سوريا تشق طريقها نحو التعافي... والسعودية تدعم مسيرتها لاستعادة الازدهار

خلال جولة «الشرق الأوسط»: أحياء من ركام وقوائم انتظار في المستشفيات

TT

سوريا تشق طريقها نحو التعافي... والسعودية تدعم مسيرتها لاستعادة الازدهار

من نماذج المشروعات الإنسانية التي دشّنتها السعودية في سوريا (تصوير: تركي العقيلي)
من نماذج المشروعات الإنسانية التي دشّنتها السعودية في سوريا (تصوير: تركي العقيلي)

ما إن تصل إلى مطار دمشق الدولي، وتقطع الطريق باتجاه وسط العاصمة السورية، حتى تلوح حقيقة التحديات التي تواجه البلد في طريقها نحو نفض غبار الأزمة التي عصفت بها لسنوات.

وفي منطقة الغوطة الشرقية، تتجلى حدة التحديات؛ حيث يَتَكَوّم ركامُ ما كان يوماً ما «أحياءً قائمة» قبل أن تحولها قوة القصف والتدمير إلى فراغ كبير، خالية من السكان تماماً، إلا من أفراد يحاولون استئناف العيش في المكان، بالحد الأدنى من الظروف. ولا يخفي تطلعُ سوريا إلى إعادة الازدهار واقعَ التحديات الذي يعترض طريقها نحو التعافي، ومن ذلك نقص في استعدادات القطاع الصحي، والأمن الغذائي، وأحياء تغص بركامها من آثار أحداث العنف، وتحديات اقتصادية تأتي على رأس أولويات الحكومة والمواطنين على حد سواء.

لا يُخفي تطلعُ سوريا إلى إعادة الازدهار تحدياتٍ تعترض طريقها نحو التعافي (تصوير: تركي العقيلي)

يقول محمد الإدلبي (29 عاماً)، الذي قدم من إدلب للبحث عن علاج لابن شقيقته بعد أن تسبب لغم أرضي في بتر أطرافه العلوية قبل 4 أشهر، ليلتحق بشقيقه الذي يكبره بعامين وسبقه في خسارة إحدى عينيه، إن «الأمل باق، لكن التحديات صعبة وشاقة». محمد، الذي التقته «الشرق الأوسط» وسط العاصمة دمشق، يقول إنه لا يعمل حالياً، وتقدم بطلب للالتحاق بأجهزة الأمن والدفاع السورية، لكن لم يصل إليه بعد جواب بقبول طلبه، مشيراً إلى أن توفر الوظائف يأتي على قائمة أولويات المواطنين في سوريا.

ووصل وفد سعودي كبير من رجال الأعمال والأطباء والمتطوعين إلى سوريا؛ لبدء تنفيذ مشروعات تطوعية وبرامج إنمائية في المحافظات السورية، استكمالاً لجهود السعودية في توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة للسوريين منذ التغيير الذي بدأ في البلاد قبل أشهر.

أحياء تغص بركامها وتحديات اقتصادية تأتي على رأس أولويات الحكومة والمواطنين (تصوير: تركي العقيلي)

 

وشارك الوفد السعودي، الذي وصل إلى العاصمة السورية الأحد ويقوده الدكتور عبد الله الربيعة المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، في التدشين والتوقيع على مئات المشروعات التنموية.

وقبل الوصول إلى موقع تدشين المشروعات السعودية، زار الوفد عدداً من الأحياء المتضررة من الأزمة، يعكس مشهدها حجم ما ينتظر المسؤولين في البلاد من عمل شاق ومضنٍ لتجاوز المرحلة. وكانت «الشرق الأوسط» ضمن الوفد السعودي في جولته الميدانية بريف دمشق، وقد شملت الجولة جوبر، وعربين، وحرستا (غوطة دمشق)، وكانت عيون الصحافيين تسابق عدساتهم وهي شاخصة في مراقبة المباني التي بالكاد تقف، فيما يحيط بها ركام من الكتل الخرسانية المهدمة، وحفر واسعة في الأرض من أثر البراميل.

