صعوبات شائكة تنتظر رئيس الحكومة الجديد في فرنسا منذ أول يوم

لوكورنو يعد بـ«القطيعة» مع الممارسات السابقة ويحذر من «الفجوة» بين عالم السياسيين وحياة الفرنسية «الواقعية»

رئيسا الحكومة سيباستيان لوكورنو الوافد (يمين) والخارج (فرنسوا بايرو) بمناسبة عملية التسلم والتسليم ظهر الأربعاء (رويترز)
رئيسا الحكومة سيباستيان لوكورنو الوافد (يمين) والخارج (فرنسوا بايرو) بمناسبة عملية التسلم والتسليم ظهر الأربعاء (رويترز)
TT

صعوبات شائكة تنتظر رئيس الحكومة الجديد في فرنسا منذ أول يوم

رئيسا الحكومة سيباستيان لوكورنو الوافد (يمين) والخارج (فرنسوا بايرو) بمناسبة عملية التسلم والتسليم ظهر الأربعاء (رويترز)
رئيسا الحكومة سيباستيان لوكورنو الوافد (يمين) والخارج (فرنسوا بايرو) بمناسبة عملية التسلم والتسليم ظهر الأربعاء (رويترز)

منذ مساء الثلاثاء ومع إعلان قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون كلف سيباستيان لوكورنو، وزير دفاعه منذ عام 2022، تشكيل الحكومة الجديدة التي ستحل محل حكومة فرنسوا بايرو التي سقطت في البرلمان مساء الاثنين، تكاثرت التساؤلات والتحليلات التي جعلت ماكرون يكلف الوزير الأكثر التصاقاً به.

فصحيفة «لوبينيون» القريبة من عالم الأعمال، نشرت رسماً كاريكاتورياً في عددها ليوم الأربعاء يظهر ماكرون ولوكورنو جنباً إلى جنب ووراءهما ظلان لرئيس الجمهورية. والمعنى المقصود من ذلك: ماكرون نصب نفسه رئيساً للحكومة عبر تسمية لوكورنو وذلك بعد تجربتين فاشلتين مع ميشال بارنيه وفرنسوا بايرو، وكلاهما سقط بالضربة القاضية في البرلمان: الأول لأنه عجز عن تمرير مشروع ميزانية الرعاية الاجتماعية، والثاني لأنه لم يحصل على ثقة النواب للسير بخطته لميزانية عام 2026.

وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو الذي عينه ماكرون رئيساً جديداً للوزراء (إ.ب.أ)

ليس سراً أن لوكورنو مقرب جداً من ماكرون. فهو السياسي الوحيد الذي شغل منصباً حكومياً منذ عام 2017، أي منذ وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه وينظر إليه على أنه «الوزير الذي يهمس في أذن ماكرون». ووفق معلومات صحافية، فإن لوكورنو مقرب أيضاً من عقيلة رئيس الجمهورية الذي كان يرغب في تسميته رئيساً للحكومة نهاية العام الماضي بدلاً من بايرو. إلا أن الأخير «هدد» ماكرون بالافتراق عنه علماً أن الرئيس يدين لبايرو بوصوله إلى قصر الإليزيه في ولايته الأولى. ومعلوم في الوسطين السياسي والإعلامي أن بايرو لا يكن الكثير من الود لخلفه في رئاسة الحكومة ودرج على وصفه، في دائرته الضيقة بـ«المتزلف»، منتقداً قربه من رئيس الجمهورية.

بيد أن خيار لوكورنو ووجه بالانتقادات العنيفة من اليمين المتشدد ومن أوساط اليسار والبيئويين الذين رأوا فيه استمراراً للسياسات السابقة التي أثبتت فشلها، ولعجز من سبقوا رئيس الحكومة الجديد في توفير الاستقرار السياسي والاجتماعي وأيضاً المالي.

الوزيران جيرالد دارمانان (العدل - يسار الصورة) والدفاع سيباستيان لوكورنو كلاهما مقرب من الرئيس ماكرون ومرشح لاحتلال مقعد رئيس الحكومة بعد استقالة حكومة روسا بايرو (أ.ف.ب)

نهج القطيعة مع السابق

كان لافتاً مضمون البيان الرئاسي عقب تسمية لوكورنو، وقد جاء فيه ما حرفيته أن رئيس الجمهورية «كلف (لوكورنو) بالتشاور مع القوى السياسية الممثلة في البرلمان من أجل اعتماد ميزانية للأمة وبناء التوافقات الضرورية لاتخاذ القرارات خلال الأشهر المقبلة. وبعد هذه المشاورات، سيكون من مسؤولية رئيس الوزراء الجديد أن يقترح على رئيس الجمهورية تشكيلة الحكومة». وجاء في البيان أيضاً أن «ما سيوجه عمل رئيس الوزراء هو الدفاع عن استقلالنا وقوتنا، وخدمة الفرنسيين، وتحقيق الاستقرار السياسي والمؤسساتي من أجل وحدة البلاد». وأخيراً فإن ماكرون «مقتنع بأنه على هذه الأسس، من الممكن التوصل إلى تفاهم بين القوى السياسية مع احترام قناعات الجميع».

