إسرائيل تستهدف جبل لبنان على بُعد 60 كيلومتراً من الحدود

دلالة عسكرية تُشير إلى أنه «لا منطقة في مأمن»

عناصر من مخابرات الجيش اللبناني يجمعون الأدلة من موقع استهداف إسرائيلي لسيارة بجبل لبنان (إ.ب.أ)
عناصر من مخابرات الجيش اللبناني يجمعون الأدلة من موقع استهداف إسرائيلي لسيارة بجبل لبنان (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستهدف جبل لبنان على بُعد 60 كيلومتراً من الحدود

عناصر من مخابرات الجيش اللبناني يجمعون الأدلة من موقع استهداف إسرائيلي لسيارة بجبل لبنان (إ.ب.أ)
عناصر من مخابرات الجيش اللبناني يجمعون الأدلة من موقع استهداف إسرائيلي لسيارة بجبل لبنان (إ.ب.أ)

يحمل الاستهداف الإسرائيلي لسيارة في منطقة جبل لبنان أبعاداً عسكرية وسياسية، إذ استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة قرب مسجد محلة زاروت بين بلدتي الجية وبرجا في إقليم الخروب بجبل لبنان، على بُعد نحو 60 كيلومتراً من الحدود.

وأثار الحادث تساؤلات حول نيات تل أبيب ورسائلها، في حين شدّد النائب عن «اللقاء الديمقراطي» (الكتلة النيابية للحزب التقدمي الاشتراكي) بلال عبد الله على أن «إسرائيل لا تستثني أي منطقة في لبنان»، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل «للجم تفلّتها».

صدمة في إقليم الخروب

أفادت مصادر أمنية بأن الغارة أصابت سيارة مدنية على الطريق الساحلي القديم في منطقة سكنية مكتظة. ودوّى الانفجار في بلدتي برجا والجية، مثيراً حالة من الذعر بين السكان. وقال أحد الأهالي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه أول مرة نشعر بأن النار تقترب من بيوتنا، فلم نتوقع أن تضرب الغارات هنا».

وامتزج الخوف بالذهول في بلدات المنطقة، فيقول أحد أبناء الجية لـ«الشرق الأوسط»: «هذه منطقة على الطريق الساحلي، أيّ تصعيد هنا قد يُهدد الشريان الحيوي بين بيروت والجنوب»، في حين رأى آخر من برجا أن «التنوع الطائفي في المنطقة يجعل أي مواجهة أكثر حساسية، ونخشى أن تتحول منطقتنا إلى ساحة صراع إضافية».

وأكّد النائب بلال عبد الله، ابن المنطقة، في حديث إذاعي، أن «هذا الاستهداف يوضح بجلاء أن إسرائيل لا تلتزم بوقف إطلاق النار، بل تنال من اللبنانيين جميعاً». وأضاف: «نحن أمام تفلّت يستدعي ضوابط دولية جدية، إذا كان ثمة مَن يسعى فعلاً إلى استقرار المنطقة».

رسائل سياسية

وفي قراءته لتطورات المشهد الأمني في لبنان، الثلاثاء، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد خالد حمادة لـ«الشرق الأوسط»، إن تمدد الغارات الإسرائيلية إلى العمق اللبناني يدخل في إطار «سلسلة الاعتداءات المتواصلة»، مشيراً إلى أن «القصف الذي طال منطقة إقليم الخروب يأتي بعد أيام من استهداف منطقة الهرمل البعيدة عن الحدود، فضلاً عن الاعتداءات شبه اليومية في الجنوب».

عناصر من الجيش اللبناني والدفاع المدني في محيط الاستهداف الإسرائيلي في جبل لبنان (أ.ف.ب)

ورأى حمادة أنّ «كل ما قامت به الدولة اللبنانية حتى الآن لم يُشكّل ورقة فاعلة بيد الوسيط الأميركي لدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات»، لافتاً إلى أن الحكومة «اتخذت قراراً، ووافقت على خطة الجيش، لكنها لم تُقِرّها بعد في مجلس الوزراء، وربما كانت في انتظار عرضها على الجانب الأميركي سعياً للتفاهم معه حول آلية الخطوة مقابل خطوة، بما يشمل الانسحابات أو التنازلات المتبادلة».

وإذ أشار إلى أن غياب تحديد موعد نهائي لإنهاء ملف السلاح يُمثّل «نقطة ضعف في خطة الجيش»، شدّد على أن «التكليف برفع تقارير شهرية لا يعني وجود نهاية واضحة لهذه العملية». وأضاف: «هذا الغموض أسهم في تصعيد العنف وعمّق خطورته، سواء من خلال المنشورات التي وُزّعت في الجنوب أو عبر استهداف أماكن سبق أن تعرضت للقصف».

توغّل وتفجير في عيترون

وتسللت فجر الثلاثاء في الجنوب، قوة إسرائيلية إلى منطقة الخانوق في أطراف بلدة عيترون. وحسب شهود عيان، قامت القوة بتفخيخ وتفجير غرفة مهدّمة من منزل دمّر في الحرب الأخيرة.

لكن العملية لم تتوقف عند حدود التفجير، إذ ترك الجنود منشورات ورقية جاء فيها: «هذا المكان استخدمه (حزب الله) لأنشطة إرهابية عرّضتكم للخطر... لا تسمحوا لهم بالعودة إلى هذا المكان». وعدّ الأهالي هذه الخطوة «إعادة إحياء لأساليب الحرب النفسية التي عرفوها خلال سنوات الاحتلال في الثمانينات والتسعينات».

البُعد السياسي وحصرية السلاح

في موازاة التطورات الميدانية، ذكّر النائب عبد الله بقرار الحكومة الأخير حول حصرية السلاح بيد الدولة، قائلاً: «لا تراجع عن هذا القرار، والموضوع التقني والزمني بات في عهدة الجيش اللبناني الذي يحظى بثقة كل اللبنانيين». وأوضح أن «الخطة التي وضعها الجيش تحتاج إلى دعم لوجيستي وتقني، فيما الغطاء السياسي متوفر بالكامل».

ولفت إلى أنه: «حتى الآن لم نتلقَّ أي رد إسرائيلي على الورقة الأميركية - اللبنانية، وهذا يعكس إصرار تل أبيب على التصعيد». وطالب «المجتمع الدولي والعربي بأن يُساعد لبنان في لجم إسرائيل ومنع استمرار انتهاكاتها».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

خاص كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» للتأكد من استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الراعي متوسطاً عدداً من النواب ورجال الدين في مدينة طرابلس (الوكالة الوطنية للإعلام)

الراعي من مدينة طرابلس: السلام هو الخيار الدائم والأفضل

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «السلام هو الخيار الدائم والأفضل»، مضيفاً أن «العيد لا يكتمل إلا بحضور المسلمين والمسيحيين معاً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

خاص سلام لـ«الشرق الأوسط»: «حصر السلاح» سيبدأ بين نهري الليطاني والأولي قريباً

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح باتت على بُعد أيام من الانتهاء، وان الدولة جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

خاص نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
حصاد الأسبوع جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني يوم 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

لبنان: تدابير سياسية ــ عسكرية لتجنب جولة جديدة من الحرب

نجح لبنان الرسمي، إلى حد كبير، نتيجة التدابير السياسية والعسكرية التي اتخذها في الفترة الماضية، في وقف، أو «فرملة»، التصعيد الإسرائيلي الذي كان مرتقباً قبل نهاية العام، رداً على ما تقول تل أبيب إنها محاولات من قبل «حزب الله» لإعادة ترميم قدراته العسكرية. وتلعب واشنطن، راهناً، دوراً أساسياً في الضغط على إسرائيل لإعطاء فرصة للمسار السياسي - الدبلوماسي الذي انطلق مؤخراً مع موافقة الدولة اللبنانية على تطعيم الوفد الذي يفاوض في إطار لجنة وقف النار (الميكانيزم) بشخصية مدنية.

بولا أسطيح (بيروت)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على غزة... وقتيلان برصاص الجيش في الضفة

عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على غزة... وقتيلان برصاص الجيش في الضفة

عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر طبية قولها إن «مواطنا استشهد في استهداف الاحتلال تجمعا للمواطنين بقنبلة من طائرة مسيرة في حي الشجاعية».

وأضافت المصادر أن «مواطنين استشهدا جراء استهدافهما من طائرات الاحتلال قرب محطة الشوا للمحروقات في شارع المنصورة بالحي ذاته».

وترتفع بذلك حصيلة القتلى والمصابين منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 404 قتلى، و1108 مصابين.

إلى ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل فلسطينيين اثنين خلال عمليات للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية.

وفي منطقة قباطية، ألقى فتى حجراً على الجنود الذين «ردوا بإطلاق النار» حسب الجيش الإسرائيلي، وأردوه قتيلاً. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله إن المتوفى يبلغ من العمر 16 عاماً.

عناصر الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي عملية منفصلة بمنطقة سيلة الحارثية، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل فلسطينياً بعدما ألقى عبوة ناسفة على جنود. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الشاب البالغ من العمر 22 عاماً قتل برصاص في الصدر.

وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولطالما نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات واسعة النطاق في المنطقة ضد من يعتبرهم مسلحين فلسطينيين مشتبه بهم.

ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، قتل 1030 فلسطينياً في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين، من بينهم 235 في العام الحالي وحده.


إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

كشفت مصادرُ مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أنَّ مسؤولين عراقيين تسلّموا خلال الأيام الماضية قاعدة بيانات أمنية إسرائيلية شديدة التفصيل عن الفصائل المسلحة العراقية، نُقلت عبر جهاز استخبارات غربي، وتضمَّنت معلوماتٍ واسعة عن القيادات، والبنية العسكرية، والشبكات المالية، والواجهات الحكومية المرتبطة بهذه الجماعات.

وأفادت المصادر بأنَّ حجم البيانات ودقَّتها «أذهلا» المسؤولين، وشكّلا إنذاراً عملياً بقرب تحرك عسكري محتمل.

وجاء تسليم «ملف ضخم» من البيانات بعد تحذير من دولة عربية «صديقة» أبلغت بغدادَ بأنَّ إسرائيل تتحدَّث عن ضوء أخضر أميركي للتحرك منفردة في العراق، وسط تراجع صبر واشنطن حيال ملف السلاح خارج الدولة. وأكَّد مسؤول عراقي «وصول الرسائل إلى بغداد».

ووفق المعلومات، فإنَّ الضربات المحتملة كانت ستشمل معسكرات تدريب، ومخازن صواريخ ومسيّرات، إضافة إلى مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بالفصائل و«الحشد الشعبي».

وساهمت هذه التطورات في تسريع نقاشات داخل «الإطار التنسيقي» حول حصر السلاح بيد الدولة، مع طرح مراحل أولى لتسليم الأسلحة الثقيلة وتفكيك مواقع استراتيجية، رغم استمرار الخلافات حول الجهة المنفذة وآليات الضمان. ويتزامن ذلك مع ضغوط أميركية ربطت التعاون الأمني بجدول زمني قابل للتحقق لنزع القدرات العملياتية للفصائل.

إقليمياً، أفادت «إن بي سي نيوز» بأنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مخاطر توسع برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وخيارات توجيه ضربات جديدة.


سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

أكَّد رئيسُ الحكومة اللبنانية نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المرحلة الثانية من خطة الجيش لحصر السلاح والمفترض أن تبدأ قريباً، ستكون بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً ونهر الأولي شمالاً، فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقية المناطق.

ولفت سلام إلى أنَّ ما قامت به المؤسسة العسكرية اللبنانية أدَّى إلى بسط سلطة الدولة بالكامل على المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وصولاً إلى الحدود الجنوبية، ما عدا النقاط التي تحتلها إسرائيل، التي يجب أن تنسحبَ منها من دون إبطاء.

وفيما أشار الرئيس سلام إلى أنَّ مجلس الوزراء سوف ينعقد بدايات العام الجديد لتقييم المرحلة الأولى، مؤكداً ضرورة قيام إسرائيل بخطوات مقابلة، ووقف اعتداءاتها وخروقاتها لقرار وقف الأعمال العدائية، فإنَّه رأى أنَّ هذا لا يمنع لبنانَ من الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح التي تمتد من شمال نهر الليطاني إلى منطقة نهر الأولي، وهي منطقة كبيرة نسبياً.