قمة استثنائية لـ«بريكس» لمواجهة سياسات ترمب التجارية

لافروف يتهم الغرب بمحاولة «تقويض» اقتصادات شركاء روسيا

زعماء الدول الأعضاء بـ«بريكس» يلتقطون صورة جماعية في ريو دي جانيرو الأحد 6 يوليو 2025 (أ.ب)
زعماء الدول الأعضاء بـ«بريكس» يلتقطون صورة جماعية في ريو دي جانيرو الأحد 6 يوليو 2025 (أ.ب)
TT

قمة استثنائية لـ«بريكس» لمواجهة سياسات ترمب التجارية

زعماء الدول الأعضاء بـ«بريكس» يلتقطون صورة جماعية في ريو دي جانيرو الأحد 6 يوليو 2025 (أ.ب)
زعماء الدول الأعضاء بـ«بريكس» يلتقطون صورة جماعية في ريو دي جانيرو الأحد 6 يوليو 2025 (أ.ب)

عقدت الدول الأعضاء في مجموعة «بريكس» قمة استثنائية، الاثنين، خُصصت لمناقشة السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وسعت إلى تبنِّي موقف موحد تجاه ضغوط واشنطن على المجموعة.

وتم تنظيم القمة الافتراضية بناءً على طلب تقدمت به البرازيل، وكان لافتاً الإعلان عن أن المناقشات، التي شارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ، جرت بعيداً عن عيون وسائل الإعلام، كما لم تتضمن الترتيبات إصدار بيان مشترك، أو نقل تفاصيل النقاشات المغلقة إلى العلن.

واستمرت النقاشات، بحسب الترتيب الموضوع، نحو ساعتين، ونقلت مصادر عن الرئاسة الروسية أن الأطراف قد تتفق على آلية للإعلان لاحقاً عن مضمون التوافقات التي تم التوصل إليها.

لكن مصادر في البرازيل، صاحبة الدعوة لعقد القمة، قالت إنها مخصصة لصياغة رد مشترك على التهديدات التي أصدرتها الولايات المتحدة للدول الأعضاء.

وقاد العملية التحضيرية للقمة كبير مستشاري الرئيس البرازيلي، سيلسو أموريم، كما أفادت الصحيفة البرازيلية «فالور ايكونوميكو» نقلاً عن مصادر.

زعماء الصين وروسيا والهند خلال قمة «بريكس» في روسيا 2024 (رويترز)

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس البرازيل، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، سعى إلى مناقشة وصياغة رد مشترك من أعضاء «بريكس» على التهديدات الموجهة للتعاون ضمن المجموعة من قبل الولايات المتحدة.

وشكل انعقاد القمة رداً مباشراً على تهديدات ترمب الذي كان قد أعلن قبل أسابيع أن مجموعة «بريكس» بدأت تفقد نفوذها العالمي، مؤكداً أن «التهديد المزعوم الذي كانت تشكله المجموعة زال بعدما هدد دولها الأعضاء بفرض رسوم جمركية مرتفعة».

وقال: «لدينا هذه المجموعة الصغيرة المسماة (بريكس). إنها تهوي بسرعة». مشيراً إلى أن المجموعة كانت تسعى لإزاحة الدولار عن موقعه المهيمن واعتماد معيار بديل.

أضاف ترمب: «لن نسمح للدولار بأن يضعف. إذا تولى الرئاسة شخص ذكي، فلن يسمح بذلك أبداً. أما إذا كان غبياً، مثل الرئيس السابق، فسيترك الدولار ينهار من دون أن يدرك حتى ما الذي يحدث. لا يمكننا السماح بتكرار ذلك السيناريو».

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (رويترز)

وجاءت الدعوة للقمة رداً على قيام ترمب بالتوقيع في 30 يوليو (تموز) الماضي على مرسوم رئاسي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على البرازيل، مبرراً ذلك بإجراءات قال إنها «تمثل تهديداً للولايات المتحدة». وحذر ترمب من أن أي دولة تدعم السياسات «المعادية لأميركا» في إطار «بريكس» ستخضع لرسوم إضافية.

ورداً على هذه الإجراءات، أعلن دا سيلفا عزم بلاده التركيز على البحث عن شركاء تجاريين جدد، كما أطلقت البرازيل آلية لتسوية النزاعات داخل منظمة التجارة العالمية، طالبة إجراء مشاورات مع واشنطن.