وتنتشر في الحي أعمال بناء متواضعة، لإعادة ما يمكن إعادته، وحرفيون متوزعون في أطراف الحي ينتظرون عملاء متوقعين لورشاتهم المختصة في النجارة والحدادة، والمجهزة بالحد الأدنى من الأدوات والمعدات، فيما مختار مدينة حرستا في مكتبه المجهز بالصفائح المعدنية يستقبل أفراداً محدودين لإنجاز بعض المهام، وما تبقى من الأفق الممتد للناظر إلى الحي يغطيه ركام وأكوام دون نهاية.

توقيع الاتفاقيات في دمشق الأحد بحضور د. عبد الله الربيعة المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» ووزير الطوارئ والكوارث السوري رائد الصالح (تصوير: تركي العقيلي)

 

د. علي القرني متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» في دمشق (تصوير: تركي العقيلي)

وفي حفل تدشين المشروعات السعودية، يتبدد بعض التأسي على تحديات الواقع، وينهض أمل جديد تبثه المبادرات السعودية التي لامست الاحتياجات الملحة في عدد من القطاعات.

يقول الدكتور علي القرني، مدير إدارة التطوع في «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، إن «المشروعات التطوعية التي دفعت بها السعودية ستحقق نقلة نوعية في عدد من المجالات، ليس آخرها تقليل قوائم الانتظار في المستشفيات والمراكز العلاجية في سوريا».

يتابع القرني، الذي تردد عشرات المرات على سوريا منذ تحولها الأخير وقاد لجنة مشتركة قضت أسابيع لقياس حجم الضرر الذي لحق بالقطاع الصحي، أن «ما دشنته السعودية سيخفف الألم ويرسم الأمل للسوريين، ويعين القطاع الصحي على تحمل الأعباء».

وفي قاعة بفندق «فورسيزون» بدمشق، حيث نظم حفل تدشين وتوقيع المبادرات والمشروعات الإنسانية السعودية في سوريا، قال الدكتور عبد الله الربيعة، المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، في كلمته خلال الحفل، إن «المملكة ستظل بقيادتها الرشيدة ملاذاً للمحتاجين، ومغيثاً للملهوفين، وداعماً للشعوب في مسيرتها نحو التعافي والازدهار».


مقالات ذات صلة

خاص طائرة «إف-15» في قاعدة بالولايات المتحدة قبل الانطلاق للمشاركة في الضربات الأميركية على مواقع «داعش» بسوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ف.ب)

خاص جبل العمور والوادي الأحمر وجبل البشري... خريطة الضربات ضد «داعش» في سوريا

قالت مصادر مقربة من وزارة الدفاع في دمشق إن عملية قوات التحالف ضد تنظيم «داعش» في البادية السورية، قد تكون عملية «مفتوحة» تمتد لأيام.

سعاد جروس (دمشق)
خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

خاص نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي»، والتخلُّص من «الإرهابيين» بصفوفها، والاندماج في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.


الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ)
ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ)
TT

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ)
ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ)

حضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، السبت، الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس، وفق ما أفاد الموفد الأميركي ستيف ويتكوف بعد محادثات في ميامي.

واجتمع مسؤولون من الدول الثلاث مع ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب، لمراجعة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان نشره ويتكوف على منصة «إكس»: «نؤكد مجدداً التزامنا الكامل بخطة السلام المكونة من 20 نقطة التي وضعها الرئيس، وندعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وممارسة ضبط النفس، والتعاون مع ترتيبات المراقبة».

وأعلن الدفاع المدني في غزة مقتل ستة أشخاص، الجمعة، جراء قصف إسرائيلي استهدف أحد الملاجئ. وبذلك يرتفع عدد الفلسطينيين الذين سقطوا بنيران إسرائيلية منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ إلى 400.

كما اتهمت إسرائيل «حماس» مراراً بانتهاك الهدنة؛ إذ أفاد الجيش بمقتل ثلاثة من جنوده في القطاع الفلسطيني منذ أكتوبر.

وأشار بيان، السبت، إلى التقدم المحرز في المرحلة الأولى من اتفاق السلام، بما في ذلك توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وإعادة جثث الرهائن، والانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية، وتراجع الأعمال العدائية.

ودعت الدول الأربع إلى «إنشاء وتفعيل» إدارة انتقالية «على المدى القريب»، وهي خطوة تنص عليها المرحلة الثانية من الاتفاق، لافتة النظر إلى أن المشاورات ستستمر في الأسابيع المقبلة بشأن تنفيذها.

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تنسحب إسرائيل من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتولى سلطة مؤقتة إدارة القطاع الفلسطيني بدلاً من حركة «حماس»، وأن يتم نشر قوة استقرار دولية.

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أعرب، الجمعة، عن أمله في أن تسهم دول في قوة الاستقرار، لكنه حضّ أيضاً على نزع سلاح «حماس»، مشدداً على أن هذه الخطوة حاسمة لإنجاح خطة السلام.


مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه قتل فلسطينيين اثنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، قائلاً إن أحدهما ألقى حجراً والآخر «مادة متفجرة» باتجاه الجنود.

وفي بلدة قباطية، جنوب جنين، توفي الفتى ريان أبو معلا البالغ 16 عاماً «متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي»، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، نقلاً عن وزارة الصحة.

في وقت سابق، أفادت الوكالة بأن القوات الإسرائيلية دهمت البلدة وانتشرت في أرجائها.

من جانبه، أفاد الجيش الإسرائيلي في بيان عن عملية في قباطية، حيث «ألقى إرهابي حجراً باتجاه الجنود، الذين ردّوا بإطلاق النار والقضاء على الإرهابي».

وتابع الجيش أنه «بشكل متزامن»، وفي عملية أخرى في منطقة السيلة الحارثية غرب جنين، «ألقى إرهابي مادة متفجرة باتجاه الجنود الذين ردوا بإطلاق النار والقضاء على الإرهابي».

جنود إسرائيليون يتمركزون خلال مداهمة عسكرية في مخيم الأمعري قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

وأفادت وكالة «وفا» بأن الشاب أحمد سائد زيود البالغ 22 عاماً «استُشهد إثر إصابته برصاص الاحتلال في صدره».

وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي أنه «لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات بين الجنود في كلتا الحادثتين».

تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967. وتصاعد العنف في المنطقة منذ بداية حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل.

ولم يتراجع منسوب العنف رغم الهدنة الهشة السارية في قطاع غزة منذ العاشر من أكتوبر الماضي.

منذ بدء حرب غزة، قُتل أكثر من ألف فلسطيني، بعضهم من المقاتلين، في الضفة الغربية على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين، وفقا ًلإحصاءات «وكالة الصحافة الفرنسية» المستندة إلى بيانات من السلطة الفلسطينية.

وفي الفترة نفسها، قُتل ما لا يقل عن 44 إسرائيلياً، بينهم مدنيون وجنود، في هجمات فلسطينية أو خلال غارات عسكرية إسرائيلية، وفقاً للبيانات الإسرائيلية الرسمية.


الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» الفلسطينية في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، يأتي نشر هذه اللقطات بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي استبدال لواء «كفير» باللواء المدرع 188 في المنطقة.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن قواته قامت خلال الأشهر القليلة الماضية بـ«هدم» مئات من «البنى التحتية الإرهابية» في خان يونس، بما في ذلك نفق بطول كيلومترين ونفق آخر يمتد مئات الأمتار.

وباتت أنفاق «حماس» في غزة تتصدر مشهد صورة اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع، في ظل إصرار إسرائيل على تدميرها بالكامل.