملموسة التي ستُتخذ.

ولفت أيضاً إلى وجود اختلافات كبيرة في المقاربات بالنسبة لمسألة العفو والاندماج الاجتماعي لعناصر «العمال الكردستاني»، فضلاً عن استخدام أُطر مختلفة في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، وهي أمور يجب معالجتها في التقرير النهائي.

مبادئ أساسية

وطالبت الأحزاب المشاركة في اللجنة، خلال الاجتماع، بسرعة الانتهاء من إعداد التقرير النهائي دون تأخير، مع «التمسك بمبادئ الجمهورية التركية وهوية الأمة واللغة في أي خطوات ستتخذ من أجل تعزيز الديمقراطية، ومراعاة ألا تفتح هذه الخطوات آفاقاً جديدة أمام المنظمات الإرهابية». ورفض النائب عن حزب «العدالة والتنمية»، كورشاد زورلو، استخدام مصطلح «السلام» للإشارة للعملية الجارية، قائلاً إن «الحرب تقع بين الدول».

رئيس حزب «الجيد القومي» موساوات درويش أوغلو متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية للحزب الأربعاء (حساب الحزب في «إكس»)

في السياق، طالب رئيس حزب «الجيد القومي»، الذي أعلن منذ البداية رفضه العملية الجارية وأي تفاوض مع أوجلان، مساوات درويش أوغلو، الرئيس رجب طيب إردوغان بعدم إهدار وقت البرلمان في إعداد تقارير.

وقال دوريش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، إن إردوغان «يتصرف أحياناً بوصفه رئيساً لحزب (العدالة والتنمية)، وأحياناً بصفته رئيساً للبلاد، خلال هذه العملية. وبما أنه يدعي أنه وراء هذه العملية، وأنها مشروع دولة ومشروع القرن، فإنه يملك السلطة، لا ينبغي أن يضيع وقت البرلمان في إعداد التقارير، بل وأن يفرج عن أوجلان، إن استطاع».


الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المشاركة في التصويت على قرار الكنيست (البرلمان)، الذي نص على تشكيل لجنة تحقيق ناعمة، في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تفصيلها بشكل يضمن إعفاءه من المسؤولية، ويُحمّل مسؤولية الإخفاق للجيش والمخابرات واتفاقيات أوسلو (1993).

وتم إقرار القانون في القراءة التمهيدية بأكثرية 53 نائباً ومعارضة 48 آخرين، ويحتاج إلى قراءات ثلاث أخرى حتى يصبح قانوناً ساري المفعول.

وأجري التصويت في جلسة عاصفة، برز فيها حضور عدد كبير من ممثلي عائلات القتلى والأسرى الإسرائيليين في الحرب، الذين يعرفون أن لجنة كهذه لن تجري تحقيقاً جدياً، بل تم تفصيلها بطريقة تساير القيادة السياسية وتضيع الحقيقة.

وحضروا وهو يرفعون شعارات احتجاج ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، يعينها رئيس محكمة العدل العليا، وتكون ذات أسنان، قادرة على الوصول إلى الحقيقة والتوصية بمعاقبة المسؤولين.

جانب من احتجاج عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

وحسب متابعين ومقربين، فإن نتنياهو الذي كان موجوداً في الكنيست لم يشارك في التصويت بالأساس بسبب «خجله من هذه العائلات»، وكذلك فعل وزير آخر في حكومته، زئيف الكين، وعضو الكنيست يولي إدلشتاين، ونائبة وزير الخارجية شيران هسكل.

المعارضة تحضر بلباس أسود

وقد حضر أعضاء الكنيست من المعارضة إلى التصويت بلباس أسود، وتم إخراج عدد منهم من القاعة بعد صراخهم ورفع لافتات منددة باللجنة التي تشكلها الحكومة، وعندما تم التصويت على القانون، قاموا بتمزيق الأوراق التي طُبع عليها، لكن هذا لم يؤثر على قادة الائتلاف الحكومي.

وقد انقسم الجمهور الإسرائيلي أيضاً إلى قسمين، ما بين مؤيد ومعارض، للجنة التحقيق الرسمية. لكن أكثرية 69 في المائة منهم أيَّدوا موقف المعارضة، بتشكيل لجنة رسمية ومهنية.

عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر يرفعون شعارات وصوراً ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

ومن يعارضون اللجنة الرسمية هم مؤيدو الحكومة، الذين لا يريدون أن يتورط نتنياهو في قضية أخرى، ويخشون من أن تتوصل اللجنة إلى نتيجة مفادها بأن نتنياهو هو المسؤول الأول عن الإخفاق.

وعبَّر عدد من أنصار الليكود عن رغبتهم في أن تحقق هذه اللجنة ليس فقط في إخفاق 7 أكتوبر، بل فيما سبقه من أحداث، مثل اتفاقيات أوسلو، التي وقَّع عليها إسحق رابين، وقرار الانسحاب من غزة سنة 2005 الذي قرره رئيس الوزراء إرئيل شارون؛ ما دفع صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن تنشر رسماً كاريكاتورياً يظهِر اللجنة تتوجه إلى ضريح دافيد بن غوريون، مؤسس إسرائيل، وتستجوبه: «أين كنت في 7 أكتوبر؟».

اتهامات للمحكمة

وتنطلق الحكومة الإسرائيلية في موقفها من اتهماها لرئيس المحكمة العليا، بأنه «ليس نزيهاً، ولا يجوز الاعتماد عليه لتشكيل لجنة تحقيق رسمية»؛ لذلك ينص مشروع القانون الجديد على أن رئيس الكنيست، أمير أوحانا، هو الذي يقرر في تشكيلة اللجنة من خلال «التشاور» مع مندوبي الائتلاف والمعارضة، ثم يصادق الكنيست على تشكيلة اللجنة بأغلبية 80 عضو كنيست، وفي حال عدم وجود أغلبية كهذه، سيقرر رئيس لجنة الكنيست في هوية ثلاثة أعضاء في اللجنة ورئيس المعارضة، يائير لبيد، سيختار الأعضاء الثلاثة الآخرين، وفي حال رفض لبيد ذلك سيقرر رئيس الكنيست هوية الأعضاء الثلاثة الآخرين.

وينص مشروع القانون أيضاً على تعيين أربعة مشرفين للجنة من عائلات قتلى إسرائيليين في 7 أكتوبر، وسيعينهم أعضاء لجنة التحقيق نفسها عندما تبدأ عملها.

وقال لبيد إن «نتنياهو يهرب من المسؤولية. وهذا الهدف الوحيد لمشروع القانون هذا. مساعدته في الهروب. ومساعدته في تحميل مسؤوليته عن الإخفاق على آخرين. وقد قال إن هذه اللجنة الوهمية ستحقق في أوسلو. لماذا أوسلو فقط؟ ماذا عن الهيكل الأول؟ لماذا ليس تمرد اليهود في غيتو وارسو (إبان الحرب العالمية)؟».

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد (رويترز)

وشدد لبيد على أن «المعارضة لن تتعاون مع هذه المهزلة المخزية، وأمواتنا يستحقون أكثر من ذلك، وكذلك أمن الدولة. وإذا لم تكن هناك لجنة تحقيق رسمية، فلن نعرف الحقيقة أبداً، والأخطر من ذلك أن هذا الهجوم سيحدث مرة أخرى».

وكان نتنياهو قد شكل برئاسته طاقماً وزارياً من أجل إقرار صلاحيات اللجنة، وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو يريد منح اللجنة تفويضاً كبيراً بقدر الإمكان؛ من أجل التحقيق في أكبر عدد ممكن من المواضيع ولسنوات طويلة إلى الوراء؛ بهدف إبعاد مسؤولية إخفاق 7 أكتوبر عن الحكومة الحالية وتوسيع التحقيق كي لا تقدم اللجنة تقريراً أولياً قبل الانتخابات العامة المقبلة.

ويتوقع أن تعود اللجنة في تحقيقها إلى فترة اتفاقيات أوسلو، في عام 1993، أو إلى فترة تنفيذ خطة فك الارتباط عن غزة، في عام 2005، وأن يشمل عمل اللجنة التحقيق في مسؤولية جهاز القضاء والمستويين السياسي والأمني خلال هذه السنين.