ونقلت صحيفة «غلوبو» البرازيلية عن مصادر قولها إن الحكومة البرازيلية كلفت غرفة التجارة الخارجية بدراسة إمكانية تطبيق قانون المعاملة الاقتصادية بالمثل، الذي يسمح باتخاذ إجراءات مضادة ضد الدول التي تقيد الصادرات البرازيلية.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة «بريكس» تأسست عام 2006، وضمت في بداياتها كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين، لتنضم إليها لاحقاً جنوب إفريقيا في عام 2011. وفي مطلع 2024، أصبحت كل من مصر، وإيران، والإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا أعضاءً كاملين.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال الذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية في مايو الماضي بموسكو (رويترز)

ويبلغ إجمالي المساحة الجغرافية التي تغطيها دول «بريكس» نحو 36 في المائة من اليابسة عالمياً، بينما تمثل المجموعة نحو 48.5 في المائة من سكان العالم.

ووفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) فقد بلغت حصة «بريكس» من الاقتصاد العالمي 36.8 في المائة في نهاية عام 2024، وهو أعلى مستوى في تاريخ التكتل، متقدمة بفارق تاريخي على مجموعة السبع G7، التي تراجعت حصتها إلى 28.8 في المائة للمرة الأولى.

ويتوقع أن ترتفع حصة «بريكس» إلى 41 في المائة من الاقتصاد العالمي بنهاية عام 2025، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

لافروف يتهم الغرب

في غضون ذلك، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب بمحاولة تقويض اقتصادات الدول الشريكة لروسيا عبر ممارسة ضغوط للتخلي عن موارد الطاقة الروسية، وفرض رسوم جمركية عالية عليها.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلقي كلمة في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية الاثنين (إ.ب.أ)

وقال لافروف، الاثنين، خلال كلمة ألقاها أمام طلاب وأعضاء هيئة التدريس في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية: «إن مثل هذه التصرفات التي يقوم بها زملاؤنا الغربيون، وهنا تلعب أوروبا دوراً أكثر ضرراً وسلبية على مستقبل الاقتصاد العالمي، لا تؤدي إلا إلى تقويض المصالح الموضوعية لشعوب تلك الدول التي ترفض الصفقات المربحة والمواد الخام الرخيصة، لمجرد أنها تعتقد أنها تعاقب المصدر على سلوكه الخاطئ».

وأكد لافروف أن الرهان الغربي على إحداث شرخ واسع بين روسيا وشركائها أظهر فشله، مشيراً إلى أن البرازيل والهند والصين «لم تتخلَّ عن موارد الطاقة الروسية ومصالحها المشروعة، رغم ضغوط الولايات المتحدة».

وفي إشارة إلى اجتماع قادة روسيا والصين والهند أخيراً على هامش احتفالات بكين بمرور 80 سنة على النصر على اليابان في الحرب العالمية الثانية قال الوزير إن «الشراكة بين موسكو وبكين ونيودلهي تعود بالنفع على الدول الثلاث؛ لذا فليس من قبيل المصادفة أن يشعر الغرب بالقلق عندما رأى قادة الدول الثلاث مجتمعين».

وكان لافتاً إن انتقادات لافروف وجهت إلى الغرب عموماً، وتجنب الوزير الحديث بشكل مباشر عن واشنطن، ورأى أن «الدول الغربية ترتكب أخطاءً في مواصلة ممارسة ضغوط على أطراف أملاً في إضعاف موسكو بالعقوبات»، مشيراً إلى أن الغرب «لا يمكنه استخلاص استنتاجات من تاريخ ممتد لقرون في سياق محاولات إخضاع ومعاقبة روسيا».

وأشار إلى أن التوقعات الغربية راهنت على أن تشهد روسيا «انهياراً اقتصادياً» منذ بدء العملية العسكرية، مضيفاً أن «الأرقام تشير إلى عكس ذلك». وأكد لافروف أن موسكو تواصل مع شركائها إنشاء منصات دفع مستقلة عن الدولار، بما في ذلك على مستوى مجموعة «بريكس».

في الوقت نفسه، أكد الوزير الروسي أن بلاده «مستعدة لحوار متكافئ مع الجميع، ولا تريد الانتقام من أحد، ولا تُبعد شركاءها الغربيين السابقين، بل ستأخذ أفعالهم في الحسبان».

وقال لافروف إن الولايات المتحدة «بدأت تُنصت إلى روسيا بشأن الأسباب الجذرية للأزمة في أوكرانيا، بما في ذلك موضوع مواجهة حملات الإبادة ضد الروس». وزاد أن المحادثات على المستوى الرئاسي في ألاسكا أظهرت أن ترمب «بات يدرك ضرورة حل القضايا على أساس المصالح الوطنية لجميع أطراف النزاع».

