«ديور» تنسج قصة أسكوتلندية من التويد والتارتان

علاقة بدأت في 1955 واكتملت في 2025 بعرضها لخط كروز

لقطة جماعية على خلفية قلعة درامون التي أقيم فيها العرض (تصوير سام كوبلاند)
لقطة جماعية على خلفية قلعة درامون التي أقيم فيها العرض (تصوير سام كوبلاند)
TT

«ديور» تنسج قصة أسكوتلندية من التويد والتارتان

لقطة جماعية على خلفية قلعة درامون التي أقيم فيها العرض (تصوير سام كوبلاند)
لقطة جماعية على خلفية قلعة درامون التي أقيم فيها العرض (تصوير سام كوبلاند)

في مايو (أيار) الماضي، وهو بداية موسم عروض خط «الكروز» أو الـ«ريزورت»، قدمت «ديور» تشكيلتها من هذا الخط لعام 2025 في أدنبره الاسكوتلندية. كان عرضاً مثيراً تهادت فيه العارضات بين جنبات حدائق قلعة دروموند التاريخية، وهي قلعة تُلقَب بـ«فرساي اسكوتلندا» لزخارفها الهندسية وتصميمها الفني.

89 إطلالة استحضرت فيها الدار الفرنسية رموزاً تاريخية مثل ملكة اسكوتلندا ماري ستيوارت، وجسدت فيها ألوان الطبيعة المحيطة وما يُمليه طقسها المتقلب وتضاريسها الحادة. مشت العارضات بين حضور منبهر بجمال المكان بأحذية عالية الساق مستعدة لكل الأجواء مهما كانت قساوتها، وأزياء من التارتان وفساتين مخملية بأكمام منتفخة وأخرى من الكشمير والتويد والتارتان وهلم جراً من الرموز التي ارتبطت بالمنطقة، أو بالأحرى تُنتج فيها.

اكتسب التارتان والتويد ديناميكية بفضل التصاميم العصرية (ديور)

اختيار «ديور» لاسكوتلندا كوجهة لخط يقوم أساساً على السفر إلى أماكن تسطع فيها أشعة الشمس وتتناثر على شواطئها الرمال الذهبية التي تتلاطم فيها الأمواج على مياه لازوردية، لم يكن عابراً أو اعتباطياً. ففي عام 1955 قدم إليها المؤسس كريستيان ديور لأول مرة.

قدم أمام صفوة المجتمع الاسكوتلندي تصاميم أطلق عليها أسماء مثل داندي وأدنبره وغيرها. لم يكن هدفه الربح التجاري آنذاك بالنظر إلى أن ريع العرض ذهب لأعمال خيرية. كان في المقام الأول بهدف تسليط الضوء على اسمه والتعرف على منطقة ربما أثارت فضوله بعد أن ألهمت غابرييل شانيل بابتكار جاكيت التويد الأيقوني قبله بعقود.

لم تُخيب ظنه. كشفت له جمال الأقمشة التي تُصنع يدوياً في ورشات تقليدية صغيرة، وهو ما دونه في كتابه The Little Dictionary of Fashion فيما بعد «أن قماش التارتان هو القماش الفاخر الوحيد على الأرجح الذي يقاوم صيحات الموضة».

راعت المصممة طقس المنطقة وهو ما ظهر في التصاميم والأقمشة والألوان أيضاً (ديور)

وهكذا بعد سبعة عقود تعود ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الإبداعية السابقة للدار لتغوص في هذا الإرث. وتعترف بأنها لا تعرف المنطقة جيداً، وأن كل ثقافتها عنها مستلهمة من الأدب والسينما. تضيف أنها سعت إلى تقديم قراءة خاصة بها في هذه التشكيلة، من دون أن تتنصل تماماً من العلاقة القديمة التي تربط كريستيان ديور بالمنطقة منذ القرن الماضي. تقول: «إنه بلد تعرفت عليه من خلال الأفلام والأدب، ومن خلال الشخصيات والسيناريوهات الملحمية. في هذه التشكيلة، خلقت فرصة للتواصل بشكل أكثر حميمية مع هذا الخيال». وتتابع: «أنا مهتمة أيضاً بالبحث عن أماكن لها صلة بدار ديور؛ إذ إنه من المدهش إعادة تتبع خيوط التاريخ هذه وإلقاء الضوء عليها بصيغة أخرى».

لقطة جماعية على خلفية قلعة درامون التي أقيم فيها العرض (تصوير سام كوبلاند)

بعد أن وقع الاختيار على الوجهة وبدأت كيوري في تصميم تشكيلتها لعام 2025، وجدت نفسها منجذبة هي الأخرى إلى المناظر الرومانسية للبلاد وتاريخها العاصف بالأمطار والبرق، الأمر الذي يفسر الألوان الداكنة والأقمشة الدافئة التي غلبت عليها، مثل التويد والمخمل تحديداً. الصور الخاصة بالعرض الذي قدمه الراحل كريستيان ديور لأزياء ربيع وصيف 1955 لم تغب، بل تحوّلت إلى طبعات استخدم بعضها كتفاصيل تزيينيّة على أطراف التنانير الاسكوتلنديّة أو معاطف لتُشكّل عناصر من الذاكرة تجمع الماضي بالحاضر.

أما أكثر ما ميّز بصمة المصممة في هذه التشكيلة فقُدرتها على جعل العرض لقاءً تاريخياً وفنياً بين إرث عريق تفخر به المنطقة يتمثل في غزل صوف التويد ونقشات التارتان وبين الأسلوب الفرنسي الرفيع. هذا اللقاء يطرح سؤالاً عمن استفاد من هذا الحدث أكثر؟ «ديور» أم صناع التارتان والتويد المحليون؟ الجواب أن الاستفادة كانت لكليهما. الدار الفرنسية أكدت مدى اهتمامها بالحرفية والأعمال اليدوية، فيما استعرض صناع التويد والتارتان في المنطقة مهاراتهم في هذا المجال.

كيلي ماكدونالد مديرة العمليات في شركة «هاريس تويد» (أ.ف.ب)

تقول مارغريت آن ماكليود، الرئيسة التنفيذية لشركة «هاريس تويد هبريدس»، وهي شركة لا تزال تُنتج نقوشها المربعة الزاهية يدوياً في مدن جزر هبريدس: «لقد كان حضور العرض ورؤية نقوش التارتان الملونة التي ابتكرناها مع (ديور) ضمن أول عشر إطلالات أمراً مثيراً للغاية. كان البحث والدقة في كل قطعة مذهلين. إن دعم (ديور) لما نقوم به كمنتجين بكميات صغيرة يُظهر تقدير الشركة للحرفية المحلية».

الملاحظ أن صناعة هذه الخامة انتعشت في السنوات الأخيرة بفضل عروض الأزياء من جهة، ورغبة أبناء المنطقة في الحفاظ على إرثهم من جهة ثانية. تُبدي مديرة العمليات في هيئة صناعة التويد كيلي آن ماكدونالد في هذا الصدد ارتياحها إلى رؤية «جيل جديد من الشباب يمارسون نسجه حالياً»، وتتذكر قائلةً: «عندما انضممت إلى هذا القطاع قبل نحو 20 عاماً، تساءلت عما إذا كان سيصمد، لأن التراجع كان مخيفاً».

ألكسندر ماكليود شاب كان يعمل صيرفياً قبل أن يُصبح نساجاً (أ.ف.ب)

حالياً يبلغ إجمالي عدد النساجين 140، وفقاً لهيئة صناعة التويد التي أطلقت حملة توظيف عام 2023 في ظل كثرة حالات التقاعد. كما أقيمت ورش عمل لتعلم هذه المهنة ونقل خبراتها من جيل إلى جيل.

واحد من هؤلاء المصرفي السابق، ألكسندر ماكليود، يقول وهو يجلس وراء نوله في حظيرة قديمة على ضفة بحيرة في اسكوتلندا باعتزاز: «عندما يرى المرء قماش التويد على منصة عرض الأزياء، لن يخطر بباله أنه وُلد ونُسج هنا في هذا المكان البسيط!».

تجدر الإشارة إلى أن ألكسندر أصبح نساجاً قبل عامين فقط، مساهماً بذلك في سَعي سكان جزيرة لويس آند هاريس في شمال غربي اسكوتلندا إلى إنعاش صناعة التويد بعد فترة التراجع التي شهدتها من قبل. ويرى الشاب البالغ 30 عاماً أن «الحفاظ على هذا التقليد أمر جيد ومطلوب».

يصعب تصور أن في ورشات قديمة بآليات قديمة يخرج أجود أنواع التويد والصوف (أ.ف.ب)

كاميرون ماك آرثر، شاب آخر يبلغ من العمر 29 عاماً ويعمل في هذا المجال منذ 12 عاماً، يُعلّق أن المصنع الذي يعمل فيه لم يتغير منذ عقود، لكن هناك تطور لجهة تجديد القوى العاملة الشابة، وهو ما انعكس على مستوى القماش أيضاً. يشرح: «نحن الآن نصنع أنماطاً جديدة وألواناً خاصة بنا». ويتابع: «ما يثلج الصدر أننا لا نتوقف عن العمل، لكثرة الطلبات التي نتلقاها من كل مكان من العالم وليس من أميركا فقط كما كان عليه الأمر في السابق». في 2024، أُنتج أكثر من 580 ألف متر من التويد، وفقاً لهيئة تجارة التويد، الأمر الذي يؤكد تنامي هذه الصناعة وانتعاشها.

ورغم اختلاف هذه الورشات من ناحية تخصصاتها، فإن العاملين فيها يتفقون أن بيوت أزياء عالمية مثل «شانيل» و«ديور» وغيرها، كان لها دور إيجابي لا يمكن إنكاره.

وهذا ما أكدته التشكيلة التي قدمتها المصممة الإيطالية ماريا غراتزيا لـ«ديور كروز 2025»، لا سيما أنها تعاونت فيها مع ورشات محلية. استعملت أقمشتها وخاماتها ونقشاتها المميزة في تصاميم عصرية تتبع تاريخها واستعمالاتها المتنوعة منذ نشوء الحركة الرومانسيّة على يد كريستيان ديور، إلى ظهور أسلوب البانك على يد فيفيان ويستوود، وبعدها ألكسندر ماكوين وغيرهم. لم تنس أيضاً أنه من الأقمشة المفضلة للطبقات الأرستقراطية البريطانية، وعلى رأسهم الملك تشارلز الثالث منذ أن كان ولياً للعهد. هذا الأخير عبّر في عدة مناسبات عن إعجابه بجماله ودفئه وأيضاً باستدامته.

نبذة عن التويد الاسكوتلندي

أصبح التويد حالياً متنوع الألوان والنقشات (أ.ف.ب)

يُعدّ «هاريس تويد» المصنوع تقليدياً من صوف الأغنام النقي بنسبة مائة في المائة، القماش الوحيد المحمي بموجب قانون أقره البرلمان عام 1993، وهو قانون ينص على أن «على سكان الجزيرة أن ينسجوه يدوياً من صوف نقي جديد مصبوغ ومغزول في جزر هبريدس الخارجية فقط».

بعدها يُنقل إلى معمل الغزل، حيث تُفحص جودته حرصاً على ضمان خُلوه من أي شوائب. وأخيراً، يُمنح ختم «هاريس تويد» الذي يُبرّر سعره، وهو عبارة عن كرة أرضية يعلوها صليب، تُثبت منشأ القماش وأصالته، صادر عن «هيئة هاريس تويد».

لا تزال العديد من الورشات تعتمد على آلات قديمة لإنتاج صوف التويد وغزله (أ.ف.ب)

الطريف أن فخامته تجعل القليل من الناس يعرفون أن المصانع والورشات التي تنتجه لا تزال تستعمل آليات قديمة جداً وأنوالاً متوارثة عبر الزمن. الفضل يعود إلى التقاليد الحرفية التي لا تزال متبعة فيها، وأيضاً إلى جيل جديد من الشباب دخلوا هذا المجال برؤى عصرية، وجعلوه أكثر حيوية. لم يعد مثلاً يقتصر على نقشة أمير ويلز الكلاسيكية أو الألوان البنية والداكنة، بل أدخلوا عليه ألواناً فاتحة مثل الأزرق الفيروزي والوردي الفوشيا والأصفر، وهو ما اعتمدته ماريا غراتسيا كيوري في تشكيلتها جامعة القديم بالجديد.


مقالات ذات صلة

2025... صعود جيل جديد من المصممين يعيد صياغة مفهوم الموضة

لمسات الموضة من أول عرض لـ«ديور» قدّمه جوناثان أندرسون (ديور)

2025... صعود جيل جديد من المصممين يعيد صياغة مفهوم الموضة

هل الصناعة، التي أطلقت جيل سان لوران، وكريستيان ديور، ولاغرفيلد، ثم أرماني، وجياني فيرساتشي، وبعدهم جون غاليانو، وألكسندر ماكوين، قادرة على إطلاق جيل جديد؟

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرة للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)

كيف صنعت مجوهرات عزة فهمي لغة فيلم أم كلثوم «الست»

دخول عزة فهمي عالم السينما ينسجم أولاً مع تاريخها في صناعة التراث وثانياً مع حركة عالمية لم تعد تكتفي برعاية المهرجانات أو الظهور على السجادة الحمراء.

جميلة حلفيشي (القاهرة)
لمسات الموضة المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرية للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي) play-circle 02:28

كيف صنعت مجوهرات عزة فهمي لغة فيلم أم كلثوم «الست»

دخول عزة فهمي عالم السينما ينسجم أولاً مع تاريخها في صناعة التراث وثانياً مع حركة عالمية لم تعد تكتفي برعاية المهرجانات أو الظهور على السجادة الحمراء.

جميلة حلفيشي (القاهرة)
يوميات الشرق صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»

القفطان المغربي… أناقة عبر القرون تتوجها «اليونيسكو» باعتراف عالمي

اعتراف عالمي بثراء التراث المغربي، وبقدرة هذا القفطان العريق على أن يتحول إلى لغة ثقافية عابرة للحدود، تجمع بين الجمال والهوية وتستمر في الإلهام عبر الزمن.

كوثر وكيل (نيودلهي )
لمسات الموضة «مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)

حقائب اليد لهذا الموسم... بين النوستالجيا والتجديد

في تسعينات القرن الماضي، بلغت حقيبة اليد أوجها. حققت لمصمميها النجاح التجاري والشهرة. هذا الوهج هو ما تأمل بيوت أزياء كثيرة في استعادته

جميلة حلفيشي (لندن)

2025... صعود جيل جديد من المصممين يعيد صياغة مفهوم الموضة

من أول عرض لـ«ديور» قدّمه جوناثان أندرسون (ديور)
من أول عرض لـ«ديور» قدّمه جوناثان أندرسون (ديور)
TT

2025... صعود جيل جديد من المصممين يعيد صياغة مفهوم الموضة

من أول عرض لـ«ديور» قدّمه جوناثان أندرسون (ديور)
من أول عرض لـ«ديور» قدّمه جوناثان أندرسون (ديور)

لم يشهد عالم الموضة منذ تسعينات القرن الماضي عاصفة تغيير تشبه تلك التي يعيشها في عام 2025، إلى حد يُخلف الانطباع بأن هذه الصناعة تخلع جلدها تحسُباً للمستقبل الذي بات يقتضي تعاملاً ربما يكون صادماً لمواجهة تقلبات الأسواق، وما نتج عنها من تباطؤ وتغيّر في سلوكيات المستهلك الشرائية.

هذه العاصفة من التقلبات والتغيرات هذا العام تُذكرنا إلى حدّ بعيد بعام 1997، الذي شهد ما وصفه البعض بـ«الانفجار الكبير للموضة». كانت المجموعات العملاقة حينها بدأت تفرض سطوتها على الساحة. مجموعة «إل في إم أتش» مثلاً احتفلت آنذاك بعامها العاشر، بإطلاق سلسلة من التعيينات غيّرت وجه الموضة. كان هدفها ضخّ الدور الكبرى التي تملكها بدماء جديدة. عيّنت مارك جاكوبس في دار «لويس فويتون»، وجون غاليانو في «ديور»، والراحل ألكسندر ماكوين في «جيفنشي»، ومايكل كورس في دار «سيلين»، ونارسيسو رودريغيز في دار «لويفي». كانت مغامرة محسوبة من كل الجوانب، الأمر الذي يؤكده نجاحها وبزوغ كل هؤلاء المصممين كنجوم.

جون غاليانو عام 1997 بعد عرضه لموسم الربيع والصيف لـ«ديور» (غيتي)

التعيينات والتنقلات الحالية لا تختلف كثيراً عن تلك الحقبة، وإن كانت باستراتيجيات وأهداف، ربما مختلفة، بسبب تغير الزمن نفسه. فقد التحق ماثيو بلايزي بـ«شانيل»، وتولى جوناثان أندرسون إدارة «ديور»، خلفاً لماريا غراتزيا تشيوري التي انتقلت إلى «فندي»، كما عُيّنت لويز تروتر في دار «كارفن»، وغرايس وايلز بونر في دار «هيرميس» خلفاً لفيرونيك نيشانيان بعد 37 عاماً تقريباً لها في هذا المنصب. وبينما انتقل ديمنا لـ«غوتشي» المملوكة لمجموعة «كرينغ»، أخذ مكانه لبييرباولو بيكيولي في دار «بالنسياغا»، والبقية تأتي.

بين الرحيل والتغيير

وهكذا، بين رحيل أسماء ملامح الموضة لأكثر من نصف قرن، وتنقل مصممين بين الدور الكبيرة، يبدو المشهد وكأنه إعادة للماضي لكن بلغة يفرضها العصر والخريطة الشرائية التي انتقلت من الغرب إلى الشرق. فقد صعدت المنطقة العربية عموماً، والخليجية خصوصاً، بشكل واضح كقوة إبداعية وشرائية في آن واحد، وهو ما تؤكده الفعاليات الضخمة التي تقام في كل من الرياض ودبي وقطر والكويت، وتحضرها الآن شخصيات عالمية مهمة، لم تكن تتخيل أنها ستحضر يوماً هذه الفعاليات. لكنها الآن، وبعد أن قرأت أحوال السوق جيداً، لم يعد أمامها سوى الانصياع، على أمل اقتناص فرص جديدة.

أنا وينتور والعارضة ناتاليا فوديانوفا ومالك مجموعة كيرينغ فرانسوا بينو في قطر (فاشن تراست أرابيا)

توجه بوصلة الضوء نحو الشرق الأوسط يشير إلى أن مستقبل الموضة لم يعد محصوراً في باريس وميلانو ونيويورك. فالرياض أصبح لها صوت عالٍ بفضل فعاليات كبيرة، تحتضن مبدعين من أبناء البلد، وتدعمهم للانطلاق للعالمية. دبي أيضاً باتت ترى نفسها عاصمة موضة وتطمح للمرتبة الخامسة بعد باريس وميلانو ونيويورك ولندن، بعد أن رسّخت مكانتها كمركز رئيسي لإطلاق ماركات عالمية ومحلية.

المصمم زياد أبو العينين مع لجنة التحكيم خلال عملية الفرز وقبل الإعلان عن أسماء الفائزين (فاشن ترست أرابيا)

أما الدوحة التي تطمح لتوسيع اهتمامها بافتتاح متاحف ومعارض ضخمة على مستوى عالٍ جداً، فلم يفُتها هي الأخرى قوة الموضة وتأثيرها المغناطيسي. أسّست «فاشن ترست أرابيا»، وهي مبادرة عالمية، عمرها 7 سنوات فقط، ومع ذلك يتسابق النجوم والشخصيات المهمة لحضورها. بريق هؤلاء النجوم لا يغطي على أهدافها في دعم المصممين الناشئين العرب بتقديم كل الإمكانات اللوجيستية والمالية لهم لكي ينطلقوا، وهو ما أتاح لمجموعة مهمة منهم إطلاق بيوتهم الخاصة، أو على الأقل ضخّها بالتمويل لمزيد من التوسع والانتشار.

رحيل عمالقة

تبقى أيضاً من أهم الأحداث رحيل جيورجيو أرماني، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. فهو واحد من أهم المصممين وآخر الكبار ممن صنعوا هوية الأناقة الإيطالية بلغتها الراقية. رحل أرماني واقفاً رغم تعديه الـ90 من العمر، حيث أشرف على كل تفاصيل عرضه الأخير من فراش المرض. برحيله فقدت هذه الصناعة مدرسة إبداعية قائمة بذاتها، أبدعها في السبعينات، وألهم بها المرأة والرجل على حد سواء.

من المعرض الخاص بالراحل جيورجيو أرماني الذي تزامن افتتاحه مع رحيله (رويترز)

في نوفمبر (تشرين الثاني)، رحل المصمم الآيرلندي بول كوستيلو عن عمر ناهز الـ80 عاماً، الذي ارتبط اسمه بأناقة الأميرة ديانا، منذ عام 1983 حين عُين مصمماً شخصياً لها. كان ذلك بعد فترة وجيزة من تأسيس علامته الخاصة، واستمر تعاونهما حتى وفاتها عام 1997. المؤكد أن غيابه سيُخلّف فجوة كبيرة في أسبوع الموضة بلندن، الذي كان وجهاً مألوفاً فيه على مدى 4 عقود، وغذّاه بأسلوب خاص، جمع فيه الكلاسيكية البريطانية بروحه الآيرلندية الدافئة.

المصمم بول كوستيلو في عرضه الأخير لربيع وصيف 2026 (رويترز)

بعد بأسابيع، أعلن خبر وفاة المصممة الاسكوتلندية الأصل، بام هوغ، عن عمر 66 عاماً. وكانت المصممة قد ظهرت في الثمانينات، واشتهرت بأسلوبها المتمرد الذي لامست به جيلاً كاملاً كان تواقاً للتغيير.

لعبة الكراسي الموسيقية

بالنسبة لانتقالات هذا العام، فهي غير مسبوقة. وبعض الاختيارات التي أخذتها بيوت أزياء، على الأمل ترتيب أوراقها وتلميع نفسها، كانت غريبة ومفاجئة.

أكبر مثال على هذا، تعيين ديمنا مديراً إبداعياً لدار «غوتشي» خلفاً للمصمم ساباتو دي سارنو، الذي لم ينجح بعد عامين في الدار من تحقيق النتائج المرجوة. المفاجئ في تعيين ديمنا أنه المصمم الأكثر إثارة للجدل في العقد الأخير، وهو ما يشهد عليه عهده في دار «بالنسياغا»، والتصاميم التي كان يقترحها، ويبدو فيها كما لو أنه يسخر من الثقافة الاستهلاكية من خلال بنطلونات ممزقة وحقائب مستوحاة من أكياس السوبر ماركت وغيرها. غني عن القول إن انتقاله إلى «غوتشي» أثار انقساماً حاداً بين النقاد والمتابعين.

المصمم بييرباولو بيكيولي مع الممثلة تيسا تومبسون في أحد تصاميمه لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)

خليفته في «بالنسياغا» بييرباولو بيكيولي. هذا التعيين في المقابل أشعل الحماس والآمال بعودة الاتصال بروح الدار القديمة، كما أرساها مؤسسها الإسباني كريستوبال بالنسياغا، الذي قال كريستيان ديور في حقّه مقولة شهيرة: «إنه أستاذنا جميعاً». بييرباولو بيتشولي، رسّخ مكانته في الوجدان بأنه شاعر الألوان والقصات الفخمة. انتقاله من دار «فالنتينو» إلى بيته الجديد يُبشِر بأسلوب راقٍ بعد نحو عقد من الضجيج البصري والجدل بالنسبة لعشاقه. من خلفه في دار «فالنتينو» مفاجأة أخرى. إنه أليساندرو ميكيلي الذي كان قد تولى إدارة «غوتشي» الفنية قبل ساباتو، وحقّق لها نجاحات كبيرة، قبل أن يصيب تمسكه بأسلوبه الخاص المُستهلِك بالملل. الأمر الذي اضطر مجموعة «كيرينغ» لفسخ عقدها معه. لكن يبدو أنها تراجعت عن قرارها بتعيينه في «فالنتينو» التي تملك 30 في المائة من أسهمها حالياً.

التغيير وصل أيضاً إلى دار «هيرميس» رغم ما تحققه من أرباح في عزّ الأزمة الاقتصادية. فلأول مرة منذ 37 عاماً، يتم استبدال المديرة الإبداعية لقسم الأزياء الرجالية فيرونيك نيشانيان بوجه بريطاني شابّ، هي غرايس وايلز بونر. رغم المفاجأة، فإن اسمها كان كفيلاً بطمأنة خبراء الموضة والمتابعين. فهي خريجة معهد «سنترال سانت مارتنز» الشهير، ونالت عدداً من الجوائز المهمة بفضل رؤيتها المعاصرة للأزياء الرجالية.

أوليفييه روستنيغ استخدم وسائل التواصل الاجتماعي واستقطب النجوم والمؤثرين ما جعل دار «بالمان» تتصدر الواجهة (أ.ف.ب)

أوليفييه روستينغ، أيضاً غادر «بالمان» بعد 14 عاماً أعاد فيها للدار بريقها القديم، ووسّع قاعدتها الجماهيرية باستقطابه النجوم واحتضانه الشباب، الذي تحدث لغتهم بسلاسة عبر تطويره وسائل التواصل الاجتماعي. ما إن تم إعلان المغادرة حتى تم الإعلان عن اسم خليفته، أنطونين ترون، على أن يقدم أول مجموعة له في شهر مارس (آذار) المقبل.

نهاية عهد دوناتيلا فيرساتشي

بعد عقود تتنحى دوناتيلا فيرساتشي عن منصبها كمصممة إبداعية (أ.ب)

أقل ما يمكن قوله عن تنحيها عن منصبها الإبداعي لصالح داريو فيتالي إنه نهاية فصل عائلي مثير يصعب تكراره، خصوصاً بعد استحواذ مجموعة «برادا» على العلامة. فدوناتيلا التي قادت الدار منذ مقتل أخيها جياني في عام 1997، واجهت مطبات كثيرة على المستويين المهني والشخصي، لكن صمدت في وجه عدة عواصف، كان بإمكانها أن تهزّ أساسات الدار. هذه المرة استسلمت لتنتهي بذلك سيطرة العائلة على الإدارة الإبداعية لفيرساتشي، التي انتقلت إلى داريو فيتالي والملكية لمجموعة «برادا».

فندي... انتقال تاريخي

لم يكن قرار تنحي سيلفيا فينتوريني فندي عن دورها كمصممة قسم الإكسسوارات والأزياء في الدار، التي تحمل اسم عائلتها، سهلاً؛ فهي هنا تعيش انتقالة مصيرية على المستويين الوظيفي والعاطفي. سيتذكرها عالم الموضة كمبدعة لحقائب أيقونية، مثل حقيبة «باغيت» الشهيرة التي صمّمتها في عام 1997، وحقيبة «بيكابو» في عام 2009، إضافة إلى تصاميم أخرى جمعت فيها الخطوط المعمارية لمدينة روما مع لمسات ناعمة، وأحياناً متحررة من القوالب التقليدية.

سيلفيا سليلة عائلة فندي تتخلى عن منصبها كمصممة قسم الإكسسوارات والأزياء (فندي)

قبل مغادرتها سلّمت المشعل لابنة بلدها، ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» السابقة. اللافت أن اضطرار كل من دوناتيلا فيرساتشي وسيلفيا فندي للتخلي عن إرثهما، يشير إلى أن زمن العائلات في عالم الموضة بدأ ينتهي تدريجياً، وأن سطوة المجموعات العملاقة مثل «إل في إم أتش» و«كيرينغ» وغيرهما تزيد عاماً بعد عام.

أما «ديور» فرسى اختيارها على جوناثان أندرسون، خليفة لماريا غراتزيا. مصمم يعتبره كثيرون الفتى الذهبي بعد إنجازاته في دار «لويفي» الإسبانية التي قادها لسنوات طويلة، وحلّق بها عالياً. عيّنته «ديور» في يونيو (حزيران) 2025، وقدّم مجموعته الرجالية بعد وقت قصير من هذا التعيين، وكان عرضاً ناجحاً. في أكتوبر (تشرين الأول) قدّم أول عرض للأزياء النسائية، لكنه أثار جدلاً وانقساماً.

المصمم ماثيو بلايزي وعارضة في إطلالة لافتة في أول عرض قدّمه لدار «شانيل» مؤخراً (رويترز - إ.ب.أ)

ماثيو بلايزي، الذي التحق بدار «شانيل» في نفس التوقيت تقريباً، قدّم أول عرض له فيها خلال موسم باريس لربيع وصيف 2026. هو أيضاً يتمتع بلمسة «ميداسية» تحوّل الفني إلى قطع تؤجج الرغبة فيها وترفع المبيعات. وصْفته تعتمد دائماً على العناصر نفسها؛ اقتراحات مبتكرة وألوان مثيرة لا تعتمد على الاستسهال. يمكن القول إنه مَن منح دار «بوتيغا فينيتا» سمعتها الحالية، وجعلها تلعب مع الكبار. خليفته البريطانية الشابة لويز تروتر أكّدت أنها ليست أقل منه، بعد أن قدّمت مجموعتها الأولى لدار «بوتيغا فينيتا».

من أول عرض لـ«ديور» قدّمه جوناثان أندرسون (ديور)

لكن يبقى السؤال الذي يُطرح؛ ما إذا كان الصناعة التي أطلقت جيل سان لوران، وكريستيان ديور، وكارل لاغرفيلد، في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وفي السبعينات جيورجيو أرماني، وجياني فيرساتشي، وفي التسعينات جون غاليانو، والراحل ألكسندر ماكوين، قادرة على إطلاق جيل جديد من المبدعين؟

سؤال تصعب الإجابة عنه حالياً. والسبب هشاشة المنظومة التقليدية، بحيث لم يعد من السهل أمام المصممين الشباب تأسيس علامات قوية، ومستقلة في الوقت ذاته، من دون تمويل خارجي. والدليل أنه حتى العلامات العريقة التي بقيت تحت سيطرة أفراد من العائلات المؤسسة، أصابها الضعف، وبدأت تتهاوى الواحدة تلو الأخرى. كل هذا سيجعل عام 2025 شاهداً تاريخياً على تغيّر ثقافة الموضة كلها، وإن لم تتوضح معالمها بعد، بحكم أن التغييرات لا تزال جارية.


كيف صنعت مجوهرات عزة فهمي لغة فيلم أم كلثوم «الست»

المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرة للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)
المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرة للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)
TT

كيف صنعت مجوهرات عزة فهمي لغة فيلم أم كلثوم «الست»

المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرة للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)
المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرة للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)

قد تظن أنك تعرف كل شيء عن أم كلثوم. ولِمَ لا؟ فقد كبرنا على أغانيها وتشبعنا بالحديث عنها وبسيرها الذاتية. لكن «فيلم «الست» يفاجئنا؛ لأنه يأخذنا إلى منطقة لم تتطرق إليها السيرة من قبل. منطقة تتناول حياة امرأة تعيش بين المجد والوحدة. محاطة طوال الوقت برجال، شعراء وموسيقيين، لكنها بذكاء الأنثى، وبعد تجربة فارقة في بدايتها، ظهرت فيها منى زكي بطلة الفيلم مع الممثلة أمينة خليل في لقطة سريعة، تعلمت أن المظهر جزء من النجاح. في قلب هذه الرحلة تشارك عزة فهمي بمجوهرات تُجسّد بشكل أو بآخر طبقات نفسية وزمنية عاشتها الأسطورة.

منى زكي ولقطة من دورها في «الست» أثارت جدلاً كبيراً (المقطع الترويجي للفيلم)

لم يكن «الست» مجرد فيلم عن أم كلثوم، بل نافذة واسعة أعاد فيها المخرج مروان حامد كشف جانب إنساني كان مخفياً وراء الصورة الأيقونية المهيبة. ومن بين كل العناصر التي أشركها في صناعة هذه الحكاية، تألقت مجوهرات عزة فهمي لغةً سرديةً موازية، تضيء لحظات ومواقف، وتُعزز ملامح الشخصية كما تستحضر زمناً جميلاً بكل وهجه وعنفوانه. تخرج بعد مشاهدة الفيلم وصورة لا تفارقك لكوكب الشرق، أعمق وأكثر إنسانية. فالفيلم لم يركز على الأسطورة. فهذه تم استنزافها وأصبح الكل يحفظها عن ظهر قلب، بل كشف لنا عن جانب إنساني تجسّده وحدتها النفسية رغم كل النجاحات وحب الملايين.

منى زكي في افتتاح فيلم «الست» بالقاهرة (عزة فهمي)

إشادات بعد انتقادات

غني عن القول أن فيلم «الست» أثار موجة واسعة من الجدل قبل عرضه، وصلت حدّ التنمر على بطلته منى زكي. والسبب لا يتعدى حكماً مسبقاً على إعلان ترويجي قصير.

ثم عُرض الفيلم في الدورة الـ22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش ونال استحساناً كبيراً من قِبل النقاد والجمهور على حد سواء، ثم عُرض في القاهرة فتبدّل المزاج العام، وانهالت الإشادات. فالإخراج محكم، كذلك الموسيقى وباقي المؤثرات السينمائية، بما فيها الماكياج والأزياء والمجوهرات التي شكَلت لغة بصرية آسرة.

أما منى زكي، فتألَقت على مدى ساعتين ونصف الساعة تقريباً، وهي تؤدي مشاهد عدة من دون أن تنبس بكلمة، مكتفية بعيونها للتعبير عما بداخلها، بينما نجحت الأزياء والمجوهرات التي ظهرت بها، في رسم انتقالها من فتاة قروية، بسيطة ومحافِظة إلى امرأة واثقة تكتسح الساحة المصرية ثم العالم. خلعت ملابس القروية البسيطة وارتدت أزياء من دور فرنسية مثل «ديور» و«شانيل»، ومجوهرات من «كارتييه» و«فان كليف أند آربلز» وغيرهم. أو هذا ما يبدو للوهلة الأولى.

المخرج مروان حامد وعزة فهمي يتوسطان أمينة وفاطمة غالي (عزة فهمي)

لم تفت المخرج مروان حامد أهمية الأزياء والمجوهرات، فكبار المخرجين العالميين يوظفونها في أدوار مهمة منذ عقود طويلة. يكفي استحضار أفلام مثل «إفطار في تيفاني»، حيث تحوّلت مجوهرات «تيفاني آند كو» جزءاً من ذاكرة السينما، أو «الرجال يفضلون الشقراوات»، حيث ارتبطت مارلين مونرو بالألماس من هاري وينستون ارتباطاً أيقونياً. لكن خصوصية «الست» أنه أعاد هذا التقليد إلى القاهرة، وجعله جزءاً من سردية محلية، متجذرة في الثقافة، لا مستوردة من هوليوود. مروان حامد هو الآخر استعملها هنا عنصراً سردياً درامياً لا مجرد إكسسوارات زينة. يزداد بريقها مع تصاعد الأحداث ويخفت وهجها عند الانكسار وجرح القلب، ويتوهّج ويتراقص في لحظات المجد والتألق.

سِوار من مجموعة «سومة» التي استوحتها المصممة من أم كلثوم منذ سنوات ولا تزال تلقى نجاحاً (عزة فهمي)

خيار حامد على عزة فهمي لكي تشاركه هذه التحفة الفنية لم يكن من باب الصدفة أو من باب المجاملة والمحاباة. كان خياره محسوباً؛ كونه يعرف أنها جزء من التراث الثقافي المصري الأصيل، فضلاً عن علاقة فنية متينة تربط الفنانة عزة فهمي نفسها بأم كلثوم؛ إذ استلهمت من أغانيها الشهيرة الكثير مما جسدته في خواتم وعقود وأساور وبروشات، مثل «أنت عمري» و«من أجل عينيك عشقت الهوى» وغيرهما من الأشعار. في عام 2014، طرحت مجموعة كاملة بعنوان «سومة» كرَّست فيها عزة حبها وإعجابها بإرث كوكب الشرق بشكل واضح.

عزة فهمي والسينما

إلى جانب كل هذا، فإن عزة فهمي نفسها، تحمل قصة كفاح تشبه قصص النساء اللواتي يتمردن على القوالب التقليدية لبناء أنفسهن، فضلاً عن أن تجاربها في السينما ليست جديدة. تعاونت سابقاً مع الراحل يوسف شاهين في فيلميه «المهاجر» و«المصير»، مقدمة مجوهرات تعكس طبيعة حقبتين مختلفتين وشخصياتهما. عملت أيضاً مع المخرج علي بدرخان في فيلم «شفيقة ومتولي»، حيث قدمت لسعاد حسني حلياً تميزت بالطابعين الغجري والفلاحي.

لهذا؛ جاءت مشاركتها في فيلم «الست» امتداداً لمسيرتها في صون التراث من جهة، ولحركة عالمية باتت فيها العلامات الفاخرة تستعمل الصورة وسيلةً لاكتساب مصداقية أكبر بصفتها رموزاً ثقافية.

عزة فهمي الأم مع بنتيها أمينة وفاطمة غالي (عزة فهمي)

فاطمة غالي، ابنة عزة فهمي الكبرى والرئيس التنفيذي للشركة، تكشف عن أن المشاركة في الفيلم جاءت بشكل عضوي، حين عرض عليها مروان حامد، صديق الطفولة ورفيق المدرسة، التفكير في المشروع. تقول: «لم أتردد لأني معجبة برؤيته الفنية، وكنت على ثقة بأنه سيُوظف هذه القطع بشكل يليق بها». وهذا ما تحقق فعلاً.

لكن الجزء الأكبر من العمل وقع على عاتق أمينة غالي، الابنة الصغرى ورئيسة قسم التصميم. هي من حملت على كتفيها مهمة ترجمة سيرة شبه ملحمية إلى لغة فنية. تستعيد أمينة التجربة وتقول إنها بقدر ما كانت ممتعة وملهمة لم تكن سهلة. لكنها ولحسن الحظ نجحت في الإمساك بروح أم كلثوم وكل حقبة عاشت فيها، من خلال تصميمات حملت تطورات اجتماعية وثقافية، وأحياناً نفسية.

حفلاتها الشهرية كانت حدثاً كبيراً (مشروع القاهرة عنواني)

التحدي والنجاح

تروي أمينة أن التجربة استغرقت عامين من البحث والعمل: «لم يكن مطروحاً بالنسبة لنا تقديم قطعة أنيقة فحسب. كان علينا درس كل حقبة وكل شخصية حسب مكانتها الاجتماعية وتطورها». فالفيلم يتتبع رحلة أم كلثوم من البدايات في كفر السنبلاوين إلى ذروة المجد، وكان لا بد من هوية بصرية تُجسد عصراً وثقافة وهالة. تستشهد أمينة بلقطة قصيرة ومتسارعة في بداية الفيلم تظهر فيها عائلة أم كلثوم في القطار وهم متجهون إلى القاهرة لأول مرة. يجلسون في الدرجة الثالثة، لكن يقررون النزول من باب الدرجة الأولى «بين الدرجة والدرجة تمر الكاميرا على وجوه نساء يضعن حلياً صغيرة وأبسط مما قد يُرى على الشاشة عادة، تتغير الصورة في الدرجتين الثانية والأولى». تشرح أمينة: «هذه اللقطة وحدها أخذت وقتاً طويلاً لنتأكد أن كل قطعة، مهما صغرت، تنطبق على الشخصية والطبقة التي تنتمي إليها».

تصاميم راعت فيها أمينة غالي محاكاة مجوهرات ظهرت بها أم كلثوم سابقاً بلغة عصرية (عزة فهمي)

مع تقدم الفيلم، تظهر المجوهرات وكأنها لغة قائمة بذاتها. الأقراط تتراقص وتتمايل مع طبقات الصوت، والعقود المرصعة بالأحجار الكريمة تتحدّث لغة القوة أو تروي وجعاً دفيناً، بينما تلمع أخرى مستلهمة من «الآرت ديكو» إيذاناً بولادة الأسطورة. كل تفصيلة كانت محسوبة. قارنت أمينة بين صور أرشيفية ومقتنيات من متاحف وصور حفلات الست وتسجيلات نادرة، محاولة فهم زمن لم تعشه، لكنه يسكن وجدانها من خلال أغانٍ عابرة للأجيال.

كانت المجوهرات مؤشراً على فترة زمنية أو حالة نفسية (عزة فهمي + وزارة الثقافة المصرية)

ما يُحسب لها أنها لم تستهدف استنساخ الأصل، سواء كان من «فان كليف أند آربلز» أو «كارتييه» أو «شوميه»، بل تقديم صياغة تحاكيه بأسلوب معاصر يعكس إرث عزة فهمي ولا يُشعِر المشاهد بالغربة التاريخية.

الهدف كان واضحاً ومتفقاً عليه منذ عام 2023، عندما بدأ الحديث عن الفيلم، أن تكون المجوهرات جزءاً من الحبكة وليس فقط للإبهار والزينة.

كانت أم كلثوم كأي امرأة تهتم بأدق تفاصيل أناقتها (عزة فهمي)

أم كلثوم وكوكو شانيل

فأم كلثوم، كما يكشف لنا حسن عبد الموجود في كتابه «أم كلثوم: من الميلاد إلى الأسطورة»، كانت امرأة وإنسانة قبل أن تكون أيقونة، وهذا يعني أنها كانت تهتم بأناقتها اهتماماً بالغاً. يروي الكاتب حكاية لقاء جرى بينها وبين كوكو شانيل في باريس، حيث كان الإعجاب بين أم كلثوم و كوكو شانيل متبادلاً، حسب ما جاء في الكتاب. استمعت شانيل لأم كلثوم باهتمام شديد، وعرفت أنها تفضل التصاميم المحتشمة والطويلة والأقمشة المرنة التي تتيح لها الحركة على المسرح، وكذلك ألوانها المفضلة من الزهري والأحمر والأبيض والأخضر بكل تدرجاتها.

كانت أم كلثوم تميل لألوان الزهري والأحمر والأخضر بكل تدرجاتها (الشرق الأوسط)

أخذت مقاساتها وأوكلت لمشغلها تفصيل مجموعة على المقاس، ترسلها لها بعد شهر. بيد أن الست لم تعد خالية اليدين، فقد أخذتها كوكو شانيل في جولة في المحل اختارت منه ما يروق لها من فساتين جاهزة ومعاطف بتصاميم بسيطة وعطور ومستحضرات تجميل.

تخرج من الفيلم وأنت مشبع بصرياً بالجمال، سواء من حيث المجوهرات أو الصوت والموسيقى وباقي المؤثرات، وفي الوقت ذاته بشعور غامر بأنك تحتاج إلى مشاهدته مرة ثانية لتستوعب كل الأحداث والمشاهد.


كيف صنعت مجوهرات عزة فهمي لغة فيلم أم كلثوم «الست»

TT

كيف صنعت مجوهرات عزة فهمي لغة فيلم أم كلثوم «الست»

المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرية للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)
المجوهرات كانت ضمن الحبكة السردية والبصرية للفيلم ونجحت أمينة غالي في تحقيق رؤية مروان حامد (عزة فهمي)

قد تظن أنك تعرف كل شيء عن أم كلثوم. ولِمَ لا؟ فقد كبرنا على أغانيها وتشبعنا بالحديث عنها وبسيرها الذاتية. لكن «فيلم «الست» يفاجئنا؛ لأنه يأخذنا إلى منطقة لم تتطرق إليها السيرة من قبل. منطقة تتناول حياة امرأة تعيش بين المجد والوحدة. محاطة طوال الوقت برجال، شعراء وموسيقيين، لكنها بذكاء الأنثى، وبعد تجربة فارقة في بدايتها، ظهرت فيها منى زكي بطلة الفيلم مع الممثلة أمينة خليل في لقطة سريعة، تعلمت أن المظهر جزء من النجاح. في قلب هذه الرحلة تشارك عزة فهمي بمجوهرات تُجسّد بشكل أو بآخر طبقات نفسية وزمنية عاشتها الأسطورة.

منى زكي ولقطة من دورها في «الست» أثارت جدلاً كبيراً (المقطع الترويجي للفيلم)

لم يكن «الست» مجرد فيلم عن أم كلثوم، بل نافذة واسعة أعاد فيها المخرج مروان حامد كشف جانب إنساني كان مخفياً وراء الصورة الأيقونية المهيبة. ومن بين كل العناصر التي أشركها في صناعة هذه الحكاية، تألقت مجوهرات عزة فهمي لغةً سرديةً موازية، تضيء لحظات ومواقف، وتُعزز ملامح الشخصية كما تستحضر زمناً جميلاً بكل وهجه وعنفوانه. تخرج بعد مشاهدة الفيلم وصورة لا تفارقك لكوكب الشرق، أعمق وأكثر إنسانية. فالفيلم لم يركز على الأسطورة. فهذه تم استنزافها وأصبح الكل يحفظها عن ظهر قلب، بل كشف لنا عن جانب إنساني تجسّده وحدتها النفسية رغم كل النجاحات وحب الملايين.

منى زكي في افتتاح فيلم «الست» بالقاهرة (عزة فهمي)

إشادات بعد انتقادات

غني عن القول أن فيلم «الست» أثار موجة واسعة من الجدل قبل عرضه، وصلت حدّ التنمر على بطلته منى زكي. والسبب لا يتعدى حكماً مسبقاً على إعلان ترويجي قصير.

ثم عُرض الفيلم في الدورة الـ22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش ونال استحساناً كبيراً من قِبل النقاد والجمهور على حد سواء، ثم عُرض في القاهرة فتبدّل المزاج العام، وانهالت الإشادات. فالإخراج محكم، كذلك الموسيقى وباقي المؤثرات السينمائية، بما فيها الماكياج والأزياء والمجوهرات التي شكَلت لغة بصرية آسرة.

أما منى زكي، فتألَقت على مدى ساعتين ونصف الساعة تقريباً، وهي تؤدي مشاهد عدة من دون أن تنبس بكلمة، مكتفية بعيونها للتعبير عما بداخلها، بينما نجحت الأزياء والمجوهرات التي ظهرت بها، في رسم انتقالها من فتاة قروية، بسيطة ومحافِظة إلى امرأة واثقة تكتسح الساحة المصرية ثم العالم. خلعت ملابس القروية البسيطة وارتدت أزياء من دور فرنسية مثل «ديور» و«شانيل»، ومجوهرات من «كارتييه» و«فان كليف أند آربلز» وغيرهم. أو هذا ما يبدو للوهلة الأولى.

المخرج مروان حامد وعزة فهمي يتوسطان أمينة وفاطمة غالي (عزة فهمي)

لم تفت المخرج مروان حامد أهمية الأزياء والمجوهرات، فكبار المخرجين العالميين يوظفونها في أدوار مهمة منذ عقود طويلة. يكفي استحضار أفلام مثل «إفطار في تيفاني»، حيث تحوّلت مجوهرات «تيفاني آند كو» جزءاً من ذاكرة السينما، أو «الرجال يفضلون الشقراوات»، حيث ارتبطت مارلين مونرو بالألماس من هاري وينستون ارتباطاً أيقونياً. لكن خصوصية «الست» أنه أعاد هذا التقليد إلى القاهرة، وجعله جزءاً من سردية محلية، متجذرة في الثقافة، لا مستوردة من هوليوود. مروان حامد هو الآخر استعملها هنا عنصراً سردياً درامياً لا مجرد إكسسوارات زينة. يزداد بريقها مع تصاعد الأحداث ويخفت وهجها عند الانكسار وجرح القلب، ويتوهّج ويتراقص في لحظات المجد والتألق.

سِوار من مجموعة «سومة» التي استوحتها المصممة من أم كلثوم منذ سنوات ولا تزال تلقى نجاحاً (عزة فهمي)

خيار حامد على عزة فهمي لكي تشاركه هذه التحفة الفنية لم يكن من باب الصدفة أو من باب المجاملة والمحاباة. كان خياره محسوباً؛ كونه يعرف أنها جزء من التراث الثقافي المصري الأصيل، فضلاً عن علاقة فنية متينة تربط الفنانة عزة فهمي نفسها بأم كلثوم؛ إذ استلهمت من أغانيها الشهيرة الكثير مما جسدته في خواتم وعقود وأساور وبروشات، مثل «أنت عمري» و«من أجل عينيك عشقت الهوى» وغيرهما من الأشعار. في عام 2014، طرحت مجموعة كاملة بعنوان «سومة» كرَّست فيها عزة حبها وإعجابها بإرث كوكب الشرق بشكل واضح.

عزة فهمي والسينما

إلى جانب كل هذا، فإن عزة فهمي نفسها، تحمل قصة كفاح تشبه قصص النساء اللواتي يتمردن على القوالب التقليدية لبناء أنفسهن، فضلاً عن أن تجاربها في السينما ليست جديدة. تعاونت سابقاً مع الراحل يوسف شاهين في فيلميه «المهاجر» و«المصير»، مقدمة مجوهرات تعكس طبيعة حقبتين مختلفتين وشخصياتهما. عملت أيضاً مع المخرج علي بدرخان في فيلم «شفيقة ومتولي»، حيث قدمت لسعاد حسني حلياً تميزت بالطابعين الغجري والفلاحي.

لهذا؛ جاءت مشاركتها في فيلم «الست» امتداداً لمسيرتها في صون التراث من جهة، ولحركة عالمية باتت فيها العلامات الفاخرة تستعمل الصورة وسيلةً لاكتساب مصداقية أكبر بصفتها رموزاً ثقافية.

عزة فهمي الأم مع بنتيها أمينة وفاطمة غالي (عزة فهمي)

فاطمة غالي، ابنة عزة فهمي الكبرى والرئيس التنفيذي للشركة، تكشف عن أن المشاركة في الفيلم جاءت بشكل عضوي، حين عرض عليها مروان حامد، صديق الطفولة ورفيق المدرسة، التفكير في المشروع. تقول: «لم أتردد لأني معجبة برؤيته الفنية، وكنت على ثقة بأنه سيُوظف هذه القطع بشكل يليق بها». وهذا ما تحقق فعلاً.

لكن الجزء الأكبر من العمل وقع على عاتق أمينة غالي، الابنة الصغرى ورئيسة قسم التصميم. هي من حملت على كتفيها مهمة ترجمة سيرة شبه ملحمية إلى لغة فنية. تستعيد أمينة التجربة وتقول إنها بقدر ما كانت ممتعة وملهمة لم تكن سهلة. لكنها ولحسن الحظ نجحت في الإمساك بروح أم كلثوم وكل حقبة عاشت فيها، من خلال تصميمات حملت تطورات اجتماعية وثقافية، وأحياناً نفسية.

حفلاتها الشهرية كانت حدثاً كبيراً (مشروع القاهرة عنواني)

التحدي والنجاح

تروي أمينة أن التجربة استغرقت عامين من البحث والعمل: «لم يكن مطروحاً بالنسبة لنا تقديم قطعة أنيقة فحسب. كان علينا درس كل حقبة وكل شخصية حسب مكانتها الاجتماعية وتطورها». فالفيلم يتتبع رحلة أم كلثوم من البدايات في كفر السنبلاوين إلى ذروة المجد، وكان لا بد من هوية بصرية تُجسد عصراً وثقافة وهالة. تستشهد أمينة بلقطة قصيرة ومتسارعة في بداية الفيلم تظهر فيها عائلة أم كلثوم في القطار وهم متجهون إلى القاهرة لأول مرة. يجلسون في الدرجة الثالثة، لكن يقررون النزول من باب الدرجة الأولى «بين الدرجة والدرجة تمر الكاميرا على وجوه نساء يضعن حلياً صغيرة وأبسط مما قد يُرى على الشاشة عادة، تتغير الصورة في الدرجتين الثانية والأولى». تشرح أمينة: «هذه اللقطة وحدها أخذت وقتاً طويلاً لنتأكد أن كل قطعة، مهما صغرت، تنطبق على الشخصية والطبقة التي تنتمي إليها».

تصاميم راعت فيها أمينة غالي محاكاة مجوهرات ظهرت بها أم كلثوم سابقاً بلغة عصرية (عزة فهمي)

مع تقدم الفيلم، تظهر المجوهرات وكأنها لغة قائمة بذاتها. الأقراط تتراقص وتتمايل مع طبقات الصوت، والعقود المرصعة بالأحجار الكريمة تتحدّث لغة القوة أو تروي وجعاً دفيناً، بينما تلمع أخرى مستلهمة من «الآرت ديكو» إيذاناً بولادة الأسطورة. كل تفصيلة كانت محسوبة. قارنت أمينة بين صور أرشيفية ومقتنيات من متاحف وصور حفلات الست وتسجيلات نادرة، محاولة فهم زمن لم تعشه، لكنه يسكن وجدانها من خلال أغانٍ عابرة للأجيال.

كانت المجوهرات مؤشراً على فترة زمنية أو حالة نفسية (عزة فهمي + وزارة الثقافة المصرية)

ما يُحسب لها أنها لم تستهدف استنساخ الأصل، سواء كان من «فان كليف أند آربلز» أو «كارتييه» أو «شوميه»، بل تقديم صياغة تحاكيه بأسلوب معاصر يعكس إرث عزة فهمي ولا يُشعِر المشاهد بالغربة التاريخية.

الهدف كان واضحاً ومتفقاً عليه منذ عام 2023، عندما بدأ الحديث عن الفيلم، أن تكون المجوهرات جزءاً من الحبكة وليس فقط للإبهار والزينة.

كانت أم كلثوم كأي امرأة تهتم بأدق تفاصيل أناقتها (عزة فهمي)

أم كلثوم وكوكو شانيل

فأم كلثوم، كما يكشف لنا حسن عبد الموجود في كتابه «أم كلثوم: من الميلاد إلى الأسطورة»، كانت امرأة وإنسانة قبل أن تكون أيقونة، وهذا يعني أنها كانت تهتم بأناقتها اهتماماً بالغاً. يروي الكاتب حكاية لقاء جرى بينها وبين كوكو شانيل في باريس، حيث كان الإعجاب بين أم كلثوم و كوكو شانيل متبادلاً، حسب ما جاء في الكتاب. استمعت شانيل لأم كلثوم باهتمام شديد، وعرفت أنها تفضل التصاميم المحتشمة والطويلة والأقمشة المرنة التي تتيح لها الحركة على المسرح، وكذلك ألوانها المفضلة من الزهري والأحمر والأبيض والأخضر بكل تدرجاتها.

كانت أم كلثوم تميل لألوان الزهري والأحمر والأخضر بكل تدرجاتها (الشرق الأوسط)

أخذت مقاساتها وأوكلت لمشغلها تفصيل مجموعة على المقاس، ترسلها لها بعد شهر. بيد أن الست لم تعد خالية اليدين، فقد أخذتها كوكو شانيل في جولة في المحل اختارت منه ما يروق لها من فساتين جاهزة ومعاطف بتصاميم بسيطة وعطور ومستحضرات تجميل.

تخرج من الفيلم وأنت مشبع بصرياً بالجمال، سواء من حيث المجوهرات أو الصوت والموسيقى وباقي المؤثرات، وفي الوقت ذاته بشعور غامر بأنك تحتاج إلى مشاهدته مرة ثانية لتستوعب كل الأحداث والمشاهد.