يلخص بيان الإليزيه الصعوبات الكبرى التي تواجهها فرنسا في الوقت الراهن، التي يتعين على لوكورنو أن يسعى لتفكيكها. وليس من نافل الأمور الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية طلب من رئيس الحكومة المكلف التفرغ بداية «لبناء التوافقات» بين مختلف القوى السياسية الممثلة في البرلمان قبل أن يقدم له اقتراحاً بتشكيلته الوزارية. وهذا يعد أمراً طارئاً ومرده حرص ماكرون على التأكد من أن الصيغة الحكومية التي ستقترح عليه لن تسقط في البرلمان سريعاً، ما من شأنه أن يفاقم عدم الاستقرار السياسي والمالي والاجتماعي الذي تواجهه البلاد.

من هذه الزاوية يمكن الاكتفاء بما قاله لوكورنو خلال عملية التسلم والتسليم التي حصلت ظهر الأربعاء في مقر رئاسة الحكومة بعد اجتماع مغلق جمعه بسلفه وقد دام 45 دقيقة. وأعرب لوكرونو، بعد أن شكر بايرو على جهوده وعلى شجاعته، عن رغبته في ردم ما سماه الفجوة بين الحياة السياسية في البلاد والحياة الواقعية. مضيفاً أنه «لا يمكننا الاستمرار في هذه الفجوة إلى الأبد، لأنها ستلحق بنا في نهاية المطاف».

آلاف المتظاهرين متجمعون الأربعاء في «ساحة الجمهورية» (لا ريبوبليك) في باريس (أ.ف.ب)

وكان رئيس الحكومة الجديد يشير بذلك إلى التجمعات والمظاهرات والاشتباكات الدائرة في باريس على بعد مسافة قصيرة من القصر الحكومي بمناسبة الحراك الداعي لـ«شل البلاد». أما السبيل إلى ذلك فلخصه بقوله: «سيتعيّن علينا القيام بقطيعة، وليس فقط في الشكل أو المنهج (...) بل أيضاً في الجوهر». وبكلام آخر، فإن لوكورنو نبه السياسيين خارج البرلمان وداخله إلى أن النزاعات السياسية والمطالب المتناقضة التي أدخلت فرنسا في أزمة مالية عنوانها المديونية المتعاظمة (3415 مليار يورو)، وأزمة اجتماعية (المظاهرات والإضرابات والمطالب المتكاثرة)، ما ينعكس على حضور فرنسا وقدرتها التأثيرية في أوروبا وخارجها وفي زمن تتناسل فيه الأزمات، كل ذلك عدّه «مدعاة للقلق» و«لا يتعين أن يتواصل إلى الأبد وسط الإهانات والعنف».

جان لوك ميلونشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد يشارك في مظاهرة باريس وإلى جانبه أريك كوريل النائب عن الحزب المذكور ورئيس اللجنة المالية في البرلمان الفرنسي (أ.ف.ب)

مهمة تدوير الزوايا

حقيقة الأمر أن من جملة الأسباب التي دفعت ماكرون لاختيار لوكورنو لكونه «مفاوضاً بارعاً» وتجمعه علاقات غير عدائية مع جميع مكونات الطيف السياسي، أكان مع أطراف «الكتلة المركزية» التي تضم الأحزاب الثلاثة الداعمة لماكرون وحزب «الجمهوريون» اليميني التقليدي، أو اليسار المعتدل ممثلاً بالحزبين الاشتراكي والشيوعي، وصولاً إلى حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف وزعيمته مارين لوبن ورئيسه جوردان بارديلا.

مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف وجوردان باريلا رئيس حزب «التجمع الوطني» لدى وصولهما إلى البرلمان الثلاثاء للتصويت على الرقة بحكومة فرنوسا بايرو (د.ب.أ)

ورغم ذلك، فقد توقعت لوبن فشل لوكورنو الذي انتقدت تعيينه. وللتذكير، فإن بايرو سقط في البرلمان بسبب تصويت كتلتين لا يجمع بينهما، سياسياً، شيء؛ هما كتلة اليسار وكتلة اليمين المتطرف الذي يضم 120 نائباً، وهي أكبر كتلة حزبية في المجلس النيابي. من هنا، فائدة اختيار لوكورنو الذي عليه أن يتبع نهجاً سياسياً يتماشى مع توجهات الكتلة المركزية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من غير أن ينفر اليسار أو اليمين المتطرف، علماً أن الأخير يدعو ويصر على إجراء انتخابات نيابية مبكرة، فيما اليسار المتشدد بزعامة جان لوك ميلونشون يدعو إلى إقالة ماكرون. وسيتقدم الخميس باقتراح إلى البرلمان بهذا الخصوص.

كما أنه هدد بحجب الثقة عنه إن لم يطلبها رئيس الوزراء الجديد من البرلمان. وليس واضحاً أن لوكورنو «المفاوض» قادر على تدوير الزوايا والضغط على الفريق الذي تشكلت منه حكومات ماكرون المتعاقبة - في الأعوام الثلاثة الأخيرة قبل بالتنازل عن بعض «الخطوط الحمراء» التي وضعها - أو أنه قادر على «إرضاء» الاشتراكيين بمنحهم بعض المكاسب لجهة فرض ضرائب على أصحاب الثروات والمرتبات الكبرى وهو ما ترفضه الكتلة المركزية واليمين المتطرف.

حريق في مطعم في حي «لي هال» الواقع في قلب باريس في إطار أعمال العنف التي شهدتها العاصمة الفرنسية الأربعاء بمناسبة حراك «شل العمل» في فرنسا (أ.ب)

أما الأخير فإنه يريد سياسة أكثر تشدداً في ملف الأمن والهجرات ورفض الضرائب الإضافية... وباختصار، فإن لوكورنو سيجد نفسه وسط مطالب متناقضة يصعب الجمع بينها، فيما تفتقر الحكومة العتيدة إلى دعم أكثرية نيابية. ولذا، فإنه لن يستطيع إنجاز مهمته إن لم يمكن يتمتع بهامش من حرية التحرك التي يجب أن تأتي بداية من الرئيس ماكرون نفسه. ومصلحة الأخير أن يوفر له هذا الهامش لأنه لم يعد أمامه وسائل سياسية إضافية لتجنب أزمة مؤسسات يمكن أن تنقلب سريعاً إلى أزمة النظام السياسي.

وما يزيد الوضع حرجاً تحرك الشارع، حيث شارك الآلاف من الفرنسيين في مسيّرات ومظاهرات في العاصمة باريس وفي عدد كبير من المدن الرئيسية احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية وعلى السياسات الحكومية التقشفية. وشهدت العديد من المدن، كما في باريس، مناوشات واشتباكات مع رجال الأمن واشتعال عدد من الحرائق وإغلاق العديد من المؤسسات بما فيها التعليمية، وعدد من الطرق السريعة، رغم نشر ما لا يقل عن 80 ألف رجل شرطة ودرك. وكان قطاع النقل والمواصلات الأكثر تأثراً كالعادة بهذا الحراك الاجتماعي. وما جرى الأربعاء يعد عينة مما ينتظر فرنسا يوم 18 الحالي، حيث هناك دعوة النقابات لإضرابات ومظاهرات شاملة.


مقالات ذات صلة

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

شمال افريقيا أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة تطالب بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية، بسبب التلوث البيئي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أوروبا عنصر من الشرطة البريطانية (رويترز)

الشرطة البريطانية تتعهد باتخاذ تدابير حازمة بحق المتظاهرين الداعين إلى «الانتفاضة»

تنوي الشرطة في لندن ومانشستر اتخاذ تدابير حازمة بحق الأشخاص الذين يطلقون نداءات تحضّ على «الانتفاضة» خلال المظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط العاصمة (إ.ب.أ)

أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط انقسامات حادة

خرج أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد في شوارع العاصمة، الأربعاء، في مظاهرة لدعمه ورفض «التدخلات الخارجية».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من مظاهرات سابقة خرجت في طرابلس للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)

ليبيا: حراك شعبي في مصراتة يطالب بـ«إسقاط» حكومة الدبيبة

حضّ حراك شعبي جميع أطياف الليبيين على المشاركة في «اعتصام مفتوح في طرابلس للمطالبة بإسقاط حكومة الدبيبة بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا احتجاج ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ) play-circle

اشتباكات بين الشرطة التونسية وشبان في القيروان بعد وفاة رجل

قال شهود لوكالة «رويترز» إن اشتباكات اندلعت لليلة ثانية على التوالي، السبت، بين الشرطة التونسية وشبان غاضبين في مدينة القيروان، بعد وفاة رجل بسبب عنف الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
TT

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)

في ضربة هي الأولى من نوعها، نقلت كييف معركة المسيرات إلى «المياه المحايدة» في البحر الأبيض المتوسط. وأفاد مصدر أوكراني أن «جهاز الأمن استخدم طائرات مسيرة لاستهداف ناقلة نفط تابعة لما يُسمى الأسطول الشبح الروسي، هي الناقلة قنديل». وأكد أن «روسيا كانت تستخدم هذه الناقلة للالتفاف على العقوبات» وتمويل «حربها ضد أوكرانيا».

وأعلن المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«فرانس برس»، أن «عملية جديدة خاصة لا سابق لها» نفّذت على مسافة نحو ألفي كيلومتر من أوكرانيا. ولم يقدّم أيّ تفاصيل إضافية بشأن الموقع الذي نفّذت منه العملية والبلدان التي حلّقت فوقها المسيرات.

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غربي تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

وانطلقت هذه السفينة، التي ترفع علم سلطنة عمان، من سيكا في الهند باتّجاه أوست - لوغا في روسيا، بحسب بيانات «بلومبرغ». ويشير مسارها الذي يتطابق وصور الأقمار الاصطناعية التي اطلعت عليها وكالة «فرانس برس» إلى أنها التفت لتعود أدراجها، ليل الخميس - الجمعة، عندما كانت على مسافة أكثر من 250 كيلومتراً من السواحل اليونانية والليبية. وصباح الجمعة، بدا أن السفينة كانت تتّجه شرقاً. وكانت السفينة فارغة وقت الضربة، التي لم تشكّل أيّ تهديد للبيئة، بحسب المصدر الذي أشار إلى تعرّضها «لأضرار جسيمة» حالت دون «مواصلتها أهدافها».

النيران تتصاعد من ناقلة نفط بعد أن هزت انفجارات سفينتين من أسطول الظل الروسي في البحر الأسود بالقرب من مضيق البوسفور التركي (رويترز)

وقال المصدر: «ينبغي للعدوّ أن يفهم أن أوكرانيا لن تتوقّف، وستوجّه إليه الضربات أينما كان في العالم». وأضاف مسؤول في ‌جهاز الأمن ‌الأوكراني، ⁠الجمعة، ​إن ‌طائرات مسيرة وجّهت ضربة أخرى لمنصة نفط روسية ⁠مملوكة ‌لشركة «لوك أويل» في بحر قزوين. وقال إن هذه ​ثالث منصة نفطية ⁠تهاجمها أوكرانيا في بحر قزوين خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وكانت تركيا قد حذّرت روسيا وأوكرانيا بضرورة توخي مزيد من الحذر بشأن أمن البحر الأسود، بعدما أسقطت قواتها الجوية مسيرة دخلت المجال الجوي التركي، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، الخميس. ودفعت هذه الهجمات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التحذير الأسبوع الماضي، من تحول البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً الجمعة بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود. وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، ما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام. وما زال مصدر المسيرة غير واضح إلا أن بعض التقارير الإعلامية أشارت إلى أنها روسية الصنع.

وأكدت وزارة الداخلية التركية، الجمعة، أنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيرة ⁠روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان-10» في ولاية قوجه ⁠إيلي، بشمال غربي ‌البلاد. وذكرت الوزارة أن التقييمات ‍الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، ⁠مضيفة أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، ما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.

ناقلة نفط روسية تابعة لشركة «روسنفت» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)

وتم إرسال طائرات مقاتلة من طراز «إف-16»، يوم الاثنين الماضي، بعدما اقتربت مسيرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود، من المجال الجوي التركي. وأفاد مسؤولون بإسقاط المسيرة في منطقة آمنة لحماية المدنيين وحركة الطيران. وحضّت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا على الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

ويأتي الحادث في أعقاب غارات شنّتها أوكرانيا مؤخراً على ناقلات تابعة لـ«أسطول الظل» الروسي قبالة السواحل التركية، إلى جانب تحذيرات من مسؤولين أتراك بشأن خطر وصول حرب أوكرانيا إلى المنطقة. وقالت وزارة الدفاع التركية: «نظراً للحرب القائمة بين أوكرانيا وروسيا، تم تحذير نظرائنا بضرورة توخي مزيد من الحذر من الجانبين، بشأن الوقائع التي قد تؤثر سلباً على أمن البحر الأسود». ولم تكشف السلطات التركية عن مصدر المسيرة.

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت أوكرانيا مسؤوليتها عن هجمات بمسيّرات بحرية ضد ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود. كما هاجمت مواني روسية، بما فيها نوفوروسييسك، ما أجبر محطة نفطية رئيسية تقع قربه على تعليق عملياتها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). من جهتها، تقصف روسيا بانتظام ميناء أوديسا الأوكراني حيث تضررت سفن نقل تركية في الأيام الأخيرة.


أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول في جهاز الأمن الأوكراني، اليوم الجمعة، أن أوكرانيا قصفت بالطائرات المُسيرة ناقلة نفط ضِمن ما يسمى ​أسطول الظل الروسي في البحر المتوسط، وذلك في أول هجوم من نوعه، مما يعكس ازدياد حدة هجمات كييف على شحنات النفط الروسية.

وقال المسؤول، في بيان، إن الناقلة (قنديل) لم تكن محملة بالنفط عندما أصابتها طائرات مُسيرة في المياه المحايدة على بُعد أكثر من 2000 ‌كيلومتر من أوكرانيا، ‌وأن الهجوم ألحق بها ‌أضراراً جسيمة.

وأظهرت ⁠بيانات ​موقع ‌«مارين ترافيك» رصد ناقلة النفط قبالة الساحل الليبي، الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش. ولم يفصح المسؤول الأوكراني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن الموقع الدقيق للناقلة عند الهجوم أو توقيته.

وأظهرت لقطات من أعلى قدَّمها المصدر انفجاراً صغيراً على سطح الناقلة. وتحققت «رويترز» ⁠من أن السفينة التي ظهرت في المقطع المصوَّر هي الناقلة ‌قنديل، لكن لم يتسنّ بعدُ التحقق من توقيت أو موقع الهجوم.

ودأبت أوكرانيا على مهاجمة مصافي النفط الروسية على مدى عاميْ 2024 و2025، لكنها وسّعت حملتها، بشكل واضح، في الأسابيع القليلة الماضية، إذ قصفت منصات نفط في بحر قزوين، وأعلنت مسؤوليتها عن هجمات بطائرات ​مُسيرة على ثلاث ناقلات نفط في البحر الأسود.

وتلك الناقلات، بالإضافة إلى الناقلة قنديل ⁠التي ترفع عَلم سلطنة عمان، من بين ما يسمى أسطول الظل الروسي، وهي سفن غير خاضعة للرقابة تقول كييف إنها تساعد موسكو على تصدير كميات كبيرة من النفط وتمويل حربها في أوكرانيا رغم العقوبات الغربية.

وشهدت موانٍ روسية سلسلة من الانفجارات الغامضة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ولم تؤكد أوكرانيا أو تنفِ تورطها في هذه الانفجارات، لكن مصادر أمنية بحرية تشتبه في وقوف كييف وراءها. وجرى تنفيذ بعض ‌الهجمات باستخدام ألغام لاصقة على متن سفن في البحر المتوسط.


الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)

أطلق الجيش الألماني تحقيقاً بعد قيام منسق أغانٍ (دي جيه) بعزف المقطع الأول من النشيد الوطني لألمانيا والمعروف بـ«أغنية ألمانيا» خلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة بمدينة دليتسيش.

وقال متحدث باسم الجيش لوكالة الأنباء الألمانية إن «تحقيقات تأديبية شاملة» بدأت وستشمل مقدم الخدمة المدني. وأوضح أن «تشغيل نص المقطع الأول من النشيد الألماني لا يتوافق بأي شكل من الأشكال مع قيمنا».

وكان الشاعر أوغوست هاينريش هوفمان فون فالرسليبن (1798 - 1874) قد كتب نص «أنشودة الألمان» في عام 1841، واستخدم النازيون في القرن العشرين المقطع الأول من النشيد «ألمانيا، ألمانيا فوق كل شيء».

ويقتصر النشيد الوطني المعتمد اليوم على المقطع الثالث الذي يتضمن كلمات «الوحدة والعدل والحرية». ومع ذلك، فإن المقاطع الأخرى ليست محظورة قانونياً.

وأضاف المتحدث باسم القوات البرية: «في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2025، وخلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة مدرسة صف الضباط التابعة للقوات البرية في دليتسيش، خالف منسق موسيقي مدني التكليف وشغّل المقطع الأول من (أنشودة الألمان)».

وأوضح أن قائد مدرسة صف الضباط أمر فور وقوع الحادث بتشغيل النشيد الوطني، كما أنه أوضح على نحو لا لبس فيه الخطأ في تشغيل المقطع الأول، وأنه أبلغ رؤساءه بالواقعة في المساء نفسه.

وحضر الاحتفال الذي أقيم في المدينة الواقعة في ولاية سكسونيا بشرق ألمانيا أكثر من ألف ضيف.