وأكد أن آفاق العلاقات التجارية والمصالح الثنائية مع الولايات المتحدة كبيرة وواعدة، خصوصاً في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإنتاج الغاز الطبيعي المسال، وعدد من القطاعات الأخرى.


مقالات ذات صلة

الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

أوروبا كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز) play-circle

الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

قال الكرملين، اليوم (الأحد)، إن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين لم يرسل أي معلومات أو رسائل إلى الوفد الأميركي عبر مبعوثه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ) play-circle

بوتين مستعد للحوار مع ماكرون «إذا كانت هناك إرادة متبادلة»

أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده للحوار مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق ما صرح المتحدث باسم الكرملين لوكالة أنباء «ريا نوفوستي».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المبعوثان الأميركي ستيف ويتكوف والروسي كيريل ديمترييف في اجتماع بسان بطرسبورغ يوم 11 أبريل (رويترز)

مبعوث بوتين الخاص: روسيا وأميركا تجريان مباحثات «بناءة» في ميامي

قال كيريل دميترييف، ‌المبعوث ‌الخاص ‌للرئيس ⁠الروسي ​فلاديمير ‌بوتين، إن روسيا والولايات المتحدة تجريان ⁠مناقشات بناءة ‌ستستمر ‍في ‍ميامي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

أعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات»

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في منتدى «الشراكة الروسي-الأفريقي» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

«وزاري روسي-أفريقي» بالقاهرة يبحث تعميق الشراكة وحفظ السلم في القارة السمراء

بحث المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى «الشراكة الروسية-الأفريقية» بالقاهرة سبل «تعميق الشراكة» بين موسكو ودول القارة الأفريقية، إلى جانب «توسيع التعاون الاقتصادي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

كشف تحقيق أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية وبيانات جمعتها منظمة «إن سيكيوريتي إنسايت» غير الحكومية، عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

ووفقاً للبيانات، فقد وقع ما يقرب من 300 هجوم وتعطيل لمرافق الرعاية الخاصة بالولادة والنساء الحوامل خلال السنوات الثلاث الماضية، بالإضافة إلى 119 حادثة على الأقل تضمنت ضربات مباشرة على المستشفيات وغرف الولادة.

ووقعت معظم هذه الهجمات في أوكرانيا وغزة والسودان، حيث تُحاصر مئات الآلاف من النساء الحوامل في مناطق النزاع.

استهداف النساء والكوادر الطبية

وقُتلت الكثير من النساء، ومُنع بعضهن من الحصول على الرعاية، وأُجبر البعض الآخر على الولادة في ظروف غير آمنة.

كما تُظهر البيانات مقتل 68 قابلة وطبيب نساء وتوليد على الأقل، واختطاف 15، واعتقال 101، مشيرة إلى أن هذه الأمور كانت تحدث أحياناً أثناء مساعدتهم للنساء في عمليات الولادة.

فلسطينية تحمل جثمان رضيع قُتل في ضربات إسرائيلية بمدينة غزة سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

ومن المرجح أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع؛ إذ لا تشمل إلا الحوادث التي تم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام المحلية والوطنية والدولية وقواعد البيانات الإلكترونية. وفي بعض مناطق النزاع، تكون الاتصالات والمعلومات شحيحة.

وفي العام الماضي، أفادت التقارير بأن نصف النساء اللواتي توفين أثناء الحمل أو الولادة كنّ في مناطق النزاع. وتقول سيما باحوس، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة: «هذه ليست نتائج طبيعية للحرب، بل هي نمط من العنف الإنجابي».

مرافق رعاية الأمومة والولادة

إلى جانب قتل النساء والكوادر الطبية المؤهلة، تُدمر الهجمات مرافق رعاية الأمومة والولادة، وتُشكل تهديداً لقدرة الدول على إعادة بناء قواها السكانية.

وفي غزة، أشارت لجنة تابعة للأمم المتحدة، في أحد أسباب إعلانها أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية هناك، إلى تأثير الهجمات على المستشفيات ومرافق رعاية الأمومة والولادة على الحق في الأمومة والصحة الإنجابية.

رُضَّع يتشاركون حضَّانة واحدة في مستشفى بمدينة غزة يوليو الماضي بسبب نقص الوقود (رويترز)

وحتى بعد وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول)، يقول أطباء في غزة إن النساء والأطفال ما زالوا يموتون بسبب تردي الرعاية الصحية؛ نتيجة لنقص الأدوية والمعدات. وقد صرّح مسؤول في إحدى وكالات الأمم المتحدة بأنه تلقى تقارير عن نساء في غزة يلدن في الأنقاض على جوانب الطرق لعدم تمكنهن من الوصول إلى المستشفيات.

ويقول الدكتور عدنان راضي، رئيس قسم أمراض النساء والتوليد في مستشفى العودة: «تعرضت أجنحة المرضى وغرف العمليات وأجنحة الولادة لإطلاق صواريخ وقذائف مباشرة».

وفي أوكرانيا، تضررت أو دُمرت 80 منشأة على الأقل للولادة وحديثي الولادة منذ بداية عام 2022.

طفل حديث الولادة بمستشفى بوكروفسك للولادة في دونيتسك شرق أوكرانيا (رويترز)

وقد أشار تحقيق «الغارديان» إلى أن الضغط النفسي زاد بشكل كبير من المضاعفات أثناء الولادة.

وفي مدينة خيرسون، جنوب أوكرانيا، تضرر مستشفى الولادة خمس مرات منذ بداية الحرب. ويقول رئيس قسم التوليد، بيترو مارينكوفسكي: «روسيا تستهدفنا عمداً».

وفي السودان، وتحديداً في يوم الثامن والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول)، كانت ثلاثون امرأة يحتمين في المستشفى السعودي للولادة بمدينة الفاشر، حين وقعت واحدة من أبشع الحوادث التي شهدتها الحرب الأهلية في هذا البلد، حيث اقتحم مسلحون من «قوات الدعم السريع»، المستشفى، وأفادت التقارير بمقتل أكثر من 460 مريضاً ومرافقيهم.

وكان عبد ربه أحمد، فني المختبر البالغ من العمر 28 عاماً، والذي كان يعمل في المستشفى تلك الليلة، من بين الناجين القلائل المعروفين. ويقول: «سمعت صراخ النساء والأطفال. كانوا يقتلون كل من في المستشفى. من استطاع منا الفرار، هرب».

سودانية اضطرت للهروب بطفلها من بلدتها الصغيرة إلى مخيم أدري في تشاد (أ.ب)

ووصفت منظمات حقوق الإنسان هذه المجزرة بأنها «فظاعة لا توصف»، وواحدة من أسوأ الأمثلة الحديثة على انهيار حماية مئات الملايين من المدنيين العالقين في مناطق النزاع.

وفي ميانمار، تعرضت المرافق الطبية للقصف، وقُبض على عشرات القابلات والمرضى، أو قُتلوا أو جُرحوا خلال العامين الماضيين في ظل الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.

لا ضمانات ولا ملاحقات

وحالياً، تعيش 676 مليون امرأة على بعد 50 كيلومتراً من مناطق نزاعات مميتة، وهو أعلى مستوى مسجل منذ التسعينات، وسط غياب الضمانات والملاحقات القضائية لجرائم الحرب لمن يستهدفون خدمات رعاية الأمومة.

وتقول بايال شاه، محامية حقوق الإنسان في منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» غير الحكومية، إن غياب المساءلة خلق «ثقافة الإفلات من العقاب». وتضيف: «الهجمات المتعلقة بالصحة الإنجابية هي ضمن أعمال الإبادة الجماعية، حيث تقوم بمنع الولادات أو تدمير بقاء جماعة ما».

ويقول خبراء طبيون إن معظم وفيات الأمهات يمكن الوقاية منها باتباع الإجراءات الروتينية، لكن الأنظمة الصحية قد تنهار أثناء الحرب؛ ما يؤدي إلى تدمير الظروف التي تجعل الولادة الآمنة ممكنة.

وتقول منظمات حقوقية إن الخوف يدفع النساء أيضاً إلى الابتعاد عن المرافق التي كانت تُعدّ آمنة؛ ما يُجبرهن على المخاطرة، كالولادة في المنزل دون مساعدة طبية متخصصة أو إمكانية الوصول إلى الرعاية الطارئة.


الصين: احتجاز أميركا سفناً «انتهاك خطير» للقانون الدولي

ناقلتا نفط راسيتان قبالة سواحل فنزويلا (أ.ف.ب)
ناقلتا نفط راسيتان قبالة سواحل فنزويلا (أ.ف.ب)
TT

الصين: احتجاز أميركا سفناً «انتهاك خطير» للقانون الدولي

ناقلتا نفط راسيتان قبالة سواحل فنزويلا (أ.ف.ب)
ناقلتا نفط راسيتان قبالة سواحل فنزويلا (أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية الصينية، الاثنين، إن احتجاز ‌الولايات المتحدة ‌لسفن تابعة ‌لدول ⁠أخرى ​بشكل ‌تعسفي يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، مؤكدة رفض بكين ⁠جميع العقوبات ‌الأحادية وغير ‍المشروعة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، ​في مؤتمر صحافي يومي، إن فنزويلا ⁠لها الحق في تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى، وفق ما ذكرته وكالة «​رويترز» للأنباء.

وأكد مسؤولون أميركيون لـ«رويترز»، الأحد، أن خفر السواحل الأميركي يتعقب ناقلة نفط في المياه الدولية قرب فنزويلا، وذلك في ثاني عملية من نوعها خلال يومين، والثالثة في أقل من أسبوعين في حال نجاحها.

وقال مسؤول: «يلاحق خفر السواحل الأميركي سفينة تابعة لأسطول الظل... وهي ضالعة في تحايل ​فنزويلا على العقوبات»، مضيفاً أنها «ترفع عَلماً زائفاً وتخضع لأمر احتجاز قضائي».

وذكر مسؤول آخر أن الناقلة تخضع للعقوبات، لكنه أضاف أنه لم يجر اعتلاؤها بعد، وأنه ربما يتم اعتراضها بطرق عدة مختلفة، منها الإبحار أو التحليق بالقرب منها.

ولم يحدد المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، موقعاً دقيقاً للعملية أو اسم السفينة المستهدفة.

كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن قبل أيام عدة عن فرض «حصار» على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا أو تخرج منها.

وشهدت حملة الضغط التي يشنها ترمب على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تعزيز الوجود العسكري في المنطقة وتنفيذ أكثر من عشرين غارة عسكرية على سفن في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي بالقرب من الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

وتسببت هذه الهجمات في مقتل 100 شخص على الأقل.


أمين عام «الناتو»: ترمب الوحيد القادر على إجبار بوتين على إبرام اتفاق سلام

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)
TT

أمين عام «الناتو»: ترمب الوحيد القادر على إجبار بوتين على إبرام اتفاق سلام

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)

أشارت تقديرات مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى أن الحلف باستطاعته الاعتماد على الولايات المتحدة في حال الطوارئ، حتى في ظل رئاسة دونالد ترمب.

وفي تصريحات لصحيفة «بيلد آم زونتاغ» الألمانية الصادرة، الأحد، قال روته إن «ترمب أعرب على نحو واضح عن التزامه حيال حلف (الناتو)، لكنه أوضح أيضاً على نحو صريح أنه ينتظر أن نزيد إنفاقنا (العسكري) بشكل ملحوظ. ونحن ننفذ ذلك» وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأوضح روته أن الأوروبيين يتحملون المسؤولية من خلال «تحالف الراغبين» لدعم أوكرانيا، كما يحمون الجناح الشرقي للحلف ومنطقة البلطيق. وأضاف أن «الولايات المتحدة قالت بوضوح إنها ستبقى منخرطة في أوروبا، نووياً وتقليدياً. ولا يوجد أي نقاش بشأن أي انسحاب من أوروبا».

وأشاد روته بجهود ترمب لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، المستمرة منذ ما يقرب من 4 أعوام. وقال أمين عام «الناتو»:«ترمب منخرط تماماً في هذه القضية، وهو يركز على إنهاء هذه الحرب»، واستطرد أن ترمب هو الوحيد الذي تمكن من دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طاولة المفاوضات، وهو الوحيد القادر في النهاية على إجبار بوتين على التوصل إلى اتفاق سلام. وأردف روته: «أكنُّ له احتراماً كبيراً على ذلك».

كما رفض روته المخاوف من احتمال أن توقف الولايات المتحدة دعمها لأوكرانيا، وقال: «لا أعتقد ذلك على الإطلاق. ما نراه حالياً يوضح أن تبادل المعلومات وكذلك إمدادات الأسلحة لأوكرانيا ما زالت مستمرة».

وكان وفد أوكراني ووفد أميركي ووفد أوروبي ناقشوا، يومي الأحد والاثنين الماضيين، في برلين سبل التوصل إلى حل سلمي للحرب في أوكرانيا.

وانتقلت المحادثات خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع إلى مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأميركية؛ حيث بدأت جولة جديدة يقوم خلالها المفاوضون الأميركيون ببحث نتائج محادثات برلين مع ممثلي روسيا.