«إنفيديا» في مواجهة واشنطن: صراع على بيع رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين

صدام مع الكونغرس حول الأمن القومي والمصالح الاقتصادية

شعار شركة «إنفيديا» لصناعة الرقائق... وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
شعار شركة «إنفيديا» لصناعة الرقائق... وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
TT

«إنفيديا» في مواجهة واشنطن: صراع على بيع رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين

شعار شركة «إنفيديا» لصناعة الرقائق... وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
شعار شركة «إنفيديا» لصناعة الرقائق... وفي الخلفية علم الصين (رويترز)

في خضم تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين بشأن التكنولوجيا المتقدمة، تجد شركة «إنفيديا»، عملاق صناعة الرقائق، نفسها في صراع محتدم مع صُنّاع السياسات الأميركيين، خصوصاً حول مبيعات رقائق الذكاء الاصطناعي إلى بكين. فبينما يُحذّر مشرعون وخبراء أمنيون من المخاطر الاستراتيجية لتسليم هذه التقنية المتقدمة إلى منافس جيوسياسي، ترد «إنفيديا» بحملة ضغط شرسة واتهامات لخصومها بـ«التشاؤم المرضي»، و«جنون العظمة». ومع سعي الكونغرس إلى فرض قواعد جديدة تُلزم الشركات الأميركية بالحصول على موافقة مسبقة قبل بيع رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين، صعّدت «إنفيديا» من هجماتها على هذه المبادرات، ووصفتها بأنها انعكاس لأفكار «المتشائمين» الذين يُبالغون في تقدير مخاطر الذكاء الاصطناعي. وذهبت الشركة إلى حد نعت منتقديها بـ«منذري الذكاء الاصطناعي»، في إشارة إلى ناشطين وخبراء ينتمون لحركة «الإيثار الفعال»، الذين يدعون لتوخي الحذر في تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي خشية استخدامه في تطبيقات قاتلة أو خارجة عن السيطرة. غير أن ردّ المشرعين الجمهوريين، على رأسهم السيناتور جيم بانكس، جاء حاسماً. فقد دافع عن التعديلات الجديدة بصفتها تجسيداً لمبدأ «أميركا أولاً»، مشدداً على أنه «لا شيء يُجسّد حماية الأمن القومي أكثر من منع وصول رقائقنا إلى خصومنا». ويُتوقع أن يُصوّت مجلس الشيوخ على هذه التعديلات ضمن مناقشات قانون تفويض الدفاع الوطني.

• «تشاؤم يساري» أم سياسة أمن قومي؟

«إنفيديا»، التي يتوقع أن تُحقق مبيعات تقارب 50 مليار دولار في السوق الصينية خلال العام المقبل، تزعم أن هذه القيود مدفوعة بـ«خيال علمي يساري» أكثر من كونها سياسات واقعية. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن جون ريزو، المتحدث باسم الشركة، قوله إن الرقائق المعنية، مثل شريحة «إتش 2 أو» منتجات تجارية لا علاقة لها بالتطبيقات العسكرية، مُضيفاً أن استمرار الولايات المتحدة في قيادة السوق العالمية يتطلب انخراطاً نشطاً، لا عزلة تجارية. وقال ريزو: «تُقرّ خطة عمل الرئيس ترمب للذكاء الاصطناعي بأن أميركا تنتصر عندما تُرسي الصناعة الأميركية المعايير العالمية للذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للحوسبة». وأضاف: «على الرغم من أن أميركا قد طوت صفحة سياسة بايدن في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن المصالح الخاصة المتحالفة مع الاستخبارات الإلكترونية لا تزال تستخدم الخيال العلمي التشاؤمي لدفع سياسات فاشلة لن تؤدي إلا إلى تقويض الريادة الأميركية عالمياً». لكنّ مسؤولين سابقين في مجلس الأمن القومي، مثل ديفيد فيث، رفضوا هذه المزاعم، مؤكدين أن السياسات الأميركية تجاه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مع الصين تنبع من تقييمات أمنية صريحة، وليست نتيجة فلسفات أكاديمية أو آيديولوجية يسارية. وأوضح فيث: «من المضلل جداً القول إن هذه السياسات مبنية على أفكار الإيثار الفعّال، هذا ببساطة غير صحيح».

إحدى أبرز جولات «إنفيديا» في معركتها شملت الهجوم على مؤسسة «راند»، وهي مركز أبحاث بارز ممول اتحادياً يُجري دراسات على قضايا الأمن القومي. واتهمت الشركة المؤسسة بأنها تضم مؤثرين متشائمين يعملون ضد مصالح الصناعة، مركّزة انتقاداتها على جيسون ماثيني، نائب مساعد الرئيس السابق للأمن القومي والمدير الحالي لراند، والذي كان له ارتباط سابق بحركة «الإيثار الفعّال».

وردّت «راند» عبر متحدثتها ليا بولك، مؤكدة أن المؤسسة لا تتبنى مواقف سياسية ولا تمارس الضغط، بل تُجري «تحليلات موضوعية تمتد لثمانين عاماً». لكن ضغط «إنفيديا» أدى، بحسب تقارير، إلى فصل أحد مسؤولي وزارة التجارة الذين كانت تربطهم علاقة مؤسسية بمؤسسة «راند»، بتحريض من لورا لومر المؤثرة اليمينية المتشددة على الرئيس ترمب، بعد اتهامات بعرقلة منح التراخيص لبيع الرقائق إلى الصين.

• بين بيع الرقائق والسيطرة الاستراتيجية

وجهة نظر «إنفيديا»، التي يشاركها فيها ديفيد ساكس، مستشار الذكاء الاصطناعي في البيت الأبيض، تقوم على أن بيع مزيد من الرقائق الأميركية للصين يُبقي الشركات الصينية معتمدة على التكنولوجيا الأميركية، وبالتالي يُتيح للولايات المتحدة احتواء النفوذ الصيني في الذكاء الاصطناعي. لكن هذا الطرح يُخالف موقفاً سياسياً وأمنياً راسخاً في واشنطن على مدار السنوات الماضية. فقد فرضت الإدارات المتعاقبة، بما فيها إدارة ترمب الأولى، قيوداً صارمة على تصدير التكنولوجيا إلى الصين، بما في ذلك منع شركات، مثل «غوغل» من التعاون مع شركة «هواوي» الصينية. وبحلول عام 2021، كان الجمهوريون في الكونغرس، بمن فيهم وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو، الذي كان سيناتوراً آنذاك، والسيناتور توم كوتون، يضغطون على إدارة الرئيس السابق جو بايدن لتشديد القيود على مبيعات التكنولوجيا إلى الصين، وليس تخفيفها.

ورفض أورين كاس، رئيس مركز أبحاث محافظ، توصيف المعارضين لبيع الرقائق للصين بأنهم «متشائمون»، قائلاً: «هذه ليست مسألة خيال علمي. إنها مسألة سيادة تكنولوجية وأمن قومي». وأضاف: «إما أنك لا تفهم المخاطر، وإما أنك تحاول تضليل الجمهور». في النهاية، يكشف هذا الصراع بين «إنفيديا» والكونغرس عن الانقسام العميق في الرؤية الأميركية حول كيفية إدارة السباق التكنولوجي مع الصين: بين من يرى في الذكاء الاصطناعي فرصة اقتصادية يجب استغلالها، ومن يُحذر من عواقبه الاستراتيجية إذا ما وُضعت أدواته في الأيادي الخطأ.


مقالات ذات صلة

إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي» لتطوير الصناعة في السعودية

الاقتصاد أحد المصانع في السعودية (واس)

إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي» لتطوير الصناعة في السعودية

أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي»، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست».

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

ستُسرّع الصين وتيرة التجديد الحضري وجهودها الرامية إلى تحقيق استقرار سوق العقارات في عام 2026، مع بداية خطتها الخمسية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

يزيد المستثمرون العالميون من رهاناتهم على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، متوقعين نجاح نماذج عدة قادمة على غرار «ديب سيك».

«الشرق الأوسط» (نيويورك-هونغ كونغ)
الاقتصاد رجل يمر بجانب «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أوسع موجة تيسير نقدي عالمي تهز الأسواق في 2025 منذ الأزمة المالية

شهدت البنوك المركزية الكبرى خلال عام 2025 أكبر وأسرع حملة لتيسير نقدي منذ الأزمة المالية العالمية، في حين تصاعدت وتيرة التيسير النقدي بين صناع السياسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

البنوك السعودية تحافظ على زخم النمو في الربع الثالث

سجل القطاع المصرفي السعودي نمواً مستقراً في الإقراض خلال الربع الثالث من عام 2025؛ إذ ارتفع إجمالي القروض والسلف بنسبة 2.5 في المائة على أساس فصلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

النفط يرتفع بفضل نمو اقتصاد أميركا القوي ومخاطر الإمدادات

حفارات تعمل في حقل نفط بتكساس الأميركية (رويترز)
حفارات تعمل في حقل نفط بتكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يرتفع بفضل نمو اقتصاد أميركا القوي ومخاطر الإمدادات

حفارات تعمل في حقل نفط بتكساس الأميركية (رويترز)
حفارات تعمل في حقل نفط بتكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط، خلال تعاملات جلسة الأربعاء، لتواصل مكاسبها التي حققتها في الجلسة السابقة مدعومة بالنمو الاقتصادي القوي في الولايات المتحدة ومخاوف تعطل الإمدادات ​من فنزويلا وروسيا.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 4 سنتات أو 0.06 في المائة إلى 62.42 دولار للبرميل بحلول الساعة 01:17 بتوقيت غرينيتش، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 3 سنتات أو 0.05 في المائة إلى 58.41 دولار.

وزاد النفط بأكثر من 2 في المائة يوم الاثنين، مع تسجيل خام برنت أكبر مكاسبه ‌اليومية في شهرين، ‌في حين حقق خام غرب ‌تكساس الوسيط أكبر ​ارتفاع ‌له منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني). وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 0.5 في المائة يوم الثلاثاء.

وقال مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الأميركية في تقديراته الأولية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام يوم الثلاثاء، إن الاقتصاد الأميركي نما بوتيرة أسرع من المتوقع، مدفوعاً بقوة إنفاق المستهلكين.

وقال توني سيكامور المحلل لدى «آي جي» في مذكرة: «المكاسب التي تحققت خلال الليل جاءت ‌مدعومة بالبيانات القوية للناتج المحلي الإجمالي الأميركي في الربع الثالث التي صدرت ليلة أمس على خلفية تصاعد التوترات الجيوسياسية».

وذكرت ‍شركة «هايتونج فيوتشرز» في تقرير لها، أن الاضطرابات التي طالت صادرات فنزويلا كانت العامل الأبرز في دعم معنويات السوق، في حين تلقت الأسعار دعماً بسبب استمرار الهجمات بين روسيا وأوكرانيا على البنية ​التحتية للطاقة لدى كل منهما، وفقاً لـ«رويترز».

وقال محللون إن بيانات مخزونات النفط في أكبر دولة مستهلكة في العالم لم تحظَ باهتمام يُذكر من جانب السوق، بسبب وجود عوامل أخرى أكثر تأثيراً.

وقالت مصادر في السوق نقلاً عن أرقام معهد البترول الأميركي الثلاثاء، إن مخزونات النفط الخام والبنزين بالولايات المتحدة، ارتفعت الأسبوع الماضي.

وذكرت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها، أن مخزونات النفط الخام ارتفعت 2.39 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 19 ديسمبر (كانون الأول). وأضافت المصادر أن مخزونات البنزين صعدت 1.09 مليون برميل، في حين زادت مخزونات نواتج التقطير 685 ألف برميل.

ومن ‌المقرر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية بياناتها يوم الاثنين، في وقت متأخر عن المعتاد بسبب العطلات.


القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

رفض قاضٍ اتحادي أميركي يوم الثلاثاء طعناً تقدمت به أكبر جماعة ضغط لقطاع الأعمال في الولايات المتحدة، ضد الرسم البالغ 100 ألف دولار الذي فرضه الرئيس دونالد ترمب على التأشيرات الجديدة من فئة «إتش- 1 بي» المخصصة للعمال الأجانب ذوي المهارات العالية، معتبراً أن الإجراء يندرج ضمن الصلاحيات الواسعة للرئيس في تنظيم شؤون الهجرة.

ورفضت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية بيريل هاول في واشنطن العاصمة حجج غرفة التجارة الأميركية، التي قالت إن الرسم يتعارض مع قانون الهجرة الاتحادي، وسيؤدي إلى قيام كثير من الشركات والمستشفيات وأرباب العمل الآخرين بتقليص الوظائف والخدمات المقدمة للجمهور، وفق «رويترز».

وكتبت هاول: «إن الجدل الحاد بين الأطراف حول الحكمة النهائية لهذا القرار السياسي لا يقع ضمن اختصاص المحاكم. وما دامت الإجراءات التي يفرضها القرار السياسي والمبيَّنة في الإعلان الرئاسي تقع ضمن حدود القانون، فيجب الإبقاء على الإعلان».

وهاول مُعيَّنة من قبل الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.

وقال داريل جوزيفر، نائب الرئيس التنفيذي وكبير المستشارين القانونيين لغرفة التجارة، إن كثيراً من الشركات الصغيرة والمتوسطة لن تكون قادرة على تحمُّل هذا الرسم. وأضاف في بيان: «نشعر بخيبة أمل من قرار المحكمة، وندرس خيارات قانونية إضافية لضمان أن يعمل برنامج تأشيرات (إتش- 1 بي) كما أراده الكونغرس».

ويتيح برنامج «إتش- 1 بي» لأرباب العمل في الولايات المتحدة توظيف عمال أجانب تلقوا تدريباً في مجالات تخصصية، وتعتمد عليه شركات التكنولوجيا بشكل خاص. ويوفر البرنامج 65 ألف تأشيرة سنوياً، إضافة إلى 20 ألف تأشيرة أخرى لحاملي الشهادات العليا، وتُمنح لفترات تتراوح بين 3 و6 سنوات.

ومن شأن قرار ترمب أن يرفع بشكل حاد تكلفة الحصول على تأشيرات «إتش- 1 بي» التي كانت رسومها تتراوح عادة بين نحو ألفين و5 آلاف دولار، حسب عوامل مختلفة.

وقالت غرفة التجارة في دعواها إن الرسم الجديد سيجبر الشركات التي تعتمد على برنامج «إتش- 1 بي» على الاختيار بين زيادة تكاليف العمالة بشكل كبير أو توظيف عدد أقل من العمال الأجانب ذوي المهارات العالية.

كما رفعت مجموعة من الولايات الأميركية التي يقودها ديمقراطيون، إلى جانب ائتلاف من أرباب العمل والمنظمات غير الربحية والهيئات الدينية، دعاوى قضائية أخرى للطعن في هذا الرسم.

وكان ترمب قد استند في قراره فرض الرسم إلى صلاحياته بموجب قانون الهجرة الاتحادي، لتقييد دخول بعض الرعايا الأجانب الذين قد يشكل دخولهم ضرراً لمصالح الولايات المتحدة.

وقالت القاضية هاول إن ترمب دعم بشكل كافٍ ادعاءه بأن برنامج «إتش- 1 بي» يزاحم العمال الأميركيين، مشيرة إلى أمثلة لشركات سرَّحت آلاف الأميركيين في الوقت الذي كانت تتقدم فيه بطلبات للحصول على تأشيرات «إتش- 1 بي».


الدولار الأميركي يتجه نحو أسوأ أداء سنوي منذ 2003

يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)
يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)
TT

الدولار الأميركي يتجه نحو أسوأ أداء سنوي منذ 2003

يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)
يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)

يتجه الدولار الأميركي نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من عقدين، مع توقعات المستثمرين بخفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة العام المقبل، في حين يتوقع عدد من البنوك المركزية الأخرى رفعها.

وظلّ الدولار تحت ضغط التداولات الآسيوية، حيث لم تُغيّر قراءة قوية للناتج المحلي الإجمالي الأميركي من توقعات خفض أسعار الفائدة، ما يجعل المستثمرين يراهنون على خفضين إضافيين تقريباً من قِبل «الاحتياطي الفيدرالي» في 2026. وقال ديفيد ميريكل، كبير الاقتصاديين الأميركيين في «غولدمان ساكس»: «نتوقع أن تُوافق لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية على خفضين إضافيين بمقدار 25 نقطة أساس إلى ما بين 3 في المائة و3.25 في المائة، لكن المخاطر انخفضت مع تباطؤ التضخم»، وفق «رويترز».

وانخفض الدولار مقابل سلة من العملات إلى أدنى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 97.767، متجهاً نحو خسارة 9.9 في المائة، هذا العام، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ 2003. وقد تأثر الدولار، خلال العام، بالتعريفات الجمركية الفوضوية التي فرضها الرئيس ترمب، مما أثار أزمة ثقة في الأصول الأميركية، إلى جانب المخاوف من نفوذ سياسي على استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي».

وأشار محللو بنك «إتش إس بي سي» إلى أن ضعف الدولار يعكس مخاوف متزايدة بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي»، وليس فقط توقعات السياسة النقدية. وأضافوا: «مع ميل (الاحتياطي الفيدرالي) نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً وبقاء عدد من البنوك المركزية الأخرى على موقف تصاعدي، تميل توقعات الدولار نحو الانخفاض».

في المقابل، ارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 1.1806 دولار، مسجلاً مكاسب تزيد قليلاً عن 14 في المائة منذ بداية العام، في طريقه لتحقيق أفضل أداء له منذ 2003. ورفع البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو والتضخم، مما يقلل احتمالات التيسير النقدي، في المستقبل القريب.

كما سجل الدولار الأسترالي أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 0.6710 دولار، بعد ارتفاعه بنسبة 8.4 في المائة منذ بداية العام، في حين بلغ الدولار النيوزيلندي أعلى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 0.58475 دولار، بعد صعوده بنسبة 4.5 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وحقق الجنيه الإسترليني أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 1.3531 دولار، مع مكاسب تزيد على 8 في المائة منذ بداية العام، وسط توقعات بخفض محتمل للفائدة من بنك إنجلترا في 2026.

ويبقى التركيز على الين الياباني، مع ترقب المتداولين احتمال تدخُّل السلطات لوقف تراجع العملة. وأوضحت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما أن اليابان تتمتع بحرية التصرف في مواجهة تحركات مُفرطة للين، ما أوقف تراجع العملة عند مستوى 155.60 ين للدولار، بعد ارتفاعه بنسبة 0.4 في المائة خلال الجلسة السابقة. وقال كيت جوكس، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «مع ظروف التداول المنخفضة في نهاية العام، يزيد خطر تدخل السلطات، خلال موسم العطلات».

ورفع بنك اليابان سعر الفائدة، يوم الجمعة الماضي، وهو قرار متوقع، لكن تصريحات المحافظ كازو أويدا خيّبت آمال بعض المستثمرين الذين كانوا يتوقعون لهجة أكثر تشدداً، ما جعل الأسواق تترقب أي عمليات شراء رسمية للين، خصوصاً مع انخفاض أحجام التداول مع اقتراب نهاية